بلغ اعجاب ملايين الناس في طول العالم العربي وعرضه، بل وفي معظم انحاء العالم (باستثناء المضلل منه بالدعاية الاسرائيلية - الاميركية) حد اعتبار الأداء الرائع لرجال حزب الله في صد العدوان الاسرائيلي مثالاً يحسن الاقتداء به.
ولم يأبه أولئك المعجبون العرب، وهم من الغالبية الساحقة المعادية لإسرائيل بسبب وحشية سلوكها في قلب العالم العربي ولكونها كياناً استيطانياً غاصباً وتوسعياً قام منذ البداية على الارهاب والمجازر والتدمير، بأي حسابات سوى استعداد أولئك المقاومين المنضبطين للصمود والثبات امام ارتال الدبابات الاسرائيلية الضخمة والقدرة على شل حركتها وتدميرها والاستعداد للتضحية حيث تكون التضحية مجزية لجهة الخسائر في صفوف العدو.
ولم يكن ذلك الاعجاب ناتجاً عن اندفاع عاطفي عابر، وإنما كان له ما يبرره بدليل ان اساتذة في كليات اركان عسكرية وخبراء استراتيجيين ومحللين عسكريين وسياسيين غربيين شاركوا أولئك المعجبين اعجابهم واعتبروا اداء مقاتلي حزب الله ضد الجيش الاسرائيلي افضل اداء عسكري عربي منذ حرب 1948 بين اسرائيل والجيوش العربية. وقد رأى بعض هؤلاء ان من بين الانجازات الكبرى لأداء مقاتلي حزب الله تبديد اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم وكسر هذه الاسطورة الى الأبد.
وقد عرى ذلك الأداء الاسطوري في ميدان المعركة معظم المواقف العربية الرسمية التي لم تستطع منذ حرب تشرين الاول (اكتوبر) 1973 تقديم أي بديل ذي صدقية لقوى المقاومة المستعدة للتضحية في سبيل ارغام اسرائيل على التفاوض وانهاء مدها التوسعي على حساب حقوق الشعوب العربية واراضيها. وبدت تلك المواقف الرسمية غير المدعومة بأسانيد قوة عسكرية او اقتصادية مواقف لا يمكن الاعتداد بها، ولا يحسب لها العدو الاسرائيلي أي حساب.
لقد تحدث نائب رئيس المكتب السياسي لـ حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الدكتور موسى ابو مرزوق الثلثاء الماضي عن تفكير قيادة الحركة حالياً في استنساخ تجربة حزب الله عبر تعزيز قدرة المقاومة لتحقيق الانتصار وافشال الدبابة والطائرة في المعركة. واستدرك ابو مرزوق بالقول ان اسرائيل تريد معالجة وضع المقاومة قبل ان تتمكن من نسخ تجربة حزب الله.
ان هذه التجربة في مقاومة الاعتداءات الاسرائيلية وصدها جديرة بأن تحتذى ولكن ينبغي ان يحرص الذين يريدون استنساخها على ضمان وجود بيئة آمنة لاحتضانهم كتلك التي تحتضن مقاتلي حزب الله على ان تكون البيئة الحاضنة بيئة تشاطر المقاومة اهدافها النهائية والسعي الى تحقيقها مهما بلغت التضحيات.
ولا بد ان حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمها فتح ستأخذ في الاعتبار الفوارق بين التضاريس الجغرافية في الاراضي الفلسطينية والجولان وبين تضاريس جنوب لبنان وتكيف اساليبها وأسلحتها وتوقيتها وفقاً لذلك، في غياب أي تحرك جدي دولي لتسوية الصراع العربي - الاسرائيلي تسوية شاملة.
قد يبدو للراغبين في التصديق ان اسرائيل هي الي انتصرت وان حزب الله دفع ثمناً غالياً وان لبنان دفع ثمناً اغلى. ولكن ها هو لبنان باق وسيبقى ويتعافى، وها هو حزب الله اقوى لأن اقوى الضربات لم تمته وقد صار هو الاسطورة التي تريد قوى المقاومة العربية اتباع مثالها. اما في الجانب الاسرائيلي فقد تبين للساسة والعسكريين ان سلاح الطيران الرابع او الثالث في العالم لا يغني عن النزول الى الارض، وان النزول الى الارض في مواجهة مقاومة جادة ذكية يعني الهزيمة. وثمة دعوات متزايدة الآن في اوساط الجيش الاسرائيلي الى مغادرة لبنان في اقرب وقت خشية اندلاع الاشتباكات هناك من جديد. وقد كتب الصحافي عمير ربابورت امس في صحيفة معاريف العبرية نقلاً عن مصادر في الجيش ان الانسحاب لن يعتمد على وصول عدد القوات الدولية في جنوب لبنان الى خمسة عشر الفاً، وذلك بعكس ما كانت تقوله اسرائيل في السابق.
ان اسرائيل لن يردعها عن سلوكها المخالف للقانون الدولي ومقررات الامم المتحدة والقائم على ارهاب الدولة سوى المقاومة التي تلحق بها خسائر وتعلمها دروساً قاسية.
ماهر عثمان
المصدر:جريدة الحياة. بتاريخ 01/09/2006
ولم يأبه أولئك المعجبون العرب، وهم من الغالبية الساحقة المعادية لإسرائيل بسبب وحشية سلوكها في قلب العالم العربي ولكونها كياناً استيطانياً غاصباً وتوسعياً قام منذ البداية على الارهاب والمجازر والتدمير، بأي حسابات سوى استعداد أولئك المقاومين المنضبطين للصمود والثبات امام ارتال الدبابات الاسرائيلية الضخمة والقدرة على شل حركتها وتدميرها والاستعداد للتضحية حيث تكون التضحية مجزية لجهة الخسائر في صفوف العدو.
ولم يكن ذلك الاعجاب ناتجاً عن اندفاع عاطفي عابر، وإنما كان له ما يبرره بدليل ان اساتذة في كليات اركان عسكرية وخبراء استراتيجيين ومحللين عسكريين وسياسيين غربيين شاركوا أولئك المعجبين اعجابهم واعتبروا اداء مقاتلي حزب الله ضد الجيش الاسرائيلي افضل اداء عسكري عربي منذ حرب 1948 بين اسرائيل والجيوش العربية. وقد رأى بعض هؤلاء ان من بين الانجازات الكبرى لأداء مقاتلي حزب الله تبديد اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم وكسر هذه الاسطورة الى الأبد.
وقد عرى ذلك الأداء الاسطوري في ميدان المعركة معظم المواقف العربية الرسمية التي لم تستطع منذ حرب تشرين الاول (اكتوبر) 1973 تقديم أي بديل ذي صدقية لقوى المقاومة المستعدة للتضحية في سبيل ارغام اسرائيل على التفاوض وانهاء مدها التوسعي على حساب حقوق الشعوب العربية واراضيها. وبدت تلك المواقف الرسمية غير المدعومة بأسانيد قوة عسكرية او اقتصادية مواقف لا يمكن الاعتداد بها، ولا يحسب لها العدو الاسرائيلي أي حساب.
لقد تحدث نائب رئيس المكتب السياسي لـ حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الدكتور موسى ابو مرزوق الثلثاء الماضي عن تفكير قيادة الحركة حالياً في استنساخ تجربة حزب الله عبر تعزيز قدرة المقاومة لتحقيق الانتصار وافشال الدبابة والطائرة في المعركة. واستدرك ابو مرزوق بالقول ان اسرائيل تريد معالجة وضع المقاومة قبل ان تتمكن من نسخ تجربة حزب الله.
ان هذه التجربة في مقاومة الاعتداءات الاسرائيلية وصدها جديرة بأن تحتذى ولكن ينبغي ان يحرص الذين يريدون استنساخها على ضمان وجود بيئة آمنة لاحتضانهم كتلك التي تحتضن مقاتلي حزب الله على ان تكون البيئة الحاضنة بيئة تشاطر المقاومة اهدافها النهائية والسعي الى تحقيقها مهما بلغت التضحيات.
ولا بد ان حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية وفي مقدمها فتح ستأخذ في الاعتبار الفوارق بين التضاريس الجغرافية في الاراضي الفلسطينية والجولان وبين تضاريس جنوب لبنان وتكيف اساليبها وأسلحتها وتوقيتها وفقاً لذلك، في غياب أي تحرك جدي دولي لتسوية الصراع العربي - الاسرائيلي تسوية شاملة.
قد يبدو للراغبين في التصديق ان اسرائيل هي الي انتصرت وان حزب الله دفع ثمناً غالياً وان لبنان دفع ثمناً اغلى. ولكن ها هو لبنان باق وسيبقى ويتعافى، وها هو حزب الله اقوى لأن اقوى الضربات لم تمته وقد صار هو الاسطورة التي تريد قوى المقاومة العربية اتباع مثالها. اما في الجانب الاسرائيلي فقد تبين للساسة والعسكريين ان سلاح الطيران الرابع او الثالث في العالم لا يغني عن النزول الى الارض، وان النزول الى الارض في مواجهة مقاومة جادة ذكية يعني الهزيمة. وثمة دعوات متزايدة الآن في اوساط الجيش الاسرائيلي الى مغادرة لبنان في اقرب وقت خشية اندلاع الاشتباكات هناك من جديد. وقد كتب الصحافي عمير ربابورت امس في صحيفة معاريف العبرية نقلاً عن مصادر في الجيش ان الانسحاب لن يعتمد على وصول عدد القوات الدولية في جنوب لبنان الى خمسة عشر الفاً، وذلك بعكس ما كانت تقوله اسرائيل في السابق.
ان اسرائيل لن يردعها عن سلوكها المخالف للقانون الدولي ومقررات الامم المتحدة والقائم على ارهاب الدولة سوى المقاومة التي تلحق بها خسائر وتعلمها دروساً قاسية.
ماهر عثمان
المصدر:جريدة الحياة. بتاريخ 01/09/2006
تعليق