إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

قصة لقاء مجاهد حزب الله بالإمام الحسين والحجة بن الحسن (عليهما السلام) --- قصة حقيقية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة لقاء مجاهد حزب الله بالإمام الحسين والحجة بن الحسن (عليهما السلام) --- قصة حقيقية

    قصة لقاء مجاهد حزب الله بالإمامالحسين والحجة بن الحسن (عليهما السلام) --- قصة حقيقية

    إليكم إخوتي الأعزاءقصة من قصص التفاني والإيثار والمدد الغيبي.
    هي قصة طويلة ولكنها شيّقة.
    أرجو أن تنال إعجابكم

    (
    الشهيد الحي )

    ثلاثون رجلاً ، مدججونبالسلاح، هذا يضم هذا، وهذا يبكي وهذا يحاول حبس دمعه.. وهذا، من شدة العشق، يلثمرفاقه في وجناتهم واحداً واحداً… ودموعه تبلّل وجنتيه ..

    يا أنصار أبي عبدالله الحسين .. يا جنود صاحب الزمان ، يا أهل الجنة ، يا أهل رضا الله ورضوانه ..

    كان منظراً عادياً من مناظر المقاومة الإسلامية ، بمجرد الإنتهاء منالإصغاء إلى التعليمات العسكرية الأخيرة ، وبعد أن يكون كل رجل قد جهّز نفسهبالكامل .. ثم تبدأ مرحلة تسليم الوصايا والتوصيات الشخصية لمن سوف يبقى وطلبالمسامحة من الحاضرين والغائبين ثم الشروع في الخروج تحت نسخة من القرآن الكريمالتي يقبلها كل واحد من الرجال وهو يقول : بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسولالله .

    الطريق إلى الهدف طويل وشاق وصعب وابتدأ المسير في طريق صاعدة وعرةتتخللها منزلقات خطرة صعوداً وهبوطاً مما اضطرهم في البداية إلى السير متلاصقين وقدساعدهم آخر من تبقى من نور النهار ونشاطهم التام أول المسير على عبور مرحلة لا بأسبها من الطريق كما كان الإطمئنان وعدم وصولهم إلى مناطق الحذر قد ساهم في إضفاء روحالمرح بين الرجال فازدادت أواصر القلوب ترابطاً .

    وهم ما زالوا إلى هذهالساعة لا يعرف بعضهم أسماء بعض .. اللهم إلا الضروري وهو الإسم العملي والمسمىبالإسم الجهادي .. كما كان ذوو القوة منهم يبادرون إلى مساعدة من يظهر عليه التعب ،فيتبادلون الأثقال.

    كانت المرحلة الأولى قبل المغيب سريعةً ومريحةً وأنيسة ..
    وجنَّ الليل . وابتدأ العد العكسي للكلام غير الضروري وللسير المريح ذيالضجيج ، وابتدأ السير الحذر والأقدام تتهامس مع الصخور ، بينما كان الظلام قدادلهم ، والليلة معتمة في أواخر الشهر القمري فانعدمت الرؤية واستعان الرجال علىالظلام بتشابك أصابع الأيدي التي كانت تشد على بعضها بحنان لا يوصف .

    واستمرالوضع هادئاً أيضاً هزيعاً آخر من الليل والقلوب تلهج بذكر الله والألسن تخشى أنتسمعها الآذان الكافرة النجسة المتربصة في الأعالي .. فقد أخذت القافلة تدخل تدخلمنطقة الخطر ، وابتدأت إشارات التوجيه من قائد العملية وقادة المجموعات ترسم حدودالتصرفات ونضبط التعامل مع الأمور بحساسية واتزان فائق أكثر فأكثر كلما اقتربالمجموع من مواقع الخطر ..

    وجاءت من بعض أفراد المجموعات همسات مقلقة إلىحدٍّ ما : نفذ ماء الشرب من البعض ، فأخذت قرب الماء تنتقل من رجل إلى آخر ، وترددتهمسات حنونة ( السلام عليك يا أبا عبد الله ) ( السلام عليك يا عطشان ، يا شهيد ) وترقرقت الدمعة في مآقي البعض وهو يتذكّر ( العباس عليه السلام والماء وعطاشى أهلالبيت ) فهانت قساوة الصخور وحدّة الأشواك وسرى في العروق برد إلهي أطفأ وهج العطشونيران الظمأ .

    ولم تمض ساعة إلا والهمس ينتقل إلى الشباب بالتدريج : وصلناإلى نبع ماء صافٍ ، وابتدأ الرجال يعبّون من الماء العذب بنهم ويغسلون وجوههمواحداً واحداً .. وجزاهم بما صبروا جنّةً وحريراً .

    ومرّت فترة من الراحةاستعادت خلالها القلوب خفقها الطبيعي .. وقرب الماء امتلاءها … ثم جاء الأمربالإستمرار في المسير ونهض الرجال بنشاط متجدد ولم يمضِ هزيع آخر من الليل إلاوكانوا يدخلون إلى قرية مهجورة خربة قد تهدّم الكثير من بيوتها وخليت من ساكنيهاوانتشر الشباب في البيوت المهجورة وألقوا أثقالهم ورموا بأجسادهم المتعبة على الأرضوكانت استراحة استمرت حتى الصباح الذي لم يكن بعيداً.

    وفعلاً ، ولم يكنبعضهم قد استطاع النوم لضيق الوقت ..ظهرت تباشير الفجر وأخذ الرجال يتحرّكون هذايتوضأ وهذا يصلي ودبّت حركة غير طبيعية فيهم فإذا هم بين قائم وقاعد وقارىء للقرآنثم أخذت المجموعات تعيد انتظامها وشكاها العسكري واستقرت الأثقال على الظهوروالأسلحة على الأكتاف .. وجاء توجيه قائد العملية :
    -
    هذه الطريق التي سوفنسلكها خطيرة جداً وتحت مرمى دبابات العدو ونيران مواقعه فعليكم الحذر والهدوءوالمسير بشكل عسكري جيد ..

    ثم تم تقسيم الرجال إلى ثلاث مجموعات على أن تعبرالمنطقة الخطرة كل مجموعة على حدة ، وفعلاً فقد وصلت المجموعة الأولى بأمان .. وجاءدور مجموعتنا الثانية ..
    شرعنا في المسير بحذر شديد وبأقل درجات الضجة وقد ظهرالموقع اليهودي فوقنا تماماً .

    وفجأة سمعت ضجيج وقع أحجار الصوان ، فقدانهار جدار من الأحجار تحت قدم أحد الإخوان في المقدمة بعد أن زلقت قدمه وسقط ،وكان الصوت ملفتاً وكبيراً في منطقة يلفها صمت مطبق الى الدرجة الى تردد فيها صدىالصوت ولم تمض لحظات إلا وكانت رشقة طويلة من رشاش ثقيل 7،12 يهودي يمزق المنطقةحولنا فربضنا في أماكننا وقد أخذنا الأرض ولكن قذيفة مسمارية من دبابة الميركافا فيالموقع اليهودي أصابتنا في الصميم ..

    فقد التفت إلى حيث وقعت فوجدت أخاً لناوقد انشطر نصفين .. أصابته القذيفة مباشرة وانهمر سيل القذائف بسرعة فانتشرنا بسرعةإبتعاداً عن مركز القصف ولكن القصف استمر علينا لمدة نصف ساعة تامة بعد أن تدخلتمدفعية العدو وأخذت تمشط المنطقة بكثافة حتى أحصينا لدبابة الميركافا ثلاثين قذيفةوعشرات قذائف الهاون وعدداً لا يحصى من طلقات الرشاش الثقيل ، وتحولت المنطقةالمعشوشبة الخضراء إلى دكناء سوداء ، وانفلشت الصخور فيها وانقلب باطن الأرض إلىسطحها ..

    ولم ينجُ من مجموعتنا إلا أنا ، تسعة شهداء .. وأنا الحي الوحيدولكن ساقيَّ كانتا قد انغرزتا بعشرات المسامير الفولاذية .. ولم أعد قادراً علىالسير .. فربضت مكاني أنتظر الشهادة ووقوع قذيفة عليَّ وسط مطر القذائف هذا ..

    أما المجموعة الثالثة فقد انسحبت إلى القرية ولم تسلم من القصف إذ أصيبإثنان من أفرادها .. بينما كانت مجموعتنا بين شهيد وجريح ( استشهدوا جميعاً بعدقليل ) وقد أخذت تتعالى من الجرحى منهم صيحات تردد صداها في أرجاء الوديان والجبال، هذا يهتف ( يا حسين ) وذال يصرخ ( يا زهراء ) وذلك ينادي ( يا مهدي ) ..

    في اللحظات الأولى استشهد أربعة من الإخوان فوراً بينما كان خمسة تألمونوينازعون الموت من شدة الإصابات في أجسامهم والموقع اليهودي يستمر في القصف الشديدعلينا .. وهنا قررت أن أحاول الاتصال بالمجموعة الثالثة وإحضار الماء للجرحى .

    لقد كان شرب الماء – حسب علمي – سوف يؤذيهم بسبب النزيف ولكنهم كانوايصرّون على طلبه ، فصممت على إحضاره لهم خصوصاً وأن بعضهم إلتمس مني أن أسقيه بحقالحسين الشهيد ..

    وكانت قربتي فارغة ، وبعد قليل سنحت الفرصة .. فإن ضباباًكثيفاً أخذ يغطي أرجاء الوادي بالتدريج حتى شملنا فزحفت عائداً باتجاه المجموعةالثالثة فلم أجد أحداً منها في المكان الذي تركناها فيه وأكملت زحفي باتجاه القريةوكانت قريبة جداً من مواقعنا .. وكذلك وجدتها خالية أيضاً .. لقد غيّر الشبابطريقهم وسلكوا طريقاً آخر ، واتقدوا أننا استشهدنا جميعنا ..

    ولكني في تلكاللحظة كنت أفكر في الجرحى العطاشى فتحاملت على نفسي وأوصلتها بصعوبة زحفاً إلى نبعالماء الذي شربنا منه في الليلة الماضية وعدت كذلك إلى الإخوان حاملاً قرب الماءوقد استغرق ذهابي وإيابي ساعتين قضيتها زحفاً أو حبواً على يدي وركبتي بين الصخوروالأشواك .. وعندما وصلت إلى الإخوة الجرحى وجدت إثنين منهم قد ساءت حالهما فعرضتعليهم الماء فشربوا بنهم حتى ارتووا ..

    ثم رأيتهم يحركون شفاههم ويتمتمونبكلمات غير مفهومة ثم فهمتها بعد قليل .. لقد كانوا يقرأون شهادة التوحيد والنبوةوالإقرار بالإمامة لأهل بيت العصمة وهم يبتسمون وقد أشرقت وجوههم وأخذوا يفارقونالدنيا واحداً واحداً ويلتحقون بالملأ الأعلى ولم يبق معي إلا ثلاثة منهم ، توجهتإلى أولهم لكي أطلع على حاله فوجدته مغمض العينين وقد أصيب بقذيفة مزّقته فظننته قداستشهد فحاولت تغطيته ففتح عينيه وقال لي :
    أنت ؟
    وكانت بيننا قرابة ومعرفةسابقة .
    قلت له : نعم .
    فقال ( وهو يدور بحدقة عينيه مفتشاً حوله ) .
    أينالإمام الحسين ؟ .
    قلت متعجباً :
    الإمام الحسين ؟
    فأجابني مبتسماً .
    نعم الإمام الحسين ، كان هنا عندي قبل قليل ! .
    هل تظن أنني أهذي ، إنني مازلت بكامل قوتي العقلية ووعيي وانتباهي ..
    هيا ! إذهب وانسحب ودعني فإنني لاأستطيع اللحاق بك فقد كتبت لي الشهادة .
    وتركته وعدت زحفاً إلى الشهيدين ( …. ) و ( …. ) .

    فقمت ، وأنا أحتاج إلى من يسحبني ، بسحبهما إلى داخل القرية ،وكنت أزحف وأسحبهما معي وأنا بحالة يرثى لها من التعب والإعياء ، وبعد عناء طويلوصلنا إلى أول منازل القرية ، الغرفة التي كنا فيها ، مهجورة شبه مهدّمة وقد فتحتالفجوات في جدرانها بسبب القصف اليهودي ..

    وخلال عملية سحبه طلب مني الشهيد ( ……. )أن أتركه حيث هو وقال ( أتركني هنا فإني بعد قليل سوف أفرق الدنيا فلم يبقلي من عافيتي شيء ) ولكني أصرّيت على سحبه إلى داخل القرية وما أن وصلنا حتى أوصانيبوصية قصيرة لزوجته وأولاده ثم قرأ شهادته والتحق بالرفيق الأعلى ، فلم يبق داخلالغرفة إلا أنا والشهيد ( …. ) .

    كنت أرجو تضميد جراحاته ومساعدته علىالمقاومة حتى يبقى حياً ، مع أن إصابته كانت بليغة جداً ، فقد بترت ساقه من فوقالركبة ، وأصيب في بدنه بإصابات متعددة ، ونزف كثيراً من دمه ازرقَّ لونه ، ولولاالأنين الذي يصدر منه من حين إلى آخر لعلمت أنه استشهد ، ولكنه بقي يئن ويرتجفويردد من آن لآخر كلاماً غير مفهوم ..وأخذ يهلوس من شدة الإصابة ..

    وهبطالظلام في الليلة الأولى فأضاف إلى صعوبة الرؤية بسبب الضباب الكثيف الذي غطى كلشيء صعوبة أخرى ، ثم بدأ الرعد والبرق يوحي بمجيء مشاكل جديدة ، فسرعان ما بدأالثلج يتساقط .. وترددت خارج الغرفة أصوات مختلطة بين نعيب البوم وعواء الضباع .. بينما سكت الشهيد ولم يعد يتكلم أبداً .. ومضى اليوم الأول واليوم الثاني ..ونحنعلى هذا الحال : أنا ممدد قد أنهكني التعب والجرح والشهيد ممدد بلا حراك ، قد ازرقّلونه ونزف دمه ومن ساعة إلى أخرى يصدر منه أنين يذكّرني بأنه ما زال حياً .. وأناأحاول أن أتكلم معه فلا يجيبني .

    في اليوم الثالث .. وقد تجاوزت الساعةالعاشرة ليلاً وقد جلست أنا في زاوية الغرفة أنتظر الفرج أنظر إليه من حين لآخروبعد أن غفت عيني قليلاً وكنت لم أذق النوم منذ ثلاثة أيام .. أفقت فجأة على صرخةقوية صدرت منه .
    -
    جاؤوا ، جاؤوا ، جاؤوا

    إحتملت أنهم اليهود فتناولتبندقيتي وزحفت صوب الباب ، وعند ذلك شعرت بحالة جديدة تنتابني وأخذ جسمي يرتعش ،فاقتربت منه وقلت له :من هم الذين جاؤوا ؟ فأجابني : إنهم الأئمة عليهم السلام !! إعتقدت أنه يهلوس فأردت العودة إلى مكاني ولكنه قال لي : إنتظر إنتظر .. فوجئتبجوابه ، إذن هو واعٍ ! فهذا الكلام لم أسمعه من منذ ثلاثة أيام ..

    وجلستإلى جانبه ووضعت يدي على يده فإذا هو يشد عليها بقوة لم أعهدها فيه بعد إصابته .. وهنا كررت عليه عبارة : من هم ؟ فقال : الإمام المهدي والإمام الحسين يركب كل منهماعلى حصان أبيض .. " إقتربوا .. إقتربوا ..إقتربوا " ..
    قلت : إلى أين ؟ أين هم ؟ .
    قال : وصلوا الى الشهيد ،( ……) حضنوه ، قبّله الإمام الحسين ، وضع خدّه علىخدّه .. تركوه .. وجاؤوا الى الشهيد ( …… ) وحضنوه ، قبّله الإمام الحسين ، وضعخدّه على خدّه ، وتركوه ..

    وهنا فوجئت بكلامه ، إنه لا يهلوس ، فهو لا يعرفأسماء الشهداء ولا أسماء آبائهم بل بعضهم ليس من منطقته أبداً وقد تعرّف عليهم فيالليلة التي التقينا فيها ولم يعرف أسماءهم الحقيقية ونحن لا نصرّح بأسمائناالحقيقية ، حتى إذا كنا نعرف بعضنا فإننا لا نتخاطب إلا بالأسماء الرمزية .. وهذايحرص عليه جميع رجال المقاومة ولا يتهاونون فيه حتى أن بعضهم يطغى إسمه الجهادي علىاسمه الحقيقي ، فيكاد الإسم الحقيقي ينسى ..

    واستمر يذكر أسماء الشهداءواحداً واحداً ، وكيف أن الإمام المهدي والإمام الحسين عليهما السلام يتوجهان الىالشهيد فيحتضنانه ثم يتركانه ويذهبان الى الآخر . حتى أتى على ذكر جميع الشهداء .. وتأكدت أنه لا يهلوس فقد سمى شهداء لا يعرفهم من مجموعتنا إلا أنا ، وهو لا يعرفهمأبداً ..

    وعندما انتهى من تعدادهم .. قال : لقد جاؤوا إليّ ليأخذوني .. وخَفَتَ صوته .. ولكنه فاجأني مرة أخرى ، فقد رفع ظهره عن الأرض وقعد وجعل ينظرباتجاه الباب وأخذ يردد : يا زينب جينا نعزّيكِ يا زينب بالشهيد أخيكِ يا زينبمظلوم حسينَ جاؤوا جاؤوا جاؤوا ..

    نظرت الى الباب فلم أرَ أحداً واخذ يردد ،فازدادت حيرتي .. ولكنني أقسم بالله العظيم أنني أحسستُ بشيء لم أره ولم ينقصني سوىرؤيته بعيني .. وهنا قال :
    -
    وصلوا ونزلوا عن أحصنتهم ، جاؤوا إليّ ( وصرخ بأعلىصوته ) ها قد جاء الإمام الحسين عليه السلام وهو يقتر مني .

    كنت أنظر فيوجهه وهو يتكلم ، فكنت أرى في صفحة وجهه علامات مَنْ يخاطب أحداً أمامه ويتكلم معهفكأنني كنت أسمع حواراً ولكنني كنت لا أسمع الكلام إلا من طرفٍ واحد وهو الشهيد ( …… ) ، وقد كنت متأكداً أنهم أمامه هنا في الغرفة ، وذلك بسبب نظرته المحددة الىمكان محدد أمامنا ..

    وهنا استعجلت وطلبت منه أن يطلب منهم الشفاعة لي عندالله تعالى وأن يغفر لي الله تعالى .. فأجابني : إنتظر ، إنتظر .. وبدأ يتكلم معهم، أسمع أنا سؤاله وجوابه ولا أسمع ما يقولون .

    طلب الشفاعة له ولوالديهولإخوته ولجميع الجاهدين في المقاومة الإسلامية .. فأخذت أكرر عليه أن يطلب الشفاعةلي أيضاً وبخصوصي فقال لهم : إنه يطلب الشفاعة منكم .. وسكت برهة ثم قال : يقولونلقد شفعنا لفلان ابن فلانة .. وأنا أقسم أني لم أقل له إسمي أبداً ولا حتى اسموالدتي ..وقد فاجأني بذكر اسم والدتي مع اسمي .. وقطعت حينئذ أنهم هنا أمامي .. وأخذ يذكر قضايا كاملة ويحكيها لي عنهم .

    يخاطبونه فينصت قليلاً ثم يتكلممعي ليفهمني ما يقولون .. ثم ينصت ثانية وهكذا . قال : يقولون لي :
    -
    إن هذاالجبل ، ( جبل صافي ) ، لن ينكسر أبداً ،لأننا نحن أئمة أهل البيت معكم دائماً .. وخصوصاً الإمام المهدي .
    -
    سوف يمر الإخوة في محنة قوية ولكن النصر سيكونحليفهم بإذن الله بعدها ، وسوف يعيشون بعزة وكرامة .
    -
    يقولون لي ( إن هناكشخصاً في منطقة البقاع إسمه ( ….. ) ( … ) وكل الإخوة يحترمونه ) .. ويقولون لك ( قل للإخوة المؤولين إن هذا الشخص عميل إسرائيلي وعليك أن تتصل ب( ….. ) فقط وتشرحله حال هذا العميل وهو يتدبّر الأمر ولا تخبر غيره بذلك ) ويقولون لك ( إن هناكشخصين بهذا الإسم ولكن العميل يتصف بكذا وكذا … وذكر أوصافاً خاصة بالعميل ) .

    وقال : أرسل الى أهلي وخصوصاً والدتي بأن الإمام الحسين والإمام المهدي قدشفعا لهم وأن الله تعالى قد غفر لهم ..
    هنا فوجئت بطلبه هذا .. إذ كيف أرسل لهموأنا هنا في مثل هذه الحالة ، فقلت له :
    وأنا ؟ ماذا أفعل ؟ والى أين أذهب ؟
    فسألهم ، وأنصت لهم قليلاً ثم قال لي :
    يقولون لك إرجع من حيث أتيت ! ..
    لكنّ لا أعرف الطريق ولا أقدر على السير
    يقولون لك إرجع من حيث أتيت .. سوف تضيع قليلاً وتضل عن الطريق ولكنك سوف تصل بإذن الله تعالى … تعهَّدْ لي بأنتخبر قصتنا هذه كلَّ من يطلبها منك

    ما إن أتمّ كلامه حتى أغمض عينيهفجأةً .. وتلا الشهادتين .. وألقى بظهره على الأرض وفارق الحياة .. فأصغيت الىنَفَسِهِ والى دقّات قلبه .. لقد استشهد وهمدت حركته تماماً والتحق بالرفيق الأعلى ..

    كنت أعلم أني بحضرة الإمام الحسين والإمام الحجة سلام الله عليهما .. ولكن إتصالي بهما قد انقطع في تلك للحظة .. إلا أنني صمّمت على تنفيذ ما طلباه منيفوضعت بندقيتي على كتفي .. و .. نهضت ..

    نعم ! نهضت واقفاً .. وأنا أنظر إلىنفسي واقفاً مذهولاً .. لقد مرّت ثلاثة أيام وأنا لا أتنقّل إلا زحفاً من شدّةالألم في ساقيّ بسبب الشظايا المسمارية التي قطّعت أعصابها بحيث أني لم أكن قادراًعلى الاعتماد عليهما أبداً ..
    لكنني الآن وقفت .. وشعرت فيهما بقوة غريبة ..

    ولم أتردد في مغادرة الغرفة .. بعد أن ألقيت على الشهيد النظرة الأخيرة .. كان الضباب خارج الغرفة يغطي الفضاء بحيث أن الرؤية إلى ما بعد مترين كانت مستعصيةتماماً ، وكان المطر يهطل .. ولكنني منت متيقناً بأني سوف أصل رغم الضباب والمطروالظلام .. لقد وعدني أهل البيت عليهم السلام بذلك .
    ما خاب من تمسك بكم .. وأمِنَ من لجأ إليكم .
    وكان زمان مغادرتي الغرفة يوم الأربعاء ليلاً..
    وأخذتأمشي وأحثّ السير في الإتجاه الذي أتينا منه وأعتقد أنه هو الإتجاه الصحيح .

    رغم الظلام والمطر والضباب .. وفجأة لمحت جسماً غريباً يمشي أمامي ولمأستطع أن أتبيّنه بسبب الظلام والضباب ولكنه كان يسير أمامي سيراً حثيثاً وأنا أسيرخلفه وأحتذي به .. ولم أخف ، فقد ذهب الخوف عني كلياً ، لأنني كنت واثقاً بأهلالبيت عليهم السلام ومعتمداً عليهم ، واستمر هذا السير طوال الليل .. وما ان انجلىالصباح قليلاً وانقشع الضباب حتى تأملت أمامي لكي أتبين هذا الذي كان يسير أمامي كلالليل فوجدته ضبعاً كبيراً جداً .. وكأنه كان يرشدني الى الطريق الصحيح ..ثم اختفىبعد قليل ولم أعد أراه ..

    فاستمريت أنا في المسير طوال النهار حتى جنّ عليّالليل فوصلت الى تلة عليها بيت صغير .. فأخذت حذري ولكن بندقيتي إحتكت بصخرة فأحدثتضجيجاً فلزمت مكاني وراقبت البيت فإذا برجل يخرج منه وقد حمل فانوساً وبندقية صيدثم أخذ يفتش حول البيت فلم يجد شيئاً فعاد الى بيته ، وأنا مختيىء في مكاني بحيث لايراني ، فنهضت وأكملت طريقي حتى وصلت الى نهر كبير وهنا أدركت أني أضعت الطريقووقفت أراقبه وأنا محتار في كيفية إجتيازه ..

    ولكنني أذكر أنني اجتزته .. كيف ؟ لا أدري ، لقد كانت هناك قوة غير طبيعية تساعدني على السير الحثيث وصعودالمرتفعات وهبوط المنزلقات الخطرة وعبور الماء .. وكنت كأنني مسيّر فقد السيطرة علىنفسه .. وفجأة بعد خروجي من النهر وقعت في جبّ من شوك العليق .. وكان عميقاًوكثيفاً فبذلت جهداً جهيداً في التخلص منه والخروج ..

    ثم أخذت أصعد الى جبلوفيما أنا أصعد فوجئت بضوء ساطع في وجهي فعلمت أنه موقع من مواقع الأعداء فتراجعتومكثت منتظراً بزوغ الصبح حتى استمر في سيري .

    أدركني الصباح وأنا أستريحالى سفح جبل وقد تورّمت قدماي من كثرة المسير فلم تعد تقوى على السير أضف إلى آلامالجراح والى الثلج الذي أصبح جليداً فلم يعد السير عليهم ممكناً .. وأصبحت كل حركةتعني الإنزلاق على الجليد ولكني كنت أعتمد على بندقيتي فأضربها في الأرض حتى أثبتمكاني وأمنع نفسي من الإنزلاق ..
    ورغم كل شيء حثثت السير حتى وصلت الى بيتفرأيت ماشية كثيرة أمامه

    وعندما وصلت إليها خرج صاحبها من البيت وأخذينظر إليّ مرعوباً فخاطبته حتى يأنس بوجودي ولكنه لم يتكلم بل وقف يحدّق فيّ خائفاًفقلت له : هل يوجد عندك طعام ؟فلم يتكلم بل أخرج من كيس معه رغيفاً فيه بطاطامطبوخة باللحم فأخذت آكلها وهو ينظر، إليّ وعيناه لا تفارقني أبداً ..

    وماأن فرغت من أكلها حتى أحسست بألم لا يطاق في معدتي وأمعائي مما دفعني الى الصراخ منشدة الألم وارتميت أرضاً وأنا أكاد أتقطع من شدة الوجع في بطني .. ولم أتخلّص منهذا الألم حتى تقيأت كل ما أكلته وعادت إليّ حالتي الطبيعية ، فشربت قليلاً منالماء ثم طلبت منه أن يعيرني حماره لعلّه يعينني على السير فأرتاح من السير علىقدميّ الجريحتين ..

    فناولني لجام حماره بدون أن يتكلم أيضاً .. ولكنني لمأوفّق في ركوبه فقد أبى وأسقطني عن ظهره وسبّب لي آلاماً أخرى إضافية .. فتركتهوفارقت الرجل وقطيعه وتابعت سيري ومضت ساعات على السير وأنا منهك خائر القوى حتىوصلت الى طريق معبّدة فأخذت أحثّ السير الى أن ظهرت بيوت .

    وما أن وصلتإليها حتى أبصرت شخصين على شرفة منزل فيها يتحادثان ثم رأيت أحدهما يشير إليّ .. وهنا انهارت قواي وسقط على الأرض .. وكأن تلك القوة المستعارة ببركة أهل البيتعليهم السلام والتي حملتني وعبرت بي الجبال والوديان من يوم الأربعاء مساءً إلى يومالجمعة عصراً قد نفدت .. فكأنها مؤقتة كي تحملني إلى هنا فقط .

    سقطت أرضاًمن شدة الألم في ساقيّ الجريحتين .. وعادت آلامي كما كنت حين أصابتني الميركافا .. فأغمي عليّ ولم أحسّ بشيء مما يجري حولي ..

    وفتحت عيني في المستشفى فوجدتشخصاً واقفاً قرب سريري ينظر إليّ .. سألته ك من أنت ؟ وعندما أجابني باسمه تذكرتكلّ ما جرى لي بالتفصيل وتذكرت وصية الشهيد وكلام الإمام الحسين والإمام المهديعليهما السلام خصوصاً فيما يتعلّق بالعميل الإسرائيلي فإن هذا الشخص الذي يقف فوقرأسي الآن هو نفس الشخص الذي طلب مني الشهيد بأمر من الإمام الحسين والإمام المهديعليهما السلام أن أخبره بموضوع العميل وحَصَرا الإخبار به دون غيره ..

    وفعلاً فأول كلمة قلتها له : يقول لك الشهيد إن فلان عميل لإسرائيل .. وهذا بأمر من الإمام الحسين وصاحب الزمان عليهم السلام .. فدهش لهذا المعلومات وطلبمني أن ألتزم الصمت ولا أخبر أحداً بذلك ..

    اعتقال هذا العميل بعد ذلكواعترف بجريمته ولزمت أنا الصمت سنوات طويلة حتى كتابة هذه الكلمات ..

    وقد تمولكنني وفاءً لتعهدي الذي قطعته للشهيد بأن أخبر كلّ من يسألني بقصة لقائه بالإمامالحسين وصاحب الزمان فقد دوّنت هذه القصة ، قصّة من قصص رجال المقاومة الإسلاميةالأحرار ، أحرار هذه الأمّة وسبب عزّتها وصون كرامتها .منقولة
    التعديل الأخير تم بواسطة خادمة ام ابيها; الساعة 06-08-2006, 05:42 PM.

  • #2
    شكرا لج اختي على القصة الجميلة

    ما خاب من تمسك بكم يا اجادي ويا ائمتي

    تعليق


    • #3
      مشكورة اختي بنوته على المرور الكريم

      تعليق


      • #4
        مشكوره حبيبتي خادمه على القصه الجميله والمؤثره
        سلمت يمناكِ على ما نقلت من كلمات
        الله يعطيكِ ألف عافيه ببركه محمد وآل محمد

        تعليق


        • #5
          العفو صغيرتي ريحانه
          مشكورة على المرور الغالي

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 07:21 AM
          ردود 2
          17 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة ibrahim aly awaly
          بواسطة ibrahim aly awaly
           
          أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
          استجابة 1
          12 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة ibrahim aly awaly
          بواسطة ibrahim aly awaly
           
          يعمل...
          X