كيف حارب السنة بجوار حزب الله؟
العرقوب (جنوب لبنان) - إمام الليثي ومجاهد شرارة
"كنا إذا خيم الضباب نبدأ تحركنا وننتقل من هبارية جنوبا إلى البقاع شمالا حاملين الطعام والماء والأدوية والأسلحة من أماكن إخفائها إلى مقاتلي حزب الله، وكنا نقدم لهم الدعم اللوجيستى في القرى السنية المعروفة بـ"العرقوب" بعد أن انقطع الخط الأول للمقاومة عن قيادته".
هكذا رسمت كلمات الشيخ أبو خالد، أحد قيادات الجماعة الإسلامية السنية اللبنانية، وأحد القادة العسكريين لقوات "فجر" التابعة للجماعة، لفريق "إسلام أون لاين.نت" ملامح التلاحم بين السنة والشيعة بجنوب لبنان في مواجهة القوات الإسرائيلية طيلة 33 يومًا هي عمر معركة "الصمود والتحدي" كما يحلو له وصفها.
ويقول أبو خالد: "بعد انتهاء اليوم الأول للمعركة شعرنا أن الأمر سيطول، فجمعت إخواننا في قرى العرقوب (قرى الهبارية وكفر حمام وكفر شوبا وشبعا)، وعقدنا بيعة الجهاد بالقسم على المقاومة والثبات حتى الشهادة". ويضيف: "قتالنا بجوار حزب الله ليس وليد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، بل إن ما قدمناه مؤخرا أقل بكثير مما قدمناه من قبل في عام 1982" خلال الاجتياح الإسرائيلي.
واستطرد قائلاً: "نحن وهم نقاتل عدوًّا واحدًا ومشتركًا هو العدو الصهيوني، وكانت لنا عمليات نوعية مشتركة، وظللنا نتعاون معهم خلال معارك التحرير حتى عام 2000 (تاريخ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان)، حيث كانت لنا مراكز متقدمة على خطوط التماس مع الإسرائيليين، أهمها مركز في جبل الشيخ بمنطقة سدانة قرب مزارع شبعا المحتلة، وهي منطقة سنية".
وأعرب أبو خالد عن أسفه لقيام القوات اللبنانية بالتعاون مع نظيرتها السورية بإغلاق هذا المركز بعد إخلائه بالقوة من عناصر قوات "فجر" عقب انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، غير أنه أشار إلى أن مقاتلي حزب الله استخدموا المركز بعد ذلك كمقر لانطلاق عملياتهم العسكرية.
وقال: "بعد معارك التحرير، وبعد انسحاب القوات الصهيونية، واجهنا واقعا متعسفا؛ فالسوريون كانوا لا يسمحون لنا بنقل أسلحتنا إلى مناطق المواجهة، وأحبطوا أكثر من محاولة لتهريب السلاح لقواتنا... هذا فضلا عن اعتقال العديد من شبابنا في تلك المرحلة بسبب انتمائهم للمقاومة؛ الأمر الذي أثر على أدائنا فيما بعد، لكننا بقينا مستعدين إلى أن جاءت المعركة الأخيرة".
محاور الجهاد
وعن دورهم خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، يقول أبو خالد: "اعتمدنا عددا من المحاور للجهاد، المحور الأول هو تعزيز الصمود والحرص على إبقاء الناس في المناطق الأقل تضررا دون نزوح، وقد نجحنا". وشرح كيف تم إنجاز ذلك بقوله: "اعتمدنا لهذا المحور دورين أساسيين الأول معنوي عن طريق الدروس والخطب التي كنا نلقيها في المساجد، والدور الثاني هو تأمين المعيشة اليومية للصامدين".
وتابع: "قسمنا أنفسنا إلى مجموعات في كل قرية من 20 الى 25 أخًا، يقوم كل منهم بدور محدد، فهناك دور للمراقبة والحراسة، وهناك دور لجلب المؤن والأغذية وتوزيعها على الناس... كنا نجلب الطعام من البقاع على بعد 60 كلم من منطقة العرقوب أو من حاصبيا على بعد 15 كلم". ولفت إلى مخاطر الانتقال في كلا الطريقين والانتقال بينهما، حيث "كنا نختار أوقاتا محددة، فإما وقت الضباب حيث يحجب الرؤية عن الطائرات، أو عندما تخف حركة طائرات الاستطلاع".
الدور العسكري
وعن المحور الثاني لجهاد الجماعة الإسلامية، يقول الشيخ أبو خالد: "الإخوة بحزب الله كانوا منعزلين عن القيادة بسبب قطع الطرق وصعوبة الاتصال، وكانوا يديرون مناطقهم بطريقة لا مركزية" ولذلك "كنا نساعدهم في كل قرية وفقا لاحتياجاتهم؛ ففي بعض القرى كنا نؤمن اختباء الشباب من المقاومين، وفي قرى أخرى كنا نقدم لهم السيارات والشاحنات ليستخدموها كمنصات للصواريخ أو للتحرك، وأحيانا كانوا يستخدمون بعض عناصرنا كسائقين، كما وفرنا لمقاتلي حزب الله أيضا مخازن للأسلحة في بعض القرى، وكنا ننقل لهم بطاريات الصواريخ في قرى أخرى".
وحول أسباب عدم المشاركة في اشتباكات مباشرة مع قوات الاحتلال، قال الشيخ أبو خالد: "بعض الشباب السني قاتل في صفوف الحزب، لكنهم ليسوا من المنتمين للجماعة الإسلامية". واستطرد قائلا: "كان هناك اتفاق مع الإخوة في حزب الله بأن تشتبك قوات فجر مع القوات الإسرائيلية فقط إذا حاولت قوات العدو التسلل عبر القرى السنية". وأضاف الشيخ أبو خالد: "كانت هذه رغبة الإخوة في حزب الله، بل إنهم رفضوا أن نطلق أية صواريخ من مخازننا، فلدينا بعض التجهيزات الخفيفة، لأنهم كما قالوا لا يقصفون عشوائيا، بل وفق حسابات محددة، وهو ما احترمناه؛ فالمهم هو إيقاع خسائر في صفوف العدو، وليس الاستعراض".
خريطة الجنوب
ورسم الشيخ أبو خالد خريطة للوضع في جنوب لبنان في أثناء الحرب التي بدأت يوم 12 يوليو الماضي بقوله: "في الجنوب نحن جميعا في المواجهة مع العدو". وأوضح أن "قرى الجنوب موزعة كالتالي: منطقة العرقوب (الهبارية - كفر حمام - كفر شوبا - شبعا) وهي منطقة سنية، ومنطقة حاصبيا وهي تجمع سني درزي نصراني، بالإضافة إلى بعض القرى المسيحية مثل راشا الفخار (أرثوذكس)، وهناك تجميع شيعي- مسيحي في مرجعيون، وقرى شيعية خالصة وهي الأكثر عددا". وختم الشيخ أبو خالد حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت" بالتشديد على أن "الكل قدم جهده في هذه المعركة، حيث اشترك المسيحيون في القتال وفي الصمود أيضا، كما قاتل شباب سني، لم يكن منتميا لأي تيار، واستشهد عدد منهم".
العرقوب (جنوب لبنان) - إمام الليثي ومجاهد شرارة
"كنا إذا خيم الضباب نبدأ تحركنا وننتقل من هبارية جنوبا إلى البقاع شمالا حاملين الطعام والماء والأدوية والأسلحة من أماكن إخفائها إلى مقاتلي حزب الله، وكنا نقدم لهم الدعم اللوجيستى في القرى السنية المعروفة بـ"العرقوب" بعد أن انقطع الخط الأول للمقاومة عن قيادته".
هكذا رسمت كلمات الشيخ أبو خالد، أحد قيادات الجماعة الإسلامية السنية اللبنانية، وأحد القادة العسكريين لقوات "فجر" التابعة للجماعة، لفريق "إسلام أون لاين.نت" ملامح التلاحم بين السنة والشيعة بجنوب لبنان في مواجهة القوات الإسرائيلية طيلة 33 يومًا هي عمر معركة "الصمود والتحدي" كما يحلو له وصفها.
ويقول أبو خالد: "بعد انتهاء اليوم الأول للمعركة شعرنا أن الأمر سيطول، فجمعت إخواننا في قرى العرقوب (قرى الهبارية وكفر حمام وكفر شوبا وشبعا)، وعقدنا بيعة الجهاد بالقسم على المقاومة والثبات حتى الشهادة". ويضيف: "قتالنا بجوار حزب الله ليس وليد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، بل إن ما قدمناه مؤخرا أقل بكثير مما قدمناه من قبل في عام 1982" خلال الاجتياح الإسرائيلي.
واستطرد قائلاً: "نحن وهم نقاتل عدوًّا واحدًا ومشتركًا هو العدو الصهيوني، وكانت لنا عمليات نوعية مشتركة، وظللنا نتعاون معهم خلال معارك التحرير حتى عام 2000 (تاريخ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان)، حيث كانت لنا مراكز متقدمة على خطوط التماس مع الإسرائيليين، أهمها مركز في جبل الشيخ بمنطقة سدانة قرب مزارع شبعا المحتلة، وهي منطقة سنية".
وأعرب أبو خالد عن أسفه لقيام القوات اللبنانية بالتعاون مع نظيرتها السورية بإغلاق هذا المركز بعد إخلائه بالقوة من عناصر قوات "فجر" عقب انسحاب إسرائيل من الجنوب عام 2000، غير أنه أشار إلى أن مقاتلي حزب الله استخدموا المركز بعد ذلك كمقر لانطلاق عملياتهم العسكرية.
وقال: "بعد معارك التحرير، وبعد انسحاب القوات الصهيونية، واجهنا واقعا متعسفا؛ فالسوريون كانوا لا يسمحون لنا بنقل أسلحتنا إلى مناطق المواجهة، وأحبطوا أكثر من محاولة لتهريب السلاح لقواتنا... هذا فضلا عن اعتقال العديد من شبابنا في تلك المرحلة بسبب انتمائهم للمقاومة؛ الأمر الذي أثر على أدائنا فيما بعد، لكننا بقينا مستعدين إلى أن جاءت المعركة الأخيرة".
محاور الجهاد
وعن دورهم خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، يقول أبو خالد: "اعتمدنا عددا من المحاور للجهاد، المحور الأول هو تعزيز الصمود والحرص على إبقاء الناس في المناطق الأقل تضررا دون نزوح، وقد نجحنا". وشرح كيف تم إنجاز ذلك بقوله: "اعتمدنا لهذا المحور دورين أساسيين الأول معنوي عن طريق الدروس والخطب التي كنا نلقيها في المساجد، والدور الثاني هو تأمين المعيشة اليومية للصامدين".
وتابع: "قسمنا أنفسنا إلى مجموعات في كل قرية من 20 الى 25 أخًا، يقوم كل منهم بدور محدد، فهناك دور للمراقبة والحراسة، وهناك دور لجلب المؤن والأغذية وتوزيعها على الناس... كنا نجلب الطعام من البقاع على بعد 60 كلم من منطقة العرقوب أو من حاصبيا على بعد 15 كلم". ولفت إلى مخاطر الانتقال في كلا الطريقين والانتقال بينهما، حيث "كنا نختار أوقاتا محددة، فإما وقت الضباب حيث يحجب الرؤية عن الطائرات، أو عندما تخف حركة طائرات الاستطلاع".
الدور العسكري
وعن المحور الثاني لجهاد الجماعة الإسلامية، يقول الشيخ أبو خالد: "الإخوة بحزب الله كانوا منعزلين عن القيادة بسبب قطع الطرق وصعوبة الاتصال، وكانوا يديرون مناطقهم بطريقة لا مركزية" ولذلك "كنا نساعدهم في كل قرية وفقا لاحتياجاتهم؛ ففي بعض القرى كنا نؤمن اختباء الشباب من المقاومين، وفي قرى أخرى كنا نقدم لهم السيارات والشاحنات ليستخدموها كمنصات للصواريخ أو للتحرك، وأحيانا كانوا يستخدمون بعض عناصرنا كسائقين، كما وفرنا لمقاتلي حزب الله أيضا مخازن للأسلحة في بعض القرى، وكنا ننقل لهم بطاريات الصواريخ في قرى أخرى".
وحول أسباب عدم المشاركة في اشتباكات مباشرة مع قوات الاحتلال، قال الشيخ أبو خالد: "بعض الشباب السني قاتل في صفوف الحزب، لكنهم ليسوا من المنتمين للجماعة الإسلامية". واستطرد قائلا: "كان هناك اتفاق مع الإخوة في حزب الله بأن تشتبك قوات فجر مع القوات الإسرائيلية فقط إذا حاولت قوات العدو التسلل عبر القرى السنية". وأضاف الشيخ أبو خالد: "كانت هذه رغبة الإخوة في حزب الله، بل إنهم رفضوا أن نطلق أية صواريخ من مخازننا، فلدينا بعض التجهيزات الخفيفة، لأنهم كما قالوا لا يقصفون عشوائيا، بل وفق حسابات محددة، وهو ما احترمناه؛ فالمهم هو إيقاع خسائر في صفوف العدو، وليس الاستعراض".
خريطة الجنوب
ورسم الشيخ أبو خالد خريطة للوضع في جنوب لبنان في أثناء الحرب التي بدأت يوم 12 يوليو الماضي بقوله: "في الجنوب نحن جميعا في المواجهة مع العدو". وأوضح أن "قرى الجنوب موزعة كالتالي: منطقة العرقوب (الهبارية - كفر حمام - كفر شوبا - شبعا) وهي منطقة سنية، ومنطقة حاصبيا وهي تجمع سني درزي نصراني، بالإضافة إلى بعض القرى المسيحية مثل راشا الفخار (أرثوذكس)، وهناك تجميع شيعي- مسيحي في مرجعيون، وقرى شيعية خالصة وهي الأكثر عددا". وختم الشيخ أبو خالد حديثه لـ"إسلام أون لاين.نت" بالتشديد على أن "الكل قدم جهده في هذه المعركة، حيث اشترك المسيحيون في القتال وفي الصمود أيضا، كما قاتل شباب سني، لم يكن منتميا لأي تيار، واستشهد عدد منهم".
تعليق