تويت
لماذا التطبير؟! ومن قال أن صور الدم المنفِّرة تخدم قضية الحسين ؟!
التطبير تعبير عن عشق الحسين.. وهل يلام العاشق على ما يفعل؟
وبين أكبر المؤيدين والداعمين له من مشايخ البحرين وهو سماحة الشيخ عبد العظيم المهتدى البحراني ..
؟ تقول في كتابك باستحباب التطبير .. ولا تمارسه شخصياً .. فكيف ذلك ؟! سألته ابتداء فقال:
هنالك نوعان من العمل الإستحبابي.. العمل المنصوص والعمل غير المنصوص الذي يدخل تحت عموم فعل الخير والعمل الصالح.. والتطبير من النوع الثاني.. وعن نفسي لم أمارس التطبير يوماً ولو لمرة في عمري ذلك لأن الظروف التي عشتها لم تسمح بفرصة هذا الشرف..
مقاطعة: تعني ظروف الاغتراب بالطبع .. ولكنك عدت للبحرين منذ زمن والفرصة الآن مؤاتية فلم لم تمارسه للآن ؟!
أنا الآن لي صفة في المجلس الأعلى وهنالك برتوكولات واعتبارات معينة يجب أن توضع في الاعتبار.. ورغم إيماني الكامل بالتطبير إلا أن ظروفي لا تسمح لي الآن به..
؟ أليس من الغريب - سألناه- أن كثيراً من المراجع يدعون للتطبير »ويترفعون« هم عن ممارسته ؟!
هؤلاء المراجع يدعون للتطبير ولكن لاعتبارات السن والمكانة دورها.. وكثير من المراجع يمشون في مقدمة مواكب التطبير تأييداً لها.. كما أن بعضهم يضرب هامته ولكنه قد لايظهر واضحاً للعيان كونه يسير دون العمامة التي عادة ما تميز الشيخ ..
؟ للتطبير كما نراه مساوئ عدة.. فما هي في المقابل محاسنه ؟! وبماذا يفيد قضية الحسين وأهداف ثورته ؟!
بشكل عام الشعائر ما وجدت إلا لتشد الجمهور إلى القضية الحسينية.. وكلما كانت الشعيرة أكثر التصاقا بالوجدان وتحريكاً للمشاعر كلما كانت أكثر خدمة للقضية. وثبت بتصريح خبراء علم النفس أن شعيرة التطبير» وذكرنا ذلك في كتابنا« تأسر قلوب الممارسين وحتى المشاهدين لها..
دم مبايعة أم دم ترهيب؟!
؟ هذا أكيد.. فالمشاهد الفظة تلتصق بالذاكرة.. وهذا ما يقول به الخبراء عن مشاهد الرعب والجنس والدم.. ورؤية الدم هي من البشاعة بمكان يجعلها تلتصق بالذاكرة ولكن.. ماذا تستفيد قضية الحسين من ذلك؟
قضية الدم عبر التاريخ هي قضية لها حرمتها وقدسيتها وفيها مسألتان: إراقة الدم ظلماً وعدواناً كما يجري في التفجيرات والاغتيالات التي نراها في العالم وهي مصداق المشاهد المقززة والمروعة.. وإراقتها رمزياً في قضية الحق عبر إنزال بضع قطرات تضامنا مع دم المقتول ظلماً في كربلاء..
ثم إن الدم في تاريخ البشر يستخدم بصمة وميثاق شرف في القضايا المقدسة.. والمطبر هنا يبصم بجبهته الدامية على مبايعة الحسين وهذا المقدار من الدم لا يقزز نفساً عرفت قدسية القضية الحسينية بل العكس تماماً ، إنها تنقل العارف إلى حالة وجدانية عالية إذ يتذكر دماء آل البيت التي سفكت بغير حق.. ويتكرّر هذا العمل التضامني ساعة في العام الواحد صباح يوم عاشوراء ليكون تمثيلاً حياً ومتحركاً للمصيبة.
؟ ربما بالنسبة للنفس التي تعرف قضية الحسين والتي قد تعيد الأحداث وتسترجعها برؤية الدم.. ولكن ماذا عن الباقين من غير الشيعة ؟! أليس الهدف من شعائرنا تعريف القضية لغير العارفين بها والمؤمنين بها.. وهو ما فشلنا به بدليل أننا أحيينا ذكر الحسين لمئات السنوات ورغم ذلك لم نخلق جاذبية للمذهب بل على العكس تماماً هناك نفور وتوجس من ممارسات المذهب عند كثير من الآخرين ؟
المهتدي: هذا ادعاء يحتاج إلى إثبات. فالمعلومات تشير إلى أن الجذب والإقبال إلى المذهب والإعجاب بهذه الظاهرة بالذات في تزايد، وهناك احترام من قبل الذين يعرفون التطبير بهذه الزاوية ويرونها الظاهرة التي تعكس شدة الحب لدى الإنسان تجاه المحبوب.. لأن المرء إذا عشق شخصاً أو قضية زادت درجة تألمه من أجل ذلك الشخص ويستعد أن يتفانى من أجلها، ويتحمل المحب العذاب والعناء من أجل إظهار الحب لهذه الشخصية أو ليدافع عن تلك القضية..
أعلينا أن نقيس أنفسنا وفقاً للمعادلات الغربية؟!
أساسا عندما ينظر الإنسان إلى قضية من زاوية ايجابية فهي تصبح عنده ايجابية، وإذا نظر إليها من زاوية سلبية أصبحت عنده سلبية، حتى الصلاة ، حتى الحج.. بل والإسلام إذا ما أراد أحد النظر إليه بنظرة سلبية فسره بشكل سلبي والعكس كذلك بالتأكيد، بالفعل هنالك من يقول لماذا الطواف حول بيت من الأحجار؟ ولم السعي بين جبل الصفا وجبل المروة؟ إلى ماذا يرمز ذلك، ليس له معنى! فالخروج إلى مزدلفة في الصحراء ليس له معنى، المبيت في المشعر أيضاً لا يعني شيئاً لمن يريد النظر لأعمال بنظرة مادية بحتة كما يفعل الغرب والبعض المتغرّب.. بل وأكثر من هذا أنظري لليوم الذي يذبح الحاج فيه الشاة ويتسخ من هذه الدماء، أواليوم الذي يجلس والموس يعمل في رأسه، هذا كله لا يدخل ضمن المعادلات الغربية، ولا يستوعبه الذين يريدون العيش على مفاهيم الثقافة المخملية.. ولكننا كمسلمين يجب أن ننظر إلى الدين على أنه أحكام من الله سبحانه وتعالى قد لا ندرك فلسفتها، والعقل لا يصل إلى عمق غاياتها، وهل يستوجب هذا منا إلغاء هذه الأحكام لمجرد أنها فوق عقل البشر.. نحن يجب أن ننظر إلى القضايا الدينية بنظرة غيبية. نسلم، فالإسلام هو التسليم، حقيقة الإسلام هو العبودية. المناقشة أمر جيد، أن نحاول استيعاب فلسفة العقلية للأحكام الشرعية محاولة جيدة، لكن إذا لم نصل فمن الخطأ أن نرفض ما هو شرعي .
الاستهزاء بالمسلمين أقدم أساليب الكفار
؟ هناك نقطتان أعلق بها على ما قلت شيخنا.. النقطة الأولى أن البعض قد لا يقتنع بالصلاة والحج وغيرها نعم، ولكنهم لم يروجوا لذلك على أنه علامة على دموية المسلمين وعنفهم ومنهجهم الوحشي قط، ونحن سنويا نرى صور الحيدر تنقل في البي بي سي مثلا وغيرها من القنوات كإشارة على دمويتهم والإرهاب الذي يسري في دمائهم، بينما تقدم باقي العبادات والشعائر الإسلامية دون أن تربط بأي درجة من درجات العنف، بل على العكس كلها تتسم بالسكينة والهدوء..
هناك أسلوب استعماري لما يريدون سلب الشيء الذي يشكّل عامل قوة في معنويات الطرف الآخر، وهذا الأسلوب يعتمد على الاستهزاء بالطرف الآخر حتى ينفر مما يفعله فيتركه، وهناك علماء نفس يخططون للاستعمار ويوجدون لهم المداخل ليسلبوا المسلمين دينهم بهذه الطريقة.
اليوم التطبير، وغدا الحج، وبعده الجهاد، ثم أحكام الشريعة كلها.. إنهم يستهدفون وبشكل خاص الشيء الذي لا يرتاحون منه، خذي الحجاب مثلا: يبدأون القول بأنه رمز التخلف ويشعرون المسلمات بأنهن منبوذات من جرائه، ويربطون القبول الحضاري لهن بشرط التبرج.. هذا أسلوب يجب أن ننتبه له، فهناك دوائر استعمارية تخطط بشكل علمي دقيق وتتخذ من القنوات الإعلامية في الفضائيات وسيلة لها، ونحن كعلماء يجب ألا تنطلي علينا كل هذه الضجة الإعلامية.. فنحن لدينا مبادؤنا الدينية والأدلة والبراهين على صحتها موفورة وعليه نمضي وإن استهزأ بنا كل العالم فإنه(لا يصح إلا الصحيح) مهما ضجّت الأبواق، فلا ننسى أن الاستهزاء كان أسلوب المشركين ضد النبي (ص).. فقد استهزأوا برسول الله حتى يترك رسالته، ولكنه قال: والله لئن وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر لما تركته.
فالعالم مادام مقتنعا بفكرة مع الدليل فليس من العقل أن ترعبه الدنيا إن وقفت بوجهه وخاصة إذا كانت القضية متصلة بالله واليوم الآخر.
هل التطبير حق إلهي؟!
؟ الغريب.. أنك تضع التطبير في مقام الأمور الإلهية.. رغم أننا نعرف أن الشيعة لا يأخذون إلا بما نزل في القرآن وما أتى عن المعصومين الأربعة عشر، والرواية الضعيفة تقول أن العقيلة زينب هي من شجت رأسها على المحمل. فهل العقيلة زينب من المعصومين ؟! بمعنى هل المعصومون ٥١ أم ٤١ كما نعرف وبالتالي هل يصح أن نعتبر ما صدر منها تشريعاً إلهيا ؟
أنا لا أضع التطبير في المواضع التي ذكرت، بل أتكلم بشكل عام عن المخطط الاستعماري الذي لا يفرق بين التطبير وهو أدنى المستحبات مثلا أو بين الواجبات كما قلت ، إنني أتكلم في هذا السياق كقاعدة عامة.
أما بالنسبة للعقيلة زينب بطلة كربلاء(ع) فيجب أن نعرف أن قضية العصمة عندنا لها درجات، والسيدة زينب كانت في الدرجات العالية من العصمة ولذلك أنابت دور الإمام المعصوم في كربلاء بتفويض من أخيها الإمام الحسين(ع)، وأخذ الأحكام لا يكون بالضرورة مباشرة عن المعصوم، بل يمكن أن يؤخذ الحكم ممن يتصل بالمعصوم وله صلة قريبة به، فالمراجع ليسوا معصومين ولكنهم يتصلون بالإمام الحجة سلام الله عليه » بشكل عام كما نعتقد« وخاصة النواب الأربعة للإمام الحجة فالأخذ منهم كالأخذ من المعصومين. وأما الرواية فليست ضعيفة إلا عند من يريد تمرير رأيه الناسف، وهذه مخالفة للأمانة العلمية، إن الرواية لها من المصادر الصحيحة ما لا يستهان بها كما ذكرناها في كتابنا.
؟ فيما عدا الجزئية التي تتعلق بشج العقيلة زينب لرأسها هل هناك أدلة أخرى على حلية التطبير؟
نعم، كان هناك أصحاب للإمام الحسين في الكوفة واعتقلوا وقت الواقعة، وبعدها سقطت دولة إبن زياد في الكوفة فخرج هؤلاء من السجن بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، وكان عددهم ما يقارب الـ ٥ آلاف، فخرجوا للانتقام من بني أمية في الشام من الكوفة، وفي طريقهم إلى الشام مروا على كربلاء لكي يبايعوا الحسين(ع) ثم يذهبوا لينتقموا من قتلته، وكان هؤلاء أول من طبّر عند قبر الحسين(ع)، وبصموا بدم جباههم للإمام الحسين أن يفوا بهذه البيعة، ضربوا جباههم بالسيف وبعضهم أدموها بالحجر وكان ذلك ميثاقهم وصدقوا عهدهم.
الجو المشحون ضد التطبير عمل استعماري
؟ هل مكانة هؤلاء الشرعية ترقى لأن نقلدهم فيما فعلوه ؟!
الفعل الحسن في كل الأجيال مباح تكراره ويصح فيه التقليد. نحن في عصرنا هذا أليس الكثير من سلوكياتنا تقاليد مستوردة ومنها طيبة، وذلك مباح شرعا، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم نعلم بحرمتها، وهناك من يقلد أمورا سيئة من الغرب والشرق فلماذا لا نضج عليهم كما يضج البعض على التطبير.
؟ توجد قاعدة فقهية معروفة تقول أن دفع المضار مقدم على جلب المنافع، أفلا ترى أن مضار التطبير أكبر بكثير من فوائده وبالتالي فمن الأولى تركه وإن كان مستحباً كما تقول ؟
لا أرى للتطبير مضاراً إلا الضجة التي افتعلت خلال الـ ٢١ سنة الأخيرة تقريبا وقبلها لم يكن هناك شيء ضد التطبير، لأنه كان من الشعائر التي تمارس خلال قرون من دون أن تكون هذه الضجة. الضجة جاءت جديدة.. وعلينا أن لا نتأثر بها بل نبقى على الماضي إن كان هذا الماضي ليس عليه غبار وهو بالفعل، ولابد أن نوجّه الأذهان التي تأثرت بهذه الضجة توجيهاً صحيحاً وهذا ما نحاوله في أطروحتنا وكتابنا الجديد حول التطبير، والذي جئنا فيه بكل المضار التي تلوكها الألسن بكل جزئياتها ثم فنّدناها بالأدلة التفصيلية.. ذكرنا قضية الايدز، ومسألة الاستهزاء، وقضية وهن المذهب، وتطرقنا لما يقوله الغرب.. وعالجنا مختلف هذه القضايا برؤية عصرية وبكلام منطقي، ولا اعتقد أن المنصف يقف عند الافتعال الإعلامي ضد التطبير، بل المنصف يتجاوز الجوّ المشحون من طرف واحد ويكون ابناً للدليل يميل حيثما يميل بلا تعصب من غير مطالعة.
التطبير تعبير عن عشق الحسين.. وهل يلام العاشق على ما يفعل؟
وبين أكبر المؤيدين والداعمين له من مشايخ البحرين وهو سماحة الشيخ عبد العظيم المهتدى البحراني ..
؟ تقول في كتابك باستحباب التطبير .. ولا تمارسه شخصياً .. فكيف ذلك ؟! سألته ابتداء فقال:
هنالك نوعان من العمل الإستحبابي.. العمل المنصوص والعمل غير المنصوص الذي يدخل تحت عموم فعل الخير والعمل الصالح.. والتطبير من النوع الثاني.. وعن نفسي لم أمارس التطبير يوماً ولو لمرة في عمري ذلك لأن الظروف التي عشتها لم تسمح بفرصة هذا الشرف..
مقاطعة: تعني ظروف الاغتراب بالطبع .. ولكنك عدت للبحرين منذ زمن والفرصة الآن مؤاتية فلم لم تمارسه للآن ؟!
أنا الآن لي صفة في المجلس الأعلى وهنالك برتوكولات واعتبارات معينة يجب أن توضع في الاعتبار.. ورغم إيماني الكامل بالتطبير إلا أن ظروفي لا تسمح لي الآن به..
؟ أليس من الغريب - سألناه- أن كثيراً من المراجع يدعون للتطبير »ويترفعون« هم عن ممارسته ؟!
هؤلاء المراجع يدعون للتطبير ولكن لاعتبارات السن والمكانة دورها.. وكثير من المراجع يمشون في مقدمة مواكب التطبير تأييداً لها.. كما أن بعضهم يضرب هامته ولكنه قد لايظهر واضحاً للعيان كونه يسير دون العمامة التي عادة ما تميز الشيخ ..
؟ للتطبير كما نراه مساوئ عدة.. فما هي في المقابل محاسنه ؟! وبماذا يفيد قضية الحسين وأهداف ثورته ؟!
بشكل عام الشعائر ما وجدت إلا لتشد الجمهور إلى القضية الحسينية.. وكلما كانت الشعيرة أكثر التصاقا بالوجدان وتحريكاً للمشاعر كلما كانت أكثر خدمة للقضية. وثبت بتصريح خبراء علم النفس أن شعيرة التطبير» وذكرنا ذلك في كتابنا« تأسر قلوب الممارسين وحتى المشاهدين لها..
دم مبايعة أم دم ترهيب؟!
؟ هذا أكيد.. فالمشاهد الفظة تلتصق بالذاكرة.. وهذا ما يقول به الخبراء عن مشاهد الرعب والجنس والدم.. ورؤية الدم هي من البشاعة بمكان يجعلها تلتصق بالذاكرة ولكن.. ماذا تستفيد قضية الحسين من ذلك؟
قضية الدم عبر التاريخ هي قضية لها حرمتها وقدسيتها وفيها مسألتان: إراقة الدم ظلماً وعدواناً كما يجري في التفجيرات والاغتيالات التي نراها في العالم وهي مصداق المشاهد المقززة والمروعة.. وإراقتها رمزياً في قضية الحق عبر إنزال بضع قطرات تضامنا مع دم المقتول ظلماً في كربلاء..
ثم إن الدم في تاريخ البشر يستخدم بصمة وميثاق شرف في القضايا المقدسة.. والمطبر هنا يبصم بجبهته الدامية على مبايعة الحسين وهذا المقدار من الدم لا يقزز نفساً عرفت قدسية القضية الحسينية بل العكس تماماً ، إنها تنقل العارف إلى حالة وجدانية عالية إذ يتذكر دماء آل البيت التي سفكت بغير حق.. ويتكرّر هذا العمل التضامني ساعة في العام الواحد صباح يوم عاشوراء ليكون تمثيلاً حياً ومتحركاً للمصيبة.
؟ ربما بالنسبة للنفس التي تعرف قضية الحسين والتي قد تعيد الأحداث وتسترجعها برؤية الدم.. ولكن ماذا عن الباقين من غير الشيعة ؟! أليس الهدف من شعائرنا تعريف القضية لغير العارفين بها والمؤمنين بها.. وهو ما فشلنا به بدليل أننا أحيينا ذكر الحسين لمئات السنوات ورغم ذلك لم نخلق جاذبية للمذهب بل على العكس تماماً هناك نفور وتوجس من ممارسات المذهب عند كثير من الآخرين ؟
المهتدي: هذا ادعاء يحتاج إلى إثبات. فالمعلومات تشير إلى أن الجذب والإقبال إلى المذهب والإعجاب بهذه الظاهرة بالذات في تزايد، وهناك احترام من قبل الذين يعرفون التطبير بهذه الزاوية ويرونها الظاهرة التي تعكس شدة الحب لدى الإنسان تجاه المحبوب.. لأن المرء إذا عشق شخصاً أو قضية زادت درجة تألمه من أجل ذلك الشخص ويستعد أن يتفانى من أجلها، ويتحمل المحب العذاب والعناء من أجل إظهار الحب لهذه الشخصية أو ليدافع عن تلك القضية..
أعلينا أن نقيس أنفسنا وفقاً للمعادلات الغربية؟!
أساسا عندما ينظر الإنسان إلى قضية من زاوية ايجابية فهي تصبح عنده ايجابية، وإذا نظر إليها من زاوية سلبية أصبحت عنده سلبية، حتى الصلاة ، حتى الحج.. بل والإسلام إذا ما أراد أحد النظر إليه بنظرة سلبية فسره بشكل سلبي والعكس كذلك بالتأكيد، بالفعل هنالك من يقول لماذا الطواف حول بيت من الأحجار؟ ولم السعي بين جبل الصفا وجبل المروة؟ إلى ماذا يرمز ذلك، ليس له معنى! فالخروج إلى مزدلفة في الصحراء ليس له معنى، المبيت في المشعر أيضاً لا يعني شيئاً لمن يريد النظر لأعمال بنظرة مادية بحتة كما يفعل الغرب والبعض المتغرّب.. بل وأكثر من هذا أنظري لليوم الذي يذبح الحاج فيه الشاة ويتسخ من هذه الدماء، أواليوم الذي يجلس والموس يعمل في رأسه، هذا كله لا يدخل ضمن المعادلات الغربية، ولا يستوعبه الذين يريدون العيش على مفاهيم الثقافة المخملية.. ولكننا كمسلمين يجب أن ننظر إلى الدين على أنه أحكام من الله سبحانه وتعالى قد لا ندرك فلسفتها، والعقل لا يصل إلى عمق غاياتها، وهل يستوجب هذا منا إلغاء هذه الأحكام لمجرد أنها فوق عقل البشر.. نحن يجب أن ننظر إلى القضايا الدينية بنظرة غيبية. نسلم، فالإسلام هو التسليم، حقيقة الإسلام هو العبودية. المناقشة أمر جيد، أن نحاول استيعاب فلسفة العقلية للأحكام الشرعية محاولة جيدة، لكن إذا لم نصل فمن الخطأ أن نرفض ما هو شرعي .
الاستهزاء بالمسلمين أقدم أساليب الكفار
؟ هناك نقطتان أعلق بها على ما قلت شيخنا.. النقطة الأولى أن البعض قد لا يقتنع بالصلاة والحج وغيرها نعم، ولكنهم لم يروجوا لذلك على أنه علامة على دموية المسلمين وعنفهم ومنهجهم الوحشي قط، ونحن سنويا نرى صور الحيدر تنقل في البي بي سي مثلا وغيرها من القنوات كإشارة على دمويتهم والإرهاب الذي يسري في دمائهم، بينما تقدم باقي العبادات والشعائر الإسلامية دون أن تربط بأي درجة من درجات العنف، بل على العكس كلها تتسم بالسكينة والهدوء..
هناك أسلوب استعماري لما يريدون سلب الشيء الذي يشكّل عامل قوة في معنويات الطرف الآخر، وهذا الأسلوب يعتمد على الاستهزاء بالطرف الآخر حتى ينفر مما يفعله فيتركه، وهناك علماء نفس يخططون للاستعمار ويوجدون لهم المداخل ليسلبوا المسلمين دينهم بهذه الطريقة.
اليوم التطبير، وغدا الحج، وبعده الجهاد، ثم أحكام الشريعة كلها.. إنهم يستهدفون وبشكل خاص الشيء الذي لا يرتاحون منه، خذي الحجاب مثلا: يبدأون القول بأنه رمز التخلف ويشعرون المسلمات بأنهن منبوذات من جرائه، ويربطون القبول الحضاري لهن بشرط التبرج.. هذا أسلوب يجب أن ننتبه له، فهناك دوائر استعمارية تخطط بشكل علمي دقيق وتتخذ من القنوات الإعلامية في الفضائيات وسيلة لها، ونحن كعلماء يجب ألا تنطلي علينا كل هذه الضجة الإعلامية.. فنحن لدينا مبادؤنا الدينية والأدلة والبراهين على صحتها موفورة وعليه نمضي وإن استهزأ بنا كل العالم فإنه(لا يصح إلا الصحيح) مهما ضجّت الأبواق، فلا ننسى أن الاستهزاء كان أسلوب المشركين ضد النبي (ص).. فقد استهزأوا برسول الله حتى يترك رسالته، ولكنه قال: والله لئن وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر لما تركته.
فالعالم مادام مقتنعا بفكرة مع الدليل فليس من العقل أن ترعبه الدنيا إن وقفت بوجهه وخاصة إذا كانت القضية متصلة بالله واليوم الآخر.
هل التطبير حق إلهي؟!
؟ الغريب.. أنك تضع التطبير في مقام الأمور الإلهية.. رغم أننا نعرف أن الشيعة لا يأخذون إلا بما نزل في القرآن وما أتى عن المعصومين الأربعة عشر، والرواية الضعيفة تقول أن العقيلة زينب هي من شجت رأسها على المحمل. فهل العقيلة زينب من المعصومين ؟! بمعنى هل المعصومون ٥١ أم ٤١ كما نعرف وبالتالي هل يصح أن نعتبر ما صدر منها تشريعاً إلهيا ؟
أنا لا أضع التطبير في المواضع التي ذكرت، بل أتكلم بشكل عام عن المخطط الاستعماري الذي لا يفرق بين التطبير وهو أدنى المستحبات مثلا أو بين الواجبات كما قلت ، إنني أتكلم في هذا السياق كقاعدة عامة.
أما بالنسبة للعقيلة زينب بطلة كربلاء(ع) فيجب أن نعرف أن قضية العصمة عندنا لها درجات، والسيدة زينب كانت في الدرجات العالية من العصمة ولذلك أنابت دور الإمام المعصوم في كربلاء بتفويض من أخيها الإمام الحسين(ع)، وأخذ الأحكام لا يكون بالضرورة مباشرة عن المعصوم، بل يمكن أن يؤخذ الحكم ممن يتصل بالمعصوم وله صلة قريبة به، فالمراجع ليسوا معصومين ولكنهم يتصلون بالإمام الحجة سلام الله عليه » بشكل عام كما نعتقد« وخاصة النواب الأربعة للإمام الحجة فالأخذ منهم كالأخذ من المعصومين. وأما الرواية فليست ضعيفة إلا عند من يريد تمرير رأيه الناسف، وهذه مخالفة للأمانة العلمية، إن الرواية لها من المصادر الصحيحة ما لا يستهان بها كما ذكرناها في كتابنا.
؟ فيما عدا الجزئية التي تتعلق بشج العقيلة زينب لرأسها هل هناك أدلة أخرى على حلية التطبير؟
نعم، كان هناك أصحاب للإمام الحسين في الكوفة واعتقلوا وقت الواقعة، وبعدها سقطت دولة إبن زياد في الكوفة فخرج هؤلاء من السجن بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، وكان عددهم ما يقارب الـ ٥ آلاف، فخرجوا للانتقام من بني أمية في الشام من الكوفة، وفي طريقهم إلى الشام مروا على كربلاء لكي يبايعوا الحسين(ع) ثم يذهبوا لينتقموا من قتلته، وكان هؤلاء أول من طبّر عند قبر الحسين(ع)، وبصموا بدم جباههم للإمام الحسين أن يفوا بهذه البيعة، ضربوا جباههم بالسيف وبعضهم أدموها بالحجر وكان ذلك ميثاقهم وصدقوا عهدهم.
الجو المشحون ضد التطبير عمل استعماري
؟ هل مكانة هؤلاء الشرعية ترقى لأن نقلدهم فيما فعلوه ؟!
الفعل الحسن في كل الأجيال مباح تكراره ويصح فيه التقليد. نحن في عصرنا هذا أليس الكثير من سلوكياتنا تقاليد مستوردة ومنها طيبة، وذلك مباح شرعا، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم نعلم بحرمتها، وهناك من يقلد أمورا سيئة من الغرب والشرق فلماذا لا نضج عليهم كما يضج البعض على التطبير.
؟ توجد قاعدة فقهية معروفة تقول أن دفع المضار مقدم على جلب المنافع، أفلا ترى أن مضار التطبير أكبر بكثير من فوائده وبالتالي فمن الأولى تركه وإن كان مستحباً كما تقول ؟
لا أرى للتطبير مضاراً إلا الضجة التي افتعلت خلال الـ ٢١ سنة الأخيرة تقريبا وقبلها لم يكن هناك شيء ضد التطبير، لأنه كان من الشعائر التي تمارس خلال قرون من دون أن تكون هذه الضجة. الضجة جاءت جديدة.. وعلينا أن لا نتأثر بها بل نبقى على الماضي إن كان هذا الماضي ليس عليه غبار وهو بالفعل، ولابد أن نوجّه الأذهان التي تأثرت بهذه الضجة توجيهاً صحيحاً وهذا ما نحاوله في أطروحتنا وكتابنا الجديد حول التطبير، والذي جئنا فيه بكل المضار التي تلوكها الألسن بكل جزئياتها ثم فنّدناها بالأدلة التفصيلية.. ذكرنا قضية الايدز، ومسألة الاستهزاء، وقضية وهن المذهب، وتطرقنا لما يقوله الغرب.. وعالجنا مختلف هذه القضايا برؤية عصرية وبكلام منطقي، ولا اعتقد أن المنصف يقف عند الافتعال الإعلامي ضد التطبير، بل المنصف يتجاوز الجوّ المشحون من طرف واحد ويكون ابناً للدليل يميل حيثما يميل بلا تعصب من غير مطالعة.
تعليق