كلامه (صلى الله عليه وآله )
بحث علمي في حديث
خطب الناس فقال : أيها الناس ماجائكم عني يوافق كتاب الله فانا قلته ، ماجائكم يخالف القران فلم اقله.
رواه البرقى في باب الاحتياط في الدين والأخذ بالسنة من مصابيح الظلم من المحاسن عن أيوب المدائني عن ابن أبي عمير عن الهشامين جميعا وغيرهم ، وروى نحوه في الحديث أخر بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام) بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وروى الخطبة العياشي بإسناده عن هشام بن الحكم عن الصادق (عليه السلام) بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وروى البرقى عن النوفلى عن السكوني عن الصادق عن أبيه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال :ان على كل حق حقيقة وعلى صواب نورا عما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه.
وروى أصل الخطبة في الكافي في باب اختلاف الحديث بسنده عن الصادق (عليه السلام) وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) قال : وقد كذب على رسوالله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهد حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت على الكذابة فمن كذب على متعمدا فليتبؤ مقعدة من النار
وهذا الكلام موجود في أصل سليم بن قيس ،ويمثله جرى روايات اهل السنة أيضا ، وثبت بالاتفاق لزوم متابعة القران من حديث الثقلين وغيرة من الإخبار الصحيحة عند الفريقين، وكذا النهي عن الاختلاف في القران، والدليل بذلك فيكتب الصحاح للعامة وغيرها من الإخبار مقطوع به
وحيث آل الكلام الى هنا فلنا كلمه حول النزاع بعد ثبوت هذا الاتفاق ، اما النزاع وهو الذي وقع بين فاطمة (عليها السلام) وبين أبي بكر بعد توليه الخلافة وأخذه فدكا من يدها في ارثها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وادعت هي على ما ذكروه ، ويظهر ايظا من خطبتها في الأحتجاح ان لها الإرث من أبيها بحكم عمون القران في أية {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاثنين } ولأيه {للرجال نصيب مما ترك الوالدان}والآية {أولو الأرحام يعظهم اولى ببعض} الايه ،منعها ابوبكر منه بحديث رواه منفردا ، في بعض الكتب استشهد الصحابة فلم يوافقه الا مالك بن اوس بن الحدثان قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم ) يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقه :
وردت عليه فاطمة(عليها السلام) بأمرين:
احدهما ـ عدم نزول آية في ذلك وعدم كونه قوله رسول الله (صلى لله عليه وآله وسلم)وافقها في ذلك الدعوى علي والحسن والحسين(عليم السلام ) وسالت أيضا ابا بكر عن ارثه بعد موته وأجاب بقوله ولدى وكذا ترثه عن أبيه قالت : أفي كتب الله ان ترث أباك ولم ارث أبي .
الثاني ـ بتكذيبه في حديث الذي رواه متمسكة بقوله تعالى :{ وورث سليمان داود } الآية، وبقوله تعالى حكاية عن زكريا {فهب لي وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} الايه ، ولم يحر جوابا لكن إصر على فعلة قهر أبقوة حاكمة فهجرته ول تكلمه حتى ماتت ساخطة عليه،وأوصت الى امير المؤمنين (عليه السلام ) ان يدفنها ليلا لا يمكن ابا بكر من الصلاة عليها ،وعمل على أيضا بوصيتها في ذلك
وإما الكلمة حول هذا النزاع
هو الإخطار لأهل العالم بحاكميه فاطمة (عليها السلام) في المسائل فان المحاكم في ذلك هو القران، وبيان موضوعية الحديث المذكور مع الإيجاز بأمور:
الأول:- عدم نقل احد من أرباب التاريخ قسمة متروكات الأنبياء بين أمتهم قط ،ولم يرد حديث أيظا في ذلك .
والثاني عدم الشبهة عند احد من المسلمين في ان متروكات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) كانت في يد علي وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام ) ولم تقسم بين المسلمين .
الثالث :- عدم شبهتهم أيضا في ان رسوالله (صلى الله عليه وآله 9اوصى الى امير المؤمنين (عليه السلام) ان ينجز عداته ويؤدي ديونه من متروكات ،وكل هذا آية الجعل في الحديث كما لا يخفى ، وكيف لا فلوا كان ما رواه الرجل حقا لكان ينقل ما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمجرد موته للمسلمين بعنوان ان الصدقة ، وليس هو كسائر الناس حتى يشمل عليه قوله تعالى {من بعد وصيه توصى بها او دين} ولازم ذلك أداء دينه من بيت المال لا من متروكا ته، وعدم جواز دفنه (صلى الله عليه وآله وسلم ) في بيته وكذالك دفن الشيخين بعده فيه لكون صدقه ،ويلزم إخراج نسائه من بيوته او طلب الرضا بسكونتهن فيها من المسلمين والمسلمات ،فان فعلوا فلم لا ينقل وان لم يفعلوا كما انه المتحقق فهذا يكشف عن كذب في الحديث . ويؤد ذلك قول عائشة مخاطبا لبني هاشم حين أرادوا ان يدخلوا جنازة الحسن بن علي لتوديع قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ){نحو ابنكم عن بيني } نسبتها البيت الى نفسها مع ان لها منه التسع من الثمن على تقدير أرث الزوجة من عرضة الدار
هذا مضافا الى غرابة ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الحكم المخالف للقران وخلاف ما ارتكز في الأذهان لأبي بكر خاصة وعدم تنبيهه لفاطمة (عليها السلام) مع أنها بذلك انسب.
ان قلت : يظهر من كتب اهل السنة كصحيح البخاري ومسلم والنسائي وغيرها اطلاع جماعة على ذلك ولم يكن مختصا بابي بكر ومن ذلك مارووا واللفظ لمسلم في باب حكم الفئ من كتاب الجهاد بإسناد عن الزهري ان مالك بن اوس حدثه قال : أرسل الى عمر بن خطاب فجئته حين تعالى النهار ، قال : فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا الى رماله متكئا الى وساده من ادم ،فقال لي : ما مال انه قد دف اهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم يرضخ فخذه فاقسمه بينهم ، قال لو أمرت بهذا غيري ، قال : خذه يا مال ،قال فجاء يرفا فقال ك هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد ،فقال عمر :نعم فإذن لهما فدخلوا ثم جاء فقال :هل لك في عباس وعلي ، قال : نعم فأذن لهما فقال ك عباس :يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الأثيم الغادر الخائن ،فقال القوم : اجل يا امير المؤمنين فاقض بينهم وارحم ،فقال عمر ابتداءأ : أنشدكم بالله الذي بأذنه تقوم السماء أتعلمون ان رسول الله (صلى الله عليه وآل وسلم) قال لا نورث ما تر كنا صدقه ،قالوا نعم ،ثم اقبل على العباس وعلي فقال : انشد كما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان ان رسول الله قال لا نورث ما تر كنا صدقه ،قالا : نعم ـ الحديث
قلت :هذا وما روواه عن عائشة وأبى هريرة في ذلك كلها من موضوعات عصر بني أميه ،وهذه كذب على عائشة والزهري ، والدليل على ذلك أمور .
منها ـ تصريح علي كرارا في خطبة ورسائله بأن ابا بكر ظلم فاطمة في ارثها كغصبه الخلافة ،ومع هذا كيف يصح نسبة سماع الحديث الموضوع اليه.
الثاني ـ تصريح العامة كتبهم باختصاص أبي بكر في نقلة ،وزاد بعض مالك بين اوس ،فلو كان سمعه جماعة خصوصا عباس وعلي لكان استشهاد أبي بكر يهما على فاطمة اولى.
الثالث ـ قول عباس في على ونسبه الكذب والإثم والغدر والخيانة اليه مع انه لم يسمع منه الا الزهد والورع مضافا الى بعد صدور مثل ذلك عن العباس .
الرابع ـ قول عمر قبيل موته لابنه باتفاق منهم واللفظ للبخاري في باب ما حاء في قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من كتاب الصلاة : اذهب الى أم المؤمنين عائشة فقل يقرا عمر بن الحطاب عليك السلام ثم سلها ان ادفن مع صاحبي ، وهذا قالت : كنت أريده لنفسي فلآو اثر اليوم على نفسي ـ الحديث ، وهذا كما ترى نص صريح وقول منها وفعل من أبي بكر وعمر يدلان على كذب ما نسبوه الى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)من عدم التوريث كمالا يخفي ,لما اشرنا اليه آنفا من ان البيت الذي دفن فيه النبي كان له واسكن فيه عائشة كما اسكن غيرها في بيوتهن التي بناها لهم بلا خلاف معتمد به من احد في ذلك ,ولا شبهه لأحد من المسلمين أيضا في ان ما ترك المسلم يكون و ارثه بمجرد الموت وقد ثبت عندهم برواية أبي بكر قديما ونقل عمر وعائشة حديثا ان النبي(صلى لله عليه وآله وسلم) قال { نحن معاشر الأنبياء لا ورث اتركنا صدقة} فإذا لا يخرج إنهما دفنا اما في الصدقة من غير اذن أربابها او في الملك المورث لعلى والحسن والحسين (عليهم السلام) بغير إذنهم وقول عمر وعائشة في الحديث نص في الإرث ومناقض لحديث عدم الإرث وتصريح بالكذب على النبي،ومن كذب عليه متعمدا فليتبؤ مقعده في النار ،ونعوذ بالله ان بقال على رسول الله (صلى الله عليه ولآله وسلم) ما يقله.
ومقصود الوضاعة من هذا وأشباهه القدح في امير المؤمنين (عليه السلام) واسقاطه عن القلوب والمحاربة والجدال مع آية التطهير وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم){الحق يدور مع علي حيثما دار} وغير ذلك من الاخبار المتواترة المبرئة لساحتة عن الرذائل .
وابدأ الدليل لأرث العم عن ابن الأخ مع وجود البنت في قبال القران وإخبار الشيعة على خلاف وليس يبعد عنهم ذلك وأمثاله بهد إنكارهم دلالة قول النبي(صلى الله علية وآله وسلم) لما حالوا بينه وبين ان يكتب نسبوا اليه الهجر مع انه منزه عن ذلك بحكم القران {إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم يهما لن تضلوا أبدا كناب الله وعترتي اهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض} على الاستخلاف ـ مع انه صريح ذلك ولا شبهه عند العرف والعقلاء في ان الملك حين خروجه الى سفر إذا قال لرعيته إني اخرج واخلف فلانا مثلا فارجعوا اليه في كونه نصا في الاستحلاف
ـــــــــــــــــــــــــ
من كناب مدينة البلاغة /في خطب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)
تأليف الشيخ موسى الزنجاني
تعليق