من ابرز القصص القرانية واوسعها ذكرا في القران الكريم هي قصة ( موسى ) عليه السلام وفرعون لعنه الله عليه ، وسوف نعتمد هذه القصة كاساس في البحث لان الله تعالى اكد على اشخاصها واحداثها وكرر بعضها اكثر من مرة وان الفرعونية ليست اسم شخص محدد حكم بلاد مصر وانما لقب لسلسلة من الملوك حكمت تلك البلاد وماحولها فيما امتد اليه سلطان اولئك المستكبرين ، وصارت هذه الصفة عنوانا ً لكل سلطان لايحكم بما انزل الله ويستكبر على دعوة الهدى في امته ، ولكل فرعون درجة في فرعونيته بقدر درجة في ظلمة وعتوه واستكباره وبطشه ومقياس درجات الفرعونية هو عدد الطوائف والاتجاهات التي يتمزق المجتمع بسبب شده الظلم وتفشيه وانتشار الضلال وتحكمه في العقول والنفوس . كما ان هناك علاقة بين حجم الازدهار في علاقات الانسان مع الطبيعة ، ففي المقياس الاول بين حجم الظلم ونوع العلاقة بين الانسان في المجتمع وفي المقياس الثاني العلاقة بين حجم الظلم وازدهارالعلاقات مع الطبيعة فكلما ازداد الظلم وامتدت جذوره في الامة كلما ارتبكت العلاقات الاجتماعية وتقطعت وسادت انواع الاتجاهات النفسية التي تقرر العلاقات بين الناس على شاكلتها هذا ماقال عنه سبحانه وتعالى (( ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا ً )) القصص (4) ، فالعلاقة هي علاقة تناسب عكسي ، أي كلما زاد الظلم وتعمق كلما تقطعت الاواصر بين الناس وتفرقت النفوس والاذهان والاذهان في الاتجاهات الحياتية مما يفرز انواعا من العلاقات تنجم مع هذا الحال اللا انساني ، بينما في حالة مجتمع التوحيد والعدل يقول الله تعالى (( ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون )) المؤمنون () وقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى عضو منه تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى )) وقال تعالى ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ )) الانفال ( 71) أي انقسمت الصفة الاخروية بين سلوك الحاكم ونوع العلاقات بين الناس هذا في المقياس الاول وفي المقياس الثاني الذي تقول الصيغة فيه على كبر كبير حجم الظلم انحطت العلاقة مع الطبيعة وتدهورت الحالة الاقتصادية في المجتمع وساءت احوال الناس المعاشية ، الا قلية من المستفيدين من هذا الوضع وهم المستكبرون على راس السلطة واعوانهم ، فالصفة تناسب عكسي بين الظلم والازدهار في العلاقة مع الطبيعة واستثمار خيراتها لصالح المجموع قالت تعالى ((وَأن َلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً )) الجن (16) وقال تعالى ((وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم )) المائدة (66) وقال تعالى ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) لاعراف (96) والايات هذه تذكر في نفس الوقت الصيغة الاخرى للعلاقة بين النظام الحاكم وبين الناس من جهة والعلاقة بين الناس والطبيعة من جهة ثانية ، فكلما كان النظام الحاكم يحكم بما انزل الله تعالى من التوحيد والعدل بين الناس كلما ازدهرت العلاقة بين الناس والطبيعة أي ارتقت العلاقة الاستثمارية فيزدهر الاقتصاد وتزدهر الحالة المعاشية للناس وهي صيغة طردية . مقتبس من كتاب المجتمع الفرعوني لسماحة السيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف . الموضوع
X
اقرأ في منتديات يا حسين
تقليص
لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.