1 ـ تذكر الصحاح بأن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد جمع بين الصلاتين في الحضر ومن غير عذر، كما في صحيح البخاري[22] وصحيح مسلم[23] وسنن أبي داود[24] وسنن الترمذي[25] وسنن النسائي[26]والموطأ[27] وسنن الدارقطني[28] والمعجم الكبير للطبراني[29] وكنز العمّال[30].
وتذكر أيضاً بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد جمع بين الصلاتين بعذر[31]، ونجد ابن عباس في الوقت الذي ينقل لنا كلا النوعين من الروايات ـ أي الجمع بعذر وبغير عذر ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يفهم من فعل الرسول جواز الجمع مطلقاً.
وأيّد هذا الفهم أبو هريرة أيضاً عندما سئل عن فعل ابن عباس وقوله.
ويضاف أنّ ابن عباس قد وبّخ الشخص الذي اعترض عليه حينما أخّر ابن عباس صلاة المغرب عن أول وقتها، وجمع بين الصلاتين في وقت لاحق من غير عذر، بقوله: «لا اُمّ لك، أتعلّمنا بالصلاة؟! كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله))[32].
2 ـ ثمّ إنّ الروايات بالاطلاق كقول: «صلّى بنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر»[33].
وصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر ، قال أبو الزبير: سألت سعيداً ، لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أحد من اُمّته[34].
وفي غزوة تبوك جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال : فقلت ما حمله على ذلك، قال: «أراد أن لا يحرج اُمّته»[35]، وجمع في غير مطر[36]، وصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر[37]، وصليت وراء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً[38]، وهذه الصراحة تنفي التخصيص بحالات العذر.
نعم، هناك رواية واحدة ينقلها الترمذي وهي ساقطة من حيث السند ، فعن أبي سلمة يحيى ابن خلف البصري، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي(صلى الله عليه وآله)، قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر).
قال أبو عيسى وحنش: هذا هو «أبو علي الرحبيّ وهو: حسين ابن قيس وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعّفه أحمد وغيره»[39].
قال البخاري: أحاديثه منكرة ولا يكتب حديثه.
وقال العقيلي في حديثه: من جمع بين صلاتين ، فقد أتى باباً من الكبائر لا يتابع عليه، ولا يعرف إلاّ به، ولا أصل له ، وقد صحّ عن ابن عباس: أن النبي(صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر[40]، وعليه فإنّ الإطلاق في الروايات لا تخصّص له.
3 ـ وخلاصة المشكلة التي تورّط بها الفقهاء من المذاهب الإسلامية في مسألة الجمع بين الصلاتين، فأفتوا خلافاً لما تصرح به الروايات، يرجع الى فهم الأوقات الشرعية للصلاة وتقسيمها بين المختص والمشترك، وطبيعة الالتزام بهذا التقسيم يستدعي تغير السؤال وصياغته بهذه الصورة:
هل يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت أحدهما؟
وبناءً على ذلك ينبغي رفع الخلاف في المسألة بسبب كون الموضوع قد اختلف ، وذلك لأن مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ترى بأنّ الوقت مشترك للصلاتين والاختصاص من حيث الفضيلة فقط، إذ لا وقت مختص باحدى الصلاتين ، لأنّه يسع لكليهما ، إلاّ أن هذه قبل هذه[41].
وفقهاء المذاهب الاُخرى يمنعون من الجمع بين الصلاتين في وقت أحدهما، إذ لكل واحدة من الصلاتين وقت غير وقت الاُخرى لذا فالموضوع هنا مختلف[42].
إذ أصبح كل من الفريقين يحكم بخلاف الآخر في غير موضوع الآخر، والخلاف إنّما يصحّ مع اتّحاد الموضوع لا مع اختلافه
المصادر :
[23] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافر، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[24] سنن أبي داود: 2/6، كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، ح 214.
[25] سنن الترمذي: 1/355، أبواب الصلاة، باب 24، ما جاء في الجمع بين الصلاتين، ح 187.
[26] سنن النسائي : 1/491، كتاب مواقيت الصلاة ، الجمع بين الصلاتين في الحضر، ح 1573.
[27] الموطأ: 91 ، ح 332.
[28] سنن الدارقطني : 1/395، باب صفة صلاة المسافر، ح 5 .
[29] المعجم الكبير للطبراني: 10 / 218، ح 10525.
[30] كنز العمّال : 8/246، الباب الرابع في صلاة المسافر، ح 22764.
[31] سنن الدارقطني : 1/389، باب الجمع بين الصلاتين في السفر، الأحاديث 1 و 2 و 3. وصحيح مسلم بشرح النووي: 5/218، كتاب صلاة المسافر، الجمع بين الصلاتين.
[32] صحيح مسلم: 2/153، كتاب الصلاة، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[33] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[34] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[35] المصدر السابق.
[36] سنن أبي داود : 2/6 كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، ح 1214 .
[37] الموطأ : 91 / ح 332 .
[38] سنن النسائي : 1/290.
[39] سنن الترمذي: 1/356، أبواب الصلاة ، باب 24 ما جاء في الجمع بين الصلاتين ح 188.
[40] المصدر السابق: على هامش الحديث 188.
[41] وسائل الشيعة: 3/116، كتاب الصلاة ح 4795 ـ 1، والخلاف للشيخ الطوسي: 1/257.
[42] الفقه على المذاهب الأربعة، كتاب الصلاة، مباحث الجمع بين الصلاتين.
فكيف جاز لأهل السنة مخالفة الصحاح وكتب الحديث وأقوال السلف؟
وتذكر أيضاً بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد جمع بين الصلاتين بعذر[31]، ونجد ابن عباس في الوقت الذي ينقل لنا كلا النوعين من الروايات ـ أي الجمع بعذر وبغير عذر ـ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان يفهم من فعل الرسول جواز الجمع مطلقاً.
وأيّد هذا الفهم أبو هريرة أيضاً عندما سئل عن فعل ابن عباس وقوله.
ويضاف أنّ ابن عباس قد وبّخ الشخص الذي اعترض عليه حينما أخّر ابن عباس صلاة المغرب عن أول وقتها، وجمع بين الصلاتين في وقت لاحق من غير عذر، بقوله: «لا اُمّ لك، أتعلّمنا بالصلاة؟! كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله))[32].
2 ـ ثمّ إنّ الروايات بالاطلاق كقول: «صلّى بنا رسول الله(صلى الله عليه وآله)الظهر والعصر، والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر»[33].
وصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً بالمدينة في غير خوف ولا سفر ، قال أبو الزبير: سألت سعيداً ، لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني، فقال: أراد أن لا يحرج أحد من اُمّته[34].
وفي غزوة تبوك جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، قال : فقلت ما حمله على ذلك، قال: «أراد أن لا يحرج اُمّته»[35]، وجمع في غير مطر[36]، وصلّى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوف ولا سفر[37]، وصليت وراء رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً[38]، وهذه الصراحة تنفي التخصيص بحالات العذر.
نعم، هناك رواية واحدة ينقلها الترمذي وهي ساقطة من حيث السند ، فعن أبي سلمة يحيى ابن خلف البصري، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي(صلى الله عليه وآله)، قال: (من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر).
قال أبو عيسى وحنش: هذا هو «أبو علي الرحبيّ وهو: حسين ابن قيس وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعّفه أحمد وغيره»[39].
قال البخاري: أحاديثه منكرة ولا يكتب حديثه.
وقال العقيلي في حديثه: من جمع بين صلاتين ، فقد أتى باباً من الكبائر لا يتابع عليه، ولا يعرف إلاّ به، ولا أصل له ، وقد صحّ عن ابن عباس: أن النبي(صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر[40]، وعليه فإنّ الإطلاق في الروايات لا تخصّص له.
3 ـ وخلاصة المشكلة التي تورّط بها الفقهاء من المذاهب الإسلامية في مسألة الجمع بين الصلاتين، فأفتوا خلافاً لما تصرح به الروايات، يرجع الى فهم الأوقات الشرعية للصلاة وتقسيمها بين المختص والمشترك، وطبيعة الالتزام بهذا التقسيم يستدعي تغير السؤال وصياغته بهذه الصورة:
هل يجوز الجمع بين الصلاتين في وقت أحدهما؟
وبناءً على ذلك ينبغي رفع الخلاف في المسألة بسبب كون الموضوع قد اختلف ، وذلك لأن مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ترى بأنّ الوقت مشترك للصلاتين والاختصاص من حيث الفضيلة فقط، إذ لا وقت مختص باحدى الصلاتين ، لأنّه يسع لكليهما ، إلاّ أن هذه قبل هذه[41].
وفقهاء المذاهب الاُخرى يمنعون من الجمع بين الصلاتين في وقت أحدهما، إذ لكل واحدة من الصلاتين وقت غير وقت الاُخرى لذا فالموضوع هنا مختلف[42].
إذ أصبح كل من الفريقين يحكم بخلاف الآخر في غير موضوع الآخر، والخلاف إنّما يصحّ مع اتّحاد الموضوع لا مع اختلافه
المصادر :
[23] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافر، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[24] سنن أبي داود: 2/6، كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، ح 214.
[25] سنن الترمذي: 1/355، أبواب الصلاة، باب 24، ما جاء في الجمع بين الصلاتين، ح 187.
[26] سنن النسائي : 1/491، كتاب مواقيت الصلاة ، الجمع بين الصلاتين في الحضر، ح 1573.
[27] الموطأ: 91 ، ح 332.
[28] سنن الدارقطني : 1/395، باب صفة صلاة المسافر، ح 5 .
[29] المعجم الكبير للطبراني: 10 / 218، ح 10525.
[30] كنز العمّال : 8/246، الباب الرابع في صلاة المسافر، ح 22764.
[31] سنن الدارقطني : 1/389، باب الجمع بين الصلاتين في السفر، الأحاديث 1 و 2 و 3. وصحيح مسلم بشرح النووي: 5/218، كتاب صلاة المسافر، الجمع بين الصلاتين.
[32] صحيح مسلم: 2/153، كتاب الصلاة، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[33] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[34] صحيح مسلم بشرح النووي: 5/215، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، الجمع بين الصلاتين في السفر.
[35] المصدر السابق.
[36] سنن أبي داود : 2/6 كتاب الصلاة، باب الجمع بين الصلاتين، ح 1214 .
[37] الموطأ : 91 / ح 332 .
[38] سنن النسائي : 1/290.
[39] سنن الترمذي: 1/356، أبواب الصلاة ، باب 24 ما جاء في الجمع بين الصلاتين ح 188.
[40] المصدر السابق: على هامش الحديث 188.
[41] وسائل الشيعة: 3/116، كتاب الصلاة ح 4795 ـ 1، والخلاف للشيخ الطوسي: 1/257.
[42] الفقه على المذاهب الأربعة، كتاب الصلاة، مباحث الجمع بين الصلاتين.
فكيف جاز لأهل السنة مخالفة الصحاح وكتب الحديث وأقوال السلف؟
تعليق