إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الشهداء امراء اهل الجنة ( الوعد الصادق) ذكرى سيد شهداء المقاومه الاسلاميه

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشهداء امراء اهل الجنة ( الوعد الصادق) ذكرى سيد شهداء المقاومه الاسلاميه

    http://<span style="font-size:20px">...?قاض</span>
    علياء حرب - 15/02/2007 - 22:05 |


    مع الشهداء حياةٌ تحت الأنقاض‏ علياء حرب السّابع والعشرون من شباط عام 1985، ...
    مع الشهداء حياةٌ تحت الأنقاض‏ علياء حرب السّابع والعشرون من شباط عام 1985، قبل عام وبضعة أيام على وجه التحديد كان اغتيال الشهيد الشيخ راغب
    حرب(رض)... إكتشف الصهاينة الغزاة حينها أن الشيخ الشهيد لم يمُتْ... بل بقيَ في الذاكرة والوجدان متربعاً على عرش القلوب التي عشقَتِ الجهاد بفضله...‏ اكتشفوا أن القتل ما كان ليجدي نفعاً مع رجل بمستوى الشيخ راغب (رض)... فما العمل؟‏
    في ذلك اليوم جاؤوا لاغتيال الرمز والذاكرة... لاغتيال كل ما يتعلق بالشيخ الشهيد... اغتيال المهد الطاهر... حتى المهد كان يخيفهم ويرعبهم!‏
    أحاطوا المنزل الذي ترعرع فيه راغب وكبر في أكنافه... البيت الذي عشق راغب جدرانه القديمة... وأثاثه البسيط... وباحته التي لطالما عمرَتْ بوجوده فيها... المنزل الذي آوى المجاهدين الأوائل في لحظات الشدة، أحاطوه بمتفجراتهم اللعينة...‏
    لم يكن قد مضى على ولادتي بضعة أيام... ونظراً لمجاورة منزل الشهيد (رض) منزلنا... ما كان على والدتي إلا أن تخرجني من المنزل بأية وسيلة بعد أن تمكنت من إرسال إخوتي الصغار وبينهم «حسن» الذي كان يكبرني بسبع سنوات تقريباً إلى مكانٍ آمن عند أحد الجيران.. ولم يبق إلا الصغيرة (أنا)... ووجودها في المنزل المجاور يشكل خطراً على حياتها... كانت جدتي برفقة والدتي... حاولتا معاً إقناع الجنود الصهاينة بضرورة الخروج من أجل الصغيرة قبل التفجير... لكن الجندي اللعين منعهما من الإنصراف رغم علمه بالأمر... وتشدق قائلاً: أدخلا المنزل وأغلقا الباب عليكما...‏
    رفضَتْ والدتي أن تذعن لإملاءات ذلك الجندي الخبيث... وتحيّنت الفرصة الملائمة لتلوذ بالفرار حتى تنقذ حياتي... ونجحت بذلك...‏
    مضت بي والدتي إلى منزل أحد الجيران الذي كان مكتظاً بالناس الذين جاورَتْ بيوتهم البيت المستهدف... كانت أصوات الملالات الإسرائيلية تبث الرعب في القلوب. فتشمئز منها النفوس الطاهرة... بعدها... كان الإغتيال... فجّر المحتلون منزل الجهاد والفداء... كانت والدتي قد وضعتني على سرير بجوارها... ولحظة وقوع الانفجار إنتشلتني بهلع وضمتني إلى حجرها وكأنها خافَتْ عليّ مكروهاً... فما كان ذلك حتى هوى جزءٌ من سقف الغرفة على السرير الذي كنت أرقدُ عليه منذ برهة! وأنقذتني أمي للمرة الثانية... أحست يومها بالسعادة.. لكنها لم تعُد تشعر بذلك لأنها لم تستطع أن تنقذ «حسن» من غدر الصهاينة في ذات اليوم من عام 1998 حيث استشهد في إحدى العمليات البطولية في بئر كلاب... واحتُجز جسده الطاهر...‏
    لكن حزني كان أعظم لأنني علمتُ وبعد استشهاد أخي الحبيب «حسن» أني ما كنت لأحيا إلا تحت أنقاض عمر «حسن» الوردي!‏


    بقية الله

    منقووووووووووول

  • #2
    http://<span style="font-size:20px">...?سين</span>
    07/02/2007 -


    إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية.
    أمراء الجنة شهيد الوعد الصادق‏ محمد الباقر قاسم عبد الحسين (هادي)
    بسم الله الرحمن الرحيم‏ (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)

    (الحديد: 19)‏ صدق الله العلي العظيم‏‏
    بطاقة الهوية‏ اسم الأم: منى محمد عبد الحسين‏‏ محل وتاريخ الولادة: حوش الرافقة 5 3 1988‏ الوضع العائلي: عازب‏‏ رقم السجل: 99‏
    محل وتاريخ الاستشهاد: مواجهة عيناتا 5 8 2006‏



    إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية. إنهم الجيل الذي حفظت أيديهم البندقية وتركت آثار بارودها عليها. انهم الرجال الذين وقفوا بوجه جحافل العدو الإسرائيلي بأعدادهم القليلة ليهزموه الهزيمة تلو الهزيمة، هؤلاء هم وحدهم الذين يحق لهم أن يحملوا من وطنهم الهوية. هؤلاء الصابرون، الراسخون، أبناء لبنان العظيم؛ «أبناء أشرف الناس وأطهر الناس».‏
    إنه منهم، في مقتبل عمره النديّ. كان قبل أن ينطلق إلى عمله وعند عودته منه يقبّلُ يد والدته طالباً الرضا. وعندما نادته الأرض نزف دماءه فوق ترابها طالباً الرضا (خذ يا ربي حتى ترضى).‏
    كان الموافق للسابع من شهر رجب، عندما فتح عينيه على الدنيا، فوجد نفسه في بيتٍ قامت دعائمه على الإيمان والتقوى، وشُيّدت جدرانه وسقفه بتفاصيل الجهاد.‏
    وعندما تجاوز عتبة منزلهم في حوش الرافقة، حيث ولد وترعرع، وجد نفسه في الشارع العريض للمقاومة. ونشأ على مشاهد انتصاراتها، وراياتها تُزرعُ فوق أعلى التلال التي جعل منها العدو مرصداً لحدود حزامه الأمني الشائكة.‏
    لم تنفصل الحياة الجهادية عن حياته الخاصة. كان فتى ذكياً واعياً، درج على الأخلاق النبيلة، والهدوء اللافت والألفة مع من حوله لدرجة ان كل من يتعرف عليه حديثاً يصبحُ صديقاً له، لما حملته شخصيته من صفات تجذبُ الألباب.‏


    هو مذ كان طفلاً عرف المعنى العميق ل«الأمومة»، ففي سن السادسة، قام ورفاقه بجمع مصروفهم اليومي ليشتروا هدية بمناسبة عيد الأم لمعلمتهم التي لم يرزقها الله أطفالاً، فوقف محمد الباقر وألقى كلمة جعلت عينيها تفيضان بالدمع، وهي تحضنه وتحمد الله على نعمه كلها.‏
    كان محمد الباقر يمشي في دروب حياته واثق الخطى، وقد التزم بالقيام بالواجبات الشرعية في عمر تسع سنوات، ودأب على أداء صلاته في المسجد. وفي يوم طلب منه إمام المسجد أن يتوضأ أمام المصلين من كبار السن، ليتفاجأ الجمعُ أن وضوءه صحيح فيما كان وضوء بعضهم باطلاً! ولم يطل محمد المدة ليصبحَ هو مؤذن الجامع الوحيد، الذي كان يصدحُ صوته (حي على خير العمل) في أرجاء القرية، وفيما بعد، إلى كل بقعة من أرض لبنان الحر.‏
    في المدرسة حيث الزملاء، عاشَ محمد عمره الطبيعي خلف مقاعد الدراسة. وفي المجتمع قضى معظم أوقاته مع رفاقٍ يكبرونه سناً ما جعل ذهنه يتفتح على كثير من الأمور، وليعايش شجون الحياة وهموم المجتمع، وليحمل على عاتقه الطري قضية الأمة.‏
    ولأن الزمن المر ألبسه لبوس الحرمان المُزين بالتعفف، خاض محمد غمار العمل وهو لا يزالُ منكباً على دفاتره وكتبه، ليقرن العلم بالعمل، ويكون ساعد والده في تعبيد طريق الحياة للعائلة، فكان رجلاً قبل أن يشبَّ، لا يتلكأ عن المبادرة في القيام بواجباته. فكان نعم الأخ والرفيق لأهله وإخوته. وكيف لا يكون كذلك، وقد قابل قساوة الدنيا بسماحة قلبه، وغدر الزمن بالعض على جرحه؟ ومهما استعر الألم لم يقل إلا ما يرضي الله عز وجل. وكما كان بارّاً بوالديه كان نعم الجار لأبناء بلدته الذين كان يسارع لخدمتهم ومساعدتهم، فهو لا يقوى على الجلوس إذا ما كان أحد ما يعمل، فكيف إذا كان العدو الصهيوني يحاول اجتياح البلاد، وهناك ثلة من المجاهدين يتصدون له؟‏
    وإلى جانب سعيه لتكوين شخصية واعية مثقفة وناضجة، كان عابداً في غار الشوق إلى الله، ومُنتظراً حقيقياً لصاحب الأمر (عج)، وممهداً بدمائه للظهور الأكبر. كان يجدد العهد بعد كل صلاة صبحٍ، ويذرف اشتياقه للولي الأعظم (عج)، موجهاً روحه شطر العراق، زائراً عن بعد الإمام الحسين(ع)، لينهل من كربلائه جوهر الإيمان الحقيقي. فتقلّد سيف الجهاد قبل أن تزهر أفنان عمره بزهر الربيع. وخضع للعديد من الدورات العسكرية والتخصصية، معتبراً كل خطوة يقوم بها في هذه الطريق، عبادة ليس فوقها عبادة؛ «أولسنا على حق؟ إذاً لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا».‏
    وبخطاه الثابتة سار في دار الممر إلى دار المقر. لم يرَ في الدنيا غير زيفها وغرورها فلم تخدعه بزبارجها، وقد أسرَّ لأمه بعد انتهائه من آخر دورة عسكرية أن العبادة الأولى ستكون «الشهادة بإذن الله».‏ وكانت الحرب؛ اشتعل قلبه شوقاً للالتحاق برفاقه. كانت الملاحم البطولية تُسطّر التاريخ في كل لبنان، ومحمد يسعى بكل جوارحه لأن يكون كلمة، أو حرفاً في ذلك الكتاب. لقد عاش عمره منتظراً لتلك اللحظة التي يؤذَن له فيها بالمشاركة بعملٍ جهادي، فكيف إذا كانت حرباً ستشكل بكل معطياتها مفصلاً للتاريخ والعالم بأسره؟‏
    لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما أُبلغ بأنه سيذهب إلى الجنوب. صار يمشي وكأن الهواء يحمله بين كفيه، وهو يعيد بغبطة: «لن أذهب رخيصاً بعد كل هذا التعب، وبعد أن أغادر شاهدوا المنار»، «رضاك يا أمي»، «كوني مرتاحة»، «لا تقلقي عليّ». وكان الوداع الأخير لأهله وأقربائه في 27 7 2006 ليلتحق مجدداً بصفوف المقاومة الإسلامية.‏
    إنها عيناتا، حاضرةُ العلم والجهاد. هناك كانت المواجهات من بيتٍ إلى بيتٍ، والعدو المكبّد بخسائر جمّة لم يعد يقوى على المكابرة، كما خسر في المبادرة، فها هو يتلقَّى الصفعة تلو الصفعة في جنوده النخبة من الألوية المختلفة. وكما مارون الرأس وبنت جبيل، كانت عيناتا الصابرة الصامدة تأبى الانكسار، وكيف لها ذلك وقد ضمّت بين جناحيها خيرة الرجال والشبان الذين أعاروا لله جماجمهم؟‏
    كان محمد الباقر، واحداً من أولئك الذين عانقت أجسادهم ترابها الأبي، وارتفعت أرواحهم الى حيث ينتظرهم صاحب الأمر والزمان؛ ليقلدهم وسامه وهم يؤدون تحية الشهادة له، وصوته رجعُ صدى لجدّه الإمام الحسين(ع): ما رأيت أصحاباً أوفى من أصحابي.‏


    بقية الله

    تعليق


    • #3
      http://<span style="font-size:20px">...?سين</span>
      07/02/2007 -


      إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية.
      أمراء الجنة شهيد الوعد الصادق‏ محمد الباقر قاسم عبد الحسين (هادي)
      بسم الله الرحمن الرحيم‏ (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)

      (الحديد: 19)‏ صدق الله العلي العظيم‏‏
      بطاقة الهوية‏ اسم الأم: منى محمد عبد الحسين‏‏ محل وتاريخ الولادة: حوش الرافقة 5 3 1988‏ الوضع العائلي: عازب‏‏ رقم السجل: 99‏
      محل وتاريخ الاستشهاد: مواجهة عيناتا 5 8 2006‏



      إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية. إنهم الجيل الذي حفظت أيديهم البندقية وتركت آثار بارودها عليها. انهم الرجال الذين وقفوا بوجه جحافل العدو الإسرائيلي بأعدادهم القليلة ليهزموه الهزيمة تلو الهزيمة، هؤلاء هم وحدهم الذين يحق لهم أن يحملوا من وطنهم الهوية. هؤلاء الصابرون، الراسخون، أبناء لبنان العظيم؛ «أبناء أشرف الناس وأطهر الناس».‏
      إنه منهم، في مقتبل عمره النديّ. كان قبل أن ينطلق إلى عمله وعند عودته منه يقبّلُ يد والدته طالباً الرضا. وعندما نادته الأرض نزف دماءه فوق ترابها طالباً الرضا (خذ يا ربي حتى ترضى).‏
      كان الموافق للسابع من شهر رجب، عندما فتح عينيه على الدنيا، فوجد نفسه في بيتٍ قامت دعائمه على الإيمان والتقوى، وشُيّدت جدرانه وسقفه بتفاصيل الجهاد.‏
      وعندما تجاوز عتبة منزلهم في حوش الرافقة، حيث ولد وترعرع، وجد نفسه في الشارع العريض للمقاومة. ونشأ على مشاهد انتصاراتها، وراياتها تُزرعُ فوق أعلى التلال التي جعل منها العدو مرصداً لحدود حزامه الأمني الشائكة.‏
      لم تنفصل الحياة الجهادية عن حياته الخاصة. كان فتى ذكياً واعياً، درج على الأخلاق النبيلة، والهدوء اللافت والألفة مع من حوله لدرجة ان كل من يتعرف عليه حديثاً يصبحُ صديقاً له، لما حملته شخصيته من صفات تجذبُ الألباب.‏


      هو مذ كان طفلاً عرف المعنى العميق ل«الأمومة»، ففي سن السادسة، قام ورفاقه بجمع مصروفهم اليومي ليشتروا هدية بمناسبة عيد الأم لمعلمتهم التي لم يرزقها الله أطفالاً، فوقف محمد الباقر وألقى كلمة جعلت عينيها تفيضان بالدمع، وهي تحضنه وتحمد الله على نعمه كلها.‏
      كان محمد الباقر يمشي في دروب حياته واثق الخطى، وقد التزم بالقيام بالواجبات الشرعية في عمر تسع سنوات، ودأب على أداء صلاته في المسجد. وفي يوم طلب منه إمام المسجد أن يتوضأ أمام المصلين من كبار السن، ليتفاجأ الجمعُ أن وضوءه صحيح فيما كان وضوء بعضهم باطلاً! ولم يطل محمد المدة ليصبحَ هو مؤذن الجامع الوحيد، الذي كان يصدحُ صوته (حي على خير العمل) في أرجاء القرية، وفيما بعد، إلى كل بقعة من أرض لبنان الحر.‏
      في المدرسة حيث الزملاء، عاشَ محمد عمره الطبيعي خلف مقاعد الدراسة. وفي المجتمع قضى معظم أوقاته مع رفاقٍ يكبرونه سناً ما جعل ذهنه يتفتح على كثير من الأمور، وليعايش شجون الحياة وهموم المجتمع، وليحمل على عاتقه الطري قضية الأمة.‏
      ولأن الزمن المر ألبسه لبوس الحرمان المُزين بالتعفف، خاض محمد غمار العمل وهو لا يزالُ منكباً على دفاتره وكتبه، ليقرن العلم بالعمل، ويكون ساعد والده في تعبيد طريق الحياة للعائلة، فكان رجلاً قبل أن يشبَّ، لا يتلكأ عن المبادرة في القيام بواجباته. فكان نعم الأخ والرفيق لأهله وإخوته. وكيف لا يكون كذلك، وقد قابل قساوة الدنيا بسماحة قلبه، وغدر الزمن بالعض على جرحه؟ ومهما استعر الألم لم يقل إلا ما يرضي الله عز وجل. وكما كان بارّاً بوالديه كان نعم الجار لأبناء بلدته الذين كان يسارع لخدمتهم ومساعدتهم، فهو لا يقوى على الجلوس إذا ما كان أحد ما يعمل، فكيف إذا كان العدو الصهيوني يحاول اجتياح البلاد، وهناك ثلة من المجاهدين يتصدون له؟‏
      وإلى جانب سعيه لتكوين شخصية واعية مثقفة وناضجة، كان عابداً في غار الشوق إلى الله، ومُنتظراً حقيقياً لصاحب الأمر (عج)، وممهداً بدمائه للظهور الأكبر. كان يجدد العهد بعد كل صلاة صبحٍ، ويذرف اشتياقه للولي الأعظم (عج)، موجهاً روحه شطر العراق، زائراً عن بعد الإمام الحسين(ع)، لينهل من كربلائه جوهر الإيمان الحقيقي. فتقلّد سيف الجهاد قبل أن تزهر أفنان عمره بزهر الربيع. وخضع للعديد من الدورات العسكرية والتخصصية، معتبراً كل خطوة يقوم بها في هذه الطريق، عبادة ليس فوقها عبادة؛ «أولسنا على حق؟ إذاً لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا».‏
      وبخطاه الثابتة سار في دار الممر إلى دار المقر. لم يرَ في الدنيا غير زيفها وغرورها فلم تخدعه بزبارجها، وقد أسرَّ لأمه بعد انتهائه من آخر دورة عسكرية أن العبادة الأولى ستكون «الشهادة بإذن الله».‏ وكانت الحرب؛ اشتعل قلبه شوقاً للالتحاق برفاقه. كانت الملاحم البطولية تُسطّر التاريخ في كل لبنان، ومحمد يسعى بكل جوارحه لأن يكون كلمة، أو حرفاً في ذلك الكتاب. لقد عاش عمره منتظراً لتلك اللحظة التي يؤذَن له فيها بالمشاركة بعملٍ جهادي، فكيف إذا كانت حرباً ستشكل بكل معطياتها مفصلاً للتاريخ والعالم بأسره؟‏
      لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما أُبلغ بأنه سيذهب إلى الجنوب. صار يمشي وكأن الهواء يحمله بين كفيه، وهو يعيد بغبطة: «لن أذهب رخيصاً بعد كل هذا التعب، وبعد أن أغادر شاهدوا المنار»، «رضاك يا أمي»، «كوني مرتاحة»، «لا تقلقي عليّ». وكان الوداع الأخير لأهله وأقربائه في 27 7 2006 ليلتحق مجدداً بصفوف المقاومة الإسلامية.‏
      إنها عيناتا، حاضرةُ العلم والجهاد. هناك كانت المواجهات من بيتٍ إلى بيتٍ، والعدو المكبّد بخسائر جمّة لم يعد يقوى على المكابرة، كما خسر في المبادرة، فها هو يتلقَّى الصفعة تلو الصفعة في جنوده النخبة من الألوية المختلفة. وكما مارون الرأس وبنت جبيل، كانت عيناتا الصابرة الصامدة تأبى الانكسار، وكيف لها ذلك وقد ضمّت بين جناحيها خيرة الرجال والشبان الذين أعاروا لله جماجمهم؟‏
      كان محمد الباقر، واحداً من أولئك الذين عانقت أجسادهم ترابها الأبي، وارتفعت أرواحهم الى حيث ينتظرهم صاحب الأمر والزمان؛ ليقلدهم وسامه وهم يؤدون تحية الشهادة له، وصوته رجعُ صدى لجدّه الإمام الحسين(ع): ما رأيت أصحاباً أوفى من أصحابي.‏


      بقية الله

      تعليق


      • #4
        شهيد الوعد الصادق: محمد الباقر قاسم عبد الحسين

        إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية.

        أمراء الجنة شهيد الوعد الصادق‏ محمد الباقر قاسم عبد الحسين (هادي)
        بسم الله الرحمن الرحيم‏ (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)

        (الحديد: 19)‏ صدق الله العلي العظيم‏‏
        بطاقة الهوية‏ اسم الأم: منى محمد عبد الحسين‏‏ محل وتاريخ الولادة: حوش الرافقة 5 3 1988‏ الوضع العائلي: عازب‏‏ رقم السجل: 99‏
        محل وتاريخ الاستشهاد: مواجهة عيناتا 5 8 2006‏



        إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية. إنهم الجيل الذي حفظت أيديهم البندقية وتركت آثار بارودها عليها. انهم الرجال الذين وقفوا بوجه جحافل العدو الإسرائيلي بأعدادهم القليلة ليهزموه الهزيمة تلو الهزيمة، هؤلاء هم وحدهم الذين يحق لهم أن يحملوا من وطنهم الهوية. هؤلاء الصابرون، الراسخون، أبناء لبنان العظيم؛ «أبناء أشرف الناس وأطهر الناس».‏
        إنه منهم، في مقتبل عمره النديّ. كان قبل أن ينطلق إلى عمله وعند عودته منه يقبّلُ يد والدته طالباً الرضا. وعندما نادته الأرض نزف دماءه فوق ترابها طالباً الرضا (خذ يا ربي حتى ترضى).‏
        كان الموافق للسابع من شهر رجب، عندما فتح عينيه على الدنيا، فوجد نفسه في بيتٍ قامت دعائمه على الإيمان والتقوى، وشُيّدت جدرانه وسقفه بتفاصيل الجهاد.‏
        وعندما تجاوز عتبة منزلهم في حوش الرافقة، حيث ولد وترعرع، وجد نفسه في الشارع العريض للمقاومة. ونشأ على مشاهد انتصاراتها، وراياتها تُزرعُ فوق أعلى التلال التي جعل منها العدو مرصداً لحدود حزامه الأمني الشائكة.‏
        لم تنفصل الحياة الجهادية عن حياته الخاصة. كان فتى ذكياً واعياً، درج على الأخلاق النبيلة، والهدوء اللافت والألفة مع من حوله لدرجة ان كل من يتعرف عليه حديثاً يصبحُ صديقاً له، لما حملته شخصيته من صفات تجذبُ الألباب.‏


        هو مذ كان طفلاً عرف المعنى العميق ل«الأمومة»، ففي سن السادسة، قام ورفاقه بجمع مصروفهم اليومي ليشتروا هدية بمناسبة عيد الأم لمعلمتهم التي لم يرزقها الله أطفالاً، فوقف محمد الباقر وألقى كلمة جعلت عينيها تفيضان بالدمع، وهي تحضنه وتحمد الله على نعمه كلها.‏
        كان محمد الباقر يمشي في دروب حياته واثق الخطى، وقد التزم بالقيام بالواجبات الشرعية في عمر تسع سنوات، ودأب على أداء صلاته في المسجد. وفي يوم طلب منه إمام المسجد أن يتوضأ أمام المصلين من كبار السن، ليتفاجأ الجمعُ أن وضوءه صحيح فيما كان وضوء بعضهم باطلاً! ولم يطل محمد المدة ليصبحَ هو مؤذن الجامع الوحيد، الذي كان يصدحُ صوته (حي على خير العمل) في أرجاء القرية، وفيما بعد، إلى كل بقعة من أرض لبنان الحر.‏
        في المدرسة حيث الزملاء، عاشَ محمد عمره الطبيعي خلف مقاعد الدراسة. وفي المجتمع قضى معظم أوقاته مع رفاقٍ يكبرونه سناً ما جعل ذهنه يتفتح على كثير من الأمور، وليعايش شجون الحياة وهموم المجتمع، وليحمل على عاتقه الطري قضية الأمة.‏
        ولأن الزمن المر ألبسه لبوس الحرمان المُزين بالتعفف، خاض محمد غمار العمل وهو لا يزالُ منكباً على دفاتره وكتبه، ليقرن العلم بالعمل، ويكون ساعد والده في تعبيد طريق الحياة للعائلة، فكان رجلاً قبل أن يشبَّ، لا يتلكأ عن المبادرة في القيام بواجباته. فكان نعم الأخ والرفيق لأهله وإخوته. وكيف لا يكون كذلك، وقد قابل قساوة الدنيا بسماحة قلبه، وغدر الزمن بالعض على جرحه؟ ومهما استعر الألم لم يقل إلا ما يرضي الله عز وجل. وكما كان بارّاً بوالديه كان نعم الجار لأبناء بلدته الذين كان يسارع لخدمتهم ومساعدتهم، فهو لا يقوى على الجلوس إذا ما كان أحد ما يعمل، فكيف إذا كان العدو الصهيوني يحاول اجتياح البلاد، وهناك ثلة من المجاهدين يتصدون له؟‏
        وإلى جانب سعيه لتكوين شخصية واعية مثقفة وناضجة، كان عابداً في غار الشوق إلى الله، ومُنتظراً حقيقياً لصاحب الأمر (عج)، وممهداً بدمائه للظهور الأكبر. كان يجدد العهد بعد كل صلاة صبحٍ، ويذرف اشتياقه للولي الأعظم (عج)، موجهاً روحه شطر العراق، زائراً عن بعد الإمام الحسين(ع)، لينهل من كربلائه جوهر الإيمان الحقيقي. فتقلّد سيف الجهاد قبل أن تزهر أفنان عمره بزهر الربيع. وخضع للعديد من الدورات العسكرية والتخصصية، معتبراً كل خطوة يقوم بها في هذه الطريق، عبادة ليس فوقها عبادة؛ «أولسنا على حق؟ إذاً لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا».‏
        وبخطاه الثابتة سار في دار الممر إلى دار المقر. لم يرَ في الدنيا غير زيفها وغرورها فلم تخدعه بزبارجها، وقد أسرَّ لأمه بعد انتهائه من آخر دورة عسكرية أن العبادة الأولى ستكون «الشهادة بإذن الله».‏ وكانت الحرب؛ اشتعل قلبه شوقاً للالتحاق برفاقه. كانت الملاحم البطولية تُسطّر التاريخ في كل لبنان، ومحمد يسعى بكل جوارحه لأن يكون كلمة، أو حرفاً في ذلك الكتاب. لقد عاش عمره منتظراً لتلك اللحظة التي يؤذَن له فيها بالمشاركة بعملٍ جهادي، فكيف إذا كانت حرباً ستشكل بكل معطياتها مفصلاً للتاريخ والعالم بأسره؟‏
        لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما أُبلغ بأنه سيذهب إلى الجنوب. صار يمشي وكأن الهواء يحمله بين كفيه، وهو يعيد بغبطة: «لن أذهب رخيصاً بعد كل هذا التعب، وبعد أن أغادر شاهدوا المنار»، «رضاك يا أمي»، «كوني مرتاحة»، «لا تقلقي عليّ». وكان الوداع الأخير لأهله وأقربائه في 27 7 2006 ليلتحق مجدداً بصفوف المقاومة الإسلامية.‏
        إنها عيناتا، حاضرةُ العلم والجهاد. هناك كانت المواجهات من بيتٍ إلى بيتٍ، والعدو المكبّد بخسائر جمّة لم يعد يقوى على المكابرة، كما خسر في المبادرة، فها هو يتلقَّى الصفعة تلو الصفعة في جنوده النخبة من الألوية المختلفة. وكما مارون الرأس وبنت جبيل، كانت عيناتا الصابرة الصامدة تأبى الانكسار، وكيف لها ذلك وقد ضمّت بين جناحيها خيرة الرجال والشبان الذين أعاروا لله جماجمهم؟‏
        كان محمد الباقر، واحداً من أولئك الذين عانقت أجسادهم ترابها الأبي، وارتفعت أرواحهم الى حيث ينتظرهم صاحب الأمر والزمان؛ ليقلدهم وسامه وهم يؤدون تحية الشهادة له، وصوته رجعُ صدى لجدّه الإمام الحسين(ع): ما رأيت أصحاباً أوفى من أصحابي.‏

        تعليق


        • #5
          شهيد الوعد الصادق: محمد الباقر قاسم عبد الحسين


          إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص من الأبناء. إنهم أباةالضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكن جباههم الأبية.
          أمراء الجنة شهيد الوعد الصادق‏ محمد الباقر قاسم عبدالحسين (هادي)
          بسم اللهالرحمن الرحيم‏ (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)
          (الحديد: 19)‏صدق الله العلي العظيم‏‏
          بطاقة الهوية‏اسمالأم: منى محمدعبد الحسين‏‏محل وتاريخ الولادة: حوش الرافقة 5 3 1988‏الوضعالعائلي: عازب‏‏رقم السجل: 99
          محل وتاريخالاستشهاد: مواجهة عيناتا 5 8 2006‏



          إنه التراب الذي يُنبتُ العزمَ كما الأرضُ تلدُ الخُلّص منالأبناء. إنهم أباة الضيم، يركبون لُجَج الصعاب، ولا يخافون المنية، لأنها تسكنجباههم الأبية. إنهم الجيل الذي حفظت أيديهم البندقية وتركت آثار بارودها عليها. انهم الرجال الذين وقفوا بوجه جحافل العدو الإسرائيلي بأعدادهم القليلة ليهزموهالهزيمة تلو الهزيمة، هؤلاء هم وحدهم الذين يحق لهم أن يحملوا من وطنهم الهوية. هؤلاء الصابرون، الراسخون، أبناء لبنان العظيم؛ «أبناء أشرف الناس وأطهر الناس».‏
          إنه منهم، في مقتبل عمره النديّ. كان قبل أن ينطلق إلى عمله وعندعودته منه يقبّلُ يد والدته طالباً الرضا. وعندما نادته الأرض نزف دماءه فوق ترابهاطالباً الرضا (خذ يا ربي حتى ترضى).‏
          كان الموافق للسابع من شهر رجب، عندما فتح عينيه على الدنيا، فوجدنفسه في بيتٍ قامت دعائمه على الإيمان والتقوى، وشُيّدت جدرانه وسقفه بتفاصيلالجهاد.‏
          وعندما تجاوز عتبة منزلهم في حوش الرافقة، حيث ولد وترعرع، وجدنفسه في الشارع العريض للمقاومة. ونشأ على مشاهد انتصاراتها، وراياتها تُزرعُ فوقأعلى التلال التي جعل منها العدو مرصداً لحدود حزامه الأمني الشائكة.‏
          لم تنفصل الحياة الجهادية عن حياته الخاصة. كان فتى ذكياً واعياً،درج على الأخلاق النبيلة، والهدوء اللافت والألفة مع من حوله لدرجة ان كل من يتعرفعليه حديثاً يصبحُ صديقاً له، لما حملته شخصيته من صفات تجذبُ الألباب.‏


          هو مذ كان طفلاً عرف المعنى العميق ل«الأمومة»، ففي سن السادسة،قام ورفاقه بجمع مصروفهم اليومي ليشتروا هدية بمناسبة عيد الأم لمعلمتهم التي لميرزقها الله أطفالاً، فوقف محمد الباقر وألقى كلمة جعلت عينيها تفيضان بالدمع، وهيتحضنه وتحمد الله على نعمه كلها.‏
          كان محمد الباقر يمشي في دروب حياته واثق الخطى، وقد التزمبالقيام بالواجبات الشرعية في عمر تسع سنوات، ودأب على أداء صلاته في المسجد. وفييوم طلب منه إمام المسجد أن يتوضأ أمام المصلين من كبار السن، ليتفاجأ الجمعُ أنوضوءه صحيح فيما كان وضوء بعضهم باطلاً! ولم يطل محمد المدة ليصبحَ هو مؤذن الجامعالوحيد، الذي كان يصدحُ صوته (حي على خير العمل) في أرجاء القرية، وفيما بعد، إلىكل بقعة من أرض لبنان الحر.‏
          في المدرسة حيث الزملاء، عاشَ محمد عمره الطبيعي خلف مقاعدالدراسة. وفي المجتمع قضى معظم أوقاته مع رفاقٍ يكبرونه سناً ما جعل ذهنه يتفتح علىكثير من الأمور، وليعايش شجون الحياة وهموم المجتمع، وليحمل على عاتقه الطري قضيةالأمة.‏
          ولأن الزمن المر ألبسه لبوس الحرمان المُزين بالتعفف، خاض محمدغمار العمل وهو لا يزالُ منكباً على دفاتره وكتبه، ليقرن العلم بالعمل، ويكون ساعدوالده في تعبيد طريق الحياة للعائلة، فكان رجلاً قبل أن يشبَّ، لا يتلكأ عنالمبادرة في القيام بواجباته. فكان نعم الأخ والرفيق لأهله وإخوته. وكيف لا يكونكذلك، وقد قابل قساوة الدنيا بسماحة قلبه، وغدر الزمن بالعض على جرحه؟ ومهما استعرالألم لم يقل إلا ما يرضي الله عز وجل. وكما كان بارّاً بوالديه كان نعم الجارلأبناء بلدته الذين كان يسارع لخدمتهم ومساعدتهم، فهو لا يقوى على الجلوس إذا ماكان أحد ما يعمل، فكيف إذا كان العدو الصهيوني يحاول اجتياح البلاد، وهناك ثلة منالمجاهدين يتصدون له؟‏
          وإلى جانب سعيه لتكوين شخصية واعية مثقفة وناضجة، كان عابداً فيغار الشوق إلى الله، ومُنتظراً حقيقياً لصاحب الأمر (عج)، وممهداً بدمائه للظهورالأكبر. كان يجدد العهد بعد كل صلاة صبحٍ، ويذرف اشتياقه للولي الأعظم (عج)، موجهاًروحه شطر العراق، زائراً عن بعد الإمام الحسين(ع)، لينهل من كربلائه جوهر الإيمانالحقيقي. فتقلّد سيف الجهاد قبل أن تزهر أفنان عمره بزهر الربيع. وخضع للعديد منالدورات العسكرية والتخصصية، معتبراً كل خطوة يقوم بها في هذه الطريق، عبادة ليسفوقها عبادة؛ «أولسنا على حق؟ إذاً لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموتعلينا».‏
          وبخطاه الثابتة سار في دار الممر إلى دار المقر. لم يرَ في الدنياغير زيفها وغرورها فلم تخدعه بزبارجها، وقد أسرَّ لأمه بعد انتهائه من آخر دورةعسكرية أن العبادة الأولى ستكون «الشهادة بإذن الله».‏ وكانت الحرب؛ اشتعل قلبهشوقاً للالتحاق برفاقه. كانت الملاحم البطولية تُسطّر التاريخ في كل لبنان، ومحمديسعى بكل جوارحه لأن يكون كلمة، أو حرفاً في ذلك الكتاب. لقد عاش عمره منتظراً لتلكاللحظة التي يؤذَن له فيها بالمشاركة بعملٍ جهادي، فكيف إذا كانت حرباً ستشكل بكلمعطياتها مفصلاً للتاريخ والعالم بأسره؟‏
          لم تسعه الدنيا من الفرحة عندما أُبلغ بأنه سيذهب إلى الجنوب. صاريمشي وكأن الهواء يحمله بين كفيه، وهو يعيد بغبطة: «لن أذهب رخيصاً بعد كل هذاالتعب، وبعد أن أغادر شاهدوا المنار»، «رضاك يا أمي»، «كوني مرتاحة»، «لا تقلقيعليّ». وكان الوداع الأخير لأهله وأقربائه في 27 7 2006 ليلتحق مجدداً بصفوفالمقاومة الإسلامية.‏
          إنها عيناتا، حاضرةُ العلم والجهاد. هناك كانت المواجهات من بيتٍإلى بيتٍ، والعدو المكبّد بخسائر جمّة لم يعد يقوى على المكابرة، كما خسر فيالمبادرة، فها هو يتلقَّى الصفعة تلو الصفعة في جنوده النخبة من الألوية المختلفة. وكما مارون الرأس وبنت جبيل، كانت عيناتا الصابرة الصامدة تأبى الانكسار، وكيف لهاذلك وقد ضمّت بين جناحيها خيرة الرجال والشبان الذين أعاروا لله جماجمهم؟‏
          كان محمد الباقر، واحداً من أولئك الذين عانقت أجسادهم ترابهاالأبي، وارتفعت أرواحهم الى حيث ينتظرهم صاحب الأمر والزمان؛ ليقلدهم وسامه وهميؤدون تحية الشهادة له، وصوته رجعُ صدى لجدّه الإمام الحسين(ع): ما رأيت أصحاباًأوفى من أصحابي.‏

          تعليق


          • #6
            وما رميت إذ رميت‏‏
            04/02/2007 -


            مع هبوب نسمات الفجر الباردة في أيلول، وتحت قبة السماء التي أخذت تغزوها خيوط الضوء الأولى، كنا قد توزعنا عند تلك التلة المنحدرة نحيط ساتر الموقع الذي تفصلنا عنه


            مع هبوب نسمات الفجر الباردة في أيلول، وتحت قبة السماء التي أخذت تغزوها خيوط الضوء الأولى، كنا قد توزعنا عند تلك التلة المنحدرة نحيط ساتر الموقع الذي تفصلنا عنه بضعة أمتار. كانت تلك الفسحة مفروشة بحصى صغيرة، لم يكن من الممكن أن يكتشفنا الجنود في الدشم لكن دحرجة حجر واحد ستثير انتباههم في ظل الصمت المخيم. كان الترقب جاثماً على الصدور، فيما تقدم عباس يتسلق على مهل شديد، راقبناه مسددين بنادقنا نحو الدشم المطلة.

            ‏‏
            وصل عباس إلى أقدام الساتر الرملي دون أي حادث، فتهيأت لكي أتقدم، بضعة أمتار لا غير سأقطعها... بضعة أمتار... بضع لحظات تفصلنا عن مفاجأة العدو... أطرقت بنظري نحو الأرض، وتبينت مواقع قدمي... هذا حجر كبير لعله ثابت وهذا آخر بعده... تقدمت بخطوة أولى فثانية، في هذه اللحظات كل أعصابي متحفزة ثائرة، الكل في الخلف ينتظرون على بعد خطوة واحدة من الشهادة أو النصر... تبينت طريقي كرة أخرى، خطوة فأخرى فثالثة، ها هو الساتر الرملي.‏‏

            في هذه اللحظة لوحت الريح ذرات التراب في الساتر الرملي مثيرة زوبعة صغيرة أمامي، فدخلت إحدى الذرات عيني، أغمضتها ووضعت قدمي على التراب وحركت الأخرى فانزلقت الحجارة التي كانت تحتها وجرت خلفها قرقعة طويلة، انخفضت وانحنيت تحت الساتر... لقد انكشفنا... ثوان واشتعلت منافذ الدشم لتصب حمم الرصاص الثقيل زخة إثر زخة تمزق بدويها حبل الصمت.‏‏

            بدأنا نطلق النار على الدشم، وكان أبو حسن وجوشن ورائد قد تقدموا نحو الساتر وبدأوا يطلقون النار، فيما احتمى الباقون تحت جنح الظلام بانحدار التلة متخذين بعض الصخور والآكام متاريس لهم يطلقون من خلفها، وتقدم محسن بمدفع صاروخي صغير وأطلق قذيفة نحو إحدى الدشم، ثم بدأت قذائف الهاون تتساقط حول الساتر مثيرة الفوضى بين الصفوف، إلا أن أحداً منا لم يصب حتى الآن.‏‏

            لقد تبددت المفاجأة ولا بد من الإنسحاب.. نعم... هذا ما سنفعله... لا لا، لن نعطيهم الظهور، لا... ولكن لن تنجح أية محاولة للالتفاف مع غزارة النيران وكثرة الدشم. وسط الإشتباك العنيف اشتبكت في جمجمتي تساؤلات أشد عنفاً. كان الشباب يقبعون خلف الصخور ويتراجعون خطوة إثر أخرى، لقد فشلنا... فشلت المهمة لحظة تبددت المفاجأة... ماذا سنفعل، ماذا سنفعل، مستلقياً على الساتر الرملي والرصاصات تئز فوق رأسي، أطرقت لحظة: نحن مكشوفون تماماً لا يمكننا التقدم خطوة واحدة، ولكن إذا تسللنا من بين الدشم والظلام لم ينحسر بعد، ربما استطعنا الالتفاف عليهم، ولكن بكم شهيد سنعود... هه؟ قذائف الهاون لا تزال تتساقط بهدير يهز الأرض تحتنا محيلة آخر عتمات الليل إلى نهار ساطع، وسمعت فوق رأسي وشوشة شظاياها تمزق الهواء، وعبق الجو برائحة البارود الكريهة. في تلك اللحظة بالذات، وسط قذائف الأقدار، أحسست بقوة غير مسبوقة، ورأيتني أصعد الساتر وهتفت بالرجال:‏‏

            عباس... أبا حسن.. رائد... جوشن هيا تقدموا... تقدموا...‏‏
            وصل عباس إلى أقدام الساتر الرملي دون أي حادث، فتهيأت لكي أتقدم، بضعة أمتار لا غير سأقطعها... بضعة أمتار... بضع لحظات تفصلنا عن مفاجأة العدو... أطرقت بنظري نحو الأرض، وتبينت مواقع قدمي... هذا حجر كبير لعله ثابت وهذا آخر بعده... تقدمت بخطوة أولى فثانية، في هذه اللحظات كل أعصابي متحفزة ثائرة، الكل في الخلف ينتظرون على بعد خطوة واحدة من الشهادة أو النصر... تبينت طريقي كرة أخرى، خطوة فأخرى فثالثة، ها هو الساتر الرملي.‏‏

            في هذه اللحظة لوحت الريح ذرات التراب في الساتر الرملي مثيرة زوبعة صغيرة أمامي، فدخلت إحدى الذرات عيني، أغمضتها ووضعت قدمي على التراب وحركت الأخرى فانزلقت الحجارة التي كانت تحتها وجرت خلفها قرقعة طويلة، انخفضت وانحنيت تحت الساتر... لقد انكشفنا... ثوان واشتعلت منافذ الدشم لتصب حمم الرصاص الثقيل زخة إثر زخة تمزق بدويها حبل الصمت.‏‏

            بدأنا نطلق النار على الدشم، وكان أبو حسن وجوشن ورائد قد تقدموا نحو الساتر وبدأوا يطلقون النار، فيما احتمى الباقون تحت جنح الظلام بانحدار التلة متخذين بعض الصخور والآكام متاريس لهم يطلقون من خلفها، وتقدم محسن بمدفع صاروخي صغير وأطلق قذيفة نحو إحدى الدشم، ثم بدأت قذائف الهاون تتساقط حول الساتر مثيرة الفوضى بين الصفوف، إلا أن أحداً منا لم يصب حتى الآن.‏‏
            لقد تبددت المفاجأة ولا بد من الإنسحاب.. نعم... هذا ما سنفعله... لا لا، لن نعطيهم الظهور، لا... ولكن لن تنجح أية محاولة للالتفاف مع غزارة النيران وكثرة الدشم. وسط الإشتباك العنيف اشتبكت في جمجمتي تساؤلات أشد عنفاً. كان الشباب يقبعون خلف الصخور ويتراجعون خطوة إثر أخرى، لقد فشلنا... فشلت المهمة لحظة تبددت المفاجأة... ماذا سنفعل، ماذا سنفعل، مستلقياً على الساتر الرملي والرصاصات تئز فوق رأسي، أطرقت لحظة: نحن مكشوفون تماماً لا يمكننا التقدم خطوة واحدة، ولكن إذا تسللنا من بين الدشم والظلام لم ينحسر بعد، ربما استطعنا الالتفاف عليهم، ولكن بكم شهيد سنعود... هه؟ قذائف الهاون لا تزال تتساقط بهدير يهز الأرض تحتنا محيلة آخر عتمات الليل إلى نهار ساطع، وسمعت فوق رأسي وشوشة شظاياها تمزق الهواء، وعبق الجو برائحة البارود الكريهة. في تلك اللحظة بالذات، وسط قذائف الأقدار، أحسست بقوة غير مسبوقة، ورأيتني أصعد الساتر وهتفت بالرجال:‏‏

            عباس... أبا حسن.. رائد... جوشن هيا تقدموا... تقدموا...‏‏

            وسددت الرشاش على الدشمة أمامي، أطلقت بضعة زخات ثم تلفت للخلف فأبصرت أبا علي يطلق النار من خلف أكمة صغيرة:‏‏

            أبا علي... هيا إلى الأمام... إلى الأمام... هيا جميعاً...‏‏


            وعدوت وأنا أصعد الساتر، صارخاً من أعماق مجهولة:‏‏

            الله اكبر الله اكبر لبيك يا نصر الله

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, اليوم, 07:21 AM
            ردود 2
            12 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة ibrahim aly awaly
            بواسطة ibrahim aly awaly
             
            يعمل...
            X