إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

يوم القدس

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوم القدس

    اهم ما في يوم القدس هذه السنة تزايد الشعور بامكانية تحريرهامواجهات تموز جعلت يوم القدس العالمي مقرونا بالمصداقيةا

    ثبتت المقاومة ان شعار تحرير بيت المقدس ليس شعاراً استهلاكياًبذور الشعور بالقدرة على مواجهة العدوان بدأت في خلدة عام 1982‏القيادة التي تمزج العقلانية بالإقدام تستطيع ان تصنع العجائبيبدأ تحرير القدس الحقيقي عندما تنتقل عدوى «النموذج اللبناني» عربيا!‏محمد باقر شرياهم ما في يوم القدس العالمي هذه السنة، هو ان المقاومة قدمت البرهان الساطع على ان ‏شعار «زحفاً زحفاً نحو القدس» لم يكن رافعوه ينطلقون من فراغ او من وهم او خيال: فاذا ‏كان تصميم «فتية آمنوا بربهم» وبوطنهم وبأمتهم، قد استطاع ان يفعل بالعدو المحتل ‏الغاصب هذه الافاعيل - رغم كل الظروف التي تبدو مستحيلة - فكيف يكون الحال لو تم تفعيل ‏الطاقات والقدرات على نطاق واسع، ولو تم تعميم «النموذج اللبناني» في المواجهة مع ‏العدو اذا جدّ الجد وصدقت العزائم، وتوفر الوعي الى جانب التصميم والاعداد باتقان ‏للقيام بواجب التحرير؟ ولقد ادت سلسلة الاحباطات والنكسات التي عاشها العرب ‏‏(والمسلمون) بسبب فقدانهم للقيادات التي يجب ان تتسم بالعقلانية والوعي وسداد الرأي الى ‏جانب التصميم والشجاعة، على ان يكون الرأي والتخطيط والوعي قبل الاقدام والشجاعة ‏فاذا اجتمع سداد الرأي مع الشجاعة او اذا اجتمع الرأي السديد مع الشجاعة والاقدام ‏والنفس الأبية الحرة، تحقق النصر لا محالة، مع توطين النفس على الاستعداد للتضحية، او على ‏حد تعبير قائد المقاومة التي خاضت مواجهات تموز المجيدة، وهو تعبير مقتبس من سيد شجعان ‏العرب اسد الله الغالب «علي ابن ابي طالب (ع)» الذي كان يقول لابنه في المعركة «تِد في ‏الارض قدمك.. اعز الله جمجمتك تزول الجبال ولا تزال» دون ان ننسى ان اقتران كل ذلك بتوفير ‏السلاح المناسب من منطلق: «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل» فليس المطلوب ‏ان يكون الاعداد فوق الاستطاعة بل ما هو في حدود الممكن، وما هو في حدود الممكن. لو تم ‏فعله، فانه يصنع العجائب! اذ كان كافيا استخدام سلاح محمول على الكتف ويمكن التنقل به ‏برشاقة على طريقة: «ما خف حمله.. وما اثبت جدواه» بحيث يتصدى للدبابات - التي كان ‏العدو يعتبرها «مفخرة الجيش الاسرائيلي» فيجندلها ويحولها الى «ذبائح» معدنية.. وليس كما ‏فعل الجيش الاسرائيلي عندما استطاع ان يستبيح مطار بيروت المدني الدولي ويقوم بهجوم جبان ‏على الطائرات المدنية اللبنانية ثم يباهي بعد ذلك بأنه استطاع ان يحولها الى اكوام ‏معدنية محترقة! وهو لم يكن ليفعل ذلك لو كان هنالك «دولة قوية قادرة» بل دولة وصفها ‏بعض من استفاقوا يومها من سباتهم وغفلتهم بأنها دولة مثل «بيت بلا سقف» جعلت البلد ‏مستباحاً. والتي لم يملك رئيس الجمهورية المرحوم شارل حلو في ذلك الوقت وهو يتفقد آثار ‏العدوان في مطار بيروت - وقد شاهد بضعة عشر طائرة لبنانية «مذبوحة ذبح النعاج» - الا ‏ان يذرف الدموع وهي دموع صادقة بالفعل، ولم تكن دموعاً «تمساحية» او «مسرحية»، ومع ذلك ‏فان لم يتم استخراج العبرة، والانصراف الى الاعداد بعد الادراك بأن «قوة لبنان في ضعفه» لا ‏تحمي وطناً، حتى لو اراد ان يعيش في البحبوحة والنعيم، وحتى لو كان غير مهدد من جانب كيان ‏عنصري يعتبر صيغة العيش المشترك اللبنانية، تحدياً له ويستسنح اي فرصة بل «يخلق» اي فرصة ‏حتى ولو كانت محاولة اغتيال السفير الاسرائيلي شلومو هليل في لندن لكي يجتاح لبنان، بحيث ‏تسير دباباته من الحدود الى خلدة (حيث تصدى لها حفنة من الابطال «صادف» انهم من لون واحد ‏ومن عائلة روحية معينة، وكتب عليها دائما ان تتصدى وحدها وتدفع الاثمان في التضحيات ‏والشهادة وتتحمل القصف والدمار دفاعا عن وطنها لبنان وتحميل هذا الوطن عبء الدفاع ‏والمواجهة نيابة عن مئات الملايين من العرب من المحيط الى الخليج.. بحيث برهن اللبنانيون خلال ‏الاجتياح الاسرائيلي ولو في مواجهة محدودة في خلدة، بأنه بالامكان على الاقل عرقلة وصول ‏الدبابات ولو بصورة موقتة الى العاصمة، كما برهنوا منذ ذلك اليوم ولو بصورة رمزية ‏انه بالامكان تدمير او اسر مصفحة او دبابة اسرائيلية، وكان ذلك «نواة معنوية مختزنة» ‏حول امكانية مقاومة هذا العدو، مما اسس في اللاوعي لقيام مقاومة شاملة على امتداد ‏الجنوب، مما اجبر العدو على الانسحاب.. بعد ان انتهك حرمة اول عاصمة عربية، ووصل الى قصر ‏بعبدا واستطاع فيما بعد، ان يجعل انتخاب رئيس للجمهورية يتم باشراف دباباته! ولم يكن ‏ذلك في نظر بعض «المفاليك» انتقاصاً من السيادة، لأن انقلاب المفاهيم وانحلال الارادة ‏الذاتية عند البعض، وصل درجة انه يرى عزه في ذله، وذله في عزه! وهو امر يقتصر على بعض ‏القيادات المستلبة الارادة في اعماقها. اما الشعب اللبناني العظيم بجميع اطيافه كما ‏برهن العدوان الاخير، الذي وضع هذا الشعب على المحك وجدّ الجد، فقد لبى داعي النجدة ليس ‏لمواطنيه الآخرين من ناحية انسانية فقط، بل لبى داعي النداء الوطني، ولو ان قادته وجهوه ‏وجهة النجدة بالمال وما تيسر من السلاح، لشارك في الحرب والفداء.. وليس صحيحاً ان اي ‏لبناني الى اي عائلة روحية انتمى، يمكن ان يستسيغ رؤية الذين توارثوا السعي لصلب ‏المسيح ابا عن جد، والذين لو ظهر المسيح مرة اخرى لسعوا الى قتله وصلبه، تماماً كما تقول ‏الروايات عند المسلمين ان كثيرين ممن يلبسون مسوح التقوى دون ان تكون التقوى في قلوبهم ‏وعقولهم، عندما يأتي المهدي المنتظر، فأنهم يطلبون منه ان يعود من حيث اتى! وقد رأينا ‏من امثالهم مؤخراً، بعض النماذج الذين كانوا يدّعون الحرص على السلامة يجأرون بلغة الاحباط ‏وتثبيط المعنويات والعزائم: وفي الوقت الذي كان العدو يحاول لملمة اذيال الهزيمة والخيبة، ‏كانوا يقولون ان هذا العدو قد انتصر على بني قومهم. وفي الوقت الذي كان العدو منبهراً ‏بالأداء المعجز للذين واجهوه في الميدان، كان المخذّلون يحاولون باستماتة ان يشيعوا روح ‏الاحباط ومناخ الشعور بالإنهزام في صفوف من يسمعهم او يراهم من المواطنين، ويوجهون اللوم ‏والتقزيع للذين يكابرون في صمودهم في وجه العدوان والدمار، والذين وصلت معنوياتهم ‏العالية واعتزازهم بالمقاومة درجة التعالي عما اصابهم. وهو تفوّق على الذات عند المواطن ‏العادي يعادل بل يكاد يفوق اداء ابنائهم في المعركة الميدانية بحيث كان الانتصار انتصاراً ‏مضاعفاً: انتصار على آثار الدمار وانتصار على العدو الذي كان يصف نفسه «بالقهار» ‏فاذا به اقصى امنياته ان يلوذ بالفرار!‏نعم.. هنالك امر واحد يضم الاحرار، ويمزق قلوبهم: وهو التقاعس الرسمي والحكومي على وجه ‏التحديد و«الشباطيين» على وجه اكثر تحديدا! اذ بلغ حد التواطؤ، فهذا افعل في النفس «من ‏وقع الحسام المهند»، لان الدولة التي يجب ان تخف لنجدة شعبها ومنكوبيها، لم تساوِ نفسها حتى ‏بالذين يصفهم البعض «بالغرباء» العرب والذين في وقت من الاوقات رفصت مبادراتهم لاحلال ‏الوفاق بين فريقين من مواطنيهم ومع اشقائهم، والذين قال بعضهم انه خرج من العروبة وان ‏اسرائيل لم تعد عدواً، وانه يريد الحياد بين العرب واسرائيل وكأنه «مستشرق» لا ينتمي لهذا ‏الوطن ولا الى تلك لأنه رغم اعتصامه بشعار «لبنان اولا» وهو «شعار حق يراد به باطل». ‏وبعد ان جاءه الاشقاء على تهافت اوضاعهم القيادية الهشة بهدف اظهار الدعم والاستعداد ‏لتقديم المعونة المادية والاغاثية بعد الحرب، وهي اضعف الايمان «بخل» على المقاومة بتوجيه ‏التحية حتي لشهدائها وكان يمكن ان يوجه التحية للشهداء لو استطاع ان «يخلق» شهداء ‏آخرين، لان اصل ذكر المقاومة ممنوع عليه «بأمر عمليات» فرضه هو على نفسه، توهماً منه بأن ‏ذكر المقاومة او الحديث عنها والاشادة الحقيقية بها - وليس الاشادة الاستهلاكية لرفع العتب ‏الشعبي عليه - سوف يزعج «اصدقاءنا» في اميركا واوروبا، علماً لو انه اظهر شيئاً من ‏الصلابة ولو التكتيكية في التعاطف مع المقاومة، لرأى ان ذلك يكسبه الاحترام حتى عند اعداء ‏المقاومة: فلا يسترخصونه ولا يكتفون بتوجيه العبارات المعسولة له في المدائح التشجيعية على ‏المضي في «الصداقة المجانية» له ولفريقه، بحيث يجعلهم «يدفّعون» فريقه ثمن صداقته لهم، بدلاً ‏من ان يكون العكس بحيث تكون صلابته - ولو الموقتة سبباً لأن يحسبوا حسابه وحساب بلده. ‏وينسى حتى عبر التاريخ الاميركي المعاصر - عندما الغى الرئيس انور السادات وجود 30 الف ‏خبير سوفياتي، بشكل تلقائي ومجاني، ووصل الخبر الى كيسنجر الذي علق ساخراً وهو يتهم ‏الرئيس السادات بالسذاجة (رغم ان السادات كان كرئيس وزرائنا السنيورة يعتبر نفسه «ذا ‏ناب ازرق» وانه «داهية» وانه يعرف من اين توكل الكتف»): «لو انه اشترط علينا مقابل ‏‏«طرد» الثلاثين الف خبير سوفياتي . وبالتالي اخراج كل النفوذ السوفياتي من مصر، لكُنّا ‏على استعداد ان ندفع له 30 مليار دولار! فسأله جلساؤه «وبماذا ستكافئونه على ذلك ‏الآن؟» قال: لا شيء لقد طردهم دون مقابل، اي بما معناه: «ذنبو على جنبو». وهكذا يفسّر ‏الغرب «البراغماتية»، فهي لا علاقة لها بالعواطف او المواقف الاخلاقية، ذلك ان كيسنجر الذي ‏لا ينكر اخلاصه «لتراثه اليهودي» فهو يقتيس هذه الروح المكيافيللية اللااخلاقية من ذلك ‏التراث، فاليهود وبالتعاليم التي يتقنونها بعيدا عما جاء به انبياؤهم اكتشفوا هذه ‏البراغماتية المبالغ فيها قبل «الواقعيين» الاوروبيين والاميركيين بزمن طويل. وحتى عندما ‏اوقف الرئيس انور السادات القتال في حرب اوكتوبر، اصيب الاسرائيليون انفسهم بالدهشة، ‏لأنهم كانوا يتوقعون ان تجتاز القوات المصرية ممري المتلا والجدي وتأخذ طريقها الى «العمق ‏الاسرائيلي» كما صرح بذلك موشي دايان في دردشة مع حسن النهامي نائب رئيس الوزراء في ‏عهد السادات، عندما رافق الرئيس السادات الى القدس، حيث قال دايان: «انا متعجب ‏ومسرور في الوقت ذاته، لأنكم توفقتم عند ممري التلا والجدي وليس سراً عندنا اذا قلت لك ‏بأن جيشنا كان في اسوأ حالاته وكان باستطاعتكم الدخول الى عمق اسرائيل لو اردتم ،ولكنا ‏الحمد لله انكم اضعتم على انفسكم تلك الفرصة!‏وفي قياس مع الفارق، كانت كارثة اسرائيل في «حربها الاخيرة على لبنان» اكبر مما كانت عليه ‏بكثير، لو ان لبنان وقف صفاً واحداً معتزاً بالنصر، ولو ان حكومته لم تضع اللّوم على ‏المقاومة، بحيث أسهمت سلفاً في اسقاط حق لبنان في تحمّيل اسرائيل مسؤولية الدمار الذي اصاب ‏لبنان، اذ كان موقفها غطاء معنوياً للعدوان، بحيث يمكن القول ان موقفها شجع العدو على ‏التمادي في العدوان، متخذاً من موقف الحكومة اللبنانية سلاحاً يشهره في وجهها عندما تطالب ‏بحق لبنان المعنوي والمادي، في تحميل اسرائيل كامل المسؤولية فيما حدث.. وكان باستطاعة ‏حكومة تتمتع بالقوة المعنوية والاخلاقية والصلابة والتماسك، ان تدحض حجج اسرائيل في تبرير ‏عدوانها بحيث تذكّرها بأن اجتياحها للبنان عام 1982 كان بسبب حجة واهية هي محاولة ‏اغتيال سفيرها في لندن، وان المقاومة اذا كانت قد اقدمت على اسر جنديين اسرائيليين، فان ‏اسرائيل قد اسرت الشريط الحدودي بما فيه من ارض وسكان لمدة 20 عاماً وانها - حتى خلال وجود ‏المقاومة اللبنانية وحدها، بعد ان توقفت المقاومة الفلسطينية عن القيام بالعمليات من ‏لبنان ضد اسرائيل - كانت فوق احتلالها للارض اللبنانية، تقوم طائراتها بالتحليق فوق ‏العاصمة اللبنانية، وكانت تغير على المدن والقرى الجنوبية، ولم تتوقف عن ذلك، الا عندما ‏اضطرت للتعهد عبر ما سمي بـ«تفاهم نيسان» بالتوقف عن ضرب المدنيين وأقرت بأنها اذا خرقت ‏هذا التعهد وهذا التفاهم، بأن من حق المقاومة ان ترد بضرب المستوطنات الاسرائيلية.‏يذكر الاستاذ محمد حسين حيكل في تحقيق له عن مؤتمرات القمة التي كانت تعقد في الرباط او ‏الدار البيضاء، ان المخابرات الاسرائيلية كانت موجودة في اروقة المؤتمرات وكانت تتنصت ‏على كل كلمة كان يقولها المؤتمرون، وكان البلد المضيف قد تورط حاكمه في علاقات واسعة مع ‏الاوساط اليهودية، وان قد تسلّم بعد ذلك «ملف القدس» ولم يفت العاهل المغربي الراحل ‏الحسن الثاني ان يعلن في احد مؤتمرات القمة التي عقدت فيما بعد في الجزائر، ان يذكر بأنه ‏يتطلع الى اليوم الذي تتحرر فيه القدس وكان يقولها «بصوت رقيق وعطوف» يذكّر بصوت ‏الرئيس السنيورة عندما «يتناغم» في المواقف التي تحتاج الى نعومة وشفافية وحتى دموع، حتى ‏ان احد «المفكرين» اللبنانيين الذي كان يجلس بيني وبين النقيب الشهيد رياض طه، دمعت هو ‏الاخر عيناه.. وكان تعليق النقيب الشهيد رياض طه الطريف على ذلك هو ان هذا الصديق ‏المشترك الذي يحلو لاصدقائه ان يقرنوا اسمه بلقب «المفكر»، لم تدمع عيناه بسبب حديث الحسن ‏الثاني حول تحرير القدس، بل لأن له قرابة مع العائلة الملكية الحاكمة في «المملكة المغربية ‏الشريفة» من ناحية المصاهرة النسائية بين عائلته والعائلة المالكة، ولأنه يشعر بالاعتزاز ‏بأن يقول الملك الحسن هذا الكلام، وان كان هذا الصديق «المفكر» يدرك في اعماقه «سرابية» ‏الآمال التحريرية للقدس التي اطلقها الملك الحسن. وحتى الآن لم يصل الى علم احد، بأي خطوة ‏سواء عن مؤتمرات القمة، او دولة المغرب الرسمية، قد تم انجازها على صعيد ليس استرداد ‏القدس، التي يحتاج استردادها الى قهر اسرائيل وانتزاع القدس من «براثنها».. وهذا امر ‏بدا متعذراً لكل ذي عقل في فترة التردي التي مر بها الوضع العربي منذ ذلك المؤتم حتى اليوم ‏الذي سبق المواجهة التاريخية التي انطبق عليها منطوق الآية الكريمة القائلة: «كم من فئة ‏قليلة غلبت فئة كبيرة بإذن ربها». فقد انقلبت الآية: وبعد ان كانت اسرائيل تحاول تضليل ‏العالم بأنها تمثل فئة قليلة في مواجهة بلاد عربية تفوقها عدداً وعدة بعشرات الاضعاف ‏متناسية، ان هذه «الفئة الكبيرة» العربية، يتعذر عليها ان تكون قوتها في مستوى عدد ‏سكانها او مساحة ارضها ومواقعها الاستراتيجية ووفرة مواردها لسببين: اولاً لأن معظم ‏قياداتها لا تتمتع بالوعي والبصيرة والجدارة القيادية الى جانب ارتهانها الذي لا يجبرها عليه ‏احد، بل هي قابلة للارتهان. اما السبب الثاني فهو ان القرار الدولي (الاميركي بالدرجة ‏الاولى) هو منع العرب من ان يكون لديهم القدرة على ايجاد توازن استراتيجي مع العدو، وهو ‏امر كان يمكن تسجيل اختراقات فيه لو توفر لدى هذه القيادات التصميم والارادة على تحقيق ‏هذا التوازن الاستراتيجي، الذي ترْجَح فيه كفة اسرائيل من حيث التسلح والقدرة العسكرية ‏على قدرات العرب العسكرية، ليس بسبب «اسطورية» القدرات الاسرائيلية بحد ذاتها، بل بسبب ‏اسطورية الامداد والدعم الاميركيين والاوروبيين للكيان الصهيوني والحرص «الاسطوري» على ضمان ‏امنها وسلامتها!‏وقد جاءت بالمقابل المواجهة اللبنانية «الاسطورية» الرائعة من جانب المقاومة، تثبت ان ‏اسرائيل رغم كل ما لديها من تفوق عكسري مقرون بتفوق اقوى قوة في العالم وفي التاريخ، ‏وقفت عاجزة امام الارادة المصممة للمقاومة، واثبتت ان تحرير القدس ممكن: بل من الممكن ان ‏‏«ىصبح حلم حقيقة»، عندما يعمم النموذج اللبناني في المقاومة بحيث تفعّل فيه الطاقات ‏العربية، وهو امر لا يتحقق الا اذا اقترن بالقيادات الواعية وذات الرؤية الاستراتيجية ‏والاقدام والعزيمة وقبل كل شيء الارادة الحرة غير المرتهنة لنفوذ وضغوط اية قوة على وجه ‏الارض. وهو امر يمكن ان يتوفر لدى الوطن الصغير او الكبير. وباستطاعة لبنان وحده حتى لو ‏تخاذل جميع القادة، اذا توفرت لديه قيادة مصممة متماسكة ومقدامة وواعية، ان تلقّن هذا ‏الكيان المتغطرس وقد لقنه بالفعل درساً لن ينساه: وهو منذ شهرين حتى اليوم، لا يزال في ‏بدايات استخلاص الدروس والعِبَر منه، وهو طبعاً يستعد لأن «يسترد المبادرة» بأي ثمن، ولا بد ‏للبنان من قيادة متماسكة قوية تأهباً لكل الاحتمالات.‏ولقد كان من حسن الطالع ان «الانموذج الرائع» الذي قدمته المقاومة قد حظي باجماع شعبي ‏بعضه واضح وبعضه ضمني ومكتوم، وكان اشد المعجبين بأداء المقاومة من منطلق النبل ‏والفروسية ومن منطلق «ان الفضل يعرفه ذووه»، هو جيشنا الباسل قيادة ورتباء وجنوداً: ‏وها ان قائد هذا الجيش لا يتردد في القول بأنه لو كان لديه سلاح دفاعي مضاد للطيران لما ‏ترك طائرة واحدة معادية تعربد في سماء لبنان وفوق رؤوس المسؤولين، و«حبذا» لو ان روح ‏الاباء والبسالة قد انتقلت عدواها الى صفوف الحكام، لبنانيين وعرباً، وسوف يرون انه رغم ‏كل جبروت وطغيان «القوة الاعظم» في العالم، فانها تقف عاجزة امام شعب مصمم على ان يمتلك ‏ارادته الحرة المستقلة الرافضة للارتهان والخضوع للضغوط او لم يقل فيلسوفنا جبران خليل ‏جبران: «ليس هنالك شعب يمكن استعباده الا اذا كان قابلاً للاستعباد» وحتي لو قهرته القوة ‏العسكرية ولم يتم قهر ارادته، فانه يظل قادراً على استرداد قراره الوطني ولو طال ‏الزمن.. كما هو شأن الشعب الفلسطيني، وكما فعل شعب فيتنام الذي اعترف بوش الذي يباهي ‏بأنه «رئيس حرب» بأن ما يحدث لجنوده الذين بدأوا منذ بداية هذا الشهر، يسقطون ‏بالعشرات يذكّره بما حدث في حرب فيتنام: فلقد استفاق العراقيون الى ان طريق طريق «لوأد ‏الفتنة» والخروج من مستنقع التقاتل الاهلي، هو تحميل الاحتلال مسؤولية كل هذا «الوباء ‏الطائفي» الذي لم يشهده العراق حتى في اظلم عصور الديكتاتورية! ولعل مثل هذا «الاعتراف» ‏من جانب بوش، بعد هذا التحول الايجابي في وعي العراقيين يضيف «جرعة أخري» من جرعات ‏التفاؤل بالخروج من حالة الاحباط، الى حالة الثقة بالنفس التي يشعر بها الذين احتفلوا ‏امس بيوم القدس العالمي ولسان كل واحد من هؤلاء الابطال ما قاله الجواهري:‏خلفتُ غاشية الخنوع ورائي واتيتُ اقبس جمرة الشهداءِ!‏
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X