مقال للأستاذ عباس الصفواني منقول عن راصد : http://www.alrasid.net/artc.php?id=12083 كله حقيقة وواقعية .
المقال :
بداية أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم أن أورد مقدمة مطولة نسبياً قبل الشروع في صلب المقالة، فقد شاءت الأقدار ضمن تداعيات الحرب الصهيونية الوحشية القائمة لليوم العاشر على التوالي ضد الشعب اللبناني الأعزل أن تأتي فتوى الشيخ السلفي السعودي البارز عبد الله بن جبرين حاثا فيها أتباعه بعدم جواز نصرة حزب الله أو الانضواء تحت امرتهم أو الدعاء لهم بالنصر، بل ذهب بعيدا في ذلك حين نصح إخواننا أهل السنة «أن يتبرؤا منهم وأن يخذلوا من ينظموا إليهم»، بل الأعجب من ذلك ما نقلته صحيفة يدعوت احرونوت الإسرائيلية نقلا عن محطة فوكس نيوز حول تنفس الشيخ بن جبرين الصعداء كونه استطاع أن يبوح بمثل هذه الفتوى بعد ثلاث سنين من الصمت! وهو الذي لم يصمت يوما منذ فتواه الشهيرة بتكفير جميع الشيعة أوائل الثمانينات.
هنا، يبدو من نافلة القول الإشارة لما تمثله مسألة الدعاء في الثقافة الدينية من ثقل روحي وفعالية غيبية ينظر لها دينيا كعامل تأثير باتجاه تغيير الأمور على أرض الواقع. على الضفة الأخرى أيضا وبعيدا عن البعد الديني يمكن القول أن الدعاء يعتبر بحد ذاته موقفا شخصيا، سواء كان سلبا أو إيجابا، بمعنى أن الدعاء يدخل الداعي تلقائيا في دائرة التعاطف والتأييد للمدعو له، فيما قد يدخل الدعاء صاحبه في خانة الجفاء النفسي أو ربما العداء الفعلي بأشكاله المادية ضد المدعو عليه.
ولذلك ومن منطلق ثقافة دينية مرة أخرى نجد أن إحدى علامات المحبة للإخوان المؤمنين هي خصهم بدعواتنا بالتوفيق والنجاح في الظروف العادية، أما في ظروف الحرب فالدعاء أولا وأخيرا بالنصر المؤزر والغلبة على الأعداء، ولهذا وحده وجدنا كيف التقط الشيخ بن جبرين هذا الخيط الخفي والمتمثل في احتمالية ميل بعض «المخدوعين» للدعاء لحزب الله أو ربما نصرتهم أو التعاطف معهم، ليري فضيلته أن من المناسب أن يأتي على أي تعاطف مع الشيعة لدى الأتباع وليستأصله من «لغاليغه» وأن يمحو -بنظره- أي إمكانية ميل روحي تجاه هذا الحزب «الرافضي».
وبالعودة للفتوى التي بدا فيها الشيخ بن جبرين وأتباعه كمن امتلك النسخة الأصلية والوحيدة لمفاتيح السماء، فلم تعد تصعد دعوة واحدة للسماء السابعة إلا بإذنهم، أقول كنت سأكون أول من «يخاف» تلك الفتوى فيما لو ثبت ولو لمرة واحدة أن الشيخ وأتباعه قد استجيبت لهم دعوة واحدة في يوم من الأيام ضمن أي أزمة سياسية أو عسكرية تعرضت لها الأمة عبر سنين طويلة.
فلا يخفى كم قدم أخواننا السلفيون من الدعم الروحي والمادي من المال والرجال.. والدعاء بالنصرة في جميع المساجد السعودية لحركة طالبان وإمارة أمير المؤمنين الملا عمر، فلم تحصد إمارة طالبان من ذلك الدعاء إلا الزوال من الوجود في أيام معدودة حتى غدت أثرا بعد عين، والجميع يعلم كم ألقى السلفيون بثقلهم الروحي والمادي لدعم الحرب في الشيشان فلم تكن النتيجة بأحسن من سابقتها، فقد مُسحت جمهورية الشيشان الإسلامية المنتصرة حديثا بقيادة «المجاهدين»، مسحت من على الخريطة لتعود البلاد تحت قبضة الدبابات والجيش الروسي. وما نرجوه هنا أن يكونوا قد نسوا كذبة انتصارهم على قوات الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وهم الذين لم يكونوا فيها أكثر من مخلب قط لدى وكالة المخابرات الأمريكية.
كما لا ننسى ما حصل للصومال التي نالتها بركات الدعاء والدموع والبكاء في ذات المساجد السعودية حتى تمزقت وتشرد أهلها في الآفاق شذرا مذرا، ناهيك عن التذكير بحال العراق أو الجزائر أو البوسنة والهرسك، أما القضية الفلسطينية فهي أوضح من أن يشار لها، فقد أدت نتائج الدعاء بالنصرة مفعولها جيدا حتى لم تحصد جميع تلك البلاد من دعاء «الفرقة الناجية» سوى المزيد من المعاناة والآلام والعذابات وعشرات الآلاف من الجثث المقطوعة الأطراف.
من هنا لم أخفي «ارتياحي» حين أمر الشيخ أتباعه بعدم النصرة أو الدعاء لحزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، أقول ذلك حتى مع ما كشفته تلك الفتوى من حد مخجل من الفرقة بين أبناء هذه الأمة المنكوبة ببعض أبنائها، وأقول ذلك حتى مع شفقتي البالغة على الشيخ لما انطوت عليه فتواه من تطابق وتكامل مع الموقف الإسرائيلي في الرغبة بهزيمة حزب الله، إلا إني مع ذلك أستطيع هنا أن أرفع للشيخ أمنيات جميع الشيعة بأن يتمسك بفتواه تلك، وأن يأمر أتباعه بالامتناع حتى عن مجرد التعاطف معهم في أي قضية، حتى لا ينتهي مصير الشيعة إلى ما انتهت إليه إمارة طالبان والشيشان وفلسطين والصومال وجميع من تلقوا مثل تلك الدعوات والنصرة.
ودعوني أصدقكم القول، بأن العجب العجاب أن جميع من دُعي عليهم في المساجد السعودية بالفناء والدمار وقطع النسل وشل الأطراف وأن يصيبهم الله بجميع الأمراض المعروفة في القاموس الطبي وغير المعروفة في مراكز الأبحاث الطبية، لم يزدد هؤلاء إلا قوة وتوسعا وانتصارا سياسيا وعسكريا ودونكم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإسرائيل!
من هنا أكرر على كل تكفيري، بأن أكبر معروف يسديه للمقاومة الإسلامية في لبنان، هو أن يسمع كلام الشيخ ويكف لسانه عن الدعاء لأبطال حزب الله بالنصر، خوفا من أن تلقى المقاومة لا سمح الله مصير من نالوا بركات ذات الدعوات «المخلصة» فكان مصيرهم أن ذهبوا مع الريح إما في الكهوف أو السجون أو تحولوا إلى قنابل بشرية تستبيح الأبرياء العزل في دور العبادة والأسواق ووسائل النقل والمجمعات السكنية في الرياض وبغداد والدار البيضاء وأقاصي الأرض.
من هنا أقول «تُكفى» يا شيخ وفر دعائك ونصرتك للمقاومة الشيعية في لبنان فهي في غنا عن ذلك، فيكفيها أن تحظى بدعوة خالصة من عجوز جنوبية ثكلى أو شيخا بقاعيا جريحا أو طفلا بريئا طاهر القلب، فيرفعوا أيديهم جميعا نحو السماء وليستمدوا من العزيز المقتدر العون والنصر للمجاهدين الصابرين المقاومين للغزاة، فذلك خير ألف ألف مرة وأبقى.. فهذه هي سهام الليل الحقيقية التي يجب أن يخاف منها كل ظالم متجبر أو مستحل للدماء التي حرم الله إلا بالحق.
__________________
أبا حسـنٍ لو كان حبك مدخـــلي
جهنم لكان الفوز عندي جحيمها
فكيف يخاف النار من بات موقنا
بـأن أمير المؤمنين قســـــــيمها
المقال :
بداية أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم أن أورد مقدمة مطولة نسبياً قبل الشروع في صلب المقالة، فقد شاءت الأقدار ضمن تداعيات الحرب الصهيونية الوحشية القائمة لليوم العاشر على التوالي ضد الشعب اللبناني الأعزل أن تأتي فتوى الشيخ السلفي السعودي البارز عبد الله بن جبرين حاثا فيها أتباعه بعدم جواز نصرة حزب الله أو الانضواء تحت امرتهم أو الدعاء لهم بالنصر، بل ذهب بعيدا في ذلك حين نصح إخواننا أهل السنة «أن يتبرؤا منهم وأن يخذلوا من ينظموا إليهم»، بل الأعجب من ذلك ما نقلته صحيفة يدعوت احرونوت الإسرائيلية نقلا عن محطة فوكس نيوز حول تنفس الشيخ بن جبرين الصعداء كونه استطاع أن يبوح بمثل هذه الفتوى بعد ثلاث سنين من الصمت! وهو الذي لم يصمت يوما منذ فتواه الشهيرة بتكفير جميع الشيعة أوائل الثمانينات.
هنا، يبدو من نافلة القول الإشارة لما تمثله مسألة الدعاء في الثقافة الدينية من ثقل روحي وفعالية غيبية ينظر لها دينيا كعامل تأثير باتجاه تغيير الأمور على أرض الواقع. على الضفة الأخرى أيضا وبعيدا عن البعد الديني يمكن القول أن الدعاء يعتبر بحد ذاته موقفا شخصيا، سواء كان سلبا أو إيجابا، بمعنى أن الدعاء يدخل الداعي تلقائيا في دائرة التعاطف والتأييد للمدعو له، فيما قد يدخل الدعاء صاحبه في خانة الجفاء النفسي أو ربما العداء الفعلي بأشكاله المادية ضد المدعو عليه.
ولذلك ومن منطلق ثقافة دينية مرة أخرى نجد أن إحدى علامات المحبة للإخوان المؤمنين هي خصهم بدعواتنا بالتوفيق والنجاح في الظروف العادية، أما في ظروف الحرب فالدعاء أولا وأخيرا بالنصر المؤزر والغلبة على الأعداء، ولهذا وحده وجدنا كيف التقط الشيخ بن جبرين هذا الخيط الخفي والمتمثل في احتمالية ميل بعض «المخدوعين» للدعاء لحزب الله أو ربما نصرتهم أو التعاطف معهم، ليري فضيلته أن من المناسب أن يأتي على أي تعاطف مع الشيعة لدى الأتباع وليستأصله من «لغاليغه» وأن يمحو -بنظره- أي إمكانية ميل روحي تجاه هذا الحزب «الرافضي».
وبالعودة للفتوى التي بدا فيها الشيخ بن جبرين وأتباعه كمن امتلك النسخة الأصلية والوحيدة لمفاتيح السماء، فلم تعد تصعد دعوة واحدة للسماء السابعة إلا بإذنهم، أقول كنت سأكون أول من «يخاف» تلك الفتوى فيما لو ثبت ولو لمرة واحدة أن الشيخ وأتباعه قد استجيبت لهم دعوة واحدة في يوم من الأيام ضمن أي أزمة سياسية أو عسكرية تعرضت لها الأمة عبر سنين طويلة.
فلا يخفى كم قدم أخواننا السلفيون من الدعم الروحي والمادي من المال والرجال.. والدعاء بالنصرة في جميع المساجد السعودية لحركة طالبان وإمارة أمير المؤمنين الملا عمر، فلم تحصد إمارة طالبان من ذلك الدعاء إلا الزوال من الوجود في أيام معدودة حتى غدت أثرا بعد عين، والجميع يعلم كم ألقى السلفيون بثقلهم الروحي والمادي لدعم الحرب في الشيشان فلم تكن النتيجة بأحسن من سابقتها، فقد مُسحت جمهورية الشيشان الإسلامية المنتصرة حديثا بقيادة «المجاهدين»، مسحت من على الخريطة لتعود البلاد تحت قبضة الدبابات والجيش الروسي. وما نرجوه هنا أن يكونوا قد نسوا كذبة انتصارهم على قوات الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وهم الذين لم يكونوا فيها أكثر من مخلب قط لدى وكالة المخابرات الأمريكية.
كما لا ننسى ما حصل للصومال التي نالتها بركات الدعاء والدموع والبكاء في ذات المساجد السعودية حتى تمزقت وتشرد أهلها في الآفاق شذرا مذرا، ناهيك عن التذكير بحال العراق أو الجزائر أو البوسنة والهرسك، أما القضية الفلسطينية فهي أوضح من أن يشار لها، فقد أدت نتائج الدعاء بالنصرة مفعولها جيدا حتى لم تحصد جميع تلك البلاد من دعاء «الفرقة الناجية» سوى المزيد من المعاناة والآلام والعذابات وعشرات الآلاف من الجثث المقطوعة الأطراف.
من هنا لم أخفي «ارتياحي» حين أمر الشيخ أتباعه بعدم النصرة أو الدعاء لحزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، أقول ذلك حتى مع ما كشفته تلك الفتوى من حد مخجل من الفرقة بين أبناء هذه الأمة المنكوبة ببعض أبنائها، وأقول ذلك حتى مع شفقتي البالغة على الشيخ لما انطوت عليه فتواه من تطابق وتكامل مع الموقف الإسرائيلي في الرغبة بهزيمة حزب الله، إلا إني مع ذلك أستطيع هنا أن أرفع للشيخ أمنيات جميع الشيعة بأن يتمسك بفتواه تلك، وأن يأمر أتباعه بالامتناع حتى عن مجرد التعاطف معهم في أي قضية، حتى لا ينتهي مصير الشيعة إلى ما انتهت إليه إمارة طالبان والشيشان وفلسطين والصومال وجميع من تلقوا مثل تلك الدعوات والنصرة.
ودعوني أصدقكم القول، بأن العجب العجاب أن جميع من دُعي عليهم في المساجد السعودية بالفناء والدمار وقطع النسل وشل الأطراف وأن يصيبهم الله بجميع الأمراض المعروفة في القاموس الطبي وغير المعروفة في مراكز الأبحاث الطبية، لم يزدد هؤلاء إلا قوة وتوسعا وانتصارا سياسيا وعسكريا ودونكم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإسرائيل!
من هنا أكرر على كل تكفيري، بأن أكبر معروف يسديه للمقاومة الإسلامية في لبنان، هو أن يسمع كلام الشيخ ويكف لسانه عن الدعاء لأبطال حزب الله بالنصر، خوفا من أن تلقى المقاومة لا سمح الله مصير من نالوا بركات ذات الدعوات «المخلصة» فكان مصيرهم أن ذهبوا مع الريح إما في الكهوف أو السجون أو تحولوا إلى قنابل بشرية تستبيح الأبرياء العزل في دور العبادة والأسواق ووسائل النقل والمجمعات السكنية في الرياض وبغداد والدار البيضاء وأقاصي الأرض.
من هنا أقول «تُكفى» يا شيخ وفر دعائك ونصرتك للمقاومة الشيعية في لبنان فهي في غنا عن ذلك، فيكفيها أن تحظى بدعوة خالصة من عجوز جنوبية ثكلى أو شيخا بقاعيا جريحا أو طفلا بريئا طاهر القلب، فيرفعوا أيديهم جميعا نحو السماء وليستمدوا من العزيز المقتدر العون والنصر للمجاهدين الصابرين المقاومين للغزاة، فذلك خير ألف ألف مرة وأبقى.. فهذه هي سهام الليل الحقيقية التي يجب أن يخاف منها كل ظالم متجبر أو مستحل للدماء التي حرم الله إلا بالحق.
__________________
أبا حسـنٍ لو كان حبك مدخـــلي
جهنم لكان الفوز عندي جحيمها
فكيف يخاف النار من بات موقنا
بـأن أمير المؤمنين قســـــــيمها
تعليق