بقلم :نزار حيدر/جريدة الصباح
ترى،هل عنى الشاعر بقوله؛
كل يوم عـاشوراء
وكل ارض كــربلاء
والذي تحول الى أنشودةوشعار في وعي ولا وعي الاجيال على مر الزمن، هل عنى به أن نرى الحسين مقتولا كليوم، وأن نرى دماء السبط مراقة كل .يوم على كل شبر من وجه البسيطة؟هل هي دعوة لقتل الحسين وأهل بيتهوأصحابه الميامين، كل يوم وفي كل أرض، اينما وجدناه، واينما حل وارتحل؟.
هل هيدعوة لفسح المجال امام يزيد بن معاوية ليحكم الناس في كل عصر ومصر؟ ليعيد الكرةفيقتل ريحانة رسول الله (ص) السبط الشهيد؟.
شخصيا، لا ادري بالضبط ماذا عنىالشاعر في بيت الشعر هذا، ولكن دعوني هنا ان افترض ما عناه، من خلال رؤيتي للحدثالمهول الذي شهدته ارض كربلاء الطاهرة ظهيرة يوم العاشر من المحرم عام (61) للهجرة،من خلال ما يمكنني ان استقرأه من قول الشاعر الآنف الذكر.
دعونا نبدأ من دمعةالحسين في ذلك اليوم، وهي الدمعة التي تختلف بمعانيها كليا عن دمعة العقيلة زينب فينفس اليوم، بفارق ساعات من الزمن فقط.
فالحسين بكى قاتليه، اما زينب فقد بكتالحسين.
لكل دمعة، اذن، رسالة تختلف عن الاخرى. فلماذا بكى الحسين اعداءه؟ وماهي الرسالة التي اراد ان يبعث بها، عبر التاريخ، الى كل الاجيال التي سترث الارض منبعده؟.
ولماذا بكت زينب اخيها الحسين؟ وهل من رسالة في دمعتها؟.
لقدبكى الحسين عليه السلام أعداءه لأنهم (مظلومون) ظلموا انفسهم، فباؤوا بالخزي فيالدنيا واشد العذاب في الآخرة، فالحسين لم يبك ظالما ابدا، والى هذا المعنى تشيرالآية القرآنية الكريمة {واذ قال موسى لقومه، يا قوم انكم ظلمتم انفسكم، باتخاذكمالعجل، فتوبوا الى بارئكم، فاقتلوا انفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم(.
لقداختار لهم ربهم الدنيا والآخرة، فخسروا الاثنين، واختار لهم الحياة فاختاروا الموت،واختار لهم السعادة فاختاروا الشقاء، واختار لهم الحرية والعزة والكرامة، فاختارواالعبودية والذل والمهانة، ولكل ذلك باؤوا بغضب من الله تعالى، اولئك الذين يلعنهمالله ويلعنهم اللاعنون، بظلمهم انفسهم، فكانت دمعة الحسين عليهم من اجل تنبيههم الىذلك، ولالفات وعيهم الى الحقيقة.
لقد سعى الامام كثيرا وطويلا لردع اعدائه عنارتكاب فعلتهم الشنعاء، وبذل جهدا كبيرا من اجل ذلك، من خلال الحوار المباشر تارةوعقد الاجتماعات السرية والعلنية، والخطب العامة، والجدال بالتي هي احسن، تارةأخرى، حتى لا يعتذر احد منهم يوم القيامة بالجهل بالامور، او انه لم يكن على علمبحقيقة الاحداث.
لقد حاول الحسين عليه السلام رفع الغشاوة عن بصائر الناس،واطلاعهم عن الحقيقة كاملة، كما حاول ان يضعهم امام الامر الواقع، بكامل وعيهمومعرفتهم، لماذا؟ لأنه يحب الانسان الذي كرمه الخالق جل وعلا، فكان يكره ان يكونسببا لشقاء الانسان مهما كانت هويته وديانته وانتماؤه وعنصره وجنسه، ولذلك قاتله) عرب) اقحاح، و(مسلمون تعرفهم بسيماهم) و(رجال اشداء) فيما استشهد معه وبين يديه)مسيحيين) ونساء وأطفال، لأن القضية لم تكن قضية سلطة يتقاتل عليها الفريقان، ابدا،كما انها لم تكن قضية قومية او مذهبية او عنصرية او حتى دينية، وانما كانت قضيةانسانية مقدسة تجلى فيها معسكران، احدهما يمثل الحق فيما يمثل الآخر الباطل، احدهمايمثل الانسان وقوى الخير التي اودعها الله فيه، والثاني يمثل كل قوى الشر التي فيداخل الانسان، كما في الآية المباركة {ونفس وما سواها، فالهمها فجورها وتقواها، قدافلح من زكاها، وقد خاب من دساها} ولذلك لم يغلق الحسين بابه بوجه احد من الناسابدا، بغض النظر عن دينه او قوميته او جنسه، فكان باب الله تعالى وسفينة النجاة لمنشاء واحب ان يركبها ليحيا حياة طيبة في الدنيا وينجو بها يوم الفزع الاكبر.
لقد بكى الحسين قاتليه، قبل ان يتورطوا بدمه الزكي، وهو يرى فشل كل محاولاتهالانسانية والدينية التي بذلها من اجل انقاذهم من النار بسببه، وهم الذين تمثلوابقول الله عز وجل)أفأنت تنقذ من في النار(.
كانت دمعة الحسين انسانية، حاولبها انقاذ الانسان من الجهل والضلالة وسوء المنقلب والعاقبة، الا ان القوم فهمواالرسالة بالمقلوب، وفسروها خطأ، عندما تصوروا بانه يبكي نفسه، لأنه قريبا سيغدومقتولا.
ان دمعة الحسين على قاتليه في عاشوراء، تجلي البعد الانساني في ثورتهالمباركة وحركته الخالدة في ابهى صورة، والا بالله عليكم، هل رأيتم او سمعتم قتيلايبكي قاتليه؟.
ولأن ثورة الحسين انسانية ورسالية، فهو لم يستعجل القتال، اذلم يكن هدفه القتال لذاته، وانما من اجل الانسان، فاذا كان المنطق والحوار والخطاب،طريق الى حماية الانسان من نفسه الامارة بالسوء، فلماذا اللجوء، اذن، الىالسيف؟.
لقد حاول الحسين استفراغ كل طاقته في الحوار قبل ان يرد على رسلالقوم (النبال) التي صوبوها باتجاه معسكره ليستعجلوه القتال، ولو كان الامام لا يحبالانسان، لاستعجل القتال ليعجل بقاتليه الى النار، كما يفعل من يكرهون الانسان،ويحبون توريطه من خلال استدراجه الى مكامن الخطأ والجريمة، اما الحسين فقد سعى الىتنبيه الانسان الى خطئه وجريمته، في محاولة انسانية منه لانقاذه من براثنالجريمة.
انه فعل ازاء قاتليه، ما فعله ابوه الامام امير المؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام، الذي ظل يحاور (الخوارج) حتى عدل عن مقاتلته عشرات الآلاف منهم،كما تذكر ذلك كتب التاريخ، فبالكلمة حقن الامام دماء مغفلين، وبها حاول الحسين ذلك،وبها يحاول المصلحون الانسانيون.
فالمصلح، يوفر على الناس دماءهم، والمصلح لايحب الولوغ في دماء الناس، ولذلك فهو لا يوفر جهدا لتحريم دم الانسان وصونه منالهدر ما زال هناك متسع من الوقت والجهد والوسائل غير السيف والقتل.
علىالعكس من الطغاة والمجرمين الذين يبدأون خطوتهم الاولى نحو الهدف، بهدر الدم الحراموازهاق الروح المحترمة، وهنا يكمن الفارق الكبير بين المصلح والمجرم، فالاول هدفهحياة الانسان، اما الثاني فهدفه ممات الانسان، الاول يموت هو ليحيا الانسان،والثاني يموت الانسان ليحيا هو، وشتان بين الاثنين.
فالمصلح يبدا بالكلمة وقدينتهي الى السيف، اذا اضطر الى ذلك، اما الظالم فيبدأ بالسيف وينتهي اليه، انه يبدأبالدم وينتهي اليه، يبدأ بارواح الناس وينتهي اليها.
قد يقول قائل، ويسألسائل:
ألم يكن الامام علي علم بعنادهم وغيهم وضلالتهم؟ فلماذا، اذن، حاولوعظهم ونصيحتهم؟.
ويأتي الجواب من القرآن الكريم {معذرة الى الله} كما اجابالمؤمنون الذين استنكر عليهم بعض قومهم وعظهم للكافرين، بقولهم مستنكرين )لم تعظونقوما الله مهلكهم(
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فهي رسالة الى الاجيالوالتاريخ، ودرس للجميع، ليمارسوا الوعظ والارشاد حتى مع اعدى اعدائهم واشدهم ضراوة،فما بالك بالمغفلين الذين يعادون المرء عن جهل، قبل ان يقع السيف بين الطرفين، مناجل القاء الحجة اولا ومن اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من الجهل والتورط بالدم الحرام،من جانب آخر. لعل من هذا المعنى، يمكن ان نستنبط المفهوم الذي عناه الشاعر في قولهالانف الذكر.
فهو دعوة متكررة، لكل جيل وعصر، للحيلولة دون قتل الحسين كل يوم،ودون تكرار الحدث الذي شهدته كربلاء، على كل ارض، من اجل انقاذ الانسان من التورطفي الجريمة، انها دعوة صادقة من الامام لمنع أعدائنا، وقبل ذلك أعداء أنفسهم، منالمغرر بهم الذين غسلت ماكينة الدعاية الاموية المضللة عقولهم واماتت ضمائرهم وحطمتتفكيرهم، من ارتكاب مثل هذه الجريمة المروعة التي سيحجزون بسببها مقعدهم في قعرجهنم، لأن الامام، وهو الرحمة الربانية للبشر، يكره أن يكون سببا لدخول انسان واحدالنار، لجريمة يرتكبها بحقه، فكيف يمكنذلك؟.
كيف يمكن ان نحولدون تكرار الحدث المأساوي؟ وكيف يمكننا ان نمنع من تكرار الجريمة؟
وكيف يمكننا اننكون ممن يحفظ الحسين من القتل ويصون الدماء من ان تراق ظلما على الارض؟ وكيف لناان نكون ممن ينتصر للحسين قبل ان يقتل، ولكربلاء قبل ان يسيل عليها دم السبط، وللآلوالاصحاب قبل ان يقتلوا بسيف البغي، وللهاشميين والهاشميات قبل ان يأخذونهم سباياالى الشام؟.
الجواب في معرفة اسباب وقوع الحدث المهول، فمن خلال ازالتها، بعدمعرفتها، نحول دون تكرار الحدث.
فعندما تساس الامة براع مثل يزيد، الذي قال عنهالامام الحسين عليه السلام مخاطبا الوليد بن عتبة والي المدينة، عندما رفض اعطاءهالبيعة (... ويزيد فاسق، فاجر شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسقوالفجور) عندما تساس الامة بمثل هذا، فعلى الاسلام السلام، وعندما ينزو على منبررسول الله (ص) رجل كمعاوية بن ابي سفيان، فعلى الانسان السلام، وعندما يتسللالاعلام الاموي الى كل مكان، الى البيت والمدرسة والمسجد والسوق والى مخادع الناس،فعلى الحرية والكرامة والعزة السلام.
دعونا اولا نمنع من انعقاد سقيفة فيالامة، ثم نجاهد للحيلولة دون ان ينزو على السلطة حاكم كمعاوية بن ابي سفيان يحولالناس الى عبيد والمال الى دولة بين الاغنياء فيحرم منه فقراء الامة ويتخم آخرين،ويسخر خزينة البلاد لتحقيق رغباته الذاتية ونزواته الشخصية، فيصرفها لشراء الذمموصناعة الدعاية السوداء المضللة واختلاق الاحاديث والروايات الباطلة على لسان رسولالله (ص) كل ذلك من اجل تحويل الحكم الاسلامي الى ملك عضوض يتوارثه الطلقاء وابناءالطلقاء، فيحكم الامة باسم الاسلام، مثلا، رجل كيزيد الذي يشرب الخمر ويلعب بالقرودويقتل النفس المحترمة، ثم يدعو له ائمة المسلمين من على منابر الجمعة،كخليفة.
أية مهزلة في التاريخ هذه؟ بل أية مهزلة على مر التاريخ هذه؟ ففي كليوم لنا يزيد حاكم وفي كل يوم لنا معاوية خليفة للمسلمين وفي كل يوم لنا سقيفة وفيكل يوم لنا فتاوى تكفيرية ودعاية سوداء تضلل الناس وتغسل الادمغة واخيرا تقتلالحسين؟.
هنا مربط الفرس، اذن، فاذا حكم البلاد رجل كيزيد علينا ان نستعدلسماع نبأ قتل الحسين، واذا اعتلى منبر رسول الله رجل كمعاوية الذي قال للمسلمين فياول خطبة جامعة في مسجد الكوفة{ يا اهل الكوفة، اتروني قاتلتكم على الصلاة والزكاةوالحج؟ وقد علمت انكم تصلون وتزكون وتحجون، ولكني قاتلتكم لأتمر عليكم وألي رقابكم،وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون، الا ان كل دم اصيب في هذه مطلول، وكل شرط شرطتهفتحت قدمي هاتين}اذا اعتلى منبر الرسول رجل كهذا، فعلى الامة ان تتوقع قتل الحسينبين لحظة واخرى.
لذلك، اذا اردنا ان لا يتكرر المشهد الكربلائي في كل يوم وفيكل ارض، علينا اولا ان نمنع سقيفة ولا نقبل بمعاوية خليفة او يزيد حاكما، وان نقاطعالاعلام الاموي ولا نصغي الى اقوال المرجفين في المدينة، ونسير بركب الحسين، مهماغلا الثمن وكبرت التضحيات، فالحياة بلا كرامة موت في الدارين، والموت بعز حياة فيالدارين، اليس كذلك؟.
كذلك، على الامة ان تقف مع الحسين حيا، ولا تنتظر انيقتل فتبكيه ميتا، وهذا يتطلب منها ان تنصره وتنتصر له فارسا، قبل ان يترجل من علىصهوة جواده، كيف؟.
ان الحسين عليه السلام قيم ومبادئ وافكار ومناقبياتورسالة، انه ليس مجرد ثائر من اجل سلطة، او مغامر من اجل حكم، ابدا، والى هذاالمعنى اشار عليه السلام بقوله {الا واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولاظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) وابي علي بن ابي طالبعليه السلام، اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فاللهاولى بالحق، ومن رد علي هذا، اصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق وهو خيرالحاكمين.
هدف الحسين، اذن، كان الاصلاح اولا واخيرا، اصلاح ما فسد من حالالامة على يد الحكومات والانظمة التي تعاقبت على الحكم من بعد وفاة رسول الله (ص)واصلاح ما افسدته القوى الاجتماعية التي ملكت المال والاعلام وتاليا السلطة.
لقد جاد الحسين عليه السلام باغلى ما عنده من اجل تصحيح مسار الامة، واعادتها الىجادة الصواب والحق والعدل والانصاف، من اجل ان تحيا حرة كريمة وسعيدة بين اممالارض.
ان نتيجة حكم السلطات الظالمة للامة، يمكن تلخيصهبما يلي:
اولا؛ تغيير مسار النظام السياسي، من نظام يعتمد الشورى والانتخاب والبيعة والتداولالسلمي للسلطة، الى نظام يعتمد الوراثة في اعتلاء السلطة، واخذ البيعة بالعنفوالاكراه، وتاليا القتل والاغتيال والتآمر كأدوات يعتمدها المتصارعون على السلطةللفوز بها، وبقراءة سريعة لتاريخ المسلمين، والنماذج الكثيرة التي ترويها كتبالسيرة والخلفاء والسلاطين، يتضح لنا هذا المعنى جليا، لدرجة انه يزكم الانوفبفضائحه، ويخجل منه المرء الذي يكره الانتساب الى مثل هذا التاريخ، المهزلة.
ثانيا؛ محو القيم الانسانية التي اعتمدها الاسلام في العلاقة بين الحاكم والمحكوم،وبين الناس انفسهم، بين صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، وعالمهم ومتعلمهم، نساءهمورجالهم، وبين اركان الحكم انفسهم، كقيم المساواة والرأفة ومبدأ تكافؤ الفرص،والتكافل الاجتماعي والحرية والكرامة والصدق والتسامح والتعاون على البر والتقوىوالايثار وغير ذلك من المعاني والقيم السامية التي جاء بها الاسلام العظيم، لتحلمحلها، في ظل الانظمة الفاسدة والمستبدة، سياسات الأثرة والاقصاء والتمييز العنصريوالطائفي والعشائري والعبودية والاكراه وروح الانتقام والذلة وغيرها من السياساتالتي دمرت الامة، فتقهقرت الى الوراء لتصبح في آخر القافلة الانسانية وفي نهايةمسيرة البشرية.
لقد عنى الشاعر، اذن، ان كل يوم هو زمن مفتوح للصراع بين الحقوالباطل، وان كل ارض هي ساحة مفتوحة لهذا الصراع، وان على اهل الحق ان يواجهواالظلم صغيرا قبل ان ينمو ويكبر فيتمكن من قتل الحسين، وبذلك فقط يمكنهم ان يحولوادون تكرار تراجيديا كربلاء بكل فصولها المهولة وتفاصيلها المرعبة والاليمة.
اما دمعة زينب عليها السلام، فقد حملت رسالة أخرى، انها رسالة الرفض الابدي للظلم،وصرخة المظلوم في قصور الظالمين، لتهدم أواوينها، وتدمر قلاعها.
انها رسالةالاحتجاج على القتل، وسلاح المستضعفين في مواجهة سلاح التضليل، ووسيلة المظلوملاستنكار الظلم، واداة المقهور لاستنهاض الامة الغافلة والناس النيام والرعاعالمغفلين والعامة الجاهلة والصفوة التي اعماها الطمع واسال لعابها المال الحراموالحضوة الزائفة عند السلطان، انها الرسالة التي لا يمكن لظالم، مهما اوتي من قوةوجبروت، ان يحجبها عن الفضاء الخارجي، ولذلك امتدت هذه الرسالة الزينبية عبرالتاريخ وستظل ممتدة الى قيام الساعة، اذ سيفشل الظالمون في اخماد اوارها مهمافعلوا، ولنا في التاريخ اكبر دليل وانصع برهان، ولقد صدقت ابنة علي العقيلة زينبعندما خاطبت الطاغية يزيد في مجلسه بالشام قائلة {فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك،فوالله لا تمح ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك امدنا ولا تدحض عنك عارها، وهل رأيكالا فند وايامك الا عدد وجمعك الا بدد).
تحياتي
ترى،هل عنى الشاعر بقوله؛
كل يوم عـاشوراء
وكل ارض كــربلاء
والذي تحول الى أنشودةوشعار في وعي ولا وعي الاجيال على مر الزمن، هل عنى به أن نرى الحسين مقتولا كليوم، وأن نرى دماء السبط مراقة كل .يوم على كل شبر من وجه البسيطة؟هل هي دعوة لقتل الحسين وأهل بيتهوأصحابه الميامين، كل يوم وفي كل أرض، اينما وجدناه، واينما حل وارتحل؟.
هل هيدعوة لفسح المجال امام يزيد بن معاوية ليحكم الناس في كل عصر ومصر؟ ليعيد الكرةفيقتل ريحانة رسول الله (ص) السبط الشهيد؟.
شخصيا، لا ادري بالضبط ماذا عنىالشاعر في بيت الشعر هذا، ولكن دعوني هنا ان افترض ما عناه، من خلال رؤيتي للحدثالمهول الذي شهدته ارض كربلاء الطاهرة ظهيرة يوم العاشر من المحرم عام (61) للهجرة،من خلال ما يمكنني ان استقرأه من قول الشاعر الآنف الذكر.
دعونا نبدأ من دمعةالحسين في ذلك اليوم، وهي الدمعة التي تختلف بمعانيها كليا عن دمعة العقيلة زينب فينفس اليوم، بفارق ساعات من الزمن فقط.
فالحسين بكى قاتليه، اما زينب فقد بكتالحسين.
لكل دمعة، اذن، رسالة تختلف عن الاخرى. فلماذا بكى الحسين اعداءه؟ وماهي الرسالة التي اراد ان يبعث بها، عبر التاريخ، الى كل الاجيال التي سترث الارض منبعده؟.
ولماذا بكت زينب اخيها الحسين؟ وهل من رسالة في دمعتها؟.
لقدبكى الحسين عليه السلام أعداءه لأنهم (مظلومون) ظلموا انفسهم، فباؤوا بالخزي فيالدنيا واشد العذاب في الآخرة، فالحسين لم يبك ظالما ابدا، والى هذا المعنى تشيرالآية القرآنية الكريمة {واذ قال موسى لقومه، يا قوم انكم ظلمتم انفسكم، باتخاذكمالعجل، فتوبوا الى بارئكم، فاقتلوا انفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم(.
لقداختار لهم ربهم الدنيا والآخرة، فخسروا الاثنين، واختار لهم الحياة فاختاروا الموت،واختار لهم السعادة فاختاروا الشقاء، واختار لهم الحرية والعزة والكرامة، فاختارواالعبودية والذل والمهانة، ولكل ذلك باؤوا بغضب من الله تعالى، اولئك الذين يلعنهمالله ويلعنهم اللاعنون، بظلمهم انفسهم، فكانت دمعة الحسين عليهم من اجل تنبيههم الىذلك، ولالفات وعيهم الى الحقيقة.
لقد سعى الامام كثيرا وطويلا لردع اعدائه عنارتكاب فعلتهم الشنعاء، وبذل جهدا كبيرا من اجل ذلك، من خلال الحوار المباشر تارةوعقد الاجتماعات السرية والعلنية، والخطب العامة، والجدال بالتي هي احسن، تارةأخرى، حتى لا يعتذر احد منهم يوم القيامة بالجهل بالامور، او انه لم يكن على علمبحقيقة الاحداث.
لقد حاول الحسين عليه السلام رفع الغشاوة عن بصائر الناس،واطلاعهم عن الحقيقة كاملة، كما حاول ان يضعهم امام الامر الواقع، بكامل وعيهمومعرفتهم، لماذا؟ لأنه يحب الانسان الذي كرمه الخالق جل وعلا، فكان يكره ان يكونسببا لشقاء الانسان مهما كانت هويته وديانته وانتماؤه وعنصره وجنسه، ولذلك قاتله) عرب) اقحاح، و(مسلمون تعرفهم بسيماهم) و(رجال اشداء) فيما استشهد معه وبين يديه)مسيحيين) ونساء وأطفال، لأن القضية لم تكن قضية سلطة يتقاتل عليها الفريقان، ابدا،كما انها لم تكن قضية قومية او مذهبية او عنصرية او حتى دينية، وانما كانت قضيةانسانية مقدسة تجلى فيها معسكران، احدهما يمثل الحق فيما يمثل الآخر الباطل، احدهمايمثل الانسان وقوى الخير التي اودعها الله فيه، والثاني يمثل كل قوى الشر التي فيداخل الانسان، كما في الآية المباركة {ونفس وما سواها، فالهمها فجورها وتقواها، قدافلح من زكاها، وقد خاب من دساها} ولذلك لم يغلق الحسين بابه بوجه احد من الناسابدا، بغض النظر عن دينه او قوميته او جنسه، فكان باب الله تعالى وسفينة النجاة لمنشاء واحب ان يركبها ليحيا حياة طيبة في الدنيا وينجو بها يوم الفزع الاكبر.
لقد بكى الحسين قاتليه، قبل ان يتورطوا بدمه الزكي، وهو يرى فشل كل محاولاتهالانسانية والدينية التي بذلها من اجل انقاذهم من النار بسببه، وهم الذين تمثلوابقول الله عز وجل)أفأنت تنقذ من في النار(.
كانت دمعة الحسين انسانية، حاولبها انقاذ الانسان من الجهل والضلالة وسوء المنقلب والعاقبة، الا ان القوم فهمواالرسالة بالمقلوب، وفسروها خطأ، عندما تصوروا بانه يبكي نفسه، لأنه قريبا سيغدومقتولا.
ان دمعة الحسين على قاتليه في عاشوراء، تجلي البعد الانساني في ثورتهالمباركة وحركته الخالدة في ابهى صورة، والا بالله عليكم، هل رأيتم او سمعتم قتيلايبكي قاتليه؟.
ولأن ثورة الحسين انسانية ورسالية، فهو لم يستعجل القتال، اذلم يكن هدفه القتال لذاته، وانما من اجل الانسان، فاذا كان المنطق والحوار والخطاب،طريق الى حماية الانسان من نفسه الامارة بالسوء، فلماذا اللجوء، اذن، الىالسيف؟.
لقد حاول الحسين استفراغ كل طاقته في الحوار قبل ان يرد على رسلالقوم (النبال) التي صوبوها باتجاه معسكره ليستعجلوه القتال، ولو كان الامام لا يحبالانسان، لاستعجل القتال ليعجل بقاتليه الى النار، كما يفعل من يكرهون الانسان،ويحبون توريطه من خلال استدراجه الى مكامن الخطأ والجريمة، اما الحسين فقد سعى الىتنبيه الانسان الى خطئه وجريمته، في محاولة انسانية منه لانقاذه من براثنالجريمة.
انه فعل ازاء قاتليه، ما فعله ابوه الامام امير المؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام، الذي ظل يحاور (الخوارج) حتى عدل عن مقاتلته عشرات الآلاف منهم،كما تذكر ذلك كتب التاريخ، فبالكلمة حقن الامام دماء مغفلين، وبها حاول الحسين ذلك،وبها يحاول المصلحون الانسانيون.
فالمصلح، يوفر على الناس دماءهم، والمصلح لايحب الولوغ في دماء الناس، ولذلك فهو لا يوفر جهدا لتحريم دم الانسان وصونه منالهدر ما زال هناك متسع من الوقت والجهد والوسائل غير السيف والقتل.
علىالعكس من الطغاة والمجرمين الذين يبدأون خطوتهم الاولى نحو الهدف، بهدر الدم الحراموازهاق الروح المحترمة، وهنا يكمن الفارق الكبير بين المصلح والمجرم، فالاول هدفهحياة الانسان، اما الثاني فهدفه ممات الانسان، الاول يموت هو ليحيا الانسان،والثاني يموت الانسان ليحيا هو، وشتان بين الاثنين.
فالمصلح يبدا بالكلمة وقدينتهي الى السيف، اذا اضطر الى ذلك، اما الظالم فيبدأ بالسيف وينتهي اليه، انه يبدأبالدم وينتهي اليه، يبدأ بارواح الناس وينتهي اليها.
قد يقول قائل، ويسألسائل:
ألم يكن الامام علي علم بعنادهم وغيهم وضلالتهم؟ فلماذا، اذن، حاولوعظهم ونصيحتهم؟.
ويأتي الجواب من القرآن الكريم {معذرة الى الله} كما اجابالمؤمنون الذين استنكر عليهم بعض قومهم وعظهم للكافرين، بقولهم مستنكرين )لم تعظونقوما الله مهلكهم(
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فهي رسالة الى الاجيالوالتاريخ، ودرس للجميع، ليمارسوا الوعظ والارشاد حتى مع اعدى اعدائهم واشدهم ضراوة،فما بالك بالمغفلين الذين يعادون المرء عن جهل، قبل ان يقع السيف بين الطرفين، مناجل القاء الحجة اولا ومن اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من الجهل والتورط بالدم الحرام،من جانب آخر. لعل من هذا المعنى، يمكن ان نستنبط المفهوم الذي عناه الشاعر في قولهالانف الذكر.
فهو دعوة متكررة، لكل جيل وعصر، للحيلولة دون قتل الحسين كل يوم،ودون تكرار الحدث الذي شهدته كربلاء، على كل ارض، من اجل انقاذ الانسان من التورطفي الجريمة، انها دعوة صادقة من الامام لمنع أعدائنا، وقبل ذلك أعداء أنفسهم، منالمغرر بهم الذين غسلت ماكينة الدعاية الاموية المضللة عقولهم واماتت ضمائرهم وحطمتتفكيرهم، من ارتكاب مثل هذه الجريمة المروعة التي سيحجزون بسببها مقعدهم في قعرجهنم، لأن الامام، وهو الرحمة الربانية للبشر، يكره أن يكون سببا لدخول انسان واحدالنار، لجريمة يرتكبها بحقه، فكيف يمكنذلك؟.
كيف يمكن ان نحولدون تكرار الحدث المأساوي؟ وكيف يمكننا ان نمنع من تكرار الجريمة؟
وكيف يمكننا اننكون ممن يحفظ الحسين من القتل ويصون الدماء من ان تراق ظلما على الارض؟ وكيف لناان نكون ممن ينتصر للحسين قبل ان يقتل، ولكربلاء قبل ان يسيل عليها دم السبط، وللآلوالاصحاب قبل ان يقتلوا بسيف البغي، وللهاشميين والهاشميات قبل ان يأخذونهم سباياالى الشام؟.
الجواب في معرفة اسباب وقوع الحدث المهول، فمن خلال ازالتها، بعدمعرفتها، نحول دون تكرار الحدث.
فعندما تساس الامة براع مثل يزيد، الذي قال عنهالامام الحسين عليه السلام مخاطبا الوليد بن عتبة والي المدينة، عندما رفض اعطاءهالبيعة (... ويزيد فاسق، فاجر شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسقوالفجور) عندما تساس الامة بمثل هذا، فعلى الاسلام السلام، وعندما ينزو على منبررسول الله (ص) رجل كمعاوية بن ابي سفيان، فعلى الانسان السلام، وعندما يتسللالاعلام الاموي الى كل مكان، الى البيت والمدرسة والمسجد والسوق والى مخادع الناس،فعلى الحرية والكرامة والعزة السلام.
دعونا اولا نمنع من انعقاد سقيفة فيالامة، ثم نجاهد للحيلولة دون ان ينزو على السلطة حاكم كمعاوية بن ابي سفيان يحولالناس الى عبيد والمال الى دولة بين الاغنياء فيحرم منه فقراء الامة ويتخم آخرين،ويسخر خزينة البلاد لتحقيق رغباته الذاتية ونزواته الشخصية، فيصرفها لشراء الذمموصناعة الدعاية السوداء المضللة واختلاق الاحاديث والروايات الباطلة على لسان رسولالله (ص) كل ذلك من اجل تحويل الحكم الاسلامي الى ملك عضوض يتوارثه الطلقاء وابناءالطلقاء، فيحكم الامة باسم الاسلام، مثلا، رجل كيزيد الذي يشرب الخمر ويلعب بالقرودويقتل النفس المحترمة، ثم يدعو له ائمة المسلمين من على منابر الجمعة،كخليفة.
أية مهزلة في التاريخ هذه؟ بل أية مهزلة على مر التاريخ هذه؟ ففي كليوم لنا يزيد حاكم وفي كل يوم لنا معاوية خليفة للمسلمين وفي كل يوم لنا سقيفة وفيكل يوم لنا فتاوى تكفيرية ودعاية سوداء تضلل الناس وتغسل الادمغة واخيرا تقتلالحسين؟.
هنا مربط الفرس، اذن، فاذا حكم البلاد رجل كيزيد علينا ان نستعدلسماع نبأ قتل الحسين، واذا اعتلى منبر رسول الله رجل كمعاوية الذي قال للمسلمين فياول خطبة جامعة في مسجد الكوفة{ يا اهل الكوفة، اتروني قاتلتكم على الصلاة والزكاةوالحج؟ وقد علمت انكم تصلون وتزكون وتحجون، ولكني قاتلتكم لأتمر عليكم وألي رقابكم،وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون، الا ان كل دم اصيب في هذه مطلول، وكل شرط شرطتهفتحت قدمي هاتين}اذا اعتلى منبر الرسول رجل كهذا، فعلى الامة ان تتوقع قتل الحسينبين لحظة واخرى.
لذلك، اذا اردنا ان لا يتكرر المشهد الكربلائي في كل يوم وفيكل ارض، علينا اولا ان نمنع سقيفة ولا نقبل بمعاوية خليفة او يزيد حاكما، وان نقاطعالاعلام الاموي ولا نصغي الى اقوال المرجفين في المدينة، ونسير بركب الحسين، مهماغلا الثمن وكبرت التضحيات، فالحياة بلا كرامة موت في الدارين، والموت بعز حياة فيالدارين، اليس كذلك؟.
كذلك، على الامة ان تقف مع الحسين حيا، ولا تنتظر انيقتل فتبكيه ميتا، وهذا يتطلب منها ان تنصره وتنتصر له فارسا، قبل ان يترجل من علىصهوة جواده، كيف؟.
ان الحسين عليه السلام قيم ومبادئ وافكار ومناقبياتورسالة، انه ليس مجرد ثائر من اجل سلطة، او مغامر من اجل حكم، ابدا، والى هذاالمعنى اشار عليه السلام بقوله {الا واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولاظالما، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله (ص) وابي علي بن ابي طالبعليه السلام، اريد ان آمر بالمعروف وانهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فاللهاولى بالحق، ومن رد علي هذا، اصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق وهو خيرالحاكمين.
هدف الحسين، اذن، كان الاصلاح اولا واخيرا، اصلاح ما فسد من حالالامة على يد الحكومات والانظمة التي تعاقبت على الحكم من بعد وفاة رسول الله (ص)واصلاح ما افسدته القوى الاجتماعية التي ملكت المال والاعلام وتاليا السلطة.
لقد جاد الحسين عليه السلام باغلى ما عنده من اجل تصحيح مسار الامة، واعادتها الىجادة الصواب والحق والعدل والانصاف، من اجل ان تحيا حرة كريمة وسعيدة بين اممالارض.
ان نتيجة حكم السلطات الظالمة للامة، يمكن تلخيصهبما يلي:
اولا؛ تغيير مسار النظام السياسي، من نظام يعتمد الشورى والانتخاب والبيعة والتداولالسلمي للسلطة، الى نظام يعتمد الوراثة في اعتلاء السلطة، واخذ البيعة بالعنفوالاكراه، وتاليا القتل والاغتيال والتآمر كأدوات يعتمدها المتصارعون على السلطةللفوز بها، وبقراءة سريعة لتاريخ المسلمين، والنماذج الكثيرة التي ترويها كتبالسيرة والخلفاء والسلاطين، يتضح لنا هذا المعنى جليا، لدرجة انه يزكم الانوفبفضائحه، ويخجل منه المرء الذي يكره الانتساب الى مثل هذا التاريخ، المهزلة.
ثانيا؛ محو القيم الانسانية التي اعتمدها الاسلام في العلاقة بين الحاكم والمحكوم،وبين الناس انفسهم، بين صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، وعالمهم ومتعلمهم، نساءهمورجالهم، وبين اركان الحكم انفسهم، كقيم المساواة والرأفة ومبدأ تكافؤ الفرص،والتكافل الاجتماعي والحرية والكرامة والصدق والتسامح والتعاون على البر والتقوىوالايثار وغير ذلك من المعاني والقيم السامية التي جاء بها الاسلام العظيم، لتحلمحلها، في ظل الانظمة الفاسدة والمستبدة، سياسات الأثرة والاقصاء والتمييز العنصريوالطائفي والعشائري والعبودية والاكراه وروح الانتقام والذلة وغيرها من السياساتالتي دمرت الامة، فتقهقرت الى الوراء لتصبح في آخر القافلة الانسانية وفي نهايةمسيرة البشرية.
لقد عنى الشاعر، اذن، ان كل يوم هو زمن مفتوح للصراع بين الحقوالباطل، وان كل ارض هي ساحة مفتوحة لهذا الصراع، وان على اهل الحق ان يواجهواالظلم صغيرا قبل ان ينمو ويكبر فيتمكن من قتل الحسين، وبذلك فقط يمكنهم ان يحولوادون تكرار تراجيديا كربلاء بكل فصولها المهولة وتفاصيلها المرعبة والاليمة.
اما دمعة زينب عليها السلام، فقد حملت رسالة أخرى، انها رسالة الرفض الابدي للظلم،وصرخة المظلوم في قصور الظالمين، لتهدم أواوينها، وتدمر قلاعها.
انها رسالةالاحتجاج على القتل، وسلاح المستضعفين في مواجهة سلاح التضليل، ووسيلة المظلوملاستنكار الظلم، واداة المقهور لاستنهاض الامة الغافلة والناس النيام والرعاعالمغفلين والعامة الجاهلة والصفوة التي اعماها الطمع واسال لعابها المال الحراموالحضوة الزائفة عند السلطان، انها الرسالة التي لا يمكن لظالم، مهما اوتي من قوةوجبروت، ان يحجبها عن الفضاء الخارجي، ولذلك امتدت هذه الرسالة الزينبية عبرالتاريخ وستظل ممتدة الى قيام الساعة، اذ سيفشل الظالمون في اخماد اوارها مهمافعلوا، ولنا في التاريخ اكبر دليل وانصع برهان، ولقد صدقت ابنة علي العقيلة زينبعندما خاطبت الطاغية يزيد في مجلسه بالشام قائلة {فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك،فوالله لا تمح ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك امدنا ولا تدحض عنك عارها، وهل رأيكالا فند وايامك الا عدد وجمعك الا بدد).
تحياتي