إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

خطبة النبي الأكرم يوم الغدير كاملة بأسانيدها

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة النبي الأكرم يوم الغدير كاملة بأسانيدها

    خطبة النبي الأكرم يوم الغدير كاملة بأسانيدها
    --------------------------------------

    بسم الله الرحمن الرحيم:يظهر من سطور تاريخ الغدير من بين مائة وعشرين ألف رجل الذين حضروا مجمع غدير خم وأصغوا وسمعوا جماعة كثيرة رواة الحديث من الكتاب والمؤلفين المربوطة بالغدير والذي ظفرنا عليه لإعلام النسل الآتي وإبقاء الذكرى إلى ما شاء الله وللتحقيق الزايد من أعظم مكتبات العالم .أول من جمع ودوّن الآحاديث الراجعه إلى غدير خم أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري الآملي المتولد سنة 224 والمتوفي سنة 310 فإنه ألف كتابا ًوسّماه الولاية وذكر فيه أكثر من نيف وسبعين طريقاً.وألف أيضاً كتابا ًسماه فضائل علي بن أبي طالب كما نقله الحموي في معجم الأدباء (ص80 ج18)وألف أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بالحافظ ابن عقدة المتوفي سنة (333)كتاباً سماه الولاية في طرق حديث الغدير الذي نقله عن مائة وخمس طريق

    كما نقل عن تهذيب النبوة (ص337 ج7)أبو بكر محمد بن عمرو بن سالم التميمي البغدادي المعروف بالجعابي المتوفى سنة(355)نقله عن مائة وخمس وعشرين طريق ,أبو طالب عبدالله بن أحمد بن زيد الأنباري المتوفى سنة(356)وسماه طريق حديث الغدير ,كما نقله النجاشي (ص161),أبو غالب أحمد بن محمد بن محمد الزراري المتوفى سنة (368),أبو الفضل ابن محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني المتوفى سنة(372)بنقل النجاشي,الحافظ علي بن عمر الدار قطني البغدادي المتوفى سنة(385)على مانقله الكنجي الشافعي في الكفاية (ص15).

    وجماعة كثيرة من الذين ألفوا ستة وعشرين كتاباً مستقلاً في وقعة الغدير غير الكتب الذي لم نظفر عليها وأهمها كتاب عبقات الأنوار تأليف المير حامد حسين اللكهنوي المتوفى سنة(1360)في اثني عشر مجلد ,وألف ولده السيد ناصر حسين ثماني مجلدات وأضاف عليها فصار عشرون مجلد.ومن الأصحاب أكثر من ألف نفر ومن التابعين (84 نفر نقلوه)ومن العلماء 353 كتاباً معتبراً إلى زماننا هذا في هذا الموضوع العظيم.وأحمد بن حنبل بأربعين طريق ,ومحمد بن جرير الطبري بخمس وسبعين طريق ,والجزري المقري بثمانين طريق وابن عقدة بمائة وخمس طريق والسجستاني بمائة وعشرين طريق,والجعابي بمائة وخمس وعشرين طريق والأمير محمد اليماني بمائة وخمسين طريق هذا ما استخرجه مؤلف الكتاب الأستاذ حسين عماد زاده وفقه الله تعالى .

    بسم الله الرحمن الرحيم :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعد أن جماعة من المؤمنين طلبوا مني أن أكتب وأعد لهم أسماء ورواة الخطبة والحديث وناقليها وهم كثيرون لا يمكنني أن أذكر أسماء جميعهم ولكن من باب مالا يدرك كله لا يترك كله أنقل الميسور منهم وفيه الكفاية وهذا هو أسمائهم,أبو هريرة الدوسي المتوفى سنة(57-59)كما نقله تاريخ بغداد(ص290ج8),أبو ليلى الأنصاري المقتول في صفين سنة(37)على نقل مناقب الخوارزمي(ص35),أبو زينب ابن عوف الأنصاري عن أسد الغابة(ص307ج3),أبو فضالة الأنصاري مقتول في صفين أسد الغابة(ص307ج3),أبو قدامة الأنصاري قتيل يوم الحربة عن أسد الغابة(ص276ج3),أبو عمرة ابن عمرو بن محصن الأنصاري بنقل أسد الغابة(ص307ج3),أبو الهيثم بن نبهان قتيل صفين سنة(37)نقلاً عن ابن عقدة في مقتل الخوارزمي(ص67),أبو رافع قبطي مولى رسول الله (ص وآله) في حديث الولاية نقلاً عن الخوارزمي الغدير(ص16ج1),أبو زويت خويلد المتوفى في خلافة عثمان عن الخوارزمي,أبو بكر بن أبي قحافة المتوفى سنة(13)نقلاً عن أبي بكر الجعابي في النجب,أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي المتوفى سنة(54)نقلاً عن نخب المناقب,أبي بن كعب الأنصاري الخزرجي رئيس القراء المتوفى سنة(30-32)
    نقلاً عن نخب المناقب,أسعد بن زرارة الأنصاري نقلاً عن ابن عقدة في سني المطالب ,أسماء بنت عميس الخثعمية نقلاً عن ابن عقدة في كتاب الولاية,أم سلمة طاهرة زوجة رسول الله(ص وآله)نقلاً عن ابن عقدة عن عمرو بن سعيد في ينابيع المودة(ص40),أم هانئ بنت أبي طالب نقلاً عن ينابيع المودة للقندوزي(ص40),أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله (ص وآله)المتوفى سنة(93)نقلاً عن خطيب بغداد(ص477ج7),براء بن عازب الأنصاري الأويسي المقيم في الكوفة المتوفى سنة(72)نقلاً عن مسند أحمد بن حنبل(281ج4),يزيد بن خصيب أبو سهل الأسلمي المتوفى سنة(63)نقلاً عن مستدرك الحاكم (ص110ج3),أبو سعيد ثابت بن وديعة الأنصاري الخزرجي المدني نقلاً عن ابن عقدة في أسد الغابة(307ج3),جابر بن سمرة بن جنادة كوفي الإقامة المتوفى سنة(74)نقلاً عن ابن عقدة في كنز العمال (ص398ج3),جابر بن عبد الله الأنصاري المتوفى في المدينة سنة(78) وقد عمّر أربع وتسعين سنة نقلاً عن استيعاب ابن عبد البر (ص473ج2),جبلة بن عمرو الأنصاري بنقل ابن عقدة في حديث الولاية,جبير بن مطعم بن عبد قرشي المتوفى سنة(59)نقلاً عن قاضي بهلول بهجت(ص68)في تاريخ آل محمد(ص وآله),جرير بن عبد الله بن جابر البجلي المتوفى سنة(54)نقلاً عن مجمع الزوايد للحافظ الهيثمي(ص106ج9),أبو ذر جندب بن جنادة الغفاري المتوفى سنة(31)في حديث الولاية نقلاً عن فرائد السمطين وأسنى المطالب(ص85),أبو جنيدة جندع بن عمر وبن مازن الأنصاري عن أسد الغابة(ص308ج1)
    حبة بن جوين أبو قدامة عربي بجلي المتوفى سنة(79)نقل عن ابن عقدة في أسد الغابة(ص367ج1),حبشي بن جنادة السلولي كوفي الإقامة قتل يوم المناشدة بنقل أصبغ بن نباتة في أسد الغابة(ص307ج3),حبيب بن بديل بن ورقاء خزاعي نقل عن ابن عقدة في الإصابة(ص304ج1),
    حذيفة بن أسيد أبو سريحة غفاري الذي من أصحاب الشجرة المتوفى سنة(42)بنقل ينابيع المودة(ص38),حذيفة بن اليمان اليماني المتوفى سنة(36)نقلاً عن ابن عقدة في أسنى المطالب وابن حجر في التقريب(ص82),

    حسان بن ثابت الشاعر الشهير مادح رسول الله نظماً ونثراً,السبط الأكبر الحسن المجتبى نقلاً عن ابن عقدة والجعابي في النخب والخوارزمي وغيره,السبط الأصغر الحسين الشهيد(ع)نقلاً عن ابن عقدة ومئات الكتب كحلية الأولياء لأبي نعيم(ص64ج9)وغيره,أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري المقتول في حرب الروم سنة(52) نقله محب الدين الطبري في رياض النظرة(ص169ج2),أبو سليمان خالد ابن الوليد بن المغيرة المخزومي المتوفى سنة(22)نقله الجعابي في النخب,خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين مقتول في صفين سنة(37)نقلاً ابن عقدة في أسد الغابة(ص307ج3),أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعي مقيم في المدينة المتوفى سنة(68)شاهد يوم المناشدة في حديث الغدير,رفاعة بن عبد منذر الأنصاري نقلاً عن ابن عقدة والجعابي وكتاب الغدير لمنصور الرازي,زبير بن العوام قرشي مقتول سنة(36)رواه ابن عقدة عن حافظ المغازلي في رواة الغدير .زيد بن أرقم الأنصاري الخزرجي المتوفى سنة(68)بنقل مسند أحمد بن حنبل (ص368ج4)ومئات من الكتب,أبو سعيد زيد بن ثابت المتوفى سنة(48)بنقل ابن عقدة في أسنى المطالب,زيد بن يزيد بن شراحيل الأنصاري شاهد يوم المناشدة على ما نقله ابن عقدة في أسد الغابة(ص233ج2),زيد بن عبد الله الأنصاري نقله ابن عقدة في حديث الولاية,أبو اسحاق سعد بن أبي وقاص المتوفى سنة(58)نقله حافظ النسائي في الخصايص (ص3),سعد بن جنادة عوفي وأبوه عطية نقله ابن عقدة ومقتل الخوارزمي,سعدبن عبادة الأنصاري الخزرجي المتوفى سنة(15)نقله ابوبكرالجعابي في نخب المناقب ,أبو سعيد سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الخدري المتوفى سنة(74)مدفون في البقيع نقله ابن عقدة,سعيد بن زيد القرشي العدوي المتوفى سنة(51)نقله ابن المغازلي,سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري نقله ابن عقدة في كتاب الولاية ,ابو عبد الله سلمان الفارسي المتوفى سنة(37)رواه ابن عقدة والجعابي والحمويني الشافعي,ابو مسلم سلمة بن عمرو الأسلمي المتوفى سنة(74)نقله ابن عقدة,ابو سليمان سمرة بن جندب الفزاري المتوفى في البصرة سنة(60) نقله ابن عقدة, سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي المتوفى سنة(38)نقله ابن عقدة في أسد الغابة(ص307ج3),ابو العباس سهل بن سعد الأنصاري الخزرجي الساعدي المتوفى سنة(91)ذكر في ينابيع المودة(ص38),أبو أمامة الصدري العجلاني الباحلي كان يسكن الشام المتوفى سنة(86)نقله ابن عقدة,ضميرة الأسدي عن رواية حديث الغدير في حديث الولاية,طلحة بن عبد الله التميمي قتل يوم الجمل سنة(36)وعمره(63سنة)نقله مروج الذهب للمسعودي(ص11ج2),عامر بن عمير النميري على ما رواه ابن عقدة عن الاصابة لابن حجر العسقلاني(ص255ج2),عامر بن ليلى الغفاري كما روي في الاصابة (ج2),عامر بن ليلى بن حمزة كما رواها بن عقدة في أسد الغابة(ص92ج3),ابو الطفيل عامر بن واثلة المتوفى سنة(110)على مانقله مسند أحمد(ص118ج1),عايشة بنت ابي بكر ابن ابي قحافة زوجة رسول الله (ص وآله) كما نقله ابن عقدة في حديث الولاية,العباس بن عبد المطلب بن هاشم عم رسول الله المتوفي سنة(32)عن طريق ابن عقدة عن الجزري في اسنى المطالب(ص47ج1),عبد الرحمن بن عبد رب الأنصاري من شهود يوم رحبة كما نقله ابن الأثير في أسد الغابة(ص307ج2),ابو محمد عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري المتوفى سنة(32)عن كتاب الغدير لمنصور الرازي(ص47),عبد الرحمن بن يعمر الديلي أو الديلمي مقيم الكوفة كما نقله ابن عقدة,عبد الله بن ابي عبد الاسد المخزومي كما نقله ابن عقدة,عبد الله بن بشير المازني كما نقله ابن عقدة,عبد الله بن بديل بن ورقاء شيخ خزاعة قتل في صفين وهو من شهود أمير المؤمنين (ع)على ما نقله ابن عقدة,عبد الله بن ثابت الأنصاري من شهود يوم الغدير كما نقله تاريخ آل محمد(ص وآله)(ص67),عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي المتوفى سنة(80)واحتج مع معاوية في هذا الموضوع على مانقله ابن عقدة ,عبد الله بن حنطب القرشي المخزومي كما نقله السيوطي في احياء الميت للحافظ الطبراني ,عبد الله بن ربيعة كما نقله الخوارزمي في مقتله,عبد الله بن عباس المتوفى سنة(68)كما نقله النسائي في الخصايص (ص7)ومئات من أناس غيره,عبد الله بن أوفى علقمة الأسلمي المتوفى سنة(87)كما نقله الحافظ ابن عقدة,ابو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المتوفى سنة(73)كما نقله الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد(ص106ج9),ابو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي المتوفى سنة(33)دفن في البقيع كما نقله الحافظ بن مردويه في الدر المنثور(ص298ج2),عبد الله بن ياميل كما نقله ابن عقدة في كتاب المفرد في الحديث وأسد الغابة(274ج2)عثمان بن عفان المقتول سنة(35)كما نقله الحافظ ابن عقدة في رواة الحديث,عبيد بن عازب الأنصاري اخ ابراء بن عازب من شهود يوم المناشدة الغدير(ص50ج1),ابو طريف عبدي بن حاتم المتوفى سنة(68)وعمره مائة سنة وهو من شهود المناشدة ينابيع المودة(ص38),عطية بن بسر المازني كما نقله ابن عقدة في حديث الولاية,عقبة بن عامر الجهني والي مصر المتوفى سنة(60)نقله تاريخ آل محمد(ص وآله)(ص67),أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)بنظم ونثر مئات الطرق بنقل أحمد بن حنبل في المسند(ص152ج1),ابو اليقظان عمار بن ياسر العنسي قتل بصفين سنة(37)نقله نصر بن مزاحم في كتاب صفين(176)وشرح نهج البلاغة(ص273ج2),عمارة الخزرجي الأنصاري قتل يوم اليمامة نقله مجمع الزوايد(ص107ج9),عم بن ابي سلمةبن عبد الأسد المخزومي ربيب رسول الله(ص وآله)ابن أم سلمة زوجة رسول الله(ص وآله)المتوفى سنة(83)نقله ابن عقدة,عمر ابن الخطاب قتل سنة(23)نقله ابن المغازلي في المناقب ومحب الدين الطبري في الرياض النظرة(ص161ج2),ابو نجيد عمران بن حصين الخزاعي المتوفى سنة(52)في البصرة نقله الترمذي والخطيب الخوارزمي في اسنى المطالب(ص55ج1),عمر بن الحمق الخزاعي الكوفي المتوفى سنة(50)نقله الخوارزمي عن ابن عقدة,عمرو بن شراحيل من رواة الخطبة بين الصحابة كما نقله الخوارزمي,عمرو بن العاص من شعراء غدير خم كما نقله ابن قتيبة في الإمامة والسياسة(ص93),عمرو بن مرة الجهني نقله ابن حنبل والطبراني في كنز العمال(ص154ج6),الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص وآله)نقله ابن عقدة ومئات من طرق الغير في كتاب الغدير,فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب نقله ابن عقدة ومنصور الرازي (الغدير)قيس بن ثابت بن شماس الأنصاري من شهود حديث الغدير كما نقله ابن حجر في الاصابة (ص205ج1)قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي من رواة الحديث في الإصابة في معرفة الصحابة,ابو محمد كعب بن عجرة الأنصاري المدني المتوفى سنة(51)من رواة الحديث كما نقله ابن عقدة(ص56),ابو سليمان مالك بن حويرث الليثي المتوفى سنة(74)كما رواه أحمد بن حنبل في المناقب,مقداد بن عمرو الكندي الزهيري المتوفى سنة(23)عمر سبعين سنة كما نقله ابن عقدة,ناجية بن عمرو الخزاعي من شهو ديوم المناشدة كما نقله ابن عقدة وابن حجر في الاصابة (ص542ج3),ابو برمزة فضيلة بن عتبة الأسلمي المتوفى سنة(65)بطريق ابن عقدة,نعمان بن عجلان الأنصاري من شهود يوم المناشدة عن طريق أصبغ بن نباتة في تاريخ آل محمد(ص وآله)(ص67),هاشم بن عتبة المرقال ابن ابي وقاص الزهري المدني قتل بصفين سنة(37)بنقل ابن عقدة,ابو وسمة وحشي بن حرب الحبشي الحمصي نقله ابن عقدة عن مقتل الخوارزمي وعدّه من رواة حديث الغدير(ص57),وهب بن حمزة كما نقله الخوارزمي من رواة حديث الغدير والصحابة,ابو جحيفة وهب بن عبد الله الشوائي المتوفى سنة(74)نقله ابن عقدة,ابو مرازم يعلى بن مرة بن وهب الثقفي كما نقله أسد الغابة(ص223ج2)..كتبه أحمد النجفي الزنجاني سنة(1392من الهجرة)


    وهذا نص حديث الغدير:

    ((بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله الذي علا في توحده ودنى في تفرده وجل في سلطانه وعظم في اركانه وأحاط بكل شيء علماً وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه مجيداً لم يزل محموداً لا يزال بارئ المسموكات وداحي المدحوات وجبار الأرضين والسماوات سبوح قدوس رب الملائكة والروح متفضل على جميع براه متطول على جميع من أنشاه يلحظ كل عين والعيون لا تراه كريم حليم ذو إناة قد وسع كل شيء رحمته ومن عليهم بنعمته لا يعجل بانتقامه ولا يبادر اليهم بما استحقوا من عذابه قد فهم السرائر وعلم الضمائر ولم يخف عليه المكنونات ولا اشتبهت عليه الخفيات له الإحاطة بكل شيء والقدرة على كل شيء ليس مثله شيء وهو منشيء الشيء حين لاشيء دائم قائم بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم جلّ عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير لا يلحق أحد وصفه من معانيه ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل عز وجل على نفسه وأشهد أنه الله الذي ملأ الدهر قدسه والذي يغشى الأبد نوره والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير ولا تفاوت في تدبير صور ما أبدع على غير مثال وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال أنشأها فكانت وبرأها فبانت فهو الله الذي لا إله إلا هو المتيقن الصنعة الحسن الصنيعة العدل الذي لا يجور والأكرم الذي ترجع اليه الأمور وأشهد أنه الذي تواضع كل شيء لقدرته وخضع كل شيء لهيبته مالك الأملاك ومفلك الأفلاك ومسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثاً قاصم كل جبار عنيد ومهلك كل شيطان مريد لم يكن معه ضد ولا ند أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد إله واحد ورب ماجد يشاء فيمضي ويريد فيقضي ويعلم فيحصي ويميت ويحي ويفقر ويغني ويضحك ويبكي ويدني ويقضي ويمنع ويعطي له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلا هو العزيز الغفار مجيب الدعاء ومجزل العطاء محصي الأنفاس ورب الجنة والناس لا يشكل عليه شيء ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه إلحاح الملحين العاصم للصالحين والموفق للمفلحين ومولى العالمين الذي استحق من كل خلق أن يشكره ويحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء وأومن به وملائكته وكتبه ورسله أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه واستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفاً من عقوبته لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره أقر له على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية واؤدي ما اوحى إليّ حدواً من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها أحد وإن عظمت حيلته لا إله إلا هو لأنه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إليّ فما بلغت رسالته فقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة وهو الله الكافي الكريم فأوحى إليّ
    (بسم الله الرحمن الرحيم : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )

    معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزله إليّ وأنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية إن جبرائيل عليه السلام هبط إليّ مراراً ثلاثاً يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب أخي ووصي وخليفتي والإمام من بعدي الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وهو وليكم بعد الله ورسوله وقد أنزل الله تبارك وتعالى عليّ بذلك آية من كتابه إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وعلي ابن أبي طالب أقام الصلاة وآتى الزكاة وهوراكع يريد الله عز وجل في كل حال وسألت جبرئيل عليه السلام أن يستعفي لي عن تبليغ ذلك إليكم أيها الناس لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وإدغال الآثمين وحيل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله تعالى في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم وكثرة إذا هم لي غير مرة حتى سموني أذناً وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه حتى أنزل الله عز وجل في ذلك ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ولو شئت أن أسمي بأسمائهم لسميت وأن اومي إليهم بأعيانهم لأوميت وأن أدل عليهم لدللت ولكني والله في أمورهم قد تكرمت وكل ذلك لا يرضي الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل الي يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ,فاعلموا معاشر الناس إن الله قد نصبه لكم ولياً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين لهم بإحسان وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي والحر والمملوك والصغير والكبير وعلى الأبيض والأسود وعلى كل موحد ماض حكمه جايز قوله نافذ أمره ملعون من خالفه مرحوم من تبعه مؤمن من صدقه فقد غفره الله له ولمن سمع منه وأطاع له

    معاشر الناس إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر ربكم فإن الله عز وجل هو ربكم ووليكم وإلهكم ثم من دونه رسوله محمد وليكم القائم المخاطب لكم ثم من بعدي علي وليكم وإمامكم بأمر الله ربكم ثم الإمامة في ذريتي من ولده إلى يوم القيامة يوم تلقون الله ورسوله لا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله عرفني الحلال والحرام وأنا أفضت بما علمني ربي من كتابه وحلاله وحرامه إليه
    معاشر الناس ما من علم إلا وقد أحصاه الله فيّ وكل علم علمت فقد أحصيته في علي إمام المتقين وما من علم إلا وقد علمته علياً وهو الإمام المبين
    معاشر الناس لا تضلوا عنه ولا تنفروا منه ولاتستكبروا من ولايته فهو الذي يهدي إلى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم ثم إنه أول من آمن بالله ورسوله وهو الذي فدى رسول الله بنفسه وهو الذي كان مع رسول الله ولا أحد يعبد الله مع رسوله من الرجال غيره

    معاشر الناس فضلوه فقد فضله الله واقبلوه فقد نصبه الله
    معاشر الناس إنه إمام من الله ولن يتوب الله على أحد أنكر ولايته ولن يغفر الله له حتماً على الله أن يفعل ذلك بمن خالف أمره فيه وأن يعذبه عذاباً نكرا أبدا لأباد ودهر الدهور فاحذروا أن تخالفوه فتصلوا ناراً وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين أيها الناس بي والله بشّر الأولون من النبيين والمرسلين وأنا خاتم الأنبياء والمرسلين والحجة على جميع المخلوقين من أهل السموات والأرضين فمن شك في ذلك فهو كافر كفر الجاهلية الأولى ومن شك في شيء من قولي هذا فقد شك في الكل منه والشاك فيّ الكل فله النار
    معاشر الناس حباني الله بهذه الفضيلة مناً منه عليّ وإحساناً منه إليّ ولا إله إلا هو له الحمد مني أبد الآبدين ودهر الداهرين على كل حال

    معاشر الناس فضلوا علياً فإنه أفضل الناس بعدي من ذكر وأنثى بنا أنزل الله الرزق وبقي الخلق ملعون ملعون مغضوب مغضوب من ردّقولي هذا ولم يوافقه ألا إن جبرئيل خبرني عن الله تعالى بذلك ويقول من عادى علياً ولم يتوله فعليه لعنتي وغضبي فلتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله أن تخالفوه فتزل قدم بعد ثبوتها إن الله خبير بما تعملون

    معاشر الناس إنه جنب الله الذي ذكر في كتابه يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله
    معاشر الناس تدبروا القرآن وافهموا آياته وانظروا إلى محكماته ولا تتبعوا متشابهه فو الله لن يبين لكم زواجره ولا يوضح لكم تفسيره إلا الذي أنا آخذ بيده ومصعده اليّ وشآئل بعضده ومعلمكم إن من كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو علي ابن أبي طالب أخي ووصي وموالاته من الله عز وجل أنزلها عليّ

    معاشر الناس إن علياً والطيبين من ولدي هم الثقل الأصغر والقرآن هو الثقل الأكبر فكل واحد منبىء عن صاحبه وموافق له لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض هم أمناء الله في خلقه وحكامه في أرضه ألا وقد أديّت ألا وقد بلغت ألا وقد أسمعت ألا وقد أوضحت ألا وإن الله عز وجل قال وأنا قلت عن الله عز وجل ألا إنه ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا ولا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره(ثم ضرب بيده إلى عضده فرفعه وكان منذ أول ما صعد رسول الله صلى الله عليه وآله شال علياً حتى صارت رجلاه مع ركبة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال)معاشر الناس هذا علي أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على أمتي وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعي إليه والعامل بما يرضاه والمحارب لأعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والإمام الهادي وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر الله أقول ما يبدل القول الذي بأمر الله ربي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه والعن من أنكره واغضب على من جحد حقه اللهم إنك أنزلت عليّ أن الإمامة بعدي لعلي وليك عند تبياني ذلك ونصبي إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام ديناً فقلت ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين اللهم إني أشهدك وكفى بي شهيداً إني قد بلغت
    معاشر الناس إنما أكمل الله عز وجل دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وبمن يقوم مقامه من ولدي من صلبه إلى يوم القيامة والعرض على الله عز وجل فأولئك الذين
    حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون ولا يخفف الله عنهم العذاب ولا هم ينظرون
    معاشر الناس هذا عليّ أنصركم لي وأحقكم بي وأقربكم إليّ وأعزكم على الله عز وجل وأنا عنه راضيان وما نزلت آية رضىً إلا فيه وما خاطب الله الذين آمنوا إلا بدأ به ولا نزلت آية مدح في القرآن إلا فيه ولا شهد بالجنة في هل أتى على الإنسان إلا له ولا أنزلها في سواه ولا مدح بها غيره

    معاشر الناس هو ناصر دين الله والمجادل عن رسول الله وهو التقي النقي الهادي المهدي نبيكم خير نبي ووصيكم خير وصي وبنوه خير الأوصياء.

    معاشر الناس ذرية كل نبي من صلبه وذريتي من صلب علي
    معاشر الناس إن إبليس أخرج آدم من الجنة بالحسد فلا تحسدوه فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم فإن آدم عليه السلام أهبط إلى الأرض بخطيئة واحدة وهو صفوة الله عز وجل فكيف بكم وأنتم أنتم ومنكم أعداء الله ألا إنه لا يبغض علياً إلا شقي ولا يتولى علياً إلا تقي ولا يؤمن به إلا مؤمن مخلص
    وفي علي والله نزلت سورة العصر(بسم الله الرحمن الرحيم والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

    معاشر الناس قد استشهدت الله وبلغتكم رسالتي وما على الرسول إلا البلاغ المبين
    معاشر الناس اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
    معاشر الناس آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزل معه من قبل أن نطمس وجوهاً فنزدها على أدبارها
    معاشر الناس النور من الله عز وجل في مسلوك ثم في علي ثم في النسل منه إلى القائم المهدي الذي يأخذ بحق الله وبكل حق هولنا لأن الله عز وجل قد جعلنا حجة على المقصرين والمعاندين والمخالفين والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين
    معاشر الناس إني أنذرتكم أني رسول الله إليكم قد خلت من قبلي الرسل أفإن متّ أو قتلت انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ألا وأن علياً هو الموصوف بالصبر والشكر ثم من بعده ولدي من صلبه
    معاشر الناس لا تمنوا على الله تعالى إسلامكم فيسخط عليكم ويصيبكم بعذاب من عنده إنه لبالمرصاد
    معاشر الناس سيكون من بعدي أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون معاشر الناس إن الله تعالى وأنا بريئان منهم معاشر الناس إنهم وأشياعهم وأتباعهم وأنصارهم في الدرك الأسفل من النار ولبئس مثوى المتكبرين ألا إنهم أصحاب الصحيفة فلينظر أحدكم في صحيفته فذهب على الناس إلا شرذمة منهم أمر الصحيفة

    معاشر الناس إني أدعها إمامة ووراثة في عقبي إلى يوم القيامة وقد بلغت ما أمرت بتبليغه حجة على كل حاضر وغائب وعلى كل أحد ممن شهد أولم يشهد ولد أم لم يولد فليبلغ الحاضر الغائب والوالد الولد إلى يوم القيامة وسيجعلونها ملكاً واغتصابا ألا لعن الله الغاصبين والمغتصبين وعندها سنفرغ
    لكم أيها الثقلان فيرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران

    معاشر الناس إن الله عز وجل لم يكن يذركم على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب
    معاشر الناس إنه ما من قرية إلا والله مهلكها بتكذيبها وكذلك يهلك القرى وهي ظالمة كما ذكر الله تعالى وهذا علي إمامكم ووليكم وهو مواعيد الله والله يصدق ما وعده
    معاشر الناس قد ضل قبلكم أكثر الأولين والله لقد أهلك الأولين وهو مهلك الآخرين قال الله تعالى ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ويل يومئذ للمكذبين

    معاشر الناس إن الله قد أمرني ونهاني وقد أمرت علياً ونهيته فعلم الأمر والنهي من ربه عز وجل فاسمعوا لأمره تسلموا وأطيعوه تهتدوا وانتهوا لنهيه ترشدوا وصيروا إلى مراده ولا يتفرق بكم السبل عن سبيله
    معاشر الناس أنا صراط الله المستقيم الذي أمركم بإتباعه ثم علي من بعدي ثم ولدي من صلبه أئمة يهدون إلى الحق وبه يعدلون
    (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
    نزلت فيّ وفيهم ولهم عمّت وإياهم خصت أولئك أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ألا إن حزب الله هم الغالبون ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق والنفاق والحادون وهم العادون وإخوان الشياطين الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ألا إن أوليائهم المؤمنون الذين ذكرهم الله في كتابه فقال عز وجل لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا أبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون
    ألا إن أولياءهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم
    أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ألا إن أوليائهم الذين وصفهم الله عز وجل فقال الذين يدخلون الجنة آمنين وتتلقاهم الملائكة بالتسليم إن طبتم فادخلوها خالدين ألا إن أوليائهم الذين قال الله عز وجل يدخلون الجنة بغير حساب ألا إن أعدائهم الذين يصلون سعيراً ألا إن أعدائهم الذين يسمعون لجهنم شهيقاً وهي تفور ولها زفير كلما دخلت أمة لعنت أختها ألا إن أعدائهم الذين قال الله عز وجل كلما ألقي فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جائنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال مبين ألا إن أوليائهم الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير

    معاشر الناس شتان مابين الجنة والسعير عدونا من ذمه الله ولعنه وولينا من مدحه الله وأحبه
    معاشر الناس ألا وإني منذر وهاد
    معاشر الناس إني نبي وعلي وصيي ألا وإن خاتم الأئمة منا القائم المهدي صلوات الله عليه ألا إنه الظاهر على الدين ألا إنه المنتقم من الظالمين ألا إنه فاتح الحصون وهادمها ألا إنه قاتل كل قبيلة من أهل الشرك ألا إنه مدرك كل ثار لأولياء الله عز وجل ألا إنه ناصر دين الله عز وجل ألا إنه الغراف من بحر عميق ألا إنه يسم كل ذي فضل بفضله وكل ذي جهل بجهله ألا إنه خيرة الله ومختاره ألا إنه وارث كل علم والمحيط به ألا إنه المخبر عن ربه عز وجل والمنبه بأمر إيمانه ألا إنه الرشيد السديد ألا إنه المفوض إليه ألا إنه قد بشر به من سلف بين يديه ألا إنه الباقي حجة ولا حجة بعده ولاحقّ إلا معه ولا نور إلا عنده ألا إنه لا غالب له ولا منصور عليه ألا إنه ولي الله في أرضه وحكمه في خلقه وأمينه في سره وعلانيته

    معاشر الناس قد بينت لكم وأفهمتكم وهذا علي يفهمكم بعدي ألا وإني عند انقضاء خطبتي أدعوكم إلى مصافقتي على بيعته والإقرار به ثم مصافقته
    من بعدي ألا وإني قد بايعت الله وعلي قد بايعني وأنا آخذكم بالبيعة له عن الله عز وجل فمن نكث فإنما ينكث على نفسه

    معاشر الناس إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطّوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم
    معاشر الناس حجوا البيت فما ورده أهل بيت إلا استغنوا ولا تخلفوا عنه إلا افتقروا
    معاشر الناس ما وقف بالموقف مؤمن إلا غفر الله له ما سلف من ذنبه إلى وقته ذلك فإذا انقضت حجته استؤنف عمله
    معاشر الناس الحجاج معانون ونفقاتهم مخلفة والله لا يضيع أجر المحسنين
    معاشر الناس حجوا البيت بكمال الدين والنفقة ولا تنصرفوا عن المشاهد إلا
    بتوبة وإقلاع
    معاشر الناس أقيموا الصلاة واتوا الزكاة كما أمركم الله عز وجل لئن طال عليكم الأمد فقصرتم أو نسيتم فعلي وليكم ومبين لكم الذي نصبه الله عز وجل من بعدي ومن خلقه الله مني يخبركم بما تسألون عنه ويبين لكم مالا تعلمون ألا إن الحلال والحرام أكثر من أن أحصيهما وأعرفهما فآمر بالحلال وأنهى عن الحرام في مقام واحد فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما جئت به عن الله عز وجل في علي أمير المؤمنين والأئمة من بعده الذين هم مني ومنه أئمة قائمهم المهدي الى يوم القيامة
    الذي يقضي بالحق
    معاشر الناس كل حلال دللتكم عليه وكل حرام نهيتكم عنه فإني لم أرجع عن ذلك ولم أبدل ألا فاذكروا ذلك واحفظوه وتواصوا به ولا تبدلوه ولا تغيروه ألا و إني قد أجدد القول ألا فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة
    وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ألا وإن رأس الأمر بالمعروف أن تنتهوا
    إلى قولي وتبلغوه من لم يحضره وتأمروه بقبوله وتنهوه عن مخالفته فإنه أمر من الله عز وجل ومني ولا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا مع إمام معصوم
    معاشر الناس القرآن يعرفكم أن ألأئمة من بعده ولده وعرفتكم أنهم مني وأنا منهم حيث يقول الله عز وجلّ في كتابه وجعلها كلمة باقية في عقبه وقلت لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما
    معاشر الناس التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال الله تعالى إن زلزلة الساعة شيء عظيم أذكروا الممات والحساب والموازين والمحاسبة بين يدي رب العالمين والثواب والعقاب
    فمن جاء بالحسنة أثيب عليها ومن جاء بالسيئة فليس له في الجنان نصيب

    معاشر الناس إنكم أكثر من أن تصافقوني بكف واحدة وقد أمرني الله عز وجلّ
    أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعلي من إمرة المؤمنين ومن جاء بعده
    من الأئمة مني ومنه على ما أعلمتكم إن ذريتي من صلبه فقولوا بأجمعكم إنا
    سامعون ومطيعون وراضون منقادون لما بلغت عن ربنا وربك في أمر علي صلوات الله عليه وأمر ولده من صلبه من الأئمة نبايعك على ذلك بقلوبنا
    وأنفسنا وألسنتنا وأيدينا على ذلك نحيى ونموت ونبعث ولا نغير ولا نبدل ولا نشك ولا نرتاب ولا نرجع من عهد ولا ننقض الميثاق ونطيع الله ونطيعك وعلياً أمير المؤمنين وولده الأئمة الذين ذكرتهم من ذريتك من صلبه بعد الحسن والحسين الذين عرفتكم مكانهما مني ومحلهما عندي ومنزلتهما من ربي عز وجلّ فقد أديت ذلك إليكم وإنهما سيدا شباب أهل الجنة وأنهما الأمان بعد أبيهما علي وأنا أبوهما قبله وقولوا أطعنا الله بذلك وإياك وعلياً والحسن والحسين والأئمة الذين ذكرت عهداً وميثاقاً مأخوذاً لأمير المؤمنين من قلوبنا وأنفسنا وألسنتنا ومصافقة أيدينا من أدركهما بيده وأقرّ بهما بلسانه ولا نبتغي بذلك بدلاً ولا نرى من أنفسنا عنه حولا أبداً أشهدنا الله وكفى بالله شهيداً وأنت علينا به شهيد وكل من أطاع ممن ظهر واستتر وملائكة الله وجنوده وعبيده والله أكبر من كل شهيد

    معاشر الناس ما تقولون فإن الله يعلم كل صوت وخافية كل نفس فمن اهتدى فلنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها ومن بايع فإنما يبايع الله عز وجلّ يد الله فوق أيديهم

    معاشر الناس فاتقوا الله وبايعوا علياً أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة كلمة طيبة باقية يهلك الله من غدر ويرحم الله من وفى فمن نكث فإنما ينكث على نفسه

    معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم وسلموا على علي بإمرة المؤمنين وقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك
    ربنا وإليك المصير وقولوا الحمد لله هدينا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا
    الله
    معاشر الناس إن فضائل علي ابن أبي طالب عند الله عز وجلّ وقد أنزلها في
    القرآن أكثر من أن أحصيها في مقام واحد فمن أنبأكم بها وعرّفها فصدقوه
    معاشر الناس من يطع الله ورسوله وعلياً والأئمة الذين ذكرتهم فقد فاز فوزاً
    عظيماً

    معاشر الناس السابقون إلى مبايعته وموالاته والتسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنات النعيم
    معاشر الناس قولوا ما يرضي
    الله به عنكم من القول فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فلن يضر الله شيئاً اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات واغضب على الكافرين والحمد لله رب العالمين.



    أيها الإخوة إن ما سبق وكتبته نقلاً عن مصدره ووضعته بين أيديكم الغاية منه إيصال هذه الخطبة إلى من يجهل عنها وليس ملماً بها ولا بأسانيدها لتكون حجة ولكي يتزود منها المنصوح من الناصح وأنا أول المنصوحين وليتدبر أولوا الألباب بهذه الخطبة وأخيراً أسألكم الدعاء والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين

  • #2
    وهذه وبك صراحة من أمير المؤمنين سلام الله عليه : خطبة من نهج البلاغة اسمها الشقشقية بتصريح وقسم بالله تعالى عن شكواه من أمر الخلافة واغتصابها من قبل أبو بكر:

    ومن خطبة له (عليه السلام) وهي المعروفة بالشقشقية وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له

    أَمَا واللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلانٌ وإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ ولا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ويَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ ويَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ. فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وفِي الْعَيْنِ قَذًى وفِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حَتَّى مَضَى الأوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلانٍ بَعْدَهُ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الأعْشَى :
    شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا ويَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَــــابِرِ

    فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا ويَخْشُنُ مَسُّهَا ويَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا والاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وشِمَاسٍ وتَلَوُّنٍ واعْتِرَاضٍ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وشِدَّةِ الْمِحْنَةِ حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّهِ ولِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الأوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ ومَالَ الآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وهَنٍ إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ ومُعْتَلَفِهِ وقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الإبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ.
    فَمَا رَاعَنِي إلا والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالأمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ ومَرَقَتْ أُخْرَى وقَسَطَ آخَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ ولا فَساداً والْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ بَلَى واللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا ووَعَوْهَا ولَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ ورَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا أَمَا والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لا حُضُورُ الْحَاضِرِ وقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ومَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ إلا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ ولا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا ولَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ قَالُوا وقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَنَاوَلَهُ كِتَاباً قِيلَ إِنَّ فِيهِ مَسَائِلَ كَانَ يُرِيدُ الإجَابَةَ عَنْهَا فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ فِيهِ [فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ] قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُكَ مِنْ حَيْثُ أَفْضَيْتَ فَقَالَ هَيْهَاتَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْكَ شِقْشِقَةٌ هَدَرَتْ ثُمَّ قَرَّتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَى كَلامٍ قَطُّ كَأَسَفِي عَلَى هَذَا الْكَلامِ إلا يَكُونَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) بَلَغَ مِنْهُ حَيْثُ أَرَادَ .

    قال الشريف رضي اللّه عنه قوله عليه السلام كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها وإن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها يقال أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه وشنقها أيضا ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق وإنما قال (عليه السلام) أشنق لها ولم يقل أشنقها لأنه جعله في مقابلة قوله أسلس لها فكأنه (عليه السلام) قال إن رفع لها رأسها بمعنى أمسكه عليها بالزمام.

    تعليق


    • #3
      أما هذه فهي كل الحقيقة التي حصلت يوم بايع الناس ضعاف القلوب أبا بكر .. وهذا ما حصل (بالإضافة لحادثة أذية الزهراء من قبل عمر)
      هذه رسالة من عمر إلى معاوية:



      وقد ذكر نضّر الله وجهه في هذه القصيدة وصية (عمر بن الخطاب) إلى (معاوية) والعهد الذي قطعه عليه حين قلّده ولاية "الشام". وكان سبب ذلك أن (أبا بكر) بعث إليها (يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس) أخ (معاوية) و(أبا عبيدة بن الجراح) و(شرحبيل بن حسنة) على جيوش المسلمين إلى "الشام" وأقرّه عليها (عمر) بعد (أبي بكر) وشاهدَ حروب الروم بالشام واليرموك وغيرها, وله إلى عمر شعر يعاتبه فيه:
      أتنسى بلائي يوم رحبة جاسم وقد نهلت مني الرماح وعلت
      إلى تمام الشعر. ومات (يزيد بن أبي سفيان ) في الشام بطاعون سنة سبعة عشر, وأمه (زينب بنت نوفل الكنانية)، و(معاوية) و (عتبة) ابني (أبي سفيان) أمهما (هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس). وكان (معاوية) مع أخيه بالشام فلما حضره الموت استخلف (معاوية) مكانه إلى أن يكاتب (عمر) فيرى فيه رأيه، فلما كاتب (عمر) رأى إقراره عليها، وكأن ذلك سبب ولايته على الشام، وكتب إليه (عمر) العهد الذي عاهده أن يعمل فيه في حياته وبعد مماته.

      قال: حدثني (محمد بن عبد الرحمن بن سنان الطريفي)، عن (جابر بن يزيد)، عن (سعيد بن المسيب)، عن (وهب بن قرة) قال:

      "لما قتل (الحسين بن علي بن أبي طالب)، وأٌتي بأهله إلى "المدينة" وتواردت الأخبار بحز رأسه وحمله إلى (يزيد بن معاوية)، وقتل ثمانية عشرَ رجلاً من أهل بيته، وأربعة وخمسين رجلاً من شيعته، وسبي حرمه وذراريه وحملهم إلى (يزيد بن معاوية) على الأقتاب والناس قيام والمآتم عند أزواج رسول الله (ص) في دار (أم سلمة) وفي دور المهاجرين والأنصار، فغضب كل واحد. عندها خرج (عبد الله بن عمر بن الخطاب) من داره صارخاً لاطماً وجهه شاقاً جيبه وهو يقول: معاشر بني (هاشم) وقريش والمهاجرين والأنصار أيستحل فتك حرمة رسول الله (ص) وأنتم أحياء ترزقون، لا قرار دون (يزيد بن معاوية). وخرجَ (عبد الله) من وقته لا يمر بمدينةٍ إلا صرخ فيها يستنفر الناسَ، ولا يمر على أحد من الناس إلا واهتز لقوله، وقالوا: هذا (عبد الله بن عمر بن الخطاب) خليفة رسول الله ينكر ما قدّ (يزيد بن معاوية) بأهل بيت رسول الله واستنفرَنا عليه وحقّنا أن ننفر معه، ولا دين إلا دين الإسلام. واضطرب أهل الشام ومن فيها، وورَدَ "دمشق" وقصَد دار (يزيد بن معاوية) في خلقٍ من الناس يتلونه، فدخل دار (يزيد)، فأخبروه بورود (عبد الله بن عمر) ويده على رأسه والناس يهرعون من ورائه، فقال (يزيد): فورةٌ من فورات (أبي محمد) عن قليل يفيق منها، فليأذن له واحد أن يدخل عليّ وحده.
      فدخل (عبد الله) صارخاً يقول: لا ندعوك يا (يزيد) أمير المؤمنين أبداً وقد فعلت بأهل البيت ما فعلت، ولو تمكن أهل الروم والترك ما استحلوا منهم ما استحللت، ولا فعلوا مثل فعلك، قم من هذا البساط لكي يختار المسلمون من هو أحق منك.

      فرحّب به (يزيد) وضمّه إلى صدره وقال: يا (أبا محمد) أسكِن من فورتك واهدأ من روعتك، واعقل بقلبك، وانظر بعينك، واسمع بأذنك.
      ما تقول في أبيك (عمر بن الخطاب) أكان خليفة رسول الله وناصره ومصاهره بأختك (حفصة)؟ ووالدك قال: لا يعبد الله بعد هذا اليوم سرّاً.
      فقال له ( عبد الله): هو كما وصفت فيه.
      فقال له يزيد: يا (أبا محمد) هل ترضى بعهده إلى أبي حين قلّده الشام وما أمره به؟
      فقال (عبد الله): رضيت به.
      فضرب يده على يد (عبد الله بن عمر) وقال: قم يا (أبا محمد) حتى تقرأ خطّه.
      فقام معه حتى وردا خزانةً من خزائنه فدخلوها ودعا بصندوق واستخرج منه طوماراً طويت في خرقةٍ سوداء، فأخذ الطومار ونشره وقال: يا (أبا محمد) أما هذا خط أبيك وخاتمه؟
      قال: بلى.
      فقال له (يزيد): اقرأه.
      فأخذه وقبّله وإذا فيه:

      "أكرهنا بالسيف على الإقرار به فأقررنا والصدور وغرة، والأنفس واجدة، والنيات والبصائر شائكة مما كانت عليه من جحد ما دعانا (محمد بن أبي كبشة) وجعلنا ما أجبناه أليه، وأطعناه فيه دافعاً لسيوفه عنا، وتكاثره علينا بالحي من اليمن علينا، ومعاضدة من عاضده من نزار وقحطان، وترك ما مات عليه آباؤه من قريش، فبـ (اللات والعزى) أُقسِمُ، وبالأصنام والأوثان التي ما جحدها (عمر) مُذ عبدها، ولا عبدَ للكعبةِ رباً ولا صدّق (لمحمد) قولاً، ولا ألقى السلامَ إليه إلا للحيلةِ عليه وإلقاء البطش به، فإنّه أتى بسحرٍ عظيمٍ وزادَ في سحره على سحر بني (إسرائيل) و(موسى) و(داؤود) و(سليمان) وابن أمه (عيسى)، ولقد أتوا بكل ما أتوا به من السحر العظيم وزاد عليه سحره ما لو شاهدوه لأقرّوا أنه سيد السحرة وعالمهم. فخذ يا (ابن أبي سفيان) سنّة قومك، واتباع ملّتك والوفاء بما كان سلفك من جحد هذه البنية الذي يقولون أن لها ربّاً، أمرهم بالحج إليها والسعي حولها، وأنه جعلها لهم قبلةً وأمرهم بالصلاة إلى الحجر الذي جعلوه بيتاً، وزعموا أنه لله بيتاً، وحفوا حوله، فكان من أعانَ منهم هذا الفارسي الطمطماني والذي يقال له (علي بن أبي طالب) وقالوا إنه أوحي أليهم أنه "..أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين \96\" (آل عمران م 3)
      وقولهم: "\144\ قد ترى تقلّب وجهك في السماء فلنُولّينّك قِبلةً ترضاها فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره.." (البقرة م 2)
      وجعلوا صلاتهم للحجارة. فما الذي أنكره علينا، لولا سحره، من عبادتنا للأصنام والأوثان وهي من نحاس وخشب وفضة وذهب؟
      و(اللات والعزى) يا (معاوية) ما أجد سبيلاً إلى الخروج وإن سحروا وموّهوا فانظر بعينٍ مبصرةٍ، واسمع بأذنٍ سامعةٍ، وتأمل بعقلك وقلبك ما هم فيه، واشكر "اللات والعزى" على استخلاف السيد الرشيد (عتيق بن عبد العزى) على أمةِ (محمد) وتحكمه في أموالهم ودمائهم وشرائعهم وأنفسهم وحلالهم وحرامهم وجباية الحقوق التي زعموا إنما يجبونها لربهم لتقوى بها أنصارهم وأعوانهم، فعاش سديداً رشيداً خائفاً وجلاً، يخضع جهراً ويشتد سراً، ولا يجد حيلةً غير معاشرة القوم.
      ولقد أجبن عليه في وثبات (علي بن أبي طالب) شهاب (هاشم) الثاقب، وقمرها الزاهر، وخصيمها القاهر، وقمقامها الباهر، وسيفها الباتر، وعلمها الشاهر، وعددها الكاثر، المسمّى (بحيدرة)، المصاهر لـ (محمد) على ابنته التي جعلها سيّدة نساء العالمين، وأسموها (فاطمة)، حتى أتيت على باب (علي) و(فاطمة) هذه وابنيها (الحسن) و(الحسين)، وبناتها (زينب) و(رقية) و(أم كلثوم)، والأمة المدعوة (فضة) ومعي (خالد بن الوليد) و(قنفذ) مولى (أبي بكر) وصحب من خواصنا، فقرعت الباب عليهم قرعاً شديداً فأجابتني الأمة ُ فقلت لها:
      قولي لـ (علي): دعْ عنك الأباطيل، ولا تلِجْ نفسكَ في طلب الخلافة، فليس الأمرُ لك بل لمن اختاره المسلمون، ورب (اللات والعزى) لو كان الأمر والرأي لـ (أبي بكر) لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافته بعد (ابن أبي كبشة) التي أبديت لها صنعتي وأقمت لها نصرتي.
      وقلت للحيين من (نزار) و(قحطان) بعد أن وطنت أهل نصرتنا من قريش على أن قلنا: ليست الخلافة إلا في قريش. وأقمت أربعين رجلاً يشهدوا على أن (محمداً) قال: الأئمة من قريش فأطيعوهم ما أطاعوا الله، فإن عصوا الله فالحوهم لحي هذا القضيب. ورماه من يده.
      وإنما قلت ذلك لما أشفقت من (علي بن أبي طالب) في وثوبنا عليه، والثأر للدماء التي سفكها في غزوات (محمد) الشمّ الكرام عبدة الأوثان والأصنام. فأظهرَ أنه متشاغلٌ بضم أزواج (محمد)، وتجميع "القرآن" والفاجعة بمصابه بـ (محمد) وقضاء دينه وإنجاز عدته وهي على ما زعموا ثمانون ألف درهم قضاها علي ببيعه طارفه وتالده.
      وقولهم للمهاجرين والأنصار شيعتهم لما قلنا: إن الأئمة من قريش ..
      فقالوا: والله هذا هو الأصلع الأنزع البطين أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) الذي أخذ رسول الله \ص\ البيعة له على كل أهل ملّته وسلمنا عليه بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن، فإن كنتم نسيتموها معاشر قريش فإنا ما نسيناها، ولا البيعة، ولا الخلافة، ولا الوصيّة إلا له الحق مفروضٌ ونصٌ صحيح لأن هذا لا زعم فيه.
      وادعوا فكذبناهم وأقمنا الأربعين شاهداً على (محمد) قال: الأئمة من قريش لا اختياراً ولا نصاً.
      قال: من هو ذلك؟
      قال المهاجرون: نحن من قريش لأنّا هاجرنا أولنا وآخرنا وهاجرَ الناسُ معنا.
      وقالت الأنصار: فإذا كان قد دفع من كان له الأمر فليسَ هذا الأمر لكم دوننا.
      وقالوا: ننصب منا أميراً ومنكم أميراً.
      فقلنا لهم: أليس شهدَ الأربعون رجلاً أن الأئمة من قريش.
      فقاتل القومُ وتنازعوا عن طلب الإمارة.
      فقلت والقوم يسمعون: لا نختار إلا أكبرنا سناً وأكثرنا لينا وأولنا إسلاماً.
      قالوا: فمن تقول؟
      قلت: (أبو بكر) الذي قدّمه (محمد) في الصلاة، وجلسَ معه في العريش يوم بدر لما تشاورا وأخذ برأيه، وكان صاحبه في الغار، وزوّجه ابنته (عائشة) التي سمّاها أم المؤمنين.
      فلانَ لي قومٌ، وقسا آخرون، وأقبل بنو (هاشم) يتميزون غيظاً وعاضدهم (الزبير بن العوام) فقام وأشهر سيفه وقال: لا نبايع إلا (علياً) وإلا لأملكن سيفي منكم.
      قلتُ: يا (زبيرُ) جرّك نسبك في بني (هاشم) بأمك (صفيّة بنت عبد المطّلب).
      فقال لي: والله إن لي الشرف الباذخ والفخر الفاخر الذي لا تطالبه يا (ابن حنتمة)، اسكت لا أم لك.
      وقال قولاً كثيراً لا يكون رد عليه. فوثب أربعون رجلاً ممن حضر "سقيفة بني ساعدة" على (الزبير) فو الله ما قدرنا على أخذِ سيفهِ من يده حتى وسدناه إلى الأرض ولم نرَ له علينا ناصراً، وأخذنا سيفه من يده، ووثبتُ إلى (أبي بكر) وصافحته وعقدت البيعة له، وتلاني (عثمان) وسائر من حضر غير (الزبير)، وقالوا: بايع يا (زبير) وإلا قتلناك. فكففتُ الناسَ عنه وقلت: أمهلوه فهو ما غضب إلا لأخواله بني (هاشم). وأخذت بيد (أبي بكر) فأقمته وهو يرعدُ كالسعفةِ وقد اختبل فزججته إلى المنبر زجاً فقال:
      يا (أبا حفص) أخاف من وثبة (عليّ).
      فقلت: (عليّ) عنك مشغول بجهاز الرسول.
      وأعانني على ذلك قوم آخرون وجلبناه، و كان يمدّ يده إلى المنبر وأنا أزجّه من ورائه وهو كالتيس الذي ينظر إلى شفرة الجزّار، فرقى المنبر متغيّراً وقام وهو مذعور، فقلت لهُ: اخطب وعلِّ صوتك وتثبّت.
      فاندهش وتلجلجَ وغمغمَ، فعضدتُ على يدي غيظاً وقلتُ له:
      قل ما سنحَ لك.
      فلم ينزجر، ولا قال معروفاً، فهممتُ أن أخلعه من المنبر وأقوم مقامه، فكرهت تكذيب الناس لي وما قلته فيه، وقد كان جمهور من الناس حيث قلت في فضله ما قلت الذي سمعته من رسول الله \ص\: ما إن وددت لو أني شعرةٌ في صدر (أبي بكر). ثم إني زجرته وقلت له: وإلا فانزل.
      فبهت في وجهي وعلمَ أني رميته.
      قلتُ: ما لا يهتدي إلى قوله.
      فقال بصوت ضعيف ضئيل: "معاشر الناس، ولّيتكم ولست بخيركم، فإذا غلطت فردّوني، وإذا تعوّجت فقوّموني فإنّ لي شيطاناً يعتريني". وما عنى غيري. فأوقع بشعوركم وأستغفر الله لي ولكم.
      ثم نزلَ. فأخذت بيدهِ، وعيون الناس ترمقه، وغمزتها غمزةً شديدةًَ أنَّ منها، وقلت له: عزَّ عليَّ يا (عتيق) أن تضع قدميك على هذه الأعواد قبلي، ولولا خيفتي من الجميع أن يتخزلوك بخطبتك لتقدمتكَ.
      فلم يحرِ جواباً، ثم أجلسته. ووفدت الناسِ رغبة ورهبةً وكلٌّ ينكر بيعته ويقول: ما فعل أمير المؤمنين (عليّ)؟
      فأقول خلعها من عنقه وتركها طاعةً للمسلمين، وقلّد الخلافة عليهم اختياراً وصار جالساً في بيته.
      فبايعوه وهو كارهون. فلما نفّذت بيعة (أبي بكر) عرفت أن (عليّاً) يحمل (فاطمة) و(الحسن) و(الحسين) و(زينب) و(أم كلثوم) إلى دور المهاجرين والأنصار فيذكرهم بأخذ (محمد) البيعة له عليهم في أربعة مواطن، فيستنصرهم علينا فيعدونه النصر ليلاً ويقعدون عنه نهاراً.
      فقلت ما الأمر إلا مخالفة (عليّ) وإخراجه من بيعته إلى البيعة، تأثراً لا خرجة منه.
      وقد قلت لها: قولي لـ (علي) يخرج إلى بيعة (أبي بكر) فقد اجتمع إليه المسلمون.
      فقالت: إن أمير المؤمنين مشغولٌ.
      فقلت لها: خلِّ عنك هذا، وقولي له أن يخرج إلى الباب وإلا دخلنا إليه وأخرجناه مكرهاً.
      فخرجت (فاطمة) ووقفت وراء الباب وقالت: أيها الظالمون المكذبون ماذا تقولون وأي شيء تريدون؟
      فقلت لها: يا (فاطمة) ما بال ابن عمك أبرزك للجواب وجلسَ من وراء حجاب؟
      فقالت: لضغائنك يا شقيّ "عدّي" وإلزامك وكل ضالٍّ غويّ.
      فقلت: دعِ يا (فاطمة) أساطير النساء، وقولي لـ (عليّ) يخرج إلي.
      فقالت: لا حباً ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا (عمر) وكان حزب الشيطان ضعيفاً.
      فقلت لها: إن أبى أن يخرج جمعت الحطب والحرمل وأضرمتها نارا على هذا الباب وأحرقت من فيه، وإلا ينقاد إلى البيعة.
      وضربت بيدي وأخذت السوط من يد (قنفذ) وقلت لـ (خالد بن الوليد): أنت ورجالنا هلمّوا إلى جمع الحطب وهات النار. وفاطمة تسمع. فأُتي بنار وحطب فقلت: إني مضرمها يا (فاطمة).
      فقالت: عليك لعنة الله يا عدو الله ورسوله وعدو أمير المؤمنين.
      وضربت بيدي إلى عمد الباب لأفتحه وألج عليهم الدار أنا ومن معي، فضرَبَت بيدها لتمنعني من فتحه، ورمتهُ فصعُبَ عليّ، فضربت يدها بالسوط فآلمتها وسمعت لها زفيراً وبكاء ونحيباً، فكدت أن ألينَ وأنقلبَ عن الباب، فذكرتُ أحقاد (علي) عليّ وولغه في دمائنا وكيد قريش وسائر العرب، وكيد (محمد) وسحره، فركلتُ الباب وقد لصَقت أحشاؤها له والتَزَمَته، فسمعتها وقد صرخت صرخةً خشيتُ أنها جعلت أعلى المدينة سافلها، وقالت: يا أبتاه، أهكذا يُفعل بحبيبتك وابنتك، آه يا (فضة) إليك خذيني والله قُتلَ ما في حشاي من الحمل.
      وسمعتها تتمخّض وهي مستندة إلى الجدار، فدفعتُ البابَ فأقبَلتْ بوجهٍ أغشى بصري نورهُ، فصفعتها على خدها صفعةًً من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتساقط على الأرض فأسرعتُ إلى ورائي وقلتُ لـ (خالد) و(قنفذ) ومن معي: يا قوم، لقد جنيت ذنباً عظيماً ولقد برز (عليّ) من البيت، ولا لي ولا لكم به طاقة.
      فخرجَ إلى (فاطمة) وقد ضربت بيدها على ناصيتها لتكشف وتستغيث لعظم ما نزل بها، فأسبل عليها ملاءَتها وقالَ لها:
      يا ابنة رسول الله إنا الله قد بعثَ أباكِ رحمةً للعالمين، فلا تكوني ساخطة عليهم فأيم الله لئن كَشفتِ عن ناصيتك شاكيةً إلى ربك، ليهلكنّ الخلق جميعاً حتى لا يبقى بشراً، لأنك وأباك أعظم عند الله من كل نبي ومن النبي (نوح) الذي أغرق قومه من أجله بالطوفان، وجميع من على وجه الأرض إلا مّنْ كانَ في السفينة، وأهلك قومَ (هودٍ) لتكذيبهم إياه بريحٍ صرصر، وأنت وأبوك أكبر عند الله من (هود) وأهلكَ أنفس قبيلة لعقر الناقة والفصيل، فكوني رحمةً على هذا الخلق المنكوس، ولا تكوني عذاباً عليهم.
      واشتد بها المخاض فدخلت البابَ وأسقطت سقطاً فسمّاه (علي) (محسناً).
      وجمعت جمعاً كثيرا لأكاثره ولأشد بهم قلبي، وجئت وأنا مخاطرٌ بنفسي فأخرجته من بيته ودارهِ مكرها مغضوضاً وسارَ إلى البيعة، وسِقْتُه إلى بيعة (أبي بكر) وإني لأعلم يقيناً لو اجتمعت أنا ومن على وجه الأرض جميعاً على قهره ما قهرناه، ولكن لهناةٍ كنت أعلمها في نفسهِ ولا أقولها. فلما انتهينا إلى سقيفة (بني ساعدة) قام (أبو بكر) ومَن بحضرته يتهللون لـ (علي)، فقال لي (علي):
      يا (عمر) أتحبّ أن أعجّل لك ما أخّّرته عنك؟
      فقلتُ له: يا أمير المؤمنين.
      فسمعني (خالد) فأسرع بها إلى (أبي بكر) فقال (أبو بكر): مالي ولـ (عمر)، مالي ولـ (عمر)، مالي ولـ (عمر). وكان يرددها ثلاثاً والناس يسمعون. فلما دخلَ على السقيفة أخذتُ بيدِهِ وضممتُ (أبا بكر) إليه وقلتُ له: قد بايعكَ (أبو الحسن).
      وما بايعهُ، ولا مد يده إليه. فكرهت أن أطالبه بالبيعة جزعاً وخوفاً منه، ورجعَ (علي) من السقيفة، فسألت عنه فقيل: إنه مضى إلى قبر (محمد). و(أبو بكر) يقولُ لي: ويحك ما الذي صنعتَ بنا يا (عمر)؟ والله هو الخسران المبين، فقلت: يا (أبا بكر) إن عَظُمَ عليكَ أنهُ ما بايعكَ عند مجيئهِ، ولا آمنُ عليكَ ولا عليّ منه.
      فقالَ: ما تصنع إنْ سألَ المسلمون عن بيعته؟
      فقلتُ: ننظرُ إن بايعكَ عند قبر رسول الله \ص\.
      فأتينا عليّاً، وقد جعل القبر قبلتهُ، وبسط كفيهِ على تربتهِ وحوله (سلمان) و(المقداد) و(أبو الذر) و(حذيفة بن اليمان)، فجلسنا بإزائه وأوعزت إلى (أبي بكر) أن يضعَ يدَهُ على القبر ويقرِّبُها منه، ففعل ذلكَ، فأخذتُ بيدِهِ لأمسحها على يد (علي)، ولنقولنَّ (علي) قد بايعَ، فقبضَ على يدهِ، فقمت أنا والقوم ننادي: جزى الله (علياً) خيراً فإنه ما منعكَ البيعة لمّا حَضََرْتَ قبرَ رسول الله \ص\.
      فوثبَ من دون الناس (جندب بن جنادة) يرفع ويسحب عباءتهُ ويتلونا: كذبتَ يا عدوّ اللهِ وفجِرْتَ، واللهِ ما بايعَ (عليٌّ) (عتيقاً).
      وكلما لقينا قوماً وأقبلَ علينا قومٌ، فأُخْبرْهم ببيعته و(أبو الذر) يكذبُني.
      و(اللات والعزى) ما بايَعَنا (علي) في خلافة (أبي بكر) ولا في خلافتي، ولا بايعَ لِمَن بعدي، ولا بايعَ الاثنا عشر رجلاً من أصحاب (محمد) لـ (أبي بكر) ولا لي.
      فمَن يا (معاوية) فعلَ فِعلي؟ واستثارَ بالأحقادِ السالفةِ غيري؟
      فأمّا أنت وأبوك (صخر بن حرب) وأخوك (عتبة)، وأنتَ اعرِف بما كان فيكم في تكذيب (محمد) وكيده، وإدارة الدوائر عليه، واجتهاد أبيك في ردّ هذه الحجارة في وادي سلام إلى (مكة)، وطلبهُ الرّجل خبرتم بقتله وتأليفه للأحزاب وجمعهم إليه، وقوله لما رآكم: لعن الله القائد والسائق والراكب.
      ولا نسيت أمك (هند) وقد بذلت لـ(وحشي) ما بذلت، حتى كمِنَ لـ (حمزة) الذي دعوهَ أسد الله في أرضِه فرماه بحربته ففلقَ فؤادهُ وانشق عنهُ، وأخذ كبده وحمله إلى أمك، فزعم (محمد) وأصحابه بسحره أنا كلّما ألقتها فيها لتأكلها صارت جلوداً فتلفظها، فسمّاها وأصحابه (آكلةُ الأكباد) وما كانَ من شعرها لعداء (محمد) يوم (أُحُد) ومقابلته وارتجازها هذه الأبيات:
      نحن بنات طـارق نمشي على النمــارق
      كالدر في المخانق والمسـك في المفارق
      إنْ تقبلوا نــــعانق ونقري قري المارق
      أو تدبروا نفــارق فــراق غير وامــــق

      وهي ونسوتها في ثيابٍ صفرٍ مورسةٍ، مبدياتٍ وجوههنّ معاصمهنّ، يحرّضن على (محمد). وأما أبوك وأنت وأخوك فما أسلمتم طوعاً وإنما كرهاً يوم الفتح فتح مكة، فجعلكم (محمد) طلقاء، وجعلَ أخي (زيد) و(عقيلاً) أخي (عليّ) و(العبّاس) عمّهُ طلقاء مثلكم.
      وما كان من أبيكَ حين دخلَ على (محمد) وهو في المسجد على منبره وهو يقاد، فلمّا أحسّ بتكاثر الناس عليه وأخبره قائده بذلك، فقال في نفسه: و (اللات والعزى) يا (ابن أبي كبشة) لأملأنّها عليك خيلاً ورجالاً، وإني لأرجو أنْ أرِثَ هذا المنبر.
      وقال هذا لا أقوله.
      فقال (محمد) بسحره ليّري الناسَ أنه قد علِمَ ما في نفسي: كفانا الله شرّكَ يا (أبا سفيان) ولا ترى أن يعلوها أحد بعدي غير (علي) ومن يليه من أهل بيته.
      فبطُل َ سحره وخاب سعيه وعلاها (أبو بكر) وعلوتها بعده، وإني لأرجو إنْ تكونوا معاشر (بني أمية) عمَداً لأطنابها، ومن الآن فقد وطّدت لك "الشام" وقلَدتك زمام مملكتها، وعرّشتك فيها، وخالفت قول (ابن أبي كبشة) فيكم ورأيه من تأليف سحرِهِ الذي زعم أنه أُوحيَ إليه من ربه وقوله الشجرة الملعونة في القرآن، فزَعَمَ أنها أنتم يا (بني أمية) من عداوته لكم، كما لم يزَلْ (هاشم) وبنوه أعداءَ (عبد شمس) وبنيه.
      وأنا (معاوية) تذكيري إياك يا (معاوية) وشرحي لكَ ما شرحتُ وبيّنت، فإني لك ناصحٌ، ومشفقٌ عليكَ من ضيقِ غيظِكَ وحرج صدرك وقلّة حلمك من أن تنقص شيئاً من شريعة (محمد) أو تبدي له مطالبة بدخلٍ، أو شماتة بموتٍ، أو ردٍّ لما أتى به.
      واستنقاص فيما أمرً وحظّر عليه فتكون من الهالكين، ثم تخفض ما رفعه، وتهدم ما بناه. فاحذر كل الحذر من ذلك، وصدّق (محمداً) في كل ما أتى وأورده ظاهراً، وأظهر التحنن والرأفة في رعيتك، وأوسعهم براجح العطايا، وهددهم بإقامة الحدود وتضعيف الجباية لهم، ولا تريهم أنك تدّعِ حقاً أو تُنقِصُ للهِ فرضاً أو تغّير لـ (محمد) سنّة أو شريعة فتفسدُ عليك الأمرَ، بل خذهم من مأمنهم، وتوصّل إلى قربهم بدينهم، وضعهم في مقعدك، واظهر البشاشة هم وعِظهم وكفّ غيظكَ عنهم يحبوك. فلستُ آمنُ عليك من عداوة (ابن أبي طالب) وشباكه، فإذا أمكنك فرصة في عدّة من الأمة فبادرها، ولا تقنع بصغار الأمور دون كبارها، واعمد لأعظمها وأخيارها، واحفظ وصيتي لك وعهدي ولا تندم وامتثل أمري ونهيي، وانهضْ بطاعتي وإياك مخالفتي، واسلك طريق أسلافك واطلب آثارهم وأدرك أوتارهم، ولا تنم عن حقك، واكمن حقدك، فقد أخرجت إليك سرّي وجهري وشيعت إلى وصيتي".

      وقد أورد فيها هذه الأبيات:
      معاوي إن القوم جلّت أمورهم بدعوة من عّة البريّة بالوتر
      دعاني إلى دينٍ له فأرابني فابعد بدينٍ قد قصمتَ به ظهري
      فما أنسى لا أنسى الوليد وعتبة وشيبة والعاص الصريع لدى بدر
      وتحت شغاف القلب لدغ من الجوى أبوحكم منجي القتيل من الفقر
      أولئك فاطلب يا معاوي ثأرهم ببيض سيوف الهند والأثل السمر
      وثق منك في التخليط للأمة التي أتانا بها الماضي المموّه بالسحر
      فلست تنال الثأر إلا بدينهم فقاتل سيف الحق ضد بني عمر
      وطالب بأحقادٍ مضت لك مُظهراً لدعوة دينٍ عمَّ كل بني النضر
      لذلك قد قلّدتك الشام عامداَ وأنت حريّ حين تعزى إلى صخر

      قال: فلمّا قرأ (عبد الله) الوصية والعهد قام إلى (يزيد) وقبّل رأسه وقال: الحمد لله على قتلك الشاري ابن الشاري، والله ما أخرجَ إليَّ أبي ما أخرجهً إليك وإلى أبيك، فوالله لا رأيتني لرهط (محمد) إلا بحيث تحبّ وترضى.

      فأحسنَ (يزيد) جائزته وردّه وزاد في إكرامه، وخرجَ من عنده ضاحكاً مستبشراً بعد أن دخلَ إليه باكياً، وأقبل إليه أهل الشام وقالوا: يا (أبا محمد) ما الذي قال لك (يزيد بن معاوية) في قتل (الحسين) وأهل بيته وسبي ذراريه؟
      فقال (عبد الله بن عمر): قد قال مولانا صدقاً وودتُ أنْ أشاركه فيما فعله.
      وسار راضياً فكانَ كلما سأله سائلٌ أو مرّ عليه قومٌ كان هذا جوابه ..)

      وتم ذلك، وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم لتزْوَلَ منه الجبال.
      وهذا شرح هذه الأبيات التي تقدمت من قول الشيخ نضّر الله وجهه:

      فلا قدّس الله أرواحهم ونقلهم في جلود الدوامي
      جلود الجدا وجلود الرحال وفي بقر الحرث ذات الزمام
      وفي سفن البر والناهضين بأرياشهم من فراخ الحمام
      فأقرب ما ذبح الذابحون فراخ الحمام وفري العظام
      وفي الرخم المسخ والممسخات وفي الضب والوزغ المستضام

      وهي كما ذكر سبعة أبيات يدعو عليهم ويسأل الله سبحانه وتعالى أن ينقلهم بهذه الأجناس التي وصفها في شعره لما قد علم من كفرهم في الخبر الذي تقدّم وغيره قد فعل المولى عزّ عزّه بهم ذلك. وقوله قدّس الله روحهُ:
      فدعْ عنك ذكر بني المومسات وشيعتهم من شرار اللئام
      ليجزيهم الله ما قدّموا من الكفر في كل يومٍ وعام
      وخلّ الشآم عليها الدمار والعن بذكرك أهل الشآم
      واسأل إلهك يعطيك ما تأمله من جزيل تمام

      أما قوله المومسات فهنَ (هند) ونسوتها "يوم أحد" وكنّ يُعرفن من قبلُ بـ (صهاك) ورسم (نثيلة)، والمومسات بنوهنّ (معاوية) وأصحابه ورهطه ومن تبعهُ، واسأل الله سبحانه يجيزهم ما قدّموا من الكفر والجورِ، وما غيّروا وبدّلوا من الشريعة المحمدية والدعوة الطالبية، ويدعوا عليهم ويلعنهم والأماكن التي حلّوا بها في "الشام" وهي "دمشق" وغيرها، وهذا معروف، لعنَ اللهُ (معاوية) و(عمرو بن العاص) و(ابن أبي سرح) والي "مصر" ون تبعه من "الشام" وغيرها، والخطاب للجميع الخاص والعام رجال (عمر بن الخطاب) و(معاوبة بن أبي سفيان).
      ------------------------------------------------------
      فو الله لولا علي لهلك عمر..

      تعليق


      • #4
        أطلب تثبيت الموضوع منكم إخواني .. ليتسنى للجميع معرفة الحقيقة ... حقيقة تاريخ الأمة الإسلامية المحرف .. يا الله ما أكذبهم

        اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم صل على محمد وآل محمد

        ولدي مواضيع أخرى أطرحها لاحقا
        والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

        تعليق


        • #5
          الحمد لله على نعمة الولاية

          نشهد يارسول الله صلى الله عليك وعلى آلك أنك بلغت الرساله وأديت الأمانه

          تعليق


          • #6
            اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا اوصيكم الله ب اهل بيتي من كنت مولاه فعلي مولاه

            لكن مع كل ذالك لم ينفع معهم فقد حاربوا الامام علي في الجمل و صفين وجعلوه رابع الخلفاء

            واخيرا احمد ربي ان انولدت شيعي لأن لو انولدت سني جان الحين انا مسوي عملية انتحارية في العراق و الحين انا في جهنم

            الحمد لله على ولاية الأمام عل علية السلام

            تعليق


            • #7
              سبحان الله وبحمده

              نشهد يارسول الله صلى الله عليك والك انك بلغت الرساله وأديت الأمانه بلغت على حر الشمس خلافة الامام علي عليه السلام وجاهدت بكلمة الحق وبلغت ماأمرك ربك به

              تعليق


              • #8
                سبحان الله وبحمده

                نشهد يارسول الله صلى الله عليك والك انك بلغت الرساله وأديت الأمانه بلغت على حر الشمس خلافة الامام علي عليه السلام وجاهدت بكلمة الحق وبلغت ماأمرك ربك به

                تعليق


                • #9
                  سبحان الله وبحمده

                  نشهد يارسول الله صلى الله عليك والك أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانه بلغت ماأمرك ربك عزوجل في الإمام علي عليه السلام على حر الشمس فسلام عليك ماأسفر النهار وأظلم الليل وعلى أهل بيتك الأطهار

                  - عليٌّ إمامُ البررةِ، وقاتلُ الفجرةِ، منصورٌ من نصرهُ، مخذولٌ من خذلهُ

                  الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير

                  الصفحة أو الرقم: 5573 | خلاصة حكم المحدث : صحيح


                  التعديل الأخير تم بواسطة وهج الإيمان; الساعة 19-08-2019, 02:39 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    سبحان الله وبحمده

                    نشهد يارسول الله صلى الله عليك والك أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانه بلغت ماأمرك ربك عزوجل في الإمام علي عليه السلام على حر الشمس فسلام عليك ماأسفر النهار وأظلم الليل وعلى أهل بيتك الأطهار
                    - عليٌّ إمامُ البررةِ، وقاتلُ الفجرةِ، منصورٌ من نصرهُ، مخذولٌ من خذلهُ

                    الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير

                    الصفحة أو الرقم: 5573 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    x

                    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                    صورة التسجيل تحديث الصورة

                    اقرأ في منتديات يا حسين

                    تقليص

                    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                    يعمل...
                    X