حديث الجمعة18/ ذو القعدة/1422هـ - 1/2/2002م لسماحة الشيخ عبد الأمير الجمري في جامع الإمام الصادق(ع) -القفول –المنامة.
بسم الله الرحمن الرحيم،الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين،وأصحابه المنتجبين،والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.أيها الإخوة والأخوات،أيها الأبناء والبنات،سلامٌ من الله عليكم ورحمةٌ وبركات،وبعدُ:فقد قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (الروم:54)صدق الله العلي العظيم.
أيها الأحبَّة: قبل الحديث على ضوء الآية المباركة صلةً لما تقدَّم عن الشباب يهمُّني أن أذكر أمرين ،الأول،إنَّ هذه الآية تهدف إلى ضبط سلوك الإنسان بما تقدَّمَ من درس تربوي سلوكي،حيث تُصرِّح بأنَّ الإنسان ضعيف في طفولته، ضعيف في شيخوخته، ضعيف في شبابه أيضاً، فإنَّ القوة التي وصفته بها إنما هي نسبية، يعني بالنسبة إلى طفولته وإلى شيخوخته هو قوي، أما هو في واقعه فهو ضعيف مهما أحاطَ به نفسه من أسباب القوة، ومهما طغى وتكبَّر وتجبَّر، وإذا كان كذلك هل يستطيع مقاومة مؤاخذة الخالق وعذابه إذا انحرفَ عن الخط الصحيح،وهل يمكنه أن يتحمَّل عملية التعذيب المروِّعة على عصيانه وانحرافه؟!يقول علي(ع) في دعاء كميل مُنبِّهاً لنا إلى هذه الحقيقة:{يا ربِّ ارحم ضعف بدني ورقَّة جلدي ودقَّة عظمي}.الأمر الثاني:إنَّ هذه الآية المباركة من النصوص القرآنية التي تقيم الحجَّة- ضمناً- على صحَّة المعاد،فإذا كان الله تعالى قد خلق هذا الإنسان وأوجده من لا شيء أليس هذا الخالق قادراً على إعادته؟أو ليس من كان قادراً على الإنشاء هو قادر على الإعادة التي هي أيسر وأسهل من الإبتداء؟. قال سيد الموحدين علي(ع):{عجبتُ لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى}.
قضية القدس والعالم الإسلامي:
وفي ختام هذه الحلقة أودّ أيها الإخوة أن أنتقل معكم إلى قضية القدس والعالم الإسلامي، فإنَّ بحثنا يواكب أوضاع الساحة، وأحداث الساحة دائماً، وهذا ما يهم الأمَّة كلّ الأمَّة، فأقول:لقد سمعتُ في اليومين الماضيين تصريحين مثيرين غريبين جداً، الأول: من الرئيس الأمريكي الذي قال: إن محور الشرّ والإرهاب يكمن في ثلاث دول: إيران والعراق وكوريا الشمالية. والتصريح الثاني لشارون رئيس وزراء الكيان الصهيوني يقول: إنَّه نادم أو ندمان لأنَّه لم يقتل الرئيس الفلسطيني((عرفات)) عندما اجتاح-أي شارون-لبنان سنة 1982م!!! فالتصريح الثاني اعتراف من مجرم سفَّاك اجتاح لبنان ودمَّرَ ما دمَّر وقتل ما قتل، كما يفعله اليوم في فلسطين من إراقة للدماء، وانتهاك للحرمات أمام العالم. وما فعله في صبرا وشاتيلا بالأمس يفعله اليوم أضعافاً مضاعفةً. ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليقول للعالم: إنَّ إسرائيل ليست إرهابية، وإنما إيران، والعراق، وكوريا،هؤلاء هم الإرهابيون!!!وهذا الرئيس تارة يُصرِّح بحرب صليبية كما هو في بداية الحرب على أفغانستان، وتارة يُصرِّح واصماً دولاً إسلامية بالشرِّ والإرهاب ولا أدري هل هذا استغفال لعقول العرب والمسلمين؟!! أم هو استحقار واستهانة بالعرب والمسلمين؟!!أم هو جس للنبض وتمهيد لضرب هذه الدول؟!! أقول: إنَّ القمَّة العربية ستعقد قريباً في لبنان، بلد الجراح، وبلد النصر والمقاومة، ويجب أن تكون القمَّة مختلفة عمَّا مضى، يجب أن يصدر قرار شجاع يتحوَّل من الأقوال إلى الأفعال،ومن العمومية إلى الخصوص.فلا يجوز أن تجتمع الدول العربية كلّها في البلد الذي انتصرَ على إسرائيل ثم يخرجوا بقرارات خائفة خجولة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.وإلى أرواح شهدائنا الأبرار وجميع أموات الأمة الإسلامية رحم الله من قرأ الفاتحة تسبقها الصلوات على محمد وآل محمد.