المقدمــة:
تشغل قضية الإرهاب والعنف والتطرف في العراق الحكومة والشعب العراقي الوقت كله، وعلى رغم أن الإرهاب بصفته جريمة ليس بالقضية الجديدة إلا أن الجديد في موضوع الإرهاب في الوقت الحاضر هو أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، ولو ان العراق اصبح ساحته الرئيسية في تصفية حسابات الدول والجماعات عليه، أي أنها لا ترتبط بمنطقة أو ثقافة أو مجتمع أو جماعات دينية أو عرقية معينة، وفي اعتقادي أن ظاهرة الإرهاب ترتبط بعوامل اجتماعية وثقافية وسياسية وتقنية أفرزتها التطورات السريعة والمتلاحقة في العصر الحديث، فقد شهدت السنوات الثلاث الماضية ما بعد سقوط صدام تصاعداً ملحوظاً في العمليات الإرهابية كان أشدها في العاصمة العراقية بغداد والتي كانت الأعنف في التاريخ المعاصر للعراق حيث بلغ عدد القتلى يومياً فيه ما يزيد عن المائة شخص، ويرى الكثير من الكتاب والمفكرين والسياسيين أن عمليات الأرهاب تمثل علامة فارقة في تاريخ الإرهاب والأفكار المتطرفة وتحولاً بارزاً في طبيعة وأنماط التخطيط للأعمال الإرهابية وطرق ارتكابها وبشاعة في التنفيذ، والحقيقة أن الإرهاب لم يقتصر على العراق فقط، وإنما هبت رياحه على دول الجوار منها المملكة العربية السعودية ومصر والأردن، حيث استهدفت اعتداءات إرهابية خطيرة مراكز ومجمعات سكنية في السعودية وتفجير مراكز سياحية في مصر وفنادق سياحية في الأردن وغيرها.
كل تلك التفجيرات تعكس فكراً متطرفاً لدى مجموعة من الشباب الذين يحملون فتاوى مستوردة من رموز فكرية خارجة عن تعاليم الدين الإسلامي، الذي يدعو إلى التسامح وقبول الآخر.
من البديهي، أن الانسان يفقد طعم الحياة إذا أحس بالخوف، سواء جاء هذا الخوف من القمع أو الأرهاب أو الابتزاز أو الفقر أو المرض، والانسان في كفاحه الدائب، وكدحه المستمر منذ أن وجد على سطح هذه الارض، انما يسعى لدفع مخاوفه وتأمين مصالحه، وهذا السعي المستمر أنعكس بصورة قوانين وقيم وتشريعات والتزامات أخلاقية في سبيل توفير الأمن للإنسان .
وبما أن الأديان جميعها جاءت لخير الانسان ومصلحته، كانت تشريعاتها وقيمها وعباداتها كلها في هذا السبيل، ويخطأ من يظن أن أهداف الديانات، هي غير ذلك، وهذا الحشد من القيم والتشريعات والسعي على ضوء الدين، أو على أسس اخلاقية انسانية لا تتنافى مع الدين، كل ذلك من اجل أمن الانسان وسلام البشرية، ودفع مخاوفها، ومكافحة الآفات التي تهدد وجودها، وذلك لأن الانسان إذا فقد هذا السلام أو الطمأنينة النفسية، لا يستطيع ان يبنى أو يبدع أو يدفع عجلة الرفاه والتنمية الى الامام، ولا تقوم حضارة ولا تبنى ثقافة ولا يزدهر فن من الفنون، ولا يتقدم مجتمع إنساني في ابداعه واقتصاده وحضارته الا في ظل الاستقرار والامن والسلام، ومن هنا كانت خطورة الارهاب والعنف بجميع اشكاله على المجتمع العالمي، وحضارته ورفاهه واقتصاده، فالعالم اليوم تتقارب فيه المسافات وتشتبك فيه الاتصالات وتختلط فيه المخاطر، وتترابط فيه المصالح، فالاحداث الكبرى والكوارث والازمات والحروب في عالمنا المعاصر تنال من الانسان وأمنه النفسي، بـل تؤثر بصورة مباشـرة على رفاهه الاقتصادي في جميع انحـاء العالم.
وعلـى الصعيد الحضاري، فإن الحادثة المذكورة رأى فيها بعض الذين يبحثون عن مصادر جديدة للصراع الانساني، بداية دامية لتدشين هذا الصراع الحضاري بين الشرق والغرب، أو بالتحديد بين الغرب والعالم الاسلامي، وهكذا جعلت هذه الحادثة الوضع الأمني للإنسان في جميع انحاء العالم الانساني في اضطراب دائم ودخل الانسان مرحلة جديدة من الصراع هي مرحلة الحرب على الارهاب العالمـي بمفهومها الشامل الذي لم تتحدد بعد حدوده ، ومعالمه .
2- تعريف الإرهاب:
ليس هناك تعريف واحد محدد وجامع لموضوع الأرهاب، وإنما توجد تعاريف متعددة له، لأن كل شخص أو طرف أو جماعة ينظر إليه من زاويتة الخاصة التي يراها في مصلحته، ويرجع ذلك لأسباب سياسية أكثر منها لغوية.
واللافت للنظر في موضوع الإرهاب الخلاف والتباين الواسع النطاق في تعريف هذا المفهوم، فكل حكومة أو جماعة أو عصابة تمارس الإرهاب تعد نفسها على حق وتجعل الجهة المعارضة لها إرهابية.
وتكشف معظم المناقشات عن أسباب الإرهاب في وقتنا الراهن ما يمكن تسميته مشكلة التعريف، فبعضهم يرى أن أي عنف، أو تطرف إرهاب، ويرى آخرون ان حمل السلاح لأخراج المحتل من بلدانهم إرهاب، وبعضهم الآخر يرى أن أعمال الإرهاب تدبر من قبل الدولة ضد مواطنيها،....الخ.
وفي كثير من الأحيان تجري المناقشات عن الإرهاب لأهداف متعارضة، وقليلون هم الذين ينظرون للمسألة بتجرد، كما أن قلة البيانات الدقيقة والموضوعية عن الأعمال الإرهابية قد حالت دون استخدام العقل العلمي لبحث مسألة الإرهاب بموضوعية.
فالمصادر العلمية لا توضح بشكل دقيق معنى الإرهاب ومن هو الإرهابي، والحقيقة أن المعجمات اللغوية تخلو من مصطلحي الإرهاب والإرهابي لأن هذين المصطلحين حديثان ولم يستخدما في العصور السابقة.
- رهب في اللغة:
- الفراهيدي يقول: (كتاب العين 1: 719)
رَهِبْتُ الشَّيءَ أَرْهَبُهُ رَهَباً ورَهْبَةً، أي: خفته، وأَرْهَبْت فلاناً.
والرَّهْبانِيّةُ: مصدرُ الرّاهب، والتَّرَهُبُ: التَّعَبُّدُ في صَوْمَعةٍ، والجمع: الرُّهبان.
والرَّهْبُ – جزم – لغة في الرَّهَب، والرَّهْباءُ: اسمٌ من الرَّهَبِ، تقول: الرَّهباء من الله، والرَّغْباءُ إليه، والنَّعْماءُ منه.
- ابن منظور يقول: (لسان العرب 5: 337)
رهب: رَهِبَ بالكسر، يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً بالضم، ورَهَبَاً بالتحريك، أي خافَ.
ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه.
والاسم: الرُّهْبُ والرُّهْبي والرَّهَبوتُ والرَّهَبُوتي، ورَجلٌ رَهَبُوتُ.
يقال: رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، أي لأن تُرْهَبَ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ.
والرَّاهِبُ: المُتَعَبَّدُ في الصَّوْمَعَةِ، وأَحدُ رُهْبانِ النصارى، ومصدره الرَّهْبةُ والرَّهِبانيّةُ، والجمع: الرُّهْبانُ.
والرَّهْبانيةُ: مصدر الراهب، والاسم الرَّهْبَانِيَّةُ.
- ابن فارس يقول: (معجم مقاييس اللغة، ص405)
رهب: الراء والهاء والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على خوفٍ، والآخرِ على دِقّة وخِفَّة.
فالأول الرَّهْبة: تقول رهِبْت الشيءَ رُهْباً وَرَهَباً وَرَهْبَة، وَالترهُّب: التعبُّد، ومن الباب الإرهاب، وهو قَدْع الإبل من الحوض وذِيادُها.
والأصل الآخَر: الرَّهب: الناقة المهزولة.
وَالرّهاب: الرِّقاق من النّصال، واحدها رَهْبٌ.
وَالرَّهاب: عظمٌ في الصَّدر مشرفٌ على البَطن مثلُ اللّسان.
- الأرهاب في الاصطلاح:
ويؤكد بعض الكُتّاب في مدخله عن الإرهاب على عدم وجود تعريف واحد لمفهوم الإرهاب، ولذلك فقد اقترح أن يعرف الإرهاب من خلال أنماط مختلفة:
- التعريف البسيط للإرهاب: هو عنفاً أو تهديداً يهدف إلى خلق خوف أو تغيير سلوكي.
- التعريف القانوني للإرهاب: هو عنفاً إجرامياً ينتهك القانون ويستلزم عقاب الدولة.
- التعريف التحليلي للإرهاب: هو عوامل سياسية واجتماعية معينة تقف وراء كل سلوك إرهابي.
- تعريف رعاية الدولة للإرهاب: ويعني الإرهاب عن طريق جماعات تُستخدم بواسطة دول للهجوم على دول أخرى.
- نمط إرهاب الدولة: ويعني استخدام سلطة الدولة لإرهاب مواطنيها.
ولتأكيد إشكالية مصطلح الإرهاب فقد أوردت بعض المراجع المتخصصة ما يزيد على مائة تعريف تداولتها المصادر القانونية ( الإرهاب في القانون الجنائي - د. محمد يونس محي الدين - ص 77) وإليك بعضه:
1- الإرهاب: هو الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة.
2- الإرهاب: هو الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالخوف من خطر ما بأي صورة .
3- الإرهاب: هو عمل يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصاباً لكرامة الإنسان .
4- الإرهاب: هو في تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف.
5- الإرهاب: هو عمل بربري شنيع .
أما الدوائر الرسمية الأمريكية فتعرف الأرهاب بمايلي:
6- تعريف وزارة العدل الأمريكية عام 1984 للإرهاب: هو سلوك جنائي عنيف يقصد به بوضوح، التأثير على سلوك حكومة ما عن طريق الاغتيال أو الخطف.
7- تعريف البنتاغون عام 1983 للإرهاب: استعمال العنف أو التهديد باستعماله، تعزيزاً لهدف سياسي.
8- تعريف وزارة الخارجية الأمريكية عام 1988 للإرهاب: عنف ذو باعث سياسي يرتكب عن سابق تصور وتصميم ضد أهداف غير حربية من قبل مجموعات وطنية مرعبة أو عملاء دولة سريين، ويقصد به التأثير على جمهور ما.
وتستعرض المعجمات والموسوعات قضية الإرهاب فنجد أن الإرهاب:
9- في المعجم الوسيط: وصف يطلق على الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهداف سياسية.
10- أما في موسوعة السياسة فيعرف: بأنه استخدام العنف غير القانوني (أو التهديد به) بأشكاله المختلفة كالاغتيال والتشويه والتعذيب والتخريب والنسف بغية تحقيق هدف سياسي معين، مثل كسر روح المقاومة والالتزام لدى الأفراد وهدم المعنويات لدى الهيئات والمؤسسات أو وسيلة من الوسائل للحصول على المعلومات أو المال، وبشكل عام استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية .
11- وفي قاموس علم الجريمة: نمط من العنف يتضمن الاستخدام المنظم للقتل أو التهديد باستخدامه أو الأذى الجسدي والتدبير لإنزال الرعب أو الذعر (الصدمة) بجماعة مستهدفة (أوسع مدى من الضحايا الذين أنزل بهم الرعب)، لإشاعة أجواء من الرعب.
كما لا بد من الإشارة الى بعض التعاريف التي أوردتها الاتفاقيات الدولية لمفهوم الإرهاب، والذي كما ذكرت في المقدمة لم يتعدى الحصر والعد والتوصيف دون الوصول الى التعريف الجامع، ومنها ما يلي:
12- تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة المقترح عام 1937: كافة الأفعال الإجرامية ضد دولة من الدول التي من شأنها بحكم طبيعتها او هدفها اثارة الرعب في نفوس شخصيات معينة او جماعات من الاشخاص او في نفوس العامة.
13- وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1999 بشأن اجراءات مكافحة الارهاب الدولي وتضمن التأكيد على ان الاعمال الاجرامية التي من شأنها اثارة الرعب في نفوس العامة او مجموعة من الاشخاص لاغراض سياسية غير مبررة تحت اي ظروف ومهما كانت طبيعة الاعتبارات السياسية او الفلسفية او الايدولوجية او الراديكالية او العرقية او الدينية او اي اعبتارات اخرى تستغل لتبريرها.
14- تعريف الاتحاد الاوروبي: هو العمل الذي يؤدي لترويع المواطنين بشكل خطير، أو يسعى الى زعزعة استقرار أو تقويض المؤسسات السياسية أو الدستورية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لاحدى الدول، أو المنظمات، مثل الهجمات ضد حياة الافراد أو الهجمات ضد السلامة الجسدية للافراد أو اختطاف واحتجاز الرهائن، أو احداث اضرار كبيرة بالمؤسسات الحكومية أو اختطاف الطائرات والسفن ووسائل النقل الاخرى، أو تصنيع أو حيازة المواد أو الاسلحة الكيماوية والبيولوجية، أو إدارة جماعة إرهابية أو المشاركة في انشطة جماعة إرهابية.
15- الاتفاقية العربية لمكافحة الارهاب القاهرة عام 1998: كل فعل من افعال العنف او التهديد به ايا كانت بواعثه او اغراضه ويقع تنفيذا لمشروع اجرامي فردي او جماعي ويهدف الى القاء الرعب بين الناس او ترويعهم بايذائهم او تعريض حياتهم او حريتهم او امنهم للخطر او الحاق الضرر بالبيئة او بأحد المرافق او الاملاك العامة او الخاصة او احتلالها او الاستيلاء عليها او تعريض احد الموارد الوطنية للخطر.
أما القانون رقم 13 لسنة 2005 فإننا نرى بان المشرع لم يخرج بعيداً عن فلك الاتفاقيات والمفاهيم الوارد ذكرها في أعلاه حيث توج المادة الأولى منه بعنوان تعريف الإرهاب والتي جاء فيها: كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فردا أو مجموعة أفراد او جماعات او مؤسسات رسمية او غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني او الاستقرار او الوحدة الوطنية او إدخال الرعب والخوف والفزع بين الناس او إثارة الفوضى تحقيقا لغابات إرهابية .
والملاحظ على هذا النص انه لم يرد فيه تعريف مباشرة لمفردة الإرهاب، وإنما جاء توصيف لجملة أفعال تشكل بمجموعها فعل الإرهاب.
ويتضح من التعاريف التي تم استعراضها ارتباط الإرهاب بالعنف وأن الإرهاب لا بد أن يجد فكراً معيناً لكي يساعد على انتشاره، هذا الفكر يأخذ نمط التطرف وإقصاء الآخر.
وأن الإرهاب والعنف والتطرف هو سلوك يهدف إلى إشاعة الرعب أو فرض الرأي بالقوة، والفساد والتدمير كلها صور من صور الإرهاب، كما أن ترويع الآمنين وإحداث الفوضى في المدن المستقرة هو شكل من أشكال الإرهاب الذي أصبح ينمو مع شيوع الأفكار المتطرفة التي تهدف إلى إقصاء الآخر وفرض الأفكار بالقوة والتهديد بالسلاح، على أن هذه الأفكار ليست محصورة بمكان أو زمان معين وإنما أصبح العالم كله مسرحاً لها.
ويمكن القول: إن الإرهاب هو نتاج للتطرف الفكري الذي يترجم إلى أفعال سلوكية عنيفة.
نرى أنّ اللفظة في نسختها الغربية (TERROR) ليس مُعادلها في الترجمة مفردة (الإرهاب) العربيّة، فمفردة الإرهاب من رهب تدلّ على قوّة يذاد بها ويُمنع، لذلك كان العبد يرهب ربّه ويدعوه رهباً لئلاّ يتجرّى عليه بالمعاصي، وكان الرهبان يرهبون ربّهم ليقرّوا في عبوديّتهم وخدمتهم، وكانت أخذ أهبة الاستعداد لإرهاب العدوّ لمنعه من الاعتداء والتجاوز، بينما اللفظة الأجنبية تتكلّم عن إخافة غاشمة معتدية وترويع لا أخلاقي باغي، إنّ الترجمة القريبة لُغةً هي الترويع، أو الإذعار – نشر الذعر- وتجاوزاً رُبّما الإرعاب، وهذا الأخير ما أدركه وفطن إليه بعض المتخصّصين في اللغة.
إنّ كلمة الارهاب جُعلت فضفاضة كشأن معظم المفردات السياسية، لا سيّما مع غياب مرجعية قانونية دولية لتوصيف وتحديد مفهومها، لتبقى قابلة للتأويل والتوظيف والإشهار، ما دام الحكم لا للثقافة بل للسياسة، ولا للسياسة باعتبارها فنّ إدارة اختلاف المصالح حسب الممكن، بل سياسة منطق القوّة والهيمنة والفرض، وسياسة القطب الواحد.
فلفظ كلمة الأرهاب أُطلق سياسياً لا علمياً، وخطابياً لا أدبياً، ثمّ سُيّس، ثمّ تُرجم خطأً ؟
فلو جرّدنا اللفظة من سياقها المعولم وأرجعناها لبيئتها الثقافية ومفقس تولّدها ومحضنها الخاص، لرأينا أنّ الإرهاب بالمفهوم الأمريكي يُساوق معنى الحرابة القرآني ويقترب من معنى الإفساد في الأرض التي جرّمها الإسلام وحدّ عليها، حيثُ تُقطع فيها سبُل الناس ويُستلب أمنهم ويُفسد في مسالك الأرض قتلاً وترويعاً ونهباً سواءً قام بهذا أفراد أم حركات أم دول صغرى أم كُبرى تدّعي حفظ السلام، لذا قال مجمّع البحوث في الأزهر الشريف (إن الإرهاب هو ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغيًا وإفسادًا في الأرض).
فنرى اقتراب مفهوم الحرابة من الإرهاب جلياً في الموسوعة الفقهية في تعريف المحاربة: (الحرابة في الاصطلاح: هي البروز لاخذ مال أو لقتل أو لإرعاب على سبيل المجاهرة مكابرة اعتماداً على القوّة مع البعد عن الغوث).
وفي الفقه: المحارب يصدق على كل من أخاف في برّ أو بحر أو جوّ، جرّد السلاح أم لا، ولا فرق بين المخيف والمخاف، أن يكون مسلماً أو كافراً، كان ذلك في بلاد الإسلام أو بلاد الكفر.
3- كلمة رهب في القرآن الكريم والحديث الشريف:
يلاحظ أن القرآن الكريم لم يستعمل مصطلح (الإرهاب) بهذه الصيغة، وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من نفس المادة اللغوية، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع، والبعض الآخر يدل على الرهبنة والتعبد، حيث وردت مشتقات المادة (رهب) سبع مرات في مواضع مختلفة في الذكر الحكيم تدل على معنى الخوف والفزع، كقوله تعالى:
- ﴿وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾. [الأعراف: 154] .
- ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾.[البقرة: 40].
- ﴿إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾. [النحل: 51] .
- ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ﴾. [الأنفال: 60]
- ﴿وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ . [الأعراف: 116]
- ﴿لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللهِ﴾. [الحشر: 13]
- ﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾. [الأنبياء: 90]
بينما وردت مشتقات نفس المادة (رهب) خمس مرات في مواضع مختلفة لتدل على الرهبنة والتعبد، وهي:
- ورد لفظ (الرهبان) في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ﴾ [التوبة: 34].
- كما ورد لفظ (رهباناً) في قوله تعالى: ﴿بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [المائدة: 82].
- ولفظ (رهبانهم) في قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ﴾. [التوبة: 31].
- ولفظ (رهبانية) في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾. [الحديد:27].
- الطريحي يقول: (مجمع البحرين 2: 75)
رهب: في قوله تعالى ﴿واضمم اليك جناحك من الرّهب﴾ أي من أجل الرهب وهو الخوف، يعني إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم اليك جناحك.
وقوله تعالى ﴿فارهبون﴾ أي خافون، وإنما حذفت الياء لأنها في رأس آية، ورؤوس الآيات ينوي عليها الوقف، والوقف على الياء مستثقل فاستغنوا بالكسرة عنها.
وقوله تعالى ﴿والرهبان﴾ جمع راهب، وهو الذي يظهر عليه لباس الخشية، وقد كثر استعمال الراهب في متنسكي النصارى.
والرهبانية: ترهبهم في الجبال والصوامع وانفرادهم عن الجماعة للعبادة، ومعناها الفعلة المنسوبة الى الراهب وهو الخائف.
وقوله تعالى ﴿ورهبانية ابتدعوها﴾ أي احدثوها من عند أنفسهم ونذروها ﴿ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله ﴾ أي لم نفرضها عليهم ولكنهم ابتدعوها رضوان الله، فهو استثناء منقطع ﴿فما رعوها حق رعايتها﴾ كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد من الله لايحل نكثه، مدحهم عليها ابتداءاً ثم ذمهم على ترك شرطها بقوله: ﴿فما رعوها حق رعايتها﴾ لأن كفرهم بمحمد أحبطها.
وفي الحديث: في قوله تعالى ﴿ماكتبناها﴾ الآية قال: صلاة الليل.
وفي الخبر: ((لا رهبانية في الاسلام)) أي لا ترهب.
وفيه: (هي من رهبة النصارى) كانوا يترهبون بالتخلي من اشتغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها.
وفي الحديث: ((اني اريد ان اترهب)) فقال: لاتفعل وان ترهب امتي القعود في المساجد، واصل الترهب هنا اعتزال النساء وغيرهن، واصلها من الرهبة، وهي الخوف.
وفي الحديث: ((اعطى الله محمد الفطرة الحنيفية لا رهبانية ولا سياحة))
وفيه الرهبة من الله وضدّها الجرأة على معاصي الله تعالى.
والرهبة في الدعاء: ان تجعل ظهر كفيك الى السماء وترفعهما الى الوجه.
وفي حديث وصف المؤمنين: ((رهبان الليل أسد النهار)) أي متعبدون بالليل من خوف الله تعالى، شجعان في النهار بمجاهدة النفس والشيطان.
ولعل أشهر ما ورد هو لفظ (رهبة) في حديث الدعاء : ((رغبة ورهبة إليك)).
كما وردت مصطلحات أخرى تندرج ضمن الإرهاب وهي البغي والطغيان والظلم والعدوان والخيانة والغدر والقتل والسرقة والحرابة، وهي وسائل وأدوات هدامة تشيع الخوف في المجتمع وترهب الآمنين، ولكنَّ الحرابة والبغي جريمتين من بين هذه الجرائم أبرزهما الإسلام وحدد العقوبات لهما لأهميتهما وخطورتهما على المجتمع الإسلامي .
4- التعصب:
أ- التعصب لغةً: عبارة عن الشدة والغلظة.
ب- التعصب إصطلاحاً: عبارة عن دعوة الرجل إلى نصرة عصبته والتألب معهم على من يناوئهم ظالمين كانوا أو مظلومين.
ت- التعصب المحرم: هو إعانة الإنسان لقومه على الظلم.
والجامع لهذه المعاني هو مفاهيم الجفاف والقساوة والحالة الاستدارية والدوران الثابت حول الشيء والاستقواء به للإعتداء على الغير، وهي ذات المفاهيم التي تنطوي عليها شخصية الإنسان العصبي المتعصب الذي يقسي على غيره حفاظاً على ما يحبّه من ذات أو مال أو جاه أو عشيرة أو صداقة فوق حدود القيم الإلهية.
فمن هذه الدوافع تولد العصبية ومنها يمارس الفرد المتعصب أو الجماعة المتعصبة تسقيط الآخرين وتهميشهم وتجاوزهم، فلا يتقبل ذلك الفرد أو تلك الجماعة النقد والنصيحة والحوار وبناء أي شكل من أشكال جسور التعايش والإنسجام.
ولخطورة هذا المرض الفتاك بالمجتمع الإنساني اهتم علم النفس الإجتماعي بالبحث في جذوره وأسبابه وآثاره وعلاجه، وذلك ما وردت فيه نصوص إسلامية كثيرة أيضاً.
- جاء في القاموس الانكليزي الجديد في تعريف التعصب أنه: مشاعر التفضيل أو عدم التفضيل تجاه شخص أو شيء ما دون سابقة للخبرة، أو لا تقوم على أساس الخبرات الفعلية.
- ويرى أولبورت أن أكثر تعريفات التعصب إيجازاً هو: التفكير السيء عن الآخرين دون وجود دلائل كافية.
- وعرفه الدكتور حسن حنفي بقوله: التعصب هو الانحياز التحزبي إلى شيء من الأشياء فكرة أو مبدأ أو معتقد أو شخص، إما مع أو ضد، والتعصب للشيء هو مساندته ومؤازرته، والدفاع عنه، والتعصب ضد الشيء هو مقاومته.
- وقال بعض علماء النفس: التعصب يعبر عن نوع من الانحياز والدفاع عن مسألة تحت تأثير العواطف، بدون الاستفادة من الفكر والعقل.
- ويتفق ايرليك مع هذا التعريف مشيراً إلى أن التعصب: اتجاه عرقي يتسم بالتفضيل.
- كما يعرفه كريتش وزميلاه بأنه: اتجاه يتسم بعدم التفضيل نحو موضوع معين، ينطوي على مجموعة من القوالب النمطية شديدة العمومية، ومن الصعب تغييره بعد توافر المعلومات المخالفة له.
- ويتفق ماردن و ماير على أن التعصب: اتجاه يتسم بعدم التفضيل ضد جماعة معينة يحط من قدرها ومن قدر كل أعضائها.
- ويؤكد روس ذلك بأنه: اتجاه سلبي نحو جماعة عنصرية أو دينية أو قومية.
- ويرى نيو كمب وآخرون أنه: اتجاه بعدم التفضيل يمثل استعداداً للتفكير والشعور والسلوك بأسلوب مضاد للأشخاص الأخرين بوصفهم أعضاء في جماعات معينة.
- ويرى شريف أنه: اتجاه سلبي يتبناه أعضاء جماعة معينة يُستمد من معاييرها القائمة، ويوجه نحو جماعة أخرى وأعضائها الأفراد.
- كما يرى زاندن أنه: نسق من الإدراكات والمشاعر والتوجهات السلوكية السلبية المتصلة بأعضاء جماعة معينة.
وعندما ننظر الى التعريفات المدرجة أعلاه نجد أنها تنطوي على بعض المقومات الأساسية لمفهوم التعصب وهي:
1 - حكم لا أساس له من الصحة، ويحدث بدون توافر الدلائل الموضوعية.
2 - مشاعر سلبية تتسق مع هذا الحكم.
3 - تأكيد غالبية هذه التعريفات على أهمية التوجهات السلوكية حيال أعضاء الجماعات موضوع الكراهية.
التعصب نوعان:
انطلاقاً من المعنى اللغوي، وعلى أساس بعض التعريفات العامة المذكورة للتعصب، بأنه مطلق الانحياز لشيء ما، والدفاع عنه، فقد فرّق العلماء المسلمون القدامى بين نوعين من التعصب، تبعاً لنصوص دينية، نوع مذموم من التعصب، وآخر محمود مطلوب.
النوع الأول: وهو الانحياز لشيء والدفاع عنه دون مبرر معقول، وهو ما يتبادر إلى الذهن غالباً عند إطلاق كلمة التعصب.
وأما النوع الثاني: فهو الانحياز لشيء والدفاع عنه انطلاقاً من معطيات موضوعية واقعية دون الحالة العدوانية على الغير وسدّ باب الحوار.
يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع) في خطبة له: فإن كان لابد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور... فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام، والطاعة للبرّ، والمعصية للكبر، والأخذ بالفضل... (نهج البلاغة/خطبة رقم 192)
حيث يدعو الإمام في هذه الخطبة للإنحياز إلى القيم الفاضلة، والتمسك بها، والدفاع عنها، فهذا الانحياز تعصب مطلوب ولكن دون الإعتداء على الآخرين ومقاطعتهم وتسقيطهم .
وفي هذا السياق سُئل الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع) عن العصبية؟ فقال: العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم. فإذن ليس كل انحياز خطأ، بل الانحياز للخطأ هو الخطأ وهذا هو التعصب المذموم وذاك هو التعصب الممدوح.
ولتوضيح هذين النوعين من التعصب يقول العلامة الشيخ المجلسي:
التعصب المذموم في الأخبار هو: أن يحمي قومه أو عشيرته أو أصحابه في الظلم والباطل، أن يلج في مذهب باطل، أو ملة باطلة، لكونه دينه دين آبائه أو عشيرته، ولا يكون طالباً للحق، بل ينصر ما لا يعلم أنه حق أو باطل، للغلبة على الخصوم، أو لإظهار تدربه في العلوم، أو اختار مذهباً ثم ظهر له خطأه فلا يرجع عنه، لئلا ينسب إلى الجهل أو الضلال، فهذه كلها عصبية باطلة مهلكة، توجب خلع ربقة الإيمان... وأما التعصب في دين الحق والرسوخ فيه، والحماية عنه، وكذا في المسائل اليقينية، والأعمال الدينية، أو حماية أهله أو عشيرته، بدفع الظلم عنهم، فليس من الحميّة والعصبية المذمومة، بل بعضها واجب. (بحار الأنوار/ج70/ص283-284)
التعصب والعصبية في النصوص الدينية:
لم ترد في القرآن الكريم كلمة التعصب والعصبية، لكنه يمكن ملاحظة الحديث عن التعصب والعصبية كمفهوم في آيات من القرآن الكريم، بمصطلحات رديفة، كقوله تعالى: ﴿إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية﴾.
والحميّة: الأنفة أي الاستنكاف من أمر لأنه يراه غضاضة عليه، وأكثر إطلاق ذلك على استكبار لا موجب له، ويقال لحالة الغضب أو النخوة أو التعصب المقرون بالغضب حميّة أيضاً.
مثال ذلك، لقد أصرت قريش على منع رسول الله (ص) والمسلمين من الدخول إلى مكة لأداء شعائر العمرة، وزيارة البيت الحرام، في السنة السادسة للهجرة، وقد أحرموا وساقوا معهم الهدي، ومنطلق إصرار قريش، هو التعصب بجهل وحميّة جاهلية.
كما يمكن استشفاف مفهوم التعصب من قوله تعالى: ﴿ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزّة بالإثم ﴾. فمن أخطر صفات النفاق والانحراف أنه أمام الدعوة إلى القيم الصالحة يتمسك الإنسان بموقفه الخاطيء، تعصباً ولجاجاً، حتى لا يبدو وكأنه انهزم وتراجع عن رأيه وموقفه السابق، إنه تظاهر بالقوة والعزّة، وفي الواقع سقوط في أوحال الإثم والشقاء.
وفي السنة النبوية الشريفة جاءت أحاديث عديدة، تحذّر من الإبتلاء بمرض العصبية والتعصب الفتاك، روى جبير بن مطعم عن رسول الله (ص) أنه قال: ((ليس منّا من دعا إلى عصبية، وليس منّا من قاتل على عصبية، وليس منّا من مات على عصبية)). (كنز العمال/حديث رقم 7657)
ولتقرير أن العصبية المذمومة هي الانحياز للخطأ، ورد عن بنت وائلة بن الاسقع، عن أبيها: قال: قلت: يا رسول الله ما العصبية ؟ فقال (ص): ((العصبية أن تعين قومك على الظلم)). (نفس المصدر/حديث رقم 7664)
وروي عن الإمام جعفر الصادق (ع) عن رسول الله (ص) أنه قال: ((من تعصّب أو تُعصّب له فقد خلع ربق الإيمان من عنقه)). (الكافي 2: 308)
وعنه أيضاً عن رسول الله (ص): ((من كان في قلبه حبّة خردل من عصبية بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهلية)). (نفس المصدر)
وعن محمد بن مسلم عن الإمام جعفر الصادق (ع): ((من تعصب عصّبه الله بعصابة من نار)). (نفس المصدر)
ويعتبر الإمام علي بن أبي طالب (ع) أن إبليس هو مؤسس الاتجاهات التعصبية، يقول (ع): إبليس إعترضته الحميّة، فافتخر على آدم بخلقه، وتعصّب عليه لأصله، فعدو الله إمام المتعصبين، وسلف المستكبرين، الذي وضع أساس العصبية. (نهج البلاغة/خطبة رقم 192)
5- مفهوم التطرف:
أ- التطرف في اللغة: مشتق من (الطـَّرَف) أي الناحية، أو منتهى كل شيء، وتطرّف أتى الطرف، وجاوز حد الاعتدال ولم يتوسط، وكلمة التطرف تستدعي للخاطر كلمة (الغلوّ) التي تعني تجاوز الحد، وهو من غلا، زاد وارتفع وجاوز الحد، ويقال الغلو في الأمر والدين: ﴿لا تغلوا في دينكم﴾ (النساء:171/المائدة:77).
قال ابن فارس : الطاء والراء والفاء أصلان ، فالأول يدل على حد الشيء وحرفه، والثاني: يدل على حركة فيه .
طرف الشيء في اللغة ما يقرب من نهايته، وقيل: ما زاد عن النصف .
قال الجصاص: طرف الشيء إما أن يكون ابتداءه ونهايته، ويبعد أن يكون ما قرب من الوسط طرفا .
ب- التطرف إصطلاحاً: عكس (الوسطية) الذي هو من الوسط، الواقع بين طرفين، كما يقول الأصبهاني في مفردات غريب القرآن، وهو يحمل في طياته معنى العدل. وفي القرآن الكريم ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطًا﴾ (آل عمران: 143) أي أمة عدل.
والتوجيه القرآني كان دومًا يحث على الاعتدال، فالله سبحانه لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهو يعلي من شأن اليُسر، و ينْهَى عن البخل والشح، لأنهما تطرف في التعامل مع المال.
كثيرة هي الأحاديث النبوية التي تشرح ذلك وتدعو إلى الرفق ((إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق. ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) (رواه أحمد).
وقد جاء الفقه ليؤكد على تمثل روح التيسير والسماحة، وليجعل من القواعد الأصولية قاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات، ويحفل فقه المعاملات بما يحث على الأخلاق الحميدة، وينهى عن السخط والضجر والفحش والشطط والمغالاة، وغير ذلك من صور التطرف.
وإذا كان مصطلح (التطرف) يعني: التشدد وتجاوز الحد، فإن مصطلح الوسطية يدل على العدل والسماحة.
يعني التطرف بصفة عامة كل ابتعاد عن المركز تجاه الطرف، بغض النظر عن اتجاه تلك الحركة، فالابتعاد عن الالتزام الديني الصحيح مثلاً من خلال المغالاة في الممارسة الدينية يعتبر تطرفاً دينياً، كما يعتبر التحلل من كل القيم والالتزامات الدينية تطرفاً أيضاً.
ظاهرة التطرف:
يشهد عالمنا المعاصر بروز ظاهرة التطرف فيه على عدة صعد وفي عدد من المستويات، وقد بلغت هذه الظاهرة بفعل ثورة العلم حدًّا غير مسبوق في فظاعة ما ينجم عنه، إذ لم يعرف تاريخ الإنسان مثل هذا التوظيف للتقنية في إيقاع الأذى بالإنسان والأرض، وبلغت أيضاً بفعل ثورة الاتصال حدًّا غير مسبوق في شدة وطأة أخبارها على الإنسان ووعيه ونفسيته أينما كان، حيث يقوم الإعلام بنقل هذه الأخبار بالصورة والصوت فور وقوع حدث معبّر يصنف تحت بنود التطرف أو ناجم عنه.
أول ما يلفتنا ونحن نتأمل في هذه الظاهرة التطرف الرسمي على مستوى الدول التي تتحكم فيها قوى هيمنة وطغيان، سواء في تعاملها مع المقاومين لهيمنتها وطغيانها أو في تعاملها مع مواطنيها في أحوال الطوارئ التي تقوم هي بتحديدها وتوصيفها أو ما اصطلح على تسميته إرهاب الدولة الرسمي، وقد بلغ في عصر العولمة الذي نعيشه اليوم مدى بالغ الخطورة.
العلاقة بين التطرف والإرهاب:
رغم أن البعض يخلط بين المفردتين (التطرف) و (الإرهاب)، خلطاً ساذجاً، فتوردهما بعض الأدبيات سواء العربية أو الأجنبية على أنهما مفردتان مترادفتان في المعنى مختلفتان في اللفظ، إلا أن الأمر ليس كذلك مطلقاً كما هو واضح وجلي من التعريف المبسط الذي أوردناه في مقدمة الحديث لكل من التطرف والإرهاب. والواقع هو أن التطرف هو اتجاه فكري محدد، بينما الإرهاب هو وسيلة لفرض ذلك الاتجاه على الآخرين بفعل القوة.
التطرف حاصل على ثلاثة مستويات:
1- المستوى العقلي أو المعرفي والمتمثل في انعدام القدرة على التأمل والتفكير.
2- المستوى الوجداني والمتمثل بالاندفاعية في السلوك.
3- المستوى السلوكي والمتمثل في ممارسة العنف ضد الآخرين.
ويمكن القول بشكل مبدئي، إن السلوك المنحرف والمخالف للأعراف ونواميس المجتمع من الممكن أن يتحول إلى سلوك تدميري عند توافر مقومات السلوك العنيف، وهذه المقومات في نظري تنطلق من خمس زوايا مهمة:
أ*- أيديولوجية فكرية تبرز أنماط السلوك التدميري المخالف لأعراف المجتمع.
ب*- قابلية للإيحاء لتقبل الأفكار وتنفيذها على أرض الواقع.
ت*- تدريب عسكري يساعد على مواجهة الآخرين وتنفيذ الإرادة الإجرامية.
ث*- الفرصة السانحة لتحويل المشاعر السالبة إلى أنماط سلوكية على أرض الواقع.
ج*- التطرف على المستويات الثلاثة .
6- العنف:
أ- العنف لغةً:
- يُعرِّف ابن منظور العنف بأنه (الخُرْق بالأمر وقلَّة الرِّفْق به، وهو ضد الرفق)، ويُعَرِّفه الطريحي في مجمعه بأنه (الشدة والمشقة، ضد الرفق)، ويُعرِّفه أبو هلال العسكري بأنه (التشديد في التوصل إلى المطلوب)، ويُعرَّفه محمد قلعجي بأنه (معالجة الأمور بالشدة والغلظة)، وأما التعنيف فهو التعيير واللوم. وتكاد لا تخرج باقي المعاجم اللغوية عن هذه التعاريف.
أي هو الخُرْقُ بالأمر وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق، عَنُفَ به وعليه ويعنُفُ عُنفًا وعَنَافَةً، وأَعْنَفَه وعَنَّفَهُ تعنيفاً وهو إذا لم يكن رفيقاً في أمره، واعتنف الأمر: أخذه بعنف .
ب- العنف إصطلاحاً:
- هو كل تصرف يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، وقد يكون الأذى جسدياً أو نفسياً فالسخرية والاستهزاء من الفرد، فرض الآراء بالقوة، إسماع الكلمات البذيئة جميعها أشكال مختلفة لنفس الظاهرة.
- تشير الموسوعة العلمية (Universals) أن مفهوم العنف يعني كل فعل يمارس من طرف جماعة أو فرد ضد أفراد آخرين عن طريق التعنيف قولاً أو فعلاً وهو فعل عنيف يجسد القوة المادية أو المعنوية.
- ذكر قاموس (Webster) أن من معاني العنف ممارسة القوة الجسدية بغرض الإضرار بالغير وتعني بمفهوم العنف هنا تهمد الإضرار بالمرأة أو الطفل، وقد يكون شكل هذا الضرر مادي من خلال ممارسة القوة الجسدية بالضرب أو معنوي من خلال تعمد الإهانة المعنوية للمرأة والطفل بالسباب أو التجريح أو الإهانة.
- هو سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصاديا وسياسياً مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة أخرى.
- الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 أن العنف ضد النساء هو أي عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة.
- ربط المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان والذي صدر عنه ما يعرف بإعلان وبرنامج عمل فينا (1993) بين العنف والتمييز ضد المرأة، الفقرة (38) على أن مظاهر العنف تشمل المضايقة الجنسية والاستغلال الجنسي والتمييز القائم على الجنس والتعصب والتطرف وقد جاءت الفقرة ما يلي: يشدد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان بصفة خاصة على أهمية العمل من أجل القضاء على العنف ضد المرأة في الحياة العامة والخاصة والقضاء على جميع أشكال المضايقة الجنسية والاستغلال والاتجار بالمرأة والقضاء على التحيز القائم على الجنس في إقامة العدل وإزالة أي تضارب يمكن أن ينشأ بين حقوق المرأة والآثار الضارة لبعض الممارسات التقليدية أو المتصلة بالعادات والتعصب الثقافي والتطرف الديني.
- العنف في المفهوم الشائع هو: استخدام القوة المادية أو العسكرية لقهر الخصوم بلا ضابط من شرع أو خلق أو قانون، وبلا مبالاة بما يحدث من جرائها من أضرار. وقد يحدث هذا العنف من الأفراد، أو من الجماعات، أو من الحكومات.
- ولكن العنف فيما يراه القرضاوي: هو استخدام الشدة والغلظة في غير موضعها، أو في غير أوانها، أو بأكثر مما يلزم، أو بغير حاجة إليها، أو بدون ضوابط استعمالها.
مفهوم العنف:
العنف من سمات الطبيعة البشرية يتسم به الفرد والجماعة ويكون حيث يكف العقل عن قدرة الاقناع او الاقتناع فيلجأ الانسان لتاكيد الذات ، فالعنف ضغط جسمي او معنوي ذو طابع فردي او جماعي فينزله الانسان بقصد السيطرة عليه او تدميره .
ومن ثم يمكننا تحديد العنف بانه استجابة سلوكية تتميز بطبيعة انفعالية شديدة قد تنطوي على انخفاض في مستوى البصيرة والتفكير .
وعموما يمكننا ان نخلص الى ان العنف ممارسة القوة او الاكراه ضد الغير عن قصد وعادة ما يؤدي العنف الى التدمير او الحاق الاذى او الضرر المادي وغير المادي بالنفس او الغير .
وبذلك يكون العنف :
- الايذاء الجسدي عن عمد على نحو يحدث ضررا او اذى وما يقتضي من سوء معاملة النفس او الغير .
- الحاق الاذى او الضرر او التدمير للذات او الاشياء نتيجة انتهاك معين .
- يتمثل العنف في كونه فعلاً مدمراً.
- يقتضي العنف الشعور أو التعبير العنيف من خلال سلوك معين.
- صعوبة تحديد الاجراءات الخاصة بالعنف لاعتبارات معينة مع كونها ممكنة .
مفهوم العنف في الاسلام:
ولهذا كان منهج الدعوة في الإسلام قائما على الرفق لا على العنف، كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: 125). وقال تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ (الإسراء: 53).
فأمر عباده المؤمنين أن يتحروا في خطابهم لغيرهم الكلمة التي هي أحسن، وليس مجرد الكلمة الحسنة، فإذا كانت هناك كلمتان أو عبارتان إحداهما حسنة، والأخرى أحسن منها، فعلى عباده أن يختاروا التي هي أحسن.
وهكذا يجب أن يتحرى المسلم (الأحسن) في خطابه وفي جداله، وفي دفعه لسيئة غيره، كما قال سبحانه: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ (فصلت: 34).
قال رسول الله (ص): إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطى على العنف .
فالعنف مكروه ومذموم عند الله ورسوله، والرفق مطلوب خاصة في عالم الدعوة والمواجهة حتى مع ألد أعداء الإسلام، فإن موسى وهارون مأموران بدعوة فرعون العنيد بالرفق،
قال تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ .
مظاهر العنف :
- الاعتداء اللفظي عن قصد على الغير.
- الايذاء البدني وغير البدني للنفس أو المتعمد للنفس أو الغير.
- الحاق الاذى بممتلكات الغير.
- الحاق الاذى أو تدمير ما يتصل بالمرافق العامة والمنشآت.
- تخلقها الديون الخارجية والفقر وضعف الهياكل الاساسية وتدني نوعية الخدمات.
- غالباً ما يعاني الناس الى حرب نفسية وغالباً ما يتعرضون الى التمييز بل والحرمان من حقوق المواطنة في كثير من المجتمعات .
- بسبب عدم كفاية المرافق الصحية وتدني مستوى الصحة العامة ومياه الشرب غير المأمونة والتلوث الجوي والنفايات الخطرة واكتظاظ المساكن بالسكان كل ذلك يشكل عقبات أمام رفاهية الناس مستقبلا ويتعرقل نموهم البدني والعقلي.
- تتعرض حياة اعداد ضحمة من الناس للخطر نتيجة اساءة استعمال المخدرات لذا فان هناك حاجة ملحة الى ان تتخذ الحكومات والوكالات الحكومية الدولية اجراءات متظافرة لمكافحة ما هو غير مشروع من انتاج المخدرات والمؤثرات العقلية أو توريدها أو الطلب عليها أو الاتجار بها أو توزيعها .
اسباب سلوك العنف:
أ- اسباب سلوك العنف التي ترجع الى شخصية الانسان:
- الشعور المتزايد بالاحباط .
- ضعف الثقة بالذات .
- طبيعة مرحلة البلوغ والمراهقة .
- الاعتزاز بالشخصية وقد يكون ذلك على حساب الغير والميل أحياناً الى سلوك العنف.
- الاضطراب الانفعالي والنفسي وضعف الاستجابة للقيم والمعايير المجتمعية .
- تمرد المراهق على طبيعة حياته في الاسرة والمجتمع
- الميل الى الانتماء الى الشلل والجماعات الفرعية .
- عدم القدرة على مواجهة المشكلات بصراحة .
- عدم اشباع الناس لحاجاتهم الفعلية .
ب – اسباب سلوك العنف التي ترجع الى الاسرة :
- التفكك الاسري
- التدليل الزائد من الوالدين .
- القسوة الزائدة من الوالدين .
- عدم متابعة الأسرة للأبناء .
- الضغوط الاقتصادية .
- قلة الثقافة والوعي لدى الوالدين.
ت- أسباب سلوك العنف التي ترجع إلى الأصدقاء :
- رفاق السوء .
- النزعة الى السيطرة على الغير .
- الشعور بالفشل في مسايرة الأصدقاء .
- الهروب المتكرر من المدرسة أو الجامعة.
- الشعور بالرفض من قبل الأصدقاء .
العنف السياسي:
ينصرف مفهوم العنف السياسي، حسب أغلب التعريفات النظرية، إلى توظيف آلية العنف بشكل منظم لتحقيق أهداف سياسية، قد تتمثل في الوصول إلى السلطة السياسية أو على الأقل التأثير عليها، وهنا نكون إزاء عنف منظم من جانب المعارضة، كما قد تكون تلك الأهداف هي ضمان السيطرة على السلطة السياسية والتشبث بها، وهنا نتحدث عن عنف من جانب النظام نفسه، وبتعبير آخر يشير مفهوم العنف السياسي إلى مختلف السلوكيات التي تتضمن استخداماً فعلياً للقوة أو تهديداً باستخدامها، لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص والإتلاف بالممتلكات، وذلك لتحقيق أهداف سياسية مباشرة أو أهداف اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية لها دلالات وأبعاد سياسية .
وأيا كان الطرف الفاعل في ممارسة العنف ( عنف رسمياً أم شعبياً ) فان اللجوء إلى العنف يعبر عن وجود أزمة في المجتمع ترتبط درجة حدتها بمستوى ممارسة العنف على الصعيدين الكمي والكيفي، والواقع أن ظاهرة العنف السياسي تعتبر ظاهرة عالمية، لا يكاد يخلو أي مجتمع معاصر منها، وينحصر الفارق بين المجتمعات في هذا المضمار في درجة ممارسة العنف وفي نسبية أسباب الظاهرة، ونظراً لتعقد ظاهرة العنف السياسي وتعدد متغيراتها، تعددت الاتجاهات والمدارس في تفسير أسباب هذه الظاهرة، وتباينت باختلاف المنطلقات الفكرية والسياسية بل والتخصصات العلمية للباحثين .
وقد عانى المجتمع العراقي خلال العصر الحديث من ظاهرة العنف السياسي بدرجات متفاوتة و لأهداف متباينة، ومن أطراف وقوى متعددة، وفقاً لطبيعة وتوجهات النظام السياسي الصدامي السابق.
العلاقة بين العنف والإرهاب :
إن تعريف العنف من جهة، والإرهاب من جهة ثانية، هو موضع خلاف شديد بين المفكرين ورجال القانون المختصين، حيث لا يوجد مقياس أو مكيال يقاس عليه الفعل، ليحدد هل هو من أعمال العنف، أم من الأعمال الإرهابية إلا أن الأمريكي بول واتر يرى بأن هناك فرق بينهما، حيث قال ان العنف له ثلاثة أنواع :
1- العنف العادي: والذي يوصف بالجريمة العادية . مثل جريمة قتل، سرقة، اغتصاب ... الخ .
2- العنف الثوري: وأحياناً يسمى العنف التحرري، وهو العنف المبرر تاريخياً، لأنه يقوم من أجل تقرير المصير، وتحقيق الاستقلال، وإنهاء التبعية بناء على قرار الأمم المتحدة رقم 1514 لعام 1960 والقاضي بحق الشعوب في تقرير مصيرها.
3- العنف السياسي: وهو ليس إلا نتيجة حتمية لأعمال القمع والإرهاب، التي تقوم بها الأنظمة الاستعمارية والعنصرية، ضد أبناء البلد، والعنف قد يكون باغتيال شخص، أو الاعتداء على ملكيته كتفجير بيته أو سيارته أو مصنعه، حيث أن تجريد هذا العمل العنيف من مضمونه النفسي والشمولي، ليصبح جريمة عادية كما أن الإرهاب يمكن أن يقع دون عنف كالتهديد باستعمال السلاح، أو القوة أو التلويح بها، كالتهديدات الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية، باستعمال السلاح ضد دولة معينة، ورضوخ هذه الدولة دون استعمال القوة فعلاً .. فهل يمكن القول أن أمريكا ليست إرهابية ؟
كذلك الأمر، في الحصار الاقتصادي والعسكري، ضد الدول كالذي تعرض له سابقاً العراق.. أليس الأمر إرهاباً أيضاً.
تعليق