لاشك أن المصالحة هي الأساس الذي لابد أن يتبناه أبناء الوطن الواحد في مثل الظروف التي يمر بها العراق العزيز من اجل الخروج من المأزق الحالي الذي وقعت به العملية السياسية والقائمون عليها من داخل الحكومة ومجلس النواب وبالتالي الجهات والأفراد الذين أوصلوها إلى موقع المسؤولية . إن السبب الرئيسي لهذا المأزق هو انعدام الثقة ومحاولة إفشال الآخر والمجاملات على حساب مصلحة الأمة لإغراض شخصية وفئوية محدودة بعيدة عن آمال وطموحات الشعب خصوصا بعد التجربة المريرة التي خاضها، إبان حكم الطاغية صدام الذي لم يألو جهدا في بث الفرقة والتناحر وتكريس للطائفية من اجل الوصول إلى تمزيق صف الأمة وبالتالي سهولة السيطرة عليها وفق القاعدة الشيطانية (فرق تسد). إلا إن الحقيقة التي لابد أن تكشف ويسلط عليها الضوء إن الاختلاف المذهبي في العراق ولو على نحو الإجمال لم يكن في يوم سببا لإراقة الدماء واستباحة الأموال والأعراض فيما عدا بعض الفتن التي كانت تعصف في مدينة وسرعان ما تخمد و خصوصا في زمن الدولة العثمانية كما إن ألمائتي سنة الأخيرة لم تشهد مثل هذه الأعمال الإجرامية ،وهذا في الحقيقة يبرز واقع الصراع السياسي المصبوغ بالطائفية أو المذهبية في كلا الاتجاهين الرئيسيين في الإسلام بدفع من قوى إقليمية ودولية وفئات سياسية مستفيدة من الوضع الغير طبيعي الذي يمر به البلد . ولذا كانت مناشدة سماحة آية الله العظمى السيد الحسني(دام ظله) إلى ضرورة تقديم قضية المصالحة والمسامحة على الجوانب السياسية الأخرى باعتبارها حجر الأساس في العمل، مع الأخذ بنضر الاعتبار (إن المصالحة لا تكون مع أعداء الإنسانية ممن لطخوا صفحات التاريخ بدماء الشعب وملئوه بالآلام والطغيان ).