ما فعله جمهور "حزب الله" ليل الخميس الماضي على طريق المطار وفي أحياء متعددة من بيروت لم يكن عفوياً، بل كان باعتقاد أكثر من مرجعية أمنية في البلاد، عملاً منظماً وخطوة معدّاً لها.
وفي المعلومات المتوافرة من شهود عيان، فإن "حزب الله" بالتزامن مع استعداد جمهور قوى الرابع عشر من آذار للتوجه إلى ساحة الشهداء للمشاركة في تشييع الوزير الشهيد بيار الجميل، أرسل حافلات عدة إلى أكثر من نقطة واحدة في الضاحية الجنوبية، ولا سيما مدينة الشياح، حيث تولت نقل مئات "المناصرين المدربين" إلى مركز تجمع خاص بالحزب، ليكون هؤلاء جاهزين، في الساعة المحددة للانطلاق الى محورين، أولهما
على طريق المطار حيث تكون الإطارات في الانتظار لإشعالها قطعاً للطريق، وثانيهما الى منطقة السفارة الكويتية حيث تكون الدراجات النارية في انتظار راكبيها المطلوب منهم التجول استفزازاً في عدد من الأحياء البيروتية.
وبالفعل، وفي اللحظة المحددة التي تأخرت لأكثر من ست ساعات عن انتهاء خطباء ساحة الشهداء من إلقاء كلماتهم، نزل "المناصرون المدربون" الى النقاط ـ الأهداف "ليعربوا عن غضبهم من التعرض لرموزهم" فتعود قيادة "حزب الله" الى الإطلالة عليهم، مهدئة ومعلنة أن "ساعة الصفر للتحرك الجماهيري لم تبدأ بعد".
في هذا الوقت، ينتشر فريق آخر من "حزب الله" في مناطق حساسة وينشر صوراً للسيد حسن نصر الله مكتوب عليها: "من يفكر بنزع سلاح حزب الله سنقطع يده ورأسه وننزع روحه".
بالتزامن مع كل هذا، تطل قناة "المنار" التي لا تكف عن بث الأناشيد التقديسية لسلاح "حزب الله" ومقاتليه، وتبث صورة لجمهور صغير متفرع عن جمهور ساحة الشهداء وفي ركن متفرع عنها وتعلن أن الحشد كان ضئيلاً جداً، فيما جزم خبراء إحصائيون أن الجمهور، في الثانية عشرة والنصف ظهراً، تجاوز المليون نسمة "بلا أطفال" وفاض عن ساحة الشهداء التي، وبغض النظر عن أنه لم يكن فيها كرسي واحد، هي أكبر ساحة مفتوحة في لبنان على الإطلاق بما لا تجوز مقارنته، لا مع ساحة رياض الصلح، ولا مع "ملعب الجاموس" ولا مع موقف السيارات الموازي لمجمع ميشال المر في الدورة. وفي محاولة لإضفاء صدقية على "التزوير الإلهي" تصدر في اليوم التالي واحدة من صحف "حزب الله" وتنشر على صدر صفحتها الأولى صورة لجمهور آخر كان يحمل نعش الشهيد بيار الجميل على الطريق المؤدية الى بيت الكتائب المركزي في الصيفي وتدّعي أنه مشهد عام للجمهور في ساحة الشهداء.
وبهذه العملية العسكرية ـ الدعائية كانت رسالة الحزب الى اللبنانيين قد اكتملت: جمهورنا ولو كان عدده الفعلي قليلاً هو جمهور فعّال ولذلك عليكم أن تهابوه، أما جمهوركم فكثرته كضحالته ولذلك نحن لا نراه، وشهداؤكم لن يؤثروا علينا ولا يعنينا أمرهم، فلا قدسية عندنا إلا للسلاح ومن لم ينتبه، سنذكره فاقرأوا شعاراتنا التي وسعنا رقعة انتشارها وارتعدوا.
وهكذا، يكون "حزب الله" قد أعلن الحرب على اللبنانيين والانقلاب على الدستور. لم يعد مهماً متى ينزل الى الشارع، فهو بات في الشارع، منذ تلك اللحظة التي أمر فيها وزراء الثنائي الشيعي بالخروج من الحكومة. العمل السياسي يعني له إما أن يكون صاحب الإمرة وإما أن تسقط المؤسسات. المأساة مع "حزب الله" شبيهة بمأساة الديموقراطية مع العسكريتاريا. وهذا ليس غريباً فـ"حزب الله" يأتي الى العمل السياسي معسكراً. والمشكلة معه أنه يأتي الى العمل الوطني حاملاً، من جهة أولى مشاريع سورية تهدف الى منع تشكيل المحكمة الدولية، ورافعاً، من جهة ثانية، أمراً إيرانياً بتحقيق هزيمة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان، وهذا أيضاً ليس غريباً على "حزب الله" فهو بالمحصلة، ليس سوى دويلة تحسب نفسها قادرة على ضم الدولة.
ولأن المسألة كذلك، فإن التفتيش عن حلول وسط في المدى القريب هو تضييع للوقت، فلدى "حزب الله" موّال يريد أن يغنيه. هو يريد الإمساك بالسلطة كما سبق له وأمسك ببندقية المقاومة وحركة "أمل" وبقرار الطائفة الشيعية، وتالياً فعلى القوى السياسية الأخرى إما التسليم معه وإما الصمود في وجه مخططه المرهون لطموحات إقليمية، هو جزء لا يتجزأ منها.
وفي اعتقاد أوساط سياسية، أن لبنان الذي خرج بفضل الضغط الشعبي والدولي من قبضة الوصاية السورية يستطيع أن يخرج من قبضة المخطط الراهن.
وتشير الى أن أمام الفريق السيادي خياراً واحداً للانتصار، هو تقديم الأولوية الوجودية على ما عداها، مما يستدعي وضع المجتمع الدولي الذي ثبت أنه لا يزال يدعم نتائج "ثورة الأرز" أمام مسؤولياته في توفير الدعم اللامتناهي لتشكيل المحكمة الدولية، بالإضافة الى توفير مساعدات مالية واقتصادية للبنانيين في "فترة الانتظار".
وتشرح أن الاولوية الوجودية تعني ترك "حزب الله" يذهب بخطته الى نهاياتها، حتى يرى اللبنانيون بأعينهم المستقبل الذي ينتظرهم في حال تمّ الاستسلام لـ"حزب الله"،على أن تكون المؤسسات العسكرية والأمنية مسؤولة عن ضمان المؤسسات وسلامة المواطنين وحماية السياسيين.
وتفيد بأنّه في مرحلة لاحقة تنتهي ولاية رئيس الجمهورية أميل لحود الذي هو مجرد أداة في يد "حزب الله"، فيتم انتخاب خلف له بقوة الأكثرية التي يجزم الدستور أنها قادرة على توفير النصاب، ومن ثم تُصبح التسوية ممكنة بما فيها الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة أو إعطاء الثلث المعطل لـ"حزب الله"، لأن هذا الثلث مع وجود رئيس شرعي للجمهورية لا يعود يملك القدرة على تعطيل البلاد، بل يمكن أن يصبح حافزاً لتزخيم العمل الداخلي.
وفي اعتقاد هذه الأوساط أن "حزب الله"، ومهما جمّع حلفاء من حوله، لا يملك القدرة على إدارة البلاد منفرداً بصورة دستورية، لأن الأكثرية النيابية تحتكر ذلك، ومهما كانت عليه الحال، فإن "حزب الله" حتى لو حقق قفزة مفاجئة لن يستطيع أن يكون سوى نسخة طبق الأصل من فاعلية حكم "حماس" في فلسطين.
وتشير الى أن الأشهر القليلة المقبلة، سوف تحسم صورة التعاطي الدولي مع سوريا وإيران، بحيث سيكون لبنان بالتأكيد، في حال سارت الأمور ايجاباً، خارج أي صفقة وبحيث سيكون "حزب الله" ، في حال سارت الأمور سلباً، خارج أي تحالف إقليمي فتتحقق آنذاك "لبننته" المستحيلة حالياً.
وفي المعلومات المتوافرة من شهود عيان، فإن "حزب الله" بالتزامن مع استعداد جمهور قوى الرابع عشر من آذار للتوجه إلى ساحة الشهداء للمشاركة في تشييع الوزير الشهيد بيار الجميل، أرسل حافلات عدة إلى أكثر من نقطة واحدة في الضاحية الجنوبية، ولا سيما مدينة الشياح، حيث تولت نقل مئات "المناصرين المدربين" إلى مركز تجمع خاص بالحزب، ليكون هؤلاء جاهزين، في الساعة المحددة للانطلاق الى محورين، أولهما
على طريق المطار حيث تكون الإطارات في الانتظار لإشعالها قطعاً للطريق، وثانيهما الى منطقة السفارة الكويتية حيث تكون الدراجات النارية في انتظار راكبيها المطلوب منهم التجول استفزازاً في عدد من الأحياء البيروتية.
وبالفعل، وفي اللحظة المحددة التي تأخرت لأكثر من ست ساعات عن انتهاء خطباء ساحة الشهداء من إلقاء كلماتهم، نزل "المناصرون المدربون" الى النقاط ـ الأهداف "ليعربوا عن غضبهم من التعرض لرموزهم" فتعود قيادة "حزب الله" الى الإطلالة عليهم، مهدئة ومعلنة أن "ساعة الصفر للتحرك الجماهيري لم تبدأ بعد".
في هذا الوقت، ينتشر فريق آخر من "حزب الله" في مناطق حساسة وينشر صوراً للسيد حسن نصر الله مكتوب عليها: "من يفكر بنزع سلاح حزب الله سنقطع يده ورأسه وننزع روحه".
بالتزامن مع كل هذا، تطل قناة "المنار" التي لا تكف عن بث الأناشيد التقديسية لسلاح "حزب الله" ومقاتليه، وتبث صورة لجمهور صغير متفرع عن جمهور ساحة الشهداء وفي ركن متفرع عنها وتعلن أن الحشد كان ضئيلاً جداً، فيما جزم خبراء إحصائيون أن الجمهور، في الثانية عشرة والنصف ظهراً، تجاوز المليون نسمة "بلا أطفال" وفاض عن ساحة الشهداء التي، وبغض النظر عن أنه لم يكن فيها كرسي واحد، هي أكبر ساحة مفتوحة في لبنان على الإطلاق بما لا تجوز مقارنته، لا مع ساحة رياض الصلح، ولا مع "ملعب الجاموس" ولا مع موقف السيارات الموازي لمجمع ميشال المر في الدورة. وفي محاولة لإضفاء صدقية على "التزوير الإلهي" تصدر في اليوم التالي واحدة من صحف "حزب الله" وتنشر على صدر صفحتها الأولى صورة لجمهور آخر كان يحمل نعش الشهيد بيار الجميل على الطريق المؤدية الى بيت الكتائب المركزي في الصيفي وتدّعي أنه مشهد عام للجمهور في ساحة الشهداء.
وبهذه العملية العسكرية ـ الدعائية كانت رسالة الحزب الى اللبنانيين قد اكتملت: جمهورنا ولو كان عدده الفعلي قليلاً هو جمهور فعّال ولذلك عليكم أن تهابوه، أما جمهوركم فكثرته كضحالته ولذلك نحن لا نراه، وشهداؤكم لن يؤثروا علينا ولا يعنينا أمرهم، فلا قدسية عندنا إلا للسلاح ومن لم ينتبه، سنذكره فاقرأوا شعاراتنا التي وسعنا رقعة انتشارها وارتعدوا.
وهكذا، يكون "حزب الله" قد أعلن الحرب على اللبنانيين والانقلاب على الدستور. لم يعد مهماً متى ينزل الى الشارع، فهو بات في الشارع، منذ تلك اللحظة التي أمر فيها وزراء الثنائي الشيعي بالخروج من الحكومة. العمل السياسي يعني له إما أن يكون صاحب الإمرة وإما أن تسقط المؤسسات. المأساة مع "حزب الله" شبيهة بمأساة الديموقراطية مع العسكريتاريا. وهذا ليس غريباً فـ"حزب الله" يأتي الى العمل السياسي معسكراً. والمشكلة معه أنه يأتي الى العمل الوطني حاملاً، من جهة أولى مشاريع سورية تهدف الى منع تشكيل المحكمة الدولية، ورافعاً، من جهة ثانية، أمراً إيرانياً بتحقيق هزيمة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان، وهذا أيضاً ليس غريباً على "حزب الله" فهو بالمحصلة، ليس سوى دويلة تحسب نفسها قادرة على ضم الدولة.
ولأن المسألة كذلك، فإن التفتيش عن حلول وسط في المدى القريب هو تضييع للوقت، فلدى "حزب الله" موّال يريد أن يغنيه. هو يريد الإمساك بالسلطة كما سبق له وأمسك ببندقية المقاومة وحركة "أمل" وبقرار الطائفة الشيعية، وتالياً فعلى القوى السياسية الأخرى إما التسليم معه وإما الصمود في وجه مخططه المرهون لطموحات إقليمية، هو جزء لا يتجزأ منها.
وفي اعتقاد أوساط سياسية، أن لبنان الذي خرج بفضل الضغط الشعبي والدولي من قبضة الوصاية السورية يستطيع أن يخرج من قبضة المخطط الراهن.
وتشير الى أن أمام الفريق السيادي خياراً واحداً للانتصار، هو تقديم الأولوية الوجودية على ما عداها، مما يستدعي وضع المجتمع الدولي الذي ثبت أنه لا يزال يدعم نتائج "ثورة الأرز" أمام مسؤولياته في توفير الدعم اللامتناهي لتشكيل المحكمة الدولية، بالإضافة الى توفير مساعدات مالية واقتصادية للبنانيين في "فترة الانتظار".
وتشرح أن الاولوية الوجودية تعني ترك "حزب الله" يذهب بخطته الى نهاياتها، حتى يرى اللبنانيون بأعينهم المستقبل الذي ينتظرهم في حال تمّ الاستسلام لـ"حزب الله"،على أن تكون المؤسسات العسكرية والأمنية مسؤولة عن ضمان المؤسسات وسلامة المواطنين وحماية السياسيين.
وتفيد بأنّه في مرحلة لاحقة تنتهي ولاية رئيس الجمهورية أميل لحود الذي هو مجرد أداة في يد "حزب الله"، فيتم انتخاب خلف له بقوة الأكثرية التي يجزم الدستور أنها قادرة على توفير النصاب، ومن ثم تُصبح التسوية ممكنة بما فيها الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة أو إعطاء الثلث المعطل لـ"حزب الله"، لأن هذا الثلث مع وجود رئيس شرعي للجمهورية لا يعود يملك القدرة على تعطيل البلاد، بل يمكن أن يصبح حافزاً لتزخيم العمل الداخلي.
وفي اعتقاد هذه الأوساط أن "حزب الله"، ومهما جمّع حلفاء من حوله، لا يملك القدرة على إدارة البلاد منفرداً بصورة دستورية، لأن الأكثرية النيابية تحتكر ذلك، ومهما كانت عليه الحال، فإن "حزب الله" حتى لو حقق قفزة مفاجئة لن يستطيع أن يكون سوى نسخة طبق الأصل من فاعلية حكم "حماس" في فلسطين.
وتشير الى أن الأشهر القليلة المقبلة، سوف تحسم صورة التعاطي الدولي مع سوريا وإيران، بحيث سيكون لبنان بالتأكيد، في حال سارت الأمور ايجاباً، خارج أي صفقة وبحيث سيكون "حزب الله" ، في حال سارت الأمور سلباً، خارج أي تحالف إقليمي فتتحقق آنذاك "لبننته" المستحيلة حالياً.
تعليق