إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

كتاب بيت الاحزان في مصائب سيدة النسوان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب بيت الاحزان في مصائب سيدة النسوان

    بسم الله الرحمن الرحيم .. نحمدك يا من جعل حب محمد النبي وآله " عليه وعليهم السلام " وبغض أعدائهم دعامة للدين، وركنا للايمان واليقين، وسببا للخلاص من عذاب المهين، فبلغ وأوصل أفضل صلواتك وسلامك عليهم أجمعين أبد الآبدين، والعن وعذب أعدائهم الناصبين الجاحدين. أما بعد فلما كان كتاب بيت الاحزان في مصائب سيدة النسوان " صلوات الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها " - من تأليفات خادم أهل البيت عليهم السلام وذخر المحدثين وخاتمهم الحاج الشيخ عباس القمي تغمده الله بغفرانه - كتابا قيما جامعا نافعا في موضوعه، مرتبا على أربعة أبواب واثنين وثلاثين فصلا فقد قام الخير الصالح الصفي المجد في نشر آثار العلماء تقي بن المهدي المشهور ب‍ " العلامة " مدير مؤسسة دار الحكمة زاد الله في توفيقاته بتجديد طبعه ونشره وطلب مني أن أبذل جهدي لتحقيق الكتاب وتصحيحه وإخراج مصادره، ومع العجز عن ذلك فقد لبيت مطلوبه، وأقدم شكري إليه أن تفضل علي بذلك وأرجو من الله أن يمن علي بالهداية والتوفيق والقبول وإحياء آثار الرسول وآله عليهم السلام ....



    http://www.yasoob.com/books/htm1/m025/29/no2927.html



    منقول عن مكتبة يعسوب الديــــــــن

  • #2
    أجرك على سيدة الدنيا و الآخرة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها
    بارك الله بكم و لكم الشكر الجزيل

    تعليق


    • #3
      ماجور اخي الكريم بحق مكسورة الضلع روحي لها الفداء
      لك كل الشكر
      حفظت الكتاب في جهازي وسأقرأه ان شاء الله

      تعليق


      • #4
        شكرا جزيلا لكم على مروركم الكريم على الموضوع ... ان شاء الله نكون من السائرين على نهجها ونهج ابيها وبعلها وبنيها ... ودمتم بخيـــر

        تعليق


        • #5
          اللهم العن كل من آذى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

          تعليق


          • #6


            فصل (إضرام النار على بيت فاطمة عليها السلام)

            فلما أن رأى علي عليه السلام خذلان الناس إياه وتركهم نصرته واجتماع كلمتهم مع أبي بكر وتعظيمهم إياه لزم بيته، فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره وغير هؤلاء الأربعة، وكان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا والآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما، فقال له أبو بكر: من نرسل إليه ؟ فقال عمر: نرسل إليه قنفذا فهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء أحد بني عدي بن كعب، فأرسله وأرسل معه أعوانا وانطلق فاستأذن على علي عليه السلام فأبى أن يأذن لهم، فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر وهما جالسان في المسجد، والناس حولهما فقالوا: لم يؤذن لنا فقال عمر: إذهبوا فان أذن لكم وإلا فادخلوا بغير إذن. فانطلقوا فاستأذنوا، فقالت فاطمة عليها السلام أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن، فرجعوا وثبت قنفذ الملعون، فقالوا: إن فاطمة قالت كذا وكذا فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن، فغضب عمر وقال: ما لنا وللنساء، ثم أمر أناسا حوله بتحصيل الحطب، وحملوا الحطب وحمل معهم عمر، فجعلوه حول منزل علي وفيه علي وفاطمة وابناهما عليهم السلام، ثم نادى عمر حتى أسمع عليا وفاطمة عليهما السلام. والله لتخرجن يا علي ولتبايعن خليفة رسول الله وإلا أضرمت عليك النار فقامت فاطمة عليها السلام فقالت: يا عمر ما لنا ولك ؟ فقال: افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم بيتكم، فقالت: يا عمر أما تتقي الله تدخل على بيتي، فأبى أن ينصرف ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب، ثم دفعه فدخل فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت يا أبتاه يا رسول الله فرفع عمر السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت



            [ 110 ]

            يا أبتاه، فرفع السوط فضرب به ذراعها، فنادت يا رسول الله: لبئس ما خلفك أبو بكر وعمر. فوثب علي عليه السلام فأخذ بتلابيبه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاه به، فقال: والذي كرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق وعهد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله لعلمت أنك لا تدخل بيتي، فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار وثار علي عليه السلام إلى سيفه، فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوف أن يخرج علي عليه السلام بسيفه لما قد عرف من بأسه وشدته، فقال أبو بكر لقنفذ: ارجع فان خرج وإلا فاقتحم عليه بيته، فإن امتنع فأضرم على بيتهم النار، فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو وأصحابه بغير إذن، وثار علي عليه السلام إلى سيفه، فسبقوه إليه وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه، فألقوا في عنقه حبلا، وحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وان في عضدها مثل الدملج من ضربته لعنه الله. ثم انطلقوا بعلي عليه السلام يتل (6) حتى انتهى به أبي بكر، وعمر قائم بالسيف على رأسه، وخالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبو حذيفة ومعاذ بن جبل، والمغيرة بن شعبة، وأسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح (7). [ إحتجاج فاطمة عليها السلام مع أبي بكر ] وفي رواية العياشي فخرجت فاطمة عليها السلام فقالت: يا أبا بكر أتريد أن <h5>(6) في المصدر: يعتل عتلا يعني يجذب جذبا. واتله: أي أوثقه وجره. (7) كتاب سليم بن قيس ص 83 - 84 بحار الانوار ج 28 ص 269. (*) </h5><h1>[ 111 ]</h1><h4>ترملني من زوجي ؟ والله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ولآتين قبر ابي ولأصيحن إلى ربي، فأخذت بيد الحسن والحسين وخرجت تريد قبر النبي صلى الله عليه وآله فقال علي عليه السلام لسلمان: أدرك إبنة محمد صلى الله عليه وآله فاني أرى جنبتى المدينة تكفئان (8)، والله إن نشرت شعرها، وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها، فأدركها سلمان رضي الله عنه فقال: يا بنت محمد إن الله انما بعث أباك رحمة فارجعي، فقالت: يا سلمان يريدون قتل علي عليه السلام وما علي صبر، فدعني حتى آتي قبر أبي، فأنشر شعري وأشق جيبي وأصيح إلى ربي فقال سلمان: إني أخاف أن يخسف بالمدينة وعلي بعثني إليك يأمرك أن ترجعي له إلى بيتك وتنصر في فقالت عليها السلام: إذا أرجع وأصبر واسمع له وأطيع (9). الاحتياج: روى عن الصادق عليه السلام انه قال: لما استخرج أمير المؤمنين عليه السلام من منزله، خرجت فاطمة عليها السلام فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر، فقالت لهم: خلوا عن ابن عمي، فو الذي بعث محمدا بالحق، لئن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله صلى الله عليه وآله على رأسي ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح باكرم على الله من أبي ولا الناقة بأكرم مني ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي، قال سلمان " رضي الله عنه ": كنت قريبا منها فرأيت والله أساس حيطان المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله تقلعت من أسفلها، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ، فدنوت منها، فقلت: يا سيدتي ومولاتي، إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة فرجعت، ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا (1). <h5>(8) قوله تكفئان: أي تضطربان وتنقلبان. (9) العياشي: ج 2 ص 67 وبحار الانوار ج 28 ص 227. (10) الاحتجاج ج 1 ص 113. (*) </h5><h1>[ 112 ]</h1><h4>وروى الشيخ الكليني قدس سره عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: إن فاطمة عليها لما أن كان من أمرهم ما كان، أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثم قالت: أما والله يا بن الخطاب، لولا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني سأقسم على الله، ثم أجده سريع الإجابة (11). وروى أيضا انه: لما أخرج بعلي عليه السلام خرجت فاطمة صلوات الله عليها واضعة قميص رسول الله عليه رأسها، آخذة بيدي إبنيها، فقالت: مالي ولك يا أبا بكر ؟ تريد أن تؤتم ابني وترملني من زوجي ؟ والله لولا أن يكون سيئة، لنشرت شعري، ولصرخت إلى ربي، فقال رجل من القوم: ما تريد إلى هذا ؟ ثم أخذت بيده فانطلقت به (12). وفي رواية أخرى، عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله نشرت شعرها ماتوا طرا (13). [ في أن عمر وخالدا أتيا بعلي (ع) والزبير للبيعة. ] روى ابن أبي الحديد عن كتاب السقيفة للجوهري، باسناده عن الشعبي قال: قال أبو بكر: يا عمر أين خالد بن الوليد ؟ قال هو هذا، فقال: إنطلقا إليهما يعني عليا والزبير، فأتياني بهما، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج فقال عمر للزبير: ما هذا السيف ؟ قال: أعددته لأبايع عليا، قال: وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد ابن الأسود وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه، ثم دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد دونك هذا، فأمسكه خالد وكان في خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر <h5>(11) الكافي ج 1 ص 460. (12) روضة الكافي ص 237. (13) روضة الكافي ص 238. (*) </h5><h1>[ 113 ]</h1><h4>ردءا لهما، ثم دخل عمر فقال لعلي عليه السلام قم فبايع، فتلكأ واحتبس، فأخذه بيده فقال: قم، فأبى أن يقوم فحمله ودفعه كما دفع الزبير ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقا عنيفا، واجتمع الناس ينظرون وامتلأت شوارع المدينة بالرجال. ورأت فاطمة عليها السلام ما صنع عمر فصرخت وولولت واجتمعت معها نسوة كثيرة من الهاشميات وغيرهن، فخرجت إلى باب حجرتها ونادت يا أبا بكر: ما أسرع ما اغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا اكلمه حتى ألقى الله، قال فلما بايع علي عليه السلام والزبير وهدأت تلك الفورة مشى إليها أبو بكر بعد ذلك فشفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه. قال ابن أبي الحديد: والصحيح عندي، إنها ماتت وهي واجدة علي أبي بكر وعمر، وإنها أوصت أن لا يصليا عليها وذلك عند أصحابنا من الصغائر (14) المغفورة لهما، وكان الأولى بهما إكرامها وإحترام منزلتها لكنهما خافا الفرقة واشفقا من الفتنة، ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنهما وكان (كانا - ل) من الدين وقوة اليقين بمكان مكين، ومثل هذا لو ثبت كونه خطأ لم تكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر التي لا يقتضي التبري، ولا يوجب التولي، إنتهى كلام ابن أبي الحديد عليه ما يستحقه ويريد (15). <h5>(14) من الأمور - خ م. (15) شرح النهج ج 6 ص 49 - 50. (*) </h5><h1>[ 114 ]</h1><h4>فصل [ قصة بيت فاطمة عليها السلام وضربها وإلقاء جنينها ] قال العلامة المجلسي في البحار: وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان بن أبي عياش عنه، عن سلمان وعبد الله بن العباس، قالا: توفى رسول الله صلى الله عليه وآله يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وأرتدوا، واجتمعوا على الخلاف، واشتغل علي بن أبي طالب عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وآله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته. ثم أقبل عليه السلام على تأليف القرآن، وشغل عنهم بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمر لابي بكر: يا هذا إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر فابعث إليه، فبعث إليه إبن عم لعمر يقال له قنفذ فقال له: يا قنفذ إنطلق إلى علي: فقل له: أجب خليفة رسول الله، فبعثا مرارا وأبى علي عليه أن يأتيهم، فوثب عمر غضبان، ونادى خالد بن الوليد وقنفذا فأمرهما أن يحملا حطبا ونارا، ثم أقبل حتى إنتهى إلى باب علي وفاطمة عليهما السلام، وفاطمة عليها السلام قاعدة خلف الباب: قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفات رسول الله صلى الله عليه وآله. فأقبل عمر حتى ضرب الباب، ثم نادى: يا ابن أبي طالب إفتح الباب فقالت فاطمة عليها السلام يا عمر ما لنا ولك لا تدعنا وما نحن فيه قال: افتحي الباب وإلا

            [ 115 ]

            أحرقنا عليكم، فقالت: يا عمر أما تتقي الله عز وجل تدخل علي بيتي وتهجم علي داري ؟ فأبى أن ينصرف، ثم دعى عمر بالنار فاضرمها في الباب، فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت: يا أبتاه يا رسول الله فرفع عمر السيف وهو في غمده، فوجأ به جنبها، فصرخت فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: يا أبتاه، فوثب علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بتلابيب عمر، ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله، فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاه به من الصبر والطاعة. فقال: " والذي كرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة، يا ابن صهاك لو لا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي " فأرسل عمر يستغيث، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنقه حبلا فحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط، فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله، فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلوات الله عليها من ذلك شهيدة (1). أقول: وروي أيضا عن كتاب سليم، انه أغرم عمر بن الخطاب في بعض سنين جميع عماله انصاف أموالهم سوى قنفذ، قال سليم: إنتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان، وأبي ذر، والمقداد ومحمد بن أبي بكر، وعمر بن أبي سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة فقال العباس لعلي عليه السلام: ما تري عمر منعه أن يغرم قنفذا كما غرم جميع عماله ؟ فنظر علي عليه السلام إلى من حوله ثم إغرورقت عيناه، ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة عليها السلام بالسوط فماتت وإن في عضدها أثره كأنه الدملج (2). <h5>(1) بحار الانوار ج 28 ص 297 - 299 وايضا 270. (2) كتاب سليم ص 134. (*) </h5><h1>[ 116 ]</h1><h4>روى في الاحتجاج: إحتجاج الحسن بن علي عليهما السلام على معاوية وأصحابه في حديث طويل إنه قال لمغيرة بن شعبة في جواب إفترائه على أمير المؤمنين عليه السلام ووقوعه فيه سلام الله عليه: وأما أنت يا مغيرة بن شعبة فإنك لله عدو ولكتابه نابذ ولنبيه مكذب الى أن قال له: وأنت ضربت بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أدميتها وألقت ما في بطنها إستذلالا منك لرسول الله صلى الله عليه وآله ومخالفة منك لأمره وانتهاكا لحرمته وقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا فاطمة أنت سيدة نساء أهل الجنة " والله مصيرك إلى النار وجاعل وبال ما نطقت به عليك (3). <h5>(3) الاحتجاح ج 1 ص 414. (*) </h5><h1>[ 117 ]</h1><h4>فصل [ إقبال فاطمة عليها السلام إلى قبر أبيها وما قالت ] قال صاحب كتاب علم اليقين، نقلا من كتاب إلتهاب نيران الأحزان ما هذا لفظه: ثم إن عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام فوافوا بابه مغلق، فصاحوا به: أخرج يا علي فإن خليفة رسول الله يدعوك فلم يفتح لهم الباب. فأتوه بحطب فوضعوه على الباب وجاؤا بالنار ليضرموه فصاح عمر وقال: والله لئن لم تفتحوا لنضر منه بالنار، فلما عرفت فاطمة عليها السلام إنهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب، فدفعوها القوم قبل أن تتوارى عنهم، فاختبت فاطمة عليها السلام وراء الباب فدفعها عمر حتى ضغطها بين الباب والحايط، ثم إنهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو جالس على فراشه، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحبا من داره ملببا بثوبه يجرونه الى المسجد، فحالت فاطمة عليها السلام بينهم وبين بعلها، وقالت: والله لا أدعكم تجرون ابن عمي ظلما. ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت، وقد أوصاكم رسول الله صلى الله عليه وآله باتباعنا ومودتنا والتمسك بنا، فقال الله تعالى: * (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربي) * قال: فتركه أكثر القوم لأجلها، فأمر عمر قنفذا ابن عمه أن يضربها بسوطه فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها

            [ 118 ]

            وأثر في جسمها الشريف، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله سماه محسنا، وجعلوا يقودون أمير المؤمنين عليه السلام إلى المسجد حتى أوقفوه بين يدي أبي بكر فلحقته فاطمة عليها السلام الى المسجد لتخلصه فلم تتمكن من ذلك، فعدلت إلى قبر أبيها، فاشارت إليه بحرقة ونحيب وهي تقول: نفسي على زفراتها محبوسة * يا ليتها خرجت مع الزفرات لا خير بعدك في الحياة، وإنما * أبكي، مخافة أن تطول حياتي ثم قالت: وا أسفاه عليك يا أبتاه واثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين، ومن ربيته صغيرا وواخيته كبيرا، وأجل أحبائك لديك، وأحب أصحابك إليك أولهم سبقا إلى الإسلام، ومهاجرة إليك يا خير الأنام، فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير. ثم أنها أنت أنه، وقالت: وامحمداه، واحبيباه، واأباه، واأبا القاسماه، واأحمداه، واقلة ناصراه، واغوثاه، واطول كربتاه، واحزناه، وامصيبتاه واسوء صباحاه، وخرت مغشية عليها، فضج الناس بالكباء والنحيب، وصار المسجد مأتما، ثم إنهم أوقفوا أمير المؤمنين عليه السلام بين يدي أبي بكر وقالوا له: مد يدك فبايع ! ! ! فقال: والله لا أبايع، والبيعة لي في رقابكم. فروى عن عدي بن حاتم، إنه قال: والله ما رحمت احدا قط رحمتي على علي ابن أبي طالب عليه السلام حين أتي به ملببا بثوبه، يقودونه إلى أبي بكر، وقالوا: بايع ! ! قال: فان لم أفعل ؟ قالوا: نضرب الذي فيه عيناك، قال: فرفع رأسه الى السماء، وقال: " اللهم إني أشهدك إنهم أتوا أن يقتلوني، فاني عبد الله وأخي رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا له: مد يدك فبايع ! ! ! فأبى عليهم فمدوا يده كرها فقبض عليه السلام على أنامله، فراموا بأجمعها فتحها فلم يقدروا فمسح عليها أبو بكر وهي مضمومة، وهو

            [ 119 ]

            عليه السلام يقول وينظر إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله: " يا بن عم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني ". قال الراوي: ان عليا عليه السلام خاطب أبا بكر بهذين البيتين: فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم فكيف بهذا والمشيرون غيب وان كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرك أولى بالنبي وأقرب وكان عليه السلام كثيرا ما يقول: " واعجبا تكون الخلافة بالصحابة، ولا تكون بالقرابة والصحابة " انتهى (1). <h5>(1) علم اليقين ج 2 ص 686 - 688. (*) </h5><h1>[ 120 ]</h1><h4>فصل [ ما قاله عمر في كتاب عهد إلى معاوية ] في كتاب عهد عمر إلى معاوية: فأتيت داره مستشيرا لإخراجه منها، فقالت الأمة فضة، وقد قلت لها قولي لعلي يخرج إلى بيعة أبي بكر، فقد اجتمع عليه المسلمون، فقالت: إن أمير المؤمنين عليا مشغول: فقلت: خلي عنك هذا وقولي له: يخرج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرها فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب فقالت: أيها الضالون المكذبون ماذا تقولون ؟ وأي شئ تريدون ؟ فقلت يا فاطمة، فقالت ما تشاء يا عمر ؟ فقلت: ما بال إبن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب ؟ فقالت: لي: طغيانك يا شقى أخرجني وألزمك الحجة وكل ضال غوي، فقلت: دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي: يخرج، فقالت: لا حب ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر ؟ وكان حزب الشيطان ضعيفا، فقلت: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا البيت، وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة، واخذت سوط قنفذ فضربتها وقلت لخالد بن الوليد: أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب فقلت: إني مضرمها، فقالت: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه، فرمته، فتصعب علي، فضربت كفيها

            [ 121 ]

            بالسوط فآلمها، فسمعت لها زفيرا وبكاء فكدت أن ألين وانقلب عن الباب. فذكرت أحقاد علي، وولوعه في دماء صناديد العرب، وكيد محمد وسحره، فركلت الباب، وقد ألصقت أحشائها بالباب تترسه وسمعتها، وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها وقالت: يا أبتاه يا رسول الله هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك، آه يا فضة إليك فخذيني، فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل، وسمعتها تمخض وهي مستندة الى الجدار، فدفعت الباب ودخلت، فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض، الخبر بطوله (1). وعن إرشاد القلوب عنها عليها السلام قالت: فجمعوا الحطب الجزل على بابنا وأتوا بالنار، ليحرقوه ويحرقونا، فوقفت بعضادة الباب وناشدتهم بالله وبأبي أن يكفوا عنا وينصرونا، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر، فضرب به عضدي فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج وركل الباب برجله، فرده علي وأنا حامل فسقطت لوجهي، والنار تسعر وتسفع وجهي، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من أذني، وجائني المخاض، فأسقطت محسنا قتيلا بغير جرم. <h5>(1) بحار الانوار ج 8 ط القديمة ص 222 بحار الأنوار ج 8 ط القديم ص 231. (*) </h5><h1>[ 122 ]</h1><h4>فصل [ ما أخبر الله تعالى ليلة المعراج نبيه بظلم إبنته وأخذ حقها ] وكان مما أخبر الله تعالى نبيه ليلة المعراج أن قال: وأما إبنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها، وتضرب وهي حامل ويدخل على حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هو ان وذل، ثم لا تجد مانعا، وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب، قال النبي صلى الله عليه وآله إنا لله وإنا إليه راجعون قبلت يا رب وسلمت ومنك التوفيق والصبر (1). وروي إن أول ما يحكم فيه محسن بن علي عليهما السلام في قاتله ثم في قنفذ، فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار، لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا فيضربان بها (2). وروى المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام في خبر طويل: ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت أسد أم أمير المومنين عليه السلام وهن صارخات وامه فاطمة صلوات الله عليها تقول: * (هذا يومكم الذي كنتم توعدون (3) <h5>(1) بحار الانوار ج 28 ص 62. (2) بحار الانوار ج 28 ص 64. (3) الانبياء: 103. (*) </h5><h1>[ 123 ]</h1><h4>اليوم تجد كل نفس ما عملت) * الاية (4) قال: فبكى الصادق عليه السلام حتى اخضلت لحيته بالدموع، ثم قال: لاقرت عين لا تبكي عند هذا الذكر (5). قال الشيخ الصدوق في معنى قول النبي لعلي عليهما السلام: إن لك كنزا في الجنة أنت ذو قرينها، سمعت بعض المشايخ يذكر أن هذا الكنز هو ولده المحسن وهو السقط الذي ألقته فاطمة صلوات الله عليها لما ضغطت بين البابين واحتج على ذلك بما روي عن السقط إنه يكون محبنطا على باب الجنة، يقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا، حتى يدخل أبواي قبلي، الخ (6). ذكر السيد الأجل مولانا المير حامد حسين الهندي عطر الله مرقده في عبقات الأنوار، عن الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي، إنه ذكر في ترجمة النظام إستاد الجاحظ انه قال النظام: نص النبي صلى الله عليه وآله على أن الإمام علي عليه السلام وعينه وعرفت الصحابة ذلك ولكن كتمه عمر لأجل أبي بكر رضي الله عنهما وقال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى ألقت المحسن من بطنها، إنتهى (7). [ مقولة إبن أبي الحديد في شرح النهج ] وذكر إبن أبي الحديد في شرح النهج خبر هبار بن الأسود: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أباح دمه يوم فتح مكة، لأنه روع زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملا، فرأت دما وطرحت ذا بطنها، قال: قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر، فقال: إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أباح دم هبار، لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها، فظاهر الحال أنه لو كان حيا لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها، فقلت: أروي عنك ما يقوله قوم: أن فاطمة روعت <h5>(4) آل عمران 30. (5) بحار الانوار ج 53 ص 23. (6) معاني الاخبار ص 198. (7) الوافي با الوفيات ج 6 ص 17. (*) </h5><h1>[ 124 ]</h1><h4>فألقت المحسن ؟ فقال: لا تروه عني ولا ترو عني بطلانه، فإني متوقف في هذا الموضع لبعض الأخبار عندي فيه (8). قلت: ولنعلم ما قال السيد الجزوعي: جرعاها من بعد والداها الغيظ * مرارا فبئس ما جرعاها أغضباها وأغضبا عند ذاك * الله رب السماء إذ أغضباها بنت من ام من حليلة من * ويل لمن سن ظلمها وأذاها [ ذكر ما تأسفوا وتأثروا عليهم السلام على مصيبة فاطمة (ع) ] روي عن دلائل الطبري بسنده عن زكريا بن آدم عليه الرحمة قال: إني لعند الرضا عليه السلام إذ جئ بأبي جعفر عليه السلام وسنه أقل من أربع سنين، فضرب بيده الأرض ورفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر، فقال له الرضا عليه السلام: بنفسي فلم طال فكرك ؟ فقال عليه السلام: فيما صنع بأمي فاطمة عليها السلام، أما والله لأخرجنهما، ثم لأحرقنهما، ثم لأذرينهما، ثم لأنسفنهما في اليم نسفا، فاستدناه وقبل عينيه ثم قال: بأبي انت وأمي انت لها يعني الإمامة (9). وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام إنه إذا وعك إستعان بالماء البارد، ثم ينادي حتى يسمع صوته على باب الدار: يا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله (10). قال العلامة المجلسي رحمه الله: لعل الندا كان استشفاعا بها صلوات الله عليها للشفاء. (8) شرح النهج ج 14 ص 192. (9) دلائل الامامة ص 212. (10) روضة الكافي ص 19 بحار الانوار ج 62 ص 102. (*)

            [ 125 ]

            أقول: إني أحتمل قويا كما أنه أثر الحمى في جسده اللطيف، كذلك أثر كتمان حزنه على أمه المظلومة في قلبه الشريف، فكما أنه يطفي حرارة جسده بالماء يطفي لوعه وجده بذكر إسم فاطمة سيدة النساء، وذلك مثل ما يظهر من الحزين المهموم من تنفس الصعداء، فان تأثير مصيبتها صلوات الله عليها على قلوب أولادها الأئمة الاطهار ألم من حز الشفار وأحر من جمرة النار، فإنهم صلوات الله عليهم من باب التقية لما كانوا بانين على كتمانها غير قادرين على إظهارها، فإذا ذكرت فاطمة صلوات الله عليها يبدو منهم سلام الله عليهم مما كتموه ما يستدل به الأريب الفطن بما في قلوبهم الشريفة من الحزن والمحن. كما روي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام إنه قال للسكوني وكان قد رزقه الله تعالى بنتا ما سميتها ؟ قال قلت فاطمة قال: آه آه، ثم وضع يده على جبهته الخ (11). وذكرت سابقا إن العباس لما قال لأمير المومنين عليه السلام: ما منع عمر من أن يغرم قنفذا كما غرم جميع عماله ؟ فنظر علي عليه السلام إلى من حوله، ثم اغر ورقت عيناه، ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة عليها السلام بالسوط فماتت وإن في عضدها أثره كأنه الدملج (12). ومن تأمل فيما حكي عنهم من شفقتهم ورأفتهم ورقة قلوبهم الشريفة ورحمته يصدق ما ذكرت. أنظر إلى ما رواه المشايخ عن بشار المكاري، إنه قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبر زد وهو يأكل، فقال لي: يا بشار أدن فكل، قلت: هنأك الله وجعلني فداك قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريقي أوجع <h5>(11) كافي ج 6 ص 49. (12) سليم بن قيس ص 134. والدملج كقنفذ: شئ يشبه السواد تلبسه المرأة في عضدها. (*) </h5><h1>[ 126 ]</h1><h4>قلبي وبلغ مني فقال لي: بحقي لما دنوت فأكلت، قال: فدنوت فأكلت، فقال لي: حديثك، قلت: رأيت جلوازا (13) يضرب رأس أمرأة يسوقها إلى الحبس وهي تنادي بأعلى صوتها: المستغاث بالله ورسوله، ولا يغيثها أحد قال عليه السلام: ولم فعل بها ذاك ؟ قال: سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت: لعن الله ظالميك يا فاطمة، فارتكب منها ما ارتكب، قال: فقطع عليه السلام الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ولحيته وصدره بالدموع، ثم قال: يا بشار قم بنا الى مسجد السهلة فندعو الله ونسئله خلاص هذه المرأة، الخ (14). فإذا كان حال الصادق عليه السلام كذلك عند استماع واقعة جرت علي إمرأة من شيعة فاطمة عليها السلام فكيف يكون حاله عليه السلام إذا حكى هو ما جرى على أمه فاطمة عليها السلام ؟ ويقول: ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في اذنها حين نقف أي كسر من اللطم. ومما ذكرنا ظهر شدة مصيبة أمير المؤمنين عليه السلام وعظم صبره، بل يمكن أن يقال: إن بعض مصائبه أعظم مما يقابله من مصيبة ولده الحسين عليه السلام الذي يصغر عند مصيبته المصائب. فقد ذكرت في كتابي المترجم بنفس المهموم في وقايع عاشوراء عن الطبري: انه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصاح النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين عليه السلام يا ابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ؟ أحرقك الله بالنار. قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: قلت لشمر بن ذي الجوشن سبحان الله إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك <h5>(13) جلواز: الشرطي. (14) بحار الانوار ج 100 ص 441. (*) </h5><h1>[ 127 ]</h1><h4>خصلتين ؟ تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء، والله إن في قتلك الرجال لما ترضى به أميرك، قال: فقال من أنت، قلت لا أخبرك من أنا قال: وخشيت والله لو أن عرفني أن يضرني عند السلطان، قال: فجاء رجل كان أطوع له منى شبث بن ربعي، فقال: ما رأيت مقالا أسوء من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمر عبا للنساء صرت قال: فأشهد انه إستحيى فذهب لينصرف (15). أقول: هذا شمر مع انه كان جلفا جافا قليل الحياء إستحيى من قول شبث ثم انصرف ! ! وأما الذي جاء إلى باب أمير المؤمنين وأهل بيته عليهما السلام وهددهم بتحريقهم وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه، فقيل له: إن فيه فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله وآثار رسول الله صلى الله عليه وآله (16)، فاشهد انه لا يستحي ولم ينصرف بل فعل ما فعل. ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام من ينصره ويذب عنه إلا ما روي عن الزبير إنه لما رأى القوم أخرجوا عليا عليه السلام من منزله ملببا أقبل مخترطا سيفه وهو يقول: يا معشر بني عبد المطلب، أيفعل هذا بعلي وأنتم أحياء وشد على عمر ليضربه بالسيف فرماه خالد بن الوليد بصخرة، فاصابت قفاه وسقط السيف من يده، فأخذه عمر وضربه على صخرة فانكسر (17). وروى الشيخ الكليني عن سدير قال: كنا عند أبي جعفر عليه السلام فذكرنا ما أحدث الناس بعد نبيهم واستذلالهم أمير المؤمنين عليه السلام، فقال رجل من القوم: أصلحك الله فأين كان عز بني هاشم وما كانوا فيه من العدد ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام ومن كان بقي من بني هاشم، إنما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام، عباس وعقيل، وكانا من الطلقاء، أما <h5>(15) مقتل أبي مخنف ص 141. (16) الاحتجاج ج 1 ص 105. (17) بحار ج 28 ص 229. (*) </h5><h1>[ 128 ]</h1><h4>والله لو أن حمزة وجعفرا كانا بحضرتهما، ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما (18)، فلذلك روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: إنه لم يقم مرة على المنبر إلا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل: " ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه " (19). وقال مسيب بن نجية قال: بينما علي عليه السلام يخطب وأعرابي يقول: وامظلمتاه، فقال علي عليه السلام: ادن فدنا، فقال: لقد ظلمت عدد المدر والوبر (20). وجاء أعرابي يتخطا، فنادى: يا أمير المؤمنين مظلوم قال علي عليه السلام: ويحك وأنا مظلوم ظلمت عدد المدر والوبر (21). وكان أبو ذر يعبر عنه عليه السلام بالشيخ المظلوم المضطهد حقه (22). وروي الكليني فيما يقال عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: يقول: " السلام عليك يا ولي الله، أنت أول مظلوم وأول من غصب حقه، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين، فأشهد أنك لقيت الله وأنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب وجدد عليه العذاب (23). أقول: وهذه نفثة مصدور ونبذ من الرزايا التي تذوب منها الصخور، ولنختم الكلام بأشعار الشيخ صالح الحلي رحمه الله: أشعار الشيخ صالح الحلي (ره) الواثبين بظلم آل ومحمد * ومحمد ملقى بلا تكفين والقائلين لفاطم آذيتنا * في طول نوح دائم وحنين والقاطعين أراكة كيما تقيل * بظلم أوراق لهم وغصون <h5>(18) الكافي ج 8 ص 189. (19) بحار ج 8 ط القديم ص 70. (20) و (21) إيضا ص 70. (22) ايضا ص 70. (23) الكافي ج 4 ص 569. (*) </h5><h1>[ 129 ]</h1><h4>ومجمعي حطب على البيت الذي * لم يجتمع لولاه شمل الدين والهاجمين على البتول ببيتها * والمسقطين لها أعز جنين والفائدين أمامهم بنجاده * والطهر تدعو خلفه برنين خلوا ابن عمي أو لأكشف في الدعا * رأسي وأشكو للإله شجوني ما كان ناقة صالح وفصيلها * بالفضل عند الله إلا دوني ورنت إلى القبر الشريف بمقلة * عبرى وقلب مكمد محزون قالت وأظفار المصاب بقلبها * غوثاه قل على العداة معيني أبتاه هذا السامري وعجله * تبعا ومال الناس عن هارون اي الرزايا أتقي بتجلدي * هو في النوائب مذحييت قريني فقدي أبي أم غصب بعلي حقه * أم كسر ضلعي أم سقوط جنيني أم أخذهم إرثى وفاضل نحلتي * أم جهلهم حقي وقد عرفوني قهروا يتيميك الحسين وصنوه * وسئلتهم حقي وقد نهروني

            [ 130 ]

            فصل [ نقل كلام المسعودي في كتاب إثبات الوصية ] قال المسعودي في كتاب إثبات الوصية: قام أمير المؤمنين عليه السلام بأمر الله جل وعلا وعمره خمس وثلثون سنة، واتبعه المؤمنون، وقعد عنه المنافقون، ونصبوا للملك وأمر الدنيا رجلا اختاروه لأنفسهم دون من اختاره الله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وآله فروي أن العباس رحمه الله صار إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: امدد يدك أبايعك، فقال: ومن يطلب هذا الأمر ؟ ومن يصلح له غيرنا ؟ وصار إليه ناس من المسلمين منهم [ فيهم ] الزبير وأبو سفيان صخر بن حرب فأبى، واختلف المهاجرون والانصار، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقال قوم من المهاجرين، سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة في قريش فسلمت الأنصار لقريش بعد أن داسوا [ ديس ] سعد بن عبادة، ووطئوا بطنه وبايع عمر بن الخطاب أبا بكر وصفق على يديه ثم بايعه قوم ممن قدم المدينة ذلك الوقت من الأعراب والمؤلفة قلوبهم وتابعهم على ذلك غيرهم. واتصل الخبر بأمير المؤمنين عليه السلام بعد فراغه من غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وتحنيطه وتكفينه، وتجهيزه ودفنه بعد الصلوة عليه مع من حضر من بني هاشم وقوم من صحابته مثل سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمار، وحذيفة، وأبي بن كعب

            [ 131 ]

            وجماعة نحو أربعين رجلا، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن كانت الأمامة في قريش فأنا أحق [ من ] قريش بها، وإن لا تكن في القريش، فالأنصار على دعويهم، ثم اعتزلهم ودخل بيته فأقام فيه ومن ابتعه من المسلمين. وقال: إن لي في خمسة من النبيين أسوة، نوح إذ قال: * (اني مغلوب فانتصر) * (1) وابراهيم إذ قال: * (واعتزلكم وما تدعون من دون الله) * (2) ولوط إذ قال: * (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) * (3) وموسى إذ قال: * (ففررت منكم لما ختفكم) * (4) وهارون إذ قال: * (إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) * (5). ثم ألف عليه السلام القران وخرج إلى الناس، وقد حمله في إزار معه وهو ينط (6) من تحته. فقال لهم: هذا كتاب الله قد ألفته كما أمرني وأوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله كما أنزل، فقال له بعضهم: أتركه وامض، فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لكم: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فإن قبلتموه فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله، فقالوا: لا حاجة لنا فيه ولا فيك فانصرف به معك لا تفارقه ولا يفارقك، فانصرف عنهم، فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منازلهم [ منزله ] بما عهده إليه رسول الله صلى الله عليه وآله. فوجهوا إلى منزله، فهجموا عليه وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرها وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسنا، وأخذوه بالبيعة فامتنع وقال: لا أفعل، <h5>(1) القمر - 10. (2) مريم 48. (3) هود 80. (4) الشعراء 21. (5) الاعراف 5. (6) نطه: أي مده. (*) </h5><h1>[ 132 ]</h1><h4>فقالوا: نقتلك، فقال إن تقتلوني فإني عبد الله وأخو رسوله وبسطوا يده فقبضها وعسر عليهم فتحها، فمسحوا عليها وهي مضمومة. ثم لقى أمير المؤمنين عليه السلام بعد هذا الفعل بأيام أحد القوم فناشده الله وذكره بأيام الله وقال له: هل لك أن أجمع بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يأمرك وينهاك فقال له: نعم، فخرجا إلى مسجد قبا فأراه رسول الله صلى الله عليه وآله قاعدا فيه، فقال له: يا فلان، على هذا عاهدتموني في تسليم الأمر إلى علي عليه السلام وهو أمير المؤمنين، فرجع وقدهم بتسليم الأمر إليه، فمنعه صاحبه من ذلك، فقال: هذا سحر مبين، معروف من سحر بني هاشم، أو ما تذكر يوما كنا مع إبن أبي كبشه ؟ فأمر شجرتين فالتقتا فقضى حاجته خلفهما، ثم أمرهما فتفرقتا وعادتا إلى حالهما. فقال له: أما إن ذكرتني هذا، فقد كنت معه في الكهف فمسح يده على وجهي، ثم أهوى برجله فأراني البحر، ثم أراني جعفرا وأصحابه في سفينة تعوم في البحر، فرجع عما كان عزم عليه، وهموا بقتل أمير المؤمنين عليه السلام وتواصوا وتواعدوا بذلك، وأن يتولى قتله خالد بن الوليد فبعثت أسماء بنت عميس إلى أمير المؤمنين عليه السلام بجارية لها، فاخذت بعضادتي الباب ونادت: " إن الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " (7) فخرج مشتملا بسيفه، وكان الوعد في قتله أن يسلم إمامهم (8)، فيقوم خالد إليه بسيفه، فأحسوا بأسه، فقال الإمام قبل أن يسلم: لا تفعلن خالد ما أمرت به، ثم كان من أقاصيصهم ما رواه الناس. <h5>(7) القصص - 20. (8) [ ينتهي إمامهم من صلاته بالتسليم ] خ م المطبوع. (9) إثبات الوصية ص 142 - 144. (*) </h5><h1>[ 133 ]</h1><h4>فصل [ بعث أبي بكر في إخراج وكيل فاطمة (ع) من فدك ] روى صاحب الإحتجاج والشيخ الأجل علي بن ابراهيم القمي، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما بويع أبو بكر واستقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار، بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله [ منها ]. فجائت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر فقالت: يا أبا بكر، لم تمنعني ميراثي من أبي رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخرجت وكيلي من فدك، وقد جعلها لي رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر الله تعالى فقال: هاتي على ذلك بشهود، فجائت بأم أيمن، فقالت: لا أشهد يا أبا بكر حتى احتج عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله، [ فقالت ] انشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله قال: إن أم أيمن إمرأة من أهل الجنة ؟ فقال: بلى، قالت: فأشهد أن الله عز وجل أوحى الى رسول الله صلى الله عليه وآله * (فلت ذا القربى حقه) * (1) فجعل فدك لفاطمة بأمر الله وجاء علي عليه السلام فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتابا ودفعه إليها. فدخل عمر، فقال: ما هذا الكتاب ؟ فقال: [ أبو بكر ]: إن فاطمة عليها السلام <h5>(1) الروم 38. (*) </h5>

            </h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4>

            تعليق


            • #7
              [ 134 ]

              ادعت في فدك وشهدت لها أم أيمن وعلي فكتبته (2)، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه وقال: هذا فيئ المسلمين، وقال: أوس بن الحدثنان وعائشة وحفصة يشهدون على رسول الله صلى الله عليه وآله بأنه قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، فإن عليا عليه السلام زوجها يجر إلى نفسه، وأم أيمن فهي إمرأة صالحة، لو كان معها غيرها لنظرنا فيه: [ احتجاج علي عليه السلام مع أبي بكر في أمر فدك ] فخرجت فاطمة صلوات الله عليها من عندهما باكية حزينة، فلما كان بعد ذلك [ هذا ] جاء علي عليه السلام إلى ابي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال أبو بكر: هذا فئ للمسلمين، فإن أقامت شهودا ان رسول الله صلى الله عليه وآله جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه، فقال: أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين ؟ قال: لا، قال: فإن كان في يد المسلمين شئ يملكونه ثم ادعيت أنا فيه، من تسئل البينة ؟ قال: إياك كنت أسئل البينة، قال: فما بال فاطمة عليها السلام سئلتها البينة على ما في يدها وقد ملكته في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ولم تسئل المسلمين البينة على ما ادعوها شهودا كما سئلتني على ما ادعيت عليهم، فسكت أبو بكر، فقال عمر: يا علي دعنا من كلامك فإنا لا نقوي على حجتك، فأن أتيت بشهود عدول وإلا فهو فئ للمسلمين لاحق لك ولا لفاطمة فيه. فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا بكر تقرء كتاب الله ؟ قال: نعم، قال: أخبرني عن قول الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت <h5>(2) فكتبت لها بفدك خ م. (*) </h5><h1>[ 135 ]</h1><h4>ويطهركم تطهيرا) * (3) فينا نزلت أم في غيرنا ؟ قال: بل فيكم، قال: فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بفاحشة، ما كنت صانعا بها ؟ قال: كنت أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر نساء المسلمين، قال: إذا كنت عند الله من الكافرين قال: ولم ؟ قال: لأنك رددت شهادت الله لها بالطهارة وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسول الله إذ جعل لها فدك وقبضته (4) في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها وأخذت منها فدك وزعمت أنه فئ للمسلمين. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، فرددت قول رسول الله صلى الله عليه وآله: البينة على من ادعى واليمين على من ادعي عليه قال: فدمدم الناس وأنكر بعضهم (5) وقالوا: صدق والله علي، ورجع علي عليه السلام إلى منزله، قال: ودخلت فاطمة عليها السلام المسجد فطافت على قبر أبيها وهي تقول: قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب - الابيات [ التوطئة لقتل علي عليه السلام ] قال: فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما، وبعث أبو بكر إلى عمر فدعاه، ثم قال له: أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم، لئن قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا فما الرأي ؟ قال عمر: الرأي أن تأمر بقتله، قال فمن يقتله ؟ قال: خالد بن الوليد. <h5>(3) الاحزاب 33. (3) قد قبضته خ ج. (5) في الاحتجاج: فدمدم الناس فانكروا ونظر بعضهم الى بعض. (*) </h5><h1>[ 136 ]</h1><h4>فبعثا إلى خالد فأتاهم. فقالا له: نريد أن نحملك على أمر عظيم، فقال: احملوني على ما شئتم ولو على قتل علي بن ابي طالب، قالا: فهو ذاك قال خالد: متى أقتله ؟ قال أبو بكر: احضر المسجد وقم بجنبه في الصلوة، فإذا سلمت قم إليه واضرب عنقه، قال: نعم. فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر، فقالت لجاريتها: اذهبي إلى منزل علي وفاطمة عليهما السلام واقرأيهما السلام وقولي لعلي عليه السلام: * (إن الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) * (6)، فجائت الجارية إليهما، فقالت لعلي عليه السلام: إن أسماء بنت عميس تقرء عليك السلام وتقول: إن الملاء يأتمرون، " الآية " فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قولي لها: " إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون ". ثم قام وتهيا للصلوة وحضر المسجد وصلى لنفسه خلف أبي بكر وخالد بن الوليد [ يصلي ] بجنبه ومعه لا سيف، فلما جلس أبو بكر للتشهد، ندم على ما قال وخاف الفتنة، وعرف شدة علي عليه السلام وبأسه، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه سهى، ثم التفت إلى خالد، وقال: يا خالد لا تفعلن ما أمرتك [ به ] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال امير المؤمنين عليه السلام: يا خالد ما الذي أمرك به ؟ قال: أمرني بضرب عنقك، قال: أو كنت فاعلا ؟ قال: أي والله، لو لا أنه قال لي: لا تفعله قبل التسليم لقتلتك. قال: فأخذه علي عليه السلام فجلد به الأرض، فاجتمع الناس عليه، فقال عمر: يقتله ورب الكعبة، فقال الناس: يا أبا الحسن ألله ألله بحق صاحب القبر فخلى عنه (7). <h5>(6) القصص: 20. (7) تفسير القمي ج 2 - 155 - 159 الاحتجاج ج 1 ص 119 - 127. (*) </h5><h1>[ 137 ]</h1><h4>ورواية أبي ذر رحمه الله: إن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ خالدا باصبعيه السبابة والوسطي في ذلك الوقت فعصره عصرا، فصاح خالد صيحة منكرة ففزع الناس وهمتهم أنفسهم، وأحدث خالد في ثيابه، وجعل يضرب برجليه ولا يتكلم فقال أبو بكر لعمر: هذه مشورتك المنكوسة، كأني كنت أنظر إلى هذا وأحمد الله على سلامتنا، وكلما دنا أحد ليخلصه من يده عليه السلام لحظة لحظة تنحى عنه راجعا فبعث أبو بكر عمر إلى العباس، فجاء تشفع إليه وأقسم عليه، فقال: بحق القبر ومن فيه، وبحق ولديه وأمهما إلا تركته، ففعل ذلك، وقبل العباس بين عينيه (8). وفي رواية أخرى: ثم إن عليا عليه السلام قام إلى عمر وأخذ بتلابيبه وقال: يا ابن صهاك الحبشية، لو لا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا، وحال الحاضرون بينه عليه السلام وبين القوم وخلصوا عمر من يد أمير المؤمنين عليه السلام فعندنا قام وتقدم العباس إلى أبي بكر وقال: أما والله لو قتلتموه ما تركنا تيميا يمشي على وجه الأرض (9). في البحار، قال إبن أبي الحديد، سئلت النقيب أبا جعفر يحيى بن زيد، فقلت له إني لأعجب من علي عليه السلام كيف بقي تلك المدة الطويلة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله: وكيف ما اغتيل وفتك في جوف منزله مع تلظي الأكباد عليه، فقال: لو لا أنه أرغم أنفه بالتراب ووضع خده في حضيض الأرض لقتل، ولكنه أخمل نفسه واشتغل بالعبادة والصلوة والنظر في القرآن، وخرج عن ذلك الزي الأول وذلك الشعار ونسي السيف وصار كالفاتك، يتوب ويصير سايحا في الأرض أو راهبا في الجبال، فلما أطاع القوم الذين ولوا الأمر وصار أذل لهم من الحذاء تركوه وسكتوا عنه، ولم تكن العرب لتقدم عليه إلا بمواطاة من متولي الأمر وباطن في السر منه، فلما لم يكن لولاة الأمر باعث وداع إلى قتله وقع الأمساك عنه، ولولا ذلك لقتل، ثم الأجل <h5>(8) بحار ج 8 ط القديمة ص 93. (9) علم اليقين للمحدث الكاشاني (ره) ج 2 ص 698. (*) </h5><h1>[ 138 ]</h1><h4>بعد معقل حصين. فقلت: أحق ما يقال في حديث خالد، فقال: إن قوما من العلوية يذكرون ذلك، وقد روي أن رجلا جاء إلى زفرين الهذيل صاحب أبي حنيفة، فسأله عما يقول أبو حنيفة في جواز الخروج من الصلوة بأمر غير التسليم، نحو الكلام والفعل الكثير أو الحدث، فقال: إنه جائز قد قال أبو بكر في تشهده، [ ما قال ] فقال الرجل: وما الذي قاله أبو بكر ؟ قال: لا عليك، قال: فأعاد عليه السؤال ثانية وثالثة فقال: أخرجوه أخرجوه قد كنت أحدث أنه من أصحاب ابي الخطاب قلت: فما الذي تقوله أنت ؟ قال: أنا أستبعد ذلك وأنه روته الإمامية، الخ (10). [ رسالة أمير المؤمنين عليه السلام إلي ابي بكر ] الإحتجاج، رسالة أمير المومنين عليه السلام إلى أبي بكر، لما بلغ عنه كلام بعد منع الزهراء عليها السلام فدك، شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة، وحطوا تيجان أهل الفخر بجمع أهل الغدر واستضيئوا بنور الأنوار، واقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار، واحتقبوا ثقل الأوزاء بغصبهم نحلة النبي المختار، فكأني بكم تترددون في العمى كما (11) يتردد البعير في الطاحونة. أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رؤسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد، ولقلعت من جماجم شجعانكم ما أقرح به إماقكم وأوحش به محالكم، فإني منذ عرفتموني مردي العساكر ومفني الجحافل ومبيد خضرائكم ومخمد ضوضائكم وجزار الدوارين، إذ أنتم في بيوتكم معتكفون وإني لصاحبكم بالأمس لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن تكون فينا الخلافة والنبوة وأنتم تذكرون أحقاد بدر وثارات <h5>(10) بحار ج 8 ط القديمة ص 93 - 94. (11) احتقبوا: اي حملوا على ظهورهم. (*) </h5><h1>[ 139 ]</h1><h4>أحد. أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحا، فان نطقت تقولون: حسد، وان سكت فيقال: جزع ابن أبي طالب من الموت، هيهات هيهات أنا الساعة يقال لي هذا وأنا الموت المميت (12)، خواض المنيات في جوف ليل خامد (13) حامل السيفين الثقيلين والرمحين الطويلين ومكسر الرايات في غطامط (14) الغمرات (ومفرج الكربات عن وجه خيرة البريات إيهنوا. فو الله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أمه، هبلتكم الهوابل لو بحت لما أنزل الله فيكم في كتابه لاضطربتم إضطراب الأرشية في الطوى البعيدة ولخرجتم من بيوتكم هاربين وعلى وجوهكم هائمين، ولكني أهون وجدي حتى ألقي ربي بيد جذاء، صفراء من لذاتكم، خلوا من طحنائكم، فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم، علا فاستعلى، ثم استغلظ فاستوى، ثم تمزق فانجلى رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل (15)، فتجدون (16) ثمر فعلكم مرا، أم تحصدون غرس أيديكم ذعاقا (17) ممزقا (18) وسما قاتلا وكفي بالله حكما وبرسوله خصيما وبالقيامة موقفا، ولا أبعد الله فيها سواكم ولا أتعس فيها غيركم، والسلام على من اتبع الهدى. فلما أن قرء أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعبا شديدا، وقال: يا سبحان الله ما أجرأه علي وأنكله على (19) غيري. <h5>(12) في المصدر: وأنا المميت المائت خواض المنايا. (13) (حالك خ م). (14) غطامط: عظيم الأمواج. (15) القسطل: الغبار الساطع في الحرب. (16) فتجنون خ م. (17) الذعاق السم الذي يقتل من ساعته. (18) نسخة المصدر ممقرا: وهو المر. (19) عن غيري خ م. (*) </h5><h1>[ 140 ]</h1><h4>معاشر المهاجرين والأنصار، تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلتم: إن الأنبياء لا يورثون وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيئ وتصرف في ثمن الكراع والسلاح وأبواب الجهاد ومصالح الثغور، فأمضينا رأيكم ولم يمضه من يدعيه وهو ذا يبرق وعيدا ويرعد تهديدا إيلاء بحق نبيه أن يمضخها دما ذعاقا. والله لقد استقلت منها فلم أقل، واستعزلتها عن نفسي فلم أعزل، كل ذلك إحترازا من كراهية ابن أبي طالب وهربا من نزاعه، ومالي لابن أبي طالب هل نازعه أحد ففلج عليه ؟. فقال عمر: أبيت أن تقول إلا هكذا، فأنت ابن من لم يكن مقداما في الحروب، ولا سخيا في الجدوب، سبحان الله ما أهلع (20) فؤادك وأصغر نفسك ! ! ! صفيت لك سجالا (21) لتشربها، فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك، وأنخت لك رقاب العرب، وثبت لك إمارة أهل الإشارة والتدبير. ولو لا ذلك، لكان ابن أبي طالب قد صير عظامك رميما، فاحمد الله على ما قد وهب لك مني واشكره على ذلك، فإنه من رقى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان حقيقا عليه أن يحدث لله شكرا، وهذا علي بن أبي طالب، الصخرة الصماء التي لا ينفجر مائها إلا بعد كسرها، والحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقي، والشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت الا مرا، قتل سادات قريش فابادهم وألزم آخرهم العار ففضحهم فطب نفسا، فلا تغرنك صواعقه ولا يهولنك رواعده وبوارقه فاني أسد بابه قبل أن يسد بابك، فقال له أبو بكر: ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك وتربيدك. فو الله لو هم [ ابن ابي طالب ] بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، ما <h5>(20) الهلع: الجبن. (21) السجال: دلو عظيم. (*) </h5><h1>[ 141 ]</h1><h4>ينجينا منه الا ثلاث خصار، احديها: انه واحد لا ناصر له، والثانية: انه يتبع (22) فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والثالثة: فما من هذه القبائل أحد إلا وهو يتخضمه كتخضم ثنية الإبل أوان الربيع، فتعلم لو لا ذلك لرجع الأمر إليه ولو كنا له كارهين، أما إن هذه الدنيا أهون علي من لقاء أحدنا الموت الخ (23). (ذكر خطبة فاطمة الزهرا عليها السلام) الأحتجاج، روى عبد الله بن الحسن بإسناده عن آبائه عليهم السلام إنه: لما أجمع أبو بكر [ وعمر ] على منع فاطمة عليها السلام فدكا وبلغها ذلك، لاثت (24) خمارها على رأسها، أو اشتملت بجلبابها (25) وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها وتطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والانصار وغيرهم. فنطيت (26) دونها ملائه، فجلست، ثم أنت انة أجهش (27) القوم لها بالبكاء، فارتج المجلس، ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم إفتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلوة على رسول الله صلى الله عليه وآله فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت صلوات الله عليها: الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم والثناء بما قدم من عموم نعم <h5>(22) ينتهج خ م. (23) الاحتجاج ج 1 ص 127 - 131 - 145 وايضا أخرجه العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 8 ط ق ص 94 مع مزيد بيان منه في عباراته فراجع هناك. (24) لاثت خمارها: أي لفته. (25) والجلباب: الرداء والازار. (26) نيطت: علقت والملاءة: الازار. (27) اجهش القوم: أي تهيئوا. (*) </h5><h1>[ 142 ]</h1><h4>إبتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جم عن الإحصاء عددها ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لإستزادتها بالشكر لإتصالها، وأستحمد إلى الخلائق بأجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها. وأشهد أن لا اله لا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأنار في الفكر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته، ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته، إبتدع الأشياء لامن شئ كان قبلها، وأنشاها بلا احتذاء أمثلة إمتثلها إلى أن قالت سلام الله عليها: أيها الناس: أعلموا أني فاطمة وأبي محمد صلى الله عليه وآله، أقول عودا وبدوا، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا، * (لقد جائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) * (28)، فان تعزوه وتعرفوه: تجدوه أبي دون نسائكم وأخا إبن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزي إليه صلى الله عليه وآله. فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة (29) المشركين، ضاربا ثبجهم (30)، آخذا بأكظامهم (31)، داعيا الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام وينكث الإلهام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفري (32) الليل عن صبحه وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين وخرست شقاشق (33) الشياطين، وطاح وشيظ النفاق (34) وانحلت عقد الكفر والشقاق، وفهمتم بكلمة الإخلاص في <h5>(28) التوبة 128. (29) المدرجة المدرجة: المسلك والمذهب. (30) الثبج: معظم الشئ (31) الكظم بالتحريك مخرج النفس من الحلق. (32) تفري الليل: اي إنشق حتى ظهر وجه الصباح. (33) شقاشق: جمع شقشقة وهي شئ كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج. (34) طاح: هلك. والوشيظ: السفلة والرزل من الناس. (*) </h5><h1>[ 143 ]</h1><h4>نفر من البيض الخماص (35) وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب ونهزة الطامع (36) وقبسته العجلان وموطئي الأقدام، تشربون الطرق (37) وتقتاتون الورق، أذلة خاسئين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي وبعد أن مني ببهم (38) الرجال وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب. كلما أوقدوا نارا للحرب أطفاها الله أو نجم قرن للشيطان وفغرب فاغرة (39) من المشركين، قذف أخاه في لهواتها (40)، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه (41) ويخمد لهبها بسيفه، مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله، مشمرا ناصحا مجدا كادحا، وأنتم في رفاهية من العيش وادعون (42) فاكهون آمنون، تتربصون بنا الدوائر وتتوكفون الأخبار (43)، وتنكصون عند النزال وتفرون عند القتال. فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسيكة النفاق وسمل (44) جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين ونبغ خامل الأقلين وهدر فنيق (45) المبطلين، فخطر في عرصاتكم واطلع الشيطان رأسه من مغرزة هاتفا بكم، فألقاكم <h5>(35) البيض الخماص: المراد بهم أهل البيت عليهم السلام. (36) مذقة الشارب: شربته: نهزة الطامع: الفرصة اي محل نهزته وفرصته. (37) الطرق: بالفتح ماء السماء الذي تبول فيه الابل. (38) بهم الرجال: اي شجعانهم. (39) فغرفاه أي فتحه. (40) واللهوات: جمع لهات: وهي اللحمة التي في أقصى شفة الفم. (41) بنكفأ: يرجع. والاخمص: ما لا يصيب الأرض من باطن القدم. (42) وادعون: ساكتون. (43) أي تتوقعون. (44) حسيكة النفاق: اي عداوته. سمل: اي صار خلق. (45) الهدير: ترديد البعير صوته في حنجرته والفنيق: الفحل المكرم من الابل. (*) </h5><h1>[ 144 ]</h1><h4>لدعوته مستجيبين وللعزة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم (46) فألقاكم غضابا، فوسمتم غير ابلكم وأوردتم غير شربكم. هذا، والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين. فهيهات منكم وكيف بكم وأنى تؤفكون وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة وزواجره لايحة وأوامره واضحة قد خلفتموه وراء ظهوركم أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. ثم لم تلبثوا الا ريث أن تسكن نفرتها ويسلس قيادها، ثم أخذتم تورون وقدتها وتهيجون جمرتها، وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي واطفاء أنوار الدين الجلي وإهماد سنن النبي الصفي، تسرون حسوا في ارتغاء (47) وتمشون لاهله وولده في الخمرة والضراء ويصير منكم على مثل حز المدى (48) ووخز السنان (49) في الحشاء، وأنتم ألآن تزعمون: أن لا أرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ؟ ! ! فلا تعلمون ؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون أأغلب على أرثه. يابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئا فريا ؟، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول: * (وورث سليمان داود) * (50)، وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: رب <h5>(46) احمشكم: اي حملكم. (47) والارتغاء هو شرب الرغوة وهي اللبن المشوب بالماء يضرب به مثلا والحسو: هو الشرب شيئا بعد شئ. (48) الحز: القطع. والمدى: السكين. (49) ووخز السنان: اي جراحته في الحشاء. (50) النمل: 4. (*) </h5><h1>[ 145 ]</h1><h4>* (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب) * (51) وقال: * (اولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * (52) وقال: * (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) * (53) وقال: * (ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين) * (54) وزعمتم ان لا حظوة (55) لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي صلى الله عليه وآله أم هل تقولون عن أهل ملتين لا يتوارثان ولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم انتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ فدونكها مخطومة مرحولة (56) تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله والزعيم محمد " صلى الله عليه وآله " والموعد القيامة وعند الساعة ما تخسرون ولا ينفعكم إذ تندمون ولكل نباء مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم، ثم رنت سلام الله عليها بطرفها نحو الأنصار فقالت: يا معشر الفتية وأعضاد الملة وأنصار الاسلام ما هذه الغميزة في حقي والسنة (57) عن ظلامتي ؟ ! أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أبي يقول: " المرء يحفظ في ولده " سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة (58) ولكم طاقة بما أحاول وقوة على ما أطلب وأزاول. وساقت سلام الله عليها الخطبة الشريفة الى قولها: ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالجذلة (59) التي خامرتكم والغدرة التي <h5>(51) مريم: 6. (52) الانفال: 75. (53) النساء: 11. (54) البقرة: 180. (55) الخطوة: المكانة. (56) مخطومة: من الخطام بالكسر وهو كل ما يدخل في أنف البعير ليقاد به. والرحل بالفتح هو للناقة كالسرج للبعير. (57) السنة: النوم الحفيف. (58) وسرعان ذا إهالة: مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشئ قبل وقته. (59) الجذلة: ترك النصر. خامرتكم: خالطتكم. (*) </h5><h1>[ 146 ]</h1><h4>استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس ونفثة الغيظ وخور القناة (60) وبثة الصدر وتقدمة الحجة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر، نقبة الخف، باقية العار موسومة بغضب الله وشنار الابد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وأنا إبنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فأعملوا إنا عاملون وإنتظروا إنا منتظرون (61). ولقد أجاد الشيخ الأزري رحمه الله في هذا المقام في قوله: لقد نقضوا عهد أحمد في أخيه * وأذاقوا البتول مأشجاها يوم جائت إلى عدي وتيم * ومن الوجد ما أطال بكاها فدنت واشتكت الى الله شكوى * والرواسي تهتز من شكواها لست أدري إذ روعت وهي حسري * عاند القوم بعلها وأباها تعظ القوم في أتم خطاب * حكت المصطفى به وحكاها هذه الكتب فاسئلوها تروها * بالمواريث ناطقا فحويها وبمعنى يوصيكم الله أمر * شامل للأنام في قرباها فاطمأنت لها القلوب وكادت * أن تزول الأحقاد ممن طويها أيها القوم راغبوا الله فينا * نحن من روضة الجليل جناها واعلموا أننا مشاعر دين الله * فيكم فأكرموا مثويها ولنا من خزائن الغيب فيض * ترد المهتدون منه هداها أيها الناس أي بنت نبي * عن مواريثه أبوها زواها كيف يزوي عنى تراثي لعين * بأحاديث من لدنه افتراها كيف لم يوصنا بذلك مولانا * وتيما من دوننا أوصاها <h5>(60) الخور: الضعف، والقناة: والسنان. (61) الاحتجاج ج 1 ص 131 - الى 149. (*) </h5><h1>[ 147 ]</h1><h4>هل رآنا لا نستحق اهتداء * واستحقت تيم الهدى فهداها أم تراه أضلنا في البرايا * بعد علم لكي نصيب خطاها أنصفوني من جائرين أضاعا * حرمة المصطفى وما رعياها عود إلى بدء فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان، فقال: يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما، رؤفا رحيما، وعلى الكافرين عذابا أليما وعقابا عظيما، فإن عزوناه وجدناه أباك دون النساء وأخا لبعلك دون الأخلاء (62) (الاخاء خ ل) آثره على كل حميم وساعده في كل أمر جسيم، لا يحبكم إلا كل سعيد ولا يبغضكم إلا كل شقي، فأنتم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله، الطيبون والخيرة المنتجبون، على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا وأنت يا خيرة النساء وابنة خير الأنبياء صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقك ولا مصدودة عن صدقك. ووالله ما عدوت رأي رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عملت إلا بإذنه وإن الرائد لا يكذب أهله ! ! وإني أشهد الله وكفى به شهيدا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا، وإنما نورث الكتب (والكتاب خ ل) والحكمة والعلم والنبوة. وما كان لنا من طعمة فلو لي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه، وقد جعلنا ما حاولته في الكراع (63) والسلاح يقاتل به المسلمون ويجاهدون الكفار ويجالدون المردة الفجار وذلك بإجماع من المسلمين ! ! لم أنفرد به وحدي ولم أستبد بما كان الرأي فيه عندي وهذه حالي ومالي، هي لك وبين يديك ! ! ! لا نزوي عنك ولا <h5>(62) وأخا إلفك دون الاخلاء - خ م. (63) الكراع: الأنعام مثل الابل والفرس والبغل. (*) </h5><h1>[ 148 ]</h1><h4>ندخر دونك وأنت سيدة أمة أبيك والشجرة الطيبة لبنيك، لا يدفع مالك من فضلك ولا يوضع من فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيها ملكت يداي ! ! ! فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله. فقالت عليها السلام: سبحان الله ما كان أبي رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتاب الله صادفا ولا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره ويقفوا سوره أفتجمعون إلى العذر [ الغدر ] إعتلا لا عليه بالزور وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكما عدلا وناطقا فصلا يقول: * (يرثني ويرث من آل يعقوب) * (64)، ويقول: * (وورث سليمان داود) * (65) فبين عزوجل فيما وزع عليه من الأقساط وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث ما أزاح به علة المبطلين وازال التظني والشبهات في الغابرين، كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. فقال أبو بكر: صدق الله وصدق رسوله وصدقت إبنته، أنت معدن الحكمة وموطن الهداى والرحمة وركن الدين وعين الحجة، لا أبعد صوابك ولا أنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني وبينك قلدوني ما تقلدت وباتفاق منهم أخذت ما أخذت، غير مكابر ولا مستبد ولا مستأثر وهم بذلك شهود. فالتفتت فاطمة صلوات الله عليها [ إلى الناس ] وقالت: معاشر الناس المسرعة إلى قيل باطل، المغضية على الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ؟ كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم وأبصاركم ولبئس ما تأولتم وساء ما به أشرتم <h5>(64) مريم: 6. (65) النمل: 16. (*) </h5><h1>[ 149 ]</h1><h4>وشر ما منه اغتصبتم، لتجدن والله محمله ثقيلا وغبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء وبان ما ورائه الضراء وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون وخسر هناك المبطلون. ثم عطف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) وقالت: قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم وقد نكبوا وكل أهل له قربى ومنزلة * عند الإله على الأدنين مقترب أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب تجهمتنا رجال واستخف بنا * لما فقدت وكل الأرض مغتصب وكنت نورا وبدرا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فقد فقدت وكل الخير محتجب فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكتب إنا رزئنا بما لم يرزء ذو شجن * من البرية لا عجم ولا عرب (66) وفي الدر النظيم، قال: ووصلت ذلك بأن قالت: قد كنت ذا حمية ما عشت لي * أعشى البراح وأنت كنت جناحي فاليوم أخضع للذليل واتقي * منه وأدفع ظالمي بالراح وإذا بكت قمرية شجنا لها * ليلا على غصن بكيت صباحي وروى الشيخ بسنده، عن زينب بنت علي بن ابي طالب عليه السلام، قالت: <h5>(66) الاحتجاج ج 1 ص 145. (*) </h5><h1>[ 150 ]</h1><h4>لما اجتمع رأي أبي بكر على منع فاطمة عليها السلام فدك والعوالي وأيست عن إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله فألقت نفسها عليه وشكت إليا ما فعله القوم بها وبكت حتى بلت تربته عليه السلام بدموعها وندبته، ثم قالت في آخر ندبا: قد كان بعدك أنباء وهنبثة، الأبيات (67). وفي رواية الاحتجاج، ثم انكفأت عليها السلام وأمير المؤمنين صلوات الله عليه يتوقع رجوعها إليه ويطلع طلوعها عليه، فلما استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمن عليه السلام: يا بن أبي طالب اشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين (68) نقضت قادمة الأجدل (69)، فخانك ريش الأعزل، هذا إبن ابي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة إبني لقد أجهر [ الجهد خ ] في خصامي وألفتيه ألد في كلامي حتى حبستني قيلة (70) نصرها والمهاجرة وصلها وغضت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع ولا مانع. خرجت كاظمة وعدت راغمة، أضرعت (71) خدك يوم أضعت حدك [ يوم اغصب حقك خ ] إفترست الذئاب وافترشت التراب، ما كففت قائلا ولا أغنيت باطلا (طائلا - خ ل) ولا خيار لي، ليتني مت قبل هنيئتي ودون ذلتي عذيري الله منك عاديا (72) ومنك حاميا، ويلاي في كل شارق، ويلاي في كل غارب، مات العمد ووهت العضد، شكواي إلى أبي وعدواي إلى ربي، أللهم أنت أشد قوة وحولا وأشد بأسا وتنكيلا. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: لا ويل عليك بل، الويل لشانئك، نهنهى عن <h5>(67) الأمالي للشيخ المفيد ره ص 40 ط الغفاري. (68) قال العلامة المجلسي (ره): والمعنى: اختفيت عن الناس كالجنين وقعدت عن طلب الحق ونزلت منزلة الخائف المتهم. (69) الاجدل: الصقر. والأعزل من الطير: ما لا يقدر على الطيران. (70) قيلة نصرها: أسم قبيلة، للأنصار ينسبون إلى أمهم قيلة. (71) ضرع: خضع وذل. (72) العذير: بمعنى العاذر أي الله قابل عذري عاديا ومتجاوزا. (*) </h5><h1>[ 151 ]</h1><h4>وجدك (73)، يا ابنة الصفوة وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون وكفيلك مأمون وما أعدلك أفضل مما قطع عنك، فاحتسبي الله، فقالت: حسبي الله وأمسكت (74). <h5>(73) نهنهى عن وجدك: أي كفى عن حزنك. (74) الاحتجاج ج 1 ص 145 - 144. (*) </h5><h1>[ 152 ]</h1><h4>فصل [ كلام ابي بكر للناس بعد مقولة فاطمة (عليها السلام) ] روى إبن أبي الحديد في سياق أخبار فدك، عن أحمد بن عبد العزيز الجوهري، إن أبا بكر لما سمع خطبة فاطمة عليها السلام في فدك شق عليه مقالتها فصعد المنبر فقال: أيها الناس ما هذه الرعة إلى كل قالة: أين كانت هذه الأماني في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ألا من سمع فليقل ومن شهد فليتكلم، إنما هو ثعالة شهيدة ذنبه، مرب لكل فتنة، هو الذي يقول كروها جذعة بعدما هرمت تستعينون بالضعفة وتستنصرون بالنساء، كأم طحال أحب أهلها إليها البغي، ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت ولو قلت لبحت إني ساكت ما تركت، ثم التفت إلى الأنصار، فقال: قد بلغني يا معاشر الأنصار مقالة سفهائكم وأحق من لزم عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنتم فقد جائكم فآويتم ونصرتم، ألا وإني لست باسطا يدا ولسانا على من لم يستحق ذلك منا ثم نزل، فانصرفت فاطمة عليها السلام الى منزلها. ثم قال إبن أبي الحديد: قرأت هذا الكلام على النقيب يحيى بن ابي زيد البصري فقلت له: بمن يعرض ؟ فقال: بل يصرح، قلت: لو صرح لم أسئلك فضحك وقال: بعلي بن أبي طالب عليه السلام قلت: أهذا الكلام كله لعلي عليه السلام يقوله قال: نعم إنه الملك يا بني قلت: فما مقالة الأنصار ؟ قال:

              [ 153 ]

              هتفوا بذكر علي عليه السلام فخاف من اضطراب الأمر عليه فنهاهم، فسئلته عن غريبة ؟ فقال أما الرعة بالتخفيف أي الاستماع والاصغاء والقالة القول، وثعالة اسم للثعلب علم غير مصروف مثل ذو ألة للذئب، وشهيده ذنبه أي لا شاهد له على ما يدعي إلا بعضه وجزء منه، وأصله مثل قالوا: إن الثعلب أراد أن يغري الأسد بالذئب فقال: إنه أكل الشاة التي كنت أعددتها لنفسك وكنت حاضرا، قال: فمن يشهد بذلك ؟ فرفع ذنبه وعليه دم وكان الأسد قد افتقد الشاة فقبل شهادته وقتل الذئب ومرب ملازم أرب لازم بالمكان وكروها جذعه، أعيدوها إلى الحال الأولي يعني الفتنة والهرج، وأم طحال امرأة بغي في الجاهلية ويضرب بها المثل، يقال: ازنى من أم طحال، إنتهى (1). أقول: وفي كتاب الدر النظيم لجمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي تلميذ المحقق الحلي إنه قال: قالت أم سلمة حيث سمعت ما جرى لفاطمة عليها السلام المثل فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله يقال: هذا القول: هي والله الحوراء بين الإنس والنفس للنفس، ربيت في حجور الأتقياء وتناولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور الطاهرات، ونشأت خير نشاء وربيت خير مربي. أتزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها ؟ ! ! ! وقد قال الله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الاقربين) * (2) أفأنذرها وخالفت متطلبة ؟ وهي خيرة النسوان وأم سادة الشبان وعديلة ابنة عمران، تمت بأبيها رسالات ربه، فو الله لقد كان يشفق عليها من الحر والقر، ويوشدها (3) بيمينه ويلحفها بشماله رويدا، ورسول الله صلى الله عليه وآله بمرأى منكم وعلى الله تردون واها لكم فسوف تعلمون فحرمت أم سلمة عطاها في تلك السنة، إنتهى. <h5>(1) شرح النهج ج 16 ص 214 - 215. (2) الشعراء: 214. (3) أقول: في كلا النسختين يوشدها. والظاهر الصحيح يوسدها بيمينه، يعني يجعل يمينه وسادة لها. (*) </h5><h1>[ 154 ]</h1><h4>وروى ابن ابي الحديد ايضا عن احمد بن عبد العزيز الجوهري، عن هشام بن محمد، عن أبيه، قال: قالت فاطمة عليها السلام لأبي بكر: إن أم أيمن تشهد لي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاني فدك، فقال لها: يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله والله ما خلق الله خلقا أحب إلي من رسول الله أبيك ولوددت أن السماء وقعت على الأرض يوما مات أبوك ! ! ! والله لئن تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري ! ! أتراني أعطي الأسود والأحمر والأبيض حقه وأظلمك حقك ! ! وأنت بنت رسول الله صلى الله عليه وآله إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وإنما كان مالا من اموال المسلمين يحمل النبي صلى الله عليه وآله به الرجال وينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وليته كما كان يليه. قالت: والله لا كلمتك أبدا، قال: والله لاهجرتك أبدا، قالت: والله لأدعون الله عليك، قال: والله لأدعون لك، فلما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلي عليها، فدفنت ليلا وصلى عليها العباس بن عبد المطلب وكان بين وفاتها ووفات ابيها إثنتان وسبعون ليله (4). [ نقل كلام للجاحظ ] أقول: قال أبو عثمان الجاحظ على ما حكي عنه علم الهدى المرتضى رضي الله عنه: وقد زعم ناس أن الدليل على صدق خبرهما يعني أبا بكر وعمر في منع الميراث وبرائة ساحتهما تر ك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله النكير عليهما ثم قال: فيقال لهم: لئن كان ترك النكير دليلا على صدقهما، ليكونن ترك النكير على المتظلمين منها والمحتجين عليهما والمطالبين لهما [ بدليل ]، دليلا على صدق دعواهم وإستحسان مقالتهم، ولا سيما وقد طالت المشاحات (المحاجات - خ م) وكثرت المراجعة والملاحاة وظهرت الشكيمة واشتدت الموجدة وقد بلغ ذلك من فاطمة عليها السلام، حتى أوصت أن لا يصلي عليها أبو بكر. <h5>(4) شرح النهج ج 16 ص 214. (*) </h5><h1>[ 155 ]</h1><h4>ولقد كانت قالت له، حين أتته طالبة بحقها ومحتجة برهطها: من يرثك يا أبا بكر إذا مت ؟ قال: أهلي وولدي، قالت: فما بالنا لا نرث النبي صلى الله عليه وآله، فلما منعها ميراثها وبخسها حقها واعتل عليها وخلج في أمرها، وعاينت التهضم وأيست من النزوع ووجدت مس الضعف وقلة الناصر قالت والله لأدعون الله عليك، قال: والله لأدعون الله لك قالت: والله لا اكلمك أبدا، قال: والله لا أهجرك أبدا. فإن يكن ترك النكير على أبي بكر دليلا على صواب منعه كان في ترك النكير على فاطمة عليها السلام دليلا على صواب طلبها، وأدنى ما كان يجب عليهم في ذلك تعريفها ما جهلت وتذكيرها ما نسيت وصرفها عن الخطاء ورفع قدرها عن البذاء وأن تقول هجرا أو تجور عادلا أو تقطع واصلا، فإذا لم نجدهم أنكروا على الخصمين جميعا، فقد تكافأت الأمور واستوت الأسباب، والرجوع الى أصل حكم الله في المواريث أولى بنا وبكم وأوجب علينا وعليكم. ثم قال: فإن قالوا كيف يظن بأبي بكر ظلمها والتعدي عليها، وكلما ازداد فاطمة عليها السلام عليه غلظة ازداد لها لينا ورقة، حيث تقول: والله لا اكلمك أبدا فيقول: والله لا أهجرك أبدا ثم تقول: والله لأدعون عليك، فيقول: والله لادعون الله لك. ثم يحتمل هذا الكلام الغليظ والقول الشديد في دار الخلافة وبحضرة قريش والصحابة، مع حاجة الخلافة الى البهاء والرفعة، وما يجب لها من التنويه والهيبة، ثم لم يمنعه ذلك أن قال متعذرا أو متقربا كلام المعظم لحقها المكبر لمقامها والصاين لوجهها والمتحنن عليها، ما أحد أعز علي منك فقرا ولا أحب إلي منك غنا، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه فهو صدقة. قيل لهم: أليس ذلك بدليل على البرائة من الظلم والسلامة من الجور (العمد - خ م) وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر إذا كان أريبا وللخصومة معتاد أن يظهر كلام لمظلوم وذلة المنتصف وجدة [ وحدب ] الوامق المحق، إنتهى كلام الجاحظ (5) <h5>(5) الشافي ج 1 ص 233 ط الحجري. (*) </h5><h1>[ 156 ]</h1><h4>روى الطبري والثقفي إنهما قالا في تاريخيهما: إنه جائت عائشة إلى عثمان فقالت: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر قال: لا أجد له موضعا في الكتاب ولا في السنة ولكن كان أبوك وعمر يعطيانك عن طيبة أنفسهما وأنا لا أفعل قالت: فأعطني ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أو لم تجئ فاطمة تطلب ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فشهدت أنت ومالك بن أوس البصري: أن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث وأبطلت حق فاطمة عليها السلام وجئت تطلبينه ؟ لا أفعل. وزاد الطبري وكان عثمان متكأ فاستوى جالسا وقال: ستعلم فاطمة اي إبن عم لها مني اليوم ألست وأعرابي يتوضأ ببوله، شهدت عند أبيك، قالا جميعا في تاريخيهما (6). <h5>(6) بحار ج 8 ط ق ص 320. (*) </h5><h1>[ 157 ]</h1><h4>فصل [ " إقامة الشهود لطلب حقها عليها السلام " ] عن الإختصاص، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجلس أبو بكر مجلسه، بعث أبو بكر الى وكيل فاطمة عليها السلام فأخرجه من فدك، فأتته فاطمة عليها السلام فقالت: يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه، وأنت بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك وقد تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله صدق بها علي وأن لي بذلك شهودا، فقال: إن النبي صلى الله عليه وآله لا يورث. فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أن النبي لا يورث وورث سليمان داود، وورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي فقال عمر: أنت معلمة قالت: وإن كنت معلمة فانما علمني إبن عمي وبعلي فقال أبو بكر: فإن عائشة تشهد وعمر أنهما سمعا ! ! ! رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول النبي لا يورث، فقالت: هذا أول شهادة زور شهدا بها في الإسلام. ثم قالت: فإن فدك إنما صدق بها علي رسول الله صلى الله عليه وآله ولي بذلك بينة، فقال لها: هلمي بينتك. قال: فجاءت بأم أيمن وعلي عليه السلام فقال أبو بكر: يا أم أيمن إنك سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في فاطمة ؟ فقالا: سمعنا رسول الله

              [ 158 ]

              صلى الله عليه وآله يقول: إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ثم قالت أم أيمن: فمن كانت سيده نساء أهل الجنة تدعي ما ليس لها وأنا إمرأة من أهل الجنة ما كنت لأشهد بما لم أكن سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمر: دعينا يا أم أيمن [ من ] هذه القصص بأي شئ تشهدين ؟ فقالت: كنت جالسة في بيت فاطمة عليها السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس حتى نزل جبرئيل فقال: يا محمد قم، فإن الله تبارك وتعالى أمرني أن اخط لك فدكا بجناحي، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله مع جبرئيل فما لبث أن رجع فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبة أين ذهبت ؟ فقال خط جبرئيل (عليه السلام) لي فدكا بجناحه وحد لي حدودها فقالت: يا أبة إني أخاف العيلة والحاجة من بعدك، فصدق بها علي فقال: هي صدقة عليك فقبضتها. قالت: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أم إيمن اشهدي ويا علي اشهد فقال عمر: أنت إمرأة ولا نجيز شهادة إمرأة وحدها، وأما علي فيجر إلى نفسه، قال: فقامت مغضبة، وقالت: أللهم إنهما ظلما إبنة نبيك حقها فاشدد وطأتك عليهما، ثم خرجت، وحملها علي عليه السلام على إتان عليه كساء له خمل (1) فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والأنصار والحسن والحسين معها وهي تقول يا معشر المهاجرين والأنصار: انصروا الله وابنة نبيكم إلى أن قال: فقال علي عليه السلام لها: إيتي أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر وقولي له: ادعيت مجلس أبي وإنك خليفته وجلست مجلسه، ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علي، فلما أتته وقالت له ذلك، قال: صدقت قال فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك ؟ فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك، فقال: هلميه إلي، فأبت أن تدفعه <h5>(1) الخمل بالتحريك: هدب القطيفة ونحوها. (*) </h5><h1>[ 159 ]</h1><h4>إليه، فرفسها برجله فكانت حاملة بابن إسمه المحسن فأسقطت المحسن عليه السلام من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر الى قرط في أذنها حين نقف [ نقفت ] (2)، ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر ثم قبضت. فلما حضرتها الوفاة دعت عليا صلوات الله عليه، فقالت: إما تضمن وإلا أوصيت إلى ابن الزبير، فقال علي عليه السلام: أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد، قالت: سئلتك بحق رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أنا مت أن لا يشهداني ولا يصليا علي، قال: فلك ذلك، فلما قبضت صلوات الله عليها دفنها ليلا في بيتها، الخ (3). أقول: هذا الخبر ليس عندي في درجة إعتبار سائر الأخبار المذكورة إلا أنه لما كان العلامة المجلسي رحمه الله نقله في البحار أحببت أن لا أخلي كتابي منه فاقتديت به ونقلته منه وقولها صلوات الله عليها وإلا أوصيت إلى ابن الزبير أظن ان لفظة إبن زيد من النساخ وكان الأصل أوصيت إلى الزبير، هذا إذ صدق الظن، وأما إذ كان لفظ ابن صحيحا فالمراد به عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب أحد التسعة الهاشمية الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حنين وفر جميع أصحابه ولم يبق منه سوى هؤلاء وأيمن بن ام أيمن وكان عاشرهم، فقتل أيمن وبقي هؤلاء التسعة حتى تاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، من كان إنهزم وكان رحمه الله شجاعا جريئا، قتل يوم أجنادين في خلافة أبي بكر. وأما عبد الله بن زبير بن العوام فليس المراد به قطعا لأنه كان طفلا صغيرا غير قابل للاشارة والتوجه إليه فضلا عن أن توصي فاطمة صلوات الله عليها إليه، فانه كانت ولادته في السنة الاولى من الهجرة وقيل في السنة الثانية في شوال كما قال ابن الأثير مع أنه كان منحرفا عن أهل البيت عليهم السلام، قال أمير المؤمنين عليه السلام ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشوم (4)، والله العالم. <h5>(2) قوله حين نقف: على بناء المجهول أي كسر من لطم اللعين: البحار. (3) الاختصاص ص 179 - 180. (4) بهجة الآمال في شرح زبدة المقال ج 5 ص 227. (*) </h5><h1>[ 160 ]</h1><h4>فصل [ بعث زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فداء لأبي العاص زوجها ] روي عن أرباب السير ونقلة الآثار، إنه لما سارت قريش إلى بدر، سار أبو العاص ابن اخت خديجة زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله معهم، فأصيب في الأسرى يوم بدر فأتي به النبي صلى الله عليه وآله فكان عنده مع الأسارى، فلما بعث أهل مكة في فداء أساريهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بعلها بمال وكان فيما بعثت به قلادة كانت لخديجة أمها رضي الله عنها أدخلتها بها على أبي العاص ليلة زفافها عليه، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا أسيرها وتردوا عليها ما بعثت به من الفداء فافعلوا فقالوا: نعم يا رسول الله نفديك بأنفسنا وأموالنا، فردوا عليها ما بعثت به وأطلقوا لها أبا العاص بغير فداء (1). قال ابن ابي الحديد: قرأت على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد البصري العلوي هذا الخبر فقال: أترى أبا بكر وعمر لم يشهدا هذا المشهد ؟ ! ! أما كان يقتضي التكرم والإحسان أن يطيب قلب فاطمة عليها السلام بفدك ويستوهب لها من المسلمين ؟ أتقصر منزلتها عند رسول الله صلى الله عليه وآله من منزلة زينب أختها ؟ ! ! <h5>(1) بحار الانوار ج 19 ص 349. (*) </h5><h1>[ 161 ]</h1><h4>وهي سيدة نساء العالمين ! ! ! هذا إذا لم يثبت لها حق لا بالنحلة ولا بالإرث. فقلت له: فدك بموجب الخبر الذي رواه أبو بكر قد صار حقا من حقوق المسلمين فلم يجز له أن يأخذه منهم فقال: وفداء أبي العاص قد صار حقا من حقوق المسلمين وقد أخذه رسول الله منهم، فقلت: رسول الله صاحب الشريعة والحكم حكمه وليس أبو بكر كذلك. فقال: ما قلت هلا أخذه أبو بكر من المسلمين قهرا فدفعه إلى فاطمة عليها السلام وإنما قلت هلا استنزل المسلمين عنه واستوهب منهم لها كما استوهب رسول الله صلى الله عليه وآله فداء أبي العاص، أتراه لو قال هذه بنت نبيكم صلى الله عليه وآله قد حضرت تطلب هذه النخلات، أفتطيبون عنها نفسا كانوا منعوها ذلك ؟ فقلت له: قد قال قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد نحو ذلك، قال: إنهما لم يأتيا بحسن في شرع التكرم وان كان ما أتياه حسنا في الدين، إنتهى (2). ولنعم ما قال السيد الجذوعي ولله دره: وأتت فاطمة تطالب بالإرث * من المصطفى فما ورثاها ليت شعري لم خالفا سنن * القرآن فيها والله قد أبداها نسخت آية المواريث منها * أم هما بعد فرضها بدلاها أم ترى آية المودة لم * تأت بود الزهراء في قرباها ثم قالا أبوك جاء بهذا * حجة من عنادهم نصباها قال للأنبياء حكم بأن لا * يورثوا في القديم وانتهراها أفبنت النبي لم تدر أن كا * ن نبي الهدى بذلك فاها بضعة من محمد خالفت ما * قال حاشا مولاتنا حاشاها سمعته يقول ذاك وجاءت * تطلب الأرث ضلة وسفاها <h5>(2) شرح النهج: ج 14 ص 190 - 191 بحار الأنوار: ج 19 ص 349. (*) </h5><h1>[ 162 ]</h1><h4>هي كانت لله أتقى وكانت * أفضل الخلق عفة ونزاها سل بإبطال قولهم سورة النمل * وسل مريم التي قبل طه فيهما ينبأن عن أرث يحيى * وسليمان من أراد إنتباها فدعت واشتكت إلى الله من ذا * ك وفاضت بدمعها مقلتاها ثم قالت فنحلة من وا * لدي المصطفى ولم ينحلاها فاقامت بها بشهودا فقالوا * بعلها شاهد لها وابناها لم يجيزوا شهادة إبني رسول * الله هادي الأنام إذ ناصباها لم يكن صادقا علي ولا فا * طمة عندهم ولا ولداها أهل بيت لم يعرفوا سنن الجور * إلتباسا عليهم وإشتباها كان أتقى الله منهم عتيق * قبح القائل المحال وشاها جرعاها من بعد والدها * الغيض مرار فبئس ما جرعاها ليت شعري ما كان ضرهما * حفظا لعهد النبي لو حفظاها كان إكرام خاتم الرسل الها * دي البشير النذير لو اكرماها ولكان الجميل أن يعطياها * فدكا لا جميع أن يقطعها أترى المسلمين كانوا يلوموا * نهما في العطاء لو أعطياها كان تحت الخضراء بنت نبي * صادق ناطق أمين سواها بنت من أم من حليلة من * ويل لمن سن ظلمها وأذاها



              </h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4>

              تعليق


              • #8
                [ 163 ]

                الباب الرابع في كثرة حزنها وبكائها على أبيها (صلى الله عليه وآله) وعليها وبدء مرضها ومدة مكثها في الدنيا بعد أبيها وإخفاء أمير المؤمنين (عليه السلام) قبرها بوصية منها سلام الله عليها فصل لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله افتجع له الصغير والكبير والرجال والنساء وكثر عليه العويل والبكاء، فصارت المدينة ضجة واحدة تذري الدموع عليه بالأسجام (1) ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أذا أهلوا بالإحرام فلم يكن إلا باك وباكية ونادب ونادبة وعظم رزؤه على أهل بيته الطيبين سيما علي ابن عمه وأخيه أمير المؤمنين عليه السلام، فنزل به من وفات رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يكن يظن الجبال لو حملته كانت تنهض به وكان أهل بيته ما بين جازع لا يملك جزعه ولا يضبط نفسه ولا يقوي على حمل فادح ما نزل به. قد أذهب الجزع صبره وأذهل عقله وحال بينه وبين الفهم والإفهام والقول والإستماع، وساير الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر، وبين مساعد باك لبكائهم، جازع لجزعهم، ولم يكن بين الجميع أشد حزنا من مولاتنا فاطمة الزهراء <h5>(1) سجم: أي سال. (*) </h5><h1>[ 164 ]</h1><h4>صلوات الله عليها، فقد دخلت عليها من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزوجل وكان حزنها يتجدد وبكائها يشتد، فلا يهدأ لها أنين ولا يسكن منها الحنين، وكل يوم جاء كان بكائها أكثر من اليوم الأول. قال الراوي: فجلست سبعة أيام فلما كان اليوم الثامن خرجت لزيارة قبر أبيها فأقبلت نادبة وهي تعثر في أذيالها وهي لا تبصر شئ من عبرتها ومن تواتر دمعتها حتى دنت من القبر الشريف فأغمي عليها، فتبادرت النسوان إليها فنضحن الماء عليها حتى أفاقت، فلما أفاقت من غشيتها. قالت: رفعت قوتي وخانني جلدي وشمت بي عدوي والكمد قاتلي، يا أبتاه بقيت والهة وحيدة، وحيرانة فريدة، فقد انخمد صوتي وانقطع ظهري، وتنغص عيشي وتكدر دهري، فما أجد يا أبتاه بعدك أنيسا لوحشتي ولا رادا لدمعتي، ثم نادت يا أبتاه: إن حزني عليك حزن جديد * وفؤادي والله صب عنيد كل يوم يزيد فيه شجوني * واكتيابي عليك ليس يبيد يا ابتاه من للأرامل والمساكين * ومن الأمة إلى يوم الدين يا ابتاه أمسينا بعدك من المستضعفين * يا أبتاه اصبحت الناس عنا معرضين فأي دمعة لفراقك لا تنهمل و * أي حزن بعدك لا يتصل وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل * رميت يا أبتاه بالخطب الجليل ولم يكن الرزية بالقليل، فمنبرك بعدك مستوحش ومحرابك خال من مناجاتك وقبرك فرح بموازاتك، فوا اسفاه عليك إلى أن اقدم عليك، ثم زفرت زفرة وأنت أنة كادت روحها أن تخرج، ثم قالت: قل صبري وبان عني عزائي * بعد فقدي لخاتم الأنبياء عين يا عين اسكبي الدمع سحا (2) * ويك لا تبخلي بفيض الدماء <h5>(2) السح الصب الكثير. (*) </h5><h1>[ 165 ]</h1><h4>يا رسول الإله يا خيرة الله * وكهف الأيتام والضعفاء لو ترى المنبر الذي كنت تعلو * ه علاه الظلام بعد الضياء يا الهي عجل وفاتي سريعا * قد تنغصت الحياة يا مولائي قال الراوي: ثم رجعت إلى منزلها وأخذت بالبكاء والعويل ليلها ونهارها وهي لا ترقأ دمعتها ولا تهدئ زفرتها، فاجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقالوا له: يا ابا الحسن إن فاطمة تبكي الليل والنهار، فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فراشنا ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا وإنا نخبرك أن تسئلها إما أن تبكي ليلا أو نهارا فقال عليه السلام حبا وكرامة. فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام حتى دخل على فاطمة صلوات الله عليها وهي لا تفيق من البكاء ولا ينفع فيها العزاء، فلما رأته سكنت هنيئة له فقال لها: يا بنت رسول الله إن شيوخ المدينة يسئلونني أن أسئلك إما تبكين أباك ليلا وإما نهارا فقالت يا ابا الحسن: ما اقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم، فو الله لا أسكت ليلا ولا نهارا أو ألحق بأبي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها علي عليه السلام: إفعلي يا بنت رسول الله ما بدا لك، ثم إنه عليه السلام بنى لها بيتا في البقيع نازحا عن المدينة يسمى " بيت الاحزان " وكانت عليها السلام إذا أصبحت قدمت الحسن والحسين عليهما السلام أمامها وخرجت إلى البقيع باكية، فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين إليها وساقها بين يديه إلى منزلها (3). <h5>(3) البحار الأنوار ج 43 ص 175 - 178. (*) </h5><h1>[ 166 ]</h1><h4>فصل [ اشعارها عند قبر أبيها (صلى الله عليه وآله) ] روي أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ونال فاطمة عليها السلام من القوم ما نالها لزمت الفراش ونحل جسمها وذاب لحمها وجف جلدها على عظمها وصارت كالخيال (1). وروي أيضا إنها صلى الله عليها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة وتقول لو لديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما ؟ فلا يدعكما تمشيان على الأرض ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما (2). فكانت سلام الله عليها كما اخبر أبوها عن يومها ذلك محزونة مكروبة باكية، تتذكر إنقطاع الوحي عن بيتها مرة وتتذكر فراق والدها أخرى، وتستوحش إذاجنها الليل لفقد صوته الذي كانت تسمع إليه إذا تهجد بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة. <h5>(1) والخيال: ما تشبه لك في اليقظة والحلم من صورة، وكساء أسود ينصب على عود يخيل به للبهائم. (2) المناقب: ج 3 ص 362. (*) </h5><h1>[ 167 ]</h1><h4>وكانت ترثي أباها وتقول: ماذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام صرن لياليا (3) وتقول أيضا: إذا مات يوما ميت قل ذكره * وذكر أبي مذ مات والله أزيد تذكرت لما فرق الموت بيننا * فعزيت نفسي بالنبي محمد فقلت لها أن المماة سبيلنا * ومن لم يمت في يومه مات في غد وتقول أيضا: إذا اشتد شوقي زرت قبرك باكيا * أنوح وأشكو لا أراك مجاوبي فياساكن الصحراء (الغبراء - خ ل) علمتني البكاء وذكرك أنساني جميع المصائب فإن كنت عني في التراب مغيبا فما كنت عن قلبي الحزين بغائب وكان أمير المؤمنين عليه السلام اغتسل النبي صلى الله عليه وآله في قميصه فكانت فاطمة عليها السلام تقول: أرني القميص، فإذا شمته غشي عليها، فلما رأى <h5>(3) وفي هامش نسخة المطبوع من الكتاب عن المؤلف (ره): قال قال المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى روى أنها أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلى الله عليه وآله فوضعته على عينها وقالت: ماذا الخ. (*) </h5><h1>[ 168 ]</h1><h4>ذلك أمير المؤمنين عليه السلام غيبه (4). [ بكاؤها عند استماع ذكر أبيها (صلى الله عليه وآله) في الأذان ] وروي أنها قالت ذات يوم: إني اشتهي أسمع صوت مؤذن أبي بالأذان فبلغ ذلك بلالا وكان امتنع من الأذان بعد النبي صلى الله عليه وآله، فأخذ في الأذان، فلما قال: الله اكبر، الله اكبر، ذكرت أباها وإيامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله: " أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله " شهقت فاطمة عليها السلام وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال، فقد فارقت إبنة رسول الله الدنيا وظنوا أنها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمه فأفاقت فاطمة صلى الله عليها فسألته أن يتم الأذان فلم يفعل وقال لها: يا سيدة النسوان إني أخشي عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فاعفته عن ذلك (5). وعن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: عاشت فاطمة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما، لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الأثنين والخميس، فتقول: هيهنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وهيهنا كان المشركون (6). وفي رواية أخرى: كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت صلوات الله عليها (7) وروي عن محمود بن لبيد قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كانت فاطمة عليها السلام تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك، فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة (ره) فوجدتها تبكي هناك، فأمهلتها حتى سكنت، فأتيتها <h5>(4) البحار ج 43 ص 157. (5) البحار ج 43 ص 157. (6) الكافي ج 3 ص 228. (7) البحار ج 43 ص 195. (*) </h5><h1>[ 169 ]</h1><h4>وسلمت عليها وقلت: يا سيدة النسوان قد والله قطعت أنياط قلبي (8) من بكائك فقالت: يا ابا عمر، ويحق لي البكاء فلقد أصبته بخير الآباء رسول الله صلى الله عليه وآله واشوقاه إلى رسول الله ثم أنشات تقول: إذا مات يوما ميت قل ذكره * وذكر أبي مذ مات والله اكثر (9) وعن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ستين يوما ثم مرضت فاشتد علتها، فكان من دعائها في شكواها: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأغثني، أللهم زحزحني عن النار وأدخلني الجنة وألحقني بأبي محمد صلى الله عليه وآله، فكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول لها: يعافيك الله ويبقيك، فتقول: يا أبا الحسن ما أسرع اللحاق بالله وأوصته أن يتزوج أمامة بنت ابي العاص وقالت: بنت أختي وتحني [ وتحنن في البحار ] على ولدي (10). [ وصيتها لعلي عليهما السلام ] وفي رواية أخرى قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: إن لي إليك حاجة يا أبا الحسن، قال: تقضى يا بنت رسول الله، فقالت نشدتك بالله وبحق محمد رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا يصلي علي أبو بكر وعمر، فاني لاكتمتك حديثا فقالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فاطمة إنك أول من يلحق بي من أهل بيتي فكنت <h5>(8) نياط: عرق غليظ ينط به القلب. (9) كفاية الأثر ص 198. (10) البحار ج 43 ص 217. (*) </h5><h1>[ 170 ]</h1><h4>أكره أن أسوءك (11). وعن أبي جعفر عليه السلام قال: بدو مرض فاطمة عليها السلام بعد خمسين ليلة من وفات رسول الله صلى الله عليه وآله فعلمت أنها الوفاة، فاجتمعت لذلك تأمر عليا عليه السلام بأمرها وتوصيه بوصيتها وتعهد إليه عهودها، وأمير المؤمنين عليه السلام يجزع لذلك ويطيعها في جميع ما تأمره، فقالت: يا أبا الحسن إن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلي وحدثني أني أول أهله لحوقا به ولابد مما لابد منه، فاصبر لأمر الله وارض بقضائه قال: وأوصته بغسلها وجهازها ودفنها ليلا، ففعل (12). وعن ابن عباس، قال: رأت فاطمة عليها السلام في منامها النبي صلى الله عليه وآله قالت: فشكوته إليه من نالنا من بعده قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله لكم الدار الآخرة التي أعدت للمتقين وأنك قادمة علي عن قريب (13). <h5>(11) البحار ج 8 ط ق ص 90. (12) البحار ج 43 ص 201 (13) البحار ج 43 ص 218. (*) </h5><h1>[ 171 ]</h1><h4>فصل [ " إستيذان الشيخين لعيادتها عليها السلام " ] لما مرضت فاطمة عليها السلام مرضها الذي ماتت فيه، وصت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحدا بمرضها ففعل سلام الله عليه ذلك، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار بذلك كما وصت به (1) وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله عن مرضها ذلك، وقال بعد أن ذكر ما يصيبها من الظلم والضيم، ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها، الخبر (2). فلما ثقلت وعلم الرجلان بذلك أتياها عايدين واستأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما، فأتى عمر عليا عليه السلام فقال له: إن أبا بكر شيخ رقيق القلب وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار فله صحبته وقد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الإذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا فان رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل، قال: نعم، فدخل علي عليه السلام على فاطمة عليها السلام فقال يا بنت رسول الله قد كان <h5>(1) امالي المفيد: ص 281 البحار ج 43 ص 211. (2) امالي الصدوق: ص 114 ط الاسلامية. (*). </h5><h1>[ 172 ]</h1><h4>من هذين الرجلين ما قد رأيت وقد ترددا مرارا كثيرة ورددتهما ولم تأذني لهما وقد سئلاني أن أستاذن لهما عليك. فقالت: والله لا آذن لهما ولا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني، قال علي عليه السلام: فإني ضمنت لهما ذلك قالت: إن كنت قد ضمنت لهما شيئا، فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال لا أخالف عليك بشئ فأذن لمن أحببت، فخرج عليه السلام فأذن لهما. فلما وقع نظرهما على فاطمة صلوات الله عليها، سلما عليها فلم ترد عليهما فحولت وجهها عنهما، فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مرارا وقالت: يا علي جاف الثوب وقالت لنسوة حولها حولن وجهي، فلما حولن وجهها حولا إليها وسئلا أنت ترضى عنهما وتصفح عما كان منهما إليها فقالت فاطمة عليه السلام: أنشدكما بالله أتذكر ان أن رسول الله صلى الله عليه وآله استخرجكما في جوف الليل بشئ كان حدث من أمر علي عليه السلام فقالا: أللهم نعم، فقالت: أنشدكما بالله هل سمعتما النبي صلى الله عليه وآله يقول: فاطمة بضعة مني وأنا منها من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي آذاها بعد موتي، قالا: أللهم نعم فقالت: الحمد لله، ثم قالت: أللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني، أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي، والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقي ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما بي وارتكبتما مني (3). وفي رواية أخرى فرفعت يدها إلى السماء فقالت: أللهم إنهما قد آذياني فأشكوهما إليك وإلى رسولك لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما، قال: فعند ذلك دعا أبو <h5>(3) البحار ج 43 ص 203 - 204. (*) </h5><h1>[ 173 ]</h1><h4>بكر بالويل والثبور وقال: ليت أمي لم تلدني (4). فقال عمر: عجبا للناس كيف ولوك أمورهم ! وأنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب إمرأة وتفرح برضاها وما لمن غضب امرأة وقاما وخرجا (5). فلما خرجا قالت فاطمة عليها السلام لامير المؤمنين عليه السلام: قد صنعت ما أردت ؟ قال: نعم، قالت: فهل أنت صانع ما آمرك ؟ قال: نعم، قالت: فإني أنشدك الله أن يصليا على جنازتي ولا يقوما على قبري (6). وروي إنها قالت لأسماء بنت عميس: إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرئة الثوب فيصفها لمن رأى وقالت: إني نحلت وذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني، قالت أسماء: إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا، أفلا اصنع لك فإن أعجبك أصنع لك ؟ قالت: نعم، فدعت بسرير فاكبته لوجهه ثم دعت بجرائد فشدته على قوائمه ثم جللته ثوبا، فقالت هكذا رأيتهم يصنعون، فقالت سلام الله عليها: اصنعي لي مثله أستريني، سترك الله من النار (7). وروي أنها لما رأت ما صورته أسماء تبسمت، وما رؤيت متبسمة إلا يومئذ وقالت: ما أحسن هذا وأجمله لا تعرف به المرئة من الرجل (8). [ عيادة نساء المهاجرين والأنصار لها وما قالت في جوابهن ] في الاحتجاج قال سويد بن غفلة: لما مرضت سيدتنا فاطمة عليها السلام المرضة التي توفيت فيها، دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار ليعدنها فقلن لها: <h5>(4) ايضا ج 43 ص 199. (5) البحار ج 43 ص 204. (6) لم يوجد في البحار والعوالم عبارة المتن بعينها ولكن مضمونه موجود متواتر (7) العوالم ج 6 ص 291. البحار ج 43 ص 213. (8) كشف الغمة ج 1 ص 53 - 54. (*) </h5><h1>[ 174 ]</h1><h4>كيف أصبحت من علتك يا ابنة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فحمدت الله وصلت على أبيها وقالت: أصبحت والله عائفة لدنياكن قالية لرجالكن، لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم، فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد وقرع الصفات وصدع القناة وخطل الآراء وزلل الأهواء وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها وحملتهم أوقتها وشنت عليهم غاراتها فجدعا وسحقا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين، ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومهبط الوحي (خ) والروح الأمين والطببن بأمور الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين وما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منه والله نكير سيفه وقلة مبالاته بحتفه وشدة وطأته ونكال وقعته وتنمره في ذات الله. وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها وحملهم عليها ولساريهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ولا يكل سائره ولا يمل راكبه ولأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه الى ان قالت سلام الله عليها: استبدلوا والله الذنا بي بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا الا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) *، أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ثم احتلبوا ملاء القعب دما عبيطا وذعاقا مبيدا، هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون، غب ما أسس الأولون ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا وأطمأنوا للفتن جأشا، وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم وحرج شامل واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا وجمعكم حصيدا، فيا حسرة لكم وأنى بكم وقد عميت عليكم أنلزمكموها وانتم لها كارهون. قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها على رجالهن، فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا: يا سيدة النساء، لو كان أبو الحسن عليه

                [ 175 ]

                السلام ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن نبرم العهد ونحكم العقد لما عدلنا عنه الى غيره فقالت عليها السلام: إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم ولا أمر بعد تقصيركم (9). وفي البحار عن العياشي قال دخلت أم سلمة على فاطمة عليها السلام فقالت لها: كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول الله ؟ قالت: أصبحت بين كمد وكرب، فقد النبي وظلم الوصي، هتك والله حجابه من أصبحت بين كمد وكرب، فقد النبي وظلم الوصي، هتك والله حجابه من أصبحت إمامته مقيضة (10) على غير ما شرع الله في التنزيل وسنها النبي صلى الله عليه وآله في التأويل، ولكنها أحقاد بدرية وترات أحدية كانت عليها قلوب النفاق مكمنة [ مكتمنة ] لامكان الوشاة فلما استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الآثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الإيمان من قسي صدورها، ولبئس على ما وعد الله من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين، أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار ممن فتك بآبائهم في مواطن الكرب ومنازل الشهادات (11). <h5>(9) الاحتجاج ج 1 ص 147. (10) في البحار مقبضة [ مقتبضة ]. (11) البحار ج 43 ص 156 عوالم العلوم ج 6 ص 250 والحديث موجود في المناقب ج 2 ص 203 قولها عليها السلام: " عائفة " أي كارهة. و " القالية ": المبغضة " لفظتهم " أي رميتهم وطرحتهم. " والعجم ": العض. " وشنأه ": كمنعه أبغضه. و " سبرتهم " أي اختبرتهم. و " الفلول " بالضم: جمع فل بالفتح وهو الثلمة والكسر في حد السيف. و " الخور " بالفتح: الضعف. و " القناة " الرمح. و " الخطل ": المنطق الفاسد " وقرع الصفاة ": الصفاة الحجر الأملس أي جعلتم أنفسكم مقرعا لخصامكم حتى قرعوا صفاتكم. " وصدع. القناة ": شقها. " الأوق ": الثقل " شنت ": أي فرقت. الجدع: قطع الأنف. العقر: الجرح والطبين: الفطن الحاذق. والسجح بضمتين: الليل السهل. والكلم: الجرح. والخشاش بالكسر: ما يجعل في أنف البعير، النمير: الماء النامي في الحشد يعني عين لا ينقطع ماؤها، وضفتا النهر: جانباه. وتطفح: أي تمتلئ حتى تفيض. والترنوق: الطين الذي في الأنهار والمسيل والمعنى أنه لا ينقص الماء حتى يظهر الطين والحمأ من جانبي النهر. الذنابي: ذنب الطائر. ذعاق: داء قاتل غب ما أسس الأولون: يعني عاقبته. الجأش: الارتفاع والاضطراب غشم: أي ظلم. أقول: توضيح الكلمات الغامضة في كلامها عليها السلام أكثرها من البحار للعلامة المجلسي (ره). (*) </h5><h1>[ 176 ]</h1><h4>فصل [ " وصيتها لعلي عليهما السلام لإخفاء قبرها " ] عن روضة الواعظين وغيره، مرضت فاطمة (س) مرضا شديدا ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت صلوات الله عليها، فلما نعيت إليها نفسها، دعت أم أيمن وأسماء بنت عميس ووجهت خلف علي عليه السلام وأحضرته، فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلي نفسي وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لا حق بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي: قال لها علي عليه السلام أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله، فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت، ثم قالت: يا ابن عم ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني فقال: معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفا من الله أن أوبخك بمخالفتي قد عز علي مفارقتك وتفقدك (فقدك - خ ل) إلا أنه أمر لا بد منه، والله جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد عظمته وفاتك وفقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضها وأحزنها، هذه والله مصيبة لا عزاء لها ورزية لا خلف لها، ثم بكيا جميعا ساعة وأخذ علي عليه السلام رأسها وضمها إلى صدره، ثم قال: أوصيني بما شئت فإنك تجديني أمضي فيها كما أمرتني به واختار أمرك على أمري،

                [ 177 ]

                ثم قالت: جزاك الله عني خير الجزاء يا بن عم رسول الله (1). ثم أوصته بأن يتزوج بعدها أمامة بنت أختها زينب، وأن يتخذ لها نعشا، وأن لا يشهد أحد جنازتها من الذين ظلموا وأخذوا حقها، وأن لا يصلي عليها أحد منهم ولا من أتباعهم وأن يدفنها بالليل إذا هدئت العيون ونامت الأبصار. وعن مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: إن فاطمة عليها السلام لما حضرت أوصت عليا عليه السلام فقالت: إذا أنامت فتول أنت غسلي وجهزني وصل علي وأنزلني في قبري وألحدني وسو التراب علي واجلس عند رأسي قبالة وجهي فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فإنها ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الاحياء وأنا أستودعك الله تعالى وأوصيت في ولدي خيرا، ثم ضمت إليها أم كلثوم فقالت له: إذا بلغت فلها ما في المنزل ثم الله لها، فلما توفيته فعل ذلك امير المؤمنين عليه السلام، الخ (2). وروي إنها قالت لأمير المؤمنين عليه السلام: إذا توفيت لا تعلم أحدا إلا أم سلمة وأم أيمن وفضة ومن الرجال ابني والعباس [ وعبد الله بن عباس خ ل ] وسلمان وعمار والمقداد وأبا ذر وحذيفة، وقالت: إني قد احللتك من أن تراني بعد موتي فكن مع النسوة فيمن يغسلنني ولا تدفني إلا ليلا ولا تعلم أحدا قبري (3). وعن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام قال: لما حضرت فاطمة الوفاة بكت فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام يا سيدتي ما يبكيك ؟ قالت: أبكي لما تلقى بعدي قال لها لا تبكي، فو الله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله، قال: وأوصته أن لا يؤذن بها الشيخين ففعل (4). وروى الشيخ الطائفة، إنه لما ثقلت فاطمة عليها السلام جائها العباس بن عبد <h5>(1) البحار ج 43 ص 191 روضة الواعظين ج 1 ص 151 عوالم العلوم ج 6 ص 274. (2) البحار ج 82 ص 27. (3) ذلائل الامامة: ص 44. (4) البحار ج 43 ص 218. (*). </h5><h1>[ 178 ]</h1><h4>المطلب عائدا. فقيل له: إنها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي عليه السلام فقال لرسوله: قل له يا ابن أخ، عمك يقرئك السلام ويقول لك: لله قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله وقرة عينيه وعيني فاطمة عليها السلام ما هدني وإني، لأظنها أولنا لحوقا برسول الله صلى الله عليه وآله والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فان كان من أمرها مالا بد منه فأجمع أنا لك الفداء المهاجرين والأنصار حتى يصيبوا الأجر في حضورها والصلوة عليها، وفي ذلك جمال للدين. فقال علي عليه السلام لرسوله قال الراوي وهو عمار أنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله إن فاطمة بنت رسول الله لم تزل مظلومة، من حقها ممنوعة وعن ميراثها مدفوعة لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلى الله عليه وآله ولا رعي فيها حقه ولا حق الله عزوجل وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وأنا أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به فإنها وصتني بستر أمرها. الخ (5). وروى الفريقان عن أم سلمى إمرأة أبي رافع، قالت: اشتكت فاطمة عليها السلام شكواها التي قبضت فيها وكنت أمرضها، فأصبحت يوما أسكن ما كانت فخرج علي عليه السلام إلى بعض حوائجه، فقالت: اسكبي لي غسلا فسكبت فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل، ثم لبست أثوابها الجدد، ثم قالت: افرش لي فراشي وسط البيت، ثم استقبلت القبلة ونامت وقالت: أنا مقبوضة وقد اغتسلت، فلا يكشفني أحد، ثم وضعت خدها على يدها وماتت صلوات الله عليها (6). [ سلامها سلام الله عليها على جبرئيل والنبي صلى الله عليه وآله حين نزلا عليها ] وروي أنها ماتت ما بين المغرب والعشا وأنها لما احتضرت نظرت نظرا حادا ثم <h5>(5) أمالي الشيخ ج 1 ص 155 البحار ج 43 ص 209. (6) عوالم العلوم فاطمة الزهراء ج 6 ص 276 البحار ج 43 ص 183. (*) </h5><h1>[ 179 ]</h1><h4>قالت: السلام على جبرئيل، السلام على رسول الله، أللهم مع رسولك، أللهم في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثم قالت: أترون ما أرى ؟ فقيل لها: ما ترى ؟ قالت: هذه مواكب أهل السموات، وهذا جبرئيل، وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول: يا بنية أقدمي فما أمامك خير لك (7). وعن زيد بن علي، أنها سلام الله عليها لما احتضرت، سلمت على جبرئيل وعلى النبي صلى الله عليه وآله وعلى ملك الموت وسمعوا حس الملائكة ووجدوا رائحة طيب كأطيب ما يكون الطيب (8). وعن أسماء بنت عميس، قالت: لما حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة قالت لي: إن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وآله لما حضرته الوفاة بكافور من الجنة فقسمه أثلاثا، ثلثا لنفسه وثلثا لعلي عليه السلام وثلثا لي وكان أربعين درهما، فقالت: يا أسماء إيتيني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا فضعيه عن رأسي ثم تسجت بثوبها وقالت: انتظريني هنيهة ثم ادعني فإن أجبتك وإلا فاعلمي أني قد قدمت على أبي (ربي - خ ل). قال الراوي: فانتظرتها أسماء هنيهة، ثم نادتها فلم تجبها، فنادت يا بنت محمد المصطفى، يا بنت أكرم من حملته النساء يا بنت خير من وطأ الحصى، يا بنت من كان من ربه قاب قوسين أو أدنى قال فلم تجبها، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: يا فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله فاقرأيه عن أسماء بنت عميس السلام، ثم شقت أسماء جيبها وخرجت فتلقاها الحسن والحسين عليهما السلام فقال: أين أمنا فسكتت فدخلا البيت فإذا هي ممتدة فحركها الحسين عليه السلام فإذا هي ميتة، فقال: يا أخاه آجرك الله فيه هي ممتدة فحركها الحسين عليه السلام فإذا هي ميتة، فقال: يا أخاه آجرك الله في الوالدة، فوقع عليها الحسن عليه السلام يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلميني قبل أن <h5>(7) البحار ج 43 ص 200. (8) أيضا ص 200. (*) </h5><h1>[ 180 ]</h1><h4>يفارق روحي بدني، قالت: واقبل الحسسين عليه السلام فاخبراه بموت يقبل رجليها، ويقول: يا اماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت، قالت لهما أسماء: يا بني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي عليه السلام فاخبراه بموت أمكما، فخرجا يناديان: يا محمداه يا أحمداه اليوم جدد لنا موتك إذ مات أمنا ثم أخبرا عليا عليه السلام وهو في المسجد فغشى عليه حتى رش عليه الماء ثم أفاق، وكان عليه السلام يقول بمن العزاء يا بنت محمد ؟ كنت بك أتعزي، ففيم العزاء من بعدك ؟ (9). قال المسعودي: ولما قبضت عليها السلام جزع علي عليه السلام جزعا شديدا واشتد بكائه وظهر أنينه وحنينه وقال في ذلك: لكل اجتماع من خليلين فرقة وكل الذي دون الممات (الفراق - خ ل) قليل وإن افتقادي واحدا بعد واحد (فاطمة بعد أحمد - خ ل) دليل على أن لا يدوم خليل قال الراوي: فحمل علي عليه السلام الحسنين عليهما السلام حتى أدخلهما بيت فاطمة عليها السلام وعند رأسها أسماء تبكي وتقول: وايتامي محمد صلى الله عليه وآله، كنا نتعزي بعدك، فكشف علي عليه السلام عن وجهها فإذا برقعة عند رأسها، فنظر فيها، فإذا فيها: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، أوصت وهي تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، وان الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، يا علي أنا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله زوجني الله منك لأكون ذلك في الدنيا والآخرة، أنت أولى بي من غيري، حنطني وغسلني وكفنني بالليل وصل علي وادفني بالليل ولا تعلم أحدا واستودعك الله واقرء على ولدي السلام إلى <h5>(9) كشف الغمة: ص 500 البحار ج 43 ص 214 - 186 - 187. (*) </h5><h1>[ 181 ]</h1><h4>يوم القيامة (10). كفنها وغسلها عليها السلام ليلا قال الراوي: فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخة واحدة كادت المدينة ان تتزعزع لصراخهن وهن يقلن: يا سيدتاه يا بنت رسول الله وأقبل الناس مثل عرف الفرس الى علي عليه السلام وهو جالس والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة وتجر ذيلها متجللة بردائها عليها نشيجها [ تسبجها خ ] (11) وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله الآن حقا فقدناك فقدا، لا لقاء بعده أبدا، واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجون وينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها، فخرج أبو ذر (ره) وقال: انصرفوا فان ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخر إخراجها في هذه العشية فقام الناس وانصرفوا فلما جن الليل غسلها أمير المؤمنين عليه السلام ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم عليهم السلام وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس رحمة الله عليهما (12). وقالت اسماء: أوصت الي فاطمة عليها السلام أن لا يغسلها إذا ماتت إلا أنا وعلي عليه السلام، فأعنت عليا على غسلها (13). وروي أن امير المؤمنين عليه السلام يقول حين غسل فاطمة عليها السلام: أللهم إنها أمتك وابنة رسولك وصفيك وخيرتك من خلقك، أللهم لقنها حجتها وأعظم برهانها وأعل درجتها واجمع بينها وبين أبيها محمد صلى الله عليه <h5>(10) البحار ج 43 ص 214 عوالم العلوم ج 6 ص 278. (11) تسبج الرجل بالسبجة: لبسها والسبجة كساء أسود وفي العوالم: تسحبها. (12) البحار ج 43 ص 171 - 192. (13) البحار ج 43 ص 184. (*) </h5><h1>[ 182 ]</h1><h4>وآله. وروي أنها نشفت بالبردة التي نشف بها رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما غسلها علي عليه السلام وضعها على السرير وقال للحسن عليه السلام: أدعي لي أبا ذر فدعاه فحملاه إلى المصلى ومعه الحسن والحسين فصلى عليها (14). وفي رواية ورقة قال علي عليه السلام: والله لقد أخذت في أمرها وغسلتها في قميصها ولم أكشفه عنها، فو الله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة، ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه وآله وكفنتها وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديث: يا أم كلثوم يا زينب يا سكينة يا فضة يا حسن يا حسين هلموا تزودوا من أمكم فهذا الفراق واللقاء في الجنة، فاقبل الحسن والحسين عليهما السلام، وهما يناديان: واحسرتا لا تنطفي أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى وأمنا فاطمة الزهراء، يا أم الحسن يا أم الحسين إذ لقيت جدنا محمد المصطفى فاقرأيه منا السلام وقولي له: إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا، فقال أمير المؤمن علي عليه السلام: إني أشهد الله أنها قد حنت وأنت ومدت يديها وضمتهما إلى صدرها مليا وإذا بهاتف من السماء ينادي: يا أبا الحسن ارفعهما عنها، فلقد أبكيا والله ملائكة السموات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب قال عليه السلام: فرفعتهما عن صدرها (15). وروي أن كثير بن عباس كتب في أطراف كفن سيدة النساء: " فاطمة عليها السلام ": تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله (16). <h5>(14) البحار ج 43 ص 215. (15) البحار ج 43 ص 179. (16) البحار ج 81 ص 335. (*) </h5><h1>[ 183 ]</h1><h4>ويظهر من رواية مصباح الأنوار، أن أثواب كفنها كانت غلاظا خشنة فإنه روي أن لما حضرت فاطمة عليها السلام الوفاة دعت بماء فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به، ثم دعت بأثواب كفنها فأتيت بأثواب غلاظ خشنة فتلفقت بها، الخ (17). وروي إيضا أنها كفنت في سبعة أثواب (18). في رواية روضة الواعظين قال: فلما أن هدئت العيون ومضى شطر من الليل أخرجها علي والحسن والحسين عليهم السلام وعمار والمقداد والعقيل والزبير وأبو ذر وسلمان وبريدة ونفر من بني هاشم وخواصه، صلوا عليها ودفنوها في جوف الليل وسوى علي عليه السلام حواليها قبورا مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها (19). وعن مصباح الأنوار، عن جعفر بن محمد عليهم السلام انه سئل كم كبر أمير المؤمنين على فاطمة عليها السلام ؟ فقاتل: كان يكبر أمير المؤمنين تكبيرة فيكبر جبرئيل تكبيرة والملائكة المقربون إلى أن كبر أمير المؤمنين عليه السلام خمسا، فقيل له: وأين كان يصلي عليها ؟ قال: في دارها ثم أخرجها (20). [ إرجاع علي (عليه السلام) الوديعة وشكواه عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ] وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله أن أمير المؤمنين عليه السلام لما دفن فاطمة صلوات الله عليها وعفى موضع قبرها ونفذ يده من تراب القبر هاج به الحزن فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك من إبنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك <h5>(17) البحار ج 81 ص 335. (18) البحار ج 81 ص 335. (19) روضة الواعظين ج 1 ص 152. (20) البحار ج 81 ص 390. (*) </h5><h1>[ 184 ]</h1><h4>والبائتة في الثرى ببقعتك [ ببقيعك ] المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي لفراقك لموضع التعزي ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي وتوليت أمرك بنفسي. نعم وفي كتاب الله أنعم القبول إنا لله وإنا إليه راجعون قد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم كمد (21) مقيح وهم مهيج، سرعان ما فرق الله بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك إبنتك بتظافر أمتك علي وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول: * (ويحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين) *. سلام عليك يا رسول الله، سلام مودع لا سأم ولا قال فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن وأجمل، ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاما والتلبث عنده معكوفا ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن بنتك سرا ويهتضم حقها قهرا ويمنع إرثها جهرا ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر، وإلى [ فإلى ] الله يا رسول الله المشتكى وفيك أجمل العزاء صلى الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته (22). ولقد أجاد من قال: ولأي الأمور تدفن سرا * بضعة المصطفى ويعفى ثراها فمضت وهي أعظم الناس شجوا * في فم الدهر غصة [ عضة ] من حواها وثوت لا ترى لها الناس * مثوى أي قدس يضمه مثواها <h5>(21) كمد مقيح: أي مرض مع قيح، قيح الجرح صار ذا قيح. (22) أمالي الشيخ ج 1 ص 107. (*) </h5><h1>[ 185 ]</h1><h4>وعن مصباح الأنوار، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما وضع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليهما وآلهما في القبر قال: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله محمد بن عبد الله صلى عليه وآله، سلمتك أيتها الصديقة إلى من هو أولى بك مني ورضيت لك بما رضي الله تعالى لك، ثم قرء * (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) *، فلما سوى عليها التراب أمر بقبرها فرش عليه الماء، ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا، فأخذ العباس بيده فانصرف به (23). [ مناقشة عمر مع علي عليه السلام ] قال الراوي: وأصبح البقيع ليلة دفنت " سلام الله عليها " وفيه أربعون قبرا جددا وإن المسلمين لما علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فيه أربعين قبرا فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور فضج الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا: لم يخلف نبيكم فيكم إلا بنتا واحدة تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصلوة عليها ولا تعرفوا قبرها، ثم قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتى نجدها فنصلي عليها ونزور قبرها. فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فخرج مغضبا قد احمرت عيناه ودرت أوداجه وعليه قباه الأصفر الذي كان يلبسه في كل كريهة وهو متكأ على سيفه ذي الفقار حتى ورد البقيع فسار الى الناس النذير وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه يقسم بالله لئن حول من هذه القبر حجر ليضعن السيف على غابر الآخر. فتلقاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له: ما لك يا أبا الحسن ؟ والله لننبشن قبرها ولنصلين عليها، فضرب علي عليه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزه ثم ضرب <h5>(23) بحار الانوار ج 82 ص 28. (*) </h5><h1>[ 186 ]</h1><h4>به الأرض وقال له: يابن السوداء اما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس عن دينهم، وأما قبر فاطمة عليها السلام فو الذي نفس علي بيده لئن رمت واصحابك شيئا من ذلك لأسقين الأرض من دمائكم فان شئت فأعرض يا عمر، فتلقاه أبو بكر فقال: يا ابا الحسن بحق رسول الله وبحق من فوق العرش إلا خليت عنه فإنا غير فاعلين شيئا تكرهه قال فخلا عنه وتفرق الناس ولم يعودوا إلى ذلك (24). وفي الصافي المروي من علل الشرايع، بعد أن ذكر أنه أخرج علي عليه السلام الجنازة واشتعل النار في جريد النخل ومشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنها بالليل: قال: فلما أصبح أبو بكر وعمر عاودا عايدين لفاطمة عليها السلام فلقيا رجلا من قريش فقالا له: من أين أقبلت ؟ قال: عزيت عليا بفاطمة قالا: وقد ماتت ؟ قال: نعم ودفنت في جوف الليل، فجزعا جزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي عليه السلام فلقياه وقالا له: والله ما تركت شيئا من غوائلنا ومسائتنا وما هذا إلا من شئ في صدرك علينا هل هذا إلا كما غسلت رسول الله دوننا ولمن تدخلنا معك وكما علمت إبنك أن يصيح بأبي بكر أن إنزل عن منبر أبي. فقال لهما علي عليه السلام أتصدقاني إن حلفت لكما ؟ قالا: نعم فحلف فادخلهما علي عليه السلام المسجد فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لقد أوصاني وقد تقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا إبن عمه، فكنت أغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة، ولقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح عن البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة، لا تنزع قميص رسول الله صلى الله عليه وآله ولقد سمعت الصوت يكرره علي فدخلت يدي من بين القميص فغسلته ثم قدم إلي الكفن فكفنته ثم نزعت القميص بعد ما كفنته. واما الحسن إبني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة إنه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي صلى الله عليه وآله وهو ساجد فيركب على ظهره فيقوم النبي صلى الله <h5>(24) البحار ج 43 ص 171. (*) </h5><h1>[ 187 ]</h1><h4>عليه وآله ويده على ظهر الحسن والآخر على ركبته حتى يتم الصلوة قالا: نعم قد علمنا ذلك ثم قال: تعلمان ويعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي صلى الله عليه وآله ويركب على رقبته ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي صلى الله عليه وآله حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد والنبي صلى الله عليه وآله يخطب ولا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي صلى الله عليه وآله من خطبته والحسن على رقبته، فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك، والله ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري. وأما فاطمة فهي المرئة التي استاذنت لكما عليها فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلوة عليها وما كنت الذي أخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما، فقال عمر: دع عنك هذه الهمهمة أنا أمضي إلى المقابر فانبشها حتى أصلي عليها. فقال له علي عليه السلام: والله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا وعلمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك، فإني كنت لا اعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شئ من ذلك، فوقع بين علي وعمر كلام حتى تلاحيا واستبا واجتمع المهاجرون والأنصار فقالوا والله ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله وأخيه ووصيه وكادت أن تقع فتنة، فتفرقا (25). عن علي بن عيسى الإربلي، قال: أنشدني بعض الأصحاب للقاضي أبي بكر قريعة: يا من يسائل دائبا * عن كل معضلة صخيفة لا تكشفن مغطاه * فلربما كشفت جيفة ولرب مستور بذا * كالطبل من تحت القطيفة أن الجواب لحاضر * لكنني أخفيه خيفة <h5>(25) علل الشرايع ج 1 ص 188. (*) </h5><h1>[ 188 ]</h1><h4>لولا اعتداء رعية * ألقى سياستها الخليفة وسيوف أعداء بها * ها ماتنا أبدا نقيفة (26) لنشرت من أسرار آل محمد * جملا طريفة تغنيكم عما رواه * مالك وأبو حنيفة وأريتكم (27) أن الحسين * أصيب في يوم السقيفة ولإي حال لحدت * بالليل فاطمة الشريفة ولما حمت شيخيكم * عن وطي حجرتها المنيفة أوه لبنت محمد * ماتت بغصتها أسيفة (28) روى الشيخ الكليني قدس سره عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ألا أقرئك وصية فاطمة عليها السلام قال: قلت: بلى، فأخرج حقا (29) أو سفطا فأخرج منه كتاب، فقرئه، بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله صلى عليه وآله أوصت بحوائطها السبعة العواف، والدلال، والبرقة، والميثب، والحسنى، والصافية، وما لأم إبراهيم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فإن مضى علي عليه السلام فإلى الحسن، فإن مضى الحسن فإلى الحسين، فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي، شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود والزبير بن العوام، وكتب علي بن أبي طالب عليه السلام (30). قال السيد ابن طاوس في كشف المحجة في كلام له في أن النبي وأمير المؤمنين <h5>(26) نقيفة: من نقف هامة الرجل كسرها عن الدماغ. (27) وأريكم - خ م. (28) كشف الغمة: ج 1 ص 505. (29) الحق: نوع من الوعاء. (30) الكافي ج 7 ص 48. (*) </h5><h1>[ 189 ]</h1><h4>عليهما السلام لم يكونا فقيرين وأن الزهد لا يشترط فيه أن يكون مع الفقر ما هذا لفظه: وقد وهب جدك محمد صلى الله عليه وآله أمك فاطمة عليها السلام فدكا والعوالي من جملة مواهبه وكان دخلها في رواية الشيخ عبد الله بن حماد الأنصاري أربعة وعشرون ألف دينار في كل السنة، وفي رواية غيره سبعون ألف دينار، إنتهى (31). [ مدة مكثها عليها السلام بعد أبيها ] أقول: اختلف الأقوال في مدة مكث فاطمة صلوات الله عليه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، فالمكثر يقول: ستة أشهر والمقلل يقول: أربعين يوما والذي أختاره إنها مكثت بعد أبيها صلوات الله عليهما وآلهما خمسة وتسعين يوما وقبضت في ثالث جمادي الآخرة. وروى محمد بن جرير الطبري الامامي بسند معتبر عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبضت فاطمة عليها السلام في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان سبب وفاتها أن قنفذ مولى عمر نكزها (32) بنعل السيف أمره فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا ولم تدع (27) وأريكم - خ م. (28) كشف الغمة: ج 1 ص 505. (29) الحق: نوع من الوعاء. (30) الكافي ج 7 ص 48. (*)

                [ 189 ]

                عليهما السلام لم يكونا فقيرين وأن الزهد لا يشترط فيه أن يكون مع الفقر ما هذا لفظه: وقد وهب جدك محمد صلى الله عليه وآله أمك فاطمة عليها السلام فدكا والعوالي من جملة مواهبه وكان دخلها في رواية الشيخ عبد الله بن حماد الأنصاري أربعة وعشرون ألف دينار في كل السنة، وفي رواية غيره سبعون ألف دينار، إنتهى (31). [ مدة مكثها عليها السلام بعد أبيها ] أقول: اختلف الأقوال في مدة مكث فاطمة صلوات الله عليه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، فالمكثر يقول: ستة أشهر والمقلل يقول: أربعين يوما والذي أختاره إنها مكثت بعد أبيها صلوات الله عليهما وآلهما خمسة وتسعين يوما وقبضت في ثالث جمادي الآخرة. وروى محمد بن جرير الطبري الامامي بسند معتبر عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبضت فاطمة عليها السلام في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة، وكان سبب وفاتها أن قنفذ مولى عمر نكزها (32) بنعل السيف أمره فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا ولم تدع أحد ممن آذاها يدخل عليها، الخ (33). <h5>(31) كشف المحجة: ص 124. (32) في المصدر: لكزها وهو أيضا بمعنى ضربها. (33) دلائل الامامة: ص 45. (*) </h5>

                </h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4></h4>

                تعليق


                • #9
                  يرفــــــــــــع

                  تعليق


                  • #10
                    يرفـــــــــــــــــــــــــــــع

                    تعليق


                    • #11
                      بارك الله فيك

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      x

                      رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                      صورة التسجيل تحديث الصورة

                      اقرأ في منتديات يا حسين

                      تقليص

                      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 09:44 PM
                      استجابة 1
                      11 مشاهدات
                      0 معجبون
                      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                      بواسطة ibrahim aly awaly
                       
                      أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, يوم أمس, 07:21 AM
                      ردود 2
                      13 مشاهدات
                      0 معجبون
                      آخر مشاركة ibrahim aly awaly
                      بواسطة ibrahim aly awaly
                       
                      يعمل...
                      X