لواء الجيشين :
ثم خرج علي وقد تعمم بعمامة سوداء ، فعبأ أصحابه ، وخرجت أم المؤمنين راكبة على الجمل الذي اشتراه لها يعلى بن أمية ، وعبأت أصحابها ( 239 ) .
وكان الجمل لواء أهل البصرة لم يكن لواء غيره ( 240 ) وأعطى علي رايته في أول الحرب إلى ابنه محمد بن الحنفية قال محمد ( 241 ) : دفع إلي أبي الراية يوم
( 239 ) تاريخ ابن أعثم 176 .
( 240 ) ابن أبي الحديد 1 و 2 81 قال : وكان جمل عائشة راية عسكر أهل البصرة قتلوا دونه كما تقتل الرجال تحت راياتها وفي تاريخ ابن أعثم 176 ان أهل البصرة كانوا قد حملوا رايتهم على الجمل المذكور ، وقريب منه ما ذكره اليعقوبي في تاريخه .
( 241 ) الطبري 5 / 207 208 ، وام محمد خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنيفة من جذم بكر بن وائل ، سبيت ثم أخذها علي واختلفوا في كيفية سبيها ، روى ابن أبي الحديد في 1 / 81 من شرحه عن أنساب البلاذري أن بني أسد أغارت على بني حنيفة في أيام أبي بكر فسبوها منهم وقدموا بها المدينة فباعوها من علي وبلغ قومها خبرها فأتوا عليا وأخبروه بموضعها منهم ، فأعتقها ومهرها وتزوجها فولدت محمدا فكناه أبا القاسم وقيل : ان خالدا قاتل أهلها في حروب الردة وسباها ودفعها أبو بكر إلى علي .
- ج 1 ص 230 -
الجمل وقال : تقدم ، فتقدمت حتى لم أجد متقدما إلا على رمح ، قال تقدم لا أم لك . فتكأكأت ( * ) وقلت : لا أجد متقدما إلا على سنان رمح فتناول الراية من يدي متناول لا أدري من هو فنظرت فإذا أبي بين يدي وهو يقول : أنت التي غرك مني الحسنى * يا عيش إن القوم قوم أعدا الخفض خير من قتال الابنا
الموت حول الخطام :
وكان كعب بن سور يوم الجمل آخذا بخطام جمل عائشة وفي عنقه المصحف وفي يده عصا فجاءه سهم غرب فقتله ( 242 ) .
( * ) تكأكأت : نكصت .
( 242 ) " غرت " بفتحتين و " غرب " بفتحة وسكون : سهم لاى يدرى من رماه . ( لسان العرب ) . وكعب بن سور هو ابن بكر بن عبد الازدي من القسامل من بني لقيط ، أسلم في عهد النبي ولم يصحبه فعدوه من التابعين قال ابن عبد البر : بعثه عمر بن الخطاب قاضيا على البصرة لخبر عجيب مشهور له معه : وحكى هو وغيره وقال : إن كعبا كان جالسا عند عمر إذ جاءت امرأت فقالت : ما رأيت رجلا أفضل من زوجي انه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر فاستغفر لها عمر وأثنى عليها وقال : مثلك أثنى بالخير وقاله ، فاستحيت المرأة وقامت راجعة فقال كعب : يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها إذا جاءتك تستعديك ؟ فقال : أكذلك أرادت ؟ قال : نعم ، قال : ردوا المرأة على زوجها ، فقال لها : لا بأس بالحق أن تقوليه ان هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك ، قال : أجل ! إني امرأة شابة وإني أبتغي ما تبتغي النساء . فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لكعب : اقض بينهما ، فقال أمير المؤمنين أحق ، فقال : عزمت عليك لتقضين بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم فقضى لها يوما وليلة من أربع ، فقال عمر : والله ما رأيك الاول بأعجب من الآخر ، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة . فلم يزل قاضيا حتى قتل يوم الجمل . راجع في ما ذكرناه عن كعب : الطبري 5 / 216 ، وط . أوربا 1 / 3211 ، والاستيعاب ص 221 222 الترجمة 933 ، وأسد الغابة 4 / 242 243 ، والاصابة 3 / 297 الترجمة 7495 ، والاشتقاق 500 ، وشرح النهج 2 / 81 ، وتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم 1 / 258 ، وطبقات ابن سعد 7 / 92 97 ط . بيروت ، والجمل للمفيد 156 157 ، والكامل للمبرد 3 / 242 ، ط . مصر وتحقيق ابراهيم الدلجموني . ( * )
- ج 1 ص 231 -
ولم يكن لكعب رأي في القتال ، فقد روى الطبري عنه : أنه قال يومذاك : أنا والله كما قالت القائلة : " يا بني لاتبن ولا تقاتل " .
وروى ابن سعد : أن كعب بن سور لما قدم طلحة والزبير وعائشة البصرة دخل في بيت وطين عليه بابه ، وجعل فيه كوة يناول منه طعامه وشرابه اعتزالا للفتنة ، فقيل لعائشة : إن كعب بن سور إن خرج معك لم يتخلف من الازد أحد ، فركب إليه فنادته وكلمته ، فلم يجبها فقالت : يا كعب ألست أمك ، ولي عليك حق ؟ فكلمها . . الحديث .
إن ابن سعد لم يعين القائل لعائشة : ( إن كعب بن سور إن خرج لم يتخلف عنك الازد ) ، والمفيد قد نسبه إلى طلحة والزبير ورواه هكذا : وتأخر عنهما الازد لقعود كعب بن سور القاضي عنهما وكان سيد الازد وأهل اليمن بالبصرة ، فأنفذا ليه رسوليهما يسألانه النصرة لهما ، والقتال معهما فأبى عليهما ، وقال : أنا أعتزل الفريقين ، فقالا : لئن قعد كعب خذلنا الازد بأسرها ولا غنى لنا عنه ، فصار إليه واستأذنا عليه فلم يأذن لهما وحجبهما ، فصارا إلى عائشة فخبراها خبره ، وسألاها أن تسير إليه فأبت وأرسلت إليه تدعوه إلى الحضور عندها فاستعفاها من ذلك . فقال طلحة والزبير : يا أم ! إن قعد عنا كعب قعدت عنا الازد كلها وهي حي البصرة فاركبي إليه ، فإنك إن فعلت لم يخالفك وانقاد لرأيك ، فركبت بغلا وأحاط بها نفر من أهل البصرة وذهبت إلى كعب . . الحديث .
وقال المبرد في الكامل : فلما كان يوم الجمل خرج كعب مع إخوة له ، قالوا : ثلاثة وقالوا : أربعة ، وفي عنقه مصحف فقتلوا جميعا فجاءت أمهم حتى وقفت عليهم فقالت :
يا عين جودي بدمع سرب * على فتية من خيار العرب
وما لهم غير حين النفو * س أي أميري قريش غلب
ثم خرج علي وقد تعمم بعمامة سوداء ، فعبأ أصحابه ، وخرجت أم المؤمنين راكبة على الجمل الذي اشتراه لها يعلى بن أمية ، وعبأت أصحابها ( 239 ) .
وكان الجمل لواء أهل البصرة لم يكن لواء غيره ( 240 ) وأعطى علي رايته في أول الحرب إلى ابنه محمد بن الحنفية قال محمد ( 241 ) : دفع إلي أبي الراية يوم
( 239 ) تاريخ ابن أعثم 176 .
( 240 ) ابن أبي الحديد 1 و 2 81 قال : وكان جمل عائشة راية عسكر أهل البصرة قتلوا دونه كما تقتل الرجال تحت راياتها وفي تاريخ ابن أعثم 176 ان أهل البصرة كانوا قد حملوا رايتهم على الجمل المذكور ، وقريب منه ما ذكره اليعقوبي في تاريخه .
( 241 ) الطبري 5 / 207 208 ، وام محمد خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن حنيفة من جذم بكر بن وائل ، سبيت ثم أخذها علي واختلفوا في كيفية سبيها ، روى ابن أبي الحديد في 1 / 81 من شرحه عن أنساب البلاذري أن بني أسد أغارت على بني حنيفة في أيام أبي بكر فسبوها منهم وقدموا بها المدينة فباعوها من علي وبلغ قومها خبرها فأتوا عليا وأخبروه بموضعها منهم ، فأعتقها ومهرها وتزوجها فولدت محمدا فكناه أبا القاسم وقيل : ان خالدا قاتل أهلها في حروب الردة وسباها ودفعها أبو بكر إلى علي .
- ج 1 ص 230 -
الجمل وقال : تقدم ، فتقدمت حتى لم أجد متقدما إلا على رمح ، قال تقدم لا أم لك . فتكأكأت ( * ) وقلت : لا أجد متقدما إلا على سنان رمح فتناول الراية من يدي متناول لا أدري من هو فنظرت فإذا أبي بين يدي وهو يقول : أنت التي غرك مني الحسنى * يا عيش إن القوم قوم أعدا الخفض خير من قتال الابنا
الموت حول الخطام :
وكان كعب بن سور يوم الجمل آخذا بخطام جمل عائشة وفي عنقه المصحف وفي يده عصا فجاءه سهم غرب فقتله ( 242 ) .
( * ) تكأكأت : نكصت .
( 242 ) " غرت " بفتحتين و " غرب " بفتحة وسكون : سهم لاى يدرى من رماه . ( لسان العرب ) . وكعب بن سور هو ابن بكر بن عبد الازدي من القسامل من بني لقيط ، أسلم في عهد النبي ولم يصحبه فعدوه من التابعين قال ابن عبد البر : بعثه عمر بن الخطاب قاضيا على البصرة لخبر عجيب مشهور له معه : وحكى هو وغيره وقال : إن كعبا كان جالسا عند عمر إذ جاءت امرأت فقالت : ما رأيت رجلا أفضل من زوجي انه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر فاستغفر لها عمر وأثنى عليها وقال : مثلك أثنى بالخير وقاله ، فاستحيت المرأة وقامت راجعة فقال كعب : يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها إذا جاءتك تستعديك ؟ فقال : أكذلك أرادت ؟ قال : نعم ، قال : ردوا المرأة على زوجها ، فقال لها : لا بأس بالحق أن تقوليه ان هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك ، قال : أجل ! إني امرأة شابة وإني أبتغي ما تبتغي النساء . فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لكعب : اقض بينهما ، فقال أمير المؤمنين أحق ، فقال : عزمت عليك لتقضين بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم فقضى لها يوما وليلة من أربع ، فقال عمر : والله ما رأيك الاول بأعجب من الآخر ، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة . فلم يزل قاضيا حتى قتل يوم الجمل . راجع في ما ذكرناه عن كعب : الطبري 5 / 216 ، وط . أوربا 1 / 3211 ، والاستيعاب ص 221 222 الترجمة 933 ، وأسد الغابة 4 / 242 243 ، والاصابة 3 / 297 الترجمة 7495 ، والاشتقاق 500 ، وشرح النهج 2 / 81 ، وتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم 1 / 258 ، وطبقات ابن سعد 7 / 92 97 ط . بيروت ، والجمل للمفيد 156 157 ، والكامل للمبرد 3 / 242 ، ط . مصر وتحقيق ابراهيم الدلجموني . ( * )
- ج 1 ص 231 -
ولم يكن لكعب رأي في القتال ، فقد روى الطبري عنه : أنه قال يومذاك : أنا والله كما قالت القائلة : " يا بني لاتبن ولا تقاتل " .
وروى ابن سعد : أن كعب بن سور لما قدم طلحة والزبير وعائشة البصرة دخل في بيت وطين عليه بابه ، وجعل فيه كوة يناول منه طعامه وشرابه اعتزالا للفتنة ، فقيل لعائشة : إن كعب بن سور إن خرج معك لم يتخلف من الازد أحد ، فركب إليه فنادته وكلمته ، فلم يجبها فقالت : يا كعب ألست أمك ، ولي عليك حق ؟ فكلمها . . الحديث .
إن ابن سعد لم يعين القائل لعائشة : ( إن كعب بن سور إن خرج لم يتخلف عنك الازد ) ، والمفيد قد نسبه إلى طلحة والزبير ورواه هكذا : وتأخر عنهما الازد لقعود كعب بن سور القاضي عنهما وكان سيد الازد وأهل اليمن بالبصرة ، فأنفذا ليه رسوليهما يسألانه النصرة لهما ، والقتال معهما فأبى عليهما ، وقال : أنا أعتزل الفريقين ، فقالا : لئن قعد كعب خذلنا الازد بأسرها ولا غنى لنا عنه ، فصار إليه واستأذنا عليه فلم يأذن لهما وحجبهما ، فصارا إلى عائشة فخبراها خبره ، وسألاها أن تسير إليه فأبت وأرسلت إليه تدعوه إلى الحضور عندها فاستعفاها من ذلك . فقال طلحة والزبير : يا أم ! إن قعد عنا كعب قعدت عنا الازد كلها وهي حي البصرة فاركبي إليه ، فإنك إن فعلت لم يخالفك وانقاد لرأيك ، فركبت بغلا وأحاط بها نفر من أهل البصرة وذهبت إلى كعب . . الحديث .
وقال المبرد في الكامل : فلما كان يوم الجمل خرج كعب مع إخوة له ، قالوا : ثلاثة وقالوا : أربعة ، وفي عنقه مصحف فقتلوا جميعا فجاءت أمهم حتى وقفت عليهم فقالت :
يا عين جودي بدمع سرب * على فتية من خيار العرب
وما لهم غير حين النفو * س أي أميري قريش غلب