
وكان يُخيّل لأي عابرٍ من هناك ان لا وجود إلاّ للآلة العسكرية الإسرائيلية التي تُصدر الأصوات، وكأنها تطحن شيئاً، فيما الغبار يعلو فوقها كأنما عاصفة هبت على هضبة رملية.
وبدأ الصوت يقترب، وبدأ المقاومون الأربعة يعدّون العدّة للهجوم.. وفجأة، بدأت القذائف تتساقط على بعد مئة متر من الدبابات، ولم توفر الطائرات الحربية الأرض من قذائفها ولا الجو من أزيزها.
المقاومون التصقوا بالصخور.. وكأنهم الصخور نفسها، صلابة وقوة وجمادا، وبقيت الدبابات والطائرات لمدة خمس دقائق تمطر القذائف والصواريخ، وتتقدم في محيط مارون الراس حتى أصبحت قريبة جداً من الرباعي المقاوم، وإذا بها تتوقف عن القصف وعن التقدم.
الشمس كانت قد هوت في البحر، وبدأت العتمة تتسلل الى الحقول والتلال، وللحظات كان فيها الصمت مخيماً في تلك الأنحاء، رمى قائد المجموعة بحصة جدُّ صغيرة الى رفاقه الثلاثة على بعد أمتار قليلة منه، فما كان من المقاومين الأربعة إلاّ أن انفصلوا عن الصخور بسرعة البرق، ووجهوا بالتزامن مع بعضهم البعض أربعة صواريخ مضادة للدروع كل منهم على دبابة، فدمروا أربع دبابات بالكامل، ثم أمطروا الخامسة بنيران رشاشاتهم حيث بدأ طاقم الدبابة الخامسة بالنزول منها خوفاً من تدميرها، فأصيب عدد من الجنود الإسرائيليين إصابات قاتلة، وتمكن عدد منهم من الإحتماء خلف الدبابة التي لم تستطع التقدم بسبب تعطّل الدبابات الأربع أمامها.
وقد حدث ذلك خلال خمس دقائق لا أكثر، إلاّ ان أحد أفراد الطاقم اتصل عبر الأجهزة اللاسلكية التي بحوزته طالباً المساندة.
في هذا الوقت، تمكن المقاومون الأربعة من خلال عنصر المفاجأة من الإنسحاب الى مكان قريب من أرض المعركة تاركين وراءهم أربع دبابات محروقة، وحوالى عشرين جندياً اسرائيلياً بين قتيل وجريح.
ولم تمضِ لحظات إلاّ وأغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية من طراز (أف 16) على محيط مارون الراس، فألقت أكثر من خمسين صاروخاً مدمراً، كما وصلت طائرة مروحية من نوع أباتشي لنقل القتلى والجرحى تحت غزارة نار كبيرة جداً ليتمكن الإسرائيليون من الإنسحاب.
الاّ أن إحدى القذائف الصاروخية أصابت شظاياها أحد المقاومين الأربعة إصابة طفيفة، فسحبه رفاقه الى أحد البيوت القريبة، ومن ثم نقلوه الى أحد المستشفيات، وقد روى لنا خلال زيارة له للإطمئنان عليه تفاصيل هذه العملية، التي تقوم بمثلها مجموعات حزب الله الصغيرة كل يوم.
تعليق