وذكر اليعقوبي في تاريخه والمسعودي في مروجه وابن عبد البر بترجمة حكيم ابن جبلة من الاستيعاب واللفظ للأخير :
إن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب ( 179 ) بالصلح بينه وبين الزبير وطلحة وعائشة على أن يكفوا عن الحرب ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلي على حاله حتى يقدم علي ( رض ) فيرون رأيهم ، قال عثمان بن حنيف لأصحابه : ارجعوا وضعوا سلاحكم . فلما كان بعد أيام جاء عبد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح ، وبرد شديد ، ومعه جماعة من عسكرهم ، فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه ، ثم انتهوا به إلى بيت المال ، فوجدوا ناسا من الزط يحرسونه ، فقتلوا منهم أربعين رجلا .
وقال المسعودي : قتل منهم سبعون رجلا غير من جرح وخمسون من السبعين ضربت أعناقهم صبرا من بعد الاسر .
وفي الطبري ( 180 ) والاستيعاب واللفظ للطبري : إنهم لما أخذوا عثمان ابن حنيف أرسلوا أبان بن عثمان إلى عائشة يستشيرونها في أمره . قالت : أقتلوه . قالت امرأة : نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله . قالت : ردوا أبانا ، فردوه .
( 179 ) وفي العقد الفريد : ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا ان يكفوا عن القتال حتى يقدم علي ابن أبي طالب ، ولعثمان بن حنيف دار الامارة والمسجد الجامع وبيت المال فكفوا .
( 180 ) الطبري 5 / 178 ، وط . أوربا 1 / 3126 . ( * )
- ج 1 ص 192 -
فقالت : إحبسوه ولا تقتلوه . قال : لو علمت أنك تدعيني لهذه لم أرجع . فقال لهم مجاشع بن مسعود : اضربوه وانتفوا شعر لحيته ، فضربوه أربعين سوطا ، ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه .
وقال الطبري ( 181 ) : ولما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان بن حنيف وفي رحبة مدينة الرزق طعام يرتزقه الناس ، فأراد عبد الله أن يرزقه أصحابه .
وبلغ حكيم بن جبلة ( 182 ) ما صنع بعثمان بن حنيف ، فقال : لست أخاف الله ان لم أنصره ، فجاء في جماعة من عبد القيس وبكر بن وائل ، وأكثرهم من عبد القيس ، فأتى ابن الزبير بمدينة الرزق ، فقال : مالك يا حكيم ؟
قال : نريد أن نرتزق من هذا الطعام ، وأن تخلوا عثمان فيقيم في دار الامارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم علي ، والله لو أجد أعوانا عليكم أخبطكم بهم ما رضيت بهذه منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم وإن دماءكم لنا حلال بمن قتلتم من إخواننا ، أما تخافون الله عزوجل ! ؟ بما تستحلون سفك الدماء ! ؟
قال : بدم عثمان بن عفان ( رض ) قال : فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان ؟ ! أما تخافون مقت الله ؟
فقال له عبد الله بن الزبير : لا نرزقكم من هذا الطعام ، ولا نخلي سبيل عثمان بن حنيف حتى يخلع عليا !
قال حكيم : اللهم إنك حكم عدل فاشهد ، وقال لأصحابه : إني لست في شك من قتال هؤلاء ، فمن كان في شك فلينصرف ، وقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا ، وضرب رجل ساق حكيم فقطعها ، فأخذ حكيم ساقه فرماه بها ، فأصاب عنقه فصرعه وقذه ثم حبا إليه فقتله واتكأ عليه ، فمر به رجل فقال :
( 181 ) الطبري 5 / 182 ، وط . أوربا 1 / 3135 ، وراجع ترجمة جبلة من الاستيعاب .
( 182 ) حكيم بن جبلة بن حصين بن أسود العبدي ، قيل إنه أدرك النبي وكان رجلا صالحا له دين ، مطاعا في قومه ، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند . وكان حكيم ممن يعيب على عثمان من أجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله . وتأتي حكاية قتلة في ما بعد . الاستيعاب ص 121 ، الترجمة رقم 498 ، وأسد الغابة 2 / 40 . ( * )
- ج 1 ص 193 -
من قتلك ؟ قال : وسادتي ، وقتل في المعركة سبعون رجلا من عبد القيس .
وقال الطبري ( 183 ) : لما قتل حكيم بن جبلة أرادوا أن يقتلوا عثمان بن حنيف ، فقال : ما شئتم . أما إن سهل بن ( 184 ) حنيف وال على المدينة ، وإن قتلتموني انتصر ، فخلوا سبيله واختلفوا في الصلاة . . الحديث .
وقال اليعقوبي ( 185 ) : وانتهبوا بيت المال ، وأخذوا ما فيه ، فلما حضر وقت الصلاة ، تنازع طلحة والزبير ، وجذب كل منهما صاحبه ، حتى فات وقت الصلاة ، وصاح الناس : الصلاة الصلاة ، يا أصحاب محمد ! فقالت عائشة : يصلي محمد بن طلحة يوما وعبد الله بن الزبير يوما .
وفي الطبقات ( 186 ) : تدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت ، ثم اصطلحا على أن يصلي عبد الله بن الزبير صلاة ، ومحمد بن طلحة صلاة فذهب ابن الزبير يتقدم ، فأخره محمد بن طلحة ، وذهب محمد بن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة فتقدم فقرأ : سأل سائل بعذاب واقع .
وفي الاغاني : وقال شاعرهم في ذلك ( 186 ) :
تبارى الغلامان إذ صليا * وشح على الملك شيخاهما
ومالي وطلحة وابن الزبير * وهذا بذي الجزع مولاهما
فأمهما اليوم غرتهما * ويعلى بن منية دلاهما
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
( 183 ) الطبري 5 / 181 ، وط . أوربا 1 / 3135 .
( 184 ) سهل بن حنيف بن واهب بن الحكيم الاوسي . شهد بدرا وما بعدها ، وثبت يوم أحد مع رسول الله حين انهزمت الصحابة عنه . استخلفه علي على المدينة عندما توجه إلى البصرة ، وشهد صفين مع علي وولاه بلاد فارس فأخرجه أهلها فاستعمل عليهم زياد بن أبيه ، ومات سهل بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي وكبر عليه ستا وقال انه بدري . أسد الغابة 2 / 364 365 .
( 185 ) اليعقوبي في ذكره حرب الجمل من تاريخه .
( 186 ) في الطبقات 5 / 39 بترجمة محمد بن طلحة وفيه أن طلحة والزبير ختما بيت المال جميعا .
( 187 ) الاغاني 11 / 120 عن أبي مخنف وذكر المسعودي في مروج الذهب أيضا تشاحهما على الصلاة .
إن عثمان بن حنيف لما كتب الكتاب ( 179 ) بالصلح بينه وبين الزبير وطلحة وعائشة على أن يكفوا عن الحرب ويبقى هو في دار الإمارة خليفة لعلي على حاله حتى يقدم علي ( رض ) فيرون رأيهم ، قال عثمان بن حنيف لأصحابه : ارجعوا وضعوا سلاحكم . فلما كان بعد أيام جاء عبد الله بن الزبير في ليلة ذات ريح ، وبرد شديد ، ومعه جماعة من عسكرهم ، فطرقوا عثمان بن حنيف في دار الإمارة فأخذوه ، ثم انتهوا به إلى بيت المال ، فوجدوا ناسا من الزط يحرسونه ، فقتلوا منهم أربعين رجلا .
وقال المسعودي : قتل منهم سبعون رجلا غير من جرح وخمسون من السبعين ضربت أعناقهم صبرا من بعد الاسر .
وفي الطبري ( 180 ) والاستيعاب واللفظ للطبري : إنهم لما أخذوا عثمان ابن حنيف أرسلوا أبان بن عثمان إلى عائشة يستشيرونها في أمره . قالت : أقتلوه . قالت امرأة : نشدتك الله يا أم المؤمنين في عثمان وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله . قالت : ردوا أبانا ، فردوه .
( 179 ) وفي العقد الفريد : ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا ان يكفوا عن القتال حتى يقدم علي ابن أبي طالب ، ولعثمان بن حنيف دار الامارة والمسجد الجامع وبيت المال فكفوا .
( 180 ) الطبري 5 / 178 ، وط . أوربا 1 / 3126 . ( * )
- ج 1 ص 192 -
فقالت : إحبسوه ولا تقتلوه . قال : لو علمت أنك تدعيني لهذه لم أرجع . فقال لهم مجاشع بن مسعود : اضربوه وانتفوا شعر لحيته ، فضربوه أربعين سوطا ، ونتفوا شعر لحيته ورأسه وحاجبيه وأشفار عينيه وحبسوه .
وقال الطبري ( 181 ) : ولما كانت الليلة التي أخذ فيها عثمان بن حنيف وفي رحبة مدينة الرزق طعام يرتزقه الناس ، فأراد عبد الله أن يرزقه أصحابه .
وبلغ حكيم بن جبلة ( 182 ) ما صنع بعثمان بن حنيف ، فقال : لست أخاف الله ان لم أنصره ، فجاء في جماعة من عبد القيس وبكر بن وائل ، وأكثرهم من عبد القيس ، فأتى ابن الزبير بمدينة الرزق ، فقال : مالك يا حكيم ؟
قال : نريد أن نرتزق من هذا الطعام ، وأن تخلوا عثمان فيقيم في دار الامارة على ما كتبتم بينكم حتى يقدم علي ، والله لو أجد أعوانا عليكم أخبطكم بهم ما رضيت بهذه منكم حتى أقتلكم بمن قتلتم ، ولقد أصبحتم وإن دماءكم لنا حلال بمن قتلتم من إخواننا ، أما تخافون الله عزوجل ! ؟ بما تستحلون سفك الدماء ! ؟
قال : بدم عثمان بن عفان ( رض ) قال : فالذين قتلتموهم قتلوا عثمان ؟ ! أما تخافون مقت الله ؟
فقال له عبد الله بن الزبير : لا نرزقكم من هذا الطعام ، ولا نخلي سبيل عثمان بن حنيف حتى يخلع عليا !
قال حكيم : اللهم إنك حكم عدل فاشهد ، وقال لأصحابه : إني لست في شك من قتال هؤلاء ، فمن كان في شك فلينصرف ، وقاتلهم فاقتتلوا قتالا شديدا ، وضرب رجل ساق حكيم فقطعها ، فأخذ حكيم ساقه فرماه بها ، فأصاب عنقه فصرعه وقذه ثم حبا إليه فقتله واتكأ عليه ، فمر به رجل فقال :
( 181 ) الطبري 5 / 182 ، وط . أوربا 1 / 3135 ، وراجع ترجمة جبلة من الاستيعاب .
( 182 ) حكيم بن جبلة بن حصين بن أسود العبدي ، قيل إنه أدرك النبي وكان رجلا صالحا له دين ، مطاعا في قومه ، وهو الذي بعثه عثمان إلى السند . وكان حكيم ممن يعيب على عثمان من أجل عبد الله بن عامر وغيره من عماله . وتأتي حكاية قتلة في ما بعد . الاستيعاب ص 121 ، الترجمة رقم 498 ، وأسد الغابة 2 / 40 . ( * )
- ج 1 ص 193 -
من قتلك ؟ قال : وسادتي ، وقتل في المعركة سبعون رجلا من عبد القيس .
وقال الطبري ( 183 ) : لما قتل حكيم بن جبلة أرادوا أن يقتلوا عثمان بن حنيف ، فقال : ما شئتم . أما إن سهل بن ( 184 ) حنيف وال على المدينة ، وإن قتلتموني انتصر ، فخلوا سبيله واختلفوا في الصلاة . . الحديث .
وقال اليعقوبي ( 185 ) : وانتهبوا بيت المال ، وأخذوا ما فيه ، فلما حضر وقت الصلاة ، تنازع طلحة والزبير ، وجذب كل منهما صاحبه ، حتى فات وقت الصلاة ، وصاح الناس : الصلاة الصلاة ، يا أصحاب محمد ! فقالت عائشة : يصلي محمد بن طلحة يوما وعبد الله بن الزبير يوما .
وفي الطبقات ( 186 ) : تدافع طلحة والزبير حتى كادت الصلاة تفوت ، ثم اصطلحا على أن يصلي عبد الله بن الزبير صلاة ، ومحمد بن طلحة صلاة فذهب ابن الزبير يتقدم ، فأخره محمد بن طلحة ، وذهب محمد بن طلحة يتقدم فأخره عبد الله بن الزبير عن أول صلاة فاقترعا فقرعه محمد بن طلحة فتقدم فقرأ : سأل سائل بعذاب واقع .
وفي الاغاني : وقال شاعرهم في ذلك ( 186 ) :
تبارى الغلامان إذ صليا * وشح على الملك شيخاهما
ومالي وطلحة وابن الزبير * وهذا بذي الجزع مولاهما
فأمهما اليوم غرتهما * ويعلى بن منية دلاهما
لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه
( 183 ) الطبري 5 / 181 ، وط . أوربا 1 / 3135 .
( 184 ) سهل بن حنيف بن واهب بن الحكيم الاوسي . شهد بدرا وما بعدها ، وثبت يوم أحد مع رسول الله حين انهزمت الصحابة عنه . استخلفه علي على المدينة عندما توجه إلى البصرة ، وشهد صفين مع علي وولاه بلاد فارس فأخرجه أهلها فاستعمل عليهم زياد بن أبيه ، ومات سهل بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علي وكبر عليه ستا وقال انه بدري . أسد الغابة 2 / 364 365 .
( 185 ) اليعقوبي في ذكره حرب الجمل من تاريخه .
( 186 ) في الطبقات 5 / 39 بترجمة محمد بن طلحة وفيه أن طلحة والزبير ختما بيت المال جميعا .
( 187 ) الاغاني 11 / 120 عن أبي مخنف وذكر المسعودي في مروج الذهب أيضا تشاحهما على الصلاة .
تعليق