
السلام عليكم
الرد على بعض الشبهات
لقد قلنا سابقاً أن المرأة كالرجل في الإسلام لها حقوق وعليها واجبات، ولكن قد يعترض بعض الناس بأنه لو كان الأمر كذلك حقاً، فلماذا يوجد بعض التحفظات في القانون الإسلامي على المرأة ولا توجد هذه التحفظات على الرجل، فمثلاً لماذا في قانون الوراثة في الإسلام ترث المرأة نصف نصيب الرجل، أليس هذا تمييزاً للرجل على المرأة، كذلك في الشهادة أن شهادة الرجل بشهادة امرأتين؟ وأمور أخرى سوف نذكرها خلال كلامنا إن شاء الله.
وقبل أن نبدأ في الجواب على هذه التحفظات، نقول إن الأحكام الإسلامية ليست كأحكام الأنظمة الحديثة اليوم التي هي من وضع البشر، الأحكام في الإسلام أحكام إلهية نزلت من السماء على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله ، فالله هو خالق العباد وهو أعرف بمصالحهم ومفاسدهم أكثر من أي إنسان، فالله أعلم منا بأنفسنا وهو أعلم بما يضرنا وينفعنا، فهو لا يوجب علينا واجباً إلا وهو يعلم أن فيه مصلحة كبيرة للإنسان، ولا يحرم علينا شيئاً إلا وهو يعلم أنه يضرنا وأن فيه مفسدة كبيرة لنا، ونحن لا نعلم ضرر الأشياء ونفعها إلا بما توصل إليه العلم من تحليلات ونظريات، وهذه النظريات قابلة للنقض ويحتمل فيها الخطأ والصواب، أما القانون الإلهي فلا يحتمل فيه الخطأ أبداً.
لذا نحن لا يحق لنا الاعتراض في الإسلام على القانون الإلهي وأنه لا يصلح اليوم أو غداً، إذ الاعتراض على القانون الإلهي هو اعتراض على الله سبحانه واعتراض على حكمته تعالى، وهذا أمر غير جائز في الإسلام ولا في أي شريعة إلهية، نعم يمكنك الاعتراض على القوانين الوضعية لأنها من وضع البشر التي تصيب وتخطئ ولأن القوانين الوضعية عندما وضعت لم يلاحظ فيها كل الظروف والاحتمالات التي تحيط بالحادثة لذلك أنت تجد أنه كثيراً ما تمر حالات في القضاء ليس لها نص في القانون وتكون مفاجأة للقضاء والقضاة.
بينما القانون الإسلامي الذي هو قانون إلهي قد لوحظ فيه كل الجوانب المادية والنفسية والمصالح الفردية والعامة فلا يمكن أن يكون فيه خلل أو ضعف أو نقص. نعم يمكننا المناقشة في مفهوم القانون وتفسيره إن لم يكن نصاً واضحاً ، أو يمكننا المناقشة في وجود القانون وصدوره إذا لم يكن ثابتاً بالأدلة القطعية . أو يمكننا المناقشة في حدود القانون كحجاب المرأة ، فحكم الحجاب موجود لكن الخلاف هل هو في ستر كامل البدن حتى الوجه والكفين أم ما عدا الوجه والكفين .
لقد قدمنا هذه المقدمة لنقول أنه قد حاول الكثير الجواب على الاعتراضات التي ذكرناها في مسألة الوراثة والشهادة وغيرها من الأمور، ولكن هذه المحاولات وهذه الإجابات قد تكون صحيحة وقد لا تكون صحيحة، والواقع أن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم بفلسفة هذه القوانين وعللها.
وهذه الاشكالات لم تكن موجودة في المجتمع الإسلامي الذي كان عالماً بأحكام الإسلام وقوانينه، وإنما هذه الإشكالات جاءت بعد أن اختلطت ثقافة المسلمين بثقافات أخرى وأخذت ثقافة المسلمين بأحكام دينهم تنعدم شيئا فشيئاً، وإلا فهذه الإشكالات مجرد إثاراتٍ الهدف منها تشكيك المسلم بإسلامه والانحراف عن طريقه المستقيم ، وإلا أنا كمؤمن بالله وبرسوله سواء الرجل أو المرأة المفروض أن تكون ثقته بالله كبيرة ويجب أن يتيقن بأن الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يظلم فرداً من مخلوقاته ولا يمكن أن يفضل أحداً من البشر على أحد إلا من خلال أعماله وتقواه كما قال تعالى في كتابه الكريم :
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " 49/ 13
فالله سبحانه وتعالى عندما وضع القوانين والأحكام التي تتعلق بالمرأة وضعها وهو عالم بظروف المرأة الاجتماعية والنفسية والبدنية. فعندما يوجب عليها أمراً ما، يعلم أنه يناسب أحوالها الفيزيولوجية والبيولوجية والسيكولوجية وإلا لا يوجبه عليها، وكلما حرم عليها أمراً أو منعه عنها فهو ناظر أيضاً إلى هذه الأمور، وكذلك في جانب الرجل. ولا نحتاج إلى التفسير العلمي في القوانين الإلهية لأن العلم يتأخر كثيراً حتى يصل إلى حقيقة الأمر، فمثلاً الله سبحانه وتعالى حرم لبس الذهب على الرجال والعلم الحديث اكتشف الآن أن الذهب يؤثر سلباً على بعض خلايا الرجل، فإننا لا نستطيع أن نقول أن الإسلام حرم لبس الذهب لأجل هذه العلة العلمية حتماً، بل يمكن أن يكون لأجل ذلك ويمكن أن يكون لأجل أمر لا نعلمه نحن، وقد يكون لمسألة اجتماعية أو نفسية وغير ذلك.
ثم إن النظريات العلمية قد تتغير ويتبين فسادها بعد مدة طويلة، كما هو معروف عند أهل العلم والمعرفة. فلو جاءنا عالم اليوم وقال لنا بأن لبس الذهب لا يؤثر على خلايا الرجل سلباً وأبطل النظرية الحالية بالدليل العلمي فهل هذا يعني أننا نلغي حرمة لبس الذهب ؟ بالطبع لا ، لأن الحرمة لا نعلم علتها الأساسية ، نعم لو ثبت لنا بأن الحكم الشرعي الفلاني قد شرع من أجل علة ما وانتفت العلة لأمكننا القول بأن الحكم يرتفع حينئذ . لكن الحكم يرتفع بسبب ارتفاع موضوعه لا لأجل خطأ في التشريع الإلهي .
إذاً نحن لا نعتمد على التفسير العلمي لحرمة لحم الكلب أو الميتة، أو غير ذلك من الأحكام الإسلامية. بل نؤمن بأن الله سبحانه أعلم بأحوالنا وقد وضع لنا الأحكام والقوانين التي تناسبنا وتناسب تركيبتنا النفسية والحيوية.
نعود الآن للجواب على بعض الاعتراضات أو بعض التحفظات التي وضعها الإسلام في جانب المرأة. وقد تبين الجواب فيما قدمناه وهو يصلح لأن يكون جواباً لكل الاعتراضات المحتملة، إلا أننا نذكر ما يذكره المسلمون عادة في الجواب على بعض الاعتراضات ولعلها تكون صحيحة والله أعلم من الجميع.
أولاً- مسألة الميراث: بعضهم يعترض أنه لماذا ترث المرأة نصف نصيب الرجل أليس هذا تمييزاً مخالفاً لحقوق المرأة كإنسان ؟ ويجاب عن ذلك:
أ – ليس في كل الحالات ترث المرأة نصف نصيب الرجل، وإنما ترث ذلك في حالين فقط؛ الأول في حال ترك الميت أولاداً ذكوراً وإناثاً، والآخر إذا لم يكن عند الميت أولاد، وترك الميت أخوة ذكوراً وإناثاً. وإلا لو كانت ابنة الميت الوحيدة أو أخته الوحيدة مثلاً فإنها ترث نصف المال فقط على مذاهب أهل السنة ولها كل المال على مذهب الإمام جعفر الصادق. ولو كانت زوجة فلها الربع مع عدم الولد للميت ولها الثمن مع وجود الولد للميت وقد يكون هذا الثمن أكثر من نصيب الولد الذكر في بعض الحالات. وهكذا الأمر في بقية الفروض على تفصيل موجود في باب الإرث.
ب - ترث المرأة نصف نصيب الرجل لأن الالتزامات المالية عند الرجل أكثر من التزامات المرأة في الإسلام، فالرجل تجب عليه النفقة للزوجة وللأولاد، وهذا لا يجب على الزوجة، والرجل يدفع المهر للزوجة وهي لا تدفع. والرجل يدفع زكاة الفطرة عن كل أفراد العائلة ومنهم الزوجة. وهكذا لو أجرينا عملية موازنة بين صادرات المرأة ووارداتها وبين صادرات وواردات الرجل نجد أن كفة المرأة هي الراجحة، بالإضافة إلى أن المرأة في الإسلام غالباً مكفولة مالياً إما من الزوج وإما من الأب بينما إذا بلغ الرجل مبالغ الرجال يستطيع الأب أن يقول له أمِّن لنفسك عملاً كي تنفق على نفسك وهذا لا يقال للبنت في المجتمع الإسلامي، فالأب ينفق على ابنته إلى أن تتزوج سواء تأخرت في زواجها أم لا، تزوجت أم لا.
ثانياً – مسألة الشهادة في القضاء
إذ بعض الناس يعترض بأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في القضاء الإسلامي .
ويجاب عن هذا الاعتراض بالإضافة إلى ما ذكرناه، أن هذه المسألة ناشئة من طبيعة المرأة الفيزيولوجية والسيكولوجية التي تختلف عن الرجل، فالمرأة خلقها الله سبحانه بنسبة عالية من الحنان والعطفة والرقة والجمال كي تكون مؤهلة لشؤون البيت والأطفال والولادة والرضاعة والحضانة، بالإضافة إلى كونها زوجة تحتاج إلى الرقة والجمال. فكل هذه الأمور تجعلها أكثر عاطفية من الرجل وهذا ثابت علمياً أيضاً وسوف نتحدث في هذا الأمر فيما بعد إن شاء الله. فالمرأة لها وضع خاص في المجتمع الإسلامي يجعلها أكثر نسياناً من الرجل وأكثر عاطفة منه، والشهادة في القضاء ترتبط بالدماء والأموال والأعراض لذا شددت الشريعة الإسلامية فيها من باب الاحتياط لا أكثر والقرآن الكريم قد علل هذه المسألة بقوله تعالى :
"واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .." 2 / 282.
لاحظ أن القرآن الكريم علل المسألة بأنه من باب الاحتياط فإن نسيت ( تضل ) إحداهما فالثانية تذكرها، والله أعلم منا جميعاً في تكوين المرأة النفسي والحيوي. فليست المسألة مسألة أفضلية الرجل على المرأة وإنما هي طبيعة الرجل وطبيعة المرأة .
ثالثاً – لماذا منع الإسلام المرأة من الجهاد ؟
والجواب على هذا الاعتراض اصبح واضحاً مما قدمنا ، ونضيف هنا:
أن الإسلام ناظر في أحكامه إلى الفوارق الموجودة في أصل خلقة الإنسان وأعطى لكل إنسان ما يليق به من أحكام وحقوق بما يتناسب مع ظروفه النفسية والجسدية والاجتماعية، لأن الله يعلم كيف خلق الناس، فهو أعلم بما يتناسب معهم من أحكام وحقوق. ونحن إذا أعطينا المرأة في المجتمع الإنساني نفس أحكام الرجل نكون قد ظلمنا المرأة لأنه أوجبنا عليها أموراً لا تليق مع كونها أنثى تختلف عن الرجل بتكوينها الجسدي والنفسي، وعلى سبيل المثال أقول :
إن العلم أثبت أنه يوجد فوارق مهمة جداً بين الرجل والمرأة في التكوين الجسدي والنفسي وهي أكثر من ثلاثين فرقاً بين الرجل والمرأة، من هذه الفروق :
1ـ المادة السنجابية في المخ وعمق الأخاديد تجدها عند الرجل أكثر منها عند المرأة، ونتيجة ذلك تكون المرأة أكثر انفعالاً وأكثر غزارة عاطفية وأكثر خيالاً من الرجل.
2ـ الجهاز العضلي عند المرأة أقل بمقدار الثلث منه عند الرجل، فيكون أقل ربط وقوة من الرجل، ونتيجة ذلك تكون فعالية الحواس عند المرأة أقل من الرجل، لأن الله أعدها لطبيعة تختلف عن طبيعة الرجل. فالمرأة يمر عليها الحمل والولادة والدورة الشهرية وحالات أخرى تسبب لها الكثير من التعب الجسدي والإرهاق النفسي لهذا تكون فعالية الحواس عندها أقل من الرجل.
3ـ معدل وزن مخ الرجل بالنسبة إلى وزن جسمه واحد على أربعين. ومعدل وزن مخ المرأة بالنسبة إلى جسمها هو واحد على أربع وأربعين .
4ـ معدل استهلاك المرأة للأوكسجين أقل من معدل استهلاك الرجل.
5ـ حوض المرأة يختلف شكله عن حوض الرجل.
6ـ وفوارق أخرى قد أثبتها العلم، كلها تجعل حركة المرأة أبطأ من حركة الرجل، وانعكاس حالتها النفسية أكثر تأثراً من الرجل، ونسبة الذعر عند المرأة أكثر منها عند الرجل .
فالله تعالى عندما وضع القوانين والحقوق ناظر إلى كل هذه الفوارق والطاقات، وناظر إلى أنها معدة إلى وظائف مهمة وهي مد المجتمع بالأجيال وبناء الأسرة الصالحة.
فهل الذين ينادون بحقوق المرأة اليوم ينظرون إلى هذه الطبيعة وإلى هذه الفوارق بين الرجل والمرأة؟
لا أعتقد ذلك ، إنهم ينظرون إلى وضع المرأة الاجتماعي العام وبما أنها في غالب المجتمعات هي مقهورة ومظلومة ، فينادون بتحصيل حقوقها ، لكن بطريقتهم الخاصة التي تجعل المرأة كالرجل تماماً في كل الأحكام والقوانين من دون الالتفات إلى وضع المرأة النفسي والحيوي ، مما يجعل المرأة في مأزق نفسي واجتماعي أكبر رغم أنها نالت حريتها كما أرادوا .
إن الإسلام لم يعط المرأة حق الجهاد كما يقولون ، لكنهم لم يميزوا أي نوع من أنواع الجهاد منعها منه .
فعندنا عدة أنواع للجهاد، الجهاد الابتدائي في ساحات المعارك والقتال، والجهاد دفاعاً عن النفس والوطن، والجهاد من خلف الخطوط الأمامية
والإسلام منع المرأة من الجهاد الأول وهو ولوج ساحات القتال في الجهاد الابتدائي، وقد ذكرنا لكم من خلال ما قدمناه لماذا منعها ذلك الجهاد فإنه منها من الجهاد الابتدائي للأسباب التي ذكرناها والتي تكون معيقاً للمرأة في حركتها جو نفسيتها ، وقد تؤثر على حركة الجيش بأكمله وتتعرض لحالات نفسية تجعلها في وضع محرج .
بينما نجد أن الإسلام لم يمنعها من المشاركة في الجهاد بأنواعه الأخرى ، فقد سمح لها بالمشاركة لإعداد الجيش ومده بالوسائل الطبية والحربية التي يحتاجها جيش الإسلام .
والشواهد على ذلك كثيرة كما كان يحدث في معارك النبي صلى الله عليه وآله مع الكفار وفي حروب المسلمين مع أعدائهم .
موضوع لنقاش لاغير
الرد على بعض الشبهات
لقد قلنا سابقاً أن المرأة كالرجل في الإسلام لها حقوق وعليها واجبات، ولكن قد يعترض بعض الناس بأنه لو كان الأمر كذلك حقاً، فلماذا يوجد بعض التحفظات في القانون الإسلامي على المرأة ولا توجد هذه التحفظات على الرجل، فمثلاً لماذا في قانون الوراثة في الإسلام ترث المرأة نصف نصيب الرجل، أليس هذا تمييزاً للرجل على المرأة، كذلك في الشهادة أن شهادة الرجل بشهادة امرأتين؟ وأمور أخرى سوف نذكرها خلال كلامنا إن شاء الله.
وقبل أن نبدأ في الجواب على هذه التحفظات، نقول إن الأحكام الإسلامية ليست كأحكام الأنظمة الحديثة اليوم التي هي من وضع البشر، الأحكام في الإسلام أحكام إلهية نزلت من السماء على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله ، فالله هو خالق العباد وهو أعرف بمصالحهم ومفاسدهم أكثر من أي إنسان، فالله أعلم منا بأنفسنا وهو أعلم بما يضرنا وينفعنا، فهو لا يوجب علينا واجباً إلا وهو يعلم أن فيه مصلحة كبيرة للإنسان، ولا يحرم علينا شيئاً إلا وهو يعلم أنه يضرنا وأن فيه مفسدة كبيرة لنا، ونحن لا نعلم ضرر الأشياء ونفعها إلا بما توصل إليه العلم من تحليلات ونظريات، وهذه النظريات قابلة للنقض ويحتمل فيها الخطأ والصواب، أما القانون الإلهي فلا يحتمل فيه الخطأ أبداً.
لذا نحن لا يحق لنا الاعتراض في الإسلام على القانون الإلهي وأنه لا يصلح اليوم أو غداً، إذ الاعتراض على القانون الإلهي هو اعتراض على الله سبحانه واعتراض على حكمته تعالى، وهذا أمر غير جائز في الإسلام ولا في أي شريعة إلهية، نعم يمكنك الاعتراض على القوانين الوضعية لأنها من وضع البشر التي تصيب وتخطئ ولأن القوانين الوضعية عندما وضعت لم يلاحظ فيها كل الظروف والاحتمالات التي تحيط بالحادثة لذلك أنت تجد أنه كثيراً ما تمر حالات في القضاء ليس لها نص في القانون وتكون مفاجأة للقضاء والقضاة.
بينما القانون الإسلامي الذي هو قانون إلهي قد لوحظ فيه كل الجوانب المادية والنفسية والمصالح الفردية والعامة فلا يمكن أن يكون فيه خلل أو ضعف أو نقص. نعم يمكننا المناقشة في مفهوم القانون وتفسيره إن لم يكن نصاً واضحاً ، أو يمكننا المناقشة في وجود القانون وصدوره إذا لم يكن ثابتاً بالأدلة القطعية . أو يمكننا المناقشة في حدود القانون كحجاب المرأة ، فحكم الحجاب موجود لكن الخلاف هل هو في ستر كامل البدن حتى الوجه والكفين أم ما عدا الوجه والكفين .
لقد قدمنا هذه المقدمة لنقول أنه قد حاول الكثير الجواب على الاعتراضات التي ذكرناها في مسألة الوراثة والشهادة وغيرها من الأمور، ولكن هذه المحاولات وهذه الإجابات قد تكون صحيحة وقد لا تكون صحيحة، والواقع أن الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يعلم بفلسفة هذه القوانين وعللها.
وهذه الاشكالات لم تكن موجودة في المجتمع الإسلامي الذي كان عالماً بأحكام الإسلام وقوانينه، وإنما هذه الإشكالات جاءت بعد أن اختلطت ثقافة المسلمين بثقافات أخرى وأخذت ثقافة المسلمين بأحكام دينهم تنعدم شيئا فشيئاً، وإلا فهذه الإشكالات مجرد إثاراتٍ الهدف منها تشكيك المسلم بإسلامه والانحراف عن طريقه المستقيم ، وإلا أنا كمؤمن بالله وبرسوله سواء الرجل أو المرأة المفروض أن تكون ثقته بالله كبيرة ويجب أن يتيقن بأن الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يظلم فرداً من مخلوقاته ولا يمكن أن يفضل أحداً من البشر على أحد إلا من خلال أعماله وتقواه كما قال تعالى في كتابه الكريم :
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " 49/ 13
فالله سبحانه وتعالى عندما وضع القوانين والأحكام التي تتعلق بالمرأة وضعها وهو عالم بظروف المرأة الاجتماعية والنفسية والبدنية. فعندما يوجب عليها أمراً ما، يعلم أنه يناسب أحوالها الفيزيولوجية والبيولوجية والسيكولوجية وإلا لا يوجبه عليها، وكلما حرم عليها أمراً أو منعه عنها فهو ناظر أيضاً إلى هذه الأمور، وكذلك في جانب الرجل. ولا نحتاج إلى التفسير العلمي في القوانين الإلهية لأن العلم يتأخر كثيراً حتى يصل إلى حقيقة الأمر، فمثلاً الله سبحانه وتعالى حرم لبس الذهب على الرجال والعلم الحديث اكتشف الآن أن الذهب يؤثر سلباً على بعض خلايا الرجل، فإننا لا نستطيع أن نقول أن الإسلام حرم لبس الذهب لأجل هذه العلة العلمية حتماً، بل يمكن أن يكون لأجل ذلك ويمكن أن يكون لأجل أمر لا نعلمه نحن، وقد يكون لمسألة اجتماعية أو نفسية وغير ذلك.
ثم إن النظريات العلمية قد تتغير ويتبين فسادها بعد مدة طويلة، كما هو معروف عند أهل العلم والمعرفة. فلو جاءنا عالم اليوم وقال لنا بأن لبس الذهب لا يؤثر على خلايا الرجل سلباً وأبطل النظرية الحالية بالدليل العلمي فهل هذا يعني أننا نلغي حرمة لبس الذهب ؟ بالطبع لا ، لأن الحرمة لا نعلم علتها الأساسية ، نعم لو ثبت لنا بأن الحكم الشرعي الفلاني قد شرع من أجل علة ما وانتفت العلة لأمكننا القول بأن الحكم يرتفع حينئذ . لكن الحكم يرتفع بسبب ارتفاع موضوعه لا لأجل خطأ في التشريع الإلهي .
إذاً نحن لا نعتمد على التفسير العلمي لحرمة لحم الكلب أو الميتة، أو غير ذلك من الأحكام الإسلامية. بل نؤمن بأن الله سبحانه أعلم بأحوالنا وقد وضع لنا الأحكام والقوانين التي تناسبنا وتناسب تركيبتنا النفسية والحيوية.
نعود الآن للجواب على بعض الاعتراضات أو بعض التحفظات التي وضعها الإسلام في جانب المرأة. وقد تبين الجواب فيما قدمناه وهو يصلح لأن يكون جواباً لكل الاعتراضات المحتملة، إلا أننا نذكر ما يذكره المسلمون عادة في الجواب على بعض الاعتراضات ولعلها تكون صحيحة والله أعلم من الجميع.
أولاً- مسألة الميراث: بعضهم يعترض أنه لماذا ترث المرأة نصف نصيب الرجل أليس هذا تمييزاً مخالفاً لحقوق المرأة كإنسان ؟ ويجاب عن ذلك:
أ – ليس في كل الحالات ترث المرأة نصف نصيب الرجل، وإنما ترث ذلك في حالين فقط؛ الأول في حال ترك الميت أولاداً ذكوراً وإناثاً، والآخر إذا لم يكن عند الميت أولاد، وترك الميت أخوة ذكوراً وإناثاً. وإلا لو كانت ابنة الميت الوحيدة أو أخته الوحيدة مثلاً فإنها ترث نصف المال فقط على مذاهب أهل السنة ولها كل المال على مذهب الإمام جعفر الصادق. ولو كانت زوجة فلها الربع مع عدم الولد للميت ولها الثمن مع وجود الولد للميت وقد يكون هذا الثمن أكثر من نصيب الولد الذكر في بعض الحالات. وهكذا الأمر في بقية الفروض على تفصيل موجود في باب الإرث.
ب - ترث المرأة نصف نصيب الرجل لأن الالتزامات المالية عند الرجل أكثر من التزامات المرأة في الإسلام، فالرجل تجب عليه النفقة للزوجة وللأولاد، وهذا لا يجب على الزوجة، والرجل يدفع المهر للزوجة وهي لا تدفع. والرجل يدفع زكاة الفطرة عن كل أفراد العائلة ومنهم الزوجة. وهكذا لو أجرينا عملية موازنة بين صادرات المرأة ووارداتها وبين صادرات وواردات الرجل نجد أن كفة المرأة هي الراجحة، بالإضافة إلى أن المرأة في الإسلام غالباً مكفولة مالياً إما من الزوج وإما من الأب بينما إذا بلغ الرجل مبالغ الرجال يستطيع الأب أن يقول له أمِّن لنفسك عملاً كي تنفق على نفسك وهذا لا يقال للبنت في المجتمع الإسلامي، فالأب ينفق على ابنته إلى أن تتزوج سواء تأخرت في زواجها أم لا، تزوجت أم لا.
ثانياً – مسألة الشهادة في القضاء
إذ بعض الناس يعترض بأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في القضاء الإسلامي .
ويجاب عن هذا الاعتراض بالإضافة إلى ما ذكرناه، أن هذه المسألة ناشئة من طبيعة المرأة الفيزيولوجية والسيكولوجية التي تختلف عن الرجل، فالمرأة خلقها الله سبحانه بنسبة عالية من الحنان والعطفة والرقة والجمال كي تكون مؤهلة لشؤون البيت والأطفال والولادة والرضاعة والحضانة، بالإضافة إلى كونها زوجة تحتاج إلى الرقة والجمال. فكل هذه الأمور تجعلها أكثر عاطفية من الرجل وهذا ثابت علمياً أيضاً وسوف نتحدث في هذا الأمر فيما بعد إن شاء الله. فالمرأة لها وضع خاص في المجتمع الإسلامي يجعلها أكثر نسياناً من الرجل وأكثر عاطفة منه، والشهادة في القضاء ترتبط بالدماء والأموال والأعراض لذا شددت الشريعة الإسلامية فيها من باب الاحتياط لا أكثر والقرآن الكريم قد علل هذه المسألة بقوله تعالى :
"واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى .." 2 / 282.
لاحظ أن القرآن الكريم علل المسألة بأنه من باب الاحتياط فإن نسيت ( تضل ) إحداهما فالثانية تذكرها، والله أعلم منا جميعاً في تكوين المرأة النفسي والحيوي. فليست المسألة مسألة أفضلية الرجل على المرأة وإنما هي طبيعة الرجل وطبيعة المرأة .
ثالثاً – لماذا منع الإسلام المرأة من الجهاد ؟
والجواب على هذا الاعتراض اصبح واضحاً مما قدمنا ، ونضيف هنا:
أن الإسلام ناظر في أحكامه إلى الفوارق الموجودة في أصل خلقة الإنسان وأعطى لكل إنسان ما يليق به من أحكام وحقوق بما يتناسب مع ظروفه النفسية والجسدية والاجتماعية، لأن الله يعلم كيف خلق الناس، فهو أعلم بما يتناسب معهم من أحكام وحقوق. ونحن إذا أعطينا المرأة في المجتمع الإنساني نفس أحكام الرجل نكون قد ظلمنا المرأة لأنه أوجبنا عليها أموراً لا تليق مع كونها أنثى تختلف عن الرجل بتكوينها الجسدي والنفسي، وعلى سبيل المثال أقول :
إن العلم أثبت أنه يوجد فوارق مهمة جداً بين الرجل والمرأة في التكوين الجسدي والنفسي وهي أكثر من ثلاثين فرقاً بين الرجل والمرأة، من هذه الفروق :
1ـ المادة السنجابية في المخ وعمق الأخاديد تجدها عند الرجل أكثر منها عند المرأة، ونتيجة ذلك تكون المرأة أكثر انفعالاً وأكثر غزارة عاطفية وأكثر خيالاً من الرجل.
2ـ الجهاز العضلي عند المرأة أقل بمقدار الثلث منه عند الرجل، فيكون أقل ربط وقوة من الرجل، ونتيجة ذلك تكون فعالية الحواس عند المرأة أقل من الرجل، لأن الله أعدها لطبيعة تختلف عن طبيعة الرجل. فالمرأة يمر عليها الحمل والولادة والدورة الشهرية وحالات أخرى تسبب لها الكثير من التعب الجسدي والإرهاق النفسي لهذا تكون فعالية الحواس عندها أقل من الرجل.
3ـ معدل وزن مخ الرجل بالنسبة إلى وزن جسمه واحد على أربعين. ومعدل وزن مخ المرأة بالنسبة إلى جسمها هو واحد على أربع وأربعين .
4ـ معدل استهلاك المرأة للأوكسجين أقل من معدل استهلاك الرجل.
5ـ حوض المرأة يختلف شكله عن حوض الرجل.
6ـ وفوارق أخرى قد أثبتها العلم، كلها تجعل حركة المرأة أبطأ من حركة الرجل، وانعكاس حالتها النفسية أكثر تأثراً من الرجل، ونسبة الذعر عند المرأة أكثر منها عند الرجل .
فالله تعالى عندما وضع القوانين والحقوق ناظر إلى كل هذه الفوارق والطاقات، وناظر إلى أنها معدة إلى وظائف مهمة وهي مد المجتمع بالأجيال وبناء الأسرة الصالحة.
فهل الذين ينادون بحقوق المرأة اليوم ينظرون إلى هذه الطبيعة وإلى هذه الفوارق بين الرجل والمرأة؟
لا أعتقد ذلك ، إنهم ينظرون إلى وضع المرأة الاجتماعي العام وبما أنها في غالب المجتمعات هي مقهورة ومظلومة ، فينادون بتحصيل حقوقها ، لكن بطريقتهم الخاصة التي تجعل المرأة كالرجل تماماً في كل الأحكام والقوانين من دون الالتفات إلى وضع المرأة النفسي والحيوي ، مما يجعل المرأة في مأزق نفسي واجتماعي أكبر رغم أنها نالت حريتها كما أرادوا .
إن الإسلام لم يعط المرأة حق الجهاد كما يقولون ، لكنهم لم يميزوا أي نوع من أنواع الجهاد منعها منه .
فعندنا عدة أنواع للجهاد، الجهاد الابتدائي في ساحات المعارك والقتال، والجهاد دفاعاً عن النفس والوطن، والجهاد من خلف الخطوط الأمامية
والإسلام منع المرأة من الجهاد الأول وهو ولوج ساحات القتال في الجهاد الابتدائي، وقد ذكرنا لكم من خلال ما قدمناه لماذا منعها ذلك الجهاد فإنه منها من الجهاد الابتدائي للأسباب التي ذكرناها والتي تكون معيقاً للمرأة في حركتها جو نفسيتها ، وقد تؤثر على حركة الجيش بأكمله وتتعرض لحالات نفسية تجعلها في وضع محرج .
بينما نجد أن الإسلام لم يمنعها من المشاركة في الجهاد بأنواعه الأخرى ، فقد سمح لها بالمشاركة لإعداد الجيش ومده بالوسائل الطبية والحربية التي يحتاجها جيش الإسلام .
والشواهد على ذلك كثيرة كما كان يحدث في معارك النبي صلى الله عليه وآله مع الكفار وفي حروب المسلمين مع أعدائهم .
موضوع لنقاش لاغير
