مـناظرة بـيـن علماء الــسنة و علماء الــشيعة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام /
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحوار دار بين أحد علماء السنة وأحد علماء الشيعة . و قد ورد في هذين الكتابين:
الــخطـــــوط العــــريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثناعشرية ( للشيخ / محب الدين الخطيب)
وقد أورد هذا الحوار علامة العراق / السيد عبد الله بن الحسين السويدي العباسي ( مولود 1104 هـ : والمتوفي 1174 هـ ) في مذكراته عن مؤتمر النجف الذي إنتهى بخضوع مجتهدي الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.
وقد أُعلن ذلك على منبر الكوفة في خطبة الجمعة يوم 26 / شوال / 1156هـ وقد حضرها نادر شاه ( و هو أحد ملوك الشيعة و معروف عنه البطش و التقتيل ) و علماء السنة و الشيعة.
والعالم السُني هو الشيخ / عبد الله بن الحسين العباسي. و العالم الشيعي هو الملا باشا علي أكبر أحد أكبر علماء الشيعة الذين حضروا المؤتمر.
--------------------------------------------------------------------------------
نبذة مختصرة عن المؤتمر:
أولاً: المكان:
تحت المسقَّف الذي وراء ضريح الإمام علي رضي الله عنه.
ثانياً: الزمان:
الأربعاء ، الخميس ، الجمعة ، 24-25-26 من شوال ( 1156 )
ثالثاً: أطراف المؤتمر:
أ - نحو سبعين عالماً من علماء الشيعة بإيران لم يكن معهم سوى سني واحد، من أبرزهم و أشهرهم:
1- الملا باشي : علي أكبر 12- ميرزا أسد الله ، المفتي بتبريز
2- مفتي ركاب : أقا حسين 13- الملا طالب ، المفتي بمازندران
3- الملا محمد ، إمام لاهجان 14- الملا محمد مهدي ، نائب الصدارة بمشهد الرضا
4- أقا شريف ، مفتي مشهد رضا 15- الملا محمد صادق ، المفتي بخلخال
5- ميرزا برهان ، قاضي شروان 16- محمد مؤمن ، المفتي بأستر أباد
6- الشيخ حسين ، المفتي بأرومية 17- السيد محمد تقي ، المفتي بقزوين
7- ميرزا أبو الفضل ، المفتي بقم 18- الملا محمد حسين ، المفتي بسبزوار
8- الحاج صادق ، المفتي بجام 19- السيد بهاء الدين ، المفتي بكرمان
9- السيد محمد المهدي ، إمام أصفهان
10- الحاج محمد زكي ، مفتي كرمنشاه
11- الحاج محمد الشمامي ، المفتي بشيراز
…وغيرهم من العلماء
ب - السيد عبدالله بن الحسين السويدي العباسي المولود سنة1104 هـ و المتوفى سنة 1174 هـ و كان رحمه الله علامة العراق و عماد هذا المؤتمر و رئيسه.
ج - علماء الأفغان:
1- الشيخ الفاضل الملا حمزة القلجاني الحنفي مفتي الأفغان
2- الملا أمين الأفغاني القلجاني ، ابن الملا سليمان ، قاضي الأفغان
3- الملا طه الأفغاني المدرس بنادر آباد الحنفي
4- الملا دنيا الحنفي
5- الملا نور محمد الأفغاني القلجاني الحنفي
6- الملا عبدالرزاق الأفغاني القلجاني الحنفي
7- الملا إدريس الأفغاني الابدالي الحنفي
د- علماء ما وراء النهر:
1- العلامة الهادي خوجة ( الملقب ببحر العلم ) ابن علاء الدين البخاري القاضي ببخارى الحنفي
2- مير عبدالله صدور البخاري الحنفي
3- ملا أميد صدور البخاري الحنفي
4- قلندر خوجة البخاري الحنفي
5- باد شاه مير خوجة البخاري الحنفي
6- ميرزا خوجة البخاري الحنفي
7- الملا إبراهيم البخاري الحنفي
رابعاً: النتائـج:
1- خضوع علماء إيران و مجتهديها من الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و اعترافهم و إقرارهم بصحة و أحقية توليهم الخلافة قبل علي رضوان الله عليهم جميعاً.
2- رفع سب الشيخين.
3- إقرارهم بأن الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم.
4- تحريمهم المتعة إذ لا يقبلها إلا السفهاء منهم.
5- عدم تفضيله علياً على أبي بكر أو القول بأنه الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه و سلم و اعترافهم بأن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر بن أبي قحافة ، فعمر بن الخطاب ، فعثمان بن عفان ، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً و أن خلافتهم على هذا الترتيب الذي ذكروه في تفضيلهم.
6- قبولهم شروط عدم تحليلهم حراماً معلوماً من الدين بالضرورة و حرمته مجمع عليها، و عدم تحريمهم حلالاً مجمعاً عليه معلوماً حله.
7- التوقيع من قبلهم على صحيفة أعدت لهذا الشأن.
--------------------------------------------------------------------------------
بعض تفاصيل المؤتمر:
طبعاً تفاصيل القصة طويلة وكيف بدأ المؤتمر و لمن أراد التفاصيل فليرجع إلى مذكرات الشيخ أو كتاب الخطوط ( العريضة لمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ) للشيخ الجليل / محب الدين الخطيب رحمه الله. و لكن المؤتمر كان بسبب أن نادر شاه أرسل إلى أحد علماء السنة لمناظرة علماء الشيعة في مذهب الإثنى عشر فجاء عبد الله بن الحسين لهذا الأمر.
عندما سمع الملا باشا ( عالم الشيعة ) أن قاضي بخارى ( عالم سني ) يُقال له بحر العلم قال:--
كيف يسوغ له أن يُلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئاً ، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي ( رضي الله عنه ) لما إستطاع أن يُجيب عنهما ، بل ولا الفحول من أهل السنة - وكرر الكلام ثلاث مرات - .
فقلت له ( أي عبد الله بن الحسين وكان موجوداً في المجلس ) :--
وما هذان الدليلان اللذان لا جواب عنهما ؟
قال ( الملا باشا = م) :--
قبل تحرير البحث أسألك هل قوله صلى الله عليه وسلم لعلي (( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )) ثابت عندكم ؟
قلت ( عبد الله = ع ) :--
نعم إنه حديث مشهور .
فقال ( م ) :-- هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب .
قلت (ع) :-- ما وجه الدليل من ذلك ؟
قال(م) :-- حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة - والإستثناء معيار المعلوم - فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون ، فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى .
فقلت(ع) :-- صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية ، فما صور هذا الإيجاب الكلي ؟
قال(م) :-- الإضافة التي في الإستغراق بقرينة الإستثناء .
فقلت(ع) :-- أولاً إن هذا الحديث غير نص جلي ، وذلك لإختلاف المُحدثين فيه ، فمن قائل إنه صحيح ، ومن قائل إنه حسن ، ومن قائل إنه ضعيف ، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع .
فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي ؟!
فقال(م) :-- نعم نقول بموجب ما ذكرت ، وإن دليلنا ليس هذا ، وإنما قوله صلى الله عليه وسلم (( سلموا على علي بإمرة المؤمنين )) ، وحديث الطائر ، ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث (أي حديث موسى وهارون عليهما السلام) معكم لما لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به ؟
قلت(ع) :-- هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً من وجوه :-
منها أن الإستغراق ممنوع ، إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً مع موسى ، وعلي ليس بنبي بإتفاق منا ومنكم ، لا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده ، فلو كانت المنازل الثابتة لهارون - ما عدا النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم - ثابتة لعلي لإقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبوة معه لم تُستثن وهي من منازل هارون كونه أخاً شقيقاً لموسى ، وعلي ليس بأخ ، والعام إذا تخصص بغير الإستثناء صارت دلالته ظنية ، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة ، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها ، و(( إلا )) في الحديث بمعنى (( لكن )) كقولهم : فلان جواد إلا أنه جبان ، أي لكنه.
فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها وإنما نعينه من خارج ، والمعين هو المنزلة المعهودة حين إستخلف موسى هارون على بني إسرائيل ، والدال على ذلك قوله تعالى (( اخلفني في قومي )) ومنزلة علي هي إستخلافه على المدينة في غزوة تبوك.
فقال (م) :-- والإستخلاف يدل على أنه أفضل وأنه الخليفة بعد .
فقلت (ع) :-- لو دل هذا على ما ذكرت لإقتضى أن ابن أم مكتوم خليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه استخلفه على المدينة ، واستخلف غيره ، فلما خصصتم علياً بذلك دون غيره مع إشتراك الكل في الإستخلاف؟ و أيضاً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد علي ( رضي الله منه ) في نفسه وقال: ( أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة ) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفسه (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)).
فقال(م) :-- قد ذُكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
قلت(ع) :-- إني لم أجعل خصوص السبب دليلاً ، وإنما هو قرينة تعيين ذلك البعض المهم .
فانقطع ....
ثم قال(م) :-- عندي دليل آخر لا يقبل التأويل ، وهو قوله تعالى (( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) .
قلت(ع) له :-- ما وجه الدلالة من هذه الآية ؟
فقال (م):-- أنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة إحتضن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة ( رضي الله عنها ) من ورائهم وعلي ( رضي الله عنه ) خلفها ، ولم يقدم إلى الدعاء إلا الأفضل .
قلت (ع) :-- هذا من باب المناقب لا من باب الفضائل وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره ، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير.
وأيضاً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب ، وطرز محاوراتهم ، ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال ، يقول أحدهما للآخر : ابرز أنت وخاصة عشيرتك وأبرز أنا وخاصة عشيرتي فنتقابل و لا يكون معنا من الأجانب أحد ، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما. و أيضاً الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة.
فقال(م):-- ولا ينشأ الخشوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة .
فقلت(ع):-- هذه محبة مرجعها إلى الجبلة والطبيعة ، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين المتقدمين إنما هي المحبة الإختيارية .
فقال(م):-- وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية ، وهو حيث جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس علي ، إذ في قوله (( أبناءنا )) يراد الحسن والحسين وفي (( نساءنا )) يراد فاطمة ، وفي (( أنفسنا )) لم يبق إلا علي والنبي صيى الله عليه وسلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الكرام /
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحوار دار بين أحد علماء السنة وأحد علماء الشيعة . و قد ورد في هذين الكتابين:
الــخطـــــوط العــــريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثناعشرية ( للشيخ / محب الدين الخطيب)
وقد أورد هذا الحوار علامة العراق / السيد عبد الله بن الحسين السويدي العباسي ( مولود 1104 هـ : والمتوفي 1174 هـ ) في مذكراته عن مؤتمر النجف الذي إنتهى بخضوع مجتهدي الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما.
وقد أُعلن ذلك على منبر الكوفة في خطبة الجمعة يوم 26 / شوال / 1156هـ وقد حضرها نادر شاه ( و هو أحد ملوك الشيعة و معروف عنه البطش و التقتيل ) و علماء السنة و الشيعة.
والعالم السُني هو الشيخ / عبد الله بن الحسين العباسي. و العالم الشيعي هو الملا باشا علي أكبر أحد أكبر علماء الشيعة الذين حضروا المؤتمر.
--------------------------------------------------------------------------------
نبذة مختصرة عن المؤتمر:
أولاً: المكان:
تحت المسقَّف الذي وراء ضريح الإمام علي رضي الله عنه.
ثانياً: الزمان:
الأربعاء ، الخميس ، الجمعة ، 24-25-26 من شوال ( 1156 )
ثالثاً: أطراف المؤتمر:
أ - نحو سبعين عالماً من علماء الشيعة بإيران لم يكن معهم سوى سني واحد، من أبرزهم و أشهرهم:
1- الملا باشي : علي أكبر 12- ميرزا أسد الله ، المفتي بتبريز
2- مفتي ركاب : أقا حسين 13- الملا طالب ، المفتي بمازندران
3- الملا محمد ، إمام لاهجان 14- الملا محمد مهدي ، نائب الصدارة بمشهد الرضا
4- أقا شريف ، مفتي مشهد رضا 15- الملا محمد صادق ، المفتي بخلخال
5- ميرزا برهان ، قاضي شروان 16- محمد مؤمن ، المفتي بأستر أباد
6- الشيخ حسين ، المفتي بأرومية 17- السيد محمد تقي ، المفتي بقزوين
7- ميرزا أبو الفضل ، المفتي بقم 18- الملا محمد حسين ، المفتي بسبزوار
8- الحاج صادق ، المفتي بجام 19- السيد بهاء الدين ، المفتي بكرمان
9- السيد محمد المهدي ، إمام أصفهان
10- الحاج محمد زكي ، مفتي كرمنشاه
11- الحاج محمد الشمامي ، المفتي بشيراز
…وغيرهم من العلماء
ب - السيد عبدالله بن الحسين السويدي العباسي المولود سنة1104 هـ و المتوفى سنة 1174 هـ و كان رحمه الله علامة العراق و عماد هذا المؤتمر و رئيسه.
ج - علماء الأفغان:
1- الشيخ الفاضل الملا حمزة القلجاني الحنفي مفتي الأفغان
2- الملا أمين الأفغاني القلجاني ، ابن الملا سليمان ، قاضي الأفغان
3- الملا طه الأفغاني المدرس بنادر آباد الحنفي
4- الملا دنيا الحنفي
5- الملا نور محمد الأفغاني القلجاني الحنفي
6- الملا عبدالرزاق الأفغاني القلجاني الحنفي
7- الملا إدريس الأفغاني الابدالي الحنفي
د- علماء ما وراء النهر:
1- العلامة الهادي خوجة ( الملقب ببحر العلم ) ابن علاء الدين البخاري القاضي ببخارى الحنفي
2- مير عبدالله صدور البخاري الحنفي
3- ملا أميد صدور البخاري الحنفي
4- قلندر خوجة البخاري الحنفي
5- باد شاه مير خوجة البخاري الحنفي
6- ميرزا خوجة البخاري الحنفي
7- الملا إبراهيم البخاري الحنفي
رابعاً: النتائـج:
1- خضوع علماء إيران و مجتهديها من الشيعة لإمامة أبي بكر و عمر رضي الله عنهما و اعترافهم و إقرارهم بصحة و أحقية توليهم الخلافة قبل علي رضوان الله عليهم جميعاً.
2- رفع سب الشيخين.
3- إقرارهم بأن الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم.
4- تحريمهم المتعة إذ لا يقبلها إلا السفهاء منهم.
5- عدم تفضيله علياً على أبي بكر أو القول بأنه الخليفة الحق بعد النبي صلى الله عليه و سلم و اعترافهم بأن أفضل الخلق بعد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر بن أبي قحافة ، فعمر بن الخطاب ، فعثمان بن عفان ، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً و أن خلافتهم على هذا الترتيب الذي ذكروه في تفضيلهم.
6- قبولهم شروط عدم تحليلهم حراماً معلوماً من الدين بالضرورة و حرمته مجمع عليها، و عدم تحريمهم حلالاً مجمعاً عليه معلوماً حله.
7- التوقيع من قبلهم على صحيفة أعدت لهذا الشأن.
--------------------------------------------------------------------------------
بعض تفاصيل المؤتمر:
طبعاً تفاصيل القصة طويلة وكيف بدأ المؤتمر و لمن أراد التفاصيل فليرجع إلى مذكرات الشيخ أو كتاب الخطوط ( العريضة لمذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية ) للشيخ الجليل / محب الدين الخطيب رحمه الله. و لكن المؤتمر كان بسبب أن نادر شاه أرسل إلى أحد علماء السنة لمناظرة علماء الشيعة في مذهب الإثنى عشر فجاء عبد الله بن الحسين لهذا الأمر.
عندما سمع الملا باشا ( عالم الشيعة ) أن قاضي بخارى ( عالم سني ) يُقال له بحر العلم قال:--
كيف يسوغ له أن يُلقب ببحر العلم وهو لا يعرف من العلم شيئاً ، فوالله لو سألته عن دليلين في خلافة علي ( رضي الله عنه ) لما إستطاع أن يُجيب عنهما ، بل ولا الفحول من أهل السنة - وكرر الكلام ثلاث مرات - .
فقلت له ( أي عبد الله بن الحسين وكان موجوداً في المجلس ) :--
وما هذان الدليلان اللذان لا جواب عنهما ؟
قال ( الملا باشا = م) :--
قبل تحرير البحث أسألك هل قوله صلى الله عليه وسلم لعلي (( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )) ثابت عندكم ؟
قلت ( عبد الله = ع ) :--
نعم إنه حديث مشهور .
فقال ( م ) :-- هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه يدل دلالة صريحة على أن الخليفة بالحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب .
قلت (ع) :-- ما وجه الدليل من ذلك ؟
قال(م) :-- حيث أثبت النبي لعلي جميع منازل هارون ولم يستثن إلا النبوة - والإستثناء معيار المعلوم - فثبتت الخلافة لعلي لأنها من جملة منازل هارون ، فإنه لو عاش لكان خليفة عن موسى .
فقلت(ع) :-- صريح كلامك يدل على أن هذه القضية موجبة كلية ، فما صور هذا الإيجاب الكلي ؟
قال(م) :-- الإضافة التي في الإستغراق بقرينة الإستثناء .
فقلت(ع) :-- أولاً إن هذا الحديث غير نص جلي ، وذلك لإختلاف المُحدثين فيه ، فمن قائل إنه صحيح ، ومن قائل إنه حسن ، ومن قائل إنه ضعيف ، حتى بالغ ابن الجوزي فادعى أنه موضوع .
فكيف تثبتون به الخلافة وأنتم تشترطون النص الجلي ؟!
فقال(م) :-- نعم نقول بموجب ما ذكرت ، وإن دليلنا ليس هذا ، وإنما قوله صلى الله عليه وسلم (( سلموا على علي بإمرة المؤمنين )) ، وحديث الطائر ، ولأنكم تدعون أنهما موضوعان فكلامي في هذا الحديث (أي حديث موسى وهارون عليهما السلام) معكم لما لم تثبتوا أنتم الخلافة لعلي به ؟
قلت(ع) :-- هذا الحديث لا يصلح أن يكون دليلاً من وجوه :-
منها أن الإستغراق ممنوع ، إذ من جملة منازل هارون كونه نبياً مع موسى ، وعلي ليس بنبي بإتفاق منا ومنكم ، لا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعده ، فلو كانت المنازل الثابتة لهارون - ما عدا النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم - ثابتة لعلي لإقتضى أن يكون علي نبياً مع النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبوة معه لم تُستثن وهي من منازل هارون كونه أخاً شقيقاً لموسى ، وعلي ليس بأخ ، والعام إذا تخصص بغير الإستثناء صارت دلالته ظنية ، فليحمل الكلام على منزلة واحدة كما هو ظاهر التاء التي للوحدة ، فتكون الإضافة للعهد وهو الأصل فيها ، و(( إلا )) في الحديث بمعنى (( لكن )) كقولهم : فلان جواد إلا أنه جبان ، أي لكنه.
فرجعت القضية مهملة يراد منها بعض غير معين فيها وإنما نعينه من خارج ، والمعين هو المنزلة المعهودة حين إستخلف موسى هارون على بني إسرائيل ، والدال على ذلك قوله تعالى (( اخلفني في قومي )) ومنزلة علي هي إستخلافه على المدينة في غزوة تبوك.
فقال (م) :-- والإستخلاف يدل على أنه أفضل وأنه الخليفة بعد .
فقلت (ع) :-- لو دل هذا على ما ذكرت لإقتضى أن ابن أم مكتوم خليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه استخلفه على المدينة ، واستخلف غيره ، فلما خصصتم علياً بذلك دون غيره مع إشتراك الكل في الإستخلاف؟ و أيضاً لو كان هذا من باب الفضائل لما وجد علي ( رضي الله منه ) في نفسه وقال: ( أتجعلني مع النساء والأطفال والضعفة ) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفسه (( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)).
فقال(م) :-- قد ذُكر في أصولكم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
قلت(ع) :-- إني لم أجعل خصوص السبب دليلاً ، وإنما هو قرينة تعيين ذلك البعض المهم .
فانقطع ....
ثم قال(م) :-- عندي دليل آخر لا يقبل التأويل ، وهو قوله تعالى (( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) .
قلت(ع) له :-- ما وجه الدلالة من هذه الآية ؟
فقال (م):-- أنه لما أتى نصارى نجران للمباهلة إحتضن النبي صلى الله عليه وسلم الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة ( رضي الله عنها ) من ورائهم وعلي ( رضي الله عنه ) خلفها ، ولم يقدم إلى الدعاء إلا الأفضل .
قلت (ع) :-- هذا من باب المناقب لا من باب الفضائل وكل صحابي اختص بمنقبة لا توجد في غيره ، كما لا يخفى على من تتبع كتب السير.
وأيضاً إن القرآن نزل على أسلوب كلام العرب ، وطرز محاوراتهم ، ولو فرض أن كبيرين من عشيرتين وقع بينهما حرب وجدال ، يقول أحدهما للآخر : ابرز أنت وخاصة عشيرتك وأبرز أنا وخاصة عشيرتي فنتقابل و لا يكون معنا من الأجانب أحد ، فهذا لا يدل على أنه لم يوجد مع الكبيرين أشجع من خاصتهما. و أيضاً الدعاء بحضور الأقارب يقتضي الخشوع المقتضي لسرعة الإجابة.
فقال(م):-- ولا ينشأ الخشوع إذ ذاك إلا من كثرة المحبة .
فقلت(ع):-- هذه محبة مرجعها إلى الجبلة والطبيعة ، كمحبة الإنسان نفسه وولده أكثر ممن هو أفضل منه ومن ولده بطبقات فلا يقتضي وزراً ولا أجراً إنما المحبة المحدودة التي تقتضي أحد الأمرين المتقدمين إنما هي المحبة الإختيارية .
فقال(م):-- وفيها وجه آخر يقتضي الأفضلية ، وهو حيث جعل نفسه صلى الله عليه وسلم نفس علي ، إذ في قوله (( أبناءنا )) يراد الحسن والحسين وفي (( نساءنا )) يراد فاطمة ، وفي (( أنفسنا )) لم يبق إلا علي والنبي صيى الله عليه وسلم .
تعليق