نقل لي ابن احد مراجع النجف (ولم أذكر اسمه دفعاً لشر البعثيين عنه):
لما فرضت حكومة صدام الإقامة الجبرية على سماحة آية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) قال لي والدي: سوف يحاسبنا الله تعالى يوم القيامة إن لم نزر هذا السيد الجليل الذي أصابه الضيم في سبيل الدفاع عن الحق ورد الباطل، قم معي لزيارته.
تحيّرت في الأمر، فمن ناحية أمرني والدي المرجع، وأمره حجة شرعية علي، والموضوع إنساني يتعلق بزيارة مظلوم كالسيد الصدر. ومن ناحية أخرى كان الإرهاب البعثي لا يرحم الطفل إذا خالف، فكيف بنا ونحن نريد مثل هذا اللقاء في بيته، وعلى الباب يخندق رجال قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد منها قسوة. ولكني رجّحت الجانب الشرعي ممتثلاً أمر الوالد، وليكن ما يشاء الله.
فخرجنا بعد زيارة مرقد الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى وصلنا لدى باب منزل السيد وإذا بضابط تقدم نحو والدي وقال: ماذا تريد يا سيد!
(وكنت أدعو الله في قلبي لاجتياز هذه المرحلة الصعبة).
أجابه والدي ببساطة: أريد زيارة هذا السيد المسكين من أحفاد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال الضابط: ممنوع!
فقال والدي: أخبرني أهذا المنع منع شرعي أم وضعي؟ فإن كان شرعياً فأتني بآية من القرآن الكريم، أو رواية من السنة النبوية الشريفة. وإن كان المنع وضعياً، فإنا أناس متشرعة، لا نمتثل للقوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية.
سكت الضابط ثم قال: لا ، ممنوع لأي أحد، وأنا مأمور يا سيد.
قال والدي (وهو يتجه نحو الباب، وقد كنت خائفاً عليه): دعني أدخل.
وفجأة قال الضابط: أرني هويتك!
فأخرج والدي قرآناً صغيراً من جيبه فناوله قائلاً: هذا سندي!
أخذ القرآن ثم أعاده إلى والدي فوراً، وقال: حسناً، ادخلا بسرعة قبل أن يراكما أحد، ولا تتأخرا فإن الأمر خطير، إذ فيه تطيح رؤوسنا جميعاً.
دخلنا على السيد الصدر وكان السيد وحيداً في حجرته وبين يديه القرآن وكتاب الدعاء، وكتب علمية أخرى ودينية. فتعجب السيد الصدر لما وجدنا عنده، قام وعانق بلهفة وحرارة حامداً الله تعالى، وهو يقول:
إنكم أول من يزورني بعد الحج والإقامة الجبرية، ثم تناول مسألة في علم المنطق قائلاً، إن الجدران لها فيران، والفيران لها آذان، فالجدران لها (آذان) أليس كذلك!؟
فعلمنا إن الحجرة منصوب فيها جهاز التنصت، وهكذا تفقد السيد الوالد أحواله ودعا له بالخير، وسأله عما يحتاج إليه ويتمكن منه. وحين الوداع دعا له والدي: إنني أدعو الله عز وجل لنصرتكم، وإن يبعد عنكم شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
فرد السيد الصدر: الحمد لله على كل حال.
منقوله
لما فرضت حكومة صدام الإقامة الجبرية على سماحة آية الله العظمى الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) قال لي والدي: سوف يحاسبنا الله تعالى يوم القيامة إن لم نزر هذا السيد الجليل الذي أصابه الضيم في سبيل الدفاع عن الحق ورد الباطل، قم معي لزيارته.
تحيّرت في الأمر، فمن ناحية أمرني والدي المرجع، وأمره حجة شرعية علي، والموضوع إنساني يتعلق بزيارة مظلوم كالسيد الصدر. ومن ناحية أخرى كان الإرهاب البعثي لا يرحم الطفل إذا خالف، فكيف بنا ونحن نريد مثل هذا اللقاء في بيته، وعلى الباب يخندق رجال قست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد منها قسوة. ولكني رجّحت الجانب الشرعي ممتثلاً أمر الوالد، وليكن ما يشاء الله.
فخرجنا بعد زيارة مرقد الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى وصلنا لدى باب منزل السيد وإذا بضابط تقدم نحو والدي وقال: ماذا تريد يا سيد!
(وكنت أدعو الله في قلبي لاجتياز هذه المرحلة الصعبة).
أجابه والدي ببساطة: أريد زيارة هذا السيد المسكين من أحفاد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
قال الضابط: ممنوع!
فقال والدي: أخبرني أهذا المنع منع شرعي أم وضعي؟ فإن كان شرعياً فأتني بآية من القرآن الكريم، أو رواية من السنة النبوية الشريفة. وإن كان المنع وضعياً، فإنا أناس متشرعة، لا نمتثل للقوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية.
سكت الضابط ثم قال: لا ، ممنوع لأي أحد، وأنا مأمور يا سيد.
قال والدي (وهو يتجه نحو الباب، وقد كنت خائفاً عليه): دعني أدخل.
وفجأة قال الضابط: أرني هويتك!
فأخرج والدي قرآناً صغيراً من جيبه فناوله قائلاً: هذا سندي!
أخذ القرآن ثم أعاده إلى والدي فوراً، وقال: حسناً، ادخلا بسرعة قبل أن يراكما أحد، ولا تتأخرا فإن الأمر خطير، إذ فيه تطيح رؤوسنا جميعاً.
دخلنا على السيد الصدر وكان السيد وحيداً في حجرته وبين يديه القرآن وكتاب الدعاء، وكتب علمية أخرى ودينية. فتعجب السيد الصدر لما وجدنا عنده، قام وعانق بلهفة وحرارة حامداً الله تعالى، وهو يقول:
إنكم أول من يزورني بعد الحج والإقامة الجبرية، ثم تناول مسألة في علم المنطق قائلاً، إن الجدران لها فيران، والفيران لها آذان، فالجدران لها (آذان) أليس كذلك!؟
فعلمنا إن الحجرة منصوب فيها جهاز التنصت، وهكذا تفقد السيد الوالد أحواله ودعا له بالخير، وسأله عما يحتاج إليه ويتمكن منه. وحين الوداع دعا له والدي: إنني أدعو الله عز وجل لنصرتكم، وإن يبعد عنكم شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
فرد السيد الصدر: الحمد لله على كل حال.
منقوله
تعليق