هل تدريس الطب بالعربية يخرج لنا أطباء أضعف ؟
لقد اتفق كل من وزارة الصحة وعمداء كليات الطب في الدول العربية ، وخبراء منظمة الصحة العالمية في اجتماعاتهم التي عقدوها منذ أكثر من عشر سنوات في كل من الخرطوم ودمشق والقاهرة على أن يكون تعليم الطب باللغة العربية وأجمعوا أمرهم على البدء بتعريب كل من الطب الشرعي وطب المجتمع ، ثم بقية العلوم الطبية على أن يكتمل التعريب قبل نهاية عام 2000م ، ولدعم مشروع التعريب قام المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالإسكندرية بتخصيص جانب من ميزانيته لتعريب العلوم الطبية .
وإذا ما نظرنا إلى دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وفلندا والسويد والدينمارك والنرويج ودول آسيوية مثل اليابان فإننا نجد كلا منها تدرس الطب بلغتها !!!
حتى الكيان الصهيوني الذي لا يزيد عدد سكانه على أربعة ملايين ونصف ، تمكن من إحياء لغته ألام ( العبرية ) وأصبح يدرس كل المعارف بها بما في ذلك الطب الذي لا يقل مستواه فيه عن مستواه في دول أوروبا وأمريكا الشمالية .
الواقع أ، تدريس الطب في بلادنا العربية بلغات أجنبية هو هزيمة نفسية أولا وقبل كل شيء وخصوصا إذا علمنا أن طالب الطب _ في الغالب _ لا يملك أن يكتب صفحة واحدة باللغة الإنجليزية دون أن يرتكب فيها عشرة أخطاء على الأقل ، كما تجده يتجنب الحوار والمناقشة لضعف لغته .
ذلك لأنه يدرس بلغة إنجليزية ضعيفة (( لأنها هجينة بين اللغتين العربية والإنجليزية )) ولبطء قراءته نجده يعتمد على الملخصات وقليلا ما يعود للمراجع .
وقد يظن بعضنا أن تعليم الطب باللغة العربية في سوريا أدى إلى تدني مستواه (( وهم لا يقولون هذا عن إسرائيل التي تعلم الطب بالعبرية )) ولكي نحقق هذا الأمر بحثنا عن نتائج الأطباء السوريين في اختبار ECFMG ( اختبار المجلس التعليمي للأطباء الأجانب ) وهو اختبار تعقده الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات في كل عام ، ويتقدم إليه في كل مرة نحو عشرة آلاف طبيب من مختلف أنحاء العالم .
تاريخ الاختبار إجمالي المتقدمين معدل العلامات الإجمالي عدد الأطباء السوريين معدل العلامات للسوريين
يوليو 1979 8930 71.8 39 73.7
يناير 1980 9769 71.1 35 71.4
يوليو 1980 10879 72.0 36 72.6
( نتائج الأطباء السوريين في اختبار المجلس التعليمي للأطباء الأجانب في أمريكا ECFMG مقارنة بنتائج غيرهم من الأطباء ) .
الجدول يوضح لنا أن الأطباء السوريين لا يقل مستاهم في الاختبار ECFMG عن مستوى زملائهم الأطباء من مختلف أنحاء العالم وننبه القارئ أن اختبار ECFM يعقد باللغة الإنجليزية
، أي إن تعليم الطب باللغة العربية لم يكن عائقا أمام الأطباء السوريين يحول دون أدائهم للاختبار واجتيازه بنجاح .
ولقد وجدنا في دارسة أجريناها في كلية الطب بجامعة الملك فيصل أن نسبة المصطلحات الطبية في كتب الطب لا تزيد على 3.3% من مجموع الكلمات ، وأن الطالب إذا درس باللغة العربية تزيد سرعته 43% وتتحسن قدرته على الاستيعاب 15% عما لو قرأ باللغة الإنجليزية .
ويوجد في العالم العربي أكثر من 110 كليات طب تدرس باللغة الإنجليزية والعربية والفرنسية والاطلية فإذا ما أصبح التعليم بلغة واحدة هي العربية تيسر لنا وسيلة من وسائل اللقاء الفكري .
لقد كان القرن الثالث عشر الهجري من أكثر العصور الإسلامية ازدهارا فقد ترجم العرب آنذاك علوم اليونان والهند وفارس وتفاعلوا معها وأضافوا إليها ثم أبدعوا وابتكروا ، ثم نشروا المعرفة والنور في أنحاء المعمورة وهم في كل هذه كانوا يكتبون ويؤلفون ويتعلمون ويعلمون بلغتهم ألام .
ولا أخال أن أساطين الطب في تاريخنا الإسلامي من أمثال ابن سينا والفارابي وابن النفيس وابن الهيثم كان بامكانهم إن يبدعوا لولم يتعلموا ويبحثوا ويكتبوا معارفهم باللغة العربية .
وأخيرا يجب أن نؤكد أن تعربي الطب لا يغني الطبيب من أ، يتقن لغة أجنبية واحدة على الأقل ، حتى يتمكن من متابعة ما يحدث في عالم الطب من التقدم .
المعرفة
العدد ( 65 ) شعبان عام 1421هـ
مقتبس من مقال زهير أحمد السباعي
لقد اتفق كل من وزارة الصحة وعمداء كليات الطب في الدول العربية ، وخبراء منظمة الصحة العالمية في اجتماعاتهم التي عقدوها منذ أكثر من عشر سنوات في كل من الخرطوم ودمشق والقاهرة على أن يكون تعليم الطب باللغة العربية وأجمعوا أمرهم على البدء بتعريب كل من الطب الشرعي وطب المجتمع ، ثم بقية العلوم الطبية على أن يكتمل التعريب قبل نهاية عام 2000م ، ولدعم مشروع التعريب قام المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالإسكندرية بتخصيص جانب من ميزانيته لتعريب العلوم الطبية .
وإذا ما نظرنا إلى دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا وفلندا والسويد والدينمارك والنرويج ودول آسيوية مثل اليابان فإننا نجد كلا منها تدرس الطب بلغتها !!!
حتى الكيان الصهيوني الذي لا يزيد عدد سكانه على أربعة ملايين ونصف ، تمكن من إحياء لغته ألام ( العبرية ) وأصبح يدرس كل المعارف بها بما في ذلك الطب الذي لا يقل مستواه فيه عن مستواه في دول أوروبا وأمريكا الشمالية .
الواقع أ، تدريس الطب في بلادنا العربية بلغات أجنبية هو هزيمة نفسية أولا وقبل كل شيء وخصوصا إذا علمنا أن طالب الطب _ في الغالب _ لا يملك أن يكتب صفحة واحدة باللغة الإنجليزية دون أن يرتكب فيها عشرة أخطاء على الأقل ، كما تجده يتجنب الحوار والمناقشة لضعف لغته .
ذلك لأنه يدرس بلغة إنجليزية ضعيفة (( لأنها هجينة بين اللغتين العربية والإنجليزية )) ولبطء قراءته نجده يعتمد على الملخصات وقليلا ما يعود للمراجع .
وقد يظن بعضنا أن تعليم الطب باللغة العربية في سوريا أدى إلى تدني مستواه (( وهم لا يقولون هذا عن إسرائيل التي تعلم الطب بالعبرية )) ولكي نحقق هذا الأمر بحثنا عن نتائج الأطباء السوريين في اختبار ECFMG ( اختبار المجلس التعليمي للأطباء الأجانب ) وهو اختبار تعقده الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات في كل عام ، ويتقدم إليه في كل مرة نحو عشرة آلاف طبيب من مختلف أنحاء العالم .
تاريخ الاختبار إجمالي المتقدمين معدل العلامات الإجمالي عدد الأطباء السوريين معدل العلامات للسوريين
يوليو 1979 8930 71.8 39 73.7
يناير 1980 9769 71.1 35 71.4
يوليو 1980 10879 72.0 36 72.6
( نتائج الأطباء السوريين في اختبار المجلس التعليمي للأطباء الأجانب في أمريكا ECFMG مقارنة بنتائج غيرهم من الأطباء ) .
الجدول يوضح لنا أن الأطباء السوريين لا يقل مستاهم في الاختبار ECFMG عن مستوى زملائهم الأطباء من مختلف أنحاء العالم وننبه القارئ أن اختبار ECFM يعقد باللغة الإنجليزية
، أي إن تعليم الطب باللغة العربية لم يكن عائقا أمام الأطباء السوريين يحول دون أدائهم للاختبار واجتيازه بنجاح .
ولقد وجدنا في دارسة أجريناها في كلية الطب بجامعة الملك فيصل أن نسبة المصطلحات الطبية في كتب الطب لا تزيد على 3.3% من مجموع الكلمات ، وأن الطالب إذا درس باللغة العربية تزيد سرعته 43% وتتحسن قدرته على الاستيعاب 15% عما لو قرأ باللغة الإنجليزية .
ويوجد في العالم العربي أكثر من 110 كليات طب تدرس باللغة الإنجليزية والعربية والفرنسية والاطلية فإذا ما أصبح التعليم بلغة واحدة هي العربية تيسر لنا وسيلة من وسائل اللقاء الفكري .
لقد كان القرن الثالث عشر الهجري من أكثر العصور الإسلامية ازدهارا فقد ترجم العرب آنذاك علوم اليونان والهند وفارس وتفاعلوا معها وأضافوا إليها ثم أبدعوا وابتكروا ، ثم نشروا المعرفة والنور في أنحاء المعمورة وهم في كل هذه كانوا يكتبون ويؤلفون ويتعلمون ويعلمون بلغتهم ألام .
ولا أخال أن أساطين الطب في تاريخنا الإسلامي من أمثال ابن سينا والفارابي وابن النفيس وابن الهيثم كان بامكانهم إن يبدعوا لولم يتعلموا ويبحثوا ويكتبوا معارفهم باللغة العربية .
وأخيرا يجب أن نؤكد أن تعربي الطب لا يغني الطبيب من أ، يتقن لغة أجنبية واحدة على الأقل ، حتى يتمكن من متابعة ما يحدث في عالم الطب من التقدم .
المعرفة
العدد ( 65 ) شعبان عام 1421هـ
مقتبس من مقال زهير أحمد السباعي
تعليق