بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ جواب مسئلتين آرجو من الجميع الدخول والإستفاده }
س / ان المصلّي حين يقول اياك نعبد و اياك نستعين كيف يقصد المخاطِبِ بخطابه و اي معني يعقد قلبه عليه هل يقصد الذات الغير المدركة بصفةٍ من صفاته الجمالية و لا الجلالية ام يقصد شيئاً آخر ، و علي التقديرين ربّما يصلي الرجل و حين التكلم بتلك الكلمتين لايقصد شيئا و هو غافل ذاهل غير شاعر بقصد شيء فهل تصح صلاته ام لا ؟؟؟
س / و قد روي عن جعفر الصادق (ع) انه قال لقد تجلّي اللّه لعباده في كلامه و لكن لايبصرون و روي انه كان يصلّي في بعض الايام فخرّ مغشياً عليه في اثناۤء الصلوة فسئل بعدها عن سبب غشيته فقال مازلتُ اُرَدِّدُ هذه الٰاية حتي سمعتُها من قاۤئلها قال بعض العارفين ان لسان الصادق (ع) كان في ذلك الوقت كشجرة الطور عند قول اني انا اللّه ، افيدوا ان هذا السماع من القاۤئل اي معني له فلو قيل ايّاي اعبُدْ و اياي استعِنْ بقول ايّاك نعبد و ايّاك نستعين فالقول قول العابد لا قول المعبود و هذا الاستماع بهذا الاذن الجسماني اي معني له ؟؟؟؟
والجواب / لقد صنف الشيخ الأجل الأوحد احمد بن زين الدين الأحسائي رساله في جواب المسئلتين وسمها ( الرسالة الخطابية في جواب بعض العارفين ) وإليكم نصها : -
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين .
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين انه قد ارسل اليّ بعضُ الاخوان المخلصين من العلماۤء العارفين الطالبين للحق و اليقين بمسئلتين يطلب جوابهما علي سبيل الاستعجال مع كلال البال و تغيّر الاحوال فكتبتُ ما خطر من الجواب لذلك السؤال اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور .
قال سلمه اللّه تعالي : ان المصلّي حين يقول اياك نعبد و اياك نستعين كيف يقصد المخاطِبِ بخطابه و اي معني يعقد قلبه عليه هل يقصد الذات الغير المدركة بصفةٍ من صفاته الجمالية و لا الجلالية ام يقصد شيئاً آخر ، و علي التقديرين ربّما يصلي الرجل و حين التكلم بتلك الكلمتين لايقصد شيئا و هو غافل ذاهل غير شاعر بقصد شيء فهل تصح صلاته ام لا .
اقول اعلم ان اللّه سبحانه لايُدرَك من نحو ذاته بكلّ اعتبار و انما يدرك بما تعرّف به لعبده فكلّ شيء يعرفه بما تعرّف به له فتشير العبارات اليه بما اوجدها عليه و تشير القلوب اليه بما ظهر لها به و لا سبيل اليه الّا بما جعل من السبيل اليه و هو جل شانه يظهر لكل شيءٍ بنفس ذلك الشيء كما انّه يحتجب عنه به و الي ذلك الاشارة بقول علي (ع) لاتحيط به الاوهام بل تجلّي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها و كل مظهرٍ لك به فهو مقام من مقامات ذاته فيك و حرف من حروف ذاتك به فمن وصل الي رتبةٍ قد ظهر سبحانه له فيها تبين له انّ المطلوب وراۤء ذلك و انّ هذا الذي حسبه ايّاه لميجده شيئا و وجد اللّه عنده فوفّاه حسابه و اللّه سريع الحساب و هكذا و اليه الاشارة بقول الحجة (ع) في دعاء رجب و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الّا انّهم عبادك و خلقُك فهذه المقامات هي التي دعاك اليها فيتوجّه اليها قلبك فيجده عندها كما يتوجّه وجه جسدك الي بيته الكعبة فيجده عندها و تعبَّدَك باَنْ تدعُوَهُ بها و تعبُده فيها بلا كيفٍ و لا وجدان الّا لما اوجدك من ظهوره لك و انّه في كل مقامٍ اقرب اليك من نفسك و ليس ما وجدته ذاتاً بحتاً و لو كان ذاتاً بحْتاً لجاز ان تدرك الذات البحْت و الذات البحتفي الازل و انت في الامكان فيكون ما في الامكان بادراكِ الازل في الازل او ما في الازل بكونه مدركاً للممكن في الامكان تعالي اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً و الي ذلك اشار اميرالمؤمنين (ع) انّما تحد الادوات انفُسَها و تشير الٰالات الي نظاۤئرها و قول الرضا (ع) و اسماۤؤه تعبير و صفاته تفهيم و قول الصّادق (ع) كلّما ميّزتموهُ باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مثلكم مخلوق مردود عليكم و ذلك لانه سبحانه هو المجهول المطلق و المعبود الحق فاذا قلت ايّاك نعبد كنتَ قد قصدتَ شيئاً مخاطَباً و قيدُ الخطاب دَلّك علي مخاطبٍ و المخاطَبُ لايُدْرَك منه الّا جهة الخطاب كقولك يا قاعد لاتدرك من ذلك المدعو الّا جهة القعود و ان كنت تعني الموصوف بالقعود لانّ الموصوف غيّبَ الصفةَ عند الواصف حتّي انّه عنده اقرب اليه من الصفةِ و اظهر منها له لكن الواصف لايُدْرِك الّا جهة الصفة من الموصوف كما قال الرضا (ع) و اسماۤؤهُ تعبير و صفاته تفهيم و بالجملة كلّ شيء لايُدْرِكُ اعلي مِنْ مَبْدئِه و انتَ خلِقْتَ بعدَ اشياۤءَ كثيرةٍ فلاتدرك ما وراۤءَ مَبْدئِكَ و مَع هذا تُدْرِك انّكَ مخلوق و تدرِكُ انّ للمخلوق خالقاً و تُدْرِك ان الخالق اوجدَكَ بفعله الّذي وصفتَهُ به و قلتَ خالق و تُدرِك انّ الخلقَ ايجاد و حركة و تُدرِك انّها حدثَتْ من الفاعل و تُدرِكُ ان الفاعل هو المحدِثُ للفعل و تدرك ان تلك الحركة الايجاديّة لمتكن قديمة و لمتنفصل من الذاتِ بل انّما اُحْدِثَتْ بنفسِها فتكون جهةُ الصفةِ صفةَ الجهة و لا شيء مما ذكر قديم فلاتُدْرِكُ الّا نظاۤئرَك في المخلوقيّة و هي الٰاثار و مع هذا فهي لا شَيْءَ الّا به فهو اظهرُ منها ايكون لغيرِكَ من الظهور ما ليس لكَ حتّي يكون هو المظهِرَ لكَ فهو اقرب اليكَ من نفسِكَ فاذا قلتَ يا زيدُ كنتَ قد خاطبت شخصاً وَ دعوته باسمه و هو غيره و اشرتَ اليه و الاشارة و جهتها غير ذاته لان ذاته ليست حيواناً نَاطقاً و اشارة و اسماً و دعاۤء بل هذه غيرهُ و هو غيرها مع انّك تخاطبُه و الخطاب و جهته غيره فافهم ما كرّرتُ و ردَّدْتُ قال الرضا (ع) كنهه تفريقٌ بينه و بين خلقه و غيره تحديد لما سوَاهُ . فانظر في زيد فانه حيوان ناطقٌ لا غير ذلك و لاتدركه بنفس الحيوانية و نفس النطق و انّما تدركه بمظاهره من الخطاب و النداۤء و الاشارة و غير ذلك و كلها غيره و مع هذا فلاتلتفت الي شيءٍ منها و انّما يتعلّق قلبُكَ بذات زيدٍ و لكن تلك الاشياء التي قلنا انّها غيره هي جهة تعلّق قلبِك به و جهة ظهوره لكَ فاذا عرفتَ هذا عرفتَ مطلوبَك من عرف نفسه فقد عرفَ ربّه سنريهم آياتنا في الٰافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انّه الحقّ ، فاذا قلتَ ايّاكَ نعبد فانت تعبد اللّهَ و تقصده بعبادتك لا غير علي نحو ما قلنا لَكَ و هو قوله تعالي و للّه الاسماۤء الحسني فادعوه بها ، هذا اذا توجهتَ و امّا اذا غفلتَ و ذهلتَفانه سبحانه لميغفل و لميذهل قال تعالي و ماكنا عن الخلق غافلين و ذلك اذا غفلت و ذهلْتَ فانّك حينئذٍ قد توجهتَ الي شيء من احوال الدنيا او الٰاخرة و هي كلها بالحقيقة ليسَتْ شيئا الّا بظهوره فيها فاذا غفلتَ عنه لمتغب عنه و لميغب عنك قال الصادق (ع) في قوله تعالي اولميَكفِ برَبّك انه علي كل شيء شهيد قال (ع) يعني موجود في غيبتك و في حضرتِكَ فصلاتُك صحيحة بمعني انّها مجزيَةٌ و قد تكون غير مقبولةٍ بمعني انّها غير موجبَةٍ للجنّة وحدها بدون غيرها من الاعمال و وجه صحتها و اجزاۤئها انّك قد دخلتَ في الصلوة و انت مقبل عليه بنيّتِك عند اوّل التكبير و الّا لمتصحّ اصلاً فان قلتَ قد اتوجّه الي النيّة المعتبرة عند الفقهاۤء غير ملتفت الي ما يقصده العارفونَ قلتُ ان فعلك لما امرك به يلزمك منه امتثال امره و لو اجمالاً كما يلزمك منه القرب اليه بذلك العمل و لو اجْمالاً كل ذلك توجّه اليه من حيث امر الّا ان مقام العابدين تحت مقام الموحّدين و كلّها مقامات المعبود سبحانه فهذا القصد في الحقيقة لا غفلةَ فيه ثم في باقي الصلوة يستمرّ القصد حكماً و اختلف الفقهاۤء في معناه فقال بعضهم هو الّايُحدثَ نيّة تنافي نية الصلوة و قال آخرون هو العزم و تجديده كلّما ذكرت و الخلاف مبني علي الخلاف في ان الموجود الحادث الباقي هل يحتاج في بقاۤئه الي المؤثر ام لا و الحق الاوّل في المسئلة الكلامية فالاصح الثاني في المسئلة الفقهية و وجه عدم مقبوليتها ان النية التي هي روح العمل كانت في الابتداۤء فعليّة فان اقبل علي كل صلاته كانت بمنزلة توجّه الروح الي الجسد في تدبيره فهو حي مشعر مدبِّرٌ لاموره كما هو حالة اليقظة و اذا كانت في باقي الافعال حكميّة كانت بمنزلة روح الناۤئم في جسده هي مجتمعة في القلب فبِشُعاعِها السفلي الذي هو وراۤءها و خلفها كانت متعلقة بالبدن و اما وجهها فهو متوجّه الي جابلسا و جابلقا و هورقليا فمن جهة انّها في القلب كالنية الفعلية في التكبير و شعاعها السفلي في ساۤئر البدن حالة النّوم كالنية الحكمية قلنا ان الصلوة صحيحة مجزيةٌ كما ان الانسان حالة النوم يصدق عليه انه حيّ و من جهة غفلته عن النية فعلاً في ساۤئر الصلوة و انما في الباقي القصد الاول كالناۤئم قلنا انّها لميستقلّ بالمقبولية الموجبة للجنّة بل لا بد من انضمامها الي ما يكمّلها كما ان الناۤئم انّما نحكم له بالحيوة التي ينتفع بها بانضمامها الي حيوة اليقظة فافهم .
قال سلمه اللّه تعالي : و قد روي عن جعفر الصادق (ع) انه قال لقد تجلّي اللّه لعباده في كلامه و لكن لايبصرون و روي انه كان يصلّي في بعض الايام فخرّ مغشياً عليه في اثناۤء الصلوة فسئل بعدها عن سبب غشيته فقال مازلتُ اُرَدِّدُ هذه الٰاية حتي سمعتُها من قاۤئلها قال بعض العارفين ان لسان الصادق (ع) كان في ذلك الوقت كشجرة الطور عند قول اني انا اللّه ، افيدوا ان هذا السماع من القاۤئل اي معني له فلو قيل ايّاي اعبُدْ و اياي استعِنْ بقول ايّاك نعبد و ايّاك نستعين فالقول قول العابد لا قول المعبود و هذا الاستماع بهذا الاذن الجسماني اي معني له .
اقول الحديث مشهور و الادلة النقليّة و العقلية تؤيّده و معني تجلّيه في كلامه ظهوره بكلامه في كلامه و معني ذلك انّ الكلام لايقوم بدون ما يستند اليه و ذلك المستند اليه هو جهة التكلم من المتكلم علي حد ما سبق في المسئلة الاولي فراجع تفهم فمن اشعر بظهوره له فقَدَ نفسه لانه عرفها و هو قول علي (ع) لكميل جذب الاحديّة لصفة التوحيد و من لميشعر جهل نفسه فكان الصادق (ع) لمّا اشعر بالتجلّي فقد نفسه اذْ عرفها فخرّ مغشيّاً عليه حيث لايقدر علي الاستقرار و كثيرا ما تكون هذه الحالة علي جده (ص) و الاوصياۤء (ع) لانه تجلّي له كما تجلّي لموسي (ع) الّا ان المتجلّي لموسي (ع) مثل سَمّ الابرة من نور الستر و جعفر (ع) تجلي له جَميع نور الستر و يجب معه ذلك و بيانه علي ما ينبغي مما لاينبغي لانه من علمهم (ع) المكنون و امّا علي مذاق غيرهم فهو سهل و ذلك لان الشيء لايتقوم الّا بالوجود و الماهيّة فهو مجموعهما لا احدهما فالوجودبدون ماهية لايحسّ و الماهيّة بدون وجودٍ لا حيوة لها فليس احدهما شيئاً الّا بالايجاد وَ شرط قبول الايجاد انضمام احدهما الي الٰاخر فالوجود وجه فعل اللّه و الماهيّة نفسُ الوجود من حيث نفسه فاذا اشعر العبد بالتجلّي فانّما يشعر بوجوده و الوجود نور اللّه قال (ع) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه يعني بوجوده و لايلتفت الي الماهيّة اصلاً فينفكّ تركيبه في شعوره لا في ظاهره لانه لميتجلّ للجبل فيقع لانّ القيام بالتماسك و قد فُقِد في غيبه و امّا مغشياً عليه فلانه ساجد تحت العرش بين يدي اللّه سبحانه قد استولي عليه نور الظهور كاستيلاۤء حرارة النار علي الحديدة المحميّة فان النّار حقيقة هي الحرارة و اليبوسة و هي لاتحسّ و الحرارة التي ظهرت علي الحديدة فانما هي من صفة النار و ظهورها فظهرت النار بفعلها علي الحديدة كما ظهر المتكلّم بكلامه علي قلب الامام (ع) و الظهور هو المرتبة الخامسة للذات فقول بعض العارفين انّ لِسٰانَ الصادِق (ع) كشجرة الطور مجازٌ او تمثيل للمجهول بالمعلوم و الّا فشجرة الطور هي ثاني رتبةٍ في الظهور للسان الصادق (ع) و لو قال شجرة الطور كلسان الصادق (ع) لكان كالصادق فقوله (ع) حتي سمعتها من المتكلّم يراد به من المتكلّم ما اشرنا اليه في المسئلة السابقة و في هذه من ظهور المتكلّم فيما يستند الكلام اليه من صفة فعله التي هي فعله بكلامه سبحانه له عليه السلام و هذا السماع هو في الحقيقة قابليّة الوجود التشريعي الذي هو روح التشريع الوجودي و هو ان تكون حقيقة الامام (ع) اُذناً واعية للملك العلّام و قولك فلو قيل ايّايَ اعبُدْ الخ ، لايصحّ هذا الكلام الّا اذا كان المتكلّم يتكلّم بما يخصّه لا بالمخاطب فانّه حينئذ يجري الكلام في حكاية المظهر فلايصحّ ان يعني نفسه بالخطاب المحكي و اذا كان المتكلّم يتكلّم بالمخاطب للمخاطب كان المخاطب هو النصف الاسفل من وجود الخطاب فلايحسن ان يقال ايّاي اعبُد فلايتوجّه الخطاب الي الحاكي الّا بقرينة فالقول قول المعبود بالعابد فافهم .
و امّا قولكم ايدكم اللّه تعالي : فهذا الاستماع بالاذن الجسماني الخ ، فجوابه ان هذا الاستماع اعلي مراتبه فؤادُهُ و اذنه اذ ذاك الحقيقة الاوليّة التي هي فلك الولاية المطلقة و مقام اوْ ادني و بعده اذنُ قلبه و هي قاب قوسين ثم اذنُ روحِه عند عروجه في الحجاب الاصفر حجاب الذهب الي ذلك المقصود الاكبر ثم اذن نفسه و هكذا الي اذنِ جسمه ثم اذن جسده فكل مقام سمع فيه كلام المتكلم من المتكلم هو مظهره لانه ظهر فيه و قد تقدّم ان معني ظهر فيه ظهر به فافهم و قد اختصرنا الجواب اعتماداً علي حسن الاستماع و الفهم اللمّاع و لضيق الوقت و استعجال الجواب و الحمد للّه رب العالمين .
المصدر http://www.alabrar.info/ar/
وصلى الله على محمد وآل محمد
والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{ جواب مسئلتين آرجو من الجميع الدخول والإستفاده }
س / ان المصلّي حين يقول اياك نعبد و اياك نستعين كيف يقصد المخاطِبِ بخطابه و اي معني يعقد قلبه عليه هل يقصد الذات الغير المدركة بصفةٍ من صفاته الجمالية و لا الجلالية ام يقصد شيئاً آخر ، و علي التقديرين ربّما يصلي الرجل و حين التكلم بتلك الكلمتين لايقصد شيئا و هو غافل ذاهل غير شاعر بقصد شيء فهل تصح صلاته ام لا ؟؟؟
س / و قد روي عن جعفر الصادق (ع) انه قال لقد تجلّي اللّه لعباده في كلامه و لكن لايبصرون و روي انه كان يصلّي في بعض الايام فخرّ مغشياً عليه في اثناۤء الصلوة فسئل بعدها عن سبب غشيته فقال مازلتُ اُرَدِّدُ هذه الٰاية حتي سمعتُها من قاۤئلها قال بعض العارفين ان لسان الصادق (ع) كان في ذلك الوقت كشجرة الطور عند قول اني انا اللّه ، افيدوا ان هذا السماع من القاۤئل اي معني له فلو قيل ايّاي اعبُدْ و اياي استعِنْ بقول ايّاك نعبد و ايّاك نستعين فالقول قول العابد لا قول المعبود و هذا الاستماع بهذا الاذن الجسماني اي معني له ؟؟؟؟
والجواب / لقد صنف الشيخ الأجل الأوحد احمد بن زين الدين الأحسائي رساله في جواب المسئلتين وسمها ( الرسالة الخطابية في جواب بعض العارفين ) وإليكم نصها : -
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ
الحمد للّه رب العالمين و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين .
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زينالدين انه قد ارسل اليّ بعضُ الاخوان المخلصين من العلماۤء العارفين الطالبين للحق و اليقين بمسئلتين يطلب جوابهما علي سبيل الاستعجال مع كلال البال و تغيّر الاحوال فكتبتُ ما خطر من الجواب لذلك السؤال اذ لايسقط الميسور بالمعسور و الي اللّه ترجع الامور .
قال سلمه اللّه تعالي : ان المصلّي حين يقول اياك نعبد و اياك نستعين كيف يقصد المخاطِبِ بخطابه و اي معني يعقد قلبه عليه هل يقصد الذات الغير المدركة بصفةٍ من صفاته الجمالية و لا الجلالية ام يقصد شيئاً آخر ، و علي التقديرين ربّما يصلي الرجل و حين التكلم بتلك الكلمتين لايقصد شيئا و هو غافل ذاهل غير شاعر بقصد شيء فهل تصح صلاته ام لا .
اقول اعلم ان اللّه سبحانه لايُدرَك من نحو ذاته بكلّ اعتبار و انما يدرك بما تعرّف به لعبده فكلّ شيء يعرفه بما تعرّف به له فتشير العبارات اليه بما اوجدها عليه و تشير القلوب اليه بما ظهر لها به و لا سبيل اليه الّا بما جعل من السبيل اليه و هو جل شانه يظهر لكل شيءٍ بنفس ذلك الشيء كما انّه يحتجب عنه به و الي ذلك الاشارة بقول علي (ع) لاتحيط به الاوهام بل تجلّي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاكمها و كل مظهرٍ لك به فهو مقام من مقامات ذاته فيك و حرف من حروف ذاتك به فمن وصل الي رتبةٍ قد ظهر سبحانه له فيها تبين له انّ المطلوب وراۤء ذلك و انّ هذا الذي حسبه ايّاه لميجده شيئا و وجد اللّه عنده فوفّاه حسابه و اللّه سريع الحساب و هكذا و اليه الاشارة بقول الحجة (ع) في دعاء رجب و مقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الّا انّهم عبادك و خلقُك فهذه المقامات هي التي دعاك اليها فيتوجّه اليها قلبك فيجده عندها كما يتوجّه وجه جسدك الي بيته الكعبة فيجده عندها و تعبَّدَك باَنْ تدعُوَهُ بها و تعبُده فيها بلا كيفٍ و لا وجدان الّا لما اوجدك من ظهوره لك و انّه في كل مقامٍ اقرب اليك من نفسك و ليس ما وجدته ذاتاً بحتاً و لو كان ذاتاً بحْتاً لجاز ان تدرك الذات البحْت و الذات البحتفي الازل و انت في الامكان فيكون ما في الامكان بادراكِ الازل في الازل او ما في الازل بكونه مدركاً للممكن في الامكان تعالي اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً و الي ذلك اشار اميرالمؤمنين (ع) انّما تحد الادوات انفُسَها و تشير الٰالات الي نظاۤئرها و قول الرضا (ع) و اسماۤؤه تعبير و صفاته تفهيم و قول الصّادق (ع) كلّما ميّزتموهُ باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مثلكم مخلوق مردود عليكم و ذلك لانه سبحانه هو المجهول المطلق و المعبود الحق فاذا قلت ايّاك نعبد كنتَ قد قصدتَ شيئاً مخاطَباً و قيدُ الخطاب دَلّك علي مخاطبٍ و المخاطَبُ لايُدْرَك منه الّا جهة الخطاب كقولك يا قاعد لاتدرك من ذلك المدعو الّا جهة القعود و ان كنت تعني الموصوف بالقعود لانّ الموصوف غيّبَ الصفةَ عند الواصف حتّي انّه عنده اقرب اليه من الصفةِ و اظهر منها له لكن الواصف لايُدْرِك الّا جهة الصفة من الموصوف كما قال الرضا (ع) و اسماۤؤهُ تعبير و صفاته تفهيم و بالجملة كلّ شيء لايُدْرِكُ اعلي مِنْ مَبْدئِه و انتَ خلِقْتَ بعدَ اشياۤءَ كثيرةٍ فلاتدرك ما وراۤءَ مَبْدئِكَ و مَع هذا تُدْرِك انّكَ مخلوق و تدرِكُ انّ للمخلوق خالقاً و تُدْرِك ان الخالق اوجدَكَ بفعله الّذي وصفتَهُ به و قلتَ خالق و تُدرِك انّ الخلقَ ايجاد و حركة و تُدرِك انّها حدثَتْ من الفاعل و تُدرِكُ ان الفاعل هو المحدِثُ للفعل و تدرك ان تلك الحركة الايجاديّة لمتكن قديمة و لمتنفصل من الذاتِ بل انّما اُحْدِثَتْ بنفسِها فتكون جهةُ الصفةِ صفةَ الجهة و لا شيء مما ذكر قديم فلاتُدْرِكُ الّا نظاۤئرَك في المخلوقيّة و هي الٰاثار و مع هذا فهي لا شَيْءَ الّا به فهو اظهرُ منها ايكون لغيرِكَ من الظهور ما ليس لكَ حتّي يكون هو المظهِرَ لكَ فهو اقرب اليكَ من نفسِكَ فاذا قلتَ يا زيدُ كنتَ قد خاطبت شخصاً وَ دعوته باسمه و هو غيره و اشرتَ اليه و الاشارة و جهتها غير ذاته لان ذاته ليست حيواناً نَاطقاً و اشارة و اسماً و دعاۤء بل هذه غيرهُ و هو غيرها مع انّك تخاطبُه و الخطاب و جهته غيره فافهم ما كرّرتُ و ردَّدْتُ قال الرضا (ع) كنهه تفريقٌ بينه و بين خلقه و غيره تحديد لما سوَاهُ . فانظر في زيد فانه حيوان ناطقٌ لا غير ذلك و لاتدركه بنفس الحيوانية و نفس النطق و انّما تدركه بمظاهره من الخطاب و النداۤء و الاشارة و غير ذلك و كلها غيره و مع هذا فلاتلتفت الي شيءٍ منها و انّما يتعلّق قلبُكَ بذات زيدٍ و لكن تلك الاشياء التي قلنا انّها غيره هي جهة تعلّق قلبِك به و جهة ظهوره لكَ فاذا عرفتَ هذا عرفتَ مطلوبَك من عرف نفسه فقد عرفَ ربّه سنريهم آياتنا في الٰافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انّه الحقّ ، فاذا قلتَ ايّاكَ نعبد فانت تعبد اللّهَ و تقصده بعبادتك لا غير علي نحو ما قلنا لَكَ و هو قوله تعالي و للّه الاسماۤء الحسني فادعوه بها ، هذا اذا توجهتَ و امّا اذا غفلتَ و ذهلتَفانه سبحانه لميغفل و لميذهل قال تعالي و ماكنا عن الخلق غافلين و ذلك اذا غفلت و ذهلْتَ فانّك حينئذٍ قد توجهتَ الي شيء من احوال الدنيا او الٰاخرة و هي كلها بالحقيقة ليسَتْ شيئا الّا بظهوره فيها فاذا غفلتَ عنه لمتغب عنه و لميغب عنك قال الصادق (ع) في قوله تعالي اولميَكفِ برَبّك انه علي كل شيء شهيد قال (ع) يعني موجود في غيبتك و في حضرتِكَ فصلاتُك صحيحة بمعني انّها مجزيَةٌ و قد تكون غير مقبولةٍ بمعني انّها غير موجبَةٍ للجنّة وحدها بدون غيرها من الاعمال و وجه صحتها و اجزاۤئها انّك قد دخلتَ في الصلوة و انت مقبل عليه بنيّتِك عند اوّل التكبير و الّا لمتصحّ اصلاً فان قلتَ قد اتوجّه الي النيّة المعتبرة عند الفقهاۤء غير ملتفت الي ما يقصده العارفونَ قلتُ ان فعلك لما امرك به يلزمك منه امتثال امره و لو اجمالاً كما يلزمك منه القرب اليه بذلك العمل و لو اجْمالاً كل ذلك توجّه اليه من حيث امر الّا ان مقام العابدين تحت مقام الموحّدين و كلّها مقامات المعبود سبحانه فهذا القصد في الحقيقة لا غفلةَ فيه ثم في باقي الصلوة يستمرّ القصد حكماً و اختلف الفقهاۤء في معناه فقال بعضهم هو الّايُحدثَ نيّة تنافي نية الصلوة و قال آخرون هو العزم و تجديده كلّما ذكرت و الخلاف مبني علي الخلاف في ان الموجود الحادث الباقي هل يحتاج في بقاۤئه الي المؤثر ام لا و الحق الاوّل في المسئلة الكلامية فالاصح الثاني في المسئلة الفقهية و وجه عدم مقبوليتها ان النية التي هي روح العمل كانت في الابتداۤء فعليّة فان اقبل علي كل صلاته كانت بمنزلة توجّه الروح الي الجسد في تدبيره فهو حي مشعر مدبِّرٌ لاموره كما هو حالة اليقظة و اذا كانت في باقي الافعال حكميّة كانت بمنزلة روح الناۤئم في جسده هي مجتمعة في القلب فبِشُعاعِها السفلي الذي هو وراۤءها و خلفها كانت متعلقة بالبدن و اما وجهها فهو متوجّه الي جابلسا و جابلقا و هورقليا فمن جهة انّها في القلب كالنية الفعلية في التكبير و شعاعها السفلي في ساۤئر البدن حالة النّوم كالنية الحكمية قلنا ان الصلوة صحيحة مجزيةٌ كما ان الانسان حالة النوم يصدق عليه انه حيّ و من جهة غفلته عن النية فعلاً في ساۤئر الصلوة و انما في الباقي القصد الاول كالناۤئم قلنا انّها لميستقلّ بالمقبولية الموجبة للجنّة بل لا بد من انضمامها الي ما يكمّلها كما ان الناۤئم انّما نحكم له بالحيوة التي ينتفع بها بانضمامها الي حيوة اليقظة فافهم .
قال سلمه اللّه تعالي : و قد روي عن جعفر الصادق (ع) انه قال لقد تجلّي اللّه لعباده في كلامه و لكن لايبصرون و روي انه كان يصلّي في بعض الايام فخرّ مغشياً عليه في اثناۤء الصلوة فسئل بعدها عن سبب غشيته فقال مازلتُ اُرَدِّدُ هذه الٰاية حتي سمعتُها من قاۤئلها قال بعض العارفين ان لسان الصادق (ع) كان في ذلك الوقت كشجرة الطور عند قول اني انا اللّه ، افيدوا ان هذا السماع من القاۤئل اي معني له فلو قيل ايّاي اعبُدْ و اياي استعِنْ بقول ايّاك نعبد و ايّاك نستعين فالقول قول العابد لا قول المعبود و هذا الاستماع بهذا الاذن الجسماني اي معني له .
اقول الحديث مشهور و الادلة النقليّة و العقلية تؤيّده و معني تجلّيه في كلامه ظهوره بكلامه في كلامه و معني ذلك انّ الكلام لايقوم بدون ما يستند اليه و ذلك المستند اليه هو جهة التكلم من المتكلم علي حد ما سبق في المسئلة الاولي فراجع تفهم فمن اشعر بظهوره له فقَدَ نفسه لانه عرفها و هو قول علي (ع) لكميل جذب الاحديّة لصفة التوحيد و من لميشعر جهل نفسه فكان الصادق (ع) لمّا اشعر بالتجلّي فقد نفسه اذْ عرفها فخرّ مغشيّاً عليه حيث لايقدر علي الاستقرار و كثيرا ما تكون هذه الحالة علي جده (ص) و الاوصياۤء (ع) لانه تجلّي له كما تجلّي لموسي (ع) الّا ان المتجلّي لموسي (ع) مثل سَمّ الابرة من نور الستر و جعفر (ع) تجلي له جَميع نور الستر و يجب معه ذلك و بيانه علي ما ينبغي مما لاينبغي لانه من علمهم (ع) المكنون و امّا علي مذاق غيرهم فهو سهل و ذلك لان الشيء لايتقوم الّا بالوجود و الماهيّة فهو مجموعهما لا احدهما فالوجودبدون ماهية لايحسّ و الماهيّة بدون وجودٍ لا حيوة لها فليس احدهما شيئاً الّا بالايجاد وَ شرط قبول الايجاد انضمام احدهما الي الٰاخر فالوجود وجه فعل اللّه و الماهيّة نفسُ الوجود من حيث نفسه فاذا اشعر العبد بالتجلّي فانّما يشعر بوجوده و الوجود نور اللّه قال (ع) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللّه يعني بوجوده و لايلتفت الي الماهيّة اصلاً فينفكّ تركيبه في شعوره لا في ظاهره لانه لميتجلّ للجبل فيقع لانّ القيام بالتماسك و قد فُقِد في غيبه و امّا مغشياً عليه فلانه ساجد تحت العرش بين يدي اللّه سبحانه قد استولي عليه نور الظهور كاستيلاۤء حرارة النار علي الحديدة المحميّة فان النّار حقيقة هي الحرارة و اليبوسة و هي لاتحسّ و الحرارة التي ظهرت علي الحديدة فانما هي من صفة النار و ظهورها فظهرت النار بفعلها علي الحديدة كما ظهر المتكلّم بكلامه علي قلب الامام (ع) و الظهور هو المرتبة الخامسة للذات فقول بعض العارفين انّ لِسٰانَ الصادِق (ع) كشجرة الطور مجازٌ او تمثيل للمجهول بالمعلوم و الّا فشجرة الطور هي ثاني رتبةٍ في الظهور للسان الصادق (ع) و لو قال شجرة الطور كلسان الصادق (ع) لكان كالصادق فقوله (ع) حتي سمعتها من المتكلّم يراد به من المتكلّم ما اشرنا اليه في المسئلة السابقة و في هذه من ظهور المتكلّم فيما يستند الكلام اليه من صفة فعله التي هي فعله بكلامه سبحانه له عليه السلام و هذا السماع هو في الحقيقة قابليّة الوجود التشريعي الذي هو روح التشريع الوجودي و هو ان تكون حقيقة الامام (ع) اُذناً واعية للملك العلّام و قولك فلو قيل ايّايَ اعبُدْ الخ ، لايصحّ هذا الكلام الّا اذا كان المتكلّم يتكلّم بما يخصّه لا بالمخاطب فانّه حينئذ يجري الكلام في حكاية المظهر فلايصحّ ان يعني نفسه بالخطاب المحكي و اذا كان المتكلّم يتكلّم بالمخاطب للمخاطب كان المخاطب هو النصف الاسفل من وجود الخطاب فلايحسن ان يقال ايّاي اعبُد فلايتوجّه الخطاب الي الحاكي الّا بقرينة فالقول قول المعبود بالعابد فافهم .
و امّا قولكم ايدكم اللّه تعالي : فهذا الاستماع بالاذن الجسماني الخ ، فجوابه ان هذا الاستماع اعلي مراتبه فؤادُهُ و اذنه اذ ذاك الحقيقة الاوليّة التي هي فلك الولاية المطلقة و مقام اوْ ادني و بعده اذنُ قلبه و هي قاب قوسين ثم اذنُ روحِه عند عروجه في الحجاب الاصفر حجاب الذهب الي ذلك المقصود الاكبر ثم اذن نفسه و هكذا الي اذنِ جسمه ثم اذن جسده فكل مقام سمع فيه كلام المتكلم من المتكلم هو مظهره لانه ظهر فيه و قد تقدّم ان معني ظهر فيه ظهر به فافهم و قد اختصرنا الجواب اعتماداً علي حسن الاستماع و الفهم اللمّاع و لضيق الوقت و استعجال الجواب و الحمد للّه رب العالمين .
المصدر http://www.alabrar.info/ar/
وصلى الله على محمد وآل محمد
والسلا م عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق