إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

سيد شباب الجنة وسيد الشهداء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سيد شباب الجنة وسيد الشهداء

    الحسين (عليه السلام) منهل الأحرار
    طالما أن هنالك ظالمين يتحكمون بمصائر الشعوب بالقهر والظلم والتعسف، وطالما ثمة نفوس تواقة إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل، فأن هناك بصيص أمل يكاد نوره يبهر الألباب لمن أراد أن يتعرف عليه ويتعاطى معه إزاء معالجة المشاكل التي تحيق به من كل حدب وصوب.
    ومن هذا المنطلق، فإنه يحق لكل أمة أن تقتبس من ذلك البصيص، لتبديد الظلام الذي يكتنفها، والسعي حثيثاً لاقتفاء أثر المصلحين، الذين رفعوا لواء الحرية، ودافعوا عن كرامة الإنسان، ليكون حراً بعيداً عن كل أشكال العبودية والاستبداد، أولئك الذين زوّدوا الأمة أمصال المناعة ضد كل احتقان سياسي أو طائفي أو عنصري، وألبسوا الإنسانية حلتها الجديدة الناصعة في التعاطي مع الأحداث بالسلوك القيمي والأخلاقي، الذي ينأى بطبعه عن كل العصبيات القبلية والإثنية والقومية.
    فمن حق الأمة المتحررة أن تفتخر بروادها الذين أسسوا للحرية، وحفروا في التاريخ القديم والمعاصر أخاديد الحب والكرامة والإباء، ومن بين أولئك الأفذاذ، الذين من حقنا أن نفتخر بهم الإمام الهمام سيد الأحرار الحسين بن علي (عليه السلام) وكيف لا؟ ونحن لا نجد في سيرته المباركة سوى معاني الإخلاص والثورة ضد كل أنواع الفساد، والدفاع عن حقوق الإنسان بما هو إنسان بغض النظر عن انتمائه! وهذا المعنى يتجلى في سيرته المباركة، وهو ما عبر عنه حينما صدح صوته في صحراء كربلاء مخاطبا أعداءه (إنْ لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم)



    من هو الحسين (عليه السلام) ؟
    هو الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وأُمه فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول رب العالمين ونبي المسلمين الصادق الأمين، وأخوه الحسن بن علي (عليهما السلام) الذي قال الرسول الأعظم بحقه وبحق أخيه (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، اللهم إني أحبهما فأحب من يحبهما).
    وُلد الحسين (عليه السلام) يوم الخميس، الثالث من شهر شعبان (سنة 4هـ) ويعتبر السبط الثاني لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بعد أخيه الحسن (عليه السلام) وجاءت به أمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) في اليوم السابع من مولده الشريف إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث سمّاه حسيناً باسم ابن النبي هارون (شبـير) كما سمى ريحانته الأول حسناً باسم النبي هارون (شبر) وعق عنه كبشاً وحلق رأسه وأمر أن يُتصدق بوزنه فضة.



    كنيته ولقبه ونشأته المباركة
    (أبو عبد الله) تعد من أشهر الكنى التي كنّي بها (عليه السلام) وأنه لقّب بـ (الشهيد) ونشأ وترعرع في بيت النبوة وموضع الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل (في بيوتٍ أذِنَ اللهُ أن تُرفع ويذكر فيها اسمه يُسبِحُ له فيها بالغُدوِ والآصال) (1)، هنيئاً لهذا المولد المبارك الذي نشأ في مدرسة النبوة والإمامة في كنف جده المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم) وأمه الزهراء البتول (عليها السلام) وأبيه أمير المؤمنين علي ٍ (عليه السلام) وأخيه الحسن (عليه السلام) فتوارث عنهم الهيبة والوفاء والسؤدد والجلال.



    الإمام في الأحاديث النبوية
    (1) (ابناي هذان إمامان إن قاما وإن قعدا)(2).
    (2) (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)(3).
    (3) عن جابر ابن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه): قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم):
    (إن الجنة لتشتاق إلى أربعة من أهلي قد أحَبَهُمُ الله وأمرني بحبهم،علي ابن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي عليهم السلام الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام).
    (4) قال الترمذي إن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أخذ بيد حسن وحسين وقال: (من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة)(4).
    (5) (حسينٌ مني وأنا من حسين، أحبَ اللهُ من أحبَ حسيناً، حسينٌ سبط ٌ من الأسباط)(5).
    (6) عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (والذي نفسي بيده أنّ مهدي هذه الأمة الذي يصلي خلفه عيسى (عليه السلام) منا، ثم ضرب بـيده منكب الحسين (عليه السلام) وقال من هذا من هذا)(6).



    الحسين (عليه السلام) في رحاب أبيه
    عاش مع جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) خمس سنوات، وقام بدورٍ عظيم كما جاء في بعض الروايات في حركة الفتوحات الإسلامية، بعد وفاة جده وأُمه، وبالتحديد في زمن أبيه الإمام علي (عليه السلام) إذ أناط به قيادة الجيوش الإسلامية لفتح بلاد فارس وأفريقيا، وكان ناصراً لأبيه وقائداً لجيشه، كما كان أبوه من قبل قائداً لجيش المسلمين في زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم).
    وكان قائداً في جيوش والده في حروبه التي قضى على الفتن التي اندلعت في البلاد الإسلامية، كمعركة الجمل وصفين والنهروان، تلك الفتن التي تحدّث الإمام علي (عليه السلام) عنها في خطبته في نهج البلاغة:
    (فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون عُلواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين، بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها، أما والذي فلق الحبة وبرء النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز)(7).



    صلح الحسن تمهيد لثورة الحسين
    بُويع الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) بعد استشهاد أبـيه(8) - بالخلافة والإمامة يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك (سنة 40 هـ) وكان عمره الشريف سبعاً وثلاثين سنة، وخطب الناس صبيحة يوم استشهاد والده (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وصلى على جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ثم قال:
    (لقد قُبض في هذه الليلة رجلٌ لم يسبقه الأولون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل، لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيقيه بنفسه وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل من يمينه وميكائيل عن شماله ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه...) إلى آخر الخطبة.
    فقام عبد الله بن العباس وقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس فقالوا: ما أحبه إلينا وأوجَبَ حقه علينا.. وبادروا بالبيعة له، ولكن الكوفيين ما وفوا بعهدهم وخانوه، وكان معاوية يُرسل إلى أمراء عسكره ويخدعهم ويُرَّغِبهم في المسير إليه فانْسَلّ بعضهم في جوف الليل إلى معسكر معاوية، والإمام الحسن علِم بخذلان القوم له وفساد نياتهم، وليس له أعوان وأنصار إلاّ القليل من خاصته ومحبيه وشيعة أبيه (عليه السلام)(9) فرأى الإمام الحسن (عليه السلام) إن الصلح مع معاوية أولى، حقناً لدماء المسلمين وحفاظاً على الوحدة الإسلامية بعد جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(10) وأبيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبقي في الخلافة أربعة أشهر وثلاثة أيام.



    ما الحكمة في الصلح؟
    قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن ابني هذا سيد أهل الجنة (يقصد الإمام الحسن) وسيُصلحِ الله به بـيـن فئتين عظيمتين من المؤمنين.
    وعند استقراء الأحداث التالية للصلح تتكشف الحقيقة وتتبين للتأريخ حكمة الإمام الحسن (عليه السلام) في الصلح، إذ أن الصلح كشف زيف معاوية بن أبي سفيان وما كان يدعيه من الدين والحفاظ على وحدة المسلمين، وادعائه المطالبة بدم عثمان، وعندما انتهى الحكم إليه نسي تلك الأمور جملة وتفصيلا، إذ أن من أهم البنود التي وقّع عليها في صلحه مع الإمام:
    (1) الالتزام بالكتاب والسنة.
    (2) ولاية الأمر من بعده للإمام الحسن ومن ثم للإمام الحسين (عليهما السلام).
    (3) أن لا يتعقّب أتباع الإمام علي (عليه السلام) ولا يقطع العطاء عنهم.
    وفيما يلي مقطع من خطبة الإمام الحسن (عليه السلام) في صلحه مع معاوية قال فيه:
    (أيها الناس إنكم لو طلبتم ما بـيـن جابلقا وجاب رسا(11) رجلاً جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما وجدتم غيري وغير أخي(12) وان معاوية نازعني حقاً هو لي، فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وقد رأيت أن أُسالمه وأن يكون ما صنعت حجة على من يتمنى هذا الأمر وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين)(13).
    ولكن معاوية لم يف بهذه الشروط، إذ دسّ السم للإمام الحسن عن طريق زوجته جعده بنت الأشعث، وأمر الناس بالبيعة لولده الفاسق يزيد، وبالنسبة للشرط الأخير فإنه قطع العطاء عن كل من له صلة بالإمام علي (عليه السلام)، إذ تعقّب أصحاب الإمام واحداً بعد واحدً وقتلهم كما حصل للصحابي الجليل حجر بن عدي وغيره(14)
    إذ أن هذا الصلح قد عَرّى معاوية وكشفه للرأي العام بصورته الحقيقية، وأنه أفصح عن تلك الصورة عندما خطب بأهل العراق بعد توقيع الصلح، وأصبح حاكماً على المسلمين قائلاً:
    (إني والله ما قاتلتكم لتصّلوا أو لتصوموا أو لتحجّوا أو لتزكوا، ولكني قاتلتكم لأتأمَّرَ عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون، ها وقد أعطيت الحسن المواثيق وها هي تحت قدمي).
    ويمكن ملاحظة بعض التداعيات التي تمخضت عن إبرام الصلح نوجزها بالنقاط التالية:
    (1) من الجدير بالذكر أنّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يكونوا قط دعاة حرب، بل أنّهم دعاة سلام.
    (2) إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يعدون كتلة واحدة أو بتعبيرٍ آخر أنّهم نور واحد، كُلّ واحدٍ منهم قد أدّى دوره الشرعي، ذلك بوصية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذي أكد على إن الأئمة من بعده اثنا عشر خليفة كلهم من قريش،وفي أحاديث أُخرى ذكر أسماءهم أيضاً.
    (3) حرص معاوية على أن لا يتورط في الحرب مع الإمام الحسن - لأنه سيفقده الصيغة الشرعية التي كان يحاول أن يتظاهر بها لعامة المسلمين - ولهذا التزم المكر والخداع والتمويه وشراء الضمائر، وتفتيت جيش الإمام، ولم يكن للإمام بد من اختيار الصلح بعد أن تخاذل عامة جيشه وأكثر قادته، ولم يبق له إلاّ فئة قليلة من أهل بيته والمخلصين من أصحابه.
    (4) الإمام بصلحه المشروط فسح المجال لمعاوية ليكشف واقع أطروحته الجاهلية وليعرّف عامة المسلمين البسطاء من هو معاوية؟! (5) كانت محاولات الاغتيال المتكررة التي تعرّض لها الإمام تشير إلى مخاوف معاوية من تواجد الإمام كقوة معبرة عن عواطف الأمة ووعيها المتنامي، ولربما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني أمية، ومن هنا صح ما قيل من أن صلح الحسن كان تمهيداً واقعياً لثورة أخيه الحسين (عليهما السلام).

  • #2
    صلح الحسن تمهيد لثورة الحسين
    بُويع الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) بعد استشهاد أبـيه(8) - بالخلافة والإمامة يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك (سنة 40 هـ) وكان عمره الشريف سبعاً وثلاثين سنة، وخطب الناس صبيحة يوم استشهاد والده (عليه السلام) فحمد الله وأثنى عليه وصلى على جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ثم قال:
    (لقد قُبض في هذه الليلة رجلٌ لم يسبقه الأولون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل، لقد كان يجاهد مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيقيه بنفسه وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل من يمينه وميكائيل عن شماله ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه...) إلى آخر الخطبة.
    فقام عبد الله بن العباس وقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم ووصي إمامكم فبايعوه، فاستجاب له الناس فقالوا: ما أحبه إلينا وأوجَبَ حقه علينا.. وبادروا بالبيعة له، ولكن الكوفيين ما وفوا بعهدهم وخانوه، وكان معاوية يُرسل إلى أمراء عسكره ويخدعهم ويُرَّغِبهم في المسير إليه فانْسَلّ بعضهم في جوف الليل إلى معسكر معاوية، والإمام الحسن علِم بخذلان القوم له وفساد نياتهم، وليس له أعوان وأنصار إلاّ القليل من خاصته ومحبيه وشيعة أبيه (عليه السلام)(9) فرأى الإمام الحسن (عليه السلام) إن الصلح مع معاوية أولى، حقناً لدماء المسلمين وحفاظاً على الوحدة الإسلامية بعد جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)(10) وأبيه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبقي في الخلافة أربعة أشهر وثلاثة أيام.



    ما الحكمة في الصلح؟
    قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن ابني هذا سيد أهل الجنة (يقصد الإمام الحسن) وسيُصلحِ الله به بـيـن فئتين عظيمتين من المؤمنين.
    وعند استقراء الأحداث التالية للصلح تتكشف الحقيقة وتتبين للتأريخ حكمة الإمام الحسن (عليه السلام) في الصلح، إذ أن الصلح كشف زيف معاوية بن أبي سفيان وما كان يدعيه من الدين والحفاظ على وحدة المسلمين، وادعائه المطالبة بدم عثمان، وعندما انتهى الحكم إليه نسي تلك الأمور جملة وتفصيلا، إذ أن من أهم البنود التي وقّع عليها في صلحه مع الإمام:
    (1) الالتزام بالكتاب والسنة.
    (2) ولاية الأمر من بعده للإمام الحسن ومن ثم للإمام الحسين (عليهما السلام).
    (3) أن لا يتعقّب أتباع الإمام علي (عليه السلام) ولا يقطع العطاء عنهم.
    وفيما يلي مقطع من خطبة الإمام الحسن (عليه السلام) في صلحه مع معاوية قال فيه:
    (أيها الناس إنكم لو طلبتم ما بـيـن جابلقا وجاب رسا(11) رجلاً جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما وجدتم غيري وغير أخي(12) وان معاوية نازعني حقاً هو لي، فتركته لصلاح الأمة وحقن دمائها وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت وقد رأيت أن أُسالمه وأن يكون ما صنعت حجة على من يتمنى هذا الأمر وان أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين)(13).
    ولكن معاوية لم يف بهذه الشروط، إذ دسّ السم للإمام الحسن عن طريق زوجته جعده بنت الأشعث، وأمر الناس بالبيعة لولده الفاسق يزيد، وبالنسبة للشرط الأخير فإنه قطع العطاء عن كل من له صلة بالإمام علي (عليه السلام)، إذ تعقّب أصحاب الإمام واحداً بعد واحدً وقتلهم كما حصل للصحابي الجليل حجر بن عدي وغيره(14)
    إذ أن هذا الصلح قد عَرّى معاوية وكشفه للرأي العام بصورته الحقيقية، وأنه أفصح عن تلك الصورة عندما خطب بأهل العراق بعد توقيع الصلح، وأصبح حاكماً على المسلمين قائلاً:
    (إني والله ما قاتلتكم لتصّلوا أو لتصوموا أو لتحجّوا أو لتزكوا، ولكني قاتلتكم لأتأمَّرَ عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون، ها وقد أعطيت الحسن المواثيق وها هي تحت قدمي).
    ويمكن ملاحظة بعض التداعيات التي تمخضت عن إبرام الصلح نوجزها بالنقاط التالية:
    (1) من الجدير بالذكر أنّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لم يكونوا قط دعاة حرب، بل أنّهم دعاة سلام.
    (2) إن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يعدون كتلة واحدة أو بتعبيرٍ آخر أنّهم نور واحد، كُلّ واحدٍ منهم قد أدّى دوره الشرعي، ذلك بوصية رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذي أكد على إن الأئمة من بعده اثنا عشر خليفة كلهم من قريش،وفي أحاديث أُخرى ذكر أسماءهم أيضاً.
    (3) حرص معاوية على أن لا يتورط في الحرب مع الإمام الحسن - لأنه سيفقده الصيغة الشرعية التي كان يحاول أن يتظاهر بها لعامة المسلمين - ولهذا التزم المكر والخداع والتمويه وشراء الضمائر، وتفتيت جيش الإمام، ولم يكن للإمام بد من اختيار الصلح بعد أن تخاذل عامة جيشه وأكثر قادته، ولم يبق له إلاّ فئة قليلة من أهل بيته والمخلصين من أصحابه.
    (4) الإمام بصلحه المشروط فسح المجال لمعاوية ليكشف واقع أطروحته الجاهلية وليعرّف عامة المسلمين البسطاء من هو معاوية؟! (5) كانت محاولات الاغتيال المتكررة التي تعرّض لها الإمام تشير إلى مخاوف معاوية من تواجد الإمام كقوة معبرة عن عواطف الأمة ووعيها المتنامي، ولربما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني أمية، ومن هنا صح ما قيل من أن صلح الحسن كان تمهيداً واقعياً لثورة أخيه الحسين (عليهما السلام).

    احسنتم وجعله الله في ميزان حسناتكم

    تحياتي

    تعليق


    • #3
      اللهم صلي على محمد وال محمد
      مشكورين يالاخ على هلموضوع

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      x

      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

      صورة التسجيل تحديث الصورة

      اقرأ في منتديات يا حسين

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
      ردود 2
      9 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
      بواسطة ibrahim aly awaly
       
      يعمل...
      X