اليوم ذكرى وعد بلفور اساس البلاء الذي «زُرع» في المنطقة
ردّ عليه المقاومون عملياً ونسي القادة تحويل ذكراه الى يوم غضب !
بريطانيا صاحبة الوعد تستنجد بمن يعِدُها اليوم: بالخلاص في العراق
«مصادفة» تفقد اولمرت للجبهة في ذكرى الوعد المشؤوم..!
هل تجرؤ «حكومة الدموع» على قبول سلاح دفاعي ضد الطيران
عرضته دولة صديقة دون شروط والمح اليه رئيس مجلس النواب؟
محمد باقر شري
صادف اليوم ذكرى وعد بلفور الذي كان اصل «مصيبة المصائب» للعرب منذ ما يقرب من قرن كامل (كان وعد بلفور باعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين في 2 تشرين الثاني عام 1917) وقد اصبح هذا التاريخ المشؤوم والذي نعيش آثاره اليوم، وكأنه اصبح نسياً منسياً، ولدرجة اننا شخصياً عندما «تذكرنا» هذا التاريخ نكاد نشك بذاكرتنا، او ربما نكون مخطئين فيما اذا كان فعلاً ان وعد بلفور صدر في 2 تشرين الثاني عام 1917 او في يوم آخر، او سنة اخرى.
واذا كان هنالك من ينبري ليمتدح ذاكرته بأنها افضل من ذاكرة غيره، فان عذره سيكون اقبح من ذنب. اذ كيف يحل هذا «اليوم الخطير» الذي كان بداية مأساة العرب الحديثة، بل سبب مآسي المنطقة كلها بمن فيها من عرب واتراك وايرانيين بل لقد امتدت الاثار السلبية لهذا الوعد الى العالم الاسلامي والقت بظلالها المصيرية على التطورات العالمية المتأثرة بما يدور في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
والعجيب الغريب الذي يبعث على الرثاء ان كل المهتمين بالقضية الفلسطينية سواء كانوا من الفلسطينيين انفسهم او من العرب حكاماً ومنظمات وجماهير، والذين عانوا ولا يزال يعانون آثار مرارات هذا الوعد وويلاته، يهتمون بقضايا ثانوية متفرّعة عن هذا الوعد دون ان تلتفت الى هذا الوعد نفسه، الذي كان اساس البلاء : بحيث يمكن ان تستعيد وقائعه وظروفه ونتائجه وتستخرج منها العبَر... بل يمكن الاستفادة من هذه الذكرى بحيث تكون يوم «يوم حزن شامل» - في البلاد العربية على الأقل - والتذكير بما جناه الاستعمار البريطاني الذي لا يزال «ورثته» سواء كانوا من بقايا الاستعمار القديم او «الاستعمار الجديد» على هذه المنطقة واهلها. بحيث يكون يوم غضب يسمع دويه العالم بأسره، ويسهم بايقاظ الضمير العالمي، بدءاً من ايقاظ الغافلين من العرب انفسهم، الذين اصبحت تمر بهم المناسبات والمحطات المفصلية في تاريخهم الحديث، دون ان يلتفتوا اليها وكأنهم غارقون «في بحور» النوم والنسيان!
ولقائل ان يقول: ان المقاومة في لبنان حققت على الارض لأول مرة منذ تحول وعد بلفور الى كيان عنصري يغتصب ارض فلسطين، خلال الايام الثلاثة والثلاثين المجيدة، معجزة هزت اركان هذا الكيان من القواعد، ولدرجة جعلت رئيس وزراء العدو، يتصرف هائما على وجهه، بينما يستعد للذهاب الى واشنطن لعله يتدارك ما يمكن تداركه من وسائل الحفاظ على هذا الكيان. وهو الكيان الذي مهما ادّعى من اعتماده على نفسه وقدراته الذاتية فانه يحتاج الى وسائل انعاش تظل اصطناعية، وقد اكتشف بعد ان ملأه الغرور والشعور بغطرسة القوة والاقتدار، انه عاش الايام الثلاثة والثلاثين وكأنه في حالة انعدام الوزن بحيث يبرر التعبير الذي اطلق عليه من جانب مَن كان له بصيرة ثاقبة، بأنه يظل رغم جبروت وغرور القوة «اوهى من بيت العنكبوت»! ولا نقول ذلك للاستهانة بما لدى هذا الكيان من قدرات عسكرية، فانه كلما اراد ان يستسقي المزيد من القوة، يهرول الى واشنطن حيث «القوة العالمية الاحادية الضاربة» يستجدي منها القدرة على الاستمرار واسباب البقاء. وهو في اساس وجوده يعيش وضعا طفيليا : فلكي يحصل من بريطانيا الى «وعد بلفور» الذي استجداه الصهاينة من وزير الدفاع البريطاني «المتصهين» عام 1917، مقابل تأليف فرقة يهودية تقاتل مع الانكليز، ويكون تأليفها سلّما للوصول الى ما اطلقوا عليه اسم «ارض الميعاد» بحيث قايض حاييم وازيمن هذا الوعد بتقديم خدمات للحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الاولى. وكان وايزمن وابن غوريون يطوفان البلاد العربية بالذات ويلتفون «بزعمائها» بدءاً من عوني عبد الهادي في الاردن الى جميل مردم في دمشق الى بعض الزعماء اللبنانيين الذين تولى بعضهم رئاسة الحكومة فيما بعد، وكان هؤلاء الصهاينة يرتدون «الطرابيش» زيّ تلك الايام الموروث عن العثمانيين لكي يظهروا انفسهم «كيهود عرب» او مستعربين، وكانوا يلقون القبول من القيادات العربية في تلك الحقبة، من منطلقات حسن النية عند هؤلاء القادة العرب الذين لم تكن لهم البصيرة اوالنظرة الثاقبة لكي يستشرفوا المخاطر التي ينطوي عليها سعي هؤلاء «الزعماء» الصهاينة وهم منخرطون في ما يسمى «بالوكالة اليهودية» التي كان لها طابع ظاهره خيري، يريد جمع كلمة اليهود المنتشرين في «غيتووات» متفرقة والذين ينتمون الى بلدان متعددة وقوميات مختلفة ولكن تجمعهم عقيدة قائمة على اساس عنصري تعصبي. وما لم يستطيعوا ان يحصلوا عليه من تعهدات من جانب السلطان عبد الحميد حول «الوطن القومي» الذي كان اقصى ما يهدفون اليه من المطالبة به والحصول عليه، وهو ان يكون لهم نوع من الحكم الذاتي. واذا كانت الصهيونية حركة قومية علمانية كما يدّعون، فان ما رآه العرب والعالم، بعد قيام الكيان الصهيوني، لم يكن ذا طابع قومي بحت او علماني حقيقي، بل كان مغلفا بالادعاءات العلمانية، فيما كان يهدف على المدى البعيد، الى اقامة «دولة يهودية» صرفة ذات طابع يختلط فيه الطرح الديني بالطرح القومي. ولدرجة ان الحركة الصهيونية العالمية منذ ان قادها هرتزل يندغم فيها القومي بالديني بحيث لا يمكن فصل احدهما عن الآخر. ولأنهم لو جعلوها حركة انتماء ديني، فانها لا تشكل مبرراً مقنعاً عند من طلبوا مساعدتهم لاقامة «الوطن القومي». لان وجود مؤمنين بالدين المسيحي او الاسلامي على سبيل المثال في بلدان مختلفة، لا يبرر جمع المسيحيين او المسلمين في «وطن واحد» وفي بقعة جغرافية واحدة، اولاً لأن ذلك غير ممكن الا اذا استخدم الفرز على اساس ديني بينهم وبين المؤمنين بالأديان الأخرى، وعندئذ كيف يمكن جمع المسيحيين في اميركا واوروبا وآسيا وفي مختلف القارات في «وطن واحد»؟ ثانياً ان الحركة الصهيونية التي تهافتت دعاواها بجعل فلسطين بلدا لكل يهود العالم على اساس ديني، وجدت في خلط القومية بالدين وسيلتها للادعاء، بأنها ستجمع يهود العالم في وطن اسمته اسرائيل، على اساس الانتماء القومي، وكان اليهود قد تواجدوا في فلسطين في الزمن القديم وان كانوا يتناسون بأن اليهود السابقين في ذلك التاريخ، دخلوا فلسطين عنوة وفتحوها كغزاة قادمين اليها. وتتحدث كتبهم الدينية مباهية كيف انهم «جعلوا اعزّة اهلها اذله»، ان يشوع ابن نون الدي قاد اليهود القادمين من «صحراء التيه»، قد جاءه الامر الالهي بقتل وابادة سكان فلسطين من الكنعانيين والآراميين بما في ذلك الاطفال والنساء والشيوخ وحتى القضاء على المواشي وحرمان سكان فلسطين من مياه الآبار وثمار الاشجار واذا كان هنالك من يقف في طريقهم من سكان فلسطين فان بيوت الفلسطينيين تدمر بحيث لا يبقى فيها حجر على حجر، واذا رابط مقاومون من الكنعانيين في بساتين لمنع اجتياح الغزاة، فان الغزاة يحرقون الاشجار او يقطعونها، وهو ما طبقوه حديثاً منذ ان اقاموا كيانهم الغاصب عام 1948.
واذا كان الانكليز الذين قطعوا على انفسهم العهد بمساعدتهم على اقامة وطن قومي في فلسطين، انطلاقاً من كون الانكليز منتدبين على فلسطين، فقد جاء يوم مارسوا فيه هوايتهم التاريخية المعروفة بالغدر لمن «احسن اليهم» وساعدهم على تحقيق احلامهم الاغتصابية : فما ان وضعوا اقدامهم وهم قادمون من بلدان شتى، على ارض فلسطين واحتموا بقرار صادر عن الامم المتحدة يقضي بالسماح لهم باقامة كيان على قسم من ارض فلسطين، بموجب قرار التقسيم عام 1947 حتى «ردوا الجَميل» للانكليز الذين ساعدوهم على ظلم عرب فلسطين واخرجوهم من ديارهم، بأن اخذوا يقومون «باغتيال الانكليز» حتى ان مناحيم بيغن يروي في كتابه «الثورة»، كيف وضع قنبلة في فندق الملك داود في القدس، بهدف قتل نزلائها من الانكليز، لاجبار الانكليز على الخروج من فلسطين، لان الانكليز رغم انحيازهم للصهاينة وتسهيل اقامة «وطن» لهم بموجب وعد بلفور، لم يكونوا يريدون بقاء الانكليز وإن كانوا منحازين لهم، لأنهم اذا وجدوهم يرتكبون المجازر كما حدث في دير ياسين وكفرقاسم وغيرهما من المدن والقرى الفلسطينية والاستيلاء عليها، فانهم سوف يكونون شهوداً عليهم، بحيث يتهمونهم بتجاوز الوعد الذي حصلوا عليه من بريطانيا، وبأنهم خرجوا على المساحات التي «منحهم» اياها مجلس الامن الدولي بموجب قرار التقسيم.
وكما قلنا فقد جاء الوقت الذي اصبح فيه مناحيم بيغن رئيسا للوزراء وقرر زيارة بريطانيا، ولكن «ارشيف» وزارة الدفاع والخارجية في بريطانيا «مليء بمآثر» مناحيم بيغن الارهابية بما فيها قتل البريطانيين في فندق الملك داود، في الانفجار الذي لم تقتصر آثاره على قتل الضباط والنزلاء الانكليز، بل طال العديد من النزلاء الاسرائيليين. ولكن «عقيدة العنف» التي اتبعها قادة العصابات الصهيونية وخاصة مناحيم بيغن لم تكن تعبأ ان تأخذ في طريقها النزلاء اليهود «لأن الغاية عندها تبرر الواسطة» ورغم استمرار انحياز السياسة البريطانية لاسرائيل عندما اصبح بيغن رئيسا للوزراء وطلب زيارة بريطانيا، فان الحكومة البريطانية ترددت في السماح له بهذه الزيارة، وقد استمر التجاذب والجدل اشهراً، دون ان تقتنع حكومة لندن باستقبال هذا «الارهابي السابق العريق، حتى لو اصبح رئيساً للوزراء!» واخيراً تغلبت الضعوط من جانب قوى محابية للصهاينة، الى جانب «المساعي الحميدة» الاميركية في اقناع الحكومة البريطانية بالعدول عن موقفها!
ولقد كان من المفارقات انه بعد مرور ما يزيد على نصف قرن منذ قيام الكيان الصهيوني الذي كان للدولة «صاحبة وعد بلفور» اليد الطولى في اقامة هذا الكيان بهدف جعله «خنجراً» في قلب المنطقة لمنع وحدتها وتقسيمها، وقد حاولت ان تستعيد نفوذها في المنطقة عبر الالتحاق بالمخطط الصهيو - الاميركي في المنطقة عند احتلال العراق، تجد نفسها بعد حوالى 90 سنة من وعد بلفور مضطرة لايفاد مبعوث عن رئيس وزرائها الى دولة عربية شقيقة كانت من اكثر الدول العربية تعرضاً للأذى من جانب الكيان الصهيوني، لكي يستعين بهذا البلد العربي الشقيق سوريا في محاولة «رد الأذى» عن نفسها والذي تسببت به لنفسها، عندما ارسلت جيشها الى العراق، حيث نقل الاعلام العالمي امس صوراً لأبناء العراق في البصرة يقابلون الدبابات البريطانية بصدورهم ويحاولون مقاتلتها بالحجارة، ومع ذلك فان المستعمر بدباباته يبدو مذعوراً من تنامي العداء والنقمة عليه من جانب الشعب العراقي. وقد سبق لرئيس حكومة بريطانيا عندما جاء الى لبنان منذ اسابيع وبعد عدوان الكيان الصهيوني الذي كان لبريطانيا الدور الاكبر في جريمة «زرعه» في المنطقة العربية، وشهد بلير بنفسه كيف ان لبنان «البلد الوديع» قد تفجر شبابه غضباً على الوقاحة البريطانية التي تساند دولة العدوان، بل ايدت استمرار عدوانه على لبنان على «أمل» ان يستطيع القضاء على مقاومته الباسلة!
ولكن المواقف العدائية الاجنبية على لبنان، لا تعفينا من ان نتساءل بمناسبة ذكرى وعد بلفور التي تكاد تصبح منسية، رغم ان آثارها ونكباتها على الارض تملأ المنطقة كلها فما الذي يمنع قوى الممانعة العربية على الأقل، والتي تضم الملايين من الذين يملأهم الحماس لمقاومة العدوان والاحتلال والضغوط الاجنبية، ان يتظاهروا في هذا اليوم من المحيط الى الخليج، مذكرين انفسهم والعالم، بذكرى وعد مشؤوم جرّ البلاء والدمار الى المنطقة العربية كلها، وفي حين كان البعض يذهب الى «مركز القرار» في واشنطن المساند لعدوانية الكيان الذي كان قيامه نتيجة وعد بلفور، لكي يحاول تأليب «حُماة اسرائيل» على فريق من ابناء بلده تصدى للعدوان، ويستعديه على بلد شقيق بدعوى مسؤولية نظام ذلك البلد الشقيق عن جريمة طالت رئيس وزراء، كان هو نفسه (اي رئيس الوزراء الشهيد) عضواً في حركة قومية عربية كان شعارها: «وحدة، تحرر، ثأر» من العدو الغاصب.
ونحن نعتقد ان نسيان القيادات سواء كانت حاكمة او شعبية، لمحطات هامة ومفصلية في تاريخنا - رغم الشعلة التموزية المضيئة التي اعادت الاعتبار للذات الوطنية والقومية والروحية - انما يكشف عن الغفلة وعدم تقديم الاهم على المهم.. اذ كيف نلتفت احيانا الى ما هو اقل من هذه الذكرى المشؤومة ونظهر فيها غضبنا واستنكارنا، بينما نهمل الالتفات الى الذكرى المفصلية التي كانت اسس بلائنا وويلاتنا، ولا نستغل المناسبة لاظهار مدى تمسكنا بحقنا ورفضنا للظلم الذي كان ولا يزال يستهدفنا!.
واذا التفتنا الى ما يجري على حدودنا من انتهاكات وتجاوزات ونرى رئيس وزراء العدوان يحاول ان يداري ما اصابه بالاعلان بأنه لم يعد هنالك من يتصدى له اذا عربد، بدليل ان المقاومة كما يزعم قد انتهى «خطرها» على كيانه «مستأنسا» بوجود القوات المتعددة الجنسية، ومفترضا بأن الجيش الوطني اللبناني الذي انتشر على الحدود لا يشكل اي عامل من عوامل الازعاج له وهو يعربد في سمائنا ويتجاوز براً على حدودنا، بينما كل همّ رئيس وزرائنا ان يردّ على ابطال المقاومة، بالقول انه بجهوده ودموعه حقق العجائب.. وهو يكاد يقول ان الميركافا تحطمت ودمرت و«ذابت» من اثر هذه الدموع!
ولقد اصبحنا نجد في استنكار رئيس تيار المستقبل ورئيس حكومة 14 آذار (كما اسماها الشيخ سعد نفسه) للخروقات الجوية الاسرائيلية، التي اعلن وزير الحرب الاسرائيلي عمير بيريتس، بأنه سوف يستمر في التحليق لاستكشاف ما يجري على الارض اللبنانية، الى ان يتأكد بأنه لم يعد من الممكن ان يصل الى المقاومة اية قطعة سلاح. وهذا امر قد يطول عدة سنين، فماذا تنوي حكومتنا ان تفعل؟
لقد حرص رئيس مجلس النواب امس على المطالبة بتزويد جيشنا الباسل بأسلحة مضادة للطيران والكل يعرف ان الولايات المتحدة التي يزورها رئيس اللقاء الديموقراطي والتي اجرى معها الشيخ سعد منذ اشهر محادثات حول تزويد الجيش بالسلاح، وقد يحصل كل منهما على وعود بهذا الشأن ولكننا نحن على مثل اليقين، بأن اسلحة فعالة و ثقيلة يمكن ان تتصدى للعدو الاسرائيلي، سواء من نوع الدبابات الحديثة الطراز او المدفعية المضادة للطائرات او سلاح بحري، او طائرات حديثة حتى لو توفر المال لشرائها من دول شقيقة ميسورة غيورة على لبنان وعلى جيشه، فان واشنطن بناء «لأمر العمليات» الذي الزمت نفسها به مع القوى الضاغطة، والتي اصبحت في صميم القرار الاميركي، يمنع ايصال اسلحة من هذا النوع الى دولة محاذية لاسرائيل، الا اذا «سمحت» اسرائيل نفسها بوصول هذا السلاح مقرونا بشروط، تحظر استعماله ضدها ولو في حالات الدفاع عن النفس او التصدي للخروقات، علماً انه بلسان قائد الجيش يوجد من يزودنا بنظام دفاعي مضاد للطائرات، ولكن حكومتنا لا تجرؤ على قبوله. علماً ان من لدىه حرية القرار، يأخذ السلاح من اي كان. ولا نزال نذكر الملك فيصل آل سعود عندما كان وزيراً للخارجية وسئل عن سبب تأييد السعودية لشراء مصر للسلاح من تشيكوسلوفاكيا التي كانت شيوعية ورغم ان السعودية على طرفي نقيض مع الشيوعية قال: «اننا نشتري الحديد لا المبادئ»! فلنفترض ان دولة زودتنا بالسلاح ايا كانت دوافعها، فان السلاح عندما يصل الى ايدينا نصبح نحن المتحكمين بالسلاح، وليس من باعنا السلاح يتحكم به وبنا، كما تفعل الدول المحابية لكيان العدو!
ردّ عليه المقاومون عملياً ونسي القادة تحويل ذكراه الى يوم غضب !
بريطانيا صاحبة الوعد تستنجد بمن يعِدُها اليوم: بالخلاص في العراق
«مصادفة» تفقد اولمرت للجبهة في ذكرى الوعد المشؤوم..!
هل تجرؤ «حكومة الدموع» على قبول سلاح دفاعي ضد الطيران
عرضته دولة صديقة دون شروط والمح اليه رئيس مجلس النواب؟
محمد باقر شري
صادف اليوم ذكرى وعد بلفور الذي كان اصل «مصيبة المصائب» للعرب منذ ما يقرب من قرن كامل (كان وعد بلفور باعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين في 2 تشرين الثاني عام 1917) وقد اصبح هذا التاريخ المشؤوم والذي نعيش آثاره اليوم، وكأنه اصبح نسياً منسياً، ولدرجة اننا شخصياً عندما «تذكرنا» هذا التاريخ نكاد نشك بذاكرتنا، او ربما نكون مخطئين فيما اذا كان فعلاً ان وعد بلفور صدر في 2 تشرين الثاني عام 1917 او في يوم آخر، او سنة اخرى.
واذا كان هنالك من ينبري ليمتدح ذاكرته بأنها افضل من ذاكرة غيره، فان عذره سيكون اقبح من ذنب. اذ كيف يحل هذا «اليوم الخطير» الذي كان بداية مأساة العرب الحديثة، بل سبب مآسي المنطقة كلها بمن فيها من عرب واتراك وايرانيين بل لقد امتدت الاثار السلبية لهذا الوعد الى العالم الاسلامي والقت بظلالها المصيرية على التطورات العالمية المتأثرة بما يدور في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
والعجيب الغريب الذي يبعث على الرثاء ان كل المهتمين بالقضية الفلسطينية سواء كانوا من الفلسطينيين انفسهم او من العرب حكاماً ومنظمات وجماهير، والذين عانوا ولا يزال يعانون آثار مرارات هذا الوعد وويلاته، يهتمون بقضايا ثانوية متفرّعة عن هذا الوعد دون ان تلتفت الى هذا الوعد نفسه، الذي كان اساس البلاء : بحيث يمكن ان تستعيد وقائعه وظروفه ونتائجه وتستخرج منها العبَر... بل يمكن الاستفادة من هذه الذكرى بحيث تكون يوم «يوم حزن شامل» - في البلاد العربية على الأقل - والتذكير بما جناه الاستعمار البريطاني الذي لا يزال «ورثته» سواء كانوا من بقايا الاستعمار القديم او «الاستعمار الجديد» على هذه المنطقة واهلها. بحيث يكون يوم غضب يسمع دويه العالم بأسره، ويسهم بايقاظ الضمير العالمي، بدءاً من ايقاظ الغافلين من العرب انفسهم، الذين اصبحت تمر بهم المناسبات والمحطات المفصلية في تاريخهم الحديث، دون ان يلتفتوا اليها وكأنهم غارقون «في بحور» النوم والنسيان!
ولقائل ان يقول: ان المقاومة في لبنان حققت على الارض لأول مرة منذ تحول وعد بلفور الى كيان عنصري يغتصب ارض فلسطين، خلال الايام الثلاثة والثلاثين المجيدة، معجزة هزت اركان هذا الكيان من القواعد، ولدرجة جعلت رئيس وزراء العدو، يتصرف هائما على وجهه، بينما يستعد للذهاب الى واشنطن لعله يتدارك ما يمكن تداركه من وسائل الحفاظ على هذا الكيان. وهو الكيان الذي مهما ادّعى من اعتماده على نفسه وقدراته الذاتية فانه يحتاج الى وسائل انعاش تظل اصطناعية، وقد اكتشف بعد ان ملأه الغرور والشعور بغطرسة القوة والاقتدار، انه عاش الايام الثلاثة والثلاثين وكأنه في حالة انعدام الوزن بحيث يبرر التعبير الذي اطلق عليه من جانب مَن كان له بصيرة ثاقبة، بأنه يظل رغم جبروت وغرور القوة «اوهى من بيت العنكبوت»! ولا نقول ذلك للاستهانة بما لدى هذا الكيان من قدرات عسكرية، فانه كلما اراد ان يستسقي المزيد من القوة، يهرول الى واشنطن حيث «القوة العالمية الاحادية الضاربة» يستجدي منها القدرة على الاستمرار واسباب البقاء. وهو في اساس وجوده يعيش وضعا طفيليا : فلكي يحصل من بريطانيا الى «وعد بلفور» الذي استجداه الصهاينة من وزير الدفاع البريطاني «المتصهين» عام 1917، مقابل تأليف فرقة يهودية تقاتل مع الانكليز، ويكون تأليفها سلّما للوصول الى ما اطلقوا عليه اسم «ارض الميعاد» بحيث قايض حاييم وازيمن هذا الوعد بتقديم خدمات للحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الاولى. وكان وايزمن وابن غوريون يطوفان البلاد العربية بالذات ويلتفون «بزعمائها» بدءاً من عوني عبد الهادي في الاردن الى جميل مردم في دمشق الى بعض الزعماء اللبنانيين الذين تولى بعضهم رئاسة الحكومة فيما بعد، وكان هؤلاء الصهاينة يرتدون «الطرابيش» زيّ تلك الايام الموروث عن العثمانيين لكي يظهروا انفسهم «كيهود عرب» او مستعربين، وكانوا يلقون القبول من القيادات العربية في تلك الحقبة، من منطلقات حسن النية عند هؤلاء القادة العرب الذين لم تكن لهم البصيرة اوالنظرة الثاقبة لكي يستشرفوا المخاطر التي ينطوي عليها سعي هؤلاء «الزعماء» الصهاينة وهم منخرطون في ما يسمى «بالوكالة اليهودية» التي كان لها طابع ظاهره خيري، يريد جمع كلمة اليهود المنتشرين في «غيتووات» متفرقة والذين ينتمون الى بلدان متعددة وقوميات مختلفة ولكن تجمعهم عقيدة قائمة على اساس عنصري تعصبي. وما لم يستطيعوا ان يحصلوا عليه من تعهدات من جانب السلطان عبد الحميد حول «الوطن القومي» الذي كان اقصى ما يهدفون اليه من المطالبة به والحصول عليه، وهو ان يكون لهم نوع من الحكم الذاتي. واذا كانت الصهيونية حركة قومية علمانية كما يدّعون، فان ما رآه العرب والعالم، بعد قيام الكيان الصهيوني، لم يكن ذا طابع قومي بحت او علماني حقيقي، بل كان مغلفا بالادعاءات العلمانية، فيما كان يهدف على المدى البعيد، الى اقامة «دولة يهودية» صرفة ذات طابع يختلط فيه الطرح الديني بالطرح القومي. ولدرجة ان الحركة الصهيونية العالمية منذ ان قادها هرتزل يندغم فيها القومي بالديني بحيث لا يمكن فصل احدهما عن الآخر. ولأنهم لو جعلوها حركة انتماء ديني، فانها لا تشكل مبرراً مقنعاً عند من طلبوا مساعدتهم لاقامة «الوطن القومي». لان وجود مؤمنين بالدين المسيحي او الاسلامي على سبيل المثال في بلدان مختلفة، لا يبرر جمع المسيحيين او المسلمين في «وطن واحد» وفي بقعة جغرافية واحدة، اولاً لأن ذلك غير ممكن الا اذا استخدم الفرز على اساس ديني بينهم وبين المؤمنين بالأديان الأخرى، وعندئذ كيف يمكن جمع المسيحيين في اميركا واوروبا وآسيا وفي مختلف القارات في «وطن واحد»؟ ثانياً ان الحركة الصهيونية التي تهافتت دعاواها بجعل فلسطين بلدا لكل يهود العالم على اساس ديني، وجدت في خلط القومية بالدين وسيلتها للادعاء، بأنها ستجمع يهود العالم في وطن اسمته اسرائيل، على اساس الانتماء القومي، وكان اليهود قد تواجدوا في فلسطين في الزمن القديم وان كانوا يتناسون بأن اليهود السابقين في ذلك التاريخ، دخلوا فلسطين عنوة وفتحوها كغزاة قادمين اليها. وتتحدث كتبهم الدينية مباهية كيف انهم «جعلوا اعزّة اهلها اذله»، ان يشوع ابن نون الدي قاد اليهود القادمين من «صحراء التيه»، قد جاءه الامر الالهي بقتل وابادة سكان فلسطين من الكنعانيين والآراميين بما في ذلك الاطفال والنساء والشيوخ وحتى القضاء على المواشي وحرمان سكان فلسطين من مياه الآبار وثمار الاشجار واذا كان هنالك من يقف في طريقهم من سكان فلسطين فان بيوت الفلسطينيين تدمر بحيث لا يبقى فيها حجر على حجر، واذا رابط مقاومون من الكنعانيين في بساتين لمنع اجتياح الغزاة، فان الغزاة يحرقون الاشجار او يقطعونها، وهو ما طبقوه حديثاً منذ ان اقاموا كيانهم الغاصب عام 1948.
واذا كان الانكليز الذين قطعوا على انفسهم العهد بمساعدتهم على اقامة وطن قومي في فلسطين، انطلاقاً من كون الانكليز منتدبين على فلسطين، فقد جاء يوم مارسوا فيه هوايتهم التاريخية المعروفة بالغدر لمن «احسن اليهم» وساعدهم على تحقيق احلامهم الاغتصابية : فما ان وضعوا اقدامهم وهم قادمون من بلدان شتى، على ارض فلسطين واحتموا بقرار صادر عن الامم المتحدة يقضي بالسماح لهم باقامة كيان على قسم من ارض فلسطين، بموجب قرار التقسيم عام 1947 حتى «ردوا الجَميل» للانكليز الذين ساعدوهم على ظلم عرب فلسطين واخرجوهم من ديارهم، بأن اخذوا يقومون «باغتيال الانكليز» حتى ان مناحيم بيغن يروي في كتابه «الثورة»، كيف وضع قنبلة في فندق الملك داود في القدس، بهدف قتل نزلائها من الانكليز، لاجبار الانكليز على الخروج من فلسطين، لان الانكليز رغم انحيازهم للصهاينة وتسهيل اقامة «وطن» لهم بموجب وعد بلفور، لم يكونوا يريدون بقاء الانكليز وإن كانوا منحازين لهم، لأنهم اذا وجدوهم يرتكبون المجازر كما حدث في دير ياسين وكفرقاسم وغيرهما من المدن والقرى الفلسطينية والاستيلاء عليها، فانهم سوف يكونون شهوداً عليهم، بحيث يتهمونهم بتجاوز الوعد الذي حصلوا عليه من بريطانيا، وبأنهم خرجوا على المساحات التي «منحهم» اياها مجلس الامن الدولي بموجب قرار التقسيم.
وكما قلنا فقد جاء الوقت الذي اصبح فيه مناحيم بيغن رئيسا للوزراء وقرر زيارة بريطانيا، ولكن «ارشيف» وزارة الدفاع والخارجية في بريطانيا «مليء بمآثر» مناحيم بيغن الارهابية بما فيها قتل البريطانيين في فندق الملك داود، في الانفجار الذي لم تقتصر آثاره على قتل الضباط والنزلاء الانكليز، بل طال العديد من النزلاء الاسرائيليين. ولكن «عقيدة العنف» التي اتبعها قادة العصابات الصهيونية وخاصة مناحيم بيغن لم تكن تعبأ ان تأخذ في طريقها النزلاء اليهود «لأن الغاية عندها تبرر الواسطة» ورغم استمرار انحياز السياسة البريطانية لاسرائيل عندما اصبح بيغن رئيسا للوزراء وطلب زيارة بريطانيا، فان الحكومة البريطانية ترددت في السماح له بهذه الزيارة، وقد استمر التجاذب والجدل اشهراً، دون ان تقتنع حكومة لندن باستقبال هذا «الارهابي السابق العريق، حتى لو اصبح رئيساً للوزراء!» واخيراً تغلبت الضعوط من جانب قوى محابية للصهاينة، الى جانب «المساعي الحميدة» الاميركية في اقناع الحكومة البريطانية بالعدول عن موقفها!
ولقد كان من المفارقات انه بعد مرور ما يزيد على نصف قرن منذ قيام الكيان الصهيوني الذي كان للدولة «صاحبة وعد بلفور» اليد الطولى في اقامة هذا الكيان بهدف جعله «خنجراً» في قلب المنطقة لمنع وحدتها وتقسيمها، وقد حاولت ان تستعيد نفوذها في المنطقة عبر الالتحاق بالمخطط الصهيو - الاميركي في المنطقة عند احتلال العراق، تجد نفسها بعد حوالى 90 سنة من وعد بلفور مضطرة لايفاد مبعوث عن رئيس وزرائها الى دولة عربية شقيقة كانت من اكثر الدول العربية تعرضاً للأذى من جانب الكيان الصهيوني، لكي يستعين بهذا البلد العربي الشقيق سوريا في محاولة «رد الأذى» عن نفسها والذي تسببت به لنفسها، عندما ارسلت جيشها الى العراق، حيث نقل الاعلام العالمي امس صوراً لأبناء العراق في البصرة يقابلون الدبابات البريطانية بصدورهم ويحاولون مقاتلتها بالحجارة، ومع ذلك فان المستعمر بدباباته يبدو مذعوراً من تنامي العداء والنقمة عليه من جانب الشعب العراقي. وقد سبق لرئيس حكومة بريطانيا عندما جاء الى لبنان منذ اسابيع وبعد عدوان الكيان الصهيوني الذي كان لبريطانيا الدور الاكبر في جريمة «زرعه» في المنطقة العربية، وشهد بلير بنفسه كيف ان لبنان «البلد الوديع» قد تفجر شبابه غضباً على الوقاحة البريطانية التي تساند دولة العدوان، بل ايدت استمرار عدوانه على لبنان على «أمل» ان يستطيع القضاء على مقاومته الباسلة!
ولكن المواقف العدائية الاجنبية على لبنان، لا تعفينا من ان نتساءل بمناسبة ذكرى وعد بلفور التي تكاد تصبح منسية، رغم ان آثارها ونكباتها على الارض تملأ المنطقة كلها فما الذي يمنع قوى الممانعة العربية على الأقل، والتي تضم الملايين من الذين يملأهم الحماس لمقاومة العدوان والاحتلال والضغوط الاجنبية، ان يتظاهروا في هذا اليوم من المحيط الى الخليج، مذكرين انفسهم والعالم، بذكرى وعد مشؤوم جرّ البلاء والدمار الى المنطقة العربية كلها، وفي حين كان البعض يذهب الى «مركز القرار» في واشنطن المساند لعدوانية الكيان الذي كان قيامه نتيجة وعد بلفور، لكي يحاول تأليب «حُماة اسرائيل» على فريق من ابناء بلده تصدى للعدوان، ويستعديه على بلد شقيق بدعوى مسؤولية نظام ذلك البلد الشقيق عن جريمة طالت رئيس وزراء، كان هو نفسه (اي رئيس الوزراء الشهيد) عضواً في حركة قومية عربية كان شعارها: «وحدة، تحرر، ثأر» من العدو الغاصب.
ونحن نعتقد ان نسيان القيادات سواء كانت حاكمة او شعبية، لمحطات هامة ومفصلية في تاريخنا - رغم الشعلة التموزية المضيئة التي اعادت الاعتبار للذات الوطنية والقومية والروحية - انما يكشف عن الغفلة وعدم تقديم الاهم على المهم.. اذ كيف نلتفت احيانا الى ما هو اقل من هذه الذكرى المشؤومة ونظهر فيها غضبنا واستنكارنا، بينما نهمل الالتفات الى الذكرى المفصلية التي كانت اسس بلائنا وويلاتنا، ولا نستغل المناسبة لاظهار مدى تمسكنا بحقنا ورفضنا للظلم الذي كان ولا يزال يستهدفنا!.
واذا التفتنا الى ما يجري على حدودنا من انتهاكات وتجاوزات ونرى رئيس وزراء العدوان يحاول ان يداري ما اصابه بالاعلان بأنه لم يعد هنالك من يتصدى له اذا عربد، بدليل ان المقاومة كما يزعم قد انتهى «خطرها» على كيانه «مستأنسا» بوجود القوات المتعددة الجنسية، ومفترضا بأن الجيش الوطني اللبناني الذي انتشر على الحدود لا يشكل اي عامل من عوامل الازعاج له وهو يعربد في سمائنا ويتجاوز براً على حدودنا، بينما كل همّ رئيس وزرائنا ان يردّ على ابطال المقاومة، بالقول انه بجهوده ودموعه حقق العجائب.. وهو يكاد يقول ان الميركافا تحطمت ودمرت و«ذابت» من اثر هذه الدموع!
ولقد اصبحنا نجد في استنكار رئيس تيار المستقبل ورئيس حكومة 14 آذار (كما اسماها الشيخ سعد نفسه) للخروقات الجوية الاسرائيلية، التي اعلن وزير الحرب الاسرائيلي عمير بيريتس، بأنه سوف يستمر في التحليق لاستكشاف ما يجري على الارض اللبنانية، الى ان يتأكد بأنه لم يعد من الممكن ان يصل الى المقاومة اية قطعة سلاح. وهذا امر قد يطول عدة سنين، فماذا تنوي حكومتنا ان تفعل؟
لقد حرص رئيس مجلس النواب امس على المطالبة بتزويد جيشنا الباسل بأسلحة مضادة للطيران والكل يعرف ان الولايات المتحدة التي يزورها رئيس اللقاء الديموقراطي والتي اجرى معها الشيخ سعد منذ اشهر محادثات حول تزويد الجيش بالسلاح، وقد يحصل كل منهما على وعود بهذا الشأن ولكننا نحن على مثل اليقين، بأن اسلحة فعالة و ثقيلة يمكن ان تتصدى للعدو الاسرائيلي، سواء من نوع الدبابات الحديثة الطراز او المدفعية المضادة للطائرات او سلاح بحري، او طائرات حديثة حتى لو توفر المال لشرائها من دول شقيقة ميسورة غيورة على لبنان وعلى جيشه، فان واشنطن بناء «لأمر العمليات» الذي الزمت نفسها به مع القوى الضاغطة، والتي اصبحت في صميم القرار الاميركي، يمنع ايصال اسلحة من هذا النوع الى دولة محاذية لاسرائيل، الا اذا «سمحت» اسرائيل نفسها بوصول هذا السلاح مقرونا بشروط، تحظر استعماله ضدها ولو في حالات الدفاع عن النفس او التصدي للخروقات، علماً انه بلسان قائد الجيش يوجد من يزودنا بنظام دفاعي مضاد للطائرات، ولكن حكومتنا لا تجرؤ على قبوله. علماً ان من لدىه حرية القرار، يأخذ السلاح من اي كان. ولا نزال نذكر الملك فيصل آل سعود عندما كان وزيراً للخارجية وسئل عن سبب تأييد السعودية لشراء مصر للسلاح من تشيكوسلوفاكيا التي كانت شيوعية ورغم ان السعودية على طرفي نقيض مع الشيوعية قال: «اننا نشتري الحديد لا المبادئ»! فلنفترض ان دولة زودتنا بالسلاح ايا كانت دوافعها، فان السلاح عندما يصل الى ايدينا نصبح نحن المتحكمين بالسلاح، وليس من باعنا السلاح يتحكم به وبنا، كما تفعل الدول المحابية لكيان العدو!