- السيف الصقيل رد ابن زنجفيل- السبكي ص 217 :
رسالة كتب ( 1 ) بها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي إلى الشيخ تقى الدين ابن تيمية كتبتها ( 2 ) من خط قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة رحمه الله وكتبها هو من خط الشيخ الحافظ أبى سعيد بن العلائى وهو كتبها من خط مرسلها الشيخ شمس الدين .
الحمد لله على ذلتي ، يا رب ارحمنى وأقلني عثرتي . واحفظ على إيمانى . واحزناه على قلة حزنى ، وا أسفاه على السنة وذهاب أهلها . واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء . واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات . آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس . وتبا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه . إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك ! . إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تذكروا موتاكم إلا بخير ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ) بلى اعرف أنك تقول لى لتنصر نفسك : إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام ولا عرفوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو جهاد .
بلى والله عرفوا خيرا كثيرا مما إذا عمل به العبد فقد فاز وجهلوا شيئا كثيرا مما لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . يا رجل بالله عليك كف عنا فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام . إياكم والغلوطات في الدين كره نبيك صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال :
( إن أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان ) وكثرة الكلام بغير زلل تقسى القلوب إذا كان في الحلال والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التى تعمى القلوب . والله قد صرنا ضحكة في الوجود فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية لنرد بعقولنا ، يا رجل قد بلعت ( سموم ) الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات . وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن والله في البدن . وا شوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت بتفكر . وآها لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة .
بلى عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة . كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما بالاله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل . الحبوب وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ، ومن لم يكفر فهو أكثر من فرعون . وتعد النصارى مثلنا ، والله في القلوب شكرك إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فانت سعيد . يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا . لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفى الباطن عدو لك بحاله وقلبه فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربرط خفيف العقل أو عامى كذاب بليد الذهن أو غريب واجم قوى المكر أو ناشف صالح عديم الفهم ، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل ، يا مسلم اقدم حمار شهوتك لمدح نفسك . إلى كم تصادقها وتعادى الأخيار . إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار . إلى كم تعظمها وتصغر العباد . إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد . إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح - والله - بها أحاديث الصحيحين . يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والاهدار أو بالتأويل والإنكار ، أما آن لك أن ترعوى ؟ أما حان لك ان تتوب وتنيب ؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل . بلى - والله - ما أذكر أنك تذكر الموت بل تزدرى بمن يذكر الموت فما أظنك تقبل على قولى ولا تصغي إلى وعظى بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات وتقطع لى أذناب الكلام ولا تزال تنتصر حتى أقول : وألبتة سكت . فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك . واعداؤك - والله - فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر . قد رضيت منك بان تسبنى علانية وتنتفع بمقالتي سرا ( فرحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي ) فإنى كثير العيوب غزير الذنوب . الويل لى إن أنا لا أتوب ، ووافضيحتى من علام الغيوب ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .
* ( هامش ) *
( 1 ) بتضمين ( بعث ) . ( 2 ) والكاتب هو التقى ابن قاضى شهبة وقد ذكر في طبقات الشافعية أنه اطلع على مجاميع وفوائد بخط البرهان ابن جماعة .
رسالة كتب ( 1 ) بها الشيخ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي إلى الشيخ تقى الدين ابن تيمية كتبتها ( 2 ) من خط قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة رحمه الله وكتبها هو من خط الشيخ الحافظ أبى سعيد بن العلائى وهو كتبها من خط مرسلها الشيخ شمس الدين .
الحمد لله على ذلتي ، يا رب ارحمنى وأقلني عثرتي . واحفظ على إيمانى . واحزناه على قلة حزنى ، وا أسفاه على السنة وذهاب أهلها . واشوقاه إلى إخوان مؤمنين يعاونونني على البكاء . واحزناه على فقد أناس كانوا مصابيح العلم وأهل التقوى وكنوز الخيرات . آه على وجود درهم حلال وأخ مؤنس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس . وتبا لمن شغله عيوب الناس عن عيبه . إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك ! . إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعباراتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس مع علمك بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا تذكروا موتاكم إلا بخير ، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ) بلى اعرف أنك تقول لى لتنصر نفسك : إنما الوقيعة في هؤلاء الذين ما شموا رائحة الإسلام ولا عرفوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وهو جهاد .
بلى والله عرفوا خيرا كثيرا مما إذا عمل به العبد فقد فاز وجهلوا شيئا كثيرا مما لا يعنيهم ، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه . يا رجل بالله عليك كف عنا فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام . إياكم والغلوطات في الدين كره نبيك صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال :
( إن أخوف ما أخاف على أمتى كل منافق عليم اللسان ) وكثرة الكلام بغير زلل تقسى القلوب إذا كان في الحلال والحرام ، فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفة وتلك الكفريات التى تعمى القلوب . والله قد صرنا ضحكة في الوجود فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية لنرد بعقولنا ، يا رجل قد بلعت ( سموم ) الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات . وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم وتكمن والله في البدن . وا شوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت بتفكر . وآها لمجلس يذكر فيه الأبرار فعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة .
بلى عند ذكر الصالحين يذكرون بالازدراء واللعنة . كان سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقين فواخيتهما بالاله خلونا من ذكر بدعة الخميس وأكل . الحبوب وجدوا في ذكر بدع كنا نعدها من أساس الضلال قد صارت هي محض السنة وأساس التوحيد ومن لم يعرفها فهو كافر أو حمار ، ومن لم يكفر فهو أكثر من فرعون . وتعد النصارى مثلنا ، والله في القلوب شكرك إن سلم لك إيمانك بالشهادتين فانت سعيد . يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال لا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا . لكنه ينفعك ويجاهد عندك بيده ولسانه وفى الباطن عدو لك بحاله وقلبه فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربرط خفيف العقل أو عامى كذاب بليد الذهن أو غريب واجم قوى المكر أو ناشف صالح عديم الفهم ، فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل ، يا مسلم اقدم حمار شهوتك لمدح نفسك . إلى كم تصادقها وتعادى الأخيار . إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار . إلى كم تعظمها وتصغر العباد . إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد . إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح - والله - بها أحاديث الصحيحين . يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والاهدار أو بالتأويل والإنكار ، أما آن لك أن ترعوى ؟ أما حان لك ان تتوب وتنيب ؟ أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل . بلى - والله - ما أذكر أنك تذكر الموت بل تزدرى بمن يذكر الموت فما أظنك تقبل على قولى ولا تصغي إلى وعظى بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات وتقطع لى أذناب الكلام ولا تزال تنتصر حتى أقول : وألبتة سكت . فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد فكيف حالك عند أعدائك . واعداؤك - والله - فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر . قد رضيت منك بان تسبنى علانية وتنتفع بمقالتي سرا ( فرحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي ) فإنى كثير العيوب غزير الذنوب . الويل لى إن أنا لا أتوب ، ووافضيحتى من علام الغيوب ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين .
* ( هامش ) *
( 1 ) بتضمين ( بعث ) . ( 2 ) والكاتب هو التقى ابن قاضى شهبة وقد ذكر في طبقات الشافعية أنه اطلع على مجاميع وفوائد بخط البرهان ابن جماعة .
تعليق