سياسة الأستكبار هي محاربة الشيعة / لبنان / البحرين / التجنيس السياسي
تل أبيب - ليئا أبراموفيتش
2007-03-17
وصل الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل إلى كردستان العراق في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي دون أي إعلان أو إشارة مسبقة. كانت الزيارة مفاجئة للجميع، داخل لبنان وخارجه. فلم يعرف سابقا عن آل الجميل أنهم أقاموا أي علاقة، من أي نوع، مع الحركات الكردية. يضاف إلى ذلك أن الحركة الكردية وقفت تقليديا مع القوى اللبنانية المناهضة لما عرف بـ«اليمين المسيحي» الذي مثلته دائما القوات اللبنانية والكتائب، فضلا عن حزب الأحرار وآل شمعون. أكثر من ذلك، لعبت الحركات الكردية دورا عسكريا، وإن على نطاق محدود، في دعم ما عرف خلال الحرب الأهلية اللبنانية بـ«الحركة الوطنية». ولم يقتصر هذا الدعم على المجتمع الكردي الموجود في لبنان، بل تخطاه إلى استقدام مقاتلين أكراد من سوريا والعراق لدعم حركة فتح الفلسطينية في جنوب لبنان.
2007-03-17
وصل الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل إلى كردستان العراق في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي دون أي إعلان أو إشارة مسبقة. كانت الزيارة مفاجئة للجميع، داخل لبنان وخارجه. فلم يعرف سابقا عن آل الجميل أنهم أقاموا أي علاقة، من أي نوع، مع الحركات الكردية. يضاف إلى ذلك أن الحركة الكردية وقفت تقليديا مع القوى اللبنانية المناهضة لما عرف بـ«اليمين المسيحي» الذي مثلته دائما القوات اللبنانية والكتائب، فضلا عن حزب الأحرار وآل شمعون. أكثر من ذلك، لعبت الحركات الكردية دورا عسكريا، وإن على نطاق محدود، في دعم ما عرف خلال الحرب الأهلية اللبنانية بـ«الحركة الوطنية». ولم يقتصر هذا الدعم على المجتمع الكردي الموجود في لبنان، بل تخطاه إلى استقدام مقاتلين أكراد من سوريا والعراق لدعم حركة فتح الفلسطينية في جنوب لبنان.
ويمكن أن نذكر في هذا السياق ما قام به الزعيم الكردي السوري صلاح بدر الدين الذي كان مقربا من ياسر عرفات. وتشير مصادر إسرائيلية معنية بالشأن اللبناني أن صلاح بدر الدين، الذي يعيش الآن في ضيافة مسعود البرزاني في إربيل، استقدم خلال الثمانينينيات مئات المقاتلين الأكراد الذين تمركزوا في قلعة الشقيف جنوب لبنان، وشاركوا في التصدي للقوات الإسرائيلية في العام 1982. وقد زار صلاح بدر الدين رام الله مرات عدة منذ قيام السلطة الفلسطينية مبعوثا في مهمات سرية خاصة من قبل الزعيم البرزاني لمقابلة عرفات ثم أبو مازن.
لكن هذا الوضع تغير الآن. ومنذ ذلك الحين، أو على الأقل منذ الاحتلال الأميركي للعراق ثم اغتيال الحريري، جرت مياه كثيرة من تحت جسور التحالفات في المنطقة. فالزعيم «الدرزي» اللبناني وليد جنبلاط، الذي يخوض معركة حياة أو موت بالنسبة له مع النظام السوري وامتداداته في لبنان، أصبح حريصا، بمناسبة ودون مناسبة، على التذكير بأصوله «الكردية»، وهي القصة-اللغز التي لا يعرف أحد الآن كيف ومتى حصل، طالما أن «التبشير الدرزي» توقف منذ ألف عام، وأقفلت أبواب الطائفة بـ«الضبة والمفتاح»، كما يقول المصريون، منذ وفاة الحاكم بأمر الله الفاطمي! وتعتقد مصادر إسرائيلية التقت جنبلاط خلال العام الأخير أكثر من مرة على هامش ندوات ومؤتمرات دولية أنه بات مقتنعا بـ«الصيغة العراقية» التي أسفر عنها الاحتلال الأميركي باعتبارها «الحل الأمثل» للبنان. وقناعته هذه ليست وليدة تصور نظري كما يمكن أن يتكهن البعض، وإنما ذبذبات الموجات القصيرة التي يصعب على غيره التقاطها.
يدرك جنبلاط من خلال زياراته الخاصة إلى واشنطن أن الإدارة الأميركية باتت ترى تقسيم المنطقة إلى «معازل وكانتونات طائفية»، وإن ضمن حدود فيدرالية، هو الطريقة الأمثل من وجهة نظرها للخروج من المستنقع الذي وجدت نفسها فيه بعد احتلال العراق. وليس لبنان خارج تصورها هذا، إن لم يكن في القلب منه. وكان بإمكان جنبلاط، وغيره، ملاحظة ذلك منذ أن بدأ بعض الأصوات الأميركية يعلو بما كان «محرّما» الحديث عنه حتى وقت قريب، لاسيما ما يتصل بتقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات: شيعي وسني، فضلا عن الكردي القائم بقوة الأمر الواقع. وقبل ذلك، وفي نفس السياق، حديث أكثر من مسؤول أميركي سابق عن الأمر نفسه فيما يخص لبنان، وهو الأمر الذي اضطرت الولايات المتحدة في الماضي لأن تبرم معاهدة غير معلنة مع الأسد الأب لمنع حصوله في هذا البلد رغم أنه كان المطلب الأساسي لحلفائها اللبنانيين، لاسيما «القوات اللبنانية»!
من الواضح أن ثمة تيارا قويا في أميركا، بشقيها الجمهوري والديمقراطي، بات يدفع باتجاه «عرقنة» الوضع اللبناني. وليس هذا أمرا مزعجا بالنسبة لجنبلاط الذي طالما اعتقد أن أي انصهار وطني في لبنان سيكون على حساب نفوذه المذهبي. ومن يراقب مناوراته وتطور خطها البياني منذ مصرع الحريري بإمكانه أن يلحظ ذلك بسهولة. ولم تكن ردة فعله «العدوانية» تجاه تحالف عون-حزب الله إلا التعبير المكثف عن ذلك، بغض النظر عن كل ما قاله وما سيقوله عن هذا «التحالف» لجهة أنه «سيعيد الوصاية السورية» إلى لبنان. وهو يبذل جهودا استثنائية لمنع أي تقارب سني-شيعي لاعتقاده أن أي تقارب من هذا النوع لن يسدد أحد فاتورته إلا هو شخصيا.
وفي هذا الإطار، ركب جنبلاط موجة الحملة المذهبية التي تقودها «السنية السياسية» الشرق أوسطية ضد إيران وحلفائها من داخل غرفةعمليات مشتركة يرابط فيها على مدار الساعة قادة السعودية ومصر والأردن، ومن وراء الستارة قادة واشنطن وتل أبيب. وقد أصبحت تعابير من مثل «الفرس» و«المجوس»، رغم ما تنطوي عليه من مضمون ونبرة عنصريين يذكران بخطاب صدام حسين خلال حربه على طهران، مكونا أساسيا من مكونات خطابه السياسي. ويبدو جنبلاط في هذا السياق صادما ومذهلا في قدرته على ممارسة نمط من السياسة غير مسبوق في انتهازيته الأخلاقية والسياسية. فالجميع يعرف «أنه زار طهران أكثر مما زارها حسن نصر الله شخصيا»، حسب ما يقول مراقب إسرائيلي معني بالشؤون اللبنانية. ويضيف هذا المراقب «إن عدد زيارات جنبلاط إلى إيران منذ قيام الثورة الإسلامية بلغ أكثر من تسع عشرة زيارة، بينما لم يزرها حسن نصر الله أكثر من إحدى عشرة مرة حسب ما تؤكده مصادر الاستخبارات إسرائيلية. هذا على الرغم من أن معظم زياراته (نصر الله) أحيط بالسرية لأسباب أمنية». يضاف إلى ذلك، والكلام لم يزل للمراقب، إن جنبلاط كان يتلقى حتى وقت قريب جعالة مالية سنوية من طهران تتراوح ما بين 20 إلى 30 مليون دولار بتوصية من «حزب الله» و«حركة أمل»، على أساس أنه يشكل ظهيرا سياسيا داخليا لا غنى عنه للحزب في تأمين الغطاء السياسي الداخلي لمعركته ضد إسرائيل وسلاحه في آن معا»!
يدرك جنبلاط، والقول لم يزل للمراقب، أن الفشل الأميركي في العراق دفع واشنطن واليمين الإسرائيلي إلى «مذهبة» المواجهة الدائرة في الشرق الأوسط لتصبح «سنية-شيعية». فالولايات المتحدة أدركت أخيرا أن انتصارها على الساحة العراقية بات مرهونا باستقطاب أوسع تحالف شعبي ورسمي في وسط «السنية السياسية» رغم النكسة التي أصيب بها هذا التحالف في حرب إسرائيل الأخيرة ضد حزب الله، والتي لم تسفر سوى عن رفع صور نصر الله في حرم الجامع الأزهر وشوارع عمّان. وهذا آخر ما كان ينتظره المحافظون الجدد وإيهود أولمرت، ومعهما ملكا السعودية والأردن والرئيس المصري، وإلى حد ما أبو مازن في رام الله! ويعتقد جنبلاط، وقد يكون محقا في ذلك، أن انتصار التحالف الجديد هو الوحيد الذي يضمن مستقبله السياسي. ولهذا وضع بيضه كله في سلته، وحرق جميع مراكبه التي يمكن أن تؤمن له عودة مأمونة في حال فشل ر هاناته. وتجاوز في ذلك جميع الخطوط التي كانت بالغة الإحمرار بالنسبة له حتى وقت قريب، مثل المواجهة مع إسرائيل ومستقبل القضية الفلسطينية، ومسألة التوطين التي تشكل المسألة الأكثر حساسية في لبنان، أو على الأقل هذا ما كان يعلن عنه دوما. وتفيد مصادر إسرائيلية وثيقة الصلة بالساحة اللبنانية أن جنبلاط أبلغ مؤخرا أكثر من مصدر أوربي وأميركي أنه بات مقتنعا بأن «توطين حوالي نصف مليون فلسطيني في لبنان هو السلاح الأمضى للتغلب على معضلة الأكثرية الديمغرافية الشيعية في لبنان مرة واحدة وإلى الأبد، على اعتبار أن معظم هؤلاء، باستثناء أقلية مسيحية اندمجت مع مسيحيي لبنان منذ وقت مبكر بعد حرب العام 1948، هم من المسلمين السنة». لكن جنبلاط يعرف أن التوطين في لبنان مسألة قد يكون من المستحيل إنجازها قبل حصول حرب أهلية ولو على نطاق محدود. إلا أنه، في المقابل، يدرك أن هذه المسألة التي كانت تفتقر إلى أي دعم محلي أو عربي في الماضي، بل ومن المحرمات، باتت اليوم حديث الأروقة السياسية في أكثر من عاصمة معنية، وفي أوساط قيادات «السنية السياسية» اللبنانية ومرجعيتها السعودية. وتسجل مصادر استخبارية إسرائيلية عدة وقائع حديثة العهد في هذا المجال، لعل أهمها التالي:
- قرار السعودية منح جنبلاط تلك المبالغ السنوية التي كان يتلقاها من طهران حتى قبل سنتين، لقاء السير في مشروع التوطين؛
- قرار السعودية منح دار الإفتاء اللبنانية، المرجعية الروحية لسنة لبنان، مبلغ 15 مليون دولار لمساعدتها على شراء أراض في مناطق تابعة لمنطقة «القريعة» (1) قرب مدينة صيدا تضمها إلى أراضي الوقف التابعة لها. وهو أكبر مبلغ تتلقاه دار الإفتاء في تاريخها. على أن يكون ذلك جزءا من عملية أوسع نطاقا لشراء المنطقة بكاملها وبناء مجمعات سكنية حديثة لفلسطينيي المخيمات في الجنوب بتمويل أوربي-سعودي لحكومة السنيورة و«تيار المستقبل». وتؤكد مصادر إسرائيلية أن مبلغ عشرة مليارات دولار أصبحت متوفرة لإقامة هذه المشاريع السكنية ولتسديد أثمان الأرض المشغولة الآن بالمخيمات الفلسطينية. وتشير أحدث المعلومات المتداولة في الأروقة الإسرائيلية وأروقة السلطة الفلسطينية برام الله إلى أنه تم شراء أكثر من مئة عقار كبير مساحتها تقارب مليوني متر مربع خلال الأشهر الأخيرة وحدها في المنطقة الممتدة بين بلدة جزين الجنوبية شرقا و شاطىء البحر غربا. وطبقا للمعطيات التفصيلية، فإن العقارات التي تم شراؤها من قبل مسؤولين لبنانيين في «تيار المستقبل» و دار الإفتاء تشمل خراج بلدات وقرى قبيع، روم، كفار فالوس، جنسنايا، بيصور، حيداب، مكنونية، حسانية، المجيدل، طنبوريت، زغدربا، عين الدلب، وصولا إلى أطراف مغدوشة والغازية ومخيم المية ومية. واللافت أن العقارات التي يجري شراؤها بسرعة فائقة تتمتع بميزة التواصل الجغرافي من جهة، وبكون جهة واحدة هي التي تقوم بعملية الشراء!؟
لكن الملاحظة الأبرز في هذا المجال هي أن العقارات المشتراة تتصل بشكل شبه تام مع مشروع «كفار فالوس» الذي بدأ الرئيس الحريري بإنشائه منذ نهاية السبعينيات، وأكمله في العام 1985 دون إي إعاقة من القوات الإسرائيلية و«جيش أنطوان لحد» اللذين كانا يسيطران على المنطقة. وبحسب مصادر إسرائيلية فإن «فكرة توطين الفلسطينيين في هذه المنطقة كان الرئيس الحريري أول من طرحها حين طالب أطرافا أوروبية (فرنسية) بالتدخل لدى إسرائيل للحصول على ضوء أخضر منها من أجل إنشاء مشروعه»! وتنقل هذه المصادر عن الوسطاء الأوربيين تأكيدهم «أن الحريري يرى في المشروع نواة لمشروع مستقبلي يمكن أن يكون حلا للوجود الفلسطيني في لبنان، فضلا عن كونه حلا للمشكلة الديمغرافية في الجنوب اللبناني». وذلك في إشارة منه إلى الغالبية التي يشكلها الشيعة هناك! ويضم مشروع «كفار فالوس»، الذي تعرض لبعض الأضرار خلال استهدافه غير المقصود أثناء مواجهات مسلحة حدثت في المنطقة العام 1985، جامعةتضم كلية للهندسة الصناعية وأخرى للزراعة الغذائية، وثالثة للتمريض، فضلا عن مدارس نموذجية من مستوى رياض الأطفال حتى الثانوية. ومن الواضح، حسب مصادر إسرائيلية معنية، أنه بدأ بمشاريع إنمائية من هذا النوع «بهدف التغطية على الهدف الاستراتيجي»! ويقع المشروع الذي تبلغ مساحته أكثر من مليون متر مربع على تلة حرجية ترتفع عن سطح البحر حوالي 500 متر وتقع في منتصف الطريق بين صيدا وجزين!؟
- تقديم مبلغ خمسة ملايين دولار من السعودية لمفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو خلال زيارته الأخيرة للسعودية كتكاليف لحملته الإعلامية والمذهبية التي يشنها ضد حزب الله خصوصا والشيعة عموما، على اعتبار أن حملة من هذا النوع لا يمكن أن تقوم بها «دار الافتاء» مباشرة، كونها مؤسسة رسمية تمثل السنة ككل في لبنان، بمن فيهم الجزء المتحالف مع الشيعة. وتسجل المصادر الإسرائيلية تطورين مهمين في هذا السياق، أولاهما قيام الأمير بندر بن سلطان، رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي، بترتيب عدد من اللقاءات بين المفتي الجوزو وأجهزة استخبارات «فتح» في جدة والطائف والرياض خلال الأشهر الأخيرة. وتكشف هذه المصادر عن أن المفتي الجوزو كان علاقة تاريخية «تنظيمية» وثيقة بهذا الجهاز وقادته السياسيين والتنفيذيين مثل صلاح خلف و هايل عبد الحميد ( أبو الهول) وقبله أبو علي حسن سلامة. حيث كان، طبقا لهذه المصادر، موظفا رسميا عندهم يتلقى مبالغ مالية ثابتة. أما ثاني هذين التطورين فهو إقدام المفتي الجوزو، الذي يمثل تيارا وهابيا متطرفا غير معلن داخل دار الافتاء، على فتح النار باتجاه نبيه بري زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب، بالشدة نفسها التي فتحها على حزب الله. وهذا ما كان تحاشاه حتى وقت قريب انطلاقا من تصور في دار الإفتاء و«تيار المستقبل» يقوم على أن فتح النار على نبيه بري يعني القطيعة النهائية مع الشيعة و إغلاق آخر نافذة حوار معهم كان يمثلها شخصيا من خلال «اعتداله» واعتباريا من خلال رئاسته مؤسسة البرلمان.
- تكليف الرئيس الأسبق أمين الجميل من قبل تحالف «41 آذار»، لا سيما جنبلاط و«تيار المستقبل»، بزيارة كردستان العراق من أجل تعميق الصلة بتيار رئيس الإقليم مسعود البرزاني. وتسجل مصادر الاستخبارات الإسرائيلية في هذا السياق، والتي لم تكن بعيدة كما يبدو عن ذلك، أن الزيارة التي حصلت نهاية تشرين الأول(أكتوبر) الماضي كانت بترتيب مع مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي الذي وصل إلى إربيل بالتزامن مع وصول الرئيس الجميل، وحضر معظم اجتماعاته مع الزعيم البرزاني ومسؤولي أجهزته الأمنية والعسكرية (البيشمركة). وبحسب هذه المصادر فإن الرئيس الجميل «طرح على القيادة الكردية بشكل رسمي إمكانية دعم تحالف 41 آذار يالمقاتلين الأكراد المدربين جيدا إذا ما تطورت الأمور في لبنان باتجاه المواجهة المسلحة. وقد حصل الجميل على وعد الرئيس البرزاني بتلبية الطلب حين الاقتضاء». وتؤكد هذه المصادر أن «الرئيس البرزاني أخبر ضيفه أمين الجميل بأنه يستطيع تأمين ما بين 800 إلى ألف مسلح من البيشمركة. وهو ما يكفي لخلق نوع من التوزان العسكري مع ميليشيات المعارضة، باستثناء حزب الله، على اعتبار أن هذا الأخير لا يمكن له أن يتورط في مواجهة مسلحة داخلية ويترك ظهره مكشوفا أمام إسرائيل والقوة الفرنسية في اليونيفيل التي تتربص به شرا». وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن «التحالف المستجد بين الزعيم البرزاني وقوى 41 آذار اللبنانية سيكون واحدا من محاور البحث على انفراد بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس العراقي جلال الطالباني، على اعتبار أن الطالباني لا يمكن أن يقبل بهذا التطور بالنظر لعلاقته التاريخية مع دمشق وطهران».
من الواضح أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة جدا على الساحة اللبنانية، وستشهد تطورات غير مسبوقة منذ انفجار الأزمة مجددا بعد اغتيال الرئيس الحريري. ومن الأكثر وضوحا أن شعرة واحدة باتت تفصل بين الحل والمواجهة الشاملة التي لن تنحصر هذه المرة، فيما لو حصلت، داخل الحدود اللبنانية. وستكون الأطراف الإقليمية والدولية في ساحة المواجهة لأول مرة بشكل علني، بعد أن كانت لاعبا من وراء الستار على مدار الأزمة اللبنانية المعاصرة التي بدأت في العام 1975 ولم تجد حلا جذريا حتى الآن، والتي لن تجد لها مثل هذا الحل، على ما يبدو، طالما لم تستطع أميركا رؤية المنطقة والعالم إلا من ثقب أنبوب نفط أو من خلال النظارات السوداء التي يرتديها الأصوليون في الـ«الميه شآريم» (2).
(1) منطقة جغرافية «جردية» غير مأهولة تقع في إقليم الخروب ، قضاء الشوف . كانت أولى المناطق التي حاول الرئيس الحريري أن يقيم فيها مشروعا اقتصاديا-اجتماعيا لإسكان الفلسطينيين المهجرين في لبنان خلال الحرب الأهلية. إلا أنه توقف إثر حملة احتجاجات سياسية وإعلامية وشعبية قوية على خلفية ما نشر في حينه من معلومات عن علاقة المشروع بـ«مؤامرة التوطين».
(2) الميه شآريم حي «المئة بوابة» في القدس. ويعتبر حاضرة اليهود الأرثوذوكس المتطرفين.
ترجمة موقع «الحقيقة»
__________________
""لم أدري أين رجال المسلمين مضوا ""
"""وكيف كان يزيد بينهم ملكا" "
""العاصر الخمر من لئمن بخنصره ""
""ومن خساسة طبع يعصر الودكا ""
لكن هذا الوضع تغير الآن. ومنذ ذلك الحين، أو على الأقل منذ الاحتلال الأميركي للعراق ثم اغتيال الحريري، جرت مياه كثيرة من تحت جسور التحالفات في المنطقة. فالزعيم «الدرزي» اللبناني وليد جنبلاط، الذي يخوض معركة حياة أو موت بالنسبة له مع النظام السوري وامتداداته في لبنان، أصبح حريصا، بمناسبة ودون مناسبة، على التذكير بأصوله «الكردية»، وهي القصة-اللغز التي لا يعرف أحد الآن كيف ومتى حصل، طالما أن «التبشير الدرزي» توقف منذ ألف عام، وأقفلت أبواب الطائفة بـ«الضبة والمفتاح»، كما يقول المصريون، منذ وفاة الحاكم بأمر الله الفاطمي! وتعتقد مصادر إسرائيلية التقت جنبلاط خلال العام الأخير أكثر من مرة على هامش ندوات ومؤتمرات دولية أنه بات مقتنعا بـ«الصيغة العراقية» التي أسفر عنها الاحتلال الأميركي باعتبارها «الحل الأمثل» للبنان. وقناعته هذه ليست وليدة تصور نظري كما يمكن أن يتكهن البعض، وإنما ذبذبات الموجات القصيرة التي يصعب على غيره التقاطها.
يدرك جنبلاط من خلال زياراته الخاصة إلى واشنطن أن الإدارة الأميركية باتت ترى تقسيم المنطقة إلى «معازل وكانتونات طائفية»، وإن ضمن حدود فيدرالية، هو الطريقة الأمثل من وجهة نظرها للخروج من المستنقع الذي وجدت نفسها فيه بعد احتلال العراق. وليس لبنان خارج تصورها هذا، إن لم يكن في القلب منه. وكان بإمكان جنبلاط، وغيره، ملاحظة ذلك منذ أن بدأ بعض الأصوات الأميركية يعلو بما كان «محرّما» الحديث عنه حتى وقت قريب، لاسيما ما يتصل بتقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات: شيعي وسني، فضلا عن الكردي القائم بقوة الأمر الواقع. وقبل ذلك، وفي نفس السياق، حديث أكثر من مسؤول أميركي سابق عن الأمر نفسه فيما يخص لبنان، وهو الأمر الذي اضطرت الولايات المتحدة في الماضي لأن تبرم معاهدة غير معلنة مع الأسد الأب لمنع حصوله في هذا البلد رغم أنه كان المطلب الأساسي لحلفائها اللبنانيين، لاسيما «القوات اللبنانية»!
من الواضح أن ثمة تيارا قويا في أميركا، بشقيها الجمهوري والديمقراطي، بات يدفع باتجاه «عرقنة» الوضع اللبناني. وليس هذا أمرا مزعجا بالنسبة لجنبلاط الذي طالما اعتقد أن أي انصهار وطني في لبنان سيكون على حساب نفوذه المذهبي. ومن يراقب مناوراته وتطور خطها البياني منذ مصرع الحريري بإمكانه أن يلحظ ذلك بسهولة. ولم تكن ردة فعله «العدوانية» تجاه تحالف عون-حزب الله إلا التعبير المكثف عن ذلك، بغض النظر عن كل ما قاله وما سيقوله عن هذا «التحالف» لجهة أنه «سيعيد الوصاية السورية» إلى لبنان. وهو يبذل جهودا استثنائية لمنع أي تقارب سني-شيعي لاعتقاده أن أي تقارب من هذا النوع لن يسدد أحد فاتورته إلا هو شخصيا.
وفي هذا الإطار، ركب جنبلاط موجة الحملة المذهبية التي تقودها «السنية السياسية» الشرق أوسطية ضد إيران وحلفائها من داخل غرفةعمليات مشتركة يرابط فيها على مدار الساعة قادة السعودية ومصر والأردن، ومن وراء الستارة قادة واشنطن وتل أبيب. وقد أصبحت تعابير من مثل «الفرس» و«المجوس»، رغم ما تنطوي عليه من مضمون ونبرة عنصريين يذكران بخطاب صدام حسين خلال حربه على طهران، مكونا أساسيا من مكونات خطابه السياسي. ويبدو جنبلاط في هذا السياق صادما ومذهلا في قدرته على ممارسة نمط من السياسة غير مسبوق في انتهازيته الأخلاقية والسياسية. فالجميع يعرف «أنه زار طهران أكثر مما زارها حسن نصر الله شخصيا»، حسب ما يقول مراقب إسرائيلي معني بالشؤون اللبنانية. ويضيف هذا المراقب «إن عدد زيارات جنبلاط إلى إيران منذ قيام الثورة الإسلامية بلغ أكثر من تسع عشرة زيارة، بينما لم يزرها حسن نصر الله أكثر من إحدى عشرة مرة حسب ما تؤكده مصادر الاستخبارات إسرائيلية. هذا على الرغم من أن معظم زياراته (نصر الله) أحيط بالسرية لأسباب أمنية». يضاف إلى ذلك، والكلام لم يزل للمراقب، إن جنبلاط كان يتلقى حتى وقت قريب جعالة مالية سنوية من طهران تتراوح ما بين 20 إلى 30 مليون دولار بتوصية من «حزب الله» و«حركة أمل»، على أساس أنه يشكل ظهيرا سياسيا داخليا لا غنى عنه للحزب في تأمين الغطاء السياسي الداخلي لمعركته ضد إسرائيل وسلاحه في آن معا»!
يدرك جنبلاط، والقول لم يزل للمراقب، أن الفشل الأميركي في العراق دفع واشنطن واليمين الإسرائيلي إلى «مذهبة» المواجهة الدائرة في الشرق الأوسط لتصبح «سنية-شيعية». فالولايات المتحدة أدركت أخيرا أن انتصارها على الساحة العراقية بات مرهونا باستقطاب أوسع تحالف شعبي ورسمي في وسط «السنية السياسية» رغم النكسة التي أصيب بها هذا التحالف في حرب إسرائيل الأخيرة ضد حزب الله، والتي لم تسفر سوى عن رفع صور نصر الله في حرم الجامع الأزهر وشوارع عمّان. وهذا آخر ما كان ينتظره المحافظون الجدد وإيهود أولمرت، ومعهما ملكا السعودية والأردن والرئيس المصري، وإلى حد ما أبو مازن في رام الله! ويعتقد جنبلاط، وقد يكون محقا في ذلك، أن انتصار التحالف الجديد هو الوحيد الذي يضمن مستقبله السياسي. ولهذا وضع بيضه كله في سلته، وحرق جميع مراكبه التي يمكن أن تؤمن له عودة مأمونة في حال فشل ر هاناته. وتجاوز في ذلك جميع الخطوط التي كانت بالغة الإحمرار بالنسبة له حتى وقت قريب، مثل المواجهة مع إسرائيل ومستقبل القضية الفلسطينية، ومسألة التوطين التي تشكل المسألة الأكثر حساسية في لبنان، أو على الأقل هذا ما كان يعلن عنه دوما. وتفيد مصادر إسرائيلية وثيقة الصلة بالساحة اللبنانية أن جنبلاط أبلغ مؤخرا أكثر من مصدر أوربي وأميركي أنه بات مقتنعا بأن «توطين حوالي نصف مليون فلسطيني في لبنان هو السلاح الأمضى للتغلب على معضلة الأكثرية الديمغرافية الشيعية في لبنان مرة واحدة وإلى الأبد، على اعتبار أن معظم هؤلاء، باستثناء أقلية مسيحية اندمجت مع مسيحيي لبنان منذ وقت مبكر بعد حرب العام 1948، هم من المسلمين السنة». لكن جنبلاط يعرف أن التوطين في لبنان مسألة قد يكون من المستحيل إنجازها قبل حصول حرب أهلية ولو على نطاق محدود. إلا أنه، في المقابل، يدرك أن هذه المسألة التي كانت تفتقر إلى أي دعم محلي أو عربي في الماضي، بل ومن المحرمات، باتت اليوم حديث الأروقة السياسية في أكثر من عاصمة معنية، وفي أوساط قيادات «السنية السياسية» اللبنانية ومرجعيتها السعودية. وتسجل مصادر استخبارية إسرائيلية عدة وقائع حديثة العهد في هذا المجال، لعل أهمها التالي:
- قرار السعودية منح جنبلاط تلك المبالغ السنوية التي كان يتلقاها من طهران حتى قبل سنتين، لقاء السير في مشروع التوطين؛
- قرار السعودية منح دار الإفتاء اللبنانية، المرجعية الروحية لسنة لبنان، مبلغ 15 مليون دولار لمساعدتها على شراء أراض في مناطق تابعة لمنطقة «القريعة» (1) قرب مدينة صيدا تضمها إلى أراضي الوقف التابعة لها. وهو أكبر مبلغ تتلقاه دار الإفتاء في تاريخها. على أن يكون ذلك جزءا من عملية أوسع نطاقا لشراء المنطقة بكاملها وبناء مجمعات سكنية حديثة لفلسطينيي المخيمات في الجنوب بتمويل أوربي-سعودي لحكومة السنيورة و«تيار المستقبل». وتؤكد مصادر إسرائيلية أن مبلغ عشرة مليارات دولار أصبحت متوفرة لإقامة هذه المشاريع السكنية ولتسديد أثمان الأرض المشغولة الآن بالمخيمات الفلسطينية. وتشير أحدث المعلومات المتداولة في الأروقة الإسرائيلية وأروقة السلطة الفلسطينية برام الله إلى أنه تم شراء أكثر من مئة عقار كبير مساحتها تقارب مليوني متر مربع خلال الأشهر الأخيرة وحدها في المنطقة الممتدة بين بلدة جزين الجنوبية شرقا و شاطىء البحر غربا. وطبقا للمعطيات التفصيلية، فإن العقارات التي تم شراؤها من قبل مسؤولين لبنانيين في «تيار المستقبل» و دار الإفتاء تشمل خراج بلدات وقرى قبيع، روم، كفار فالوس، جنسنايا، بيصور، حيداب، مكنونية، حسانية، المجيدل، طنبوريت، زغدربا، عين الدلب، وصولا إلى أطراف مغدوشة والغازية ومخيم المية ومية. واللافت أن العقارات التي يجري شراؤها بسرعة فائقة تتمتع بميزة التواصل الجغرافي من جهة، وبكون جهة واحدة هي التي تقوم بعملية الشراء!؟
لكن الملاحظة الأبرز في هذا المجال هي أن العقارات المشتراة تتصل بشكل شبه تام مع مشروع «كفار فالوس» الذي بدأ الرئيس الحريري بإنشائه منذ نهاية السبعينيات، وأكمله في العام 1985 دون إي إعاقة من القوات الإسرائيلية و«جيش أنطوان لحد» اللذين كانا يسيطران على المنطقة. وبحسب مصادر إسرائيلية فإن «فكرة توطين الفلسطينيين في هذه المنطقة كان الرئيس الحريري أول من طرحها حين طالب أطرافا أوروبية (فرنسية) بالتدخل لدى إسرائيل للحصول على ضوء أخضر منها من أجل إنشاء مشروعه»! وتنقل هذه المصادر عن الوسطاء الأوربيين تأكيدهم «أن الحريري يرى في المشروع نواة لمشروع مستقبلي يمكن أن يكون حلا للوجود الفلسطيني في لبنان، فضلا عن كونه حلا للمشكلة الديمغرافية في الجنوب اللبناني». وذلك في إشارة منه إلى الغالبية التي يشكلها الشيعة هناك! ويضم مشروع «كفار فالوس»، الذي تعرض لبعض الأضرار خلال استهدافه غير المقصود أثناء مواجهات مسلحة حدثت في المنطقة العام 1985، جامعةتضم كلية للهندسة الصناعية وأخرى للزراعة الغذائية، وثالثة للتمريض، فضلا عن مدارس نموذجية من مستوى رياض الأطفال حتى الثانوية. ومن الواضح، حسب مصادر إسرائيلية معنية، أنه بدأ بمشاريع إنمائية من هذا النوع «بهدف التغطية على الهدف الاستراتيجي»! ويقع المشروع الذي تبلغ مساحته أكثر من مليون متر مربع على تلة حرجية ترتفع عن سطح البحر حوالي 500 متر وتقع في منتصف الطريق بين صيدا وجزين!؟
- تقديم مبلغ خمسة ملايين دولار من السعودية لمفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو خلال زيارته الأخيرة للسعودية كتكاليف لحملته الإعلامية والمذهبية التي يشنها ضد حزب الله خصوصا والشيعة عموما، على اعتبار أن حملة من هذا النوع لا يمكن أن تقوم بها «دار الافتاء» مباشرة، كونها مؤسسة رسمية تمثل السنة ككل في لبنان، بمن فيهم الجزء المتحالف مع الشيعة. وتسجل المصادر الإسرائيلية تطورين مهمين في هذا السياق، أولاهما قيام الأمير بندر بن سلطان، رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي، بترتيب عدد من اللقاءات بين المفتي الجوزو وأجهزة استخبارات «فتح» في جدة والطائف والرياض خلال الأشهر الأخيرة. وتكشف هذه المصادر عن أن المفتي الجوزو كان علاقة تاريخية «تنظيمية» وثيقة بهذا الجهاز وقادته السياسيين والتنفيذيين مثل صلاح خلف و هايل عبد الحميد ( أبو الهول) وقبله أبو علي حسن سلامة. حيث كان، طبقا لهذه المصادر، موظفا رسميا عندهم يتلقى مبالغ مالية ثابتة. أما ثاني هذين التطورين فهو إقدام المفتي الجوزو، الذي يمثل تيارا وهابيا متطرفا غير معلن داخل دار الافتاء، على فتح النار باتجاه نبيه بري زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب، بالشدة نفسها التي فتحها على حزب الله. وهذا ما كان تحاشاه حتى وقت قريب انطلاقا من تصور في دار الإفتاء و«تيار المستقبل» يقوم على أن فتح النار على نبيه بري يعني القطيعة النهائية مع الشيعة و إغلاق آخر نافذة حوار معهم كان يمثلها شخصيا من خلال «اعتداله» واعتباريا من خلال رئاسته مؤسسة البرلمان.
- تكليف الرئيس الأسبق أمين الجميل من قبل تحالف «41 آذار»، لا سيما جنبلاط و«تيار المستقبل»، بزيارة كردستان العراق من أجل تعميق الصلة بتيار رئيس الإقليم مسعود البرزاني. وتسجل مصادر الاستخبارات الإسرائيلية في هذا السياق، والتي لم تكن بعيدة كما يبدو عن ذلك، أن الزيارة التي حصلت نهاية تشرين الأول(أكتوبر) الماضي كانت بترتيب مع مستشار الأمن القومي الأميركي ستيفن هادلي الذي وصل إلى إربيل بالتزامن مع وصول الرئيس الجميل، وحضر معظم اجتماعاته مع الزعيم البرزاني ومسؤولي أجهزته الأمنية والعسكرية (البيشمركة). وبحسب هذه المصادر فإن الرئيس الجميل «طرح على القيادة الكردية بشكل رسمي إمكانية دعم تحالف 41 آذار يالمقاتلين الأكراد المدربين جيدا إذا ما تطورت الأمور في لبنان باتجاه المواجهة المسلحة. وقد حصل الجميل على وعد الرئيس البرزاني بتلبية الطلب حين الاقتضاء». وتؤكد هذه المصادر أن «الرئيس البرزاني أخبر ضيفه أمين الجميل بأنه يستطيع تأمين ما بين 800 إلى ألف مسلح من البيشمركة. وهو ما يكفي لخلق نوع من التوزان العسكري مع ميليشيات المعارضة، باستثناء حزب الله، على اعتبار أن هذا الأخير لا يمكن له أن يتورط في مواجهة مسلحة داخلية ويترك ظهره مكشوفا أمام إسرائيل والقوة الفرنسية في اليونيفيل التي تتربص به شرا». وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن «التحالف المستجد بين الزعيم البرزاني وقوى 41 آذار اللبنانية سيكون واحدا من محاور البحث على انفراد بين الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس العراقي جلال الطالباني، على اعتبار أن الطالباني لا يمكن أن يقبل بهذا التطور بالنظر لعلاقته التاريخية مع دمشق وطهران».
من الواضح أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة جدا على الساحة اللبنانية، وستشهد تطورات غير مسبوقة منذ انفجار الأزمة مجددا بعد اغتيال الرئيس الحريري. ومن الأكثر وضوحا أن شعرة واحدة باتت تفصل بين الحل والمواجهة الشاملة التي لن تنحصر هذه المرة، فيما لو حصلت، داخل الحدود اللبنانية. وستكون الأطراف الإقليمية والدولية في ساحة المواجهة لأول مرة بشكل علني، بعد أن كانت لاعبا من وراء الستار على مدار الأزمة اللبنانية المعاصرة التي بدأت في العام 1975 ولم تجد حلا جذريا حتى الآن، والتي لن تجد لها مثل هذا الحل، على ما يبدو، طالما لم تستطع أميركا رؤية المنطقة والعالم إلا من ثقب أنبوب نفط أو من خلال النظارات السوداء التي يرتديها الأصوليون في الـ«الميه شآريم» (2).
(1) منطقة جغرافية «جردية» غير مأهولة تقع في إقليم الخروب ، قضاء الشوف . كانت أولى المناطق التي حاول الرئيس الحريري أن يقيم فيها مشروعا اقتصاديا-اجتماعيا لإسكان الفلسطينيين المهجرين في لبنان خلال الحرب الأهلية. إلا أنه توقف إثر حملة احتجاجات سياسية وإعلامية وشعبية قوية على خلفية ما نشر في حينه من معلومات عن علاقة المشروع بـ«مؤامرة التوطين».
(2) الميه شآريم حي «المئة بوابة» في القدس. ويعتبر حاضرة اليهود الأرثوذوكس المتطرفين.
ترجمة موقع «الحقيقة»
__________________
""لم أدري أين رجال المسلمين مضوا ""
"""وكيف كان يزيد بينهم ملكا" "
""العاصر الخمر من لئمن بخنصره ""
""ومن خساسة طبع يعصر الودكا ""