هو قيس بن مسهر
هو قيس بن مسهر بن خالد بن جندب بن منقذ بن عمرو بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي الصيداوي . وصيدا بطن من أسد . كان قيس رجلا شريفا في بني الصيدا شجاعا مخلصا في محبة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
قال أبو مخنف : اجتمعت الشيعة بعد موت معاوية في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فكتبوا للحسين بن علي ( عليه السلام ) كتبا يدعونه فيها للبيعة وسرحوها إليه مع عبد الله بن سبع وعبد الله بن وال ، ثم لبثوا يومين فكتبوا إليه مع قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي ، ثم لبثوا يومين فكتبوا إليه مع سعيد بن عبد الله وهاني بن هاني ، وصورة الكتب : " للحسين بن علي ( عليه السلام ) من شيعة المؤمنين : أما بعد ، فحيهلا ، فإن الناس ينتظرونك ، لا رأي لهم في غيرك ، فالعجل العجل ، والسلام " . فدعا الحسين ( عليه السلام ) مسلم بن عقيل وأرسله إلى الكوفة ، وأرسل معه قيس بن مسهر ، وعبد الرحمن الأرحبي ، فلما وصلوا إلى المضيق من بطن خبت كما قدمنا جار دليلاهم فضلوا وعطشوا ، ثم سقطوا على الطريق فبعث مسلم قيسا بكتاب إلى الحسين ( عليه السلام ) يخبره بما كان ، فلما وصل قيس إلى الحسين بالكتاب أعاد الجواب لمسلم مع قيس وسار معه إلى الكوفة .
قال : ولما رأى مسلم اجتماع الناس على البيعة في الكوفة للحسين كتب إلى الحسين ( عليه السلام ) بذلك وسرح الكتاب مع قيس وأصحبه عابس الشاكري ، وشوذبا مولاهم فأتوه إلى مكة ولازموه ، ثم جاؤوا معه (1) .
قال أبو مخنف : ثم إن الحسين لما وصل إلى الحاجر من بطن الرمة كتب كتابا إلى مسلم وإلى الشيعة بالكوفة وبعثه مع قيس ، فقبض عليه الحصين بن تميم ، وكان ذلك بعد قتل مسلم ، وكان عبيد الله نظم الخيل ما بين خفان إلى القادسية وإلى القطقطانة وإلى لعلع وجعل عليها الحصين ، وكانت صورة الكتاب : " من الحسين بن علي إلى الخوانه من المؤمنين والمسلمين : سلام عليكم . فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، فإن كتاب مسلم جاءني يخبرني فيه بحسن رأيكم ، واجتماع ملئكم على نصرنا والطلب بحقنا ، فسألت الله أن يحسن لنا الصنع ، وأن يثيبكم على ذلك أحسن الأجر ، وقد شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية ، فإذا قدم رسولي عليكم فانكمشوا في أمركم وجدوا ، فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
قال : فلما قبض الحصين على قيس بعث به إلى عبيد الله ، فسأله عبيد الله عن الكتاب ، فقال : خرقته ، قال : ولم ؟ قال : لئلا تعلم ما فيه . قال : إلى من ؟ قال : إلى قوم لا أعرف أسماءهم . قال إن لم تخبرني فاصعد المنبر وسب الكذاب ابن الكذاب . يعني به الحسين ( عليه السلام ) .
فصعد المنبر فقال : أيها الناس ، إن الحسين بن علي خير خلق الله ، وابن فاطمة بنت رسول الله ، وأنا رسوله إليكم ، وقد فارقته بالحاجر ، فأجيبوه ، ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه ، وصلى على أمير المؤمنين ، فأمر به ابن زياد فأصعد القصر ورمي به من أعلاه ، فتقطع ومات (2) .
وقال الطبري : لما بلغ الحسين ( عليه السلام ) إلى عذيب الهجانات في ممانعة الحر جاءه أربعة نفر ومعهم دليلهم الطرماح بن عدي الطائي وهم يجنبون فرس نافع المرادي ، فسألهم الحسين ( عليه السلام ) عن الناس وعن رسوله ، فأجابوه عن الناس ، وقالوا له : رسولك من هو ؟ قال : قيس . فقال مجمع العائذي : أخذه الحصين فبعث به إلى ابن زياد فأمره أن يلعنك وأباك ، فصلى عليك وعلى أبيك ، ولعن ابن زياد وأباه ، ودعانا إلى نصرتك وأخبرنا بقدومك ، فأمر به ابن زياد فألقي من طمار القصر ، فمات رضي الله عنه . فترقرقت عينا الحسين ( عليه السلام ) ، وقال : " * ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) * اللهم اجعل لنا ولهم الجنة منزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك ، ورغائب مذخور ثوابك " ( 3) .
وفي قيس يقول الكميت الأسدي : وشيخ بني الصيداء قد فاظ قبلهم
( ضبط الغريب ) مما وقع في هذه الترجمة :
( خفان ) : بالخاء المعجمة والفاء المشددة والألف والنون موضع فوق الكوفة قرب القادسية .
( القطقطانة ) : بضم القاف وسكون الطاء موضع فوق القادسية في طريق من يريد الشام من الكوفة ثم يرتحل منها إلى عين التمر .
( لعلع ) : بفتح اللام وسكون العين جبل فوق الكوفة بينه وبين السلمان (4) عشرون ميلا .
(1) تاريخ الطبري : 3 / 277 ، راجع الكامل : 20 .
(2) تاريخ الطبري : 3 / 301 .
( 3) تاريخ الطبري : 3 / 308 .
(4) قال الحموي : وهو فوق الكوفة ، وكان من مياه بكر بن وائل . . راجع معجم البلدان : 3 / 271 . وقال البغدادي : قيل : جبل . وقيل : منزل بين عين صيد وواقصة والعقبة . والسلمان : ماء قديم جاهلي ، وهو طريق إلى تهامة في الجاهلية من العراق وللعرب يوم سلمان . راجع مراصد الاطلاع : 2 / 730 .
(2) تاريخ الطبري : 3 / 301 .
( 3) تاريخ الطبري : 3 / 308 .
(4) قال الحموي : وهو فوق الكوفة ، وكان من مياه بكر بن وائل . . راجع معجم البلدان : 3 / 271 . وقال البغدادي : قيل : جبل . وقيل : منزل بين عين صيد وواقصة والعقبة . والسلمان : ماء قديم جاهلي ، وهو طريق إلى تهامة في الجاهلية من العراق وللعرب يوم سلمان . راجع مراصد الاطلاع : 2 / 730 .
تعليق