وروى المدائني والواقدي ( 259 ) عن ضبة والأزد : أنهم كانوا حول الجمل يحامون عنه ولقد كانت الرؤوس تندر عن الكواهل ( * ) ، والايدي تطيح من المعاصم ، وأقتاب البطن تندلق من الاجواف ، وهم حول الجمل كالجراد الثابتة لا تتحلحل ولا تتزلزل حتى لقد صرخ علي بأعلى صوته : ويلكم ! اعقروا الجمل فإنه شيطان ، ثم قال : اعقروه وإلا فنيت العرب ، لا يزال السيق قائما وراكعا حتى يهوي هذا البعير إلى الأرض .
قالوا ( 260 ) : واستدار الجمل كما تدور الرحاة ، وتكاثف الرجال حوله واشتد رغاؤه واشتد زحام الناس عليه ، ونادى الحتات المجاشعي ( 261 ) : أيها
( 259 ) برواية ابن أبي الحديد عنهما 1 / 84 .
( * ) " تندر " تقطع " واقتاب البطن تندلق " الامعاء تخرج من مكانها .
( 260 ) أبو مخنف وغيره ، راجع ابن أبي الحديد 1 / 87 .
( 261 ) الحتات بن يزيد بن علقمة بن حوى التميمي الدارمي المجاشعي ، وفد مع بني تميم على النبي ، وأسلم وآخى رسول الله بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ، ولما اجتمعت الخلافة لمعاوية قدم عليه الحتات ، وجارية بن قدامة ، والاحنف بن قيس ، وكلاهما من تميم ، وكان الحتات عثمانيا ، وكان جارية والاحنف من أصحاب علي ، فأعطاهما معاوية أكثر مما أعطى الحتات فرجع إليه ، فقال : فضلت علي محرقا ومخذلا ، قال : اشتريت منهما دينهما ( * )
- ج 1 ص 141 -
فإن الحرب لا يبوخ ضرامها ( * ) ما دام حيا ، إنهم اتخذوه قبلة .
وقال الطبري : ونادى علي أن اعقروا الجمل ، فإنه إن عقر تفرقوا ، فضربه رجل فسقط ، فما سمعت صوتا أشد من عجيج الجمل .
وفي رواية أخرى لأبي مخنف ( 264 ) : فلما رأى علي أن الموت عند الجمل ، وأنه ما دام قائما فالحرب لا تطفأ ، وضع سيفه على عاتقه ، وعطف نحوه ، وأمر أصحابه بذلك ، ومشى نحوه والخطام مع بني ضبة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، واستحر القتل في بني ضبة ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وخلص علي في جماعة من النخع وهمدان ( * ) إلى الجمل ، وقال لرجل من النخع اسمه " بجير " : دونك الجمل يا بجير ! فضرب عجز الجمل بسيفه فوقع لجنبه ، وضرب بجرانه الأرض وعج عجيجا لم يسمع بأشد منه ، فما هو إلا أن صرع الجمل حتى فرت الرجال كما يطير الجراد في الريح الشديدة الهبوب ، فنادى علي ، اقطعوا أنساع الهودج ، واحتملت عائشة بهودجها ، وأمر بالجمل أن يحرق ثم يذرى في الريح ، وقال : لعنه الله من دابة ، فما أشبه بعجل بني إسرائيل ، ثم قرأ : " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " .
لمتابعة الأحداث اضغط على الصفحة التالية أدناه
( * ) باخ الحر والغضب والنار : سكن وفتر وخمد .
( 264 ) لابي مخنف في شرح النهج 1 / 89 .
( * ) النخع وهمدان بطنان من كهلان من القحطانية . وهم بنو نخع بن عامر بن علة ، ومنهم مالك الأشتر ، وكميل بن زياد ، الجمهرة 389 ، وهمدان بن مالك بن زيد ، قال القلقشندي في النهاية ص 397 : وكانت همدان شيعة علي عند وقوع الفتن بين الصحابة ، وراجع الجمهرة 368 - 372 . ( *
قالوا ( 260 ) : واستدار الجمل كما تدور الرحاة ، وتكاثف الرجال حوله واشتد رغاؤه واشتد زحام الناس عليه ، ونادى الحتات المجاشعي ( 261 ) : أيها
( 259 ) برواية ابن أبي الحديد عنهما 1 / 84 .
( * ) " تندر " تقطع " واقتاب البطن تندلق " الامعاء تخرج من مكانها .
( 260 ) أبو مخنف وغيره ، راجع ابن أبي الحديد 1 / 87 .
( 261 ) الحتات بن يزيد بن علقمة بن حوى التميمي الدارمي المجاشعي ، وفد مع بني تميم على النبي ، وأسلم وآخى رسول الله بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ، ولما اجتمعت الخلافة لمعاوية قدم عليه الحتات ، وجارية بن قدامة ، والاحنف بن قيس ، وكلاهما من تميم ، وكان الحتات عثمانيا ، وكان جارية والاحنف من أصحاب علي ، فأعطاهما معاوية أكثر مما أعطى الحتات فرجع إليه ، فقال : فضلت علي محرقا ومخذلا ، قال : اشتريت منهما دينهما ( * )
- ج 1 ص 141 -
فإن الحرب لا يبوخ ضرامها ( * ) ما دام حيا ، إنهم اتخذوه قبلة .
وقال الطبري : ونادى علي أن اعقروا الجمل ، فإنه إن عقر تفرقوا ، فضربه رجل فسقط ، فما سمعت صوتا أشد من عجيج الجمل .
وفي رواية أخرى لأبي مخنف ( 264 ) : فلما رأى علي أن الموت عند الجمل ، وأنه ما دام قائما فالحرب لا تطفأ ، وضع سيفه على عاتقه ، وعطف نحوه ، وأمر أصحابه بذلك ، ومشى نحوه والخطام مع بني ضبة ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، واستحر القتل في بني ضبة ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وخلص علي في جماعة من النخع وهمدان ( * ) إلى الجمل ، وقال لرجل من النخع اسمه " بجير " : دونك الجمل يا بجير ! فضرب عجز الجمل بسيفه فوقع لجنبه ، وضرب بجرانه الأرض وعج عجيجا لم يسمع بأشد منه ، فما هو إلا أن صرع الجمل حتى فرت الرجال كما يطير الجراد في الريح الشديدة الهبوب ، فنادى علي ، اقطعوا أنساع الهودج ، واحتملت عائشة بهودجها ، وأمر بالجمل أن يحرق ثم يذرى في الريح ، وقال : لعنه الله من دابة ، فما أشبه بعجل بني إسرائيل ، ثم قرأ : " وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا " .
لمتابعة الأحداث اضغط على الصفحة التالية أدناه
( * ) باخ الحر والغضب والنار : سكن وفتر وخمد .
( 264 ) لابي مخنف في شرح النهج 1 / 89 .
( * ) النخع وهمدان بطنان من كهلان من القحطانية . وهم بنو نخع بن عامر بن علة ، ومنهم مالك الأشتر ، وكميل بن زياد ، الجمهرة 389 ، وهمدان بن مالك بن زيد ، قال القلقشندي في النهاية ص 397 : وكانت همدان شيعة علي عند وقوع الفتن بين الصحابة ، وراجع الجمهرة 368 - 372 . ( *