بسم الله الرحمن الرحيم ،،
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم ،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
نطل عليكم اليوم في حديث ذو أهمية ومن يتعمّق به سيبحر في أعماق نورانية نبوية ،،
هذا البحث يتكلم عن :
1_ العقل وأهميته.
2_ جنود العقل .
3_الدين.
4_ الحياء.
5_ ارتباط الحياء بالدين .
6_ بيان سر أنّ الحيوانات غير عاقلة .
يروي ثقة الاسلام الكليني رضوان الله تعالى عليه في الكافي الشريف ثاني حديث يقول :
2 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباته، عن علي عليه السلام قال: هبط جبرئيل على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه فقالا: يا جبرئيل إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.(..
اولاً :: السند ..
علّق العلامة المجلسي على هذا الحديث في مرآة العقول الجزء الاول ص 32.بأنه حديث ضعيف !
وعلق المازندراني في شرح اصول الكافي على السند قائلاً: الشرح: (علي بن محمد) يروي المصنف في هذا الكتاب كثيرا عن علي بن محمد وهو علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلان ثقة عين (عن سهل بن زياد) ضعيف في الحديث (عن عمر بن عثمان) كوفي ثقة نقي الحديث (عن مفضل بن صالح) ضعيف كذاب (عن سعد بن
طريف) قيل: هو صحيح الحديث ونقل العلامة عن النجاشي أن يعرف وينكر، وعن ابن الغضائري أنه ضعيف وقال الكشي عن حمدويه أنه كان ناو وسيا وقف على أبي عبد الله (عليه السلام) (عن الأصبغ ابن نباته) بضم النون قال العلامة والنجاشي الشيخ في فهرست: إنه كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال العلامة: إنه مشكور ..ج1 ص73 ..
إذاً في سلسة السند ثلاث رجال ضعفاء وهم ..
1_ سهل بن زياد
2_ مفضل بن صالح
3_ سعد بن طريف ..
سهل بن زياد.
قال السيد الخوئي في معجم الرجال:
قال النجاشي : " سهل بن زياد أبوسعيد الآدمي الرازي كان ضعيفا في الحديث غير معتمد عليه فيه ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم إلى الري وكان يسكنها وقد كاتب أبا محمد العسكري عليه السلام على يد محمد بن عبدالحميد العطار للنصف من شهر ربيع الآخر سنة خمس وخمسين ومائتين ذكر ذلك أحمد بن علي بن نوح ، وأحمد بن الحسين رحمهما الله له كتاب التوحيد ، رواه أبوالحسن العباس بن أحمد بن الفضل بن محمد الهاشمي الصالحي ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الآدمي ، وله كتاب النوادر أخبرناه محمد بن محمد قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب قال : حدثنا علي بن محمد عن سهل بن زياد ، ورواه عنه جماعة " .
وقال الشيخ ( 341 ) سهل بن زياد الآدمي الرازي يكنى أبا سعيد ، ضعيف ، له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عنه ، ورواه محمد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد والحميري عن أحمد بن أبي عبدالله عنه .
وعده في رجاله ( تارة ) من أصحاب الجواد عليه السلام قائلا " سهل بن زياد الآدمي ، يكنى أبا سعيد من أهل الري " ، ( واخرى ) من أصحاب الهادي
عليه السلام قائلا : سهل بن زياد الآدمي ، يكنى أبا سعيد ثقة رازي ( وثالثة ) في أصحاب العسكري عليه السلام ، قائلا : سهل بن زياد ، يكنى أبا سعيد الآدمي الرازي .
وعده البرقي ، من أصحاب الهادي والعسكري عليهما السلام..الخ
وقد جزم السيد الخوئي بضعفه أو عدم ثبات وثاقته ..
وقد وقع نفس الحديث في كتاب الخصال للصدوق ولكن بلا سهل بن زياد قائلاً:
- حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي - رحمه الله - عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن سعد بن - طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: هبط جبرئيل عليه السلام على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث، فاختر واحدة ودع اثنتين، فقال له آدم: وما الثلاث يا جبرئيل؟ قال: العقل والحياء والدين، قال آدم: فاني قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا، فقالا: يا جبرئيل إنا أمرنا أن نكون مع العقل حيثما كان، قال جبرئيل: فشأنكما، وعرج..
وهو يروى عن علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن ابي عبدالله البرقي ترحم عليه الصدوق عن أحمد بن عبدالله البرقي عن عمرو بن عثمان عن ابي جميلة _المفضل بن صالح عن سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة عن امير المؤمنين عليه السلام..
مفضل بن صالح :
قال عنه المازندراني ضعيف كذاب ..
سعد بن طريف :
قال عنه الماذزندراني ) قيل: هو صحيح الحديث ونقل العلامة عن النجاشي أن يعرف وينكر، وعن ابن الغضائري أنه ضعيف وقال الكشي عن حمدويه أنه كان ناو وسيا وقف على أبي عبد الله..
ويقول الخوئي رضوان الله عنه في المعجم : ثم إن الظاهر وثاقة الرجل ، لقول الشيخ : وهو صحيح الحديث ، ووروده في اسناد كامل الزيارات وقد شهد جعفر بن قولويه بوثاقة جميع رواته.
هذا بالنسبة للسند لهذا الحديث والمتن أهم من السند لاننا لا يمكن ان نضرب بهذا الحديث عرض الحائط لضعف السند!.
المتن:
العقل هو تعقل الاشياء وفهمها في أصل اللغة، ومثل العقل في القلب كمثل السراج في البيت، به يثيب الخالق وبه ويعاقب ، والعقل يتكون من أشياء وعناصر يتجلى من خلالها قد ذكرها مولانا الصادق عليه السلام
ينقله الكليني في الكافي 14 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبوعبدالله عليه السلام: اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا، قال سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي، قال: ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال: قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند
_وجنود العقل هي كما ذكرها الامام عليه السلام _
جنود العقل
الخير
الايمان
التصديق
الرجاء
العدل
الرضا
الشكر
الطمع
التوكل
الرأفة
الرحمة
العلم
الفهم
...
...
...
الحب
الحياء
...
..
وهذه جنود الجهل كما ذكرها الامام عليه السلام
الشر
الكفر
الجحود
القنوط
الجور
السخط
الكفران
اليأس
الحرص
القسوة
الغضب
الجهل
الحمق
...
...
...
البغض
الجلع
هذه هي جنود العقل وجنود الجهل فكل نبي أو وصي او إمام حتى يكون نبي أو وصي أو إمام لا بد وأن تجتمع فيه جنود العقل من دون جندي واحد من جنود العقل ..وبمجرد فقدان أي جندي من جنود العقل يحل محل الجندي المفقود جندي من جنود الجهل وهذا ما لا يحصل أبداً للانبياء والأوصياء والأئمة عليهم السلام .
فالنبي أو الوصي او الامام لا يتبع الجهل في الكفر أو الجحود أو القنوط أو الجور أو ان ييأس من الله تعالى ،وفي المقابل لا يمكن لأي مخلوق أن يجعل جنود العقل تحت راية الجهل أو العكس لأنّ هذا محال مستحال ..
ولذلك من يفقد جندياً واحداً من جنود العقل لا يسمى عاقلاً ومن هنا نعرف أهمية الدين والحياء بالنسبة للعقل وأنهما من الجنود البارزين عند العقل
وفي البحار 1/96/42
قال صلى الله عليه وآله ((انما يدرك الخير كله بالعقل ولا دين لمن لا عقل له))
تحف العقول :
لما قيل في رجل نصراني له بيان ووقار وهيبة : ما اعقل هذا النصراني !!
قال ص: مه ان العاقل من وحّد الله وعمل بطاعته ..
وقال الامام الصادق عليه السلام :
من كان له عقلا كان له دين ومن كان له دين دخل الجنة .
من هنا يتبيّن لنا أهمية الدين بالنسبة للعقل لأن من لا دين له لا عقل له ومن لا عقل له لا دين له فكلمة عاقل كلمة ذات هيبة ووقار وعظمة ونورانية لا تطلق على كافر بالله ولا تطلق على يهودي أو نصراني لأن الدين هو الإيمان بالله وبرسله وبكتبه ومن لا يؤمن بذلك يكون كافراً متبعاً للجهل حيث الكفر جندٌ من جنود الجهل فلا نقول لذلك الرجل انه عاقل ..لذلك الدين مرتبط ارتباط قوي ومتين بالعقل وكيف يكون عاقلا من كان لا يؤمن بالله والله تعالى يقول في كتابه العزيز ((وأعرض عن الجاهلين )) فلو كان يعلم ربنا جلّا وعلا ان الكافر عاقل لما أمرنا أن نعرض عنه ..
ولذلك فالدين من جنود العقل ومن هنا نعلم السر في قوله تعالى ((لا اكراه في الدين)) لأن الاكراه يعتبر عدوان العدوان من جند الجهل ولا يمكن ان نربط بين جند العقل والجهل حيث الدين جند من جنود العقل وهو يتفرع تحت الايمان .الدين له أهمية كبرى وعظمى لأن الله تعالى يوصي به ((قل امر ربي بالقسط واقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بداكم تعودون )) وقال تعالى ((وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون )) والدين يتجلى للناس بعد الموت وانتهاء الدنيا بأن يكون هو يوم القيامة لذلك تعالى يقول (( وما ادراك ما يوم الدين))(( ثم ما ادراك ما يوم الدين ))(( الذين يكذبون بيوم الدين ))..
هذا هو الدين وأهميته وهو جند من جنود العقل ويعتبر ثاني جنود العقل وهو الايمان..
ولذلك قال في الحديث على الترتيب (( فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين،))
فالعقل الأساس وتحته جنوده
الحياء ثم الدين ..والآن لنتعرف على الحياء
الحياء هو وهو انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم
قال الامام الصادق عليه السلام :
الحياء نور جوهره صدر الايمان وتفسيره التثبت عند كل شيئ ينكره التوحيد والمعرفة .
وقال عليه السلام:
لا ايمان لمن لا حياء له
وقال الامام الصادق عليه السلام : وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم ...البحار 78_211_93
ان الحياء والعفاف والعي _عي اللسان لا عي القلب_ من الايمان ...البحار 79_113_14
لا إيمان لمن لا حياء له ..الكافي ...2_106_5
وقال الامام علي بن أبي طالب عليه السلام : احاديث الامير عليه السلام ..
الدرر والحكم
6ـ إنَّ الْحَياءَ وَ الْعِفَّةَ مِنْ خَلائِقِ الإيمانِ، وَ إنَّهُما لَسَجِيَّةُ الأحْرارِ، وَشيمَةُ الأبـْرارِ /3605.
28ـ كَثْرَةُ حَياءِ الرَّجُلِ دَليلُ إيمانِهِ /7097
37ـ نِعْمَ قَرِينُ الإيمانِ اَلحَياءُ /9932.
تحف العقول :::
وقال صلى الله عليه وآله: إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال وما قيل، أما إنه إن تنسبه لم تجده إلا لبغي أو شرك شيطان .
وقليل الحياء هو الجلع الذي ذكرنا في البداية انه من جنود الجهل وهو ضد الحياء وهذا شيئ طبيعي ان الجهل لا يدخل الى جنان الخلد ..
وقال صلى الله عليه وآله: لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما، فقال أبوذر: يا رسول الله وما الاسلام؟ فقال: الاسلام عريان ولباسه التقوى. وشعاره الهدى. ودثاره الحياء وملاكه الورع. وكماله الدين. وثمرته العمل الصالح. ولكل شئ أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت. ص52..تحف العقول
فيتبين من هذا الحديث ان الحياء يتفرع من الاسلام والاسلام هو الدين والدين يتفرع من الايمان
كما أنّ الحياء من الايمان كما تقول مولاتي الزهراء المظلومة عليها السلام
إن الحياء من الايمان والايمان في الجنة، كتاب المسترشد للطبري ص16.
وفي المحجة البيضاء في باب فضل العلم والتعلم والتعليم وشواهده من النقل والعقل
يقول __ وقيل في قوله عزّ وجلّ: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم).يعني العلم وريشا يعني اليقين ولباس التقوى يعني الحياء.
وقال (ص): الإيمان عريان ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وثمرته العلم المحجة للفيض الكاشاني .
وفي الخصال يقول :
حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي المقرئ قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر المقرئ الجرجاني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن الموصلي ببغداد قال: حدثنا محمد بن عاصم الطريفي قال: حدثنا أبو زيد عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي قال: أخبرنا يزيد بن الحسن قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه، علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن الله عزوجل خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه التي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينيه، والحكمة لسانه، والرأفة همه، والرحمة قلبه، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء: باليقين والايمان والصدق والسكينة والاخلاص والرفق، والعطية والقنوع والتسليم والشكر، ثم قال عزوجل: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: تكلم فقال: الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند ولا شبيه ولا كفو ولا عديل ولا مثل. الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل، فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ماخلقت خلقا أحسن منك ولا أطوع لي منك ولا أرفع منك ولا أشرف منك ولا أعز منك، بك أؤاخذ، وبك اعطي، وبك أوحد، وبك اعبد، وبك ادعى، وبك ارتجى، وبك ابتغى، وبك اخاف، وبك احذر، وبك الثواب، وبك العقاب، فخر العقل عند ذلك ساجدا فكان في سجوده ألف عام فقال الرب تبارك وتعالى: ارفع رأسك وسل تعط، واشفع تشفع. فرفع العقل رأسه فقال: إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه فقال الله جل جلاله لملائكته: أشهدكم أني قد شفعته فيمن خلقته فيه.
فالحياء عند العقل بمنزلة العينين من الانسان .
وهنالك كلام جميل للامام الصادق عليه السلام في توحيد المفضل يذكر بها العلة التي من أجلها لا تكون الحيوانات عاقلة وإنما تكون غير عاقلة يقول عليه السلام :
انظر يا مفضل الى ما خص به الانسان دون جميع الحيوان من هذا الخلق الجليل قدره العظيم غناؤه اعني الحياء فلولاه لم يقر ضيف ولم يوف بالعداة ولم تقض الحوائج ولم يتحر الجميل ولم يتنكب القبيح في شئ من الاشياء حتى ان كثيرا من الأمور المفترضة ايضا إنما يفعل للحياء فإن من الناس من لولا الحياء لم يرع حق والديه ولم يصل ذا رحم ولم يؤد امانة ولم يعف عن فاحشه.. أفلا ترى كيف وفى الانسان جميع الخلال التي فيها صلاحه وتمام أمره. ص 40 .
فالحياء جند من جنود العقل ولعله يكون أهمها وأبرزها والحياء يفتقده الحيوان لذلك لا يكون الحيوان عاقل وهذه من نعم الله تعالى على البشر فمن لا يكون لديه حياء يصبح كالحيوانات في افعاله ..ويكون منبوذ بين الناس كما هي الحيوانات ..فالحياء تقريبا كالدين والدين كالحياء لأن كلاهما يندرجان تحت الايمان قال رسول الله صلى الله عليه وآله ((: الحياء والايمان كله في قرن واحد فإذا سلب أحدهما أتبعه الاخرة - يعني أن من لم يكفه الحياء عن القبيح فيما بينه وبين الناس فهولا يكفه عن القبيح فيما بينه وبين ربه عز و جل، ومن لم يستح من الله عزوجل وجاهره بالقبيح فلا دين له -. ))
ويقول الامام الباقر عليه السلام
تهذيب الاحكام .. للطوسي .
(990) 111 - الحسن بن محبوب عن ابي ولاد عن ابي عبدالله (ع) قال: كان ابي (ع) يقول: اربع من كن فيه كمل ايمانه ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينقصه ذلك قال: هي الصدق واداء الامانة والحياء وحسن الخلق.
وفي الكافي :
5 عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الفضل
بن كثير، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لا إيمان لمن لاحياء له...
ويقول السيد الابطحي في كتاب بين يدي الاستاذ :
قال لي معلمي :
الحياء هو امتناع الانسان عن الفحش في القول والعمل امام الناس ، وكذا احترام حقوق الآخرين ومراعاة الادب في حضورهم ، ومن ليست فيه هذه الحالات كان عديم الحياء .
فالذي لا يرعى حقوق الناس كان عديم الحياء ، والذي لا يرى لله وقارا هو عديم الحياء .
والمسلم من آمن بالله ورسوله ، وآمن ان الله ورسوله والمعصومين يشهدون اعماله ، بل وما يموج في خاطره ، فاذا كان كذلك ثم ارتكب عملا سيئا كان عديم الحياء .
إذاً الآن عرفنا أهمية الحياء والدين وأنهما من جنود العقل وبدونهما لا يكتمل العقل ولا يكون الانسان عاقلاً ومن هنا نعرف سر الحديث{ عن علي عليه السلام قال: هبط جبرئيل على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه
فقالا: يا جبرئيل إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج.}
فجبرائيل هبط على آدم عليه السلام مأموراً من الله تبارك وتعالى ليخير آدم بين ثلاث إما العقل أو الحياء أو الدين ..!!
مع أنّ الله تعالى إنما يريد أن يبيّن لآدم أهمية العقل والحياء والدين وأنهما لا يفترقان لذلك حينما خيّر آدم اختار العقل لأنه الأساس ولم يختار الحياء والدين لأنهما فرع من العقل فآدم حينما اختار العقل لأنه يعلم ان العقل كان كاملا لا ناقصا ً لأنّ الامام أطلق عليه لفظ العقل ولو لم يشمل جميع الجنود بما فيهم الحياء والدين لم كان عقلاً.. ولو كان ناقصاً لما خيّره الله تعالى ولكن الله تعالى اظهر الحياء والدين ولم يخيّر آدم في باقي الجنود لأهمية الحياء والدين ..فبعدما اختار العقل قال جبرائيل للحياء والدين انصرفا واتركا آدم ..فقالا إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان..لأنه لا يكتمل عقلاً بدونهما ..ولكي يكون آدم نبياً يجب ان يكون معه حياءً وديناً..فقال جبرائيل عليه السلام فشأنكما وعرج..يقول العلامة المجلسي في مرآة العقول
) الظاهر أن آدم عليه السلام حين هبوط جبرئيل عليه كان ذا حياء و عقل و دين، و الأمر باختيار واحدة لا ينافي حصولها على أنه يحتمل أن يكون المراد كمال تلك الخلال بحسب قابلية آدم عليه السلام و قول جبريل عليه السلام للحياء و الدين بعد اختيار العقل: انصرفا لإظهار ملازمتها للعقل بقولهما: إنا أمرنا أن نكون مع العقل، و لعل الغرض من ذلك أن ينبه آدم عليه السلام على عظمة نعمة العقل، و يحثه على شكر الله على إنعامه.
أقول لا شك أن آدم كان ذا حياء ودين وعقل لأنه كان نبي ولكي يكون نبي يجب ان تجتمع فيه هذه الخصال ولذلك قالا لجبرائيل أنا أمرنا ان نكون مع العقل حيث كان ..ويقول العلامة المازندراني ((لا يقال: اختياره للعقل لم يكن إلا لملاحظة أن حسن عواقب اموره في الدارين يتوقف عليه وإن نظام أحواله في النشأتين لا يتم إلا به ولا يكون ذلك إلا لكونه عاقلا متفكرا متأملا فيما ينفعه عاجلا وآجلا، لأنا نقول: المراد بهذا العقل العقل الكامل الذي يكون للأنبياء والأوصياء واختياره يتوقف على عقل سابق يكون درجته دون هذا وللعقل درجات ومراتب. وقد يقال هذه الامور الثلاثة كانت حاصلة له (عليه السلام) على وجه الكمال والتخيير فيها لا ينافي حصولها والغرض منه إظهار قدر نعمة العقل والحث على الشكر عليها )) فهذا كله امتحان لآدم وجبرائيل كان يعلم بذلك بدليل قوله ((: " انصرفا ودعاه " وهومحمولا على نوع من الامتحان لاظهار شرف العقل ونباهة قدره )),..
فالحديث هذا ضعيف السند ولكن صحيح المتن والكلام ويوافقني على كلامي المازندراني في شرحه للحديث قائلاً(( وهذا الحديث وإن كان ضعيفا بحسب السند لكن صحيح المضمون)).
قبل أن انتهي من كلامي أقول هذه هي جنود العقل وجنود الجهل كما ذكرها الحديث
جنود العقل
الخير
الايمان
التصديق
الرجاء
العدل
الرضا
الشكر
الطمع
التوكل
الرأفة
الرحمة
العلم
الفهم
العفة
الزهد
الرهبة
التواضع
التؤدة
الحلم
الصمت
الاستسلام
التسليم
الصبر
الصفح
الغنى
التذكر
الحفظ
التعطف
القنوع
المواساة
المودة
الوفاء
الطاعة
الخضوع
السلامة
الحب
الصدق
الحق
الامانة
الاخلاص
الشهامة
الفهم
المعرفة
المدارة
سلامة الغيب
الكتمان
الصلاة
الصوم
الجهاد
الحج
صون الحديث
بر الوالدين
الحقيقة
المعروف
الستر
التقية
الانصاف
التهيئة
النظافة
الحياء
القصد
الراحة
السهولة
البركة
العافية
القوام
الحكمة
الوقار
السعادة
التوبة
الاستغفار
المحافظة
الدعاء
النشاط
الفرح
الألفة
السخاء.
جنـــود الجهل :
الشر
الكفر
الجحود
القنوط
الجور
السخط
الكفران
اليأس
الحرص
القسوة
الغضب
الجهل
الحمق
التهتك
الرغبة
الخرق
الكبر
التسرع
السفه
الهذر
الاستكبار
الشك
الجزع
الانتقام
الفقر
السهو
النسيان
القطيعة
الحرص
المنع
العداوة
الغدر
المعصية
التطاول
البلاء
البغض
الكذب
الباطل
الخيانة
الشوب
البلادة
الغباوة
الانكار
المكاشفة
المماكرة
الافشاء
الاضاعة
الافطار
النكول
نبذ الميثاق
النميمة
العقوق
الرياء
المنكر
التبرج
الاذاعة
الحمية
البغي
القذر
الجلع
العدوان
التعب
الصعوبة
المحق
البلاء
المكاثرة
الهواء
الخفة
الشقاوة
الاصرار
الاغترار
التهاون
الاستنكاف
الكسل
الحزن
الفرقة
البخل
هذه هي جنود العقل وهذه هي جنود الجهل ..وجنود الجهل هي تنطبق تحت قاعدة ( اتباع الجهل) وجنود العقل (اتباع العقل)
والآن نسأل هل يمكن ان تكون خصلة واحدة من الجهل في نبي الله تعالى محمد صلى الله عليه وآله ؟؟؟
فننتظر الإجابة لمن يستطيع الاجابة ..
والسلام
جابر المحمدي المهاجر،،،
تعليق