نظام العبادة لا يتأثر بالتطور المدني في حياة الانسان
العبادات لها دور كبير في الاسلام، وأحكامها تمثل جزءاً مهماً من الشريعة، والسلوك العبادي يشكل ظاهرة ملحوظة في الحياة اليومية للانسان المتدين.
ونظام العبادات في الشريعة الاسلامية يمثل أحد أوجهها الثابتة، التي لا تتأثر بطريقة الحياة العامة، وظروف التطور المدني في حياة الانسان، إلاّ بقدر يسير، خلافاً لجوانب تشريعية أُخرى مرنة ومتحركة، يتأثر أُسلوب تحقيقها وتطبيقها بظروف التطور المدني في حياة الانسان، كنظام المعاملات والعقود.
ففي المجال العبادي يصلي إنسان عصرِ الكهرباء والفضاء ويصوم ويحج، كما كان يصلي ويصوم ويحج سلفُه في عصر الطاحونة اليدويةَ.
صحيح أنه في الجانب المدني من التحضير للعبادة قد يختلف هذا عن ذاك، فهذا يسافر الى الحج بالطائرة، وذاك كان يسافر ضمن قافلة من الابل، وهذا يستر جسده في الصلاة بملابس مصنعة انتجتها الآلة، وذاك يستر جسمه بملابس نسجها بيده، ولكن صيغة العبادة العامة وطريقة تشريعها واحدة، وضرورة ممارستها ثابتة، لم تتأثر ولم تتزعزع قيمتها التشريعية، بالنمو المستمر لسيطرة الانسان على الطبيعة ووسائل عيشه فيها.
وهذا يعني أن الشريعة لم تعط الصلاة والصيام والحج والزكاة وغير ذلك من عبادات الاسلام كوصفة موقوتة، وصيغة تشريعية محدودة بالظروف التي عاشتها في مستهل تاريخها، بل فرضت تلك العبادات على الانسان، وهو يزاول عملية تحريك الآلة بقوى الذرة، كما فرضتها على الانسان الذي كان يحرث الارض بمحراثه اليدوي
.