المرجعية الدينية
و
المرجعية السياسية
أبو الحسن حميد المقدّس الغريفي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
لقد اعتادت الشعوب الإسلامية بحسب ثقافتها الدينية الراجعة لامتثال الأوامر الشرعية ان تجعل أعمالها قلادة في رقبة المرجعية الدينية ( الفقيه الجامع للشرائط ) وهو المرجع الرسالي ويكون هذا تحت عنوان التقليد وضمن نطاق عقلائي وهو الرجوع الى ذوي الاختصاص او ما يسمى برجوع الجاهل الى العالم وهذا امر متسالم عليه في الأوساط العلمية . وقد ترسخت هذه السيرة المنصوصة عبر قرون من الزمن في سلوكيات وممارسات المسلمين حتى صارت من القضايا التقليدية التي يركن إليها المسلم المتدين بكل ثقة واطمئنان في كل مجالات الحياة . وهكذا تماسكت الأواصر بقوة مابين المرجعية الدينية والجماهير والتي حدد أبعادها وأشكالها المعصوم (ع) .
ولكن هذا الأمر أصبح اليوم لا يُمثل لبعض الأحزاب والتيارات الإسلامية طموحات هذه الأمة الحركية على الساحة بدعوى انشغال المرجعية الدينية بالخلافات الفقهية والأمور العبادية وانزوائها عن متابعة أمور البلاد العامة .
ولهذا يحاولون جادّين سحب بساط القيادة عن المرجعية الدينية وتحويلها الى جهة مستحدثة تسمى المرجعية السياسية والتي من خلالها تستطيع الأحزاب ان تتحرك وفق المنظور الاستراتيجي الذي تؤمن به وكأنها تنسج لنفسها غطاءا شرعياً يكون علـى أساسه الارتباط الحركي للجماهيـر بهـذه القيادة .
وقد تناست هذه التيارات ان العلاقة القائمة بين المرجعية الدينية والجماهير علاقة شرعية مترسخة لذا يكون سحب القيادة عنها امر مستصعب وبالتالي تنخلق حواجز وفواصل بين من يدعي المرجعية السياسية وبين المرجعية الدينية والتي تؤثر سلباً على إرادة الشعوب المنقسمة تبعاً لهذا التقسيم .
ولا يكون بعد ذلك إلا الخيبة والخسران . لذا أردت إن أتكلم في هذا الكرّاس المختصر عن دعوى المرجعية السياسية وطريقة التعامل مع المرجعية الدينية لإيجاد حلول ومعالجات لتحديث القنوات العاملة لمواكبة الحدث بشكل يتناسب وطموحات الأمة المشروعة , فيما لو وجد خلل في حركية المرجعية الدينية على الساحـة بدون تجريدها عن القيادة واستبدالهـا بالمرجعية السياسية .
أصبح الحديث اليوم وبشكل واضح حول المرجعية الدينية والمرجعية السياسية وهذا يعني فصل بين المرجعيتين باعتبار ان القيادة الحركية للأمة لابد ان تكون بيد المرجعية السياسية التي يدّعون بأنها تملك مقومات الاستقلالية بحسب المفهوم لكون لديها المعرفة التخصصية في مجال السياسة ومخاطبة الجماهير الواسعة ولذا فأنها تستقل في طرح مشاريعها السياسية وتتبنى حلولاً ومعالجات تراها مناسبة لما تقتضيه مصلحة البلد من وجهة نظرها , ثم أنها تملئ فراغاً سياسياً موجوداً على الساحة .
إذن مصطلح المرجعية السياسية يعتبر متنفساً لشريحة معينة في المجتمع الإسلامي ينافسون به المرجعية الدينية على القيادة والحكم أي في خط عرض واحد وليس في مرتبة طويلة . فتكون هذه المرجعية مستحدثة ناطقة سياسية ومواكبة للتحرك السياسي العالمي وبالخصوص الإسلامي لتحديد مسارات العمل الوظيفي للمسلم لأجل المساهمة في تقليل او إزالة الاستضعاف الموجود عند المسلمين , إضافة الى تحقيق الطموحات المستقبلية التقدمية , بينما نحن نجد ان هذه الحدود المذكورة هي التي تختص بها المرجعية الدينية لأنها تمتاز بمشروعية عملها وقدرتها العلمية على تحديد الوظائف والصلاحيات . لان عنوان المرجعية لا تعني قيادة صرفة فقط بل لابد لها من مقومات حقيقية من الاجتهاد والأعلمية ، حيث ان صرف القيادة متحققة للكثير من الطغاة والعصاة ولكن بلا شرعية دينية للقيادة الصرفة كما هو معروف بالوجدان في ملاحظة الكثير من القادة على الساحة العالمية .
وبعد هذه المقدمة التي عرضت فيها صورة إجمالية عما يدور في خاطر أصحاب هذه النظرية وهي ( المرجعية السياسية ) لنقول أننا لابد ان ندرك حقيقة علمية يتم على أساسها استيعاب هذا الموضوع , وهو ان هناك فرق بين التخصص في موضوعات السياسة وبين معرفة الأحكام السياسية الشرعية لهذه الموضوعات , حيث ان المتخصص في المجال السياسي يكون شبيه بمتخصص في مختبر التحليلات المرضية فهما معاً يقومان بتنقيح الموضوع وإحاطته بنتيجة ضمن نطاق تخصصهم السياسي والمختبري ثم ترفع نتيجة الموضوع الى جهة عليا حاكمة الأولى منها في مجال السياسة تسمى المرجع الديني ( الفقيه الرسالي ) والثانية في مجال التحليل المرضي يسمى الطبيب , ليقدم الأول ( حكم او فتوى )ويقدم الثاني ( وصفة طبية علاجية ) .
ولكن الذي نأسف له جدا ان هذه الشريحة من المجتمع والتي تتحرك ضمن تيارات وأحزاب إسلامية لا تفهم هذه الصورة او أنها تتعمد النزاع من اجل تحصيل القيادة والحكم , فتنظر الى المرجعية الدينية نظرة بائسة بوصف أنها تعيش حياة رتيبة ضمن نطاق علمي بحت حتى يصل هذا الأمر الى درجة الاستخفاف والتجريح بدعوى ان هذه المرجعية تهتم بموضوع الحيض والنفاس والاستحاضة وتهمل الجوانب السياسية والجهادية والشهادة وقيادة الأمة لفقدهم الأهلية في متابعة الحياة العملية التي تهم أمور المسلمين , هذا هو ديدنهم في محاورتهم ومجالسهم وصحفهم على ما سمعنا وقرأنا , وقد جرت لي محاورت مع احد المعممين الذي حكم بهدر دم امرأة مسلمة لأسباب لا تستوجب القتل شرعاً وقد أجبته بعدم جواز ذلك , إلا انه تحامق بقوله :- انتم في الحوزة لا تفقهون سوى الدماء الثلاثة . فأجبته على ذلك بما يقتضيه الدليل الشرعي ثم اخذ من الكلام ما يستحق وختمت كلامي معه بأنكم تتسامحون مع المرأة في خروجها الى الشارع واختلاطها مع الرجال ثم بعد ذلك تهدرون دمها وما هذا إلا سوء تربيتكم وإهمالكم .
2- وإما يوجد فقيه متجزئ او مطلق وهو في جانب السياسة اعلم من غيره فتكون له مرجعية مستقلــة فيما هــو اعلم .
ينبغي ان نعلم من خلال القرائن الحالية ان طرح المرجعية السياسية على الساحة إنما هو طرح آني ووقتي لتدارك حالة طارئة وسد الفراغ السياسي في خصوص العراق ولم يطرح مثل هذا في إيران او لبنان او غيرها من بعض البلدان الإسلامية لان المرجعية الحاكمة فيها واحدة تمثل عنوان ( ولاية الفقيه ) , إذن الأسباب المدعاة لهذه النظرية غير ثابتة وليست مستقرة كما أنها غير متيقنة ولا تناسب كل زمان ومكان ان ثبت المدعى . ثم ان القول بعدم أهلية المرجعية الدينية لقيادة الأمة ناتج إما قصور في المرجعية , او قصور في استجابة الجماهير للمرجعية , او قصور في فهم المعترضين على المرجعية , ولا يستطيع تحديد مثل هذا الحكم إلا لجنة الخبراء المختصين بترشيح المرجعية العليا , وان لم توجد هذه اللجنة فأنه يسأل من ذوي الخبرة الثقاة الذين يحصل بهم القناعة والاطمئنان بشأن ما نحن فيه . وأما عوام الناس حتى المثقفين منهم مع احترامنا للجميع سيكون تدخلهم في تعيين الحكم مجازفة وظلما لأنه بعيد عن اختصاصهم فيكون حكمهم بغير علم ولا دراية وما يشاع في الشوارع من الطعن بالمرجعية الدينية لا يكون حجة لأنها من تدبير الأحزاب والتيارات المعادية. ثم ان الأمر الثاني وهو موضوع الأعلمية لا يصلح في دعواهم لاختلاف الموضوع بين المرجعيتين بمعنى فقدان وحدة الموضوع وتبعاً لهذا الاختلاف تختلف الأحكام فنكون كمن يتحدث احدنا عن شيء والآخر يجيب عن شيء آخر . فأن موضوع المرجعية الدينية هي إصدار الفتاوى والأحكام وموضوع المرجعية السياسية هي الموضوعات الخارجية وتشخيص الحوادث وفرق ما بين الموضوعين . حيث تسهل معرفة الموضوعات للكثير من الناس بواسطة الفضائيات والصحف والحوارات المباشرة والمشاورة بل هناك الكثير من المحللين السياسيين ممن لهم باع طويل في التاريخ السياسي المعاصر والقديم ولكن الإمكانية والقدرة على إصدار الفتاوى والأحكام ضمن عملية الاستنباط في المجال السياسي من مصادر التشريع الإسلامي يكون ضعيفا او بعيداً عن مجرى العملية الاستنباطية الصحيحة فيجب حينئذ الرجوع الى الفقيه الرسالي الجامع للشرائط . وأما منازعة المرجعية الدينية في القيادة والحكم لمجرد الخوض والتحرك على الساحة السياسية ومتابعة بعض الموضوعات السياسية والحوادث الخارجية فأنها لا تعطي شرعية لهذه القيادة ما لم يتم التنسيق والمشاورة مع المرجعية الدينية والامتثال لها , ثم ان موضوع الأعلمية عند الفقيه لا يشترط فيه معرفة جميع الموضوعات الخارجية الواقعة والتي ممكن ان تقع ( الافتراضية ) والتي قد لا ترد منها على الخاطر لان هذا فيه عسر وحرج وخروج عن مقدرة الإنسان ، وحتى المختصين في مجالات عملهم يفوتهم العلم بالكثير من الموضوعات البعيدة عن ساحات ابتلائهم او عدم وصولها إليهم او لم يكن لهم بها حاجة . وأما ما يقع في طريق الفقيه بواسطة الابتلاء الشخصي او الاستفتاء او الإطلاع الخارجي فان الفقيه لا يعجز عن استخراج الحكم الشرعي وإيجاد المعالجة المطلوبة وفق ما يتوصل إليه من دليل . واعلمية الفقيه هنا إنما تظهر في دقة ملاحظته وقوة مقدرته والإجادة في استعمال العناصر المشتركة في استنباط الحكم الشرعي ومراعاة طرق الاستدلال الصحيح , إذن هي مقدرة عالية في استعمال ملكة الاجتهاد . ولا يقدح الجهل بالموضوعات الخارجية باعلميته لأنه بمعرفتها يجعلها الفقيه في مقدماتها المناسبة لتدخل في خطوات عملية في استنباط الحكم الشرعي , فيبقى الفقيه الرسالي الجامع للشرائط وهو الأعلم في قدرته وتطبيقاته وهذا يعني ان المرجعية السياسية تبقى ضمن مجالات ضيقة تدور في عالم الموضوعات التي تحتاج أولا وآخرا الى الفقيه الأعلم في معرفة الأحكام وفي التصرف ضمن الولاية الشرعية الاتساعية كما ذكرنا في كتابنا ( نقض الحكم ألولائي ) ليكون لهم غطاءا شرعيا في تحركهم السياسي تحت قيادة المرجعية الدينية . وبهذا نفهم ان هذين الأمرين غير صالحين لمنازعة المرجعية الدينية على القيادة والحكم وعدم نهوض المرجعية السياسية كبديل يجعلها على قمة الهرم .
بقي ان نضيف ان تقسيم المرجعية الى دينية وسياسية يحدث إرباكا كبيرا في مسيرة الشعوب الإسلامية وتكون حركة الأمة منقسمة أيضا تبعا لهذه الانقسامات وبالتالي ينشط من خلالها الاستكبار العالمي الذي يخلق الحوادث دائما في عرقلة مسيرة الرساليين تحت مسميات مفتعلة مثل مرجعية دينية وسياسية ومستقلة ومعتدلة ومتطرفة وإرهابية ومحافظة وإصلاحية ويُستغل أيضا عنوان ولاية الفقيه العامة والخاصة والتي أصبحت تساعدهم على توسعة تقسيم المجتمع الواحد بحسب ميوله واتجاهاته ورغباته واستحساناته الى هذه الانقسامات والعناوين التي أصبحت تضر بحال المسلمين وبالتالي ينشط العدو . في حين ان المرجعية واحدة تستعمل كل مفردات الحياة التي تقع في طريقها ضمن الظروف المناسبة لها ووفق ما يقتضيه الشرع الشريف من جلب مصلحة او درأ مفسدة ضمن الولاية الاتساعية التي ينتفي بها كل هذه التقسيمات لأنها تشتغل ضمن الظرف المناسب لها والموافق للحكم الشرعي الذي ربما يصفه البعض بأنه مستقل او معتدل او متطرف او محافظ او ولاية عامة او خاصة ولكن هذا لا يعني شيء اتجاه التطبيق الصحيح للأحكام الشرعية من قبل المرجعية الرسالية لان الولاية واحدة كما هو رأينا والأوصاف المتعددة إنما تنشأ من وصف الاختلاف في الأحكام والتطبيقات نتيجة اختلاف الموضوعات ولا يضر ذلك بوحدة المرجعية الرسالية مفهوما وتطبيقا .
لان الإسلام فيه من الأحكام التي قد يعتبرها البعض على إنها متطرفة او متعسفة وقد يعتبرها البعض الآخر على أنها معتدلة وينظر آخر الى بعض الأحكام على أنها ولوية عامة او البعض الآخر ولوية خاصة وبذلك تنشأ مسميات متعددة يُصنّف أنصارها إليها بحسب تبنيهم العلمي لها او التطبيقي ضمن الاعتبارات والأدلة العلمية او الاستحسانات والأمزجة والميول التابعة لهوى النفس ونزعاتها الشيطانية والانقياد لإرادة الاستكبار العالمي بمحاربة الإسلام عن طريق إثارة وترويج هذه الانقسامات وبلورتها بالشكل الذي يخدم فيه قوى الشيطان في حين ان الإسلام في جميع أحكامه التي قسّمها وصنّفها أرباب العلم من وجهة نظر علمية للتحرك ضمن المبنى الفقهي المختار او في واقعيتها قمة الاعتدال والإنصاف فتكون إذن هذه النظرات المختلفة الى جميع الأحكام او بعضها وتصنيفها علميا او حركيا لا تغير من واقعية ووحدة الإسلام شيئا ولا من أنصاره الملتزمين بالتطبيقات الصحيحة لتعاليم الإسلام , وأما مشاهدتنا وابتلائنا بالعناصر الكثيرة التي تتقمص رداء الإسلام وتتحرك وفق إرادة الشيطان فهي بعيدة كل البعد عن الإسلام الصحيح فهم فعلا يمثلون الإرهاب الشيطاني ولكن ليسوا بمسلمين ويخربون بلاد الإسلام ويسرقون خيراتها بإسم ( الجهاد ) وهم لا يطبقون منه حرفا واحدا , وبادعاء هؤلاء للإسلام صار الإسلام متهما بالتطرف والإرهاب وصارت الجهة الأخرى تمثل الاعتدال والإصلاح , وراح الاستكبار العالمي يخلط الأوراق ويقلب الوقائع ويزيف الحقائق فيطبق هذه العناوين المختلفة على الشعوب باختلاف ردود أفعالها اتجاه المستعمرين المحتلين والمحاربين وسارقي خيرات الشعوب , فصار المدافع عن حقه الطبيعي ضدهم يسمى إرهابي والساكت عن حقه يسمى معتدل والذي ينفتح عليهم يسمى بالإصلاحي والذي ينكمش ويبتعد عن الاتصال بهم يسمى متشدد او محافظ وهكذا كثرت العناوين وتعددت الأصناف من وجهة نظر استكبارية عالمية ولكن الإسلام الصحيح هو واحد في مفاهيمه وتطبيقاته والأحكام المختلفة فيه إنما هو ناتج تبعا لاختلاف موضوعاتها وظروفها المحيطة بها والتي قد تقتضي الشدة او الرخاء او القصاص او الجهاد او السلم وفقا لمعالجات الحالة المطلوبة وكلّه يمثل الاعتدال في السلوك والممارسة لأنه يطبق العلاج الصحيح للحالة المرضية , وهكذا الأمر بالنسبة للفقيه الذي ربما يكون هناك اختلاف حاصل في مسلكية المرجعية الدينية لأسباب كثيرة منها ظرف التقية او وجود حالة الخمول السياسي او عدم وجود الكادر الناشط لتحريك جانب الاعلام السياسي فلا يصح ان نصفه بأوصاف غير لائقة إضافة الى انه لا يعني في المفهوم العام جهلا سياسيا لكي يقال بوجود الأعلم حتى يقر بذلك التقسيم الى المرجعية الدينية والسياسية إلا إذا اثبت وانكشف بالدليل عدم أهليته لقيادة الأمة او تقصيره في أداء الوظيفة فيجب حينئذ العدول الى من تتوفر فيه الشروط العامة للفقيه الرسالي وهذا الأمر مما تسالم عليه الفقهاء في رسائلهم العملية ولا يحتاج الى التفصيل . إذن أصحاب نظرية المرجعية السياسية لا يملكون الفقيه الأعلم وهو المرجع الديني الرسالي الجامع للشرائط ليتم تحت قيادته التواصل في القيادة الحركية وإيجاد معالجات وفتاوى سياسية وخصوصا بما يتعلق فيما وراء النص والولاية اللتان تكونان من اختصاص وصلاحيات الفقيه الأعلم لأنه يدرك موارد استنباط الحكم في كافة المجالات اعلم من غيره . ثم اعلم أيها القارئ العزيز ان المرجعية الدينية متكاملة بلحاظ عنوان الدّين الذي هو نظام وعقيدة , والمرجعية امتداد طبيعي ومنصوص لمرجعية المعصوم التي لا تختص بحانب دون آخر لان الدّين الإسلامي يعالج كل متطلبات الحياة ومواكب لكل العصور فهو يبحث في فقه العبادات والمعاملات والفقه الاقتصادي والجنائي والاجتماعي وفقه الأسرة والفقه السياسي على الصعيدين القطري والعالمي وغيرها من مفردات الحياة لان الأوامر الشرعية تحتم على المسلم ان يتدارك حالة النقص الموجود لدى المسلمين بحسب الاستطاعة والوسع ضمن عملية التكافل الاجتماعي والاقتصادي والمتابعة السياسية لشؤون الحكم وما يتعلق به , فيكون هذا التدارك من قبل المرجعية الدينية من باب أولى بحسب الأبوة الروحية والقيادة العامة ووجود الضمان المالي الذي شرعه الله تعالى في بيت مال المسلمين في موارد منصوصة وبموجب قانون التعاون والاهتمام والرعاية بقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وقول الرسول (ص) (( من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم )) وقول الرسول (ص) (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) إذن تشترك المرجعية والجماهير في تطبيق هذه التكاليف التي هي عناوين إنسانية وفيها الخير والصلاح لتحقيق العدالة الاجتماعية وإفراغ الذمة من التكليف المزدوج بين القيادة والجماهير .
عودا على بدء :- إذا كانت عملية الفصل بين المرجعية الدينية والمرجعية السياسية امر يخالف النظر الفقهي بلحاظ الاجتهاد والأعلمية والولاية كما انه يخالف توجيهات الأمة الشيعية التي تضع ثقتها الكاملة بالمرجعية الدينية وتطمئن لها , فأن هذا الفصل يخلق حالة الإرباك في المجتمع كما قلنا ويزداد ويتفاقم سوءا لتعدد المرجعيات السياسية لأنها بحسب المدعى قيادة حركية للأمة وممارسة حيّة على الساحة , فيكون حينئذ الاختلاف في وجهات النظر وتضاد الأحكام وتنافر الممارسات التطبيقية , مدعاة للخطر بل يحدث الانفلات الأمني في نظام المجتمع والقانون ويكون صراع القوى بين المرجعيات السياسية قائما على قدم وساق ، إذن لابد من وجود قيادة حركية مركزية تتصف بالمشروعية وتطمئن لها الأمة وتثق بمسلكيتها ولا يكون ذلك بحسب الوجدان إلا في المرجعية الدينية .
ثم ان المرجعية السياسية امر مبتدع لا تستند الى دليل من الكتاب او السنة ولا شاهد تاريخي في ممارسات المعصوم (ع) بوجود مثل هذا السياق الحركي , بل النصوص القرآنية والحديثية وحركة التاريخ تؤكد وحدة المرجعية حيث قال تعالى ( إني جاعلك في الأرض خليفة ) وقال تعالى ( إني جاعلك للناس إماما ) والجعل الإلهي هنا واحد فلم ينظر الله سبحانه وتعالى في آياته الى انقسام هذا الجعل الى تشريعي وقيادي او الى ديني وسياسي , بل الخلافة والإمامة تستوعب كل ذلك ولو أراد التقسيم والفصل لبيّنه حينئذ , ولتعدد الأنبياء والأوصياء في آن واحد وباختصاصات متعددة ومرجعيات مختلفة ولكن لم يحدث ذلك فيكون هذا دليل على التقسيم والفصل غير مراد من الشارع , بل هو أيضا خلاف المصلحة , فتكون الخلافة والإمامة المتجسدة في الأنبياء والأوصياء والامتداد الطبيعي لهما وهي المرجعية الدينية واحدة غير مفصولة العناصر . وأما قول الإمام الحجة (عج)
( وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله ) (1) والحوادث هنا سواء كانت دينية او سياسية جنائية او اقتصادية او غيرها يكون مرجعها الى رواة الحديث بمعنى الذين يكون لهم دراية بالحرام والحلال وهم الفقهاء المراجع الدينيين ولو أراد الإمام (عج) التقسيم بالنسبة للحوادث لبيّنه ولمّا كان الحديث مطلقا فهو دليل على ان المراد من الحوادث هي الجميع بلا تقسـيمات , ثم ان المعصوم (ع) بدءا بالـرسول
1- كمال الدين وتمام النعمة ص484 ط2 طهران – الشيخ الصدوق .
(ص) وانتهاءا بالحجة (عج) كانوا يرسلون الولاة والقضاة في مهامهم ليس كمراجع سياسيين يستقلون في أمرهم بل هم سفراء وممثلين عن المعصوم ويتشاورون مع المعصوم في تطبيقات تعاليم الدين الإسلامي وهنا يكون فرق بين المقصود من السفارة والممثلية وبين المرجعية السياسية . وكما في قول الإمام الصادق (ع) في مقبولة عمر بن حنظلة :- ( فأني قد جعلته عليكم حاكما )(1) .
أي ان الذي عرف حلالنا وحرامنا وروى حديثنا يكون أمره نافذاً وقد جعله الإمام حاكما مع وجوده أي ان الفقيه وكيل ونائب وممثل عن المعصوم (ع) في أحكامه ونفوذها , وليس ان يقال له حاكمية ومرجعية سياسية مستقلة في قبال مرجعية المعصوم (ع) . بعد الوصول الى ان المرجعية الدينية تكون لها القيادة والحكم بحسب الاجتهاد والأعلمية والولاية وثقة الجماهير بها يمكن ان نفتـرض وجـود قصـور او خـلل في حركـة
المرجعية الدينية اتجاه ما يحدث على الساحة السياسية كما هو دعوى أصحاب نظرية المرجعية السياسية . فأننا نقول يمكن معالجة هذا الخلل
1- وسائل الشيعة/حديث 1 /باب 11 من أبواب صفات القاضي .
بأساليب كثيرة لا تصل النوبة فيها الى المرجعية السياسية مثل إنشاء لجنة الخبراء السياسيين كما يفعله الكثير من القادة فتسير هذه اللجنة مع المرجعية جنبا الى جنب لتحديد وتنقيح الموضوعات التي تهم المسلمين وتقديمها الى الفقيه لإصدار حكم او فتوى حتى يحصل التعاون بين القيادة والجماهير في تفعيل الحكم الشرعي على الساحة وتحريك المجتمع بشكل يستطيع فيه تحقيق المطاليب وإحراز التقدم في العمليات السياسية وتدبير شؤون الحكم . وهناك طريق آخر وهو ان يعايش صاحب نظرية المرجعية السياسية مع المرجعية الدينية ويذوب معها ويتفاعل لخلق حالة واحدة من اجل مصلحة إسلامية عامة بعيدا عن الذات والانا , فيتم التعاون بينهما ويكون وكيلا او ممثلا لهذه المرجعية في الاتجاه السياسي ولا يكون على نحو الاستقلال بل بالتشاور .
ويمكن إيجاد حل آخر وهو ان تكون المرجعية الدينية ذات نظام مؤسساتي يستوعب فروع الحياة لتتم السيطرة على المنافذ العامة وتكون قيادتها فعلية تتسم بالقوة والتأثير والتفاعل مع الجماهير بشكل واسع , وهو انجح نظام مرجعي حركي لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل وتحقيق طموحاتها وإعدادها بما يتلائم وواقعية الإسلام وعالميته تمهيدا لعصر الظهور . فيمتلك هذا النظام قنوات عاملة ذات اختصاص في مجال عملها لتستوعب جميع الفروع وتتابع جميع الأحداث سلبا وإيجابا وخصوصا ما يتعلق منها بالعالم الإسلامي ويكون المرجع فيها على قمة الهرم ليفتي ويحكم فيما نقّحوا له من موضوعات كلٌ في مجال عمله وعلى الجماهير حينئذ الطاعة والامتثال لأوامر المرجعية لتستكمل دائرة العمل الجماعي ضمن إدارة منظمة ومرتبة تحفظ فيها حقوق المسلمين وتحدد لهم التكاليف العملية الميدانية في ساحة العمل , وبكل وضوح ومكاشفة لكي لا ينحرف الإنسان المسلم نتيجة التيه والضياع والجهل بالواقع والوظيفة , فأن الإنسان بحاجة ضرورية وملحة لتحريك هذا الجانب من الوعي وتحديد الوظيفة ولكي لا تملئ فراغاتهم الفكرية والعملية من جهات ناقصة وفاقدة الأهلية وبالتالي نكون كمن جنب على نفسها مراقش . وبعد استعمال واحدة من هذه الحلول وخصوصا الأخير منها نكون قد أغلقنا ملف المرجعية السياسية وحافظنا على المرجعية الدينية الشرعية المنصوصة التي تمثل القيادة المركزية الظاهرية لتحفظ وحدتنا وتصون مقدساتنا وترعى موارد شعبنا وتحقق مطا ليبنا والحمد لله أولا وآخرا .
لقد شاع استعمال مصطلح السياسة على الساحة العملية واخذ يقترن بطابع بعيد جدا عن الدين والتدين بلحاظ إتّباع المصلحة أينما تكون وكيف تكون وعلى أي حساب تكون .
بمعنى ان الغاية تبرر الوسيلة لذلك صارت السياسة فن الممكن أي المسير وفق كل ما أمكن من خطوات للوصول الى الهدف بغض النظر عما إذا كانت هذه الخطوات شرعية أم لا ؟ او ان الغاية مشروعة أم لا ؟ واخذ الناس يتداولون مثل هذه الأفكار والمناهج الخاطئة بل البعض ممن يحسبون على الإسلام صار يطبّق هذا المنهج بتصور ان منافذ الحياة السياسية مقتصرة على هذا الاتجاه من السلوك المنحرف وان الإنسان لا يستطيع ان يقاوم الحياة السياسية ما لم يدخل في هذه العالم الانتهازي النفعي الوصولي وبذرائع مختلفة والتي تدل على الضعف في الفكر والإرادة . ولذلك كثيرا ما يسمع الإنسان كلما جرى الحديث عن السياسة ومشاكل العالم الظالمة والاستكبارية يقول الناس بان السياسة كفر وأنها باطلة وأنها قذرة والدخول الى العالم السياسي إنما هو انسلاخ عن الإنسانية والإسلام . وهذا الكلام فيه صحة لأنه يلحظ التطبيقات الخاطئة والظالمة والشائعة عند السياسيين ولكن مفهوم هذا الكلام خاطئ لان السياسة لا تقتصر على العناصر المنسلخة عن الدين بل السياسة تدخل في صلب الدين والمتدينين فيتبعون السياسة الشرعية المقررة في كتب الفقه والحديث والممارسات السياسية عند المعصومين (ع) وطرق معالجة الأحداث وفق مقررات الشرع الشريف , وسيرة المعصومين التكاملية التي أغنتنا بالتجارب والوسائل السياسية الصادقة التي تجعل الإسلامي العادل والمخلص لدينه يعيش بعيدا عن رذيلة سياسة الغرب والكفر التي جعلت الدين جزءا من السياسة ليحصل التلاعب والتحريف عن طريق تسييس الدين وفق مصالح وأهداف الساسة والتي بسببها حصلت ارتدادات موهومة عن سياسة الدين ولذا نحن نرفض تسييس الدين ونطالب الحكومات بالالتزام بسياسة الدين التي هي جزء من النظام .
1- عن أبي عبد الله (ع) قال رسول الله (ص) : (( يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين , وتحريف الغالين , وانتحال الجاهلين , كما ينفي الكير خبث الحديد ))(1).
2- عن الصادقين (ع) :- (( إذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه فان لم يفعل سلب الله منه نور الإيمان )) (2) .
3- عن أبي عبد الله الصادق (ع) :- (( الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله (ص) وما دخولهم في الدنيا قال :- إتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك احذروهم على دينكم)). (3)
4- قال الصادق (ع) :- (( ليس العلم بكثرة التعلم وإنما العلم نور يقذفه الله تعالى في قلب من يريد الله ان يهديه )) . (4)
1- وسائل الشيعة .حديث43 . باب11من أبواب صفات القاضي .
2- نفس المصدر . حديث9 باب 40 .
3- منية المريد في آداب المستفيد . زين الدين ألعاملي .ص30 سنة 1370 مطبعة الغري .
4- نفس المصدر . ص 52 .
5- قال رسول الله (ص) :- (( يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إني لم اجعل علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد ان اغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي . (1)
1- منية المريد . ص 13 .
مقدمة
المرجعية الدينية والمرجعية السياسية
مفهوم السياسة الشرعية
شذرات نورانية
و
المرجعية السياسية
أبو الحسن حميد المقدّس الغريفي
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة
الطبعة الثالثة مزيدة ومنقحة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
وبعد:-
ولكن هذا الأمر أصبح اليوم لا يُمثل لبعض الأحزاب والتيارات الإسلامية طموحات هذه الأمة الحركية على الساحة بدعوى انشغال المرجعية الدينية بالخلافات الفقهية والأمور العبادية وانزوائها عن متابعة أمور البلاد العامة .
ولهذا يحاولون جادّين سحب بساط القيادة عن المرجعية الدينية وتحويلها الى جهة مستحدثة تسمى المرجعية السياسية والتي من خلالها تستطيع الأحزاب ان تتحرك وفق المنظور الاستراتيجي الذي تؤمن به وكأنها تنسج لنفسها غطاءا شرعياً يكون علـى أساسه الارتباط الحركي للجماهيـر بهـذه القيادة .
وقد تناست هذه التيارات ان العلاقة القائمة بين المرجعية الدينية والجماهير علاقة شرعية مترسخة لذا يكون سحب القيادة عنها امر مستصعب وبالتالي تنخلق حواجز وفواصل بين من يدعي المرجعية السياسية وبين المرجعية الدينية والتي تؤثر سلباً على إرادة الشعوب المنقسمة تبعاً لهذا التقسيم .
ولا يكون بعد ذلك إلا الخيبة والخسران . لذا أردت إن أتكلم في هذا الكرّاس المختصر عن دعوى المرجعية السياسية وطريقة التعامل مع المرجعية الدينية لإيجاد حلول ومعالجات لتحديث القنوات العاملة لمواكبة الحدث بشكل يتناسب وطموحات الأمة المشروعة , فيما لو وجد خلل في حركية المرجعية الدينية على الساحـة بدون تجريدها عن القيادة واستبدالهـا بالمرجعية السياسية .
السيد أبو الحسن حميد المقدّس الغريفي
الاثنين 6 رجب – 1425 هـ
الموافق 23 آب – 2004 م النجف الاشرف .
المرجعية الدينية والمرجعية السياسية
إذن مصطلح المرجعية السياسية يعتبر متنفساً لشريحة معينة في المجتمع الإسلامي ينافسون به المرجعية الدينية على القيادة والحكم أي في خط عرض واحد وليس في مرتبة طويلة . فتكون هذه المرجعية مستحدثة ناطقة سياسية ومواكبة للتحرك السياسي العالمي وبالخصوص الإسلامي لتحديد مسارات العمل الوظيفي للمسلم لأجل المساهمة في تقليل او إزالة الاستضعاف الموجود عند المسلمين , إضافة الى تحقيق الطموحات المستقبلية التقدمية , بينما نحن نجد ان هذه الحدود المذكورة هي التي تختص بها المرجعية الدينية لأنها تمتاز بمشروعية عملها وقدرتها العلمية على تحديد الوظائف والصلاحيات . لان عنوان المرجعية لا تعني قيادة صرفة فقط بل لابد لها من مقومات حقيقية من الاجتهاد والأعلمية ، حيث ان صرف القيادة متحققة للكثير من الطغاة والعصاة ولكن بلا شرعية دينية للقيادة الصرفة كما هو معروف بالوجدان في ملاحظة الكثير من القادة على الساحة العالمية .
وبعد هذه المقدمة التي عرضت فيها صورة إجمالية عما يدور في خاطر أصحاب هذه النظرية وهي ( المرجعية السياسية ) لنقول أننا لابد ان ندرك حقيقة علمية يتم على أساسها استيعاب هذا الموضوع , وهو ان هناك فرق بين التخصص في موضوعات السياسة وبين معرفة الأحكام السياسية الشرعية لهذه الموضوعات , حيث ان المتخصص في المجال السياسي يكون شبيه بمتخصص في مختبر التحليلات المرضية فهما معاً يقومان بتنقيح الموضوع وإحاطته بنتيجة ضمن نطاق تخصصهم السياسي والمختبري ثم ترفع نتيجة الموضوع الى جهة عليا حاكمة الأولى منها في مجال السياسة تسمى المرجع الديني ( الفقيه الرسالي ) والثانية في مجال التحليل المرضي يسمى الطبيب , ليقدم الأول ( حكم او فتوى )ويقدم الثاني ( وصفة طبية علاجية ) .
ولكن الذي نأسف له جدا ان هذه الشريحة من المجتمع والتي تتحرك ضمن تيارات وأحزاب إسلامية لا تفهم هذه الصورة او أنها تتعمد النزاع من اجل تحصيل القيادة والحكم , فتنظر الى المرجعية الدينية نظرة بائسة بوصف أنها تعيش حياة رتيبة ضمن نطاق علمي بحت حتى يصل هذا الأمر الى درجة الاستخفاف والتجريح بدعوى ان هذه المرجعية تهتم بموضوع الحيض والنفاس والاستحاضة وتهمل الجوانب السياسية والجهادية والشهادة وقيادة الأمة لفقدهم الأهلية في متابعة الحياة العملية التي تهم أمور المسلمين , هذا هو ديدنهم في محاورتهم ومجالسهم وصحفهم على ما سمعنا وقرأنا , وقد جرت لي محاورت مع احد المعممين الذي حكم بهدر دم امرأة مسلمة لأسباب لا تستوجب القتل شرعاً وقد أجبته بعدم جواز ذلك , إلا انه تحامق بقوله :- انتم في الحوزة لا تفقهون سوى الدماء الثلاثة . فأجبته على ذلك بما يقتضيه الدليل الشرعي ثم اخذ من الكلام ما يستحق وختمت كلامي معه بأنكم تتسامحون مع المرأة في خروجها الى الشارع واختلاطها مع الرجال ثم بعد ذلك تهدرون دمها وما هذا إلا سوء تربيتكم وإهمالكم .
إذن طرح مصـطلـح المرجعية السـياسـية لا يخلوا من أمرين أساسيين وهما قابلان للنقاش :
1- إما عدم أهلية المرجعية الدينية لأداء وظيفتها المتكاملة لقيادة الأمة بمتابعة الجوانب السياسية وما يتعلق بها من أمور المسلمين . 2- وإما يوجد فقيه متجزئ او مطلق وهو في جانب السياسة اعلم من غيره فتكون له مرجعية مستقلــة فيما هــو اعلم .
مناقشة الأمرين :-
بقي ان نضيف ان تقسيم المرجعية الى دينية وسياسية يحدث إرباكا كبيرا في مسيرة الشعوب الإسلامية وتكون حركة الأمة منقسمة أيضا تبعا لهذه الانقسامات وبالتالي ينشط من خلالها الاستكبار العالمي الذي يخلق الحوادث دائما في عرقلة مسيرة الرساليين تحت مسميات مفتعلة مثل مرجعية دينية وسياسية ومستقلة ومعتدلة ومتطرفة وإرهابية ومحافظة وإصلاحية ويُستغل أيضا عنوان ولاية الفقيه العامة والخاصة والتي أصبحت تساعدهم على توسعة تقسيم المجتمع الواحد بحسب ميوله واتجاهاته ورغباته واستحساناته الى هذه الانقسامات والعناوين التي أصبحت تضر بحال المسلمين وبالتالي ينشط العدو . في حين ان المرجعية واحدة تستعمل كل مفردات الحياة التي تقع في طريقها ضمن الظروف المناسبة لها ووفق ما يقتضيه الشرع الشريف من جلب مصلحة او درأ مفسدة ضمن الولاية الاتساعية التي ينتفي بها كل هذه التقسيمات لأنها تشتغل ضمن الظرف المناسب لها والموافق للحكم الشرعي الذي ربما يصفه البعض بأنه مستقل او معتدل او متطرف او محافظ او ولاية عامة او خاصة ولكن هذا لا يعني شيء اتجاه التطبيق الصحيح للأحكام الشرعية من قبل المرجعية الرسالية لان الولاية واحدة كما هو رأينا والأوصاف المتعددة إنما تنشأ من وصف الاختلاف في الأحكام والتطبيقات نتيجة اختلاف الموضوعات ولا يضر ذلك بوحدة المرجعية الرسالية مفهوما وتطبيقا .
لان الإسلام فيه من الأحكام التي قد يعتبرها البعض على إنها متطرفة او متعسفة وقد يعتبرها البعض الآخر على أنها معتدلة وينظر آخر الى بعض الأحكام على أنها ولوية عامة او البعض الآخر ولوية خاصة وبذلك تنشأ مسميات متعددة يُصنّف أنصارها إليها بحسب تبنيهم العلمي لها او التطبيقي ضمن الاعتبارات والأدلة العلمية او الاستحسانات والأمزجة والميول التابعة لهوى النفس ونزعاتها الشيطانية والانقياد لإرادة الاستكبار العالمي بمحاربة الإسلام عن طريق إثارة وترويج هذه الانقسامات وبلورتها بالشكل الذي يخدم فيه قوى الشيطان في حين ان الإسلام في جميع أحكامه التي قسّمها وصنّفها أرباب العلم من وجهة نظر علمية للتحرك ضمن المبنى الفقهي المختار او في واقعيتها قمة الاعتدال والإنصاف فتكون إذن هذه النظرات المختلفة الى جميع الأحكام او بعضها وتصنيفها علميا او حركيا لا تغير من واقعية ووحدة الإسلام شيئا ولا من أنصاره الملتزمين بالتطبيقات الصحيحة لتعاليم الإسلام , وأما مشاهدتنا وابتلائنا بالعناصر الكثيرة التي تتقمص رداء الإسلام وتتحرك وفق إرادة الشيطان فهي بعيدة كل البعد عن الإسلام الصحيح فهم فعلا يمثلون الإرهاب الشيطاني ولكن ليسوا بمسلمين ويخربون بلاد الإسلام ويسرقون خيراتها بإسم ( الجهاد ) وهم لا يطبقون منه حرفا واحدا , وبادعاء هؤلاء للإسلام صار الإسلام متهما بالتطرف والإرهاب وصارت الجهة الأخرى تمثل الاعتدال والإصلاح , وراح الاستكبار العالمي يخلط الأوراق ويقلب الوقائع ويزيف الحقائق فيطبق هذه العناوين المختلفة على الشعوب باختلاف ردود أفعالها اتجاه المستعمرين المحتلين والمحاربين وسارقي خيرات الشعوب , فصار المدافع عن حقه الطبيعي ضدهم يسمى إرهابي والساكت عن حقه يسمى معتدل والذي ينفتح عليهم يسمى بالإصلاحي والذي ينكمش ويبتعد عن الاتصال بهم يسمى متشدد او محافظ وهكذا كثرت العناوين وتعددت الأصناف من وجهة نظر استكبارية عالمية ولكن الإسلام الصحيح هو واحد في مفاهيمه وتطبيقاته والأحكام المختلفة فيه إنما هو ناتج تبعا لاختلاف موضوعاتها وظروفها المحيطة بها والتي قد تقتضي الشدة او الرخاء او القصاص او الجهاد او السلم وفقا لمعالجات الحالة المطلوبة وكلّه يمثل الاعتدال في السلوك والممارسة لأنه يطبق العلاج الصحيح للحالة المرضية , وهكذا الأمر بالنسبة للفقيه الذي ربما يكون هناك اختلاف حاصل في مسلكية المرجعية الدينية لأسباب كثيرة منها ظرف التقية او وجود حالة الخمول السياسي او عدم وجود الكادر الناشط لتحريك جانب الاعلام السياسي فلا يصح ان نصفه بأوصاف غير لائقة إضافة الى انه لا يعني في المفهوم العام جهلا سياسيا لكي يقال بوجود الأعلم حتى يقر بذلك التقسيم الى المرجعية الدينية والسياسية إلا إذا اثبت وانكشف بالدليل عدم أهليته لقيادة الأمة او تقصيره في أداء الوظيفة فيجب حينئذ العدول الى من تتوفر فيه الشروط العامة للفقيه الرسالي وهذا الأمر مما تسالم عليه الفقهاء في رسائلهم العملية ولا يحتاج الى التفصيل . إذن أصحاب نظرية المرجعية السياسية لا يملكون الفقيه الأعلم وهو المرجع الديني الرسالي الجامع للشرائط ليتم تحت قيادته التواصل في القيادة الحركية وإيجاد معالجات وفتاوى سياسية وخصوصا بما يتعلق فيما وراء النص والولاية اللتان تكونان من اختصاص وصلاحيات الفقيه الأعلم لأنه يدرك موارد استنباط الحكم في كافة المجالات اعلم من غيره . ثم اعلم أيها القارئ العزيز ان المرجعية الدينية متكاملة بلحاظ عنوان الدّين الذي هو نظام وعقيدة , والمرجعية امتداد طبيعي ومنصوص لمرجعية المعصوم التي لا تختص بحانب دون آخر لان الدّين الإسلامي يعالج كل متطلبات الحياة ومواكب لكل العصور فهو يبحث في فقه العبادات والمعاملات والفقه الاقتصادي والجنائي والاجتماعي وفقه الأسرة والفقه السياسي على الصعيدين القطري والعالمي وغيرها من مفردات الحياة لان الأوامر الشرعية تحتم على المسلم ان يتدارك حالة النقص الموجود لدى المسلمين بحسب الاستطاعة والوسع ضمن عملية التكافل الاجتماعي والاقتصادي والمتابعة السياسية لشؤون الحكم وما يتعلق به , فيكون هذا التدارك من قبل المرجعية الدينية من باب أولى بحسب الأبوة الروحية والقيادة العامة ووجود الضمان المالي الذي شرعه الله تعالى في بيت مال المسلمين في موارد منصوصة وبموجب قانون التعاون والاهتمام والرعاية بقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وقول الرسول (ص) (( من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم )) وقول الرسول (ص) (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) إذن تشترك المرجعية والجماهير في تطبيق هذه التكاليف التي هي عناوين إنسانية وفيها الخير والصلاح لتحقيق العدالة الاجتماعية وإفراغ الذمة من التكليف المزدوج بين القيادة والجماهير .
عودا على بدء :- إذا كانت عملية الفصل بين المرجعية الدينية والمرجعية السياسية امر يخالف النظر الفقهي بلحاظ الاجتهاد والأعلمية والولاية كما انه يخالف توجيهات الأمة الشيعية التي تضع ثقتها الكاملة بالمرجعية الدينية وتطمئن لها , فأن هذا الفصل يخلق حالة الإرباك في المجتمع كما قلنا ويزداد ويتفاقم سوءا لتعدد المرجعيات السياسية لأنها بحسب المدعى قيادة حركية للأمة وممارسة حيّة على الساحة , فيكون حينئذ الاختلاف في وجهات النظر وتضاد الأحكام وتنافر الممارسات التطبيقية , مدعاة للخطر بل يحدث الانفلات الأمني في نظام المجتمع والقانون ويكون صراع القوى بين المرجعيات السياسية قائما على قدم وساق ، إذن لابد من وجود قيادة حركية مركزية تتصف بالمشروعية وتطمئن لها الأمة وتثق بمسلكيتها ولا يكون ذلك بحسب الوجدان إلا في المرجعية الدينية .
ثم ان المرجعية السياسية امر مبتدع لا تستند الى دليل من الكتاب او السنة ولا شاهد تاريخي في ممارسات المعصوم (ع) بوجود مثل هذا السياق الحركي , بل النصوص القرآنية والحديثية وحركة التاريخ تؤكد وحدة المرجعية حيث قال تعالى ( إني جاعلك في الأرض خليفة ) وقال تعالى ( إني جاعلك للناس إماما ) والجعل الإلهي هنا واحد فلم ينظر الله سبحانه وتعالى في آياته الى انقسام هذا الجعل الى تشريعي وقيادي او الى ديني وسياسي , بل الخلافة والإمامة تستوعب كل ذلك ولو أراد التقسيم والفصل لبيّنه حينئذ , ولتعدد الأنبياء والأوصياء في آن واحد وباختصاصات متعددة ومرجعيات مختلفة ولكن لم يحدث ذلك فيكون هذا دليل على التقسيم والفصل غير مراد من الشارع , بل هو أيضا خلاف المصلحة , فتكون الخلافة والإمامة المتجسدة في الأنبياء والأوصياء والامتداد الطبيعي لهما وهي المرجعية الدينية واحدة غير مفصولة العناصر . وأما قول الإمام الحجة (عج)

1- كمال الدين وتمام النعمة ص484 ط2 طهران – الشيخ الصدوق .
(ص) وانتهاءا بالحجة (عج) كانوا يرسلون الولاة والقضاة في مهامهم ليس كمراجع سياسيين يستقلون في أمرهم بل هم سفراء وممثلين عن المعصوم ويتشاورون مع المعصوم في تطبيقات تعاليم الدين الإسلامي وهنا يكون فرق بين المقصود من السفارة والممثلية وبين المرجعية السياسية . وكما في قول الإمام الصادق (ع) في مقبولة عمر بن حنظلة :- ( فأني قد جعلته عليكم حاكما )(1) .
أي ان الذي عرف حلالنا وحرامنا وروى حديثنا يكون أمره نافذاً وقد جعله الإمام حاكما مع وجوده أي ان الفقيه وكيل ونائب وممثل عن المعصوم (ع) في أحكامه ونفوذها , وليس ان يقال له حاكمية ومرجعية سياسية مستقلة في قبال مرجعية المعصوم (ع) . بعد الوصول الى ان المرجعية الدينية تكون لها القيادة والحكم بحسب الاجتهاد والأعلمية والولاية وثقة الجماهير بها يمكن ان نفتـرض وجـود قصـور او خـلل في حركـة
المرجعية الدينية اتجاه ما يحدث على الساحة السياسية كما هو دعوى أصحاب نظرية المرجعية السياسية . فأننا نقول يمكن معالجة هذا الخلل
1- وسائل الشيعة/حديث 1 /باب 11 من أبواب صفات القاضي .
بأساليب كثيرة لا تصل النوبة فيها الى المرجعية السياسية مثل إنشاء لجنة الخبراء السياسيين كما يفعله الكثير من القادة فتسير هذه اللجنة مع المرجعية جنبا الى جنب لتحديد وتنقيح الموضوعات التي تهم المسلمين وتقديمها الى الفقيه لإصدار حكم او فتوى حتى يحصل التعاون بين القيادة والجماهير في تفعيل الحكم الشرعي على الساحة وتحريك المجتمع بشكل يستطيع فيه تحقيق المطاليب وإحراز التقدم في العمليات السياسية وتدبير شؤون الحكم . وهناك طريق آخر وهو ان يعايش صاحب نظرية المرجعية السياسية مع المرجعية الدينية ويذوب معها ويتفاعل لخلق حالة واحدة من اجل مصلحة إسلامية عامة بعيدا عن الذات والانا , فيتم التعاون بينهما ويكون وكيلا او ممثلا لهذه المرجعية في الاتجاه السياسي ولا يكون على نحو الاستقلال بل بالتشاور .
ويمكن إيجاد حل آخر وهو ان تكون المرجعية الدينية ذات نظام مؤسساتي يستوعب فروع الحياة لتتم السيطرة على المنافذ العامة وتكون قيادتها فعلية تتسم بالقوة والتأثير والتفاعل مع الجماهير بشكل واسع , وهو انجح نظام مرجعي حركي لتغيير واقع الأمة نحو الأفضل وتحقيق طموحاتها وإعدادها بما يتلائم وواقعية الإسلام وعالميته تمهيدا لعصر الظهور . فيمتلك هذا النظام قنوات عاملة ذات اختصاص في مجال عملها لتستوعب جميع الفروع وتتابع جميع الأحداث سلبا وإيجابا وخصوصا ما يتعلق منها بالعالم الإسلامي ويكون المرجع فيها على قمة الهرم ليفتي ويحكم فيما نقّحوا له من موضوعات كلٌ في مجال عمله وعلى الجماهير حينئذ الطاعة والامتثال لأوامر المرجعية لتستكمل دائرة العمل الجماعي ضمن إدارة منظمة ومرتبة تحفظ فيها حقوق المسلمين وتحدد لهم التكاليف العملية الميدانية في ساحة العمل , وبكل وضوح ومكاشفة لكي لا ينحرف الإنسان المسلم نتيجة التيه والضياع والجهل بالواقع والوظيفة , فأن الإنسان بحاجة ضرورية وملحة لتحريك هذا الجانب من الوعي وتحديد الوظيفة ولكي لا تملئ فراغاتهم الفكرية والعملية من جهات ناقصة وفاقدة الأهلية وبالتالي نكون كمن جنب على نفسها مراقش . وبعد استعمال واحدة من هذه الحلول وخصوصا الأخير منها نكون قد أغلقنا ملف المرجعية السياسية وحافظنا على المرجعية الدينية الشرعية المنصوصة التي تمثل القيادة المركزية الظاهرية لتحفظ وحدتنا وتصون مقدساتنا وترعى موارد شعبنا وتحقق مطا ليبنا والحمد لله أولا وآخرا .
مفهوم السياسة الشرعية
بمعنى ان الغاية تبرر الوسيلة لذلك صارت السياسة فن الممكن أي المسير وفق كل ما أمكن من خطوات للوصول الى الهدف بغض النظر عما إذا كانت هذه الخطوات شرعية أم لا ؟ او ان الغاية مشروعة أم لا ؟ واخذ الناس يتداولون مثل هذه الأفكار والمناهج الخاطئة بل البعض ممن يحسبون على الإسلام صار يطبّق هذا المنهج بتصور ان منافذ الحياة السياسية مقتصرة على هذا الاتجاه من السلوك المنحرف وان الإنسان لا يستطيع ان يقاوم الحياة السياسية ما لم يدخل في هذه العالم الانتهازي النفعي الوصولي وبذرائع مختلفة والتي تدل على الضعف في الفكر والإرادة . ولذلك كثيرا ما يسمع الإنسان كلما جرى الحديث عن السياسة ومشاكل العالم الظالمة والاستكبارية يقول الناس بان السياسة كفر وأنها باطلة وأنها قذرة والدخول الى العالم السياسي إنما هو انسلاخ عن الإنسانية والإسلام . وهذا الكلام فيه صحة لأنه يلحظ التطبيقات الخاطئة والظالمة والشائعة عند السياسيين ولكن مفهوم هذا الكلام خاطئ لان السياسة لا تقتصر على العناصر المنسلخة عن الدين بل السياسة تدخل في صلب الدين والمتدينين فيتبعون السياسة الشرعية المقررة في كتب الفقه والحديث والممارسات السياسية عند المعصومين (ع) وطرق معالجة الأحداث وفق مقررات الشرع الشريف , وسيرة المعصومين التكاملية التي أغنتنا بالتجارب والوسائل السياسية الصادقة التي تجعل الإسلامي العادل والمخلص لدينه يعيش بعيدا عن رذيلة سياسة الغرب والكفر التي جعلت الدين جزءا من السياسة ليحصل التلاعب والتحريف عن طريق تسييس الدين وفق مصالح وأهداف الساسة والتي بسببها حصلت ارتدادات موهومة عن سياسة الدين ولذا نحن نرفض تسييس الدين ونطالب الحكومات بالالتزام بسياسة الدين التي هي جزء من النظام .
شذرات نورانية
2- عن الصادقين (ع) :- (( إذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه فان لم يفعل سلب الله منه نور الإيمان )) (2) .
3- عن أبي عبد الله الصادق (ع) :- (( الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله (ص) وما دخولهم في الدنيا قال :- إتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك احذروهم على دينكم)). (3)
4- قال الصادق (ع) :- (( ليس العلم بكثرة التعلم وإنما العلم نور يقذفه الله تعالى في قلب من يريد الله ان يهديه )) . (4)
1- وسائل الشيعة .حديث43 . باب11من أبواب صفات القاضي .
2- نفس المصدر . حديث9 باب 40 .
3- منية المريد في آداب المستفيد . زين الدين ألعاملي .ص30 سنة 1370 مطبعة الغري .
4- نفس المصدر . ص 52 .
5- قال رسول الله (ص) :- (( يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة إني لم اجعل علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد ان اغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي . (1)
أبو الحسن
حميد المقدّس الغريفي
النجف الأشرف
الموافق 23 آب – 2004 م.
1- منية المريد . ص 13 .
الفهرست
الموضوع الصفحة
المرجعية الدينية والمرجعية السياسية
مفهوم السياسة الشرعية
شذرات نورانية