إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

انتفاضة الصدر الثانية ومعالم في الطريق

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • انتفاضة الصدر الثانية ومعالم في الطريق

    تميز المشهد السياسي العراقي منذ الاحتلال الغاشم باستحواذ رجال الدين بشقيه، السني والشيعي، بشكل مؤثر وفاعل على مجريات الأحداث في العراق، إلى جانب القوى والأحزاب السياسية الدينية والعلمانية التي تحاول أن تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع العراقي. إلا أن الحدث الأبرز في المشهد العراقي هو ظهور المقاومة الوطنية العراقية المسلحة، والتي لم تكن أبدا في حسابات الأمريكان.
    استطاعت هذه المقاومة الباسلة أن تفرض نفسها كإحدى الحقائق الأساسية المؤثرة على قواعد الصراع على الساحة العراقية أمتد تأثيرها على المنطقة والعالم أجمع، مما أجبر الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها وتعديلها مرات عدة، ووضعت قوات الاحتلال في مأزق حقيقي، وفي الوقت عينه كشفت وعرت هشاشة القاعدة الشعبية التي تستند إليها الأحزاب التي خدعت أمريكا ومهدت لها غزوها واحتلالها للعراق.
    فمن أبرز مكونات القوى السياسية الدينية التي ظهرت على الساحة العراقية هي القوى الشيعية، بمختلف تياراتها وأجنحتها وصراعاتها، متمثلة بحزب الدعوة بمختلف تياراته المنقسمة والمشتتة، والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، المعروفان بعلاقاتهما القوية مع طهران، وكذلك المرجعية الدينية المتمثلة بالسيد آية الله علي السيستاني، وبالمقابل برز تيار السيد مقتدى الصدر وتيار السيد جواد الخالصي، ويمكن تصنيف التيارين الآخرين بالتيار العروبي العراقي في البيت الشيعي.
    نظرا لاختلاف أجندة هذه القوى وتوجهاتها وارتباطاتها، ظهر الاختلاف مبكرا فيما بينها حول العديد من القضايا الرئيسة أبرزها: التمثيل السياسي، المرجعية الدينية، العلاقة مع إيران، العلاقة مع الاحتلال، والموقف من المقاومة الوطنية العراقية المسلحة.
    ظهرت علامات واضحة لمحاولات شيعية لتعويض المرحلة السابقة من التهميش والاضطهاد السياسي، من خلال التركيز على منح المرجعية الشيعية دورا محوريا في صياغة مستقبل العراق، من أجل تحويل العراق إلى دولة دينية شيعية. وقد ساعد السفير بريمر والإعلام الأمريكي تعميق وتضخيم هذا الدور وهذه المحاولة. وكان تصريح كولن باول بهذا الصدد واضحا عندما ألمح إلى عدم ممانعة أمريكا إقامة دولة دينية في العراق (!!!)، بهدف دق الإسفين الطائفي في المجتمع العراقي وتمزيقه. إلى ذلك قدم الإعلام الأمريكي والغربي والعربي السيد علي السيستاني على انه الرجل المحوري في عراق ما بعد صدام حسين، وتم تضخيم دوره إلى درجة انه قام بإرسال رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة كأنه رئيس دولة، وليس مجرد رجل دين وافتعال أزمات مع سلطات الاحتلال وتدخله المباشر في حلها.
    أن تأثير المرجعيات الدينية على الإخوة الشيعة ليس بجديد ودورهم في السياسة ليس بجديد أيضا باختلاف المراجع الذين تبوأوا المرجعية الدينية في العراق ومواقفهم الوطنية أو المهادنة للاحتلال في العشرينات من القرن المنصرم، ولكن بعد الاحتلال الأنجلو-أمريكي للعراق، برز تأثير المرجعية الدينية الشيعية و التيارات والقوى السياسية التي تستوحي الإرشاد والتوجيه منها، على مجمل الوجود السياسي الشيعي على الساحة العراقية، طمعا في الحصول على مصالح ومكاسب سياسية اكبر من خلال الترسيخ لدى سلطة الاحتلال بأنها القوى السياسية المحورية في تشكيل مستقبل العراق. واتخذ هذا التيار موقفا مهادنا للاحتلال الأمريكي وتحالف مع الأكراد في خط البداية لتحقيق هدفها. وبالمقابل برزت تنظيمات سياسية أقل تأثيرا كحركة الوفاق الإسلامي، والحركة الإسلامية التي تشكل امتدادا طبيعيا لتيار الإمام الخالصي، أحد أبرز قادة ثورة العشرين في العراق، وتدعو إلى التقارب مع السنة وتيار السيد مقتدى الصدر؛ وكلا التياران اتخذا مواقف وطنية واضحة ضد الاحتلال ومجلسه وحكومته المؤقتة.
    أما المرجعيات الدينية فانقسمت فيما بينها وظهر حضور قوي للسيستاني الذي حاول، ظاهريا، عدم التدخل في الصراع السياسي أو أن يكون طرفا فيه، ولكنه في الوقت عينه لم يدين الاحتلال فآثر سماحته الصمت عندما كانت الحاجة تدعوه إلى الكلام وهادن الأمريكان في الوقت الذي كان هناك حاجة إلى موقف وطني واضح من غزوهم واحتلالهم للعراق، وآثر السفر عندما قرر قوات الاحتلال محاصرة النجف الأشرف وقتل الشيعة وتدنيس ضريح الإمام علي كرم الله وجهه، باختصار انه تعامل مع محنة العراق بعقلية البازار الإيراني.
    وبالمقابل ظهر السيد مقتدى الصدر، الذي يتبع مرجعية الإمام الحائري في مدينة قم الإيرانية، فدخل في صراعين في آن واحد، صراع مع مرجعية السيد علي السيستاني والأحزاب السياسية الشيعية من جهة، ومع قوات الاحتلال ومجلسه ثم وحكومته المؤقتة من جهة أخرى، وصلت إلى حد المجابهات المسلحة في شهر نيسان، ابريل الماضي، أطلق عليها انتفاضة الصدر، تزامنا مع انتفاضة الفلوجة، ومرة اخرى في شهر أب، أغسطس.
    فمن الواضح أن هناك اختلافا كبيرا بين مقتدى الصدر وتياره وبين الأحزاب السياسية الشيعية والمرجعية الدينية الممثلة بالسيد السيستاني، وذلك لأن الصدر العربي العراقي، لا يمثل تيارا محدودا داخل المجتمع العراقي الشيعي، وإنما يقترب ليكون ممثلا لقاعدة شيعية عريضة، خاصة بين الطبقة الفقيرة والكادحة، ويستقطب شرائح مهمة من شباب الشيعة على حساب الأحزاب السياسية التي بدأت شعبيتها بالانحسار نتيجة لمواقفها المهادنة للاحتلال والمتخاذلة من أحداث النجف الأشرف الأخيرة، وتهالك قياداتها على الكرسي والمنصب. وحتى السيد السيستاني، بالرغم من كونه المرجع الشيعي الأعلى في العراق وأستقبل استقبالا حاشدا، المعد سلفا، بدأت شعبيته بالانحسار نتيجة سفره إلى لندن للعلاج في وقت عصيب للغاية واعتباره النجف خطا أحمرا، ثم لواذه بالصمت عندما بدأت الطائرات الأمريكية قصفها، وانتهاك حرماتها، وتخريب قواتها مقبرة وادي السلام، وتركها عشرات الشهداء في أزقتها وشوارعها وحاصرت ضريح الإمام علي (ع). هذا الموقف سيؤثر كثيرا على مصداقية ومكانة السيد السيستاني والأحزاب الشيعية السياسية. ويعزز الشكوك لدى الشعب العراقي بأنهم يهادنون الأمريكان، وهم صمام أمان الصراع الأمريكي- الإيراني، لاسيما بأنهم متهمون بتمثيلهم للمصالح الإيرانية.
    أن انتفاضة الصدر وجيش المهدي، يمثل تأكيدا على عمق الروح الوطنية والإسلامية المتغلغلة في الشعب العراقي.
    ومن الظلم أن ينعت المحللين والكتاب هذه الانتفاضة بأنها تمت بترتيب وإيعاز من إيران، أو أن السيد الصدر يريد تحقيق مآرب شخصية، فإن ارتباطات الأحزاب الشيعية المنوه عنها في أعلاه بإيران وخدمتها لأجندتها في العراق معروفة، أما السيد مقتدى الصدر فهو العربي العراقي الذي يمثل التيار الوطني العراقي الشيعي فأجندته عراقية بحتة، وحجم التضحية والإصرار على مقاومة العدوان، ودعوته لأنصاره بمواصلة الجهاد حتى بعد استشهاده تتواءم مع سياق مقاومة الاحتلال وتغليب المصلحة الدينية والوطنية العراقية العليا على الحسابات الطائفية التي تفرض نفسها على حسابات أغلب قيادات الشيعية في العراق.
    ويؤكد ما ذهبنا إليه، السيد جوان كول، أستاذ تاريخ شرق الأوسط في جامعة ميشيغان الأمريكية قائلا: (أن الصدر ذو نزعة قومية عراقية، وأنه دائم الانتقاد لآيات الله في العراق الذين يتحدثون اللغة العربية بلكنة فارسية). بل على النقيض من الاتهامات التي توجه إليه، يرى كول (أن آيات الله في طهران يجدون في الصدر وطروحاته السياسية والفكرية تهديدا لآيات الله ودورهم الأممي، وأن الرسالة التي تلقاها الصدر في زيارته الأخيرة لطهران – بعد سقوط النظام السابق – واضحة وهي عدم وجود دعم له من قبل طهران وضرورة تعاونه بشكل أكبر مع القوى السياسية والدينية الشيعية الأخرى).
    لقد برهن السيد الصدر على وطنيته العراقية خلال انتفاضته الأولى، عندما أيد وساند ثورة الفلوجة وأرسل مقاتلين من جيش المهدي للدفاع عنها، الأمر الذي أدى إلى ظهور تقارب بينه وبين المقاومة الباسلة. وهذا ما أكدته أيضا مواقف السنة من السيد الصدر عند محاصرة قوات الاحتلال للكوفة في الانتفاضة الأولى ممثلة بوفد هيئة علماء المسلمين السنة، ومن شيوخ عشائر الانبار والسامراء، وتسييرها مئات الشاحنات من المواد الغذائية لأبناء المدينة المحاصرة وترديد الشعار، "سنة وشيعة.. هذا الوطن ما نبيعه". وظهر هذا التلاحم بصورة اكبر في الانتفاضة الثانية الجارية حاليا بتوافد المئات من مقاتلي المقاومة من الفلوجة للقتال جنب أشقائهم في النجف الأشرف، مما يؤكد على أن جذوة ثورة العشرين يمكن أن تنبثق مرة اخرى.
    وفي الوقت الذي كان السيد مقتدى الصدر يخوض مواجهات شرسة مع قوات الاحتلال دفاعاً عن العتبات المقدسة في النجف، فإن المراجع الشيعة وأحزابها السياسية تواطأت مع الاحتلال، بحجة الاعتدال والعقلانية، وأرسلت الوفود لوئد انتفاضته، كما وئدوها في المرة الأولى، وكأنهم اتفقوا على التخلص منه ومن أنصاره الذين باتوا مصدر إحراج مزعج لهم. لقد فقد هؤلاء المصداقية والتأييد الشعبي وبالتالي لا يحق لهم التحدث باسم شيعة العراق، لأنهم لا يمثلونها وأهدافهم لا تتطابق مع أهدافهم في تحرير العراق من المحتل الغاصب.
    إن التهور الأمريكي في الصدام المباشر والدموي من أنصار المجاهد الصدر سيؤدي أن عاجلا أو آجلا إلى مواجهة مباشرة مع الأغلبية الشيعية الصامتة، وهذا بدوره يؤدي إلى سحب الشرعية من الزعماء الشيعة الذين اختاروا طريق التعاون مع الاحتلال.
    أن المرحلة القادمة، أو الصفحة الثانية من الانتفاضة الصدرية، تفرض على التيار الصدري ضرورة خلق نوعا من التنسيق، مع بعض التيارات الشيعية التي ترفض الهيمنة الإيرانية، وترفض التعاون مع المحتلين، ومع الحركة الإسلامية الشيعية التي تشكل امتدادا لتيار الشيخ الخالصي وتنادي بالتقارب مع السنة ومقاومة الاحتلال. فأن التقاء السيد الصدر مع هذه التيارات، التي أثبتت عراقيتها ورفضها للاحتلال، واندماجها بالمقاومة سيشكل نقلة نوعية عميقة الأثر في حركة المقاومة العراقية ضد الاحتلال، ويمثل نقلة نوعية مهمة جدا لتمثل الشعب العراقي بجميع أطيافه ومكوناته بعيدا عن الطائفية والمذهبية.
    أن الهدنة التي تم التوصل إليها صبيحة يوم 27/8/2004 لم تحسم المعركة لصالح قوات الاحتلال عسكريا، وإنما أجلت المعركة، ورفعت الإحراج الكبير عن حكومة السيد علاوي والأحزاب الشيعية ولو لحين. لأن معركة التحرير مفتوحة على استحقاقات سياسية هائلة ومركبة ستكشفها الأيام القادمة.
    كان بإمكان قوات الاحتلال سحق جيش المهدي وكسر شوكة السيد مقتدى الصدر، بفعل التفوق العسكري والتسليحي الهائل لها، ولكنها كانت ستجد نفسها أمام استحقاقات سياسية ربما لا تستطيع مواجهتها في هذه المرحلة الحرجة بالنسبة للرئيس بوش. ولكن ما لم تدركه الولايات المتحدة في هجومها على النجف، لتحقيق هدفها العسكري والسياسي، هو أن السيد مقتدى الصدر قد سجل انتصارا سياسيا عليها وعلى الحكومة المؤقتة، سيكون من الصعب عليهما إهماله أو تحجيمه في المستقبل.
    وإذا ما أقدمت قوات الاحتلال على قتله بعد أن حلت الأزمة بالشكل الذي تم، سيحوله إلى أسطورة لدى الشيعة والعراقيين، ويفجر الشرارة التي تؤذن بفتح أبواب جهنم على قوات الاحتلال ومرتزقته في العراق.
    على أرض الواقع يتبين أن أمريكا ليست في مأزق فقط ولكنها في محنة و غارقة في اليأس، فالمقاومة الشرسة لم تهدأ والانتفاضات تتوالى بزخم أكبر من سابقتها. وهكذا تتعمق ورطتها ومأزقها إلى حد اليأس، وتحرق أوراقها وأوراق حلفائها سواء الذين اصطفوا معها وهادنوها أو التي صنعتهم بأيديها.
    ولعل أبرز المحترقين في انتفاضة الصدر الثانية، الحكومة المؤقتة والأحزاب الشيعية التي هادنت الاحتلال، التي آثرت الصمت والتخفي والهروب من مواجهة استحقاقات الموقف، لتسهيل عمل قوات الاحتلال بالتفرد بالسيد الصدر وجيش المهدي لتصفيته من اجل رفع الحرج عنهم ويكمموا أفواه المناضلين الوطنيين الشيعة، ليلحقوا عارا بأحفاد ثورة العشرين ويجعلوهم خارج التاريخ الوطني العراقي.
    كان بإمكان قوات الاحتلال أن تكسب معركة النجف، وبإمكانها أن تكسب معارك اخرى في شارع حيفا والاعظمية والفلوجة والموصل والسامراء وكركوك وغيرها من المدن العراقية الباسلة. لكنها بالتأكيد ستخسر الحرب التي أشعلتها في آذار-مارس من العام الماضي، والتي لم تخمد أوارها ولم تحسم إلى الآن.
    يقول باتريك سيل الصحفي البريطاني الشهير المتخصص في شئون الشرق الأوسط، أنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن الجيوش التقليدية مهما بلغت قوتها، من هزيمة مقاتلي حرب العصابات، سيما إن كانت الأخيرة تحظى بتأييد شعبي.
    أما تقرير مركز الدراسات الدولية الاستراتيجية في واشنطن الصادر في 8/5/2004، فيؤكد المشرف على إعداده السيد انتوني كوردسمان (أن أي حل عسكري أمريكي سوف ينتج عنه عدد هائل من الضحايا المدنيين وأضرار مادية جسيمة وسيفشل في الوقت ذاته في وضع حد للتمرد الشيعي السني). وحذر التقرير من أي محاولة أمريكية لاغتيال السيد مقتدى الصدر مشيرا إلى أنها ((عبر هذه الخطوة سوف تجعل منه شهيدا وستدفع الشيعة إلى عقد تحالف مع المتمردين السنة، ما سيخلق حالة عامة من المقاومة في البلاد)).
    يبدوا أن إدارة الرئيس بوش قد تورطت في مغامرة عسكرية يائسة في النجف، ولا ترغب في سماع النصائح حتى من مراكز الدراسات الأمريكية، فهي كانت تأمل إلى جر السيد الصدر وإغراءه، من أجل حمله على حالة من التواطؤ والمهادنة والاندماج في العملية السياسية من خلال تأييد الحكومة المؤقتة بهدف الوصول إلى حالة من الأمن والاستقرار، لاستثمار نتائجها في حملة الانتخابات الرئاسية.. وعندما لم تنجح في تحقيق ما تقدم، لجأت إلى تنفيذ الآتي:
    [LIST]<LI dir=rtl>
    توجيه ضربة عسكرية قاصمة لتيار السيد مقتدى الصدر، الذي أصبح محورا لجذب الشباب والفقراء الشيعة.
    <LI dir=rtl>
    ضرورة التخلص من السيد مقتدى الصدر وجيش المهدي لأنه بدأ يشكل إحراجا بالغا للمرجعية الدينية الشيعية، وخاصة السيد السيستاني، والقوى والأحزاب الشيعية المهادنة للاحتلال والممثلة لمصالح إيران في العراق، بمعنى أخر أن التخلص من السيد مقتدى وجيش المهدي، بات مطلبا شيعيا وأمريكيا وإيرانيا.
    <LI dir=rtl>
    منع انتشار نموذج الفلوجة والمناطق السنية الأخرى في المدن الشيعية في جنوب العراق، بعد أن فقدت أمريكا والحكومة المؤقتة السيطرة على معظم مدن العراق، وخاصة السنية منها.
    <LI dir=rtl>
    محاولة أمريكية للقضاء على روح المقاومة الرافضة لوجودها والحكومة المؤقتة التي فرضها على العراقيين، من خلال توجيه ضربة قاصمة للتيار الشيعي الرافض للاحتلال، والحيلولة دون تمفصل تيار السيد مقتدى الصدر مع المقاومة العراقية الوطنية المسلحة.
    [*]
    تأكيد مشروعية المرجعية الدينية الممثلة بآية الله السيستاني، والانخراط في العملية السياسية إلى جانب الأحزاب السياسية الشيعية الأخرى المهادنة على حساب المرجعية الوطنية العراقية.
    [/LIST]
    بعد كل هذه التداعيات والتطورات فما هي معالم الطريق التي ستتمخض عنها انتفاضة السيد مقتدى الصدر الثانية؟
    لقد أسلفنا انه حتى وان لم ينجح السيد الصدر في هذه المواجهة عسكريا، إلا أن أبعاده السياسية وتأثيرها ستكون كبيرة جدا على مجمل الساحة السياسية، لعل أبرزها هو احتمال اندماج جيش المهدي، الذي يربو عدده على أربعين ألف مقاتل، في المقاومة الوطنية العراقية، وتقلب بذلك حسابات المحتلين ورجالاته في العراق رأسا على عقب.
    يبدوا أن السيد الصدر قد استفاد من دروس انتفاضته الأولى، فلم ينجر إلى المساومات التي وئدت انتفاضته الأولى، ولم يقابل وفد المجلس الوطني الذي ترأسه السيد مهدي الصدر ولم يلتقي مع السيد موفق الربيعي والآخرين من البيت الشيعي، بل ترك بينه وبينهم مسافة يستطيع المناورة خلالها، وكلف مساعديه بالقيام بالمهمة التي لم تتمخض عن أي شيء. بالمقابل أحرج الحكومة المؤقتة وظهر السيد رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الدولة مرتبكون في مؤتمراتهم الصحفية. وقد اثبت السيد الصدر بأنه ليس قليل الخبرة كما يشيعه عنه بعض المحللين، وإنما لاعب سياسي له مؤهلات قيادية، ونعتقد أن إصراره على تسليم مفاتيح الحضرة العلوية الشريفة إلى مكتب أية الله السيستاني، وتأخير هذا التسليم إلى ما بعد مقابلة السيد الصدر لسماحته هو تكتيك سياسي رفيع، علما بان السيد السيستاني لم يوافق على مقابلة السيد الصدر طيلة عام ونصف العام، وأن هذه المقابلة يعد بمثابة اعتراف المرجعية الدينية الشيعية بالسيد مقتدى الصدر كزعيم يحسب له الحساب.
    إن انتفاضة السيد الصدر الثانية قد توجته قائدا سياسيا وشعبيا في العراق، ستحسب له قوات الاحتلال والقوى السياسية الشيعية والسنية والمرجعيات الدينية الشيعية ألف حساب. فأن تصفيته سياسيا بات أمرا مستحيلا، وحتى لو تم تصفيته جسديا فانه سيتحول إلى أسطورة يستقطب ويستلهم الجماهير الشيعية وخاصة الشباب والفقراء الذين يشكلون الغالبية العظمى من الشيعة.
    أن معارك النجف الأشرف أثبتت أن تيار السيد مقتدى الصدر في تنامي وانتشار، ففي انتفاضته الأولى، اقتصرت المجابهات على مدينة الصدر في بغداد ثم انتقل إلى الكوفة.
    أما في الانتفاضة الثانية فظهر جليا امتداد نفوذه إلى المحافظات الجنوبية، حيث استولى مؤيدوه على المباني الحكومية في النجف الأشرف والعمارة والديوانية والناصرية والكوت؛ بل امتد نفوذه لتشمل مدينة البصرة أيضا، لقد فرض السيد الصدر نفسه كطرف سياسي مهم لا يمكن تجاهله.
    لقد أظهر السيد مقتدى الصدر قدرة ممتازة على المناورة السياسية، فرغم لغته العنيفة في انتقاد الحكومة المؤقتة وقوات الاحتلال، ووصفه إياها بمختلف النعوت؛ ألا انه أعرب عن عزمه على حل الأزمة بالوسائل السلمية ولم يقفل الباب أمام المبادرات لحل المشكلة، ففي الوقت الذي تملص بمهارة عن شروط الحكومة المؤقتة التى هي شروط قوات الاحتلال نفسها، قدم من جانبه عشرة شروط لها دلالاتها لحل الأزمة، مثل سحب قوات الاحتلال والشرطة والجيش من النجف الأشرف، وخروج قوات جيش المهدي من صحن الروضة الحيدرية بعد استلام المرجعية لمفاتيح الروضة، مع حماية النجف القديمة بواسطة المرجعية إلا إذا رفضت المرجعية ذلك ببيان رسمي. وهذا ما تم له بالفعل وهي نفس بنود الهدنة التي توصل إليها مع آية الله السيستاني تقريبا.
    وبهذا أصبح السيد مقتدى الصدر زعيما شعبيا عراقيا لا شيعيا فحسب، الأمر الذي سيزيد من حماس أنصاره والتفافهم حوله، وتحول إلى رمز وطني شيعي أعاد للشيعة كرامتها الوطنية. وبالتأكيد سيحصد أصوات غالبية الشيعة العراقيين وكثير من الوطنيين العراقيين من السنة فيما إذا جرت انتخابات عامة نزيهة مطلع العام القادم. الأمر الذي سيوسع من محنة أمريكا الحقيقية في العراق، وإلحاق المزيد من النكسات لمشروعها.
    بعد أن حقق السيد الصدر نصرا معنويا وسياسيا كبيرا، ينبغي عليه ترجمته وتحويله إلى أهداف وطنية بعيدا عن الطائفية، والتركيز على تحرير العراق واستعادة سيادته واستقلاله والمحافظة على وحدة ترابه الوطني، وبهذا العمل سيجد جميع القوى الوطنية من القوميين والديمقراطيين والإسلاميين وأبناء الأقليات بمختلف تلاوينهم يقفون إلى جانبه.
    فبقدر التزامه بأهداف وطنية جامعة بعيدة عن الطائفية، بقدر ما يكون مؤهلاً ليحظى بتأييد القوى الوطنية والديمقراطية على مستوى العراق كله.
    أن نجاح انتفاضة الصدر الثانية سيمهد لزوال هيمنة التشيع الفارسي ورجالاته على شيعة العراق، ويؤذن بصعود التشيع العربي العراقي المعروف تاريخيا بأنه أقدم من التشييع الفارسي، وتقبر اللعبة التي أراد من خلالها الامتداد الإيراني الهيمنة علي الدولة العراقية الجديدة وفرض التقسيم الطائفي والعرقي علي الشعب العراقي.
    التاريخ يخبرنا بان الاحتلال لا يدوم مهما طال الزمن وأن مستقبل الأوطان لا يقرره إلا الوطنيين الشرفاء. معارك التحرير تتوقف لالتقاط الأنفاس بعد كل معركة تسجل فيها انتصارا سياسيا أو عسكريا.
    أن ثورة الفلوجة وانتفاضات السيد الصدر والمقاومة الشرسة التي واجه بها الشعب العراقي قوات الاحتلال ورفضه للظلم والجبروت منذ عام ونيف، قد أجبر الرئيس الأمريكي جورج بوش أن يعترف بعظمة لسانه لصحيفة نيويورك تايمز بأنه أخطأ في حساباته لما بعد الحرب ولم يتوقع مثل هذه المقاومة الشرسة........
    والآتي أعظم!!!
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
استجابة 1
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
ردود 2
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X