بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى كل الذين يعتقدون ان حزب الله سبب ماساة في لبنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الى كل الذين يعتقدون ان حزب الله سبب ماساة في لبنان
اندرس سترندبرغ
يتدافع الخبراء والسياسيون على تفسير للأحداث في لبنان غالباً ما ينتهي إلى رأي واحد وهو ان "حزب الله" هو المسؤول الوحيد عن هذه الأزمة، وإسرائيل تدافع عن نفسها. وأن المشكلة الضاربة بجذورها في الأعماق هي التطرف العربي. لكن وللأسف، فإن هذه التحليلات بعيدة عن المنطق، ولا معنى لها. ذلك أن أسر "حزب الله" لجنديين إسرائيليين جاء كنتيجة مباشرة لاستمرار العدوان الصامت وغير المرئي لإسرائيل على لبنان، والذي لا يمكن فصله عن الصراع العربي الإسرائيلي الممتد طيلة ستة عقود.
فمنذ أن سحبت إسرائيل قواتها من جنوب لبنان في ايار 2000 وهي تنتهك، بشكل يومي تقريباً، "الخط الأزرق" الذي تراقبه قوات دولية، حسب تقارير الأمم المتحدة نفسها. وفي المقابل فإن العقيدة العسكرية ل"حزب الله" التي تبلورت في التسعينيات تقضي بإطلاق صواريخ كاتيوشا على إسرائيل فقط كردّ على الاعتداءات الإسرائيلية التي تطال المدنيين اللبنانيين، أو استهدافهاً لقيادات "حزب الله". كما أن إسرائيل ومن خلال خروقاتها المتعددة للحدود اللبنانية عملت على ترويع السكان المدنيين وتدمير الممتلكات الخاصة، فضلاً عن قتل المدنيين والتنكيل بهم. ففي شهر شباط الماضي مثلاً، قتل راعي غنم لبناني يُدعى يوسف رحيل بنيران الجنود الإسرائيليين عندما كان يرعى ماشيته على الحدود. ولم تتردد إسرائيل في اغتيال خصومها في شوارع المدن اللبنانية، فضلاً عن استمرار احتلالها لمزارع شبعا، ورفضها تسليم خرائط الألغام التي زرعتها في الجنوب، ما ينتج عنه مقتل وتشويه المزيد من الضحايا اللبنانيين.
فأي سلام أجهز عليه حزب الله؟
لقد جاءت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين التي نفّذها حزب الله في سياق الصراع المتواصل الذي لا يمكن عزله عن الحقائق في الأراضي الفلسطينية. ولعل ما أثار سخط إسرائيل وحلفائها أن "حزب الله"، يقف مع الفلسطينيين ويتعاطف مع محنتهم.
فمنذ عملية 25 حزيران التي قامت بها عناصر فلسطينية وأسفرت عن أسر جندي إسرائيلي قتلت إسرائيل أكثر من 140 فلسطينياً. وكما في الحالة اللبنانية تمّ عزل هذه الحادثة عن السياق العام للصراع، وقيل إنها من "صنع" أعداء إسرائيل في المنطقة، وهي مناورة باتت مكشوفة للجميع، الهدف منها التغطية على الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى العملية والمتمثلة في طريقة قيام إسرائيل نفسها، والأسس الأيديولوجية التي بُنيت عليها على امتداد الستين سنة الماضية التي هي أساس الصراع العربي الإسرائيلي.
فما إن رفض العرب قرار الأمم المتحدة بتقسيم أرضهم والتخلي عنها لغيرهم وإجبارهم على دفع ثمن المجازر الأوروبية والهولوكوست بحق اليهود، حتى تقرر فرض قيام إسرائيل سنة 1948 عبر التطهير العرقي واحتلال الأراضي العربية. إنه واقع تاريخي سجله مؤرخون إسرائيليون من أمثال بيني موريس. ومع ذلك تستمر إسرائيل في التنصل من مسؤوليتها بشأن تهجير الفلسطينيين من ديارهم وتتهرّب من واجبها الأخلاقي في معالجة الأوضاع وإعادة الحقوق لأصحابها.
وعلى امتداد العقود الستة الماضية رفضت إسرائيل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، لأنهم ينتمون إلى العرق الأدنى بعدما أصبحت مقولة "إسرائيل لليهود" عقيدة راسخة في أذهان الغرب. وهو ما يعني عملياً منح إسرائيل نوعاً من الطهرانية العرقية على حساب اللاجئين وأبنائهم، الذين يقارب عددهم اليوم خمسة ملايين نسمة.
أليس مفهوماً أن يجرح هذا الاهتمام الإسرائيلي بعرق من دون سواه شعور الفلسطينيين ويمتد إلى أشقائهم العرب؟ ومع ذلك بدلاً من مطالبة إسرائيل بالاعتراف بأخطائها الجوهرية، كخطوة أولى، لإحلال العدالة والتعايش المشترك، يصر العالم الغربي على ضرورة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود على حساب الفلسطينيين. ويبدو أن الخطاب الغربي غير قادر على إبداء اهتمام حقيقي بالقضية الفلسطينية، بل يكتفي بانشغال مزيّف بحقوق الفلسطينيين وحريتهم، بهدف رفع العتب وذرّ الرماد في العيون. فقد تحوّل الفلسطينيون إلى الهنود الحمر الذين يرفضون العيش في محميّات الرجل الأبيض، أو الزنوج الذين يأبون الجلوس في المقاعد الخلفية للحافلة.
فبأي حق أخلاقي تتمّ مطالبة الفلسطينيين بالتزام الواقعية وضبط النفس؟ وبأن المقاعد الأمامية للحافلة يجب أن تبقى نقية العرق؟ وعندما يرفضون الاعتراف بالمحتلّ والإقرار بتخلّفهم العرقي، وعندما يقودهم الإحباط واليأس إلى العنف، ويهبّ بعض الجيران إلى مساعدتهم إما لأهداف سياسية، أو بحثاً عن مثالية ما، نفاجأ بأن الغرب ينعتهم جميعاً بالمتعصبين والمتطرفين.
إن المشكلة الرئيسية التي تعيق فهم الصراع العربي الإسرائيلي على نحو صحيح أننا تخلينا عن تحرّي الخطأ والصواب، وبتنا نبحث في المقابل عما هو "واقعي" و"عملي". والحقيقة البادية للعيان أن إسرائيل بلد عنصري حتى النخاع بُنيت على سلسلة متواصلة من الإجراءات العقابية والاغتيالات وشنّ الحروب ضد ضحاياها وحلفائها على حد سواء. وبالتالي فإن أي فهم حقيقي لجوهر الصراع لا بدّ أن يقرّ بأن المشكلة ليست في هذه السياسة أو تلك، بل في إصرار إسرائيل على رفضها الاعتراف بإنسانية الفلسطينيين. وليس صحيحاً أن "حماس" و"حزب الله" تحرّكهما الرغبة في "محو اليهود" من الأرض، كما يُزعم دائماً، بل يحرّكهما شعور مرير بالظلم لا يمكن نسيانه أبداً. وستستمر هذه المجموعات في كسب المزيد من الشرعية الشعبية، لأنها تحقق حاجة كثر من العرب في الدفاع عن الحقوق العربية. ولن يمكن لإسرائيل أن تدمر هذه الحاجة بالقنابل والقذائف. وإذا كانت إسرائيل، كحليفها السياسي السابق جنوب افريقيا تملك القدرة على تفهم مبادئ الديموقراطية وحقوق الانسان وأن تقبل بالتعايش في تساوٍ مع اعراق اخرى داخل دولة واحدة لليهود وللعرب، فحينها ستزول اسس السخط والمقاومة.. وإلا فإن دوامة العنف في المنطقة ستستمرّ.
(?) اندرس سترندبرغ، أستاذ زائر سابق في جامعة دمشق، يعمل حالياً كمستشار لسياسات الشرق الأوسط مع عدد من الحكومات الأوروبية. وسبق أن عمل كصحافي مع عدد من المنشورات الأوروبية لتغطية الأحداث في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان منذ أوائل التسعينيات.
المصدر:كريستيان ساينس مونيتور. بتاريخ 04/08/2006 الساعة 12:44
http://www.ghaliboun.net/newsdetails.php?id=1184
يتدافع الخبراء والسياسيون على تفسير للأحداث في لبنان غالباً ما ينتهي إلى رأي واحد وهو ان "حزب الله" هو المسؤول الوحيد عن هذه الأزمة، وإسرائيل تدافع عن نفسها. وأن المشكلة الضاربة بجذورها في الأعماق هي التطرف العربي. لكن وللأسف، فإن هذه التحليلات بعيدة عن المنطق، ولا معنى لها. ذلك أن أسر "حزب الله" لجنديين إسرائيليين جاء كنتيجة مباشرة لاستمرار العدوان الصامت وغير المرئي لإسرائيل على لبنان، والذي لا يمكن فصله عن الصراع العربي الإسرائيلي الممتد طيلة ستة عقود.
فمنذ أن سحبت إسرائيل قواتها من جنوب لبنان في ايار 2000 وهي تنتهك، بشكل يومي تقريباً، "الخط الأزرق" الذي تراقبه قوات دولية، حسب تقارير الأمم المتحدة نفسها. وفي المقابل فإن العقيدة العسكرية ل"حزب الله" التي تبلورت في التسعينيات تقضي بإطلاق صواريخ كاتيوشا على إسرائيل فقط كردّ على الاعتداءات الإسرائيلية التي تطال المدنيين اللبنانيين، أو استهدافهاً لقيادات "حزب الله". كما أن إسرائيل ومن خلال خروقاتها المتعددة للحدود اللبنانية عملت على ترويع السكان المدنيين وتدمير الممتلكات الخاصة، فضلاً عن قتل المدنيين والتنكيل بهم. ففي شهر شباط الماضي مثلاً، قتل راعي غنم لبناني يُدعى يوسف رحيل بنيران الجنود الإسرائيليين عندما كان يرعى ماشيته على الحدود. ولم تتردد إسرائيل في اغتيال خصومها في شوارع المدن اللبنانية، فضلاً عن استمرار احتلالها لمزارع شبعا، ورفضها تسليم خرائط الألغام التي زرعتها في الجنوب، ما ينتج عنه مقتل وتشويه المزيد من الضحايا اللبنانيين.
فأي سلام أجهز عليه حزب الله؟
لقد جاءت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين التي نفّذها حزب الله في سياق الصراع المتواصل الذي لا يمكن عزله عن الحقائق في الأراضي الفلسطينية. ولعل ما أثار سخط إسرائيل وحلفائها أن "حزب الله"، يقف مع الفلسطينيين ويتعاطف مع محنتهم.
فمنذ عملية 25 حزيران التي قامت بها عناصر فلسطينية وأسفرت عن أسر جندي إسرائيلي قتلت إسرائيل أكثر من 140 فلسطينياً. وكما في الحالة اللبنانية تمّ عزل هذه الحادثة عن السياق العام للصراع، وقيل إنها من "صنع" أعداء إسرائيل في المنطقة، وهي مناورة باتت مكشوفة للجميع، الهدف منها التغطية على الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى العملية والمتمثلة في طريقة قيام إسرائيل نفسها، والأسس الأيديولوجية التي بُنيت عليها على امتداد الستين سنة الماضية التي هي أساس الصراع العربي الإسرائيلي.
فما إن رفض العرب قرار الأمم المتحدة بتقسيم أرضهم والتخلي عنها لغيرهم وإجبارهم على دفع ثمن المجازر الأوروبية والهولوكوست بحق اليهود، حتى تقرر فرض قيام إسرائيل سنة 1948 عبر التطهير العرقي واحتلال الأراضي العربية. إنه واقع تاريخي سجله مؤرخون إسرائيليون من أمثال بيني موريس. ومع ذلك تستمر إسرائيل في التنصل من مسؤوليتها بشأن تهجير الفلسطينيين من ديارهم وتتهرّب من واجبها الأخلاقي في معالجة الأوضاع وإعادة الحقوق لأصحابها.
وعلى امتداد العقود الستة الماضية رفضت إسرائيل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم، لأنهم ينتمون إلى العرق الأدنى بعدما أصبحت مقولة "إسرائيل لليهود" عقيدة راسخة في أذهان الغرب. وهو ما يعني عملياً منح إسرائيل نوعاً من الطهرانية العرقية على حساب اللاجئين وأبنائهم، الذين يقارب عددهم اليوم خمسة ملايين نسمة.
أليس مفهوماً أن يجرح هذا الاهتمام الإسرائيلي بعرق من دون سواه شعور الفلسطينيين ويمتد إلى أشقائهم العرب؟ ومع ذلك بدلاً من مطالبة إسرائيل بالاعتراف بأخطائها الجوهرية، كخطوة أولى، لإحلال العدالة والتعايش المشترك، يصر العالم الغربي على ضرورة الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود على حساب الفلسطينيين. ويبدو أن الخطاب الغربي غير قادر على إبداء اهتمام حقيقي بالقضية الفلسطينية، بل يكتفي بانشغال مزيّف بحقوق الفلسطينيين وحريتهم، بهدف رفع العتب وذرّ الرماد في العيون. فقد تحوّل الفلسطينيون إلى الهنود الحمر الذين يرفضون العيش في محميّات الرجل الأبيض، أو الزنوج الذين يأبون الجلوس في المقاعد الخلفية للحافلة.
فبأي حق أخلاقي تتمّ مطالبة الفلسطينيين بالتزام الواقعية وضبط النفس؟ وبأن المقاعد الأمامية للحافلة يجب أن تبقى نقية العرق؟ وعندما يرفضون الاعتراف بالمحتلّ والإقرار بتخلّفهم العرقي، وعندما يقودهم الإحباط واليأس إلى العنف، ويهبّ بعض الجيران إلى مساعدتهم إما لأهداف سياسية، أو بحثاً عن مثالية ما، نفاجأ بأن الغرب ينعتهم جميعاً بالمتعصبين والمتطرفين.
إن المشكلة الرئيسية التي تعيق فهم الصراع العربي الإسرائيلي على نحو صحيح أننا تخلينا عن تحرّي الخطأ والصواب، وبتنا نبحث في المقابل عما هو "واقعي" و"عملي". والحقيقة البادية للعيان أن إسرائيل بلد عنصري حتى النخاع بُنيت على سلسلة متواصلة من الإجراءات العقابية والاغتيالات وشنّ الحروب ضد ضحاياها وحلفائها على حد سواء. وبالتالي فإن أي فهم حقيقي لجوهر الصراع لا بدّ أن يقرّ بأن المشكلة ليست في هذه السياسة أو تلك، بل في إصرار إسرائيل على رفضها الاعتراف بإنسانية الفلسطينيين. وليس صحيحاً أن "حماس" و"حزب الله" تحرّكهما الرغبة في "محو اليهود" من الأرض، كما يُزعم دائماً، بل يحرّكهما شعور مرير بالظلم لا يمكن نسيانه أبداً. وستستمر هذه المجموعات في كسب المزيد من الشرعية الشعبية، لأنها تحقق حاجة كثر من العرب في الدفاع عن الحقوق العربية. ولن يمكن لإسرائيل أن تدمر هذه الحاجة بالقنابل والقذائف. وإذا كانت إسرائيل، كحليفها السياسي السابق جنوب افريقيا تملك القدرة على تفهم مبادئ الديموقراطية وحقوق الانسان وأن تقبل بالتعايش في تساوٍ مع اعراق اخرى داخل دولة واحدة لليهود وللعرب، فحينها ستزول اسس السخط والمقاومة.. وإلا فإن دوامة العنف في المنطقة ستستمرّ.
(?) اندرس سترندبرغ، أستاذ زائر سابق في جامعة دمشق، يعمل حالياً كمستشار لسياسات الشرق الأوسط مع عدد من الحكومات الأوروبية. وسبق أن عمل كصحافي مع عدد من المنشورات الأوروبية لتغطية الأحداث في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان منذ أوائل التسعينيات.
المصدر:كريستيان ساينس مونيتور. بتاريخ 04/08/2006 الساعة 12:44
http://www.ghaliboun.net/newsdetails.php?id=1184