بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّي على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن عدوّهم ..
إذا نظرنا إلي أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم و أقواله تجاه الصحابة نجده قد أعطى كل ذي حق حقه، فهو يغضب لله ويرضي لرضاه وكل صحابي خالف أمر الله سبحانه تبرأ منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كما تبرأ مما صنع خالد بن الوليد في قتله بني جذيمة، وكما غضب على أسامة عندما جاءه ليشفع للمرأة الشريفة التي سرقت، فقال قولته المشهورة : (ويلك أتشفع في حد من حدود الله؟ والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها، إنما أهلك من كان قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الوضيع أقاموا عليه الحد).ونجده صلى الله عليه وآله وسلم أحياناً يبارك ويترضى على بعض أصحابه المخلصين ويدعو لهم ويستغفر لهم، كما نجده يلعن البعض منهم الذين يعصون أوامره ولا يقيمون لها وزناً أحياناً أخرى، مثل قوله (لعن اللهُ من تخلَّف عن جيش أسامة) وذلك عندما طعنوا في تأميره ورفضوا الالتحاق بجيشه بحجة أنه صغير السن.
كما نجده صلى الله عليه وآله وسلم يوضح للناس ولا يتركهم يغتروا ببعض الصحابة المزيفين، فيقول في أحد المنافقين : (إن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) . وقد يتوقف فلا يصلي على أحد الصحابة الذين استشهدوا في غزوة خيبر ضمن جيش المسلمين، ويكشف على حقيقته ويقول : (إنه غل في سبيل الله) ولما فتشوا متاعه وجدوا فيه خرزاً من خرز اليهود.
ويحدثنا الماوردي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عطش في غزوة تبوك فقال المنافقون : إن محمداً يخبر بأخبار السماء، ولا يعلم الطريق إلى الماء، فنزل جبريل وأخبره بأسمائهم، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهم سعد بن عبادة، فقال له سعد : إن شئت ضربت أعناقهم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، ولكن نُحسن صحبتهم ما أقاموا معنا) [قوله (صلى الله عليه وآله) : لا يتحدث الناس ... فيه دليلٌ واضح على أن المنافقين هم من الصحابة ، فقول (أهل السنة والجماعة) بأن المنافقين ليسوا من الصحابة مردود عليهم ، لأنهُ ردٌّ على رسول الله الذي يُسمّيهم أصحابه!].
وقد سار فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أشار به القرآن الكريم في حقهم، فقد رضي الله عن الصادقين منهم وغضب على المنافقين والمرتدين والناكثين منهم، ولعنهم في العديد من الآيات المحكمات.
ويكفينا مثل واحد من أعمال بعض الصحابة المنافقين التي كشفها الله سبحانه و فضح أصحابها وكانوا أثني عشر رجلاً من الصحابة تذرعوا ببعد المسافة وأن الوقت لا يسعهم للحضور مع النبي، فبنوا مسجداً لأداء الصلاة في وقتها، فهل ترى إخلاصاً ووفاءً أكبر من هذا؟ أن يصرف العبد أموالاً طائلة لبناء مسجد حرصاً منه على أداء فريضة الصلاة في وقتها وفي جماعة يجمعهم مسجد واحد؟
ولكن الله سبحانه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، علم سرائرهم وما تخفي صدورهم، فأوحي إلى رسوله بأمرهم وأطلعه على نفاقهم بقوله : (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون) (التوبة: 107)
وكما أن الله لا يستحي من الحق فكذلك رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول لأصحابه صراحة بأنهم سيتقاتلون على الدنيا وأنهم سيتبعون قي الضلالة سنن اليهود والنصارى شبراً بشبر وذراعاً بذراع، وأنهم سينقلبون بعده علي أدبارهم ويرتدون، وأنهم يوم القيامة سيدخلون إلي النار ولا ينجو منهم إلا القليل الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهمل النعم، وأنهم وأنهم ...
فكيف يحاول (أهل السنة والجماعة) إقناعنا بعد كل هذا بأن الصحابة كلهم عدول وأنهم في الجنة جميعاً، وأن أحكامهم ملزمة لنا، وأن آراءهم وبدعهم واجبة الاتباع، وأن الطعن على أي واحد منهم مروق عن الدين يوجب القتل؟؟!
إنه قول لا يقبله المجانين فضلاً عن العقلاء، إنه قول زور و بهتان لفقه الأمراء والسلاطين والذين ساروا في ركابهم من علماء السوء المتطفلين على العلم ونحن لا يمكن لنا قبول هذا القول أبداً مادامت لنا عقول لأنه ردٌّ على الله ورسوله ومن رد قول الله وقول الرسول فقد كفر، ولأنه يصادم العقل والوجدان.
ونحن لا نلزم (أهل السنة و الجماعة) بالعدول همه أو برفضه، فهم أحرار فيما يعتقدونه وهم وحدهم المسؤولون عن نتائجه وعواقبه الوخيمة.
ولكن عليهم أن لا يكفروا من يتبع القرآن والسنة في عدالة الصحابة فيقول للمحسن منهم : أحسنت ويقول للمسيء منهم : أخطأت وأسأت، ويتولى أولياء الله ورسوله منهم ويتبرأ من أعداء الله ورسوله منهم أيضاً.
وبهذا يتبين لنا أيضاً بأن (أهل السنة والجماعة) خالفوا صريح القرآن وصريح من سبَّ صحابياً، إذا قلت له: كيف لا تكفر معاوية و كل الصحابة الذين اتبعوه على سب و لعن علي من فوق المنابر؟ فسيُجيبك حتماً كما هو معروف: (تلك أمَّةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون) (البقرة: 134).
تعليق