إعادة أم المؤمنين إلى بيتها :
في فتوح ابن أعثم قال : دعا علي ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فاستوى عليها ، واقبل إلى منزل عائشة ، ثم استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة حولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهن يبكين معها . قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية ( 272 ) امرأة
( 272 ) هي صفية بنت الحارث بن طلحة العبدرية وهي قرشية وليست بثقفية الا بالنسبة إلى زوجها . وفي مغازي الواقدي 307 ومن بني عبدالدار طلحة بن أبي طلحة يحمل لواءهم . قتله علي بن أبي طالب . وراجع ترجمة صفية في الاصابة ( 4 / 337 ) . ( * )
- ج 1 ص 248 -
عبد الله بن خلف الخزاعي فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلن بأجمعهن : يا قاتل الاحبة ! يا مفرقا بين الجميع ! أيتم الله منك بنيك كما ايتمت ولد عبد الله بن خلف . فنظر إليها علي فعرفها فقال : أما إني لا ألومك ان تبغضيني وقد قتلت جدك يوم بدر وقتلت عمك يوم أحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الاحبة كما تقولين ، لقتلت من في هذا البيت ومن في هذه الدار .
قال : فأقبل علي على عائشة فقال : الا تنحين كلابك هؤلاء عني . أما اني قد هممت ان افتح باب هذا البيت فأقتل من فيه ، ولولا حبي للعافية ، لاخرجتهم الساعة فضربت أعناقهم صبرا . قال : فسكت عائشة وسكتت النسوة فلم تنطق واحدة منهن ( 273 ) .
قال علي لابن عباس : إئت هذه المرأة فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه . قال ابن عباس فجئت فاستأذنت عليها ، فلم تأذن لي ، فدخلت بلا إذن ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها . فقالت : تالله يا ابن عباس ! ما رأيت مثلك ! تدخل بيتنا بلا إذننا ، وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا ؟ !
وفي رواية أخرى : " قالت : أخطأت السنة مرتين دخلت بيتي بغير إذني ، وجلست على متاعي بغير أمري ، قال : نحن علمناك السنة " ( 274 ) والله ما هو بيتك ، ولا بيتك إلا الذي أمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي ، إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجت منه . قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب . قلت : نعم وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
( 273 ) فتوح ابن أعثم 2 / 339 340 .
( 274 ) هذه الجملة في رواية المسعودي في مروجه ، واليعقوبي في تاريخه ، في ذكرهما حرب الجمل . ( * )
- ج 1 ص 249 -
قالت : أبيت أبيت . قلت : ما كان إباؤك إلا فواق ناقة بكيئة ( * ) ثم صرت ما تحلين ولا تمرين ( * ) ولا تأمرين ولا تنهين . قال : فبكت حتى علا نشيجها ( * ) . ثم قالت : نعم ، أرجع ، فإن أبغض البلدان إلي بلد أنتم فيه . قلت : أما والله ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما ، وجعلنا أباك لهم صديقا . قالت : أتمن علي برسول الله يا ابن عباس ؟ ! قلت : نعم ، نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به علينا . قال ابن عباس : فأتيت عليا فأخبرته ، فقبل بين عيني ، وقال : بأبي ذرية بعضها من بعض ( 275 ) .
وقال ابن عبد ربه : فجهزها بأحسن الجهاز ، وبعث معها أربعين امرأة وقيل سبعين حتى قدمت المدينة .
وفي فتوح ابن أعثم ( 2 / 341 ) : وقد كان علي ( رض ) أوصاهن وأمرهن ان يتزيين بزي الرجال عليهن العمائم فجعلت عائشة تقول في طريقها فعل بي علي وفعل ثم وجه معي رجالا يردوني إلى المدينة ، فسمعتها امرأة فحركت
( * ) فواق : ما بين الحلبتين من الوقت فان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ، ثم تحلب . ويقال : ما أقام عنده إلا فواقا ، أي قدر ما بين الحلبتين ، و " البكيئة " الناقة التي قل لبنها .
( * ) فلان ما يمر وما يحلي : ما يتكلم بحلو ولا مر ، ولا يفعل حلوا ولا مرا .
( * ) النشيج : أشد البكاء . مثل البكاء للصبي إذا ردد صوته في صدره .
( 275 ) لقد أوردت محاورة ابن عباس وام المؤمنين من العقد الفريد 4 / 328 329 ط . لجنة التأليف . وأوردها ابن أبي الحديد 2 / 82 ط . المصرية ، كذلك وابن أعثم في تاريخه ص 181 بتفصيل أوفى ، واليعقوبي في 2 / 213 مختصرا وكذلك المسعودي في مروجه 5 / 197 بهامش ابن الاثير . وتفصيله في ترجمة ابن عباس من مجمع الرواة ( 4 / 14 ) ، وفتوح ابن أعثم 2 / 339 .
- ج 1 ص 250 -
بعيرها حتى دنت منها ثم قالت : ويحك يا عائشة أما كفاك ما فعلت حتى إنك لتقولين في أبي الحسن ما تقولين ثم تقدمت النسوة وسفرن عن وجوههن فاسترجعت عائشة واستغفرت .
وقال الطبري : فسرحها علي وأرسل معها جماعة من رجال ونساء ، وجهزها وأمر لها باثني عشر ألفا من المال ، فاستقل ذلك عبد الله بن جعفر ( 276 ) فأخرج لها مالا عظيما وقال : إن لم يجزه أمير المؤمنين فهو علي .
وقال المسعودي : وقد بعث علي أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر وثلاثين رجلا وعشرين امرأة من ذوات الدين من عبد القيس وهمدان ، وقريب منه ما قاله اليعقوبي وابن أعثم ، غير أنهما لم يذكرا إرسال عبد الرحمن معها .
( 276 ) الطبري 5 / 204 205 ، والعقد الفريد 4 / 328 . عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية ، هاجر أبواه إلى الحبشة فولد هناك وهو أول مولود للمسلمين في الحبشة وقدم مع أبيه المدينة ، وتزوج أبو بكر أمه أسماء بعد مقتل جعفر فولدت له محمد ابن أبي بكر ، فهما أخوة لام ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن عشر سنين وكان كريما جوادا حليما يسمى بحر الجود ، أشهر الاقوال في وفاته أنه توفي سنة ثمانين عام الجحاف بالمدينة ، وقيل بل توفي سنة أربع أو خمس وثمانين ، وعمره تسعون ، أو احدى أو اثنتان وتسعون سنة ، وصلى عليه أمير المدينة يومذاك أبان بن عثمان . أسد الغابة 3 / 133 135 ، والاستيعاب ص 422 الترجمة 1466 . ( * )
في فتوح ابن أعثم قال : دعا علي ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فاستوى عليها ، واقبل إلى منزل عائشة ، ثم استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة حولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهن يبكين معها . قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية ( 272 ) امرأة
( 272 ) هي صفية بنت الحارث بن طلحة العبدرية وهي قرشية وليست بثقفية الا بالنسبة إلى زوجها . وفي مغازي الواقدي 307 ومن بني عبدالدار طلحة بن أبي طلحة يحمل لواءهم . قتله علي بن أبي طالب . وراجع ترجمة صفية في الاصابة ( 4 / 337 ) . ( * )
- ج 1 ص 248 -
عبد الله بن خلف الخزاعي فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلن بأجمعهن : يا قاتل الاحبة ! يا مفرقا بين الجميع ! أيتم الله منك بنيك كما ايتمت ولد عبد الله بن خلف . فنظر إليها علي فعرفها فقال : أما إني لا ألومك ان تبغضيني وقد قتلت جدك يوم بدر وقتلت عمك يوم أحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الاحبة كما تقولين ، لقتلت من في هذا البيت ومن في هذه الدار .
قال : فأقبل علي على عائشة فقال : الا تنحين كلابك هؤلاء عني . أما اني قد هممت ان افتح باب هذا البيت فأقتل من فيه ، ولولا حبي للعافية ، لاخرجتهم الساعة فضربت أعناقهم صبرا . قال : فسكت عائشة وسكتت النسوة فلم تنطق واحدة منهن ( 273 ) .
قال علي لابن عباس : إئت هذه المرأة فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه . قال ابن عباس فجئت فاستأذنت عليها ، فلم تأذن لي ، فدخلت بلا إذن ومددت يدي إلى وسادة في البيت فجلست عليها . فقالت : تالله يا ابن عباس ! ما رأيت مثلك ! تدخل بيتنا بلا إذننا ، وتجلس على وسادتنا بغير أمرنا ؟ !
وفي رواية أخرى : " قالت : أخطأت السنة مرتين دخلت بيتي بغير إذني ، وجلست على متاعي بغير أمري ، قال : نحن علمناك السنة " ( 274 ) والله ما هو بيتك ، ولا بيتك إلا الذي أمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي ، إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجت منه . قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك عمر بن الخطاب . قلت : نعم وهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
( 273 ) فتوح ابن أعثم 2 / 339 340 .
( 274 ) هذه الجملة في رواية المسعودي في مروجه ، واليعقوبي في تاريخه ، في ذكرهما حرب الجمل . ( * )
- ج 1 ص 249 -
قالت : أبيت أبيت . قلت : ما كان إباؤك إلا فواق ناقة بكيئة ( * ) ثم صرت ما تحلين ولا تمرين ( * ) ولا تأمرين ولا تنهين . قال : فبكت حتى علا نشيجها ( * ) . ثم قالت : نعم ، أرجع ، فإن أبغض البلدان إلي بلد أنتم فيه . قلت : أما والله ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما ، وجعلنا أباك لهم صديقا . قالت : أتمن علي برسول الله يا ابن عباس ؟ ! قلت : نعم ، نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به علينا . قال ابن عباس : فأتيت عليا فأخبرته ، فقبل بين عيني ، وقال : بأبي ذرية بعضها من بعض ( 275 ) .
وقال ابن عبد ربه : فجهزها بأحسن الجهاز ، وبعث معها أربعين امرأة وقيل سبعين حتى قدمت المدينة .
وفي فتوح ابن أعثم ( 2 / 341 ) : وقد كان علي ( رض ) أوصاهن وأمرهن ان يتزيين بزي الرجال عليهن العمائم فجعلت عائشة تقول في طريقها فعل بي علي وفعل ثم وجه معي رجالا يردوني إلى المدينة ، فسمعتها امرأة فحركت
( * ) فواق : ما بين الحلبتين من الوقت فان الناقة تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ، ثم تحلب . ويقال : ما أقام عنده إلا فواقا ، أي قدر ما بين الحلبتين ، و " البكيئة " الناقة التي قل لبنها .
( * ) فلان ما يمر وما يحلي : ما يتكلم بحلو ولا مر ، ولا يفعل حلوا ولا مرا .
( * ) النشيج : أشد البكاء . مثل البكاء للصبي إذا ردد صوته في صدره .
( 275 ) لقد أوردت محاورة ابن عباس وام المؤمنين من العقد الفريد 4 / 328 329 ط . لجنة التأليف . وأوردها ابن أبي الحديد 2 / 82 ط . المصرية ، كذلك وابن أعثم في تاريخه ص 181 بتفصيل أوفى ، واليعقوبي في 2 / 213 مختصرا وكذلك المسعودي في مروجه 5 / 197 بهامش ابن الاثير . وتفصيله في ترجمة ابن عباس من مجمع الرواة ( 4 / 14 ) ، وفتوح ابن أعثم 2 / 339 .
- ج 1 ص 250 -
بعيرها حتى دنت منها ثم قالت : ويحك يا عائشة أما كفاك ما فعلت حتى إنك لتقولين في أبي الحسن ما تقولين ثم تقدمت النسوة وسفرن عن وجوههن فاسترجعت عائشة واستغفرت .
وقال الطبري : فسرحها علي وأرسل معها جماعة من رجال ونساء ، وجهزها وأمر لها باثني عشر ألفا من المال ، فاستقل ذلك عبد الله بن جعفر ( 276 ) فأخرج لها مالا عظيما وقال : إن لم يجزه أمير المؤمنين فهو علي .
وقال المسعودي : وقد بعث علي أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر وثلاثين رجلا وعشرين امرأة من ذوات الدين من عبد القيس وهمدان ، وقريب منه ما قاله اليعقوبي وابن أعثم ، غير أنهما لم يذكرا إرسال عبد الرحمن معها .
( 276 ) الطبري 5 / 204 205 ، والعقد الفريد 4 / 328 . عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية ، هاجر أبواه إلى الحبشة فولد هناك وهو أول مولود للمسلمين في الحبشة وقدم مع أبيه المدينة ، وتزوج أبو بكر أمه أسماء بعد مقتل جعفر فولدت له محمد ابن أبي بكر ، فهما أخوة لام ، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ابن عشر سنين وكان كريما جوادا حليما يسمى بحر الجود ، أشهر الاقوال في وفاته أنه توفي سنة ثمانين عام الجحاف بالمدينة ، وقيل بل توفي سنة أربع أو خمس وثمانين ، وعمره تسعون ، أو احدى أو اثنتان وتسعون سنة ، وصلى عليه أمير المدينة يومذاك أبان بن عثمان . أسد الغابة 3 / 133 135 ، والاستيعاب ص 422 الترجمة 1466 . ( * )
تعليق