قتيلاً من قوات النخبة وعشرات الجرحى
تحطم ثلاث مروحيات بكلفة 180 مليون دولار خلال 10 أيامالجيش الإسرائيلي مني بخسائر بشرية ومادية ومعنوية باهظة في قتاله ضد "حزب الله"
فلسطين اليوم : وكالات
"لا أرى نهاية للحرب"؛ بهذه الكلمات وصف أحد الناطقين السابقين بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي والمحاضر في إحدى الجامعات الوضع؛ فكلما وقع مزيد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي زاد الإصرار، لدى القيادة السياسية والعسكرية، على مواصلتها بقوة أكبر وتفكير أقل، لا سيما وأنّ الأمر يتعلق بهيبة الجيش "الذي لا يُقهر"، ولكن هل سيستمر الاحتلال في حربه بمعنويات الجنود الإسرائيلية المنكسرة؟ كما يتساءل بعضهم.فتسعة قتلى من الوحدات العسكرية الخاصة في ساعات قليلة، بحسب الرواية الإسرائيلية، وسبعة عشر بحسب روايات أخرى، هي لطمة قوية للجيش الذي يعتبر الأقوى في المنطقة، من قبل عشرات فقط من مقاتلي "حزب الله"، والذي في النهاية لا يصل حدّ الجيوش المنظمة الكلاسيكية.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه عدد القتلى من العسكريين الإسرائيليين، والذين بلغ عددهم بعد أسبوعين من المعارك في الجنوب اللبناني، واحداً وأربعين قتيلاً وعشرات الجرحى، إضافة إلى عشرين قتيلاً من المستوطنين اليهود جراء سقوط صواريخ "حزب الله" في شمال فلسطين المحتلة؛ بدأت الأصوات الإسرائيلية تتعالى لوقف هذه الحرب، وإن كان الأمر على حساب هيبة الجيش الإسرائيلي، ودون أن تتحقق أي من الأهداف المعلنة لهذه الحرب.
الأمر لا يقتصر على الخسائر البشرية في صفوف قوات الاحتلال، على الرغم من أهميتها بالنسبة للإسرائيليين؛ فهناك خسائر مادية باهظة جداً، تقدر بمئات ملايين الدولارات، والتي أُهدرت دون أن يتم حتى الآن تحقيق أي من أهداف الحرب على لبنان. فالصواريخ مازالت تسقط يومياً على التجمعات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة، وقد تصل إلى أبعد من ذلك في العمق الإسرائيلي.
فسقوط، أو إسقاط، ثلاث مروحيات إسرائيلية قتالية من طراز "أباتشي لونغو"، التي تعد من أكثر الأسلحة الهجومية باهظة الثمن في الجيش الإسرائيلي، والتي يقدر ثمن الواحدة منها بنحو ستين مليون دولار، وكان بحوزة تل أبيب تسعة منها فقط ابتاعتها من الولايات المتحدة الأمريكية، كان ضربة من الضربات التي تلقاها العتاد العسكري للجيش.
كما أنّ تدمير وإعطاب العديد من دبابات "الميركافا 4"، والتي تُعدّ الأكثر تحصيناً في العالم، والتي تُوصف أيضاً بأنها الأكثر تطوّراً بين الدبابات الحديثة، وقتل العديد ممن كانوا فيها، يشكل أيضاً ضربة لهيبة الجيش الإسرائيلي، ويجعل من التحصينات التي يملكها قليلة الجدوى في ظل التمكن من معرفة نقاط ضعفها.
وكان تدمير البارجة الحربية الإسرائيلية "ساعر"، المطوّرة جداً، والتي تملك تل أبيب ثلاثاً منها فقط لكلفها الباهظة بسبب التجهيزات العسكرية والتحصينات التي فيها، من قبل مقاتلي "حزب الله"؛ المفاجأة الثانية في الحرب ضد جيش الاحتلال، لا سيما عير قصفها بصاروخ أرض بحر.
وتُضاف إلى سلسلة الخسائر العسكرية المادية لجيش الاحتلال؛ تأتي الغارات الجوية التي تنفذها مقاتلات الطيران الحربي الإسرائيلي، والتي تقدر عدد الغارات التي قامت بها بأكثر من سبعة آلاف غارة خلال الأسبوعين الماضيين، إضافة إلى كلفة الصواريخ المستخدمة في هذه المعركة، والتي يقدر حجمها بالأطنان، والتي أدت إلى تدمير البنى التحتية في لبنان.
يتبع كل ذلك، استهداف قاعدة للعمليات الجوية العسكرية الإسرائيلية في جبل الجرمق، المقامة على أعلى جبال فلسطين المحتلة، أكثر من مرة بعدد من صواريخ "غراد" الروسية بعيدة المدى، والتي أوقعت بها خسائر مادية كبيرة.
وتُعدّ هذه القاعدة هامة جداً، إذ يعمل فيها العلماء العسكريون الإسرائيليون بعمق داخل كهوفها وفي ملاجئ جبلية، تحت حراسة أبراج مراقبة وكلاب حراسة وأسلاك شائكة، ويراقبون كل الطائرات القادمة إلى بيروت والمغادرة منها، علاوة على ما يدور في أجواء دمشق وعمان وباقي المدن العربية.
ويرى المحلل البريطاني باتريك سيل أنّ الجبل ترتفع عليه مجموعات من الهوائيات التي حددها حزب الله على أنها مركز مراقبة عسكري، قبل أن يطلق الحزب صواريخه على حيفا، فقد أرسل مجموعة من الصواريخ نحو الجرمق، ما أحدث صدمة لدى المخططين العسكريين الإسرائيليين.
يبقى هناك، وبعد كل هذه الخسائر، ما هو أهم مما قد يفقده الجيش من آليات ومعدات عسكرية؛ فهناك معنويات الجنود الإسرائيليين، الذين أصبحوا يفضلون العودة عن المشاركة في القتال ضد "حزب الله".
فالجنود الذين شاركوا في معركة بنت جبيل وصفوا المعارك بأنها "جحيم على الأرض"، ووصف آخرون مقاتلي حزب الله بأنهم أشباح يخرجون من كل مكان، وأنهم مدرّبون بشكل عالٍ جداً ولا يخافون.
وعليه؛ فإنّ هناك مطالبات من قبل ضباط رفيعي المستوى في جيش الاحتلال بإعادة النظر في المعارك البرية، بسبب الخسائر الفادحة التي لحقت بالجيش، لا سيما القوات الخاصة، إضافة إلى معنويات الجنود المنهارة، والتي أدت ببعضهم إلى البكاء من شدة ما شاهدوه ويذكرون من تلك المعارك.
تعليق