جيش الإمام المهدي ....((جيش الظهور المبارك))عجيب أمرهم ... يتهافتون على الموت كأنهم يركضون إلى عرس ..ويحثون الخطى نحو مصارعهم كأنهم لم يسمعوا قط بكلمة موت ، ويتسابقون للشهادة كأنهم لم يروا من قبل مشهداً لصريع تصبغه الدماء .
يعملون نهاراً – شأنهم شأن كل الفقراء - ويتقاسمون الأرض لذعة الشمس ولدغ البرد ، يقتطعون من أفواه أكبادهم ومن خلاصة جهدهم ، دراهم ملطخة بعرق العمل ، ليشتروا بها قطعة من سلاح الكبرياء والرجولة ، بانتظار صبح الشهادة تحت زغاريد أم مزقت أحشائها لوعة فقد الابن أو الأخ أو الزوج على يد سلطة الطاغوت بالأمس ، أو تحت تراتيل زوجة لا يمنعها خوف( الثكل ) عن دفع الزوج نحو الفروسية والألق ، أو تحت نظرات الحبيبة المؤجل عرسها حتى إشعار آخر .
ليلهم ..أرجوحة عشق ..يتذكرون به ليال من عنفوان الحب الذي رشفوه في انتفاضتين مباركتين ، أقسمت شياطين الإنس والجن أن تطمس معالمهما ، وشحذت سلطة الخنوع والعمالة سكاكينها لتستأصل النسيم الآتي من جهة الجنوب ، وأرسلت دخان حقدها على أتباع أهل البيت لتخنق الأريج المقبل من جهة الأرض التي اندلعت فيها لعلعة البنادق التي اتكأ حاملوها على جدران مرقد أبي الخليقة الثالث ، في غري الله ، في أرض قدس الأقداس ، في عاصمة العالم .
الليل ملعبهم ، ومصابيح الظلمة عيونهم ، يتطلعون جهة ( النجف ) يتغزلون بحبيبتهم ( الحنـــّانة )، يرسلون تحايا الود والرحمة والرأفة لقائدهم ، لرجل يعرفون أن الملك والعرش لا يساوي عنده شسع نعل من نعال شهيد تهاوى في ميادين الكبرياء ، ليرسم صورة طفل يبتسم بوجه فجر الخليقة ، وينحنون كفرسان القرون الوسطى بحضرة امرأة علوية طاهرة مطهرة ، قدمت عربون أمومتها لهم ولقائدهم بقربانين من خير الأضاحي ، وقدمت - بوجه مبتسم كالفيض الآتي من فضاء الله - قرباناً نبوي العينين ، ملائكي النظرة ، قربان تلقاه جبريل والملائك من حوله بهتاف يصك سمع الملكوت مرددين (( أهلاً بالشهيد الثاني ) .
هذه العلوية الطاهرة الأم ، التي وقفت مع أبنائها في انتفاضتهم الثانية ، موشحة بالسواد ، تخفي ملامحها ووجها المقدس بوشاح من العفاف الذي يذكرنا بحجاب أم المصائب زينب في كربلاء ، ويشيرنا لموقف الزهراء بنت محمد في ( قصر الانقلاب العسكري الأول ) مخاطبة أعداء الرجولة والبطولة قائلة ( أصبحت والله قالية لرجالكم كارهة لدنياكم ) وثمة تلتفت – بنت رسول الله (ص) إلى الأنصار محفزة إياهم مرددة بصوت لا يخرم صوت أبيها ( إيه بني قيلة ) ، وهكذا يعيد تاريخ أهل البيت نفسه ، في مواقف الرجال والنساء ، وهل يستوي المجاهدون والقاعدون ؟ .
الليل ملعبهم ، والنهار دار هجرتهم نحو العلم والبناء ، يحرسون الأرض ، والإنسان ، ويستهدفون الذئاب التي تعوي في الليل لتجمع الكلاب حولها في كرنفالات الوحدة بين الضواري ، ويخرسون مزامير الغجر الذين جمعتهم طبول الزمن الآسن ، ويرفعون سيوفهم بوجه الجراد الآتي من خرائب الفتنة لينشر الموت في الطرقات ويعلن الحرب على إنسانية الإنسان .
يعشقون الموت في سبيل الحرية , ويعشقون الحياة ليصنعوا الحرية ، الموت ( النزق) ليس هدفهم ، والحياة الذليلة ليست مبتغاهم ، يهربون من جريرة سفك دم الأبرياء كما تهرب النعجة من الذئب ، ويطاردون هزيع الليل وشياطينه كما يطارد النمر فريسة شاردة ، يسهرون الليل يحرسون ، ويبدأون الفجر يصلون ، ويستقبلون الصبح يهللون ، ويقيلون ساعة من نهار ، ليبدأوا بعدها طلب العلم أو طلب الرزق ، لا تغريهم ( الدفاتر ) والدولارات التي تهافت لها المتهافتون ، ولم يخدعهم زخرف الحياة ، يمتطون أقدامهم المتورمة من الوقوف كبواسق النخيل في ليل حراسة الوطن ، ولا يعجبهم ركوب (عجلة ) فاخرة تم شرائها بدماء الأبرياء ، يسيرون بخطى ثابتة في طريق الحق ، ولا يستوحشونه لقلة سالكيه .
الممهدون لدولة الحق هم ، الممهدون لأطروحة العدل الإلهي الكامل هم ، الذين لا ينتظرون آخر الشهر ليقبضوا ثمن إيثارهم وجهدهم ، يرتزقون من عمل أيديهم ، ولا يسترزقون على الطائش الآتي من اليد العليا ، يحثهم للعلا (قائد) آثر أن يرتدي عباءة والده المقدس ( المخرومة ) ليقول لمن أغرتهم الدنيا :- هاؤم عباءة المولى الذي تدعون أنكم إليه تنتمون .
رهبان الليل ، فرسان النهار ، يحمون الناس ولا يحتمون ، ويعطون من خالص أموالهم ولا يستجدون ، ويقدمون من جنى كدهم وجهدهم للآخرين ولا ينتظرون شكراً ولا عطاءا ، يتقاسمون الرغيف ( الحاف ) الذي يشترونه من خشونة أيديهم ، ولا يسرقون الرغيف من الفقراء ، ولا يكدسون ( خمس الولاء ) ليستنزفوه في دعايات الانتخابات ، أو يرسلونه جهة الشمس ليبنوا به المؤسسات ، لا تعنيهم الشهوة للــ ( كافيار ) ولا يستهويهم طعم الــــ ( شوكولاته) ولا يسيل لعابهم لأكداس عرانيص الــــ ( موز ) التي تملأ بيوت مشايخ وقادة ما بعد الهدنة .
لا تفوتهم صلاة الليل ..يعبدون الله ولا يعبدون مقتدى الصدر ، فهم يعتبرون مقتدى أخاً وحبيباً وقائداً لهم ، يؤثرونه على أنفسهم ، ويشعرون أنه ( يملكهم ) بالحب ، وأنهم ( يملكونه ) بالعشق ، فهو يملكهم ، وهم له مالكون ، فهم – معه – متعادلون ، يحبونه لأنه رءوف بهم ، ويتغزلون بكلماته لأنهم يعرفون أنه لا يتاجر بالكلمات ، ولا يخدعهم بالمصطلحات ، ولا يبيع بهم ويشتري كما يفعل الآخرون .
الليل ملعبهم ، يحرسون أمهم الأرض ، ويحرسون أمهات أرضعنهم من أثداء الفضيلة ، ويطمئنون أخوات وبنات وزوجات لهم راكعات ساجدات قانتات في محاريب عاصمة العالم القدسية ، يدعين الله لهم بالثبات ، ويسألن الله لهم إحدى الحسنيين ( النصر أو الشهادة ) ويذكرنهم بقول سيد الشهداء ( موت في عز ، خير من حياة في ذل ) ويكتبن لهم الرسائل على أوراق الحنان والرأفة ليذكرنهم بمقولة سيد المراجع وسلطانهم محمد محمد الصدر ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) حين يقول ( أنا حررتكم ، فلا يستعبدنكم أحد من بعدي ) ، ويهدينهم جدائلهن عربوناً أخوة وود نقي ليشدوا بها على أذرعهم ، وليضمدوا بها نزيف جراح أصابعهم التي تصطك - كالأسنان الغاضبة - على البنادق .
الفرسان هم ، والليل ملعبهم ، وحين ينبلج الصبح ، يعودون لدنياهم ( الممر ) ليبنوا بيوتهم في ( المقر ) ، يخفون بنادقهم تحت ثيابهم كي لا يراها الأطفال فيرتعبون ، ويرسمون البسمة على وجوههم كي يستقطبوا قلوب المستضعفين ، ويصبغون وجوههم بالبشر والغضاضة كي يبعثوا الدفء والطمأنينة في صدور المساكين ، ويستهجنون تصرفات البعض من الحثالة ، ممن يخرجون بنادقهم وأسلحتهم من نوافذ السيارات ليرعبوا الآمنين ، ويطلقوا عياراتهم ليفرغ لهم الطريق ، ويلومون الذين لبسوا لون السواد – فضفاضاَ أو ضيقاً عليهم – ليشبعوا رغبتهم في تعويض نقص نفوسهم المريضة ، ويكرهون لغة العجرفة والنزق التي يتحدث بها اللصقاء والانتهازيون .
يشعرون أن لهم إماماً (غائباً ) قائداً أوحداً ، ينتظر منهم أن يمهدوا له طريق الظهور ، ويعرفون أن هذا الإمام لن يأتي على نغمات المتاجرين بدماء الشهداء ، ويعلمون أن إمامهم يريد لهم أن يكونوا ( خمص البطون من الزهد، عمش العيون من القراءة، بيض الشفاه من الصيام ) ، ويحسون أن الوجبات التي لا يتناولها بعض ( الشيوخ ) دون طبق الفاكهة ، لا يمت لمدرسة الإمام ( المنتَظِر ) بصلة .
يتناغمون مع زهد أخيهم ومقتداهم ، ويترجمون حبه إلى لغة شفافة من العشق ، والثأر لكرامة الإنسان ، ويخافون يوماً لا ينفع فيه مال ولا بنون ، ويقدمون أنفسهم على أنهم ( أبناء المنهج الصدري ) وليسوا أبناء (الخط الصدري) ، فالخط عندهم هو أقصر مسافة بين نقطتين ، وهم لا يؤمنون بحدود النقاط ، ولا بحدود العطاء ، وليسوا أبناء (التيار الصدري) فالتيار عندهم موجة تصنعها الرياح ويشحنها الصخب ، وتهدئها المسافات ، فهم أبناء النهج الصدري ، أبناء المنهج المحمدي ، منهج أهل البيت ، ومنهج الأنبياء من قبل .
هم ليسوا (جيش المهدي ) وإن أطلق البعض عليهم ذلك ، ولكنهم ( جيش الإمام المهدي ) الذين صبروا وصابروا وثابروا وثبتوا في منازل اللقاء والكبرياء بحثاً عن الكرامة والحرية ، وجاهدوا جهادهم (الأصغر) ، وقروا عيون الأمهات والأخوات والحبيبات اللائي ينتظرن عبر نوافذ الأمل ، وأعادوا الحلم لرحم الأرض كي تلد أمثالهم ، وهم الماضون إلى العلياء ، إلى الكبرياء التي تليق بالفرسان ، إلى النقاء ، إلى ( جيش الظهور المبارك ) ليستكملوا بناء أنفسهم ، وليثبتوا على ألم الجهاد (الأكبر) ، وليبدأوا وضع لبنات بناء دولة العدل والحق ، دولة ظهور الإمام والقائد الأوحد ، الحجة ابن الحسن ( عجل الله ظهوره المبارك ).
سالم الصدري
يعملون نهاراً – شأنهم شأن كل الفقراء - ويتقاسمون الأرض لذعة الشمس ولدغ البرد ، يقتطعون من أفواه أكبادهم ومن خلاصة جهدهم ، دراهم ملطخة بعرق العمل ، ليشتروا بها قطعة من سلاح الكبرياء والرجولة ، بانتظار صبح الشهادة تحت زغاريد أم مزقت أحشائها لوعة فقد الابن أو الأخ أو الزوج على يد سلطة الطاغوت بالأمس ، أو تحت تراتيل زوجة لا يمنعها خوف( الثكل ) عن دفع الزوج نحو الفروسية والألق ، أو تحت نظرات الحبيبة المؤجل عرسها حتى إشعار آخر .
ليلهم ..أرجوحة عشق ..يتذكرون به ليال من عنفوان الحب الذي رشفوه في انتفاضتين مباركتين ، أقسمت شياطين الإنس والجن أن تطمس معالمهما ، وشحذت سلطة الخنوع والعمالة سكاكينها لتستأصل النسيم الآتي من جهة الجنوب ، وأرسلت دخان حقدها على أتباع أهل البيت لتخنق الأريج المقبل من جهة الأرض التي اندلعت فيها لعلعة البنادق التي اتكأ حاملوها على جدران مرقد أبي الخليقة الثالث ، في غري الله ، في أرض قدس الأقداس ، في عاصمة العالم .
الليل ملعبهم ، ومصابيح الظلمة عيونهم ، يتطلعون جهة ( النجف ) يتغزلون بحبيبتهم ( الحنـــّانة )، يرسلون تحايا الود والرحمة والرأفة لقائدهم ، لرجل يعرفون أن الملك والعرش لا يساوي عنده شسع نعل من نعال شهيد تهاوى في ميادين الكبرياء ، ليرسم صورة طفل يبتسم بوجه فجر الخليقة ، وينحنون كفرسان القرون الوسطى بحضرة امرأة علوية طاهرة مطهرة ، قدمت عربون أمومتها لهم ولقائدهم بقربانين من خير الأضاحي ، وقدمت - بوجه مبتسم كالفيض الآتي من فضاء الله - قرباناً نبوي العينين ، ملائكي النظرة ، قربان تلقاه جبريل والملائك من حوله بهتاف يصك سمع الملكوت مرددين (( أهلاً بالشهيد الثاني ) .
هذه العلوية الطاهرة الأم ، التي وقفت مع أبنائها في انتفاضتهم الثانية ، موشحة بالسواد ، تخفي ملامحها ووجها المقدس بوشاح من العفاف الذي يذكرنا بحجاب أم المصائب زينب في كربلاء ، ويشيرنا لموقف الزهراء بنت محمد في ( قصر الانقلاب العسكري الأول ) مخاطبة أعداء الرجولة والبطولة قائلة ( أصبحت والله قالية لرجالكم كارهة لدنياكم ) وثمة تلتفت – بنت رسول الله (ص) إلى الأنصار محفزة إياهم مرددة بصوت لا يخرم صوت أبيها ( إيه بني قيلة ) ، وهكذا يعيد تاريخ أهل البيت نفسه ، في مواقف الرجال والنساء ، وهل يستوي المجاهدون والقاعدون ؟ .
الليل ملعبهم ، والنهار دار هجرتهم نحو العلم والبناء ، يحرسون الأرض ، والإنسان ، ويستهدفون الذئاب التي تعوي في الليل لتجمع الكلاب حولها في كرنفالات الوحدة بين الضواري ، ويخرسون مزامير الغجر الذين جمعتهم طبول الزمن الآسن ، ويرفعون سيوفهم بوجه الجراد الآتي من خرائب الفتنة لينشر الموت في الطرقات ويعلن الحرب على إنسانية الإنسان .
يعشقون الموت في سبيل الحرية , ويعشقون الحياة ليصنعوا الحرية ، الموت ( النزق) ليس هدفهم ، والحياة الذليلة ليست مبتغاهم ، يهربون من جريرة سفك دم الأبرياء كما تهرب النعجة من الذئب ، ويطاردون هزيع الليل وشياطينه كما يطارد النمر فريسة شاردة ، يسهرون الليل يحرسون ، ويبدأون الفجر يصلون ، ويستقبلون الصبح يهللون ، ويقيلون ساعة من نهار ، ليبدأوا بعدها طلب العلم أو طلب الرزق ، لا تغريهم ( الدفاتر ) والدولارات التي تهافت لها المتهافتون ، ولم يخدعهم زخرف الحياة ، يمتطون أقدامهم المتورمة من الوقوف كبواسق النخيل في ليل حراسة الوطن ، ولا يعجبهم ركوب (عجلة ) فاخرة تم شرائها بدماء الأبرياء ، يسيرون بخطى ثابتة في طريق الحق ، ولا يستوحشونه لقلة سالكيه .
الممهدون لدولة الحق هم ، الممهدون لأطروحة العدل الإلهي الكامل هم ، الذين لا ينتظرون آخر الشهر ليقبضوا ثمن إيثارهم وجهدهم ، يرتزقون من عمل أيديهم ، ولا يسترزقون على الطائش الآتي من اليد العليا ، يحثهم للعلا (قائد) آثر أن يرتدي عباءة والده المقدس ( المخرومة ) ليقول لمن أغرتهم الدنيا :- هاؤم عباءة المولى الذي تدعون أنكم إليه تنتمون .
رهبان الليل ، فرسان النهار ، يحمون الناس ولا يحتمون ، ويعطون من خالص أموالهم ولا يستجدون ، ويقدمون من جنى كدهم وجهدهم للآخرين ولا ينتظرون شكراً ولا عطاءا ، يتقاسمون الرغيف ( الحاف ) الذي يشترونه من خشونة أيديهم ، ولا يسرقون الرغيف من الفقراء ، ولا يكدسون ( خمس الولاء ) ليستنزفوه في دعايات الانتخابات ، أو يرسلونه جهة الشمس ليبنوا به المؤسسات ، لا تعنيهم الشهوة للــ ( كافيار ) ولا يستهويهم طعم الــــ ( شوكولاته) ولا يسيل لعابهم لأكداس عرانيص الــــ ( موز ) التي تملأ بيوت مشايخ وقادة ما بعد الهدنة .
لا تفوتهم صلاة الليل ..يعبدون الله ولا يعبدون مقتدى الصدر ، فهم يعتبرون مقتدى أخاً وحبيباً وقائداً لهم ، يؤثرونه على أنفسهم ، ويشعرون أنه ( يملكهم ) بالحب ، وأنهم ( يملكونه ) بالعشق ، فهو يملكهم ، وهم له مالكون ، فهم – معه – متعادلون ، يحبونه لأنه رءوف بهم ، ويتغزلون بكلماته لأنهم يعرفون أنه لا يتاجر بالكلمات ، ولا يخدعهم بالمصطلحات ، ولا يبيع بهم ويشتري كما يفعل الآخرون .
الليل ملعبهم ، يحرسون أمهم الأرض ، ويحرسون أمهات أرضعنهم من أثداء الفضيلة ، ويطمئنون أخوات وبنات وزوجات لهم راكعات ساجدات قانتات في محاريب عاصمة العالم القدسية ، يدعين الله لهم بالثبات ، ويسألن الله لهم إحدى الحسنيين ( النصر أو الشهادة ) ويذكرنهم بقول سيد الشهداء ( موت في عز ، خير من حياة في ذل ) ويكتبن لهم الرسائل على أوراق الحنان والرأفة ليذكرنهم بمقولة سيد المراجع وسلطانهم محمد محمد الصدر ( عليه صلوات من ربه ورحمة ) حين يقول ( أنا حررتكم ، فلا يستعبدنكم أحد من بعدي ) ، ويهدينهم جدائلهن عربوناً أخوة وود نقي ليشدوا بها على أذرعهم ، وليضمدوا بها نزيف جراح أصابعهم التي تصطك - كالأسنان الغاضبة - على البنادق .
الفرسان هم ، والليل ملعبهم ، وحين ينبلج الصبح ، يعودون لدنياهم ( الممر ) ليبنوا بيوتهم في ( المقر ) ، يخفون بنادقهم تحت ثيابهم كي لا يراها الأطفال فيرتعبون ، ويرسمون البسمة على وجوههم كي يستقطبوا قلوب المستضعفين ، ويصبغون وجوههم بالبشر والغضاضة كي يبعثوا الدفء والطمأنينة في صدور المساكين ، ويستهجنون تصرفات البعض من الحثالة ، ممن يخرجون بنادقهم وأسلحتهم من نوافذ السيارات ليرعبوا الآمنين ، ويطلقوا عياراتهم ليفرغ لهم الطريق ، ويلومون الذين لبسوا لون السواد – فضفاضاَ أو ضيقاً عليهم – ليشبعوا رغبتهم في تعويض نقص نفوسهم المريضة ، ويكرهون لغة العجرفة والنزق التي يتحدث بها اللصقاء والانتهازيون .
يشعرون أن لهم إماماً (غائباً ) قائداً أوحداً ، ينتظر منهم أن يمهدوا له طريق الظهور ، ويعرفون أن هذا الإمام لن يأتي على نغمات المتاجرين بدماء الشهداء ، ويعلمون أن إمامهم يريد لهم أن يكونوا ( خمص البطون من الزهد، عمش العيون من القراءة، بيض الشفاه من الصيام ) ، ويحسون أن الوجبات التي لا يتناولها بعض ( الشيوخ ) دون طبق الفاكهة ، لا يمت لمدرسة الإمام ( المنتَظِر ) بصلة .
يتناغمون مع زهد أخيهم ومقتداهم ، ويترجمون حبه إلى لغة شفافة من العشق ، والثأر لكرامة الإنسان ، ويخافون يوماً لا ينفع فيه مال ولا بنون ، ويقدمون أنفسهم على أنهم ( أبناء المنهج الصدري ) وليسوا أبناء (الخط الصدري) ، فالخط عندهم هو أقصر مسافة بين نقطتين ، وهم لا يؤمنون بحدود النقاط ، ولا بحدود العطاء ، وليسوا أبناء (التيار الصدري) فالتيار عندهم موجة تصنعها الرياح ويشحنها الصخب ، وتهدئها المسافات ، فهم أبناء النهج الصدري ، أبناء المنهج المحمدي ، منهج أهل البيت ، ومنهج الأنبياء من قبل .
هم ليسوا (جيش المهدي ) وإن أطلق البعض عليهم ذلك ، ولكنهم ( جيش الإمام المهدي ) الذين صبروا وصابروا وثابروا وثبتوا في منازل اللقاء والكبرياء بحثاً عن الكرامة والحرية ، وجاهدوا جهادهم (الأصغر) ، وقروا عيون الأمهات والأخوات والحبيبات اللائي ينتظرن عبر نوافذ الأمل ، وأعادوا الحلم لرحم الأرض كي تلد أمثالهم ، وهم الماضون إلى العلياء ، إلى الكبرياء التي تليق بالفرسان ، إلى النقاء ، إلى ( جيش الظهور المبارك ) ليستكملوا بناء أنفسهم ، وليثبتوا على ألم الجهاد (الأكبر) ، وليبدأوا وضع لبنات بناء دولة العدل والحق ، دولة ظهور الإمام والقائد الأوحد ، الحجة ابن الحسن ( عجل الله ظهوره المبارك ).
سالم الصدري