السيدة زينب(ع) عاطفة التاريخ

كربلاء ثورة جسدت أسمى معاني الإباء والوقوف في وجه الظلم والإرهاب فهي صرخة مدوية عبر التاريخ ضد العنف والظلم فما أحوجنا لتلك الصرخات وما أحوجنا أن نعيد استحضار مواقف أولئك الأبطال علّنا نستلهم منها الدروس والعبر , ومن يعش واقعنا اليوم يشعر بمدى تلك الحاجة ، لذا دعونا نستنطق التاريخ ونتأمل جميعا ما قامت به السيدة زينب والإمام زين العابدين عليهما السلام إزاء مواقف الظلم والعدوان وإزهاق تلك الأرواح الطاهرة وتغييب ملامحها , وكيف واجهوا ما تعرضوا له من صنوف القتل والتعذيب بما لا يخطر على قلب بشر وذلك من خلال ارتداء ثوب الكرامة والإباء الذي يعرّي جميع الظلمة على مر العصور , فنحن لو لم نتغافل عن تلك القدوة لما آل بنا الأمر إلى هذا الحال , لذلك دعونا ندقق جيداً في مواقف أولئك المربين الحقيقيين للإنسانية جمعاء وذلك من خلال منهجية الإمام السجاد والسيدة زينب عليهما السلام , حيث أن الإمام لما رأى ما آل إليه أمر المسلمين من التشتت والخوف من تسلط سياط الجبابرة على ظهور المسلمين حتى غدوا كالأسود الضارية فيما بينهم وكالحملان في مواجهة الحق , فأخذ كل واحد منهم يفتك بالآخر في قبال ضعفه عن قول كلمة حق ينصف بها أصحاب الحق الفعليين , لذلك فإن الإمام السجاد عليه السلام حمل على عاتقه مسؤولية إعادة الأمة إلى الفطرة والدين الحق , فبالرغم من كل ما تعرض له الإمام (ع) وبالرغم من آلامه وهمومه والمصائب التي حلت به نراه يحاول تثبيت تلك القوانين الإلهية والسنن الربانية التي لو التزمها الناس على مدى العصور لعاشور في أمن وتآلف مع أنفسهم وأهليهم ومجتمعاتهم بل مع العالم بأسره لذلك نجد رسالة الحقوق خير شاهد على ذلك , تلك الرسالة التي تضع استراتيجية عظيمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , فلو أن كل إنسان التزم بحق نفسه وجوارحه من (سمعه ولسانه وبصره ورجله ويده ....... ) وحق أفعاله من ( صلاة وصيام وحج .....) وحقوق أرحامه وجيرانه وحقوق الدولة ونظام الحياة إلى ما سواها من الحقوق التي وضعها الإمام للناس لما حدثت هذه الويلات التي تجر وبالاً على الإنسانية كلها .
لقد عمد الإمام عليه السلام إلى أسلوبين هامين لا غنى لأي مصلح ومربي عنهما ألا وهما أسلوب البلاغة والبيان وذلك من خلال الخطب التي ضمنها التشريعات والقوانين الإلهية , والأسلوب الآخر -وهو الأهم – من خلال تقوية وتثبيت العلاقة بالله في النفس حيث نجد ذلك جلياً في أدعيته ومناجاته التي تتضمن أعذب وأسمى أواصر الحب الإلهي الذي يعمد إلى تهذيب النفس والنأي والترفع بها عن مواطن السقوط في الفساد والانحراف , وهذا النهج هو ذاته الذي انتهجته السيدة زينب عليها السلام , فما خطبتها في مجلس يزيد عليه اللعنة إلا أوثق دليل على فصاحتها وبيانها تلك الخطب التي تتضمن أبهى معاني الكرامة وإباء الظلم والعدوان وهذا هو المنهج القرآني الذي أكدت عليه شريعة سيد المرسلين , إلى جانب تلك العلاقة الروحية التي تؤكد عليها السيدة زينب عليها السلام وما موقفها ودفاعها عن إمام زمانها السجاد عليه السلام حين هموا بقتله , ودفاعها عن أطفال أبي عبدالله عليه السلام وتحملها سياط الظالمين بالرغم من ذلك الجسد الضعيف المثقل بالهموم والآلام إلا خير شاهد على ذلك العشق الإلهي , فزينب التي يقول عنها العارفون إنها عاطفة التاريخ , فكيف استطاعت وهي امرأة تمتلك جسداً ضعيفاً أن تقاوم الطغاة وتدفع الموت عن الإمام السجاد عليه السلام ؟ كل ذلك لم ولن يتهيء إلا عن طريق ارتباطها بربها وما يشهد على ذلك صلاة الليل التي أدتها من جلوس ليلة الحادي عشر من المحرم حتى تحصل على المدد والعون من العزيز ليسبغ عليها عزة وإباء تقاوم به كل الطغاة ولترسم في قلب كل أبي أروع ملامح الكرامة والعزة وإباء الظلم والإرهاب .
الأفكار الرئيسية في المقالة :
1 ـ ثورة كربلاء ضد الظلم و العنف .
2 ـ نحن اليوم نحتاج و بشدة أن نتعلم من تلك الثورة .
3 ـ جهود الإمام السجاد(ع) و السيدة زينب(ع) في مواجهة الأحداث .
4 ـ الإمام السجاد(ع) أعاد الأمة إلى الدين الحق .
5 ـ رسالة الحقوق : أسلوب البلاغة و البيان و أسلوب العلاقة بالله و تهذيب النفس .
6 ـ السيدة زينب(ع)وخطبها و دفاعها عن الإمام السجاد (ع) و عن أطفال الحسين (ع).
7 ـ السيدة زينب(ع) عاطفة التاريخ .
8 ـ عزة و إباء السيدة زينب(ع)و ارتباطها بربها .
تعليق