خارج كل اعتبار وكل تحليل وكل حسابات سياسية، وتجاوزاً موضوعياً لمأساة الحاضر الذي نحن فيه، وتأجيلاً قسرياً للبحث عن المستقبل الذي أضعنا الطريق إليه، أجدني اليوم، بكل مشاعري، شريكاً بالكلمة الحرة لأولئك الأبطال الذين يدافعون ببسالة نادرة المثال،

بالنيابة عن الشعب كله، عن وطن يستبيحه الغزاة الصهاينة، برابرة العصر الحديث, يستبيحونه أمام عالم عربي مهزوم منذ زمن قديم، وأمام عالم متمدن تهيمن عليه قوى العدوان والقهر والظلم، وتتحكم من دون رادع بمصائر شعوب الأرض.
سأترك إلى غد مقبل، في زمن قريب أو في زمن أبعد، كل الأسئلة: كيف، ولماذا، وفي أي شروط، ووفق أي حسابات؟ وهي أسئلة طرح الكثير منها بصراحة كاملة في مقالات سابقة وراهنة, سأترك هذه الأسئلة لجهات ذات علاقة بها وذات مسؤولية في الإجابة عنها, سأتركها أمام هذا المشهد المثير للدهشة، والمثير للإعجاب، والمثير للامتنان، والمثير في الآن ذاته لكل مشاعر الغضب, فأنا في هذه اللحظة مأخوذ ومسكون بمشاعر عميقة تتناقض في اتجاهاتها, إن لحمي وعظامي وأعصابي مجبولة بحقد لا حدود لصوره ضد بربرية الغزاة الصهاينة وضد حماتهم الأميركيين, ويكاد يصيبني دوار لشدة وعمق ما أعانيه من احساس بالقرف وبالاشمئزاز وبالغضب تجاه أنظمة الاستبداد التي دمرت حياة شعوبنا، وشوهت وعيها، وتجاه القوى العالمية الكبرى التي تتفرج على مأساتنا في مواجهة العدوان، إما عاجزة أو متواطئة, لكنني، بالمقابل، أشعر بالاعتزاز وأنا أشاهد هؤلاء الأبطال يسدون على العدو طريقه إلى اقتحام أرضنا، حتى وهو يوغل تدميراً وقتلاً في بلدنا وفي شعبنا.
لا مجال عندي لكلام آخر, الكلام في هذه اللحظة يختصر بتحية إلى هؤلاء الأبطال الذين يذكروننا بأساطيراجترحها في بلدنا مقاومون سبقوهم إلى فعل البطولة في الدفاع عن الوطن.
لكم المجد أيها الأبطال وللغزاة العار ولوطننا الحرية.