السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
نظرا لاهمية وتميز كتاب الخصائص الحسينية والذي هو سببا لنا بعد عون الله تعالى في معرفة امامنا المظلوم الحسين عليه السلام عزمت بفضل من الله ورحمة ان اكتب لكم الكتاب في هذا المنتدى الحسيني الجليل وهو لا يكون الا بارادة الله تعالى ومشئيته . وليتعمق النور اكثر في النفوس ببركة ما جاء من خصائص الامام ومزايا المظلوم صلوات الله عليه . وساشرع بارساله تدريجيا وفق ما يعينني به الله تعالى وشكرا
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى . ولا سيما محمد المصطفى . واهل بيته اعلام الهدى . صلواته عليهم ما دامت السموات العلى
اما بعد
انه لما اشتعل الراس شيبا وامتلأت العيبة عيبا *المراد موضع سره وثقته . ورأيت اني ذرفت على الستين ولم اظفر بعد على ثمرة ولا حاصل لايامي الماضية . ولا طائر للعمل . وعلمت ان الباقي يمضي على محو الماضي . خاطبت النفس الجانية اللاهية . وشركاءها في هذه الداهية .: ياو يحك مضى ربيع الشباب . فلا تعطف عليه خريف الشيب . وفاتك الهرف *اي المناء والزيادة - في المزرعة . فلا يفتك الافل * اي الزوال والغياب- ، وقد اسرفت في اتلاف اكرار من البذر . فلا تُضع الحفنة الباقية من البذر . وقد ضيعت في المتجر النقود من رأس المال . فلا تضع قليل المتاع الكاسد البائر
ثم ناديتها يا مسافرا بلا زاد . يا راحلا ولا جواد . يا زارعا اشرف على الحصاد . يا طائرا بالموت يصاد . يا تاجرا لبهرج*اي الرديء من الشيء - بلا جياد . يا ظالم النفس والعباد . هل سمعتِ قول الله تعالى ( إن ربك لبالمرصاد) ثم ايقظتها التنبه التنبه فقد شارفت العقبة الكؤؤد والرجل حافية ومالك مركب . ثم خوفتها الحذر الحذر . فقد دنوت الى المنازل المهولة . ودونها حتوف ( والكف صفر والطريق مخوف ) ثم ازعجتها بقول العجل العجل . الوحا الوحا * اي السرعة . فالى اي زمان تتعامى:
ان قدامك بوما لو به
هددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهم وقم
وانف عن عين تماديك المناما
ثم صحت عليها بقول امام المتقين . عليه افضل صلوات المصلين: " ايها اليفن الكبير . قد لهزه القتير . كيف انت اذا التحمت اطواق النار بعظام الاعناق . ونشبت الجوامع حتى اكلت لحوم السواعد"
ثم نعيتها الى نفسها ونعيت عليها . ثم نحت عليها بكل لسان . تارة على ايام الشباب واخرى على ايام المشيب ثم استرحمتها لنفسها وقلت : اما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك . ثم استغثت بها لاغاثة نفسها فقلت لها : الغوث الغوث لنفسك تجهزي للرحيل . فاستدركي واختلسي الفرصة . واغتنمي المهلة قبل قدوم الغائب المنتظر . وقبل اخذة القهار المقتدر
ثم خاطبتها بكل كتاب وبلسان كل نبي وامام. ووعظتها بكل الالسنة حتى بلسان الاطفال والحيوانات . بل ولسان حال جميع المخلوقات . وبعد ذلك كله حصل لي تنبه يسير .وتذكر قليل . مع عزم فاتر . فتواردت علي حالات خوف وترقب من الياس . يتبعها رجاء . يورث السكون والاطمئنان بهذا التفصيل :
الحالة الاولى : في الايمان
لقد نظرت الى الايمان الذي هو مدار قبول الاعمال ومناط حصول النجاة من الاهوال فلم اجد في نفسي علامة من علائمه . ولا اثرا من اثار التمام منه . ولا من الناقص لا ادنى درجاته الذي هو ان تسوءه سيئته ولا اعلى درجاته الذي هو ان يكون بالنسبة الى ذكر اللهتعالى كمن هو في النزع . ولم اجد في شيء من اقسامه المقسمة علىالقلب والاعضاء . حتى اني خفت عدم وجود الذرة المنجية من الخلود في النار بعد طول العذاب فيها .
وبعد ذلك نظرت الى الاخلاق الحميدة فرأيت اضدادها . ثم نظرت الى الاعمال الحسنة والطاعات والقربات فوجدت لصحتها وقبولها شرائط . لم اجد التوفيق لها ولو مرة واحدة . فعند ذلك تحقق الخوف واوشك ان يغلب القنوط ثم عرضت :
الحالة الثانية : في الوسائل الى الله تعالى
وهي اني امعنت النظر في الوسائل الى الله فرأيت اني من امة محمدا المصطفى (ص) . واني من شيعة عليا (ع) واني من الموالين لاهل البيت (ع) وهم السبيل الاعظم والصراط الاقوم والكهف الحصين والعروة الوثقى والفلك التي من ركبها نحى . فحصل لي الرجاء ثم تحققت :
الحالة الثالثة : الدخول في امة محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
وهي اني رأيت الدخول في امة المصطفى (ص) يحتاج الى ائتمام واقتداء . وان صدق شيعة علي (ع) يحتاج الى متابعة له في صفة او عمل . فباي شيء تابعته وشايعته . وصدق ان الشخص موال ومحب لاهل البيت (ع) يحتاج الى تحقق احدى علائم المحبة .والولاية ولا اجد واحدة منها فتحققالاضطراب وغلب الخوف . ثم طرأت :
الحالة الرابعة : في الوسائل المتعلقة بالائمة عليهم السلام
وهي اني امعنت النظر في الوسائل المتعلقة بالائمة (ع) فرأيت اجلّها فائدة واعظمها مثوبة واعمها نفعا وارفعها درجة واسهلها حصولا واكثرها طرقا وايسرهاشروطا واخفها مؤونة واعمها معونة ما يتعلق بسيد شباب اهل الجنة . ووالد الائمة السيد المظلوم ابي عبدالله الحسين (ع) . فرأيت له خصوصية في التوسل الى الله قد تفرد بها . وامتاز في ذلك حتى عمن هو افضل منه . فان للتفاوت في الفضيلة مقاما ولوحدتهم مقاما . نورهم وطينتهم مقام . والخصوصيات مقام اخر . فرأيت في الحسين (ع) خصوصية في الوسيلة الى الله اتصف بسببها بانه بالخصوص . باب من ابواب الجنة وسفينة للنجاة ومصباح للهدى . فالنبي (ص) والائمة (ع) كلهم ابواب الجنان . لكن باب الحسين اوسع . وكلهم سفن النجاة ولكن سفينة الحسين مجراها في اللجج الغامرة اسرع . ومرساها على السواحل المنجية ايسر . وكلهم مصابيح الهدى . لكن الاستضاءة بنور الحسين اكثر واوسع . وكلهم كهوف حصينة . لكن منهاج كهف الحسين اسمح واسهل . فعند ذلك خاطبت النفس وشركاءها فقلت : هلموا الى هذه الابواب الحسينية . فــ( ادخلوها بسلام آمنين ) والى مرساة هذه السفينة الحسينية فــ( اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها . ان ربي لغفور رحيم ) ولتكتحل اعينكم بنور الحسين (ع) الناظر اليكم . ثم ازدادوا شوقا وصمموا العزم على ذلك . لاني استشعرت من نفسي علائم الايمان التي يئست منها سابقا . وعثرت بهذه الخصائص على الاعمال الصالحة
اما الاول : فمن وجوه :
الاول : انه (ع) قال : " انا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمن الا بكى واغتم لمصابي " فوجدت ذلك في نفسي عدن ذكر اسمه . فاستدللت به على وجود شيء من الايمان لو ذرة على الاقل تنجي من الخلود في النار . وقد اتصف جميع الانبياء بالبكاء والاغتمام عند ذكره (ع)
الثاني : اني وجدت انه اذا دخل شهر المحرم عرضت لي الكربة والحزن والتاثر . فاستدللت بذلك على اثر من ولاية الائمة (ع) فانهم قالو: " شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنور ولايتنا يصيبهم ما اصابنا " .. وقد دلت الاخبار على ظهور الكآبة والحزن على ائمتنا مع دخول شهر المحرم . فكان الامام الصادق (ع) لا يُرى ضاحكا في ايامه ابدا . وكان الامام الرضا (ع) كئيبا حزينا كاسف اللون في العشر الاوائل يعقد مجلسا للعزاء . ونساؤه من وراء الستر . فاذا دخل عليه احد : امره (ع) بالانشاد في الامام الحسين(ع) ان كان منشدا . كما في قضية دعبل الخزاعي . والا ذكر بنفسه من مصائب الحسين (ع) كما في رواية الريان ابن شبيب . حين دخل عليه اول يوم من المحرم . فقال : يا بن شبيب ان كنت باكيا لشيء فابك الحسين (ع) فانه ذبح كما يذبح الكبش . وقتل معه ثمانية عشرة رجلا من اهل بيته . وهكذا كان داب سائر الائمة المعصومين ورسول اللهتعالى (ص) سيدهم واولهم واكثرهم من عقد تلك المجالس . .. فبعروض الانكسار للقلب عند هلال المحرم يستدل على ثبوت العلاقة بهم(ع) . وبتفاوت التاثر تتفاوت درجاتالايمان . وعدم عروض ذلك او عروض خلافه . كجعل هذه الايام اعيادا دليل على سلب الايمان . والعياذ بالله
الثالث : نزول الهم عند دخول كربلاء . وقد كان هذا من صفات ابيه (ع) واخته حين دخول ارض كربلاء . مع انكسار القلب عند النظر الى قبره وقبر ولده عند رجليه . كما في الرواية
الرابع : جريان الدمع عند شم تربته . كما هي صفته وصفة جده (ص) المصطفى. ونحو ذلك مما يتعلق به . وسيجيء بيان بعضها ان شاء الله
واما الثاني : فاني رايت ان اكثر اعمالي يصح سلب اساميها عنها . لعدم الشروط والاقبال . فلا ادري اصلاتي وصومي صلاة وصوم ام لا ؟ وهكذا هو حال سائر اعمالي . ولكن لاحظت انه لا يصح ان يسلب عن بكائي وابكائي اسم البكاء والابكاء على صاحب الدمعة الساكبة . ولا اقل من التباكي . وقد ورد ان " من بكى او ابكى او تباكى وجبت له الجنة " ثم اني لما رايت علامات الايمان ووثق رجائي واطمأنت نفسي عرضت :
الحالة الخامسة : في علامة احد اجزاءالايمان
وذلك اني تاملت الامر فقلت لنفسي : ان هذه علامة لوجود جزء من الايمان . فلعله لا ينجيك من الخلود في النار بعد الدخول فيها . وبعد مقامات عذاب يوم الحشر . وبعد تحمل عذاب يوم البرزخ الطويل . وانت تعلم ضعفك عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على اهلها بل وضعفك عن تحمل النعم اذا دامت عليك بالملال منها . والبطر عليها . ثم ان الجزء الضعيف من الايمان لعله يذهب وينطفء بادنى صدمة فيزيغ القلب . فما اطمئنانك به ؟ فاضطربت ثم عرضت لي :
الحالة السادسة : ما يبعث على تكميل الايمان
وذلك اني وجدت في وسائله (ع) ما يبعث على تكميل الايمان وتقويته واستقراره مثل ان من زاره كان كمن زار الله في عرشه ) فان زيارة الله تعالى كناية عن نهاية القرب اليه . وهذا لا يكون لليمان المستودع . والقلب الذي يعلم الله منه الزيغ بعد الهداية .
ومثل مجيء الملَكَ للزائر عند ارادة الانصراف وقوله : " ان ربك يقرؤك السلام . ويقول لك : استأنف فقد غفر لك ما مضى " .. فاذا كان الشخص ممن يسلم الله عليه فلا يمكن ان لا يسلمه . فاطمأننت بذلك ثم عرضت لي :
الحالةالسابعة : في الاعمال الحسنة
وهي اني رأيت ان هذه الوسائل . اعمال حسنة . ولكن لعل في اعمالي السيئة ما يحبطها فاضطربت لذلك فعرضت لي :
الحالة الثامنة : في الاعمال الصالحة
وهي ان ما قد يعرضه الحبط هي اعمال الشخص . واما الوسائل الحسينية فهي اعمال صالحة تكتب للمكلفين . وليست من اعمالهم حتى يتطرق اليها الحبط
اذ قد ورد انه يكتب لزائره حجة من حجج النبي (ص) والحج الذي يحجه النبي (ص) ليس من اعمال الشخص نفسه حتى يحبط واذا كان من اعماله (ص) فلا يتطرق اليه احتمال الاحباط اصلا .. ومن عجائب تلك الروايات ما رواه الصادق (ع) قال : كان الحسين (ع) ذات يوم في حجر النبي (ص) يلاعبه ويضاحكه . فقالت عائشة : ما اشد اعجابك بهذا الصبي ؟ فقال لها (ص) : وكيف لا احبه ولا اعجب به وه ثمرة فؤداي وقرة عيني . اما ان امتي ستقتله . فمن زاره بعد وفاته كتب الله تعالى له حجة من حججي . قالت : يا رسول الله حجة من حججك ؟ قال نعم وحجتين من خججي . قالت حجتين من حججك ؟ قال نعم واربعة ... قال الصادق (ع) : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (ص) باعمارها
الحالة التاسعة : ملاحظة حقوق الناس
وهي اني خفت ان يذهب بالعمل حقوقالناس فانه قد ورد انه يحشر من له اعمال تضيء في يوم القيامة فياخذها اهل المظالم وتحمل عليه ذنوب فيؤمر به الى النار ثم طرأت :
الحالة العاشرة: في فضيلةالبكاء
وقد حصلت بملاحظة ما ورد في وسيلة البكاء عليه من انه قد يترتب على الدمعة ثواب لا حد له فان مالا حد له لا ينفد ولو اخذ منه ما اخذ . ثم عرضت لي :
الحالة الحادية عشرة : تطرق الخوف
وذلك لاني رأيت في الروايات الكثيرة . ان شرط قبول الاعمال قبول الصلاة . فقلت : لعل صلاتي غير مقبولة واذا ردت رد ما سواها فكيف تقبل هذه الاعمال الحسينية .؟ وحينئذ اشكل علي الامر . وكاد ان يغلب علي القنوط لورود هذا الاحتمال . فمنّ الله تعالى علي برجاء انتهى اليه الامر . وبه رفع هذا الاحتمال
الحالة الثانية عشرة : حالة تأكد الرجاء
اذ قد تتابعت فيها وجوه اطمئنان القلب . وترادفت وجوه الامن . وسكون القلب متابعة تترى . وذلك بملاحظة خواص عجيبة لهذه الوسائل الحسينية منها : ان الشرط لقبول الصلاة التي هي شرط قبول الاعمال : الاقبال وينوب مناب الاقبال : النوافل الرواتب . فهي تؤثر في قبول الصلاة الواجبة . فاذا كانت مؤثرة في قبول الفرائض . فهذ الوسائل التي وردت في فضلها اضعاف الرواتب . تؤثر في القبول بطريق اولى .
ومنها : ان القبول والحبط انما يقعان في الاعمال والعبادات التي تقع من الشخص باختيار منه . وتكلف . وفي الوسائل الحسينية تترتب الاثار وان لم يصدر العمل باختيار وقصد . مثلا . الرقة على مصائبه والبكاء عليه قد يقعان بملاحظة انه امام مفترض الطاعة وهذان من الاعمال الصالحة . وقد تحصل الرقة والبكاء عليه من دون ملاحظة ذلك . فاذا سمعت ما جرى عليه . ولم تعرف عنه شيئا سوى انه من عباد الله او انه من المسلمين او انه مظلوم غريب . لغلبت عليك الرقة والبكاء على الاقل من ناحية ما اصاب الاطفال الصغار من الموت عطشا او القتل بالسيف على صدره او بالسهم على يديه او من داسته الخيول
وكذا هو حالك فيما لو سمعت بنزول هذا المصاب على مخالف للاسلام فان غاية ما يستحقه انما هي ضربة او جرح او قتلة . واما الرض بعد القتل والضرب على الرأس المبارك . وصلبه في عدة اماكن . والنبش للقبر بعد مائتي سنة . ... فهو امر مستنكر يوجب حصول الرقة وجري الدمع بلا اختيار . ومن اي شخص كان . هذا وقد روي ان يونس (ع) حينما كان في بطن الحوت سال قارون وهو يعذب في بطن الارض عن موسى وهارون وكلتم وآل عمران (ع) فلما اخبره بموتهم قال : واأسفاه على آل عمران . فشكر الله ذلك . ورفع عنه عذاب الدنيا . فكيف اخيب مع اسفي على ال ابراهيم (ع) وال عمران وال محمد (ص)
ومنها : ان المؤثرات الكلية القوية لو وجدت مع مانع من تاثيرها فانما يمنع الكلي ولا بد من بقاء جزئي لا محالة
وفي الوسائل بالحسين (ع) تاثيرات قوية اذا منعت صفاتي واعمالي عن تاثيرها التام فاقنع بتأثير جزئي منها . وذلك يكفيني
فأقول : وقد ورد من تاثير بعض زياراته . ان زائره يكون من الشفعاء في عشرة او مائة . او يقال له خذ بيد من احببت فادخله الجنة .. وحيث اني ارى نفسي وقد انفتحت علي الابواب السبعة من النار . بل واراها الان محيطة بسلاسلها واغلالها . بل وظهرت علي علائم الخلود فيها فلا اطمع ان اكون من الشفعاء في الحشر . بل اقنع بان ياخذ بيدي احد فيخلصني من اهوال القيامة . او اقنع بان اخرج من النار ولو بعد حين . فانجو من الخلود .. وقد ورد في فضل زيارته . ان زائره يكون من محدثي الله فوق عرشه . فأنا لست منهم . فاقنع من ذلك بان يكلمني ملك من ملائكة الرحمة .
وقد ورد في فضل زيارته . انه قد يكون الشخص بها من الساقين للكوثر وان لست باهل لذلك بل ارى نفسي في معرض ان اكون من الذين يقولون في النار لاهل الجنة ( ان افيضوا علينا من الماء) فاكتفي من هذه الوسيلة بان يسقيني احد الساقين للكوثر
وقد ورد في فضل زيارته انه قد بنال الشخص بها الاكل مع النبي(ص) في الجنة على مائدته . وانا لست اهلا لذلك فاكتفي بان اتخلص من اكل شجرة الزقوم . فهذه المؤثراتالقوية العظيمة لا يمكن من جهة الموانع ان لا يبقى من اثارها هذه الجزئية .. ومنها ان الوسائل الكثيرة بالنسبة اليه كما سنذكرها يمكن ان تجتمع كلها في ان اوحد . حتى ما مضى وقته ولم يأت وقته . وما يمكن الاتيان وما لا يمكن . وجميع المراتب منه فيمكن للشخص في ان واحد تحصيل جميعالوسائل من ادناها الذي هو التباكي عليه . واعلاها الذي هو الشهادة بين يديه . وبحصولها يحصل على جميع العبادات في ان واحد. وذلك انه لو انعقد مجلس مثلا لذكر مصائب الحسين (ع) وتذكر ما صنع به . وحصل فيه ابكاء . وبكاء وتباك وحزن وهم ورقة وتوجه القلب اليه مسلما ومصليا عليه مع اشعار القلب بجلالته . والمعرفة بحقه . وتصوير حالاته والاستعبار والجزع عليه وتمنى نصرته والشهادة بين يديه . فقد فاز بثواب كل الوسائل اليه . وعبد الله بجميع العبادات حتى الشهادة بين يديه . وسنذكر ما يدل على ذلك من الاخبار . ومع ذلك كله وعلاوة عليه يتصف ذلك المجلس بجميع صفات المشاهد الشريفة على ما يستفاد من الاخبار فيتصف باربع عشرة صفة :
الاول : انه مصلى لله تعالى يعني . محل صلواته على اهله
الثاني : انه مشهد للملائكة المقربين
الثالث: انه محل نيل الدعاء من النبي(ص) والوصي والزهرا والمجتبى (ع)
الرابع: انه منظر الحسين المظلوم(ع)
الخامس: انه محل خطابه لاهل المجلس ومكالمته معهم
السادس : انه محبوب للصادق (ع) بل لجميع اولياء الله تعالى من الاولين والاخرين
السابع : انه عرفة
الثامن : انه مشعر حرام
التاسع : انه حطيم
العاشر : انه مطاف لبيت الله تعالى
الحادي عشر : انه قبة الحسين (ع)
الثاني عشر : انه مخمد للنيران المشتعلة
الثالت عشر : انه منبع لماء في الجنان وهو ماء الحيوان
الرابع عشر : انه يصير تلو مجالس اولها قبل الخلق واخرها المحشر
وسيجيء تفصيل ذلك ان شاء الله تعالى
اذا تصورت ما قلته فكيف تتصور انك تخرج خاليا ايسا من هذه المشاهد مع هذه الحالات والعبادات واجتماع الصفات . فلو منعت الموانع من التاثيرات فقليل من ادنى اثر تاثيرات واحدة منها مما يستحيل عدمه :
قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل
وبعد تيقن ذلك ختمت المكالمة مع النفس . وتحقق الرجاء والواثق الخالص بالوسائل الحسينية . فتوجهت الى صاحبها وعقدت معه عقد الوسائل بتأليف كتاب جامع لخصائصه التي امتاز بها من جميع المخلوقات حتى الانبياء والائمة سلام الله عليهم. وسميته بخصائص الحسين (ع) ومزايا المظلوم (ع)
ارجو بفضل ربي ان يجعله لي في ظلمات القبر ضياءا ونورا . ومن مخاوف الفزع الاكبر امنا وسرورا . وعند ايتاء الكتب . كتاب الحسنات يخرجه لي القاه منشورا . وفي مخازي ذلك اليوم كرامة وحبورا ومدى الاعصار ذكرا موفورا بحول منه وقوة . ( وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب)
وفيه مقدمة ومقاصد
انتهت مقدمة المؤلف والحمد لله
نظرا لاهمية وتميز كتاب الخصائص الحسينية والذي هو سببا لنا بعد عون الله تعالى في معرفة امامنا المظلوم الحسين عليه السلام عزمت بفضل من الله ورحمة ان اكتب لكم الكتاب في هذا المنتدى الحسيني الجليل وهو لا يكون الا بارادة الله تعالى ومشئيته . وليتعمق النور اكثر في النفوس ببركة ما جاء من خصائص الامام ومزايا المظلوم صلوات الله عليه . وساشرع بارساله تدريجيا وفق ما يعينني به الله تعالى وشكرا
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى . ولا سيما محمد المصطفى . واهل بيته اعلام الهدى . صلواته عليهم ما دامت السموات العلى
اما بعد
انه لما اشتعل الراس شيبا وامتلأت العيبة عيبا *المراد موضع سره وثقته . ورأيت اني ذرفت على الستين ولم اظفر بعد على ثمرة ولا حاصل لايامي الماضية . ولا طائر للعمل . وعلمت ان الباقي يمضي على محو الماضي . خاطبت النفس الجانية اللاهية . وشركاءها في هذه الداهية .: ياو يحك مضى ربيع الشباب . فلا تعطف عليه خريف الشيب . وفاتك الهرف *اي المناء والزيادة - في المزرعة . فلا يفتك الافل * اي الزوال والغياب- ، وقد اسرفت في اتلاف اكرار من البذر . فلا تُضع الحفنة الباقية من البذر . وقد ضيعت في المتجر النقود من رأس المال . فلا تضع قليل المتاع الكاسد البائر
ثم ناديتها يا مسافرا بلا زاد . يا راحلا ولا جواد . يا زارعا اشرف على الحصاد . يا طائرا بالموت يصاد . يا تاجرا لبهرج*اي الرديء من الشيء - بلا جياد . يا ظالم النفس والعباد . هل سمعتِ قول الله تعالى ( إن ربك لبالمرصاد) ثم ايقظتها التنبه التنبه فقد شارفت العقبة الكؤؤد والرجل حافية ومالك مركب . ثم خوفتها الحذر الحذر . فقد دنوت الى المنازل المهولة . ودونها حتوف ( والكف صفر والطريق مخوف ) ثم ازعجتها بقول العجل العجل . الوحا الوحا * اي السرعة . فالى اي زمان تتعامى:
ان قدامك بوما لو به
هددت شمس الضحى عادت ظلاما
فانتبه من رقدة اللهم وقم
وانف عن عين تماديك المناما
ثم صحت عليها بقول امام المتقين . عليه افضل صلوات المصلين: " ايها اليفن الكبير . قد لهزه القتير . كيف انت اذا التحمت اطواق النار بعظام الاعناق . ونشبت الجوامع حتى اكلت لحوم السواعد"
ثم نعيتها الى نفسها ونعيت عليها . ثم نحت عليها بكل لسان . تارة على ايام الشباب واخرى على ايام المشيب ثم استرحمتها لنفسها وقلت : اما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك . ثم استغثت بها لاغاثة نفسها فقلت لها : الغوث الغوث لنفسك تجهزي للرحيل . فاستدركي واختلسي الفرصة . واغتنمي المهلة قبل قدوم الغائب المنتظر . وقبل اخذة القهار المقتدر
ثم خاطبتها بكل كتاب وبلسان كل نبي وامام. ووعظتها بكل الالسنة حتى بلسان الاطفال والحيوانات . بل ولسان حال جميع المخلوقات . وبعد ذلك كله حصل لي تنبه يسير .وتذكر قليل . مع عزم فاتر . فتواردت علي حالات خوف وترقب من الياس . يتبعها رجاء . يورث السكون والاطمئنان بهذا التفصيل :
الحالة الاولى : في الايمان
لقد نظرت الى الايمان الذي هو مدار قبول الاعمال ومناط حصول النجاة من الاهوال فلم اجد في نفسي علامة من علائمه . ولا اثرا من اثار التمام منه . ولا من الناقص لا ادنى درجاته الذي هو ان تسوءه سيئته ولا اعلى درجاته الذي هو ان يكون بالنسبة الى ذكر اللهتعالى كمن هو في النزع . ولم اجد في شيء من اقسامه المقسمة علىالقلب والاعضاء . حتى اني خفت عدم وجود الذرة المنجية من الخلود في النار بعد طول العذاب فيها .
وبعد ذلك نظرت الى الاخلاق الحميدة فرأيت اضدادها . ثم نظرت الى الاعمال الحسنة والطاعات والقربات فوجدت لصحتها وقبولها شرائط . لم اجد التوفيق لها ولو مرة واحدة . فعند ذلك تحقق الخوف واوشك ان يغلب القنوط ثم عرضت :
الحالة الثانية : في الوسائل الى الله تعالى
وهي اني امعنت النظر في الوسائل الى الله فرأيت اني من امة محمدا المصطفى (ص) . واني من شيعة عليا (ع) واني من الموالين لاهل البيت (ع) وهم السبيل الاعظم والصراط الاقوم والكهف الحصين والعروة الوثقى والفلك التي من ركبها نحى . فحصل لي الرجاء ثم تحققت :
الحالة الثالثة : الدخول في امة محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
وهي اني رأيت الدخول في امة المصطفى (ص) يحتاج الى ائتمام واقتداء . وان صدق شيعة علي (ع) يحتاج الى متابعة له في صفة او عمل . فباي شيء تابعته وشايعته . وصدق ان الشخص موال ومحب لاهل البيت (ع) يحتاج الى تحقق احدى علائم المحبة .والولاية ولا اجد واحدة منها فتحققالاضطراب وغلب الخوف . ثم طرأت :
الحالة الرابعة : في الوسائل المتعلقة بالائمة عليهم السلام
وهي اني امعنت النظر في الوسائل المتعلقة بالائمة (ع) فرأيت اجلّها فائدة واعظمها مثوبة واعمها نفعا وارفعها درجة واسهلها حصولا واكثرها طرقا وايسرهاشروطا واخفها مؤونة واعمها معونة ما يتعلق بسيد شباب اهل الجنة . ووالد الائمة السيد المظلوم ابي عبدالله الحسين (ع) . فرأيت له خصوصية في التوسل الى الله قد تفرد بها . وامتاز في ذلك حتى عمن هو افضل منه . فان للتفاوت في الفضيلة مقاما ولوحدتهم مقاما . نورهم وطينتهم مقام . والخصوصيات مقام اخر . فرأيت في الحسين (ع) خصوصية في الوسيلة الى الله اتصف بسببها بانه بالخصوص . باب من ابواب الجنة وسفينة للنجاة ومصباح للهدى . فالنبي (ص) والائمة (ع) كلهم ابواب الجنان . لكن باب الحسين اوسع . وكلهم سفن النجاة ولكن سفينة الحسين مجراها في اللجج الغامرة اسرع . ومرساها على السواحل المنجية ايسر . وكلهم مصابيح الهدى . لكن الاستضاءة بنور الحسين اكثر واوسع . وكلهم كهوف حصينة . لكن منهاج كهف الحسين اسمح واسهل . فعند ذلك خاطبت النفس وشركاءها فقلت : هلموا الى هذه الابواب الحسينية . فــ( ادخلوها بسلام آمنين ) والى مرساة هذه السفينة الحسينية فــ( اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها . ان ربي لغفور رحيم ) ولتكتحل اعينكم بنور الحسين (ع) الناظر اليكم . ثم ازدادوا شوقا وصمموا العزم على ذلك . لاني استشعرت من نفسي علائم الايمان التي يئست منها سابقا . وعثرت بهذه الخصائص على الاعمال الصالحة
اما الاول : فمن وجوه :
الاول : انه (ع) قال : " انا قتيل العبرة ما ذكرت عند مؤمن الا بكى واغتم لمصابي " فوجدت ذلك في نفسي عدن ذكر اسمه . فاستدللت به على وجود شيء من الايمان لو ذرة على الاقل تنجي من الخلود في النار . وقد اتصف جميع الانبياء بالبكاء والاغتمام عند ذكره (ع)
الثاني : اني وجدت انه اذا دخل شهر المحرم عرضت لي الكربة والحزن والتاثر . فاستدللت بذلك على اثر من ولاية الائمة (ع) فانهم قالو: " شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بنور ولايتنا يصيبهم ما اصابنا " .. وقد دلت الاخبار على ظهور الكآبة والحزن على ائمتنا مع دخول شهر المحرم . فكان الامام الصادق (ع) لا يُرى ضاحكا في ايامه ابدا . وكان الامام الرضا (ع) كئيبا حزينا كاسف اللون في العشر الاوائل يعقد مجلسا للعزاء . ونساؤه من وراء الستر . فاذا دخل عليه احد : امره (ع) بالانشاد في الامام الحسين(ع) ان كان منشدا . كما في قضية دعبل الخزاعي . والا ذكر بنفسه من مصائب الحسين (ع) كما في رواية الريان ابن شبيب . حين دخل عليه اول يوم من المحرم . فقال : يا بن شبيب ان كنت باكيا لشيء فابك الحسين (ع) فانه ذبح كما يذبح الكبش . وقتل معه ثمانية عشرة رجلا من اهل بيته . وهكذا كان داب سائر الائمة المعصومين ورسول اللهتعالى (ص) سيدهم واولهم واكثرهم من عقد تلك المجالس . .. فبعروض الانكسار للقلب عند هلال المحرم يستدل على ثبوت العلاقة بهم(ع) . وبتفاوت التاثر تتفاوت درجاتالايمان . وعدم عروض ذلك او عروض خلافه . كجعل هذه الايام اعيادا دليل على سلب الايمان . والعياذ بالله
الثالث : نزول الهم عند دخول كربلاء . وقد كان هذا من صفات ابيه (ع) واخته حين دخول ارض كربلاء . مع انكسار القلب عند النظر الى قبره وقبر ولده عند رجليه . كما في الرواية
الرابع : جريان الدمع عند شم تربته . كما هي صفته وصفة جده (ص) المصطفى. ونحو ذلك مما يتعلق به . وسيجيء بيان بعضها ان شاء الله
واما الثاني : فاني رايت ان اكثر اعمالي يصح سلب اساميها عنها . لعدم الشروط والاقبال . فلا ادري اصلاتي وصومي صلاة وصوم ام لا ؟ وهكذا هو حال سائر اعمالي . ولكن لاحظت انه لا يصح ان يسلب عن بكائي وابكائي اسم البكاء والابكاء على صاحب الدمعة الساكبة . ولا اقل من التباكي . وقد ورد ان " من بكى او ابكى او تباكى وجبت له الجنة " ثم اني لما رايت علامات الايمان ووثق رجائي واطمأنت نفسي عرضت :
الحالة الخامسة : في علامة احد اجزاءالايمان
وذلك اني تاملت الامر فقلت لنفسي : ان هذه علامة لوجود جزء من الايمان . فلعله لا ينجيك من الخلود في النار بعد الدخول فيها . وبعد مقامات عذاب يوم الحشر . وبعد تحمل عذاب يوم البرزخ الطويل . وانت تعلم ضعفك عن قليل من بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره على اهلها بل وضعفك عن تحمل النعم اذا دامت عليك بالملال منها . والبطر عليها . ثم ان الجزء الضعيف من الايمان لعله يذهب وينطفء بادنى صدمة فيزيغ القلب . فما اطمئنانك به ؟ فاضطربت ثم عرضت لي :
الحالة السادسة : ما يبعث على تكميل الايمان
وذلك اني وجدت في وسائله (ع) ما يبعث على تكميل الايمان وتقويته واستقراره مثل ان من زاره كان كمن زار الله في عرشه ) فان زيارة الله تعالى كناية عن نهاية القرب اليه . وهذا لا يكون لليمان المستودع . والقلب الذي يعلم الله منه الزيغ بعد الهداية .
ومثل مجيء الملَكَ للزائر عند ارادة الانصراف وقوله : " ان ربك يقرؤك السلام . ويقول لك : استأنف فقد غفر لك ما مضى " .. فاذا كان الشخص ممن يسلم الله عليه فلا يمكن ان لا يسلمه . فاطمأننت بذلك ثم عرضت لي :
الحالةالسابعة : في الاعمال الحسنة
وهي اني رأيت ان هذه الوسائل . اعمال حسنة . ولكن لعل في اعمالي السيئة ما يحبطها فاضطربت لذلك فعرضت لي :
الحالة الثامنة : في الاعمال الصالحة
وهي ان ما قد يعرضه الحبط هي اعمال الشخص . واما الوسائل الحسينية فهي اعمال صالحة تكتب للمكلفين . وليست من اعمالهم حتى يتطرق اليها الحبط
اذ قد ورد انه يكتب لزائره حجة من حجج النبي (ص) والحج الذي يحجه النبي (ص) ليس من اعمال الشخص نفسه حتى يحبط واذا كان من اعماله (ص) فلا يتطرق اليه احتمال الاحباط اصلا .. ومن عجائب تلك الروايات ما رواه الصادق (ع) قال : كان الحسين (ع) ذات يوم في حجر النبي (ص) يلاعبه ويضاحكه . فقالت عائشة : ما اشد اعجابك بهذا الصبي ؟ فقال لها (ص) : وكيف لا احبه ولا اعجب به وه ثمرة فؤداي وقرة عيني . اما ان امتي ستقتله . فمن زاره بعد وفاته كتب الله تعالى له حجة من حججي . قالت : يا رسول الله حجة من حججك ؟ قال نعم وحجتين من خججي . قالت حجتين من حججك ؟ قال نعم واربعة ... قال الصادق (ع) : فلم تزل تزاده ويزيد ويضعف حتى بلغ تسعين حجة من حجج رسول الله (ص) باعمارها
الحالة التاسعة : ملاحظة حقوق الناس
وهي اني خفت ان يذهب بالعمل حقوقالناس فانه قد ورد انه يحشر من له اعمال تضيء في يوم القيامة فياخذها اهل المظالم وتحمل عليه ذنوب فيؤمر به الى النار ثم طرأت :
الحالة العاشرة: في فضيلةالبكاء
وقد حصلت بملاحظة ما ورد في وسيلة البكاء عليه من انه قد يترتب على الدمعة ثواب لا حد له فان مالا حد له لا ينفد ولو اخذ منه ما اخذ . ثم عرضت لي :
الحالة الحادية عشرة : تطرق الخوف
وذلك لاني رأيت في الروايات الكثيرة . ان شرط قبول الاعمال قبول الصلاة . فقلت : لعل صلاتي غير مقبولة واذا ردت رد ما سواها فكيف تقبل هذه الاعمال الحسينية .؟ وحينئذ اشكل علي الامر . وكاد ان يغلب علي القنوط لورود هذا الاحتمال . فمنّ الله تعالى علي برجاء انتهى اليه الامر . وبه رفع هذا الاحتمال
الحالة الثانية عشرة : حالة تأكد الرجاء
اذ قد تتابعت فيها وجوه اطمئنان القلب . وترادفت وجوه الامن . وسكون القلب متابعة تترى . وذلك بملاحظة خواص عجيبة لهذه الوسائل الحسينية منها : ان الشرط لقبول الصلاة التي هي شرط قبول الاعمال : الاقبال وينوب مناب الاقبال : النوافل الرواتب . فهي تؤثر في قبول الصلاة الواجبة . فاذا كانت مؤثرة في قبول الفرائض . فهذ الوسائل التي وردت في فضلها اضعاف الرواتب . تؤثر في القبول بطريق اولى .
ومنها : ان القبول والحبط انما يقعان في الاعمال والعبادات التي تقع من الشخص باختيار منه . وتكلف . وفي الوسائل الحسينية تترتب الاثار وان لم يصدر العمل باختيار وقصد . مثلا . الرقة على مصائبه والبكاء عليه قد يقعان بملاحظة انه امام مفترض الطاعة وهذان من الاعمال الصالحة . وقد تحصل الرقة والبكاء عليه من دون ملاحظة ذلك . فاذا سمعت ما جرى عليه . ولم تعرف عنه شيئا سوى انه من عباد الله او انه من المسلمين او انه مظلوم غريب . لغلبت عليك الرقة والبكاء على الاقل من ناحية ما اصاب الاطفال الصغار من الموت عطشا او القتل بالسيف على صدره او بالسهم على يديه او من داسته الخيول
وكذا هو حالك فيما لو سمعت بنزول هذا المصاب على مخالف للاسلام فان غاية ما يستحقه انما هي ضربة او جرح او قتلة . واما الرض بعد القتل والضرب على الرأس المبارك . وصلبه في عدة اماكن . والنبش للقبر بعد مائتي سنة . ... فهو امر مستنكر يوجب حصول الرقة وجري الدمع بلا اختيار . ومن اي شخص كان . هذا وقد روي ان يونس (ع) حينما كان في بطن الحوت سال قارون وهو يعذب في بطن الارض عن موسى وهارون وكلتم وآل عمران (ع) فلما اخبره بموتهم قال : واأسفاه على آل عمران . فشكر الله ذلك . ورفع عنه عذاب الدنيا . فكيف اخيب مع اسفي على ال ابراهيم (ع) وال عمران وال محمد (ص)
ومنها : ان المؤثرات الكلية القوية لو وجدت مع مانع من تاثيرها فانما يمنع الكلي ولا بد من بقاء جزئي لا محالة
وفي الوسائل بالحسين (ع) تاثيرات قوية اذا منعت صفاتي واعمالي عن تاثيرها التام فاقنع بتأثير جزئي منها . وذلك يكفيني
فأقول : وقد ورد من تاثير بعض زياراته . ان زائره يكون من الشفعاء في عشرة او مائة . او يقال له خذ بيد من احببت فادخله الجنة .. وحيث اني ارى نفسي وقد انفتحت علي الابواب السبعة من النار . بل واراها الان محيطة بسلاسلها واغلالها . بل وظهرت علي علائم الخلود فيها فلا اطمع ان اكون من الشفعاء في الحشر . بل اقنع بان ياخذ بيدي احد فيخلصني من اهوال القيامة . او اقنع بان اخرج من النار ولو بعد حين . فانجو من الخلود .. وقد ورد في فضل زيارته . ان زائره يكون من محدثي الله فوق عرشه . فأنا لست منهم . فاقنع من ذلك بان يكلمني ملك من ملائكة الرحمة .
وقد ورد في فضل زيارته . انه قد يكون الشخص بها من الساقين للكوثر وان لست باهل لذلك بل ارى نفسي في معرض ان اكون من الذين يقولون في النار لاهل الجنة ( ان افيضوا علينا من الماء) فاكتفي من هذه الوسيلة بان يسقيني احد الساقين للكوثر
وقد ورد في فضل زيارته انه قد بنال الشخص بها الاكل مع النبي(ص) في الجنة على مائدته . وانا لست اهلا لذلك فاكتفي بان اتخلص من اكل شجرة الزقوم . فهذه المؤثراتالقوية العظيمة لا يمكن من جهة الموانع ان لا يبقى من اثارها هذه الجزئية .. ومنها ان الوسائل الكثيرة بالنسبة اليه كما سنذكرها يمكن ان تجتمع كلها في ان اوحد . حتى ما مضى وقته ولم يأت وقته . وما يمكن الاتيان وما لا يمكن . وجميع المراتب منه فيمكن للشخص في ان واحد تحصيل جميعالوسائل من ادناها الذي هو التباكي عليه . واعلاها الذي هو الشهادة بين يديه . وبحصولها يحصل على جميع العبادات في ان واحد. وذلك انه لو انعقد مجلس مثلا لذكر مصائب الحسين (ع) وتذكر ما صنع به . وحصل فيه ابكاء . وبكاء وتباك وحزن وهم ورقة وتوجه القلب اليه مسلما ومصليا عليه مع اشعار القلب بجلالته . والمعرفة بحقه . وتصوير حالاته والاستعبار والجزع عليه وتمنى نصرته والشهادة بين يديه . فقد فاز بثواب كل الوسائل اليه . وعبد الله بجميع العبادات حتى الشهادة بين يديه . وسنذكر ما يدل على ذلك من الاخبار . ومع ذلك كله وعلاوة عليه يتصف ذلك المجلس بجميع صفات المشاهد الشريفة على ما يستفاد من الاخبار فيتصف باربع عشرة صفة :
الاول : انه مصلى لله تعالى يعني . محل صلواته على اهله
الثاني : انه مشهد للملائكة المقربين
الثالث: انه محل نيل الدعاء من النبي(ص) والوصي والزهرا والمجتبى (ع)
الرابع: انه منظر الحسين المظلوم(ع)
الخامس: انه محل خطابه لاهل المجلس ومكالمته معهم
السادس : انه محبوب للصادق (ع) بل لجميع اولياء الله تعالى من الاولين والاخرين
السابع : انه عرفة
الثامن : انه مشعر حرام
التاسع : انه حطيم
العاشر : انه مطاف لبيت الله تعالى
الحادي عشر : انه قبة الحسين (ع)
الثاني عشر : انه مخمد للنيران المشتعلة
الثالت عشر : انه منبع لماء في الجنان وهو ماء الحيوان
الرابع عشر : انه يصير تلو مجالس اولها قبل الخلق واخرها المحشر
وسيجيء تفصيل ذلك ان شاء الله تعالى
اذا تصورت ما قلته فكيف تتصور انك تخرج خاليا ايسا من هذه المشاهد مع هذه الحالات والعبادات واجتماع الصفات . فلو منعت الموانع من التاثيرات فقليل من ادنى اثر تاثيرات واحدة منها مما يستحيل عدمه :
قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل
وبعد تيقن ذلك ختمت المكالمة مع النفس . وتحقق الرجاء والواثق الخالص بالوسائل الحسينية . فتوجهت الى صاحبها وعقدت معه عقد الوسائل بتأليف كتاب جامع لخصائصه التي امتاز بها من جميع المخلوقات حتى الانبياء والائمة سلام الله عليهم. وسميته بخصائص الحسين (ع) ومزايا المظلوم (ع)
ارجو بفضل ربي ان يجعله لي في ظلمات القبر ضياءا ونورا . ومن مخاوف الفزع الاكبر امنا وسرورا . وعند ايتاء الكتب . كتاب الحسنات يخرجه لي القاه منشورا . وفي مخازي ذلك اليوم كرامة وحبورا ومدى الاعصار ذكرا موفورا بحول منه وقوة . ( وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب)
وفيه مقدمة ومقاصد
انتهت مقدمة المؤلف والحمد لله
تعليق