منذ بزوغ الفجر ، الى غسق الليل والمرأة العربية تنادي بصوت صدّاح .. في كل جريدة ومجلة وموضوع أفتتاح .. الرجل الشرقي ظالمني ، يهينني ، يمنعني ، يحبسني ، يقلل من شأني وووو .. حديث لا أول له ولا آخر .. ولكني سأجعل المرأة تطل على ماضي جنسها في الحضارات الغابرة لترى وتعرف كم أن الرجل الشرقي اليوم (( أمداريها مثل الوردة
)).. وما الرجل الشرقي اليوم الا ملاك
أمام الرجل الماضي
ففي الحضارة الرومانية والإغريقية والهندية كانت المرأة مظلومةً وقاصراً على الدوام، بل كانت، كما يقول عنها الدكتور عبد السلام الترمانيني في كتابه (الوسيط في تاريخ القانون والنُظُم القانونية) إنها (لا تمثَّل الأسلاف، فهي إن كانت زوجة لا تنحدر منهم، وإن كانت ابنة لا ينحدر الأسلافُ منها، وليس عند موتها عبادة خاصة)(1). فهي، وإن كانت قاصراً في الحياة الدنيا، فإن هذا القصور يستمر معها حتى في مراسم الحياة الآخرة، فلا يليق بالكاهن أن يصلي على امرأةٍ ولا يجوز إشعال المجامر وإضرام النار في مواقد المعابد من أجل موت الأنثى. بل قضت شرائع الهند القديمة أن الوباء والموت والجحيم والأفاعي خير من المرأة، وكان حقُّ الأنثى في الحياة ينتهي بانتهاء حياة زوجها الذي هو مالكها قبل أن يكون زوجها، وما عليها – من باب الواجب – بعد موت وإحراق جثة زوجها إلا أن تلقي بنفسها في النار أسوةً بمالكها، وإلا فإن اللعنة الأبدية ستحيق بها إلى نهاية الزمان وعلى مَرِّ الأجيال.



ولم يكن الوضع في العصور الوسطى في أوروبا أفضل حالاً بالنسبة للمرأة بشكلٍ عام. فقد عقدت في العديد من البلدان الأوروبية وقتذاك العديد من الاجتماعات للبحث بشأن المرأة وما إذا كانت تُعدُّ إنساناً أم لا. وذَكَر الدكتور أحمد شلبي في كتابه (مقارنة الأديان) أن أحد هذه الاجتماعات قد تم في فرنسا لمعرفة ماهية المرأة. وبعد النقاش، تبين للمجتمعين أن المرأة يمكن أن تكون إنساناً، بل هي إنسان ولكنها مخلوقة من أجل خدمة الرجل فقط، ومن أجل راحته هو فحسب.
هذا هو الحال بشكلٍ مقتضب في فرنسا، فما هو الحال في إنكلترا؟
ففي إنكلترا حرَّم الملك (هنري الثامن) على المرأة الإنكليزية قراءة الكتاب المقدس، وظلّت النساء حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين، وظللن حتى عام 1882م ليس لهن حقوق شخصية، ولا حَقَّ لهنّ في التملك الخالص، وإنما كانت المرأة ذائبة في أبيها أو زوجها(2).
وقد روى المفكِّر (ليكي) Lecky في كتابه (تاريخ الأخلاق الأوروبية) الكثير من الحكايات التي هي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة. فقد روى في كتابه المذكور كيف كان الرجال في أوروبا يفرّون من ظل النساء ويتأثمون من قربهنَّ والاجتماع بهنّ، وكانوا يعتقدون أن مُصادفتهنَّ في الطريق والتحدّث إليهنَّ ولو كُنَّ أمهات وأزواجاً أو شقيقات تحبط أعمالهم وجهودهم الروحية(3).
ولو أردنا الآن أن نترك المجتمع الأوروبي ونظرته إلى المرأة، ونتوجه برحلتنا إلى مجتمعنا العربي ولكن في إطار العصر الجاهلي الذي كان يغصُّ بالمتناقضات.
فالمرأة في المجتمع الجاهلي كانت هدفاً سهلاً للغبنِ والحيف، فلا حقوق لها، وهي محرومة من إرثها، وتعضل بعد الطلاق أو وفاة الزوج من أن تنكح زوجاً ترضاه، بل والأسوء من ذلك كله، أنها كانت تُورَّث كما يورث المتاع أو الدابة، ويكفي أن نشير هنا إلى المستوى الأخلاقي المتدني الذي وصل إليه الرجل في نظرته وتعامله مع المرأة. فقد بلغت كراهة البنات إلى حَدِّ الوأد، وكانوا يقومون بالتخلص من البنات بطرق وحشية كدفنها في التراب وهي حية، أو أنهم كانوا يلقون بالإناث من رؤوس الجبال الصخرية أو المنحدرات الرملية إلى بطون الأودية، أو يضعونهن على أبواب الكهوف والمغائر عسى أن يمر بها وحش كاسر أو طيرٌ جارح.
أما اليوم (( مدللات .. مكرمات ... معززات ... والحمد لله والشكر ))
والسلام
تعليق