بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
والعن أعداءهم والمجسمة عبدة الشاب الأمرد أجمعين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
والعن أعداءهم والمجسمة عبدة الشاب الأمرد أجمعين
أورد بعض الوهابية رواية فيها جنبتين: جنبة عقائدية وجنبة فقهية. أما العقائدية فهي وقوع التحريف في القرآن الكريم, وأما الفقهية فهي كيفية الوضوء.
الرواية:
5 - محمد بن الحسن وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الحكم ، عن الهيثم ابن عروة التميمي قال سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عز وجل : " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فقلت : هكذا ومسحت من ظهر كفي إلى المرفق ، فقال : ليس هكذا تنزيلها إنما هي " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق " ، ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه . ( الكافي - الشيخ الكليني - ج 3 - ص 28 )
أقول: أراد بعض آل وهب أن يستدل بهذه الرواية على إيمان الشيعة بالتحريف لأن صفة وضوئهم مطابقة لمضمونها!! ولكنهم – مع جهلهم بضعف سندها – يغضون نظرهم عن الروايات الأخرى الصحيحة – بل وفي نفس الكتاب والجزء أحيانا – التي تذكر هذه الآية على الوجه المثبت في المصحف! ورغبتي في استعراض هذه الروايات جعلني أفرد لهذه الرواية موضوعا مستقلا.
قال العلامة المجلسي عن هذه الرواية: ضعيف على المشهور ( مرآة العقول ج 13 ص 92 )
الروايات التي تذكر هذه الآية بالصورة الصحيحة: الرواية الأولى:
5 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وبكير أنهما سألا أبا جعفر ( عليه السلام ) عن وضوء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فدعا بطست أو تور فيه ماء فغمس يده اليمنى فغرف بها غرفة فصبها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثم غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق ثم غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثم مسح رأسه وقدميه ببلل كفه ، لم يحدث لهما ماءا جديدا ثم قال : ولا يدخل أصابعه تحت الشراك قال : ثم قال : إن الله عز وجل يقول : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم " فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله وأمر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له أن يدع شيئا من يديه إلى المرفقين إلا غسله لان الله يقول : " اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " ثم قال : " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه . قال : فقلنا : أين الكعبان ؟ قال ، ههنا يعني المفصل دون عظم الساق ، فقلنا : هذا ما هو ؟ فقال : هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك فقلنا أصلحك الله فالغرفة الواحدة تجزئ للوجه وغرفة للذراع ؟ قال : نعم ، إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله . ( الكافي - الشيخ الكليني - ج 3 - ص 25 – 26 )
قال العلامة المجلسي: حسن ( مرآة العقول ج 13 ص 92 )
الرواية الثانية:
4 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ فضحك ثم قال : يا زرارة قال : رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونزل به الكتاب من الله لان الله عز وجل يقول : " فاغسلوا وجوهكم " فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال : " وأيديكم إلى المرافق " ثم فصل بين الكلام فقال : " وامسحوا برؤوسكم " فعرفنا حين قال : " برؤوسكم " أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه : فقال : " وأرجلكم إلى الكعبين " فعرفنا حين وصلها بالرأس أن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) للناس فضيعوه ثم قال : " فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " فلما وضع الوضوء إن لم تجدوا الماء أثبت بعض الغسل مسحا لأنه قال : " بوجوهكم " ثم وصل بها " وأيديكم " ثم قال : " منه " أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ثم قال : " ما يريد الله ليجعل عليكم ( في الدين ) من حرج " والحرج الضيق . ( الكافي - الشيخ الكليني - ج 3 - ص 30 )
قال العلامة المجلسي: كالصحيح ( مرآة العقول ج 13 ص 96 )
الرواية الثالثة:
1 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدثنا أبو عمرو الزبيري ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
قلت له : أيها العالم أخبرني أي الأعمال أفضل عند الله ؟
قال : ما لا يقبل الله شيئا إلا به ،
قلت : وما هو ؟
قال : الايمان بالله الذي لا إله إلا هو ، أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا ،
قال : قلت ألا تخبرني عن الايمان ، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل ؟
فقال : الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل ، بفرض من الله بين في كتابه ، واضح نوره ، ثابتة حجته ، يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه ،
قال : قلت : صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه ،
قال : الايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل ، فمنه التام المنتهى تمامه ومنه الناقص البين نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه ،
قلت : إن الايمان ليتم وينقص ويزيد ؟
قال : نعم ،
قلت : كيف ذلك ؟
قال : لان الله تبارك و تعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها فليس من جوارحه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها ، فمنها قلبه الذي به يعقل ويفقه ويفهم وهو أمير بدنه الذي لا ترد الجوارح ولا تصدر إلا عن رأيه وأمره و منها عيناه اللتان يبصر بهما وأذناه اللتان يسمع بهما ويداه اللتان يبطش بهما ورجلاه اللتان يمشي بهما وفرجه الذي الباه من قبله ، ولسانه الذي ينطق به ورأسه الذي فيه وجهه ، فليس من هذه جارحة إلا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها بفرض من الله تبارك اسمه ، ينطق به الكتاب لها ويشهد به عليها .
ففرض على القلب غير ما فرض على السمع وفرض على السمع غير ما فرض على العينين وفرض على العينين غير ما فرض على اللسان وفرض على اللسان غير ما فرض على اليدين وفرض على اليدين غير ما فرض على الرجلين وفرض على الرجلين غير ما فرض على الفرج وفرض على الفرج غير ما فرض على الوجه ،
فأما ما فرض على القلب من الايمان فالاقرار والمعرفة والعقد والرضا و التسليم بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إلها واحدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله ( صلوات الله عليه وآله ) والاقرار بما جاء من عند الله من نبي أو كتاب ،
فذلك ما فرض الله على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو قول الله عز وجل : " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان ولكن من شرح بالكفر صدرا " وقال : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " وقال : " الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " وقال : " إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " فذلك ما فرض الله عز وجل على القلب من الاقرار والمعرفة وهو عمله وهو رأس الايمان
وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى " وقولوا للناس حسنا " وقال : " قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله
وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه والاصغاء إلى ما أسخط الله عز وجل فقال في ذلك : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزء بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره " ثم استثنى الله عز وجل موضع النسيان فقال : " وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وقال : " فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله وأولئك هم أولوا الألباب " وقال عز و جل : " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون " وقال : إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم " وقال : " وإذا مروا باللغو مروا كراما " فهذا ما فرض الله على السمع من الايمان أن لا يصغي إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان
وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه وأن يعرض عما نهى الله عنه ، مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان ، فقال تبارك وتعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم " فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن " من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها وقال : كل شئ في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر
ثم نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية أخرى فقال : " وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم " يعني بالجلود : الفروج والأفخاذ وقال : " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا " فهذا ما فرض الله على العينين من غض البصر عما حرم الله عز وجل وهو عملهما وهو من الايمان
وفرض الله على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرم الله وأن يبطش بهما إلى ما أمر الله عز وجل وفرض عليهما من الصدقة وصلة الرحم والجهاد في سبيل الله والطهور للصلاة ، فقال : " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " وقال : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها " فهذا ما فرض الله على اليدين لان الضرب من علاجهما
وفرض على الرجلين أن لا يمشي بهما إلى شئ من معاصي الله وفرض عليهما المشي إلى ما يرضي الله عز وجل فقال : " ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا " وقال : " واقصد في مشيك و اغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير " وقال فيما شهدت الأيدي والأرجل على أنفسهما وعلى أربابهما من تضييعهما لما أمر الله عز وجل به وفرضه عليهما : " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " فهذا أيضا مما فرض الله على اليدين وعلى الرجلين وهو عملهما وهو من الايمان
وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في مواقيت الصلاة فقال : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون " فهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرجلين وقال : في موضع آخر : " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا "
وقال فيما فرض على الجوارح من الطهور والصلاة بها وذلك أن الله عز وجل لما صرف نبيه ( صلى الله عليه وآله ) إلى الكعبة عن البيت المقدس فأنزل الله عز وجل " وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم " فسمى الصلاة إيمانا فمن لقي الله عز وجل حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض الله عز وجل عليها لقي الله عز وجل مستكملا لايمانه وهو من أهل الجنة ومن خان في شئ منها أو تعدى ما أمر الله عز وجل فيها لقي الله عز وجل ناقص الايمان ،
قلت : قد فهمت نقصان الايمان وتمامه ، فمن أين جاءت زيادته ؟
فقال : قول الله عز وجل : " وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون * وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم " وقال : " نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لاحد منهم فضل على الآخر ولاستوت النعم فيه ولاستوى الناس وبطل التفضيل ولكن بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله وبالنقصان دخل المفرطون النار . ( الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 33 – 37 )
قال العلامة المجلسي: ضعيف على المشهور لكنه مؤيد بأخبار أخر، و قد روى النعماني في تفسيره مثله عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه و مضامينه دالة على صحته. ( مرآة العقول ج 7، ص: 213 )
فلا تبقى حجة للمخالف.
والحمد لله رب العالمين ,,