ما تزال فتوى الشيخ عبدالعزيز بن باز مفتي السعودية حول الصلح مع الكيان الصهيوني والتي نشرت في صحيفة (( المسلمون ))، السعودية تثير ردود فعل مستهجنه في الاوساط الإسلامية،
وننقل هنا بعض التعليقات على الفتوى من
الدكتور يوسف القرضاوي من مصر
والدكتور همام سعيد والدكتور محمد أبوفارس من الاردن
إضافة إلى التعليق الأهم والذي جاء عند انعقاد مؤتمر مدريد في صورة رسالة موجهة إلى الشيخ بن باز من مجموعة من علماء السعودية.
العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز واحد من كبار علماء المسلمين المرموقين في هذا العصر، وفتاواه معتبرة في الأوساط العلمية والدينية وهو رجل يوثق بعلمه ودينه، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى. ولكنه ـ على كل حال ـ ليس بمعصوم، فكل بشر يصيب ويخطئ وقد تعلمنا من سلفنا الصالح: ان كل واحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أجل هذا جاء التحذير من (زلات العلماء) ومن (زيفة الحكيم) كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه، فيما رواه أبوداود. وقد قال معاذ: احذروا زيفة الحكيم، ولا يثنيكم ذلك عنه، فإنه لعله ان يراجع.
وفتوى العلامة ابن باز التي نشرت حول السلام مع ((اسرائيل)) ـ ان صحت عنه ـ يخالف فيها الكثير من علماء المسلمين. وأنا منهم وعلى الرغم من مودتي وتقديري الكبير له، ولكن كما قال الحافظ الذهبي عن شيخه الإمام ابن تيمية شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه! وفي رأيي أن موضع الخطأ في فتوى الشيخ حفظه الله ليست في الحكم الشرعي والاستدلال له، فالحكم في ذاته صحيح، و الاستدلال له لاغبار عليه، ولكن الخطأ هنا في تنزيل غير صحيح، وهو ما يسميه الاصولويون ((تحقيق المناط)) فالمناط الذي بني عليه الحكم لم يتحقق وأوضح ذلك فيما يلي:
بنى الشيخ ابن باز فتواه على أمرين أو على دليلين:
الأول: قوله تعالى: C وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله B.
الثاني: ان الهدنة تجوز شرعاً مؤقتة ومطلقة، وكلاهما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم مشركي مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، يكف بعضهم عن بعض، وصالح كثيراً من قبائل العرب صلحاً مطلقاً، فلما فتح مكة نبذ إليهم عهودهم، وأجّل من لاعهد له أربعة أشهر.
وعلى أساس هذين الدليلين قال الشيخ يجوز لولي الأمر ان يعقد الهدنة إذا رأى المصلحة في ذلك.
وينظر في الدليل الأول للشيخ العلامة، وهو الآية الكريمة من سورة الأنفال، تقول لامشاحة في ان العدو إذا جنح للسلم ينبغي نحن ان نجنح لها متوكلين على الله، ولكن تطبيق هذا على واقع اليهود معنا غير صحيح، لان اليهود الغاصبين لم يجنحوا للسلم يوما وكيف يعتبر اليهود جانحين للسلم بعد ان اغتصبوا الأرض، وسفكوا الدماء، وشردوا الأهل واخرجوا الناس من ديارهم بغير حق؟ وما مثل اليهود من أهل فلسطين إلا كمثل رجل اغتصب دارك. واحتلها بأهله وأولاده واتباعه بالقوة والسلاح واخرجك واهلك وعيالك منها، وشردك في العراء وظللت أنت وعيالك تقاومه وتحاربه ويحاربك، وتقاتله ويقاتلك، كي تسترجع دارك، وتسترد حقك.. وبعد مدة طالت من الزمن قال لك: تعال اصالحك واسالمك، سأترك لك حجرة من الدار الكبيرة ـ دارك أنت ـ على أن تسالمني ولا تحاربني، وتسالمني ولا تنازعني فسأترك لك الأرض مقابل سلامي، مع أن الأرض أو الحجرة التي سيتنازل عنها في زعمه أرضك أنت مقابل سلامه هو! فهل يعتبر مثل هذا المغتصب المصر على اغتصابه جانحاً للسلم؟!
ان الآية التي ذكرها هنا ليست آية سورة الأنفال، بل آية سورة محمد (ص)]فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم[.
وننظر في الدليل الثاني للشيخ، وهو ان الهدنة تجوز مؤقتة ومطلقة فنقول: ان الهدنة معناها وقف القتال ولكن هل الذي وقع مع اليهود مجرد هدنة تترك فيها الحرب ويوقف فيها القتال ويكف الناس بعضهم عن بعض؟
الواقع يقول: ان الذي حدث بين اليهود والفلسطينين ليس مجرد هدنة، بل هو شيء أكبر وأخطر، واعتراف اليهود بأن الأرض التي اغتصبوها بالحديد والنار، شردوا أهلها بالملايين، أصبحت ملكاً لهم أصبحت لهم السيادة الشرعية عليها، وغدت حيفاً ويافا وعكا واللد والرملة وبير السبع، بل القدس نفسها أرضاً إسرائيلية وان هذه البلاد العربية الإسلامية التي ظلت أكثر من ثلاثة عشر قرناً مع المسلمين، صارت جزءاً من دولة ((إسرائيل)) اليهودية الصهيونية، ولم يعد لنا حق فيها، ولا حتى مجرد المطالبة بها، ومعنى هذا: ان ما أخذ بالسلاح والقوة اكتسب الشرعية!
ما حدث إذاً ليس مجرد هدنة كما تصور شيخنا الكريم، بل هو اعتراف كامل بحق (( إسرائيل)) في أرضنا الإسلامية العربية، وفي سيادتهم عليها، وانها اخرجت من أيدينا إلى الأبد! قد وقعنا على ذلك العقود وأشهدنا على ذلك الشهود! إننا هنا نخالف سماحة الشيخ في تطبيق الحكم الشرعي على الواقع الراهن، فهو تطبيق ـ في نظرنا ـ غير سليم.
لمتابعة الموضوع
وننقل هنا بعض التعليقات على الفتوى من
الدكتور يوسف القرضاوي من مصر
والدكتور همام سعيد والدكتور محمد أبوفارس من الاردن
إضافة إلى التعليق الأهم والذي جاء عند انعقاد مؤتمر مدريد في صورة رسالة موجهة إلى الشيخ بن باز من مجموعة من علماء السعودية.
العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز واحد من كبار علماء المسلمين المرموقين في هذا العصر، وفتاواه معتبرة في الأوساط العلمية والدينية وهو رجل يوثق بعلمه ودينه، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله تعالى. ولكنه ـ على كل حال ـ ليس بمعصوم، فكل بشر يصيب ويخطئ وقد تعلمنا من سلفنا الصالح: ان كل واحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أجل هذا جاء التحذير من (زلات العلماء) ومن (زيفة الحكيم) كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه، فيما رواه أبوداود. وقد قال معاذ: احذروا زيفة الحكيم، ولا يثنيكم ذلك عنه، فإنه لعله ان يراجع.
وفتوى العلامة ابن باز التي نشرت حول السلام مع ((اسرائيل)) ـ ان صحت عنه ـ يخالف فيها الكثير من علماء المسلمين. وأنا منهم وعلى الرغم من مودتي وتقديري الكبير له، ولكن كما قال الحافظ الذهبي عن شيخه الإمام ابن تيمية شيخ الإسلام حبيب إلينا ولكن الحق أحب إلينا منه! وفي رأيي أن موضع الخطأ في فتوى الشيخ حفظه الله ليست في الحكم الشرعي والاستدلال له، فالحكم في ذاته صحيح، و الاستدلال له لاغبار عليه، ولكن الخطأ هنا في تنزيل غير صحيح، وهو ما يسميه الاصولويون ((تحقيق المناط)) فالمناط الذي بني عليه الحكم لم يتحقق وأوضح ذلك فيما يلي:
بنى الشيخ ابن باز فتواه على أمرين أو على دليلين:
الأول: قوله تعالى: C وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله B.
الثاني: ان الهدنة تجوز شرعاً مؤقتة ومطلقة، وكلاهما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم مشركي مكة على ترك الحرب عشر سنين، يأمن فيها الناس، يكف بعضهم عن بعض، وصالح كثيراً من قبائل العرب صلحاً مطلقاً، فلما فتح مكة نبذ إليهم عهودهم، وأجّل من لاعهد له أربعة أشهر.
وعلى أساس هذين الدليلين قال الشيخ يجوز لولي الأمر ان يعقد الهدنة إذا رأى المصلحة في ذلك.
وينظر في الدليل الأول للشيخ العلامة، وهو الآية الكريمة من سورة الأنفال، تقول لامشاحة في ان العدو إذا جنح للسلم ينبغي نحن ان نجنح لها متوكلين على الله، ولكن تطبيق هذا على واقع اليهود معنا غير صحيح، لان اليهود الغاصبين لم يجنحوا للسلم يوما وكيف يعتبر اليهود جانحين للسلم بعد ان اغتصبوا الأرض، وسفكوا الدماء، وشردوا الأهل واخرجوا الناس من ديارهم بغير حق؟ وما مثل اليهود من أهل فلسطين إلا كمثل رجل اغتصب دارك. واحتلها بأهله وأولاده واتباعه بالقوة والسلاح واخرجك واهلك وعيالك منها، وشردك في العراء وظللت أنت وعيالك تقاومه وتحاربه ويحاربك، وتقاتله ويقاتلك، كي تسترجع دارك، وتسترد حقك.. وبعد مدة طالت من الزمن قال لك: تعال اصالحك واسالمك، سأترك لك حجرة من الدار الكبيرة ـ دارك أنت ـ على أن تسالمني ولا تحاربني، وتسالمني ولا تنازعني فسأترك لك الأرض مقابل سلامي، مع أن الأرض أو الحجرة التي سيتنازل عنها في زعمه أرضك أنت مقابل سلامه هو! فهل يعتبر مثل هذا المغتصب المصر على اغتصابه جانحاً للسلم؟!
ان الآية التي ذكرها هنا ليست آية سورة الأنفال، بل آية سورة محمد (ص)]فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم[.
وننظر في الدليل الثاني للشيخ، وهو ان الهدنة تجوز مؤقتة ومطلقة فنقول: ان الهدنة معناها وقف القتال ولكن هل الذي وقع مع اليهود مجرد هدنة تترك فيها الحرب ويوقف فيها القتال ويكف الناس بعضهم عن بعض؟
الواقع يقول: ان الذي حدث بين اليهود والفلسطينين ليس مجرد هدنة، بل هو شيء أكبر وأخطر، واعتراف اليهود بأن الأرض التي اغتصبوها بالحديد والنار، شردوا أهلها بالملايين، أصبحت ملكاً لهم أصبحت لهم السيادة الشرعية عليها، وغدت حيفاً ويافا وعكا واللد والرملة وبير السبع، بل القدس نفسها أرضاً إسرائيلية وان هذه البلاد العربية الإسلامية التي ظلت أكثر من ثلاثة عشر قرناً مع المسلمين، صارت جزءاً من دولة ((إسرائيل)) اليهودية الصهيونية، ولم يعد لنا حق فيها، ولا حتى مجرد المطالبة بها، ومعنى هذا: ان ما أخذ بالسلاح والقوة اكتسب الشرعية!
ما حدث إذاً ليس مجرد هدنة كما تصور شيخنا الكريم، بل هو اعتراف كامل بحق (( إسرائيل)) في أرضنا الإسلامية العربية، وفي سيادتهم عليها، وانها اخرجت من أيدينا إلى الأبد! قد وقعنا على ذلك العقود وأشهدنا على ذلك الشهود! إننا هنا نخالف سماحة الشيخ في تطبيق الحكم الشرعي على الواقع الراهن، فهو تطبيق ـ في نظرنا ـ غير سليم.

لمتابعة الموضوع
تعليق