عالم دين سعودي يدعو إلى مناصرة حزب الله
26 / 7 / 2006م - 4:15 م
الشيخ محسن العواجي26 / 7 / 2006م - 4:15 م

دعا عالم الدين السعودي محسن العواجي أمس، إلى مناصرة «حزب الله» في حربه ضد القوات الاسرائيلية بكل «وسيلة مشروعة»، مندداً بمن يقف موقف الحياد من المسلمين.
وقال العواجي في مقال نشره في موقعه الالكتروني الخاص: «من السذاجة النظر إلى حزب الله في هذه الازمة تحديدًا نظرة طائفية مجردة، ولا سيما أنه تحت قيادة حسن نصر الله الداهية سياسيًّا والشجاع ميدانيًّا مهما اختلفنا معه، رجل السياسة أكثر منه رجل الدين». أضاف «مهما كان الخلاف التاريخي بيننا (سنة وشيعة) فإنه لا يليق بالمسلم أن يقف موقف المتفرج مما يجري من عدوان صارخ على لبنان».
ورغم إقرار العواجي بأن «المعركة ليست محصورة بين طرفي الصراع المباشرين وحدهما»، وبأنها «بداية ونهاية منازلة بين واشنطن وإيران»، و«دوافعها أكبر من لبنان وسوريا»، لكنه أكد أن «الحياد في هذه الأزمة يبقى مرفوضًا مهما كانت مبرراته، إذ لا سواء بين الفئتين».
وفي تعليقه على الموقف السعودي الرسمي من الازمة اللبنانية، قال العواجي «لا أريد أن أتوقف عند الانتهازية الإعلامية لتوظيف ما صرح به المصدر المسؤول السعودي، فكل مسؤول عما يقول ويفعل، فلنتجاوزها للحديث عن ترتيبات مستقبل المنطقة».
نص المقال:
اللهم انصر المقاومين الأبطال واشدد وطأتك على المعتدين الأنذال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ﴿ آلم غلبت الروم ﴾، والصلاة السلام على رسوله القائل «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» وبعد:
فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، ما أصابنا من مصيبة فبما كسبت أيدينا ويعفُ عن كثير، لن نذل ونستكين ونحن الأعلون بحول الله، موقفنا المعلن الذي نستلهمه من ديننا العالمي العظيم في هذه الأزمة وغيرها، هو أن نرفع أصواتنا قائلين: اللهم انصر المسلمين في كل مكان، واهزم الكفرة المعتدين في كل مكان، اللهم انصر المظلومين من ذرية آدم على من ظلمهم وبغى عليهم يا رب العالمين، اللهم إنا نحمدك أن نصرت الروم على الفرس يوم فرح المؤمنون بنصرك لهم فيما بعد، ونصرت السود المستضعفين في جنوب أفريقيا على من ظلمهم من البيض العنصريين من حزب (الأبارثايد)، ونصرت الفيتناميين المظلومين على المعتدين الأمريكان، فا للهم انصر كل مظلوم فوق كل أرض وتحت كل سماء فأنت رب العالمين وأرحم الراحمين ورحمتك وسعت كل شي، وما أرسلت نبيك إلا رحمةً للعالمين، والخلق كلهم عيالك، وأنت القائل سبحانك ﴿ إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القرى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ﴾. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ﴿ آلم غلبت الروم ﴾، والصلاة السلام على رسوله القائل «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» وبعد:

العدوان الصهيوأمريكي الأخير على غزة ولبنان كشف عمق المآسي الفكرية المحتقنة في المجتمع المسلم محلياً وإقليمياً، قد يقبل من البعض تأجيل اتخاذ الموقف كون الأمر في غاية التعقيد واللبس، ولكن لا قبول البتة للحياد التام أو الصمت المطلق تجاه ما يجري من عدوان صارخ على الحرمات والممتلكات، لقد تعلمنا من أزمة الخليج الأولى التريث في اتخاذ موقف حول أمور ملتبسة لم تنجل أسبابها ومسبباتها على الصعيدين الإقليمي والدولي، تعلمنا أن الندم على خطوة غير محسوبة أشد من سلبية التأجيل مهما كان اللوم عليه، لا زلت اذكر بأن هناك من انتقد بشدة صمت الملك فهد رحمه الله لثلاثة أيام بعد احتلال العراق للكويت عام 1990م لما كان العالم كله يضطرب تفاعلاً مع الحدث، لكن سرعان ما تبدل ذلك النقد إلى تقدير لما تبين أنه قصد من ذلك الصمت إعطاء فرصة كافية لإجلاء جميع المواطنين السعوديين من الكويت بسلام، ويومها كان الجنود العراقيون يحيّونهم وهم يغادرون الكويت ظناً منهم أن السعودية على الحياد مما جرى حتى إذا ما اكتمل الجلاء اتخذ الملك موقفه الذي كان الأكثر حسما للأزمة، وافقه عليه من وافقه وخالفه من خالفه، لكن لا شك أن تريثه بضعة أيام كان خيراً لنا من أن يكون للسعودية اليوم قائمة أسرى ومفقودين - لا سمح الله - كما لأحبتنا في الكويت أعانهم الله على مصابهم وردّ عليهم غائبهم ورحم الله فقيدهم.
إن صمت من لا يتوقع منهم الصمت في نازلة كبرى كهذه، وغياب من يجب عليهم الحضور في الساحة، أمر في غاية السلبية، وكما أن اقتناص الفرص حكمة يؤتيها الله من يشاء، فإن تفويتها تفريط يحاسب عليه القادرون، ليت قومي يدركون بأن هذه الأزمة الخاطفة لها ما وراءها محصت الصفوف وقلبت الموازين وحركت الراكد، وركدت المتحرك، فمن صمت فيها فقد أصمت التأريخ عن نفسه، ومن حدد موقفه فقد حدد موقعه من الخارطة الجديدة، ومها كان الخلاف التأريخي بيننا الطائفي فإنه لا يليق بالمسلم أن يقف موقف المتفرج فضلاً عن المحايد مما يجري من عدوان صارخ، ولا أعتقد أن هناك تعارضاً بين الموقف المعارض المخالفات الشيعة في العقائد والعبادات وبين مناصرة المقاومة المسلحة لحزب الله في لبنان بكل وسيلة مشروعة وهم يواجهون عدواً مشتركاً.
فإذا كان السكوت والحياد تجاه هذا العدوان غير مقبول، فكيف بالخذلان في الساعات العصيبة والذي ليس هو من شيم العرب ولا من أخلاقيات الإسلام، وحتى بعد أن حصحص الحق، وتبين بأن المعركة ليست محصورةً بين طرفي الصراع المباشرين وحدهم، وأنها بداية ونهاية منازلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ودوافعها أكبر من لبنان وسوريا، أدناها تخوف أمريكا من تزايد النفوذ الإيراني الذي تزامن مع تقدمها في المجال النووي وما حزب الله ولا الكيان الصهيوني إلا رأسا حربة للفريقين، المعركة يقودها جورج بوش ضد أحمدي نجاد، ألم نسمع عبر وسائل الإعلام كيف اتخذ جورج بوش موقفا أشد تطرفاً من أولمرت نفسه، واتخذت كونداليزا رايس موقفاً هو الآخر يفوق نظيرتها الصهيونية بكثير، بينما على الجانب الآخر تحدث أحمدي نجاد وهاشمي رفسنجاني بما لم يجرؤ عليه أحد من قبل فما يخص المعركة، وكيف استطاع الإيرانيون تبديد التهديدات الصهيونية الأمريكية المباشرة بضرب مفاعلها النووي في بوشهر قبل بضعة أشهر، عن طريق إشعال المزيد من حمامات الدم الطائفية في العراق المحتل أمريكياً، ومن ثم نقل المعركة إلى قلب الأرض المحتلة في حيفا وطبرية ومستعمرات الصهاينة حتى دخل سكان تل أبيب إلى الملاجئ لأول مرة منذ أزمة الخليج 1990م، ومع اتضاح هذا كله يبقى الحياد في هذه الأزمة مرفوضا مهما كانت مبرراته إذ لا سواء بين الفئتين.
لا أعتقد أني أضيف جديداً بما ذكرت، فجميع الأطراف المعنية في المعركة لها حساباتها الخاصة، ومن السذاجة النظر إلى حزب الله في هذه الأزمة تحديداً نظرة طائفية مجردة خاصة ولاسيما هو تحت قيادة حسن نصر الله، الداهية سياسياً والشجاع ميدانياً مهما اختلفنا معه، رجل السياسة أكثر منه رجل الدين، والحقيقة التي لا مناص منها هي أن حزب الله في لبنان اليوم في عين الشارع الإسلامي شكل رأس حربة فعالة تثخن العدو وتقاوم زحفه ببسالة في غياب أي مقاومة سوى المجاهدين الفلسطينيين من الداخل، هذا العدو الذي أجمع المنصفون في العالم بأنه عدو مغتصب محتل لا يراعي عهداً ولا ذمة، عني عن القول بأنه من حق المواطن اللبناني أن يعيش بسلام على أرضه وبين أهله وأن يقاوم الزحف الصهيوني الغاشم على بلاده، ومن حق الفلسطيني أن يفعل الشيء نفسه، وكذا العراقي، والأفغاني، ولا ينتظر من أمريكا الرضا بذلك، وعليه فإن كل مقاوم لهذا الاحتلال هو بحكم الواقع بطل مقدام سيسجل له التأريخ ذلك، وأقل حق له علينا مناصرته بكل وسيلة مشروعة لأنه صاحب حق مشروع بكل المعايير والأعراف ويدفع ظلماً عن نفسه وعن أهله وأرضه، ولقد وصف الله فرعون بأنه من المفسدين، لأنه قد علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفةً منهم يُذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ولم يُخبرنا عن ديانتهم.
على صعيد آخر من الرشد والحكمة أن نؤازر بضوابط، ونناصر بضوابط، ونُعجب بضوابط، فلا نجامل بتغليب العاطفة على حساب العقل والواقعية، نعم ليس من الحكمة الركض الأعمى وراء الآخر لمجرد أنه سجل موقفاً إيجابياً بطولياً في مجالٍ محدد، لنختزل من خلاله قضايا تأريخية أكثر تعقيداً، فهناك اختلافات وخلافات داخل الصف الإسلامي لا ينكرها إلا مكابر، والفوارق بين الشيعة والسنة أعيت العقلاء والحكماء من الفريقين عبر التأريخ، وإن كان من الحكمة تأجيل كل خلاف طائفي قد يستفيد منه العدو إلى أن تضع الحرب أوزارها، لكن يبدوا أن الأوراق قد كشفت أو انكشفت تحت غبار المعركة، واستفاض بأن إيران كطرف رئيسي في هذه الأزمة ليست بريئة من سياساتها التي لا يمكن معها الارتياح، فالنصر المأمول بحول الله سيكون في النهاية شيعيا يصب في مصلحة إيران التي لم تخف أطماعها التوسعية العقدية والجغرافية، وبراءتنا من المحتلين الصهاينة وإنكارنا لجرائمهم في فلسطين ولبنان ودعاؤنا بالنصر لكل من يقاومهم، كل ذلك لا ينسينا شبح فرق الموت والمليشات الشيعية وفيالق القتل ومغاوير الداخلية وسجون الدولة والخطف والإبادة الطائفية في العراق، نعم هناك تخوف مبرر لدى المسلمين السنة قاطبة من المد الشيعي الانتقامي ذي الطابع الثأري حتى قبل هذه الأزمة فجريمة التصفيات الطائفية الشيعية في العراق التي تجاوزت كل الحدود تجاه إخوانهم السنة لا تقل بشاعةً عن تصفيات اليهود لأنصار حماس مثلاً فكله قتل وإبادة بل إن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، ومثل ذلك أيضا استهداف الشيعة الأبرياء من قبل بعض المحسوبين على أهل السنة وإن كان ذلك لا يقارن ببشاعة الانتقام الشيعي من أبرياء عزل لا ناقة لهم ولا جمل بالعدوان، ومن هنا نقول بأنه مع دعائنا للمقاومة اللبنانية بالنصر، إلا أن تخوف الأمة من تبعات ما قد تتمخض عنه هذه الأزمة داخلياً له ما يبرره، حيث من المتوقع بعد هذه الأزمة أن يكون لحزب الله المنتصر موقع سياسي وجغرافي وشعبي أكبر بكثير مما كان عليه قبلها، وأول تداعيات هذه الأزمة تلك التحركات الطائفية المثيرة للشكوك في الخليج العربي وفي السعودية خاصة لمناصرة حزب الله، بينما لم نحس منها أحد أو نسمع لهم ركزا لمناصرة حماس السنية المغلوب على أمرها والأكثرُ استهدافا وشرعيةً ومشروعية في فلسطين من حزب الله في لبنان، والحقيقة المرة هي أنه ما من شك بأن ولاء كل شيعي في العالم لا يمكن أن يكون لغير إيران بالدرجة الأولى مهما أملت عليه الظروف المرحلية موقفاً مغايراً، الأمر الذي يجعل العقلاء يتخوفون - ومن حقهم- من تكرار ما حصل في العراق لا سمح الله في مكان آخر من عالمنا الإسلامي، ومهما يكن من أمر، يبقى توقيت لوم المقاومة أثناء المعركة على المعركة محل نظر والأولى منه هو المطالبة بفك أسر عشرات الآلاف من أسرانا في فلسطين الذين يقبعون في سجون العدو قبل الانشغال بسلامة جنديين صهيونيين محاربين.
الموقف العادل من هذه الأزمة بعيداً عن المزايدات هو أن جميع الشرفاء في العالم وفق الشرائع السماوية والأعراف البشرية يستنكرون بشدة هذه الهجمة الإجرامية من عصابة بني صهيون على أهلنا في فلسطين ولبنان، وإن دم المواطن اللبناني النصراني في عصمةٍ ومنعةٍ إسلامية وهو على أرضه وفي بلاده فكيف بدم إخواننا المسلمين هناك، والأمر كما قال الأمير سلطان بن عبد العزيز من فرنسا، جريمة عالمية أن يقف العالم متفرجاً على ما يحدث في فلسطين ولبنان من قتل وتدمير، نعم لا بد من موقف شرعي وإنساني وتاريخي، يرفض العدوان ويناصر المظلومين ويضع المحايدين فضلاً عن المخذلين في هذه المعركة تحت طائلة المساءلة التاريخية، فإذا نسينا أن التولي يوم الزحف كبيرة من كبائر الذنوب لأنه يفتح ثغرة قد يتسلل منها العدو إلى الحرمات المعصومة، وأن الخلود إلى الأرض في زمن داعي الجهاد قد نزل فيه قرآن يُتلى في غزوة تبوك، فعلى الأقل لنتذكر بأن الله أفرح المؤمنين بنصر الروم الكتابيين على الفرس الوثنيين في حينه بالرغم من أن الفريقين على غير الإسلام، فلندعو ولنفرح بنصر إخواننا ضد أظلم وأطغى كيان عرفه التأريخ البشري.
لا أريد أن أتوقف عند الانتهازية الإعلامية لتوظيف ما صرح به «المصدر المسئول السعودي» أو لفتوى «الشيخ بن جبرين» رغم التحفظات عليهما بالجملة وكل مسئول عما يقول ويفعل، فلنتجاوزهما إلى الحديث عن ترتيبات مستقبل المنطقة، طبخة عاجلة في فرن أمريكي وقوده أشلاء النساء والأطفال الأبرياء باعتراف «كونداليزا رايس» و«جورج بوش» الذين صرحا بأن وقف إطلاق النار لم يحن بعدّ!!! لأننا - والكلام لهما - في مرحلة مخاض لشرق أوسط جديد، بحاجة إلى مزيد من الخراب والأشلاء!! أيها الغائبون عن الساحة أين أنتم عن إعادة ترتيب أحجار الشطرنج الجديدة؟ كيف ينام عاقل والغنيمة تُنتهب، ولا أقول تقتسم خلال أيام قلائل، ترتيبات ظهرت فجأة لشرق أوسط تُسحق فيه حركة حماس الفلسطينية الناجحة فكريا وشعبياً، وتُقلم فيه أظافر إيران الأخطبوطية في المنطقة، أمر ليس من السهولة تحقيقه مهما كانت قوة الترسانة الأمريكية، بل يكاد يكون ضرب من الجنون الذي قد يجر على المنطقة إلم يكن على العالم حرباً إقليمية بين أمريكا التي أنهكتها الحروب والغارقة في مستنقع العراق وأفغانستان، وبين إيران التي وإن نجحت في أدارت أزمتها مع أمريكا بكفاءةٍ منقطعة النظير بإبعاد شبح الحرب عن أراضيها إلى قلب أقرب حليف لأمريكا في المنطقة، لكنها قد لا تحسن إدارة المواجهة المباشرة وبسلاح غير تقليدي بين الطرفين مما قد يدفع الفريقين إلى تدمير شامل للمنطقة سياسيا واقتصاديا وأسوأ من ذلك كله بيئيا، الأمر الذي بات من شبه المؤكد حدوثه إلا أن يتصدى العقلاء من كل طرف بالأخذ على يد كل سفيه يخرق سفينة الحياة البشرية ليغرق العالم كله...... فا للهم سلم سلم.
محسن العواجي
الأثنين 27 جمادى الآخرة 1427هـ
الأثنين 27 جمادى الآخرة 1427هـ
تعليق