الوحدة الإسلامية في ميزان الثقلين : الكتاب والعترة *
بقلم / ناعي الحســين
بقلم / ناعي الحســين
قال تعالى (( إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ )) صدق الله العلي العظيم
في أثناء قراءتنا ما بين طيات القرآن نجد إن مجمل الكفار و المتكبرين في الأرض كانوا دائما يلجؤون إلى وسيلة السخرية و الإستهزاء من الرسل و أنبياء الله المبعثين لتشتيت رأي العام العالمي في المجتمع و تشويه الصوة الحقيقية ، لأنهم لم يكن لديهم القدرة بالرد على حجج و معاجز الأنبياء فكان يرمونهم بتهمة السحر أو الشعوذة أو الجنون أو الضلالة لكي ينفروا البسطاء العامة من الناس عنهم و لا يسمعوا لهم من قول و لا يقرؤا منهم كتاب ، و ذلك في قوله تعالى (( وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ )) (11) سورة الحجر ، و كذلك في قوله تعالى (( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون )) (30) سورة يــس ، و أيضا ً (( وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ )) (10) سورة الأنعام ، و نجد تهمة الجنون موجودة كذلك (( قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ )) (27) سورة الشعراء و في آية (52) سورة الذاريات (( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ )) ، إذن نجد هذه النزعة الشيطانية التكبرية المغرورة مسيطرة على عقول و قلوب اليهود و النصارى و خصوصا يهود بني إسرائيل الذين إرتكبوا أبشع الجرائم بحق أنبياء الله و تاريخهم معروف و مشهور بذلك .
و لذلك نستنتج اليوم إن حرب الرسوم الكاريكاتورية التي إفتعلها الغرب الكافر هي ليست بأمر جديد بل إن هذا ديدنهم و دين آبائهم و أجدادهم و هو إستغلال وسيلة الإستهزاء لحرب إعلامية و نفسية و سياسية في محاربة الآخرين - وهذا دليل عجزهم و ضعفهم – و إننا لا نستبعد مشاركة دوائر الإستكبار الصهيونية و الإمبريالية العالمية في هذه الجريمة للإيقاع بين المسيحين المعتدلين و المسلمين الأبرياء ، و هذه الجريمة الكبرى بحق حبيب قلوبنا و طبيب نفوسنا نبينا و شفيعنا محمد صلوات الله عليه وآله تضيف بعدا ًجديدا ً لحرب مفتوحة بين الحضارات والرسالات .
إنهم يتحدثون و يتشدقون بإحترام جميع الأديان بينما يمنعون الفتاة المسلمة من إرتداء الحجاب الإسلامي الإلزامي المقدس في مدرستها و يقومون بالدفاع عن مرتد مهدور الدم كـ ( سلمان رشدي ) صاحب كتاب ( آيات شيطانية ) و يحيطونه بحماية شخصية و سياسية كما يبثون من الإذاعة الحكومية البريطانية الرسمية عبارات مشينة تجديفية ضد مقدسات المسلمين و على رأسهم شخص النبي الأعظم المعظم .
إن هذا الغرب الأجنبي المستكبر المتفرعن من الذين إرتكبوا مجزرة هيورشيما الخالدة و جرائم بحق البشرية و الإنسانية و الديانة الإسلامية بإنتهاك حرمة القرآن المقدس في مراحيض سجون غوانتنامو بالإضافة إلى الإنتهاكات الجسدية و الجنسية في سجون أبي غريب و غيرها من سجون سرية في آوروبا و أفغانستان بالإضافة إلى سفك دماء الأبرياء أمام أنظار الناس في شوارع لندن ، و محاكمة مفكر و مؤرخ بريطاني ( ديفيد إيرفينغ ) في العاصمة النمساوية فيينا لمدة ثلاث سنوات بمجرد طرح تساؤلات مثيرة للجدل حول حادثة الهولوكوست التاريخية، و التنصت الجاسوسي الغير شرعي على مكالمات الهاتفية الخاصة للمواطنين البسطاء من دون أذن قانوني من القضاء أو الأسرة لا يحق لهم أبدا ً رفع شعارات فارغة كالدفاع عن حقوق الإنسان و الأديان و ما غيرها من شعارات وهمية فضفاضة كالحرية و الديمقراطية .
إن هذا الغرب الأجنبي الكافر يجب عليه أن يعيد قراءته و حساباته تجاه واقع الإسلام و المسلمين في الشرق الأوسط و يصحح من أفكاره و نظرياته العدائية ، فهذه الإنتفاضة الكبرى من طشقند في جمهورية أوزباكستان إلى أندنوسيا إلى باكستان إلى أذربيجان إلى إيران إلى العراق و إلى دمشق و بيروت و غزة و عمّان و القاهرة و خرطوم و طرابلس والرباط و أنقرة قد قلبت المعادلة و الطاولة على رؤوسهم .
إن إنتفاضة العالم الإسلامي الكبير دفاعا عن الرسول الأعظم كان مظهرا حقيقيا من مظاهر تجسيد الوحدة الإسلامية المقدسة عمليا و ميدانيا و تحققت بفعل حماقة الأغبياء و هذا يكشف عن زيف الجوقة الذين يقولون بإستحالة إتحاد المسلمين على كلمة واحدة .
إن هذه المظاهرات و المسيرات و الحشود المتراصة المتناغمة التي هبت و ملأت الشوارع من جميع أقطار وأمصار الشعوب الإسلامية كانت تترنم بحديث واحد و شعار إلهي واحد و هو " لبيك يا رسول الله " مما أثار حساسية البعض و إمتعاضهم و خوفهم ، إن هذه الأبدان و القلوب التي تلهج بإسم شخص واحد لم تخرجها مخابرات الجمهورية الفلانية أو أموال الدولة العلانية .. إن هذه الجموع و الجماهير ذابت و إنصهرت و تجمعت تحت راية واحدة هي ( لا إله إلا الله – محمد رسول الله ) و لم تنزل الميدان إلا بسبب حبها لنبيها الأكرم الأعظم محمد و إيمانا ً بها بأهمية الدفاع عن كرامة رسول العالمين .
وإن هذا الأسلوب الدنيء الهابط البغيض الذي إستخدمه الغرب لم يكن بجديد بالنسبة إلينا فقد إستعمل الكفار قديما سلاح السخرية و الإستهزاء و الإستفزاز و الإيذاء لصد حركة الرسول الأعظم على الرغم وجود رجال حول النبي الأكرم أمثال المجاهد أبو طالب و حمزة و آخرين من بني هاشم تطوعوا بحماية النبي إلا إن ذلك لم يمنع من إيقاع الأذى و الإساءة بحق الرسول المصطفى المفدى صلى الله عليه وآله وسلم كلما أتيحت لهم فرصة سانحة خاصة إذا وجدوه وحيدا بعيدا عن أعين حراسه .
و يذكر التأريخ إن أبوجهل كان يأتي ببقايا الطعام و الفضلات و يفرغها على رأس النبي الشريف أثناء الصلاة فقد واجه صلى الله عليه وآله في كل يوم من الأيام نوعا خاصا من السخرية و الشماتة و المضايقة و التضيق من قبل : الوليد بن المغيرة و عقبة بن أبي معيط الذي شتمه و ضربه و كذلك أبي لهب و زوجته أم جميل الذين قاموا بإيذائه و إزعاجه بذر الرماد و التراب والطين على رأسه المقدس و زرع الشوك و إشعال الحطب في طريقه و عند عتبة بابه .
إلا إن القوة و العناية و الرعاية الغيبية و الوعود الإلهية القرآنية - أقوى من كل تلك الأفاعيل و الأساليب اليائسة - هي التي حفظت المدرسة المحمدية أكثر من 1400 سنة إلى يومنا هذا بقوله تعالى (( إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ )) (95) سورة الحجر.
وإن هذه الهجمة الدنماركية خصوصا و الأوروبية و الأجنبية عموما على رسولنا الأكرم و ما تلاها من تداعيات و ثورات غاضبة في الشارع الإسلامي و العربي أفشلت المخطط الصهيوني الأمريكي و كشفت عن هزيمة العالم الغربي و تدق ناقوس إنهيار حضارتهم قريبا .
إن في هذا العصر من الزمان و في هذا العام بالتحديد الذي هو عام محمد بكل معنى الكلمة هو تجسيد واقعي لمقولة " بنا الله يفتح و بنا يختم " ، نرى أن مقام الرسول الأعـظم وذكره أضحى أكثر هيبة و عزة و شموخ و حياة و حيوية ، إن هذه الصحوة الإسلامية العفوية التي عصفت في جسد المنطقة هي من تدبيرات الحكمة الإلهية و ألطافها الغيبة لكي تعيد إلى أذهاننا سيرة و مسيرة الرسول الأعظم لأننا في زمننا هذا إبتعدنا عن خط و مشروع الرسول الأعظم ، إن الأمة الإسلامية بحاجة أن تتعلم و تدرس لماذا قام أولئك الصغار بأهانة نبيهم ؟؟
يتبع....
تعليق