وهبني البحر رسالة داخل زجاجة
أثناء جلوسي برفقة البحر ... في الغسق .....
تحت أصوات النورس المحلقة فوقي .... وهمسات الشاطئ الجميل ....
ألقى الموج إلي ... هدية ....
زجاجة تحمل بداخلها .... رسالة .....
تبسمت وقلت في ذاتي : مثلما يحدث في الخيال ... ماذا لو كانت رسالة من حبيب يشكو هجر حبيبته ... ماذا لو كانت رسالة غريق ؟؟!!!
وفتحت الرسالة .....
وجدتها من ظالم ... شديد ...
كتب فيها ...
أنا المذنب .... أنا القاتل .... ولست البريء ...
أنا من قتل الفرحة داخل قلوبا كثيرة .....
أنا من أذل امرأة لم تكن إلى قلبي حبيبة .....
أنا من شرد أطفالا صغيرة .... وقتلت داخلهم البسمة .....
أنا من اغتصب من وجدانهم الأمان ...
لا تسال كيف ...؟! ولا تستغرب يا من تقع رسالتي بين يديه ...!!!
فأنا رب هذه الأسرة ......
أنا الزوج الخائن ... والأب الظالم الطاغي ....
أنا من حرم ابنتي من ردائها الأبيض .....
أنا من قهرت طفلتي .. وأشبعتها ضربا بدلا من أن آخذها إلى حضني ...
أنا من كان حضني شوكا يغرس في صدر تلك الرضيعة ...
أنا من كنت أضع المخدر في زجاجتها البريئة ....
أنا الزوج الخائن ....
خنت زوجتي مئات المرات ، تمنيت وفاتها كي استمر في خداعي لها ..ولم اكتف بذلك سرا ... وإنما أخبرتها به ...
ولم اكتف بل ذللتها وأهنتها وخدشت عرضها برغم انه عرضي ....
قيدتها ذات مرة وجعلت صديقي يضربها ......
ولم اكتف .. بل لطخت سمعتها وهي في داري ....
ولم اكتف ... فلم احترم حرمة بيتي ...
ولم انفق قرشا واحدا من أجلهم ....
أذللتهم ... وسرقت أساور بناتي ... قهرتهم ... ولم اكتف ...
ارهقتهم ضربا ... حرمتهم النوم .... سرقت أيام شبابها وطفولتهم .....
ولم اكتف ....
كتبت هذه الرسالة ولست نادما ....
إنما كتبتها لأنني أردت أن تراها أيها الإنسان ...
وتصدق أن هناك من هو أطغى من الشيطان ....
ولتعلم أن الشيطان تتلمذ في مدرستي .....
تقبل تحياتي
أستاذ الشيطان
رميت الرسالة .... كأن صاحبها سيخرج منها ....
ما هذا الطغيان ؟!!!!! ما تلك الرسالة ... هل هي من الشيطان ؟
أم أنها من إنسان ...
قرأت كرها .. حقدا وشرا بين السطور ..
اشتممت رائحة الدمار منها ..
نظرت إليها فزعة ...
تخنقني أنفاسي .... وفررت هاربة ... باكية ..
لأول مرة فوق أعوامي العشرين ..
أدركت أسباب وجود المشردين .....