
إباء
كربلاء المقدسة : حيدر السلامي
في مراسيم روحانية خاصة ، تم يوم السبت الماضي ، تبديل راية الثأر الحمراء التي تتسنم قبة الضريح الحسيني المطهر في كربلاء المقدسة براية أخرى سوداء اللون إعلاماً بحلول شهر الحزن والمصاب ـ محرم الحرام ـ الذي شهد سنة 61هـ أفظع فاجعة وأبشع جريمة في تاريخ البشرية وهي جريمة قتل الإمام الحسين(عليه السلام) والنخبة الصالحة من أهل بيته وأصحابه الكرام.
حشود إيمانية ، تجمهرت بعد أدائها صلاتي المغرب والعشاء في الصحن الحسيني المطهر لتشهد إنزال الراية الحمراء من أعلى القبة الذهبية ورفع الراية السوداء محلها ، كإشارة رمزية لبدء الموسم الحسيني هذا العام والذي من المؤكد أن يحفل ـ كما في الأعوام السابقة ـ بالمزيد من الممارسات الطقوسية والشعائر الدينية الخاصة بتجديد ذكرى مصائب أهل البيت النبوي(عليهم السلام) وإحياء مواقفهم وتضحياتهم الخالدة من أجل المبادئ الإسلامية الحقة التي أراد بنو أمية تحريفها وطمس معالمها الإنسانية.
ابتدأت المراسيم بتلاوة ما تيسر من آيات القرآن الكريم ، تلتها قراءة للعزاء الحسيني ثم قرعت الأبواق والطبول لتؤدي التحية للإمام الحسين(عليه السلام) وارتفعت على أثرها صرخات الجماهير وهي تنادي (يا حسين .. يا شهيد .. يا حبيب رسول الله..) وبمرافقة إيقاع جنائزي خاص ارتفعت راية الحداد السوداء محل الحمراء وشخصت نحوها العيون عبرى والقلوب حرى في مشهد مؤثر.
بعد ذلك انتظم موكب من خدمة العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين وسار يتلو قصائد الرثاء متجهاً إلى الصحن العباسي المطهر لإعادة نفس المشهد وبنفس الحرارة عند قبة أبي الفضل العباس(عليه السلام).
يذكر أن للراية الحمراء على القبر دلالة استخدمها العرب منذ القدم للإشارة إلى أن صاحب القبر قتيل ولم يؤخذ بثأره بعد ، ولكي توقظ الأجيال وتحفزهم للقيام بالمطالبة به وتذكرهم بمظلوميته حتى إذا أدرك ثأره رفعت تلك الراية المنصوبة على القبر.
ويمثل الحسين صرخة الرفض المدوية بوجه الظلم والانحراف والشهيد الذي بذل نفسه وذويه وعدداً من أصحابه المخلصين فداءً لتصحيح مسار الأمة نحو الجادة القويمة. ويتناخى الشيعة إلى يومنا هذا بالمطالبة بثأره (مع إمام معصوم) من قاتليه الذين ما زالوا يتناسلون بغضاً لآل محمد(صلى الله عليه وآله) ومنعاً لشعائر الحسين التي هي من شعائر الله تعالى.